د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

الانفعال والثقافة Emotion and Culture

ليس هناك من داع ليخبرك أحدهم أن مشاعرك تلون حياتك، أو أن أوقات الشدة والضغط النفسي يمكن أن تنغص عليك حياتك وقد تقلبها رأساً على عقب.

January 3, 2024 عدد المشاهدات : 2623

مقدمة: 
ليس هناك من داع ليخبرك أحدهم أن مشاعرك تلون حياتك، أو أن أوقات الشدة والضغط النفسي يمكن أن تنغص عليك حياتك وقد تقلبها رأساً على عقب. فمن بين جميع الأنواع فإن النوع الإنساني هو الأكثر انفعالية (Hebb, 1980) المشار إليه في (Myers, 2004)، وهو الأقدر على التعبير عن انفعالات الخوف والغضب والحزن والفرح والحب. 
كلنا نستطيع استدعاء تلك اللحظات من حياتنا التي سيطرت فيها علينا انفعالات معينة سواء أكانت تلك الانفعالات سارة أو حزينة، مريحة أو متعبة. فاسترجاع ذكريات الطفولة المرحة، أسهل علينا من استرجاع درس في العلوم قدمه أحد المعلمين في يوم ما في المدرسة الابتدائية. 
ليس من السهل أن ننسى ذلك المعلم صاحب النكتة، الذي كان يتعاطف معنا ويسأل عنا ويطمئن عن صحة من غاب منا، ولا يخفي حبه لنا وخوفه علينا، هذا المعلم الذي لم نشعر نحوه بخوف أو قلق، ونقبل على حصصه بكل حيوية واطمئنان وأمان. 
إن تجاربنا مع مشاعرنا، ومعايشة تلك المشاعر حلوها ومرها جعلنا نعي تلك المشاعر ونعرف كيف نعبر عنها بلغة إشارية عالمية، لغة الجسد بالإيماءات والحركات. مجموعة كبيرة منها جاء كل منا إلى هذا العالم وقد برمج وراثياً لأدائها، فأفعال الطفل الوليد المنعكسة وصراخه وعمليات الرضاعة وحركات جسمه، وما يصدر عنه من أصوات عشوائية كل ذلك أفعال حيوية تكيفية تمكن الوليد من الاتصال بالآخر وتنقل إليه رسائل تفصح عن حاجاته الأساسية، ومشاعره التي يعيشها في تلك اللحظة. 
تخيل لو أن الحياة بدون انفعالات، ولو أن أنشطة الدماغ تقتصر على عمليات التفكير لخلت الحياة من المتعة والبهجة، ولفقدنا الإحساس باللذة، والمودة والرحمة والانتماء والمحبة، ولتحولنا إلى آلات أو حواسيب قد تكون قادرة على التفكير والمعالجة ولكنها معزولة عن نواتجها بلا عاطفة، بلا روح، بدون انفعالات ستصير الحياة بدون ألوان، بدون نكهة، بدون جاذبية. إن الانفعالات لا تجعلنا نشعر بلون الحياة وطعمها فحسب، إنما تساعدنا أيضاً على البقاء. 
لقد انقضى الوقت الذي كان ينظر فيه بعض العلماء إلى أن الانفعال لا يستحسن أن يدرس، وأنه يعبر عن المستوى الحيواني في الإنساني والجانب اللامنطقي فيه، وحل محله اعتبار الجانب الانفعالي جانباً رئيساً في طبيعة الإنسان. وعليه سيخصص هذا الفصل لاستكشاف طبيعة الانفعال بدءاً بتعريفه واستقصاء مكوناته، وأنماطه، وأهم النظريات المفسرة له، وجذوره البيولوجية والعصبية والثقافية، وعالمية الخبرات الانفعالية والانفعالات الأساسية ومدى مصداقية القول "أنا أشعر ... إذن أنا موجود" والذكاء الانفعالي والثقافة الانفعالية ... إلخ. 
أولاً: طبيعة الانفعال: 
على الرغم من أن الانفعال خبرة إنسانية إلا أنه ليس من السهل تعريف ماهيته ... ومع ذلك حاول الكثيرون تعريفه معتمدين على الخصائص المصاحبة للحالة الانفعالية. 
وصف أوتالي وجنكنز Otaley & Jenkins (1996) الانفعال بأنه حالة State الاستعداد للفعل، ووضع الأولويات، وتدعيم المخططات، وما يصحبها من: تغيرات جسمية، وتعبيرات، وأفعال، إن العلاقة بين هذه المكونات الثلاثة لحالة انفعالية معينة تشكل مجالاً خصباً للبحث في الانفعالات. 
وعلى الرغم من أن الحالة الانفعالية تكون مصحوبة بتعبيرات وجهية نمطية/ و/ أو نغمة صوتية معينة فإن هذه التعبيرات والنغمات تتأدى بشكل واع دون أن يخبر صاحبها من قبل ذلك الانفعال الذي نمط ثقافياً. هذا يعني أن تعبيرات الوجه/ نغمة الصوت لا تعني بالضرورة أن هناك خبرة انفعالية سابقة، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الانفعالات تشكل مجالاً رئيساً في حياة وشخصية كل فرد. فالفروق في الانفعالية Motionality بين الأفراد ذات مصدرين الأول تأثير العلاقات الحميمة كتلك التي تبدأ في الأسرة، والثاني أنماط السلوك والانفعالات الوراثية التي تعرف بالمزاج Temperament.

الانفعال استجابة تشمل العضوية كلها وتتضمن الاستثارة الفسيولوجية، والسلوكات التعبيرية، والخبرة الواعية.

وأخيراً فقد ذهب أوتالي وجنكنز إلى أن الانفعالية يمكن أن تتشكل في السنوات الأولى من العمر بفعل الأقرباء الأدنين من خلال اللغة بنمذجة أنماط انفعالية خاصة (Golman, 1995, Le Deux, 1994) المشار إليهما في (Londwood.cs.ucf.edu). 

الانفعال رد فعل إيجابي أو سلبي لموضوع مدرك أو متذكر أو شيء أو ظرف مصحوباً بمشاعر ذاتية. 

وقريباً من هذا الوصف للحالة الانفعالية ذهب مايرز Myers إلى أن الانفعالات مزيج من: (1) نشاط فسيولوجي (ضربات القلب) و(2) سلوكيات تعبيرية (يغذ الخطى)، و(3) خبرة شعورية تتضمن الأفكار والمشاعر (كالإحساس بالخوف والإحساس بالفرح)، ويذهب مايرز إلى أن هذه المكونات الثلاثة ليست فقط مكونات الانفعال، إنما هي أيضاً المكونات نفسها لظواهر الرؤية، والنوم، والتذكر .... إلخ (Myers, 2004).

المكونات الثلاثة للانفعال: المكون الفسيولوجي، والمكون السلوكي، والمكون المعرفي. 

نورد فيما يلي قائمة من الانفعالات الأكثر انتشاراً في الأدبيات ذات العلاقة بالانفعال (Oatley & Jenkins, 1996; Reilly, 1996). 
1- السعادة Happiness
انفعال أو مزاج يلي تحقيق أهداف فرعية، أو يتساوق مع انخراط المرء فيما يجب أن يفعله. "إن السعادة تجعل التنظيم المعرفي أكثر مرونة وتنتج ترابطات غير عادية، كما أن السعادة تترابط مع الحالات التي تجعل الناس أكثر تعاوناً ومساعدة. 
2- الحزن Sadness
هذا الانفعال مناقض لانفعال السعادة، إنه الانفعال الناتج عن فقد عزيز أو فقد دور اجتماعي فقداً نهائياً، إنه على عكس انفعال الخوف الذي ينظر معه الفرد إلى المستقبل للخلاص منه. الحزن يجعل صاحبه ينظر إلى الماضي، إنه على علاقة بالاكتئاب والأسى والاعتذار. 
3- الغضب Anger
إنه انفعال ناتج عن توكيد أنفسنا كمسيطرين بشكل عام، إنه انفعال الإحباط من أي شيء نفعله أو من أي فرد يعيقنا. 
4- الخوف Fear
إنه انفعال المشاركة في الخطر، عندما يوجد تهديد في البيئة، أو قلة في المصادر، أو تناقض بين أهدافنا، فإن انفعال الخوف يحضرنا لأخذ الحيطة والحذر لمواجهة تلك الأخطار، انفعال الخوف بتساوق معه حالة جسمية غير مريحة، هذه الحالة تحمي الجسم من الوقوع في أضرار أشد. 
5- التعلق Attachment
هذا انفعال الصغير نحو أمه أو مربيته يعبر عنه بالحملقة، والمتابعة، والرغبة في الاقتراب أكثر. في حالة التعلق فإن الصغير يتخذ من المربية نموذجاً بمقدار ما تنال ثقته. 
6- حب المربية Caregiving Love
انفعال التعلق المتبادل، المربية يجب أن تقع في حب من تربيه لتطوير الانفعال المتبادل. 
7- الاشمئزاز Disgust
انفعال الرفض أو التجنب لأي شيء يجعل الفرد يشعل أنه مريض حقيقة أو وهماً، ويمكن أن ينشأ هذا الانفعال من الرؤية، أو الرائحة وأحياناً الأفكار. 
8- الرفض Contempt
انفعال ناتج عن الرفض الاجتماعي، المصطلح المرادف للرفض هو التعصب Prejudice الذي يتضمن الرفض والتحيز ضد شخص آخر على أساس عقيدة معينة. 
9- الدهشة Suprise
انفعال ناتج عن مواجهة أشياء غير متوقعة. 
أما بالنسبة لأهمية الانفعالات في حياتنا فيمكن الإشارة إلى الوظائف التالية: (www.eqi.org). 
1- البقاء Survival
لقد عملت الطبيعة على تطوير انفعالاتنا عبر ملايين السنين ونتيجة لذلك فإن هذه الانفعالات لديها الطاقة الكامنة لخدمتنا اليوم على اعتبار أنها جهاز توجيه Guidance System فهي تنذرنا عندما لا تشبع حاجاتنا.
2- اتخاذ القرار: 
انفعالاتنا مصدر مهم للمعلومات، وهي تساعدنا في اتخاذ القرارات. 
3- حدود الجلسة Boundary Setting
عندما نشعر بعدم الراحة لسلوك شخص ما فإن انفعالاتنا تنذرنا بذلك، وإذا تعلمنا أن نثق في انفعالاتنا، ونشعر بالثقة للتعبير عن أنفسنا فإننا نخبر ذلك الشخص بمشاعرنا، وهذا يجعلنا نضع الحدود الضرورية لحماية صحتنا الجسمية والعقلية. 
4- التواصل مع الآخرين Communication
انفعالاتنا تساعدنا على التواصل مع الآخرين. 
5- الوحدة Unity
انفعالاتنا مصدر فذ للطاقة الكامنة التي توحد أفراد النوع الإنساني، فلا الدين ولا الثقافة ولا المعتقدات السياسية وحدتنا، ولكن التعاطف والتسامح والتعاون توحدنا أكثر فقد يصدق القول أن المعتقدات تفرق بينما الانفعالات توحد. 
ثانياً: نظريات الانفعال: 
ينشأ الانفعال من التفاعل بين مكوناته الثلاثة: النشاط الفسيولوجي، والسلوك التعبيري، والخبرة الواعية. كيف فكر علماء النفس في الانفعال؟ وكيف درسوه؟ لقد نشأت أربع نظريات تناولت قضيتين رئيستين حول مكونات الانفعال الثلاثة. 
أولاً: نظرية جيمس – لانج James – Lang
يفيد "الحس الفطري" Common Sense أن معظمنا يبكي لأنه حزين يضرب لأنه غاضب، يرتجف لأنه خائف وليم جيمس W. James لا يرى هذه الرؤية فهو يقول: نشعر بالأسى لأننا نبكي، ونشعر بالغضب لأننا نضرب أحداً، ونشعر بالخوف لأننا نرتجف، بمعنى أن الحالة الانفعالية تلي السلوك المعبر عن انفعالنا بعكس الحس الفطري الذي يرى أن السلوك المعبر يسبق الخبرة الانفعالية. إن شعورنا بالخوف يلي استجاباتنا الجسمية أيضاً.     

نظرية جيمس – لانج خبراتنا الانفعالية تلي الوعي بالتغيرات الفسيولوجية الناتجة عن المثير الانفعالي والسلوك  المعبر عن الحالة الانفعالية.

وعليه فإن مكونات الانفعال الثلاثة تترتب تبعاً للوجود على النحو التالي: النشاط الفسيولوجي والسلوك التعبيري يلي ذلك الخبرة الانفعالية. لقد اتفق عالم النفس الدانمركي كارل لانج مع ما ذهب إليه وليم جيمس الأمريكي، وعرفت هذه النظرية باسميها. 

ثانياً: نظرية كانون – بارد Cannon – Bard 
لقد صدمت النظرية الأولى عالم النفس الأمريكي كانون فذهب إلى أن ردود فعل الجسم الفسيولوجية لا تتمايز تمايزاً كافياً لاستثارة الانفعالات المختلفة بمعنى أن ضربات القلب المتسارعة لا تؤثر على الخوف أو الغضب أو الحب. كما أن التغير في سرعة ضربات القلب، أو التنفس، أو حرارة الجسم تبدو بطيئة جداً لتولد انفعالات مفاجئاً. فليس هناك فارق زمني بين الخبرة الانفعالية والتغيرات الفسيولوجية يمكننا من أن نرتب الواحد منهما على الآخر كما فعل جيمس ولانج، بل كلاهما يحدث في نفس الوقت، ويفسران ذلك بكون المثير الانفعالي يتوجه نحو القشرة الدماغية مسبباً الوعي الذاتي بالخبرة الانفعالية وفي نفس اللحظة يتوجه نحو الجهاز العصبي السمبثاوي Sympathetic Nervous System متسبباً في الاستثارة الجسمية الفسيولوجية بمعنى أن قلبك يبدأ بالدوق في نفس اللحظة التي تخبر فيها الخوف دون أن يكون أحدهما سبباً والآخر نتيجة. 

نظرية كانون بارد – المثير الانفعالي يشير في نفس الوقت الاستجابات الفسيولوجية والخبرة الذاتية الانفعالية.

على الرغم من قدم هاتين النظريتين (بدايات القرن الماضي)، إلا أنهما ما زالتا تثيران نفس الجدل، فعلى الرغم من أن بعض نتائج الدراسات الحديثة قد بعثت الحياة في نظرية جيمس – لانج، نجد أن معظم الباحثين يوافقون على نظرية كانون – بارد (Averil, 1993) المشار إليه في (Myers, 2004). 
ثالثاً: نظرية العاملين لشاشتر Schachter's Two – Factors Theory
إن الجدلية الأحدث حول العلاقة بين مكونات الانفعال الثلاثة صيغت ببساطة في السؤال التالي: ما الرابط بين ما نفكر فيه وما نشعر به؟ هل تنبثق انفعالاتنا من أفكارنا؟ هل أن مشاعرنا دائماً موضوع لتصورنا العقلي للموقف؟ نحن نعرف أن انفعالاتنا تؤثر في تفكيرنا (انظر مبادئ الدماغ) فعندما نكون راضين مستبشرين نرى كل ما حولنا جميلاً والعكس صحيح، هل يمكننا أن نخبر الانفعال بمعزل عن التفكير؟ هل يمكننا أن نغير انفعالاتنا بتغيير أفكارنا؟ هل حقيقة أننا نكون ما نفكر فيه؟

نظرية العاملين لكي يخبر أحدنا انفعاله لابد من: 1- الاستثارة الجسدية. 2- العنونة المعرفية لحالة الاستثارة

إن البحث في هذه التساؤلات وغيرها جعلت من العديد من علماء النفس يعتقدون أن عملياتنا المعرفية (إدراكاتنا، ذكرياتنا، وتفسيراتنا مكون رئيس من مكونات انفعالنا. أحد هؤلاء العلماء هو شاشتر الذي طور نظرية العاملين والتي افترضت أن ثمة مكونين: الإثارة الجسمية والعنونة المعرفية Cognitive Label فهو يؤيد نظرية جيمس – لانج من جهة أن خبراتنا الانفعالية تتنامى من وعينا بالاستثارة الجسدية ويؤيد نظرية كانون – بارد من حيث أن الانفعالات مهما تنوعت متشابهة في مكوناتها الفسيولوجية، إنه يرى أن الخبرة الانفعالية تتطلب تفسيرات واعية لحالة الاستثارة.

    استثارة الجهاز العصبي المستقل تضبط شدة الانفعال ولكن العوامل المعرفية تخبرنا أي الانفعالات تخبر (Khalat, 2002). 

أثارت نظرية العاملين السؤال التالي: هل من الضروري أن نعنون انفعالنا أولاً لنخبر انفعالاً ما؟ للإجابة على هذا السؤال نستعين بنتائج أبحاث الدماغ. إن البحث في العمليات العصبية قد أظهر كيف أننا نستطيع أن نخبر الانفعال قبل أن نتعرف عليه. فبعض الممرات العصبية المتضمنة في الانفعال تمر إلى مناطق القشرة الدماغية الخاصة بالتفكير. ولكن بعض الممرات المتضمنة في انفعالات أخرى تقود المثير المدرك (السيارة المسرعة القادمة) من العين أو الأذن إلى منطقة التلاموس فالأميجدالا مركز ضبط الانفعالات. إن هذا الطريق المختصر من العين – الاميجدالا مقارنة بالطريق الأول من العين – القشرة الدماغية يجعلنا نخبر الانفعال قبل أن نعنونه معرفياً "أنا خائف".

 الاستثارة الانفعالية تتضمن نشاط الجهاز العصبي المستقل.

إن الاميجدالا ترسل إلى القشرة الدماغ إرساليات عصبية أكثر مما تستقبل منها. وهذا ما يجعل من السهل على مشاعرنا أن تؤثر في تفكيرنا أكثر من تأثير تفكيرنا في مشاعرنا (Le Deux & Armony, 1999) المشار إليه في (Myers, 2004). 
استناداً إلى نتائج أبحاث الدماغ اقتنع زاجونك Zajonc أن بعض الانفعالات لا تتطلب تفكيراً. في مثل هذه الحالات فإن المعرفة ليست ضرورية للانفعال.

أن نفكر بإيجابية نحو أنفسنا يجعلنا نشعر أننا أفضل.

إلا أن لازاروس (Lazarus, 1991, 1998) لم يوافق على ما ذهب إليه زاجونك، محتجاً بأن أدمغتنا تعالج وتستجيب لكمية كبيرة من المعلومات دون أن نعي ما حدث فيها. أي أن بعض الاستجابات الانفعالية لا تتطلب تفكيراً واعياً إلا أن عدم وعينا لا يعني أن العمليات المعرفية لم تتم. الشكل رقم (7 : 6) يبين طريقتين للانفعال. 

رابعاً: نظرية لودو Le Deux's Theory
عدل جوزف لودو (1996) النظرية المعرفية، حيث أعلن أن هناك أنظمة دماغية مختلفة للانفعالات المختلفة بعض هذه الأنظمة تعمل كما تعمل الأنظمة الخاصة بالأفعال المنعكسة مستقلة عن التفكير والتفسير، بينما تعتمد الأنظمة الأخرى على التفكير والتفسير، فالخوف مثلاً يعتمد على نشاط الأميجدالا دونما حاجة إلى التفسيرات المعرفية، ولكن الشعور بالذنب يعتمد على التفسير المعرفي وذكريات الأحداث أو المواقف الماضية المشابهة، وعليه فإن الانفعالات التي نشعر بها في أية لحظة تنبجس من (1) خليط من ردود أفعال الدماغ والجسد و(2) التفسيرات والذكريات ذات العلاقة بالموقف، والشكل التالي يوضح هذه النظرية. 

نافذة رقم (1)
هناك الكثير من وجهات النظر المختلفة نحو الانفعالات وقد صنفت وجهات النظر هذه تبعاً لاهتمامات كل منها. فكانت الفئة الأولى التي اهتمت بالعلاقة بين الانفعال والذاكرة، والفئة الثانية التي اهتمت بالعلاقة بين التعبيرات الانفعالية والإدراك والفئة الثالثة التي اهتمت بالعلاقة بين الانفعال والثقافة (Longwood.cs.usf.edu). 

 

نشاط رقم (1) 
1- بين كيف تفسر كل نظرية الانفعال. 
2- حاول أن تجد المشتركات والمختلفات بين هذه النظريات. 

ثالثاً: العقل المنطقي والعقل الانفعالي: 
لقد سمحت التجارب والمكتشفات الحديثة لنا ببناء نموذج للعقل الانفعالي Emotional Mind يفسر كم مما نفعله وراء دوافع انفعالية، وإلى أي مدى يكون للانفعالات منطقها الخاص بها، هذا النموذج يساعدنا في فهم كيف يكون الفرد منطقياً أحياناً وغير منطقي أحياناً أخرى Irrational. 
يفيد جولمان (Golman, 1995) أن العمل الرائد الذي قاد لمثل هذا الفهم يعود الفضل فيه إلى بول إيكمان Ekman وسيمور ابشتين Epstein. لقد كان أحد أهم اكتشافات هذين العالمين يتمثل في تحديد وتوصيف عقلين منفصلين وفي نفس الوقت متداخلين هما العقل المنطقي Rational Mind والعقل الانفعالي. إن العقل الثاني أسرع بكثير من العقل الأول، يولد الأفعال دونما أي نظر فيما يفعل. هذه السرعة تمنع من التروي والتحليل المتأمل الذين يميزان العقل المفكر (المنطقي) (Goleman, 1995). وهناك اعتقاد أن هذا التسرع وجد منذ أمد بعيد ليساعد العضويات البدائية (الحيوانات والإنسان) على استمرارية البقاء. إن الاستجابة الانفعالية سريعة لدرجة أنها لا تقع ضمن دائرة الوعي، وإن العضويات التي تلجأ إلى ردود الفعل البطيئة للبيئة لديهما رغبة أقل في البقاء. 
لقد استحدث جيرجوي (Jauregui, 1995) مصطلح "الجهاز الانفعالي" Emotional System لتضمين التركيب النيورولوجي والعقلي للانفعالات والحالات الانفعالية أي للعقل الانفعالي. واستخدم الحاسوب لتفسير كيف يتكون الجهاز الانفعالي، فالمكونات الجسمية التي تشكل جينياً (ممثلة بالدماغ) هي القرص الصلب Hardware والذي يعمل وفقاً لبعض أنماط تشغيل النظم System Operating ويرى أن هذا القرص يعمل تحت إشراف الأقراص الدماغية المرنة التي تتشكل ضمن البرمجة الوراثية أو عبر القنوات الحسية والتي تسمح للدماغ بالضغط على الفرد لأداء أفعال معينة. هذه الأقراص المرنة لها جذورها البيولوجية والثقافية (Jauregui, 1995) المشار إليه في (www.fix.org). 
لقد عرفنا الآن اعتماداً على نظرية التطور النوعي Evaluatirnory Theory أن مراكز الانفعالات انبثقت من جذع الدماغ Brainsteam الجزء الأكثر بدائية في الدماغ البشري، من هذه المناطق الخاصة بالانفعال انبثقت مناطق القشرة الدماغية موقع العقل المفكر، إن هذه الحقيقة التطورية تحمل أكثر من العلاقة بين التفكير والانفعال، إنها تفيد بوجود العقل الانفعالي أولاً ولفترات زمنية طويلة قبيل انبثاق العقل المنطقي. 
إضافة إلى تلك الحقيقة تضيف وجهة النظر التطورية أن هناك منطقة تتوسط ما بين جذع الدماغ والقشرة الدماغية تعرف باسم الجهاز الحشوي Limbic System. هذه المنطقة من الدماغ ظهرت مع ظهور أوائل الثدييات Mammals. ومع ظهورها برزت وظائف انفعالية جديدة إضافة إلى كونها المراكز الرئيسة للذاكرة والتعلم (انظر الفصل الرابع). 
لقد بينت أعمال لودو كيف يعمل الدماغ بعد أن يستقبل المدخلات سواء أكانت مدخلات حسية قادمة من العالم الخارجي عبر الحواس، أو قادمة من الذاكرة طويلة المدى بأنواعها المختلفة، والشكل التالي يوضح ذلك.

فالإشارات الحسية Sensory Signals تسافر عبر الدماغ إلى التلاموس ومن ثم إلى  الاميجدالا، في حين تنطلق إشارة أخرى من التلاموس متجهة إلى القشرة الدماغية عبر تشابكات أكثر تعقيداً مقارنة بتلك التي تشكل الممر بين التلاموس والاميجدالا مما يسمح للاميجدالا بالشروع في الاستجابة قبل القشرة الدماغية، وهذا ما يفسر قوة الانفعال في التغلب على المنطق، وهكذا تتأدى الاستجابة الانفعالية من الاميجدالا مباشرة، إضافة إلى مجموعة من الاستجابات الجسمية والتي تتضمن: الدموع، الهرمونات التي تعد الجسم لـ: اضرب – اهرب (Fight or Flight)، واستنفار مراكز الحركة، وتنشيط جهاز الدورة الدموية، والجهاز العضلي، كما تصدر إشارات من الأميجدالا لجذع الدماغ لتثبيت ملامح الوجه المعبرة عن الانفعال (الخوف، الفرح ... إلخ)، وتسريع ضربات القلب، ورفع ضغط الدم، وتبطئ التنفس ... إلخ. 
وهكذا يتبين لنا أن جميع مصاحبات الانفعالات الفسيولوجية هي من توجيهات الاميجدالا، التي لا تكتفي بذلك بل تتعداه إلى التأثير في معظم الدماغ بما فيه القشرة الدماغية. (www.fix.org). 
ويؤكد جيرجوي وجولمان أن الآثار البيولوجية الفسيولوجية المصاحبة للانفعال تتشكل شيئاً فشيئاً بكل من الخبرات الحياتية التي نعيشها والثقافة الخاصة بنا. 

نافذة رقم (2)
منطق الانفعال The Logic Of Emotion
كلمات بينهما تناقض ظاهري، ذلك أن المنطق من خصائص التفكير فقط، إليك الأسئلة التالية: 
  • هل يمكنك أن تغار دون التفكير بشخص آخر تغار منه؟
  • هل يمكنك أن تحسد أحداً بدون أن يكون لديك مفهوم الملكية؟ 
  • هل يمكن أن تحزن بدون الاعتقاد بأن شيء ما ذهب ولن يعود؟ 
  • هل يمكنك أن تحب أحداً لا يقدم لك أي عون؟ 
  • إذا كان الجواب "بلا" عندئذ تبصر المنطق وراء الانفعالات. 

 

نافذة رقم (3) 
التفكير والشعور 
هناك مجموعة من الفرضيات (www.syn.net)
1- هناك رابطة ما بين سرعة الأداء البصري اللفظي (الإدراك، التذكر، التخيل) والحالة البيولوجية – الكيميائية للدماغ والجسم. 
2- الانفعال يمكنه أن يتكثف أو يتوقف فقط عندما تتباطأ العمليات البصرية واللفظية. 
3- درجة صعوبة الانفعال تعتمد على درجة توقف الأداء البصري أو اللفظي المطلوب لتكثيف أو توقيف انفعال ما. 

 

نشاط رقم (2)
1- أي الانفعالات فطرية؟ 
2- ما الذي تخبرنا إياه نظرية التطور النوعي عن الانفعالات. 
3- اضرب أمثلة عن تعبيرات انفعالية تعلمتها من البيئة. 

رابعاً: الثقافة والانفعال: 
لثلاثة عقود خلت من الآن انصبت الأبحاث والتنظير على العلاقة بين الثقافة والانفعال، وتركزت بشكل مباشر على قضية مفادها ما إذا كانت الانفعالات عالمية أم ثقافية. وقاد الجهود
الأولى في علم النفس كل من إكمان Ekman وإيزارد Izard بدءاً من عام (1960) حيث ركزا على الدراسات عبر ثقافية للتعبيرات الوجهية وذلك لاختبار فرضية دارون Darwin حول عالمية     عالمية الانفعالات في مقابل الخصوصية الثقافية للانفعالات. 
التعبيرات الانفعالية، وخلصا إلى أن الإنسان إذا ما تعرض إلى انفعالات قوية ولم يحاول إخفاء هذه الانفعالات لسبب أو لآخر فإن التعبير عنها هو هو بغض النظر عن العمر، والعرق، والثقافة، والجنس، ومستوى التعليم، إلا أن هذا الاستنتاج أثار جدلاً طويلاً بين الباحثين والمهتمين ووجهت له الانتقالات القوية خاصة فيما يتصل بمدى صدق هذه النتائج وإمكانية تعميمها. 

وقد تصدى الكثيرون لفرضية عالمية الثقافة وخاصة الأنثروبولوجيون الأوائل (ميد Mead، باتسون Bateson ... إلخ) الذين نادوا بأن التعبيرات الانفعالية تتغير تبعاً للثقافة، وأن هذه التعبيرات تتشكل بفعل الثقافة، ليس هذا فحسب، فقد فرض التنوع الثقافي مفاهيم متعدد للانفعال وللمعرفة الانفعالية Emotional, Knowledge، واختلف كل من علماء النفس وعلم الأنثروبولوجيا الثقافية حول المعاني الثقافية للانفعالات، فعلماء النفس الميالون إلى عالمية الانفعالات أنكروا إمكانية تطبيق المعاني الثقافية على الانفعالات، واعتبروا أن هذه المعاني يمكن أن تؤثر في تفسيرنا ومعتقداتنا ذات العلاقة بالانفعالات في حين أن الأنثروبولوجين طوروا منحى نظرياً يدافع عن أهمية المعنى الثقافي إن فيما يتصل بالخبرة الانفعالية أو التعبير عن الانفعالات. (يمكن الرجوع إلى كتاب Culture and Emotion الفصل الأول للاطلاع على الدراسات العديدة التي دارت حول المقارنة بين التعبيرات الانفعالية في الثقافات المختلفة) (Manstead & Fisher, 2002). 
ومن القضايا البحثية الأخرى في مجال الثقافة والانفعال التمثل اللغوي للانفعال والحوادث الانفعالية، أجريت دراستان حول هذه القضية حيث توصلتا إلى أن هذه التمثيلات تتأثر بفعل التظيم الثقافي للعلاقة بين الشخص والآخرين، ففي الثقافة التي تمجد العلاقة بين الفرد والآخر والاعتمادية المتبادلة بينهما فإن المفردات الدالة على الانفعال هي مفردات لغوية عيانية Concrete في حين أن الثقافة التي تمجد الفرد فإن المفردات اللغوية تكون مفردات مجردة Abstact، كما أن المفردات في الثقافة الأولى تعبر عن العلاقة الاجتماعية، في حين أنها في الثانية تعبر عن علاقة الفرد بنفسه Individuality. من الأمثلة على النوع الأول (فادي يلكم عصام)، (أحمد ضرب عثمان)، أو (أحمد عدواني) أما النوع الثاني يظهر في القول: (أحمد يكره عثمان)، (فاطمة تحب عائشة) في الجمل الأولى يرد وصفاً للحدث الضرب، اللكم، وفي الثانية تتحدث عن وصف الحالة الانفعالية كره، حب. 
وفي نفس الموضوع درست الكلمة والنبرة (Tone) التي تقدم بها بهدف فهم الكلام الانفعالي، ولمعرفة دور الثقافة واللغة في تغليف الانفعال وتقديم نتائج معالجته في قالب أكثر دبلوماسية وأقل مواجهة ومباشرة. فكلمة "حسن" مثلاً أو "بصير خير" تقدم بنبرات تبعاً للموقف، يفهم منها المحتوى الانفعالي في الموقف (Manstead & Fisher, 2002). 
كذلك درس المكون المعرفي للانفعالات دراسة مقارنة في الثقافتين الإندونيسية والهولندية لانفعالي الخجل والذنب. تم استقصاء المفردات المعبرة عن هذين الانفعالين، تلك المفردات تشير إلى البناء المعرفي للانفعالات. وذلك بهدف معرفة الفروق والتشابهات بين المفردات الانفعالية وبالتالي بين الأبنية المعرفية في كلا الثقافتين، حيث تبين أن الثقافتين تحتويان على بناء معرفي مشترك، وأن انفعالي الخجل والذنب يقتربان من مفهوم "الخوف" وبعيداً إلى حد ما عن الغضب في الثقافة الإندونيسية أكثر منه في الثقافة الهولندية (Manstead & Fisher, 2002).

البناء المعرفي للانفعال 1- المفردات 2- التمثيلات 3- الانفعال كعملية أو حالة داخلية

وفي دراسة أخرى عبر ثقافية بعنوان "البكاء وتغير المزاج" عام (2002) هدفت إلى تحديد أثر البكاء في تغير المزاج عبر الثقافات المختلفة. الفرضية التي عملت عليها هذه الدراسة مفادها أن تحسن المزاج يرتبط إيجابياً بتكرار البكاء، كما يرتبط بالفردية – والجماعية، وكذلك بالجندرية، بينما ترتبط الذكورة – الأنوثة والخجل سلبياً بتحسن المزاج، جمعت البيانات من (30) بلداً فوجد أن الذكورة – الأنوثة، الدخل القومي، الخجل، وتكرار البكاء متنبئات دالة على تغير المزاج وتفيد النتائج بأن الكيفية التي يشعر بها الفرد بعد البكاء يعتمد على مدى شيوع البكاء في الثقافة وعلى المشاعر العامة للخجل الناتج عن البكاء. 

 تغير المزاج وعلاقته بمتغيرات أخرى عبر الثقافات المختلفة. 

نشاط رقم (3) 
1- عرف الثقافة. 
2- ما رأيك في عالمية التعبيرات الانفعالية؟ 
3- هات أمثلة تدلل على دور الثقافة في الانفعالات. 

خامساً: الثقافة والتعبير الانفعالي: 
تتنوع معاني الإيماءات Gestures بتنوع الثقافات. فقد لاحظ عالم النفس كلينبرنج Klinberg (1938) أن الصينيين يصفقون بأيديهم للتعبير عن انزعاجهم أو يأسهم. ويستخدمون اللفظ H0 – Ho للتعبير عن الغضب، ويخرجون ألسنتهم للتعبير عن الدهشة. وبالمثل فإن الأميركيين يرفعون الإبهام Thumb up ويتلفظون بـ (A – Ok) كتعبير عن الاستحسان في حين أن مثل هذه الإيماءات مستنكرة في ثقافات أخرى. ومن الإيماءات الأخرى رفع السبابة والوسطى على شكل (V) دلالة على النصر، ورفع الأصبع الوسطى كدلالة على حظ سعيد Good Luck لدى شعب هاواي الأمريكي. 

على الرغم من أن بعض الإيماءات محددة نافياً إلا أن بعض تعبيرات الوجه مشتركة بين الثقافات. 

هل تختلف معاني تعبيرات الوجه تبعاً لاختلاف الثقافة؟ أجريت دراستان للإجابة على هذا السؤال إبان عقود السبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، فلوحظ أن هناك تعبيرات تظهر على الوجوه وتحمل نفس المعنى رغم تعدد الثقافات. فالابتسام والغضب علامتان لا تختلفان باختلاف الثقافة. فليس هناك ثقافة يعبر فيها بالعبوس عن الفرح والسعادة. وعلى الرغم من بعض الفروق فإن الثقافات واللغات تتقاسم الكثير من المتشابهات في الطرق التي يصنفون بها الانفعالات مثل: الغضب، الخوف وهكذا، وبالمثل فإن المؤشرات الفسيولوجية للانفعال هي واحدة عبر الثقافات المختلفة (Myers, 2004). 
في مقارنة بين الثقافتين الأميركية والصينية كانت مجالات المقارنة في: 

  •  أنا في مقابل نحن. 
  •  الحب والغضب. 
  •  الحقوق في مقابل الواجبات. 
  •  الخوف (روي عن روزفلت Roosevelt قوله: "الشيء الوحيد الذي علينا أن نخاف منه هو الخوف نفسه". 

كما وجد أيضاً أن تعبيرات وجوه الأطفال حتى لدى فاقدي البصر منهم هي عالمية، خاصة تلك المصاحبة للانفعالات الأساسية مثل الفرح، والحزن والخوف والغضب، وأن جميع الأطفال يبكون عندما يحبطون، ويحركون رؤوسهم في مواقف التحدي ويبتسمون عندما يكونون سعداء. إن عضلات الوجه تتحدث بلغة عالمية – كما ذهب إلى ذلك دارون – مما ساعد البشر على البقاء. 
وعلى الرغم من أن الثقافات تتقاسم لغة الوجوه للانفعالات الأساسية إلا أنها تختلف في مقدار الانفعال المعبر عنه. ففي الثقافات الغربية التي تمجد الفردية (أوروبا الغربية، استراليا، نيوزيلانده والولايات المتحدة) فإن الانفعالات لديهم شديدة وتدوم طويلاً. فالناس يركزون على أهدافهم واتجاهاتهم ويعبرون على أنفسهم تبعاً لتلك الأهداف والاتجاهات، في الثقافات التي تمجد الروابط الاجتماعية والتعاون تزدهر فيها انفعالات التعاطف والاحترام والخجل (في آسيا أكثر مما هي في الثقافة الغربية). (Westen, 1996); (Merys, 2004)

تفكير ناقد 
من يميل أكثر إلى التعبير عن انفعاله الذكور أم الإناث؟ وكيف تصل إلى إجابة هذا السؤال؟ 

 

نافذة رقم (4) 
يتعلم الناس ضبط طريقتهم في التعبير عن الكثير من الانفعالات، ويستخدمون أنماطاً من التعبيرات الانفعالية، يعتقدون أنها تتلاءم أكثر مع ثقافتهم ومع الثقافات الفرعية الكائنة داخل الثقافة الواحدة. وهذا ما يعرف باسم تشغيل القواعد (Display Rules) عندما عرض على يابانيين وأميركيين فلم يعرض مناظر مؤلمة وجد أن تعبيرات وجوههم كانت واحدة عندما لم يعرفوا أن أحداً يلاحظهم حيث تصرفوا بالفطرة لا بالقواعد الثقافية (Westen, 1996). 

سادساً: الخصائص الثقافية للانفعالات: 
للانفعالات خصائص خمسة هي: النوعية، والشدة، والتعبير السلوكي، والكيفية التي تدار بها، وتنظيمها، هذه الخصائص متأصلة في الثقافة وتعكس أنشطة ومفاهيم ثقافية وهذا ما نحاول توضيحه. 
فمن حيث نوعية الانفعال الذي نشعر به في موقف ما يعتمد على فهمنا له (مفهوم، تمثل، مخطط). فالانفعال يعتمد على عدد من المفاهيم وليس على مفهوم واحد. من هذه المفاهيم: فهم المثير اللحظي (حدث، شيء، شخص، ميول) الذي يواجه الفرد، والسياق الاجتماعي الذي يحدث فيه المثير، وحاجات وإمكانيات الفرد. مثال ذلك إذا ما شتمك أحدهم (فهمت الشتيمة) أمام الناس (السياق الاجتماعي) وكنت قادراً على الرد عليه (الإمكانيات) فإنك تظهر انفعال الغضب، فالانفعال ليس حكماً منعزلاً ولكنه نظام من الأحكام الفرعية لمجمل طرائقنا في رؤيتنا للعالم. 
ويؤكد علماء البنائية الاجتماعية أن هذه المفاهيم ثقافية من حيث أنها تميز بالاتجاهات (المعتقدات، الأحكام، الرغبات)، إنها تتحدد بأنظمة من المعتقدات الثقافية والقيم الأخلاقية لمجتمع ما. 
مثال: 
إن مفهوم "المسؤولية الشخصية" الذي يولد الغضب بين أفراد الثقافة الغربية هو فكرة ثقافية سائدة، يستخدمه الغربيون في تفسير فعل ما على أنه مؤذ لهم ويجعلون يغضبون، فالغضب هنا يعكس موقفاً قضائياً فيه ينبغي على المسيء تلقي اللوم وفقاً لحقوق الضحية، الناس الفاقدون لمفهوم المسؤولية الشخصية واللذين يعزون الأحداث المؤلمة للحظ أو للصدفة أو للقدر فإنهم لا يلومون المسببين لما تسببوا فيه من أذى وبالتالي لا يتوقع منهم أن يطوروا انفعال الغضب. 
أما من حيث شدة الانفعال فهي تعتمد كنوعية الانفعال على مفاهيم معرفية، فالمفاهيم الثقافية المختلفة بخصوص طبيعة أهمية الأحداث وطبيعة الانفعالات تولد مستويات مختلفة من الشدة الانفعالية لدى الجماعات البشرية المختلفة. 
مثال: 
إن قوة الحب تعتمد على المدى الذي يحققه المحبوب من المثاليات الثقافية والجمال الجسمي، والشخصية، والثروة، والنسب، والعرق (تنكح المرأة لمالها، ولجمالها ولحسبها، ولدينها). ويتكثف الحب أيضاً إلى الدرجة التي تسمح بها القيم الثقافية بما يتناسب مع تقدير الذات والمكانة الاجتماعية، وبالمثل الغضب فإن شدته مرتبطة بالأحكام الثقافية حول مدى الإيذاء الذي تسبب به المسيء. 
أما السلوكات المعبرة عن الانفعال فإن نوعية الانفعال غالباً ما يعبر عنها طبقاً للقواعد المختلفة في الثقافات المختلفة، ديفيد همفيل (Hemphill, 1998) أن معظم أفراد الطبقة الوسطى الأميركية في القرن الثامن عشر رجالاً ونساء كانوا يميلون إلى كبت انفعالاتهم مقارنة بالذين سبقوهم في أمريكا. الرجال والنساء كانوا مطالبين بالتمكن من تعبيراتهم الانفعالية بما في ذلك تعبيرات الوجوه والضحك واللغة، الرجال عليهم أن يكونوا أكثر كبتاً من النساء (www.humboldt1.com). 
تفيد الدراسات الحديثة التي تناولت التعبيرات الانفعالية المعاصرة بين الرجال والنساء أنها ضاربة جذورها في الأنشطة الاجتماعية، فالانفعالات التي تحرص المرأة على إبدائها (الدفء، السعادة، الخجل، الذنب، الخوف والعصبية). هذه الانفعالات ذات علاقة بمكانة المرأة المتدنية في المجتمع، وضعفها الجسماني في مواقف العدوان، وأدوارها التقليدية (الإنجاب وتربية الأطفال)، أما الرجال فهم حريصون على إبداء الانفعالات ذات العلاقة بمكانة الرجل وأدواره الاجتماعية، من مثل: الغضب والفخر، والازدراء، فالعدوان الجسدي مقبول من الرجل في حالة الغضب ولكنه مستهجن من المرأة، والبكاء في حالة الحزن مقبول من المرأة ولكنه غير مقبول من الرجل، وهكذا. 
أما من حيث الكيفية التي تدار بها الانفعالات وتحل فإنها تعتمد كسابقاتها من خصائص الانفعال على المفاهيم الثقافية عن الانفعالات. فشعب Illongot في الفلبين يتملكهم خوف شديد من إمكانية الانفعال في تدمير العلاقات الاجتماعية وبالتالي فهم حريصون على ألا يتحول الإحباط إلى عدوان، إنهم يحرصون على تجنب الغضب، يشبههم في ذلك اسكيموا ال Utku. 
وأخيراً تنظيم الانفعالات فهو أيضاً يعتمد على المفاهيم والأنشطة الثقافية فأناس Ifaluk يعتبرون أن اليأس Dissappointment والفزع Fright قريبان من بعضهما البعض لأنهما يؤكدان حقيقة أن كلاً منهما يتضمن أشياء غير متوقعة وأشياء سيئة وقعت، بينما في الثقافة الغربية لا يعتقدون أن اليأس والفزع متشابهان.
سابعاً: الوظائف الثقافية للانفعالات Cultural Function of Emotions
يؤكد كب (Copp, 1998) على أن الانفعالات تشكل دوافع للأنشطة الاجتماعية، فالنساء بعد الحرب العالمية الأولى شجعن على الشعور بالحسد والتعبير عنه لمضاعفة الأنشطة الاقتصادية، أكثر من ذلك فإن الفروق الجندرية التي سادت أكثر من مئة وخمسين عاماً بدأت تتلاشى لتقارب الأدوار بين الرجال والنساء. 
والغيرة تدفع إلى سلوك التملك في كثير من المجتمعات، والحب يدفع بالناس للارتباط بنوع خاص من العلاقات الاجتماعية ليحققوا نوعية انفعالية خاصة، الخجل بين النساء البدويات كما يقول أبو لغد (1990) خاصة الخجل من أمور ذات علاقة بالممارسة غير الشرعية للجنس وظيفته تخليد البطريركية والاقتصاد الأبوي والعلاقات الأسرية (سيطرة الأب). فالزواج يتم لتحسين الوضع الاقتصادي للأب، إن الاحتشام الجنسي يمنع النساء غير المتزوجات من محاولات جذب الرجال. (خاصة إذا كن غير مقبولات من الأب) وهذا يسمح للأب إملاء الزوجة المقبلة لابنه، وهكذا فإن انفعال الخجل يدعم أنماطاً من العلاقات والأنشطة الأسرية. 
التكوين الثقافي للانفعالات Cultural Formation (Development) of Emotions
إن تطور الانفعالات لدى الأطفال الصغار وتشكيلها عبر عملية التنشئة الاجتماعية Socialization مظهر دال على أن الانفعالات ثقافية المنشأ على الأقل في المتعلم منها. ويورد علماء علم نفس النمو الكثير من الأدلة على أن الانفعالات ينشأ عليها الطفل، فالنموذج الذي تقدمه الأم أو المربية للتعبيرات الانفعالية يتذوقها الأطفال الصغار، كما أن بعض الأنماط التعبيرية للانفعالات تتشابه ما بين الأم وطفلها مع بدايات مرحلة الطفولة المبكرة. 
فبينما تتأدى عملية التنشئة الاجتماعية الأولية عبر التفاعلات بين الأشخاص – المربية والطفل – فإن محتواها متجذر في الأنشطة الثقافية ومفاهيمها أيضاً. في الثقافة الغربية يستجيب الآباء لانفعالات أطفالهم ويشجعونهم لإيلاء مزيد من الانتباه لانفعالاتهم. 
التنشئة الاجتماعية الانفعالية تعلم الأنشطة والمشاعر المناسبة والمتفقة مع القواعد لأطفالهم وذلك لتحضيرهم للمشاركة في الأنشطة عندما يكبرون، والاندماج في مجتمع الراشدين مستقبلاً. وحيث أن النساء ما زلن مسؤولات عن التربية أكثر من الرجال، تنشأ البنات أكثر من الأولاد ليكن أكثر انفعالاً لمعرفة المشاعر المشاركة للأفكار والتعبير عنها. ولتحقيق ذلك فإن على الآباء أن: (www.humboldt1.com). 
1- يناقشوا الانفعالات مع البنات أكثر مما يفعلونه مع الأولاد. 
2- يستخدموا أنواع واسعة من الكلمات ذات العلاقة بالانفعال عندما يتكلمون مع البنات. 
3- يوجهوا انفعالات متنوعة نحو بناتهم مقارنة بالأولاد. 
4- يستخدموا انفعالات إيجابية أكثر من السلبية مع البنات. 
5- يلفتوا انتباه الأولاد من أعمار (12 – 18) سنة إلى السلوكات السلبية (العدوان الجسدي، السرقة، التعبير اللفظي عن الانفعال السالب). 
6- يساعدوا البنات أكثر. 
7- يسمحوا للأولاد بالاستقلالية. 
8- يبتسموا للبنات أكثر. 
9- يعاقبوا الأولاد أكثر على تعبيراتهم الانفعالية. 
10- يستجيبوا بانفعالية أكثر مع البنات. 
إضافة إلى كل ذلك فإن النماذج الانفعالية تقدم في الأدب، واللعب، والشعر والتلفزيون والسينما مما يسمح للأدوات بتذوت هذه النماذج.
ويرى فيجوتسكي أن عملية التنشئة الاجتماعية تولد انفعالات كظواهر اجتماعية/ معرفية جديدة لدى أطفالهم. وسنتناول عملية التنشئة الاجتماعية بشيء من التفصيل في الفصل الخامس عشر. 
ثامناً: الثقافة الانفعالية Emotional Culture
الثقافة الانفعالية هي إحدى اهتمامات الدراسات عبر الثقافية، عرفها جوردون (Gordon, 1989) على أنها: "مجموعة من المعتقدات التي تؤمن بها الجماعة، والمفردات الانفعالية والمعايير المنظمة للانفعالات". 
تذهب وجهة النظر البنائية الاجتماعية Social Constructivism إلى أن المجتمع يعدل عملية بناء المخزون الانفعالي، بينما تقييم المواقف واختيار الاستجابات الانفعالية اللفظية منها وغير اللفظية هي في قسم كبير منها على الأقل نتاج التعلم الاجتماعي (Averil, 1982) المشار إليه في (www.fix.org). 
بتعليم الأطفال المعتقدات والمعايير ذات العلاقة بالانفعال، ينقل المجتمع ثقافته الانفعالية من جيل إلى آخر. إن هذا لا يعني أن هذا النقل الثقافي يتم فقط في مرحلة الطفولة، إنما يتم في مختلف الأعمار، فالأطفال يلاحظون الاستجابات الانفعالية لدى الآخرين في مواقف غير مألوفة، ويتعلمون منهم الاستجابات المناسبة لكل موقف.
إن الحدود بين الانفعالات ليست واضحة تماماً فالانفعالات الخاصة لا يمكن تعريفها بالمطلق، لذا يتعلم الأطفال تعريف الانفعالات باستخدام الأنماط Prototypes فالغضب على سبيل المثال ليس حدثاً خاصة أو حالة أكثر من كونه تجمع حوادث ذات علاقة أو حالات تتقاسم بعض العزوات المشتركة، إن تجمع الحالات الانفعالية تختلف بعض الشيء من ثقافة لأخرى، ولكن الانفعالات الأساسية يبدو أنها عالمية، فالأنمانط متشابه في كل الثقافات (Shaver, Wu & Sdwartz, 1992) المشار إليه في (www.fix.org). 
في عام (1984) حاول ليفي Levy أن يفترض أن فئات Categories مختلفة من الانفعالات ربما تمنح سيادة أكثر أو أقل في الثقافات المختلفة. هذه الفروق ربما تعزي إلى الانفعالات التي واجهها الأطفال، فبعض الثقافات تحاول توجيه الأطفال بعيداً عن بعض الانفعالات، وبعضها الآخر تحاول توجيههم نحو بعض الانفعالات الأخرى، مثال ذلك أن بعض الثقافات تحرص على توجيه الأطفال بعيداً عن تلك الانفعالات السلبية التي تنمي التشاؤم لديهم, في حين تحرص على توجيههم نحو الانفعالات السلبية التي تشجع على التخلص من السلوك الضار. 
لقد وجدت فروق في الأعمار التي يتعلم فيها الأطفال كلمات الانفعالات في مختلف الثقافات، فالأطفال الأميركيون يتعلمون تعريف الانفعالات الإيجابية قبل أن يتعلموا تعريف الانفعالات السالبة، بينما الأطفال الصينيون، على العكس، يتعلمون تعريف الانفعالات السالبة أولاً، وربما يعكس هذا أهمية مختلف الانفعالات في الثقافتين. 
لقد وجدت قرائن أمبريقية تدعم مصطلح (Pan – Cultural Emotions) فالإشارات غير اللفظية للانفعالات الأساسية متشابهة عبر الثقافات، وتعبيرات الوجوه واحدة للانفعال الواحد في كل الثقافات، ومع ذلك فإن الأفراد في الثقافات المختلفة ربما يفسرون بعض الانفعالات باعتبارها أشد أو أقل شدة، إن إنتاج تعبيرات الوجوه تأخذ نوعاً من الثبات عبر الثقافات مع أن شدة الانفعال تتغير، هذا التنوع في شدة الانفعال ربما ترد إلى قواعد الثقافة، مثال ذلك أن مؤشر التواضع لدى اليابانيين يتطلب أن تبقى الذات مختفية لذا فإنهم يميلون إلى إبداء تعبيرات انفعالية أقل في حضور الآخرين خاصة الغرباء منهم، أما إذا أمن اليابانيون عدم وجود الآخرين فإن تعبيرات وجوههم الانفعالية تشبه تعبيرات الوجوه في الثقافة الغربية. 
إن أفراد الثقافة الواحدة يستجيبون بنفس الانفعالات الأساسية للمثيرات المشتركة، على الرغم من أن شدة الاستجابة تختلف عبر الثقافات، إن المثيرات الانفعالية تتنوع من حيث نسبة تكرار حدوثها فبعض هذه المثيرات تظهر في ثقافة بينما تختفي في أخرى. 
تفيد الكثير من الأبحاث أن الاستجابات الفسيولوجية للانفعال تظل ثابتة عبر الثقافات المختلفة، إلا أن هذه النتيجة تناقض مع نتائج دراسات أخرى تفيد بأن بعض الناس (ساموا) يبدون إثارة فسيولوجية أقل بينما يبدي أناس (Illingot) إثارة فسيولوجية أكبر مصاحبة للانفعال (www.fix.org). 

نافذة (4) 
الجندرية والسلوك غير اللفظي. 
الإناث أكثر حساسية للسلوك غير اللفظي، يبدين تعاطفاً أكثر وبشكل عام يظهرن أكثر العلامات الدالة على الانفعال، ومع ذلك فإن مقاييس الظواهر الفسيولوجية للتعاطف تشير إلى أن الفروق بين الذكور والإناث صغيرة. 

 

نافذة (5) 
تفيد الدراسات عبر الثقافية للتعبيرات الانفعالية أن: 
1- حركات اليدين لا تحمل نفس المعاني في الثقافات المختلفة. 
2- تعبيرات الوجه تبدو وكأنها عالمية. 
3- هناك فروق ثقافية في درجة التعبير الانفعالي. 
4- السعادة لا ترتبط بمتغيرات: العمر أو الجندر، أو مستوى التعليم، أو الجاذبية أو الوالدية. 

تاسعاً: الذكاء الانفعالي Emotional Intelligence 
ما هو الذكاء؟ 
سؤال يختلف جوابه باختلاف الشخص المجيب، فإن كان المجيب أباً أو أماً فإنه يتحدث عن ابنه وعيناه تلمعان فرحاً قائلاً إبني يتكلم أو يسأل أو يستكشف أو يعمل أعمالاً لم نألفها لدى إخوانه عندما كانوا في مثل سنه، إن كان المجيب مربية في الروضة فتستدل على ذكاء أطفال الروضة بمدى ما يحفظون والسرعة التي يحفظون بها، وقدرتهم على الإمساك السليم بالقلم، وتقليد رسم الحروف أو الأشكال وقوة الشخصية، وإن كان المجيب معلماً فغالباً ما يستدل على ذكاء تلميذه بنتائج تحصيله الدراسي فيربط بين الذكاء وهذا التحصيل، وفي جميع الأحوال فإن الذكاء بهذه المعاني أمر يدركه الحس الفطري، ولا شك أن لديك مثل هذه المعلومات وغيرها. 
ولكن ماذا لو كان المعني بهذا السلوك عالم من علماء النفس، فلا شك أن لهؤلاء تعريفاتهم، وتعددت هذه التعريفات بتعدد النظريات النفسية التي يصدر عنها ذلك العالم فاكتظت كتب علم النفس بالتعريفات ولعل أشهرها وأحدثها هو: "القدرة على حل المشكلات والقدرة على التكيف والقدرة على التعلم من الخبرة" (Santrock, 2003). 
ولما كان الذكاء من الأمور التي لا تقاس مباشرة، إنما يقاس فقط بدراسة ومقارنة الأفعال التي تعتبر ذكية، ويؤديها فرد ما. وعليه فما هي السلوكات (الأفعال) التي من هذا النوع والتي يتفق عليها على أنها تدل على الذكاء، وهل هناك سلوكات تتأثر بشكل ولو جزئي بالثقافة، فتختلف من ثقافة إلى أخرى؟ هل تستطيع الثقافة أن تؤثر في العمليات التي تكمن وراء السلوك الذكي؟ وكذلك في الاتجاه الذي يأخذ تطور الذكاء؟ 
تجيب على هذه التساؤلات الدراسات عبر الثقافية فاليابانيون يؤكدون وبقوة على عمليات التفكير مقارنة بالأميركيين، ويضعون قائمة لخصائص الذكاء منها الحكم الصائب، والذاكرة المتقدة، بينما يورد الأميركيون المظاهر الخارجية والمخرجات، إن مفاهيم الذكاء لدى الصينيين في تايوان تتضمن الذكاء بين الأشخاص (الاجتماعي) والذكاء بين الشخصي، وتوكيد الذات Self Assertion بينما في أفريقيا يتم التركيز على المهارات التي تسهل نشوء العلاقات داخل الجماعة وتعمل على انسجامها وتناسقها، فالآباء في كينيا يؤكدون على المشاركة في المسؤولية داخل الأسرة والحياة الاجتماعية كمؤثرات دالة على الذكاء. (Santrock, 2003). 
إن متابعة استكشاف مفهوم الذكاء ومدى تأثره بالثقافة جعل من المشروع أن نحذر من المفهوم الأمريكي للذكاء الذي هو خاص بالثقافة الأمريكية وليس شرطاً أن يصلح للثقافات الأخرى. وبالمثل حركة القياس النفسي للذكاء والتي هي ظاهرة غربية ومبنية على عينة من السلوكات التي تعتبرها الثقافة الغربية مؤشرات دالة على الذكاء. (Santrock, 2003, p. 336). 
الشق الثاني من كون هذا العنوان هو الانفعال، وقد سبق أن عرضنا للعلاقة بين الثقافة والانفعال، ورأينا عالمية الانفعالات في مقابل الخصوصية الثقافية للانفعالات، والتمثل اللغوي للانفعال والحوادث الانفعالية، وكيف يتغير المزاج تبعاً لمتغيرات أخرى عبر الثقافات المختلفة، وكذلك العلاقة بين الثقافة والتعبيرات الانفعالية من إيماءات وتعبيرات الوجه، وكيف أن للثقافة تأثير في خصائص الانفعال من حيث النوعية والشدة والتعبير والسلوك، والكيفية التي تدار بها الانفعالات وتنظيمها، وأخيراً الثقافة الانفعالية، والمجتمع حريص على نقل ثقافته الانفعالية من جيل إلى آخر.
بجمع مفهوم الذكاء ومفهوم الانفعال يتكون نوع من الذكاء عرف باسم الذكاء الانفعالي فما هو هذا الذكاء؟ وما هي مكوناته.
حاول العالمان جون ماير Mayer وبيترسالوفي Salovy تعريف الذكاء الانفعالي في ورقتين بحثيتين نشرتا عام (1990) على أنه "القدرة على مراقبة المشاعر والانفعالات الخاصة بالفرد والخاصة بالآخرين بهدف التمييز بينهما واستخدام هذه المعلومات في توجيه تفكير الفرد وأفعاله (Golman & Chemiss, 2000); (www.emotinaliq.com) المشار إليه في (مطر، 2004)، في عام (1997) طور هذا العالمان تعريفهما للذكاء الانفعالي حيث عرفانه بأنه القدرة على الوصول إلى الانفعال أو توليده أو كليهما حيث تعمل المشاعر على تسهيل التفكير، والقدرة على فهم الانفعال والمعرفة الانفعالية، والقدرة على تنظيم الانفعالات بهدف تطوير النمو الانفعالي والمعرفي (Salovey & Shuyter, 1997). وفي عام (2000) أحدثا التطوير الثالث فصار الذكاء الانفعالي هو: القدرة على معالجة المعلومات الانفعالية بما تتضمنه تلك المعالجة من إدراك واستيعاب وفهم وإدارة (Golman & Gherniss, 2000) المشار إليه في (مطر 2004). 
في عام (1995) صدر كتاب جولمان بعنوان Emotional Intelligence حاول أن يعرف فيه الذكاء الانفعالي على شكل مجموعة من القدرات تتمثل في: (www.emotionaliq.com) 

  •  معرفة انفعالات الفرد. 
  •  إدارة تلك الانفعالات. 
  • تخليق الدافعية.
  •  إدراك مشاعر الآخرين. 
  •  إدارة علاقات مع الآخرين. 

فكانت هذه محاولة لتقديم "نموذج القدرة" للذكاء الانفعالي Ability Model. وفي عام (1998) أعلن جولمان أن الذكاء الانفعالي يتضمن مجالين هما الكفاية الشخصية Personal Copmetence والكفاية الاجتماعية Social Competence. الكفاية الأولى تتضمن أبعاد (Golman, 1998): 
1- الوعي الذاتي Self – Awarness: أي معرفة الحالة الانفعالية للفرد وتفضيلاته ومعارفه الإدراكية ويتضمن:: 
- الوعي الانفعالي (معرفة انفعالات الفرد)
والتقييم الدقيق للذات (معرفة نقاط القوة والضعف لدى الفرد). 
-    الثقة بالنفس (إحساس قوي بقيمة الذات وقدراتها). 
2- التنظيم الذاتي Self – Regulation أي إدارة الفرد لحالته الداخلية ويتضمن: 
- التحكم الذاتي (السيطرة على الانفعالات).
- النزاهة (المحافظة على مستويات من الأمانة). 
- الضمير (تحمل مسؤولية الأداء). 
- التكيف (المرونة في التعامل مع التغيير). 
- الابتكار (الارتياح مع الأفكار الجديدة). 
3- الدافعية Motivation أي الميول الانفعالية التي تقودنا نحو أهدافنا أو تسهل علينا تحقيقها وتتضمن: 
- دافع الإنجاز. (الكفاح لتحصيل مستوى عال من التفوق وتحقيقه). 
- الالتزام (الميل نحو أهداف المجموعة أو المنظمة). 
- المبادرة (الإصرار على متابعة الأهداف بالرغم من العراقيل). 
أما الكفاية الاجتماعية فتعني الكيفية التي نتدبر بها علاقاتنا بالآخرين وتتضمن بعدين هما: 
1- التعاطف Empathy أي الوعي بمشاعر الآخرين وحاجاتهم واهتماماتهم ويتضمن: 
- فهم الآخرين (الإحساس بمشاعر الآخرين وآرائهم). 
- تطور الآخرين (الإحساس بحاجات الآخرين للتطور). 
- التوجه للخدمة (فهم وتوقع وإدراك حاجات الآخرين وتلبيتها). 
- التنوع المؤثر (تشجيع الفرص بين الأفراد). 
- الوعي السياسي (قراءة الميول الانفعالية للجماعة). 
2- المهارات الاجتماعية وتتضمن: 
- التأثير في الآخر. 
- التواصل معه. 
- إدارة النزاعات. 
- القيادة، استقطاب التغيير. 
- بناء الوابط. 
- التعاون والتنسيق. 
- وقابليات الفريق. 

نشاط رقم (4) 
تتبع تطور مفهوم الذكاء الانفعالي وبين ما الذي انتهى إليه هذا التطور. 

 

نافذة رقم (4) 
أثبت السيكولوجيون والأطباء أن ثمة خصائص شخصية تعرف باسم الذكاء الانفعالي، هذا النوع من الذكاء هو المسؤول عن: 
الطريقة التي نتصرف بها (السلوك)، والكيفية التي نشعر بها (الشعور)، وكيف نبني علاقاتنا بالآخرين (العلاقات)، وكيف نؤدي وظائفنا (العمل) وكم نحن بصحة جيدة (الصحة). 

 

نشاط رقم (4) 
بين أهمية الذكاء الانفعالي في حياتنا. 

 

تفكير ناقد
يقال أن الذكاء الانفعالي مضاد للذكاء. ماذا ترى أنت؟

عاشراً: التربية الانفعالية: 
إن الدور المركزي الذي تلعبه الانفعالات في البيئة التربوية قد تأكد منذ زمن بعيد، ففي الثلاثينيات من القرن الماضي أعلن المركز الأمريكي للتربية أن "المشاعر، والانفعالات 
والاتجاهات وجميع المكونات الانفعالية هي عوامل مؤثرة في تفسيرنا للحياة وبالتالي في سلوكنا" ومع معرفتنا الأحداث لعمل العقلين الانفعالي والمنطقي تبينا أهمية خبرات الأطفال في استجابات جهازهم الحشوي (التلاموس، الاميجدالا)، وضرورة الأخذ بعين الاعتبار هذه الآثار في الموقف التربوي. 

المكونات الانفعالية تؤثر في تفسيرنا للحياة. 

ويذهب جرينهلغ Greenhalgy إلى أن "التعلم الفعال" يعتمد على النمو الانفعالي، وتذهب فال Vail أن الأطفال سواء شرعوا في التعلم أو انتهوا من التعلم، أو أرهقوا من التعلم يعتمد كل ذلك إلى حد كبير على انفعالاتهم الإيجابية (الحب، السرور) أو السلبية (الغضب، الحزن، الخوف). وتضيف أيضاً احتمال وجود آثار تعزي إلى انفعال الغضب فتقول: "إن الأطفال الذين عليهم أن يكبحوا جماح غضبهم باستمرار يستهلكون قواهم الانفعالية والعقلية، وأن الأطفال الذين ينكرون غضبهم لا يبقى لهم إلا القليل للتعلم" (Vail, 1994) المشار إليها في (www.fix.org).

التعلم الفعال يعتمد على النمو الانفعالي

إن العلاقة بين الانفعال والعمليات المعرفية – بما في ذلك التعلم – قد أكدها الكثيرون من العلماء المتخصصين في دراسة الانفعالات. فالنظريات الحديثة التي تناولت الانفعال تؤكد في معظمها على أنه من الصعب أن نقتنع بوجود الانفعال في غياب التفكير، فالنظامان على الرغم من أنهما يبدوان مستقلين عن بعضهما إلا أنهما نظامان متفاعلان (Strongman, 1996) المشار إليه في (www.fix.org) فمن المؤكد أن المشاعر تلعب دوراً حيوياً في تطور التعلم، ويقدم جرينهلغ عدداً من المقترحات لجعل التعلم أفضل. 

هناك علاقات بين الانفعال والعمليات المعرفية 

  • الشعور بالأمن والقبول، وحتى يتحقق ذلك لابد من الاعتمادية النسبية على المعلم أو البالغين الآخرين، والتعلق الآمن بهم. 
  • القدرة على الترميز Symolize. 
  • امتلاك وظائف الأنا Ego التي تمكن من التوفيق بين خبرات عالمنا الداخلي وخبرات العالم الخارجي. 

إن التعبيرات الانفعالية تعتبر مفتاحاً رئيساً للتغذية الراجعة    التعبيرات الانفعالية تؤدي تغذية راجعة للفعل التربوي. 
في البيئات التربوية. فالدفاعات الانفعالية تشرع في العمل بغرض الحماية والأمن، كما أن تعبيرات الوجوه تقود استمرارية التفاعل مع الآخر، أو توقفه في الموقف التربوي، ويؤكد الكثيرون على أن تعبيرات الوجوه وحركات الجسم مصادر للتغذية الراجعة في المواقف التعليمية، وأن التدرب على فهم وتفسير تلك التعبيرات والحركات كمؤشرات دالة على فهم الطالب لما يشرحه المعلم، فمثل هذه التعبيرات والحركات تكون مصاحبة لمستويات مختلفة من الفهم المعرفي وبالتالي تشكل تغذية راجعة لحدوث التعلم الفعال. (www.fix.org).

نافذة (5) 
جهاز كشف الكذب (Polygraph) آلة غالباً ما تستخدم لكشف الكذب اعتماداً على قياس بعض الاستجابات الفسيولوجية المصاحبة للانفعال من مثل: التعرق، ضربات القلب، ضغط الدم، عدد مرات التنفس ... إلخ، إلا أن هذا الجهاز لا يستطيع أن يحدد نوع الانفعال، إنما فقط يحدد درجة الاستثارة. 

 

نافذة (6) 
الناس السعداء يميلون أكثر إلى: التقدير العالي للذات، التفاؤل، بناء صداقات متينة، وزيجات مرضية، امتلاك معتقدات دينية، الاندماج في العمل وإشغال وقت الفراغ، النوم المريح، وممارسة الرياضة. 

 

نافذة (7)
لماذا علينا أن نفهم انفعالاتنا؟ 
إن خبراتنا هي الشيء الوحيد الذي نقدره في حياتنا. 
مشاعرنا إحدى تجاربنا إن لم تكن أهمها على الإطلاق
الانفعال هو أحد هذه المشاعر. 
لهذا كان الانفعال مهماً. 
من المهم أن نفهم الأشياء المهمة. 
وعليه من المهم أن نفهم انفعالاتنا. 

 

نشاط رقم (5)
حاول تطبيق الاستراتيجيات التالية لتغيير الانفعالات السالبة لديك: 
1- حاول أن تغير التفضيلات الواردة في تعريفك للانفعال. 
2- قو التفضيلات المرضية لك والواردة في التعريف. 
3- ركز على تغيير المعتقد الوارد في التعريف. 
4- حاول أن تحول انتباهك بعيداً عن المعتقدات والتفضيلات. 
5- حاول أن تغير مشاعر السرور أو مشاعر الحزن المصاحبة للانتباه. 
6- تخل عن قبولك للانفعال. 

 

نافذة رقم (8) 
هناك اتفاق على أن الانفعالات تؤثر في التعلم والذاكرة وحل المشكلات والتفكير الإبداعي. 
الانفعالات السلبية: الخوف والقلق والشعور بالذنب والاكتئاب تعيق التفكير الإبداعي، وتحبط الوظائف العقلية العليا. (Isen, 1995). 


الخلاصة: 
1- الانفعال استجابة تشمل العضوية كلها وتتضمن: الاستثارة الفسيولوجية، والسلوكات التعبيرية والخبرة الواعية، ثمة ثلاثة مكونات للانفعال: المكون الفسيولوجي والمكون السلوكي والمكون المعرفي. 
2- الانفعالات الأكثر انتشاراً في الأدبيات ذات العلاقة هي: السعادة، الحزن، الغضب، الخوف، حب المربية، الاشمئزاز، الرفض، والدهشة. 
3- أهم وظائف الانفعالات: البقاء، اتخاذ القرار، التواصل مع الآخرين، الوحدة. 
4- الانفعالات الأساسية: الدهشة، السعادة، الغضب، الخوف، الحزن موجودة لدى كل الناس. 
5- نظرية جيمس لانج: خبراتنا الانفعالية تلي الوعي بالتغيرات الفسيولوجية الناتجة عن المثير الانفعالي. 
6- نظرية كانون – بارد: المثير الانفعالي يثير وفي نفس الوقت كلاً من الاستجابات الفسيولوجية والخبرة الذاتية الانفعالية. 
7- نظرية العاملين: لكي يخبر أحدنا انفعاله لابد من (1) الاستثارة الجسدية (2) العنونة المعرفية لحالة الاستثارة. 
8- الجهاز العصبي المستقل يضبط شدة الانفعال، العوامل المعرفية تخبرنا بنوع الانفعال، نتائج أبحاث الدماغ عرفتنا كيف نخبر الانفعال قبل أن نتعرف عليه، الطريق الأقصر من الحواس إلى منطقة التلاموس فالأميجدالا. والطريق الأطول من الحواس إلى قشرة الدماغ، بعض الانفعالات لا تحتاج إلى تفكير. 
9- نظرية لودو، هناك أنظمة دماغية مختلفة للانفعالات المختلفة، بعض هذه الأنظمة تعمل كما تعمل أنظمة الأفعال المنعكسة (تتأدى بدون تفكير، آلياً، وهي مبرمجة وراثياً)، بينما تعتمد الأنظمة الأخرى على التفكير والتفسير. 
10- ثمة عقلان افتراضيان: العقل المنطقي (التفكير والتروي والتفسير) والعقل الانفعالي يولد الانفعالات دون النظر في الفعل الصادر عنها .. افترض وجود جهاز انفعالي شبيه بالحاسوب، فالدماغ يشبه القرص الصلب الذي يعمل وفقاً لبعض أنماط تشغيل النظم، يعمل هذا القرص بفعل ما فيه من أقراص مرنة بعضها مبرمج وراثياً والبعض الآخر متعلم بفعل الثقافة والخبرة. 
11- نظرية التطور النوعي بينت كيف انبثقت مراكز الانفعالات وكيف تطور الدماغ. 
12- ثمة انفعالات واحدة في كل الثقافات، وثمة انفعالات خاصة بكل ثقافة على حدة، من الموضوعات التي درست دراسات عبر ثقافية التعبيرات الانفعالية، والتمثلات اللغوية للانفعالات والحوادث الانفعالية، والكلمة ونبرتها والمكون المعرفي للانفعال، والبكاء وتغير المزاج. 
14- تتنوع معاني الإيماءات بتنوع الثقافات، إلا أن بعض تعبيرات الوجوه واحدة في كل الثقافات. 
15- الخصائص الثقافية للانفعال: التوعية، والشدة، والتعبير السلوكي والكيفية التي تدار بها الانفعالات، وتنظيمها. 
16- يتم التكوين الثقافي للانفعال عبر عملية التنشئة الاجتماعية. 
17- الثقافة الانفعالية تتضمن: معتقدات الجماعة، ومفرداتها الانفعالية، ومعاييرها المنظمة لتلك الانفعالات. 
18- الانفعالات الأساسية عالمية. 
19- تطور مفهوم الذكاء الانفعالي ليصير: القدرة على معالجة المعلومات الانفعالية، والذكاء الانفعالي يتضمن مجالي الكفاية الشخصية والكفاية الاجتماعية، الكفاية الشخصية تتضمن: الوعي الذاتي، والتنظيم الذاتي، والدافعية. الكفاية الاجتماعية تتضمن التعاطف، والمهارات الاجتماعية. 
20- التربية الانفعالية تتضمن تعليم الانفعالات وتوظيفها في تفسير الحياة، وإحداث التعلم الفعال، والتأثير الإيجابي في العمليات المعرفية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المرجع: محمد عودة الريماوي وآخرون، ،( كتاب: علم النفس العام)، من إصدار دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، الأردن ، عمان، الطبعة الثانية لعام 2006م / 1426هـ

تحميل محتوى الصفحة رجوع