إن إدارة الصف وترتيبه وتنظيمه، وتوفر المناخ الصفي الملائم للتعليم مهارة، وفهم، وخبرة يتطلب إعداداً وتدريباً، ومسؤولية كبيرة من المعلمين.
إن إدارة الصف وتنظيمه بصورة تسهل التعلم والتعلم الذاتي بشكل خاص مجال تظهر فيه بدرجة عالية قدرة المعلم، وتدريبه، واستعداداته الشخصية، والإمكانات الكامنة (Promise protential) الواعدة لذلك لم يعد هناك مجال لوجود معلم يدخل الصف يحمل رأسه، ويديه في جيوبه، وفي المقابل زادت المسؤولية، وزادت مسؤولية توظيف القدرات الشخصية والاستعدادات، وزادت أهمية تبني الاتجاهات الإيجابية نحو شخصية المتعلم وطبيعته، واعتباره فرداً قادراً على ممارسة التعلم الذاتي بنفسه.
وتعتبر مهمة تحقيق كفايات الإدارة الصفية الفعالة، وتنظيم التعلم والتعلم الذاتي الصفي مهمة تدريبية لإعداد المعلم، وزيادة جرعات التدريب (Training Setting) للمعلم المبتدئ بشكل خاص.
ومن الاعتبارات في هذا المجال أن هناك معلمون يتصفون بكفاءة عالية في مجال تخصصه، وقد يمتلك مهارة عالية في التدريس ويتضمن أحدث أساليب التدريس، ولكن ما قيمة ذلك إذا لم يتمكن من توظيف عناصر إدارة التعلم الصف بفعالية.
وأن قيمة جهود المعلم الكبيرة في التخطيط والإعداد تذهب هباءً إذا لم يمتلك القدرة على توفير المناخ التعليمي المناسب في غرفة الصف إن قدرة المعلم وكفاءته وفاعليته في إحداث التغيرات الذاتية (Self – Changes) المنشودة وإظهار هذه النتاجات على صورة رادارات لدى الطلبة تتوقف على قدرته في توفير المناخ المادي والنفسي الذي يشجع على التعلم.
إن المعلم الخبير هو المعلم المسؤول عن إيجاد المناخ الصفي المناسب الذي يدار بطريقة إبداعية لتحقيق نمو وتطور في عمليات التعلم لدى المتعلم.
كما أن المعلم يتحمل دوراً كبيراً في إدارة المكان الذي يحدث فيه التعلم، وتتحدد كفاءته الإدارية في توفير النظام، والانضباط الذاتي لدى المتعلم، وإيجاد البيئة التعليمية المشجعة على حدوث التعلم خلال تنظيم البيئة الصفية وإدارة مرافقها وموجوداتها المادية والبشرية.
مدخلات لنظام غرفة الصف:
إن دراسة مكونات غرفة الصف وتتبع تفاعلاتها وتداخلها يسهم في فهم البيئة الصفية السيكولوجية، والمادية، والعوامل الأخرى المتدخلة، وتحدث أثراً في إدارة الصف وتعلم الطلبة.
ويمكن تحديد عدد من العناصر في هذا المجال وهي:
• جماعة سكانية لها عمر محدد وخصائص شخصية ديموغرافية متقاربة.
• غرفة الصف مكان محدد له خصائصه.
• طبيعة الثقافة التي تسود هذه الجماعة ورموزها على صورة عموميات وخصوصيات ثقافية.
• ضبط اجتماعي تنضبط به هذه الجماعة (تعليمات، قوانين، أنظمة، تشريعات، أعراف، وتقاليد).
• شبكة العلاقات الاجتماعية المترتبة عن التفاعلات الاجتماعية، وما يرتبط بظواهر اجتماعية.
• أدوار متعددة يلعبها الطلبة المتشاركون والمتبادلون الأدوار فيما بينه وبينهم وبين المعلم، بالإضافة إلى مراكز محددة للطلبة ضمن الجماعة الصفية.
النظام النفسي
تفترض النظرية النفسية أن النظام هو خاصية تنشأ في الظروف الخارجة ثم تنمو مع الطفل وتتطور بفعل ما يلاقيه من ثواب فما يتم ثوابه يستمر ويتطور. ويتطور هذا النظام داخل البيئة النفسية للطفل: ويتطور وعيه لها بما يقدمه هذا النظام من تسهيلات تكيفية، بنائية تحقق الرضى والقبول للطفل والمتعلم حينما يكبر. يبدأ النظام متغيراً خارجاً، ثم يصبح متغيراً ضابطاً داخلياً.
الصف نظام اجتماعي:
إن الصف بما يتضمنه من مجموعة من الطلبة اجتمعوا مضبوطين بأهداف محددة – حددها أفراد المجتمع – وهي أحداث تغيرات مرغوبة ومن ضمنها تحقيق هدف التعلم الذاتي ويمكن تحديد خصائص هذه الجماعات الصفية بالتالي:
أولاً: الاستمرارية:
ويقصد بالاستمرارية، استمرار تواجد المجموعة على هذه الصورة الجمعية المنضبطة بأهداف معاً. وهناك نوعان من الاستمرارية هما:
أ- المادية: استمرار تواجد الطلبة معاً لفترة زمنية طويلة معاً، صفوفاً متعاقبة، متتابعة، ثاني، ثالث .....
ب- الشكلية: وهي توفير صورة لإدارة هذه الجماعة والتي تتعلق بالأنظمة، والقواعد، والتعليمات التي تصاغ لتنظيم تفاعل الطلبة معاً، وتسيير أيامهم الدراسية في صفوف محكومة، بأنظمة وقوانين وتعليمات.
ثانياً: سيطرة روح الجماعة على أفراد الجماعة الصفية والتعاون بين الطلبة ضمن المجموعة.
ثالثاً: التفاعل الذي يظهر بين الطلبة من الجماعات المتماثلة في الصف (المستوى العمري) وما يحكم التفاعل وعلاقات.
رابعاً: سيطرة مبدأ دينامية الجماعة والشعور بالمسؤولية تجاه أنفسهم، وتجاه المجموعة لتحقيق الأهداف الفردية والجماعية معاً.
خامساً: سيادة مجموعة من الأعراف، والعادات، والتقاليد، المجموعة الصفية، وتأثيرها فيما يظهرون من إرادات، وتتدخل في تشكل العلاقات السائدة بينهم.
تنظيم وإدارة الجماعة الصفية: (Classroom Group Management)
يمكن تحديد الجماعة الصفية بأنها الجماعة التي تتفاعل تفاعلاً مباشراً، ويؤثر لكل فرد منها في الآخر بواسطة المعايير السائدة لديها – وهي مجموعة شكلية، لأن أعضاءها تجمعوا ليكونوا مجموعة قصرية لم يكن لهم خيار في تنظيم وعدد أفرادها، وإنما فرضت الجماعة الصفية المؤسسة التربوية (المدرسة)، لذلك تتغير البنى الصفية للمجموعة في كل عام (بوستك، 1986، 84) وفق ما تحدده المؤسسة من أسس أو اعتبارات.
ويتيح الموقف الصفي للطلبة فرص التعبير عن دوافعه، وتوقعاته، ويتحدد سلوك الجماعة الصفية عادة بدوافع فردية أو جمعية يتأثر به الطالب كفرد أو كمجموعة.
يحدد هاربارت (Herbert) وجيريارت (Gairiat) عوامل المجموعة الشكلية للمجموعة الصفية وهي:
1. فرد واحد من الكبار الراشدين (المعلم).
2. يرتبط بعلاقات منتظمة.
3. مع مجموعة.
4. الأطفال أو المراهقون.
5. الحضور الإجباري غير الاختياري.
6. الاتفاق والتجمع حول الهدف.
7. وسط بيئي وظيفي مزود بأدوات ومواد للتفاعل والتعلم (غرفة الصف).
اعتبارات في مجموعة الصف:
هناك أشكال تظهر وفقها المجموعات الصفية المختلفة بهدف تحقيق تفاعل مرغوب وهدف محدد سواء أكان الهدف تعلم جمعي، أو تعلم ذاتي، وباستعراض صور المجموعة الصفية يمكن الافتراض أن لها:
• إطار محلي (منطقة) مرتبطة بعوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية وينبثق أحياناً مجموعات فرعية وفق أسس الانتماء إلى وسط عائلي له خصائص وصفات ديموغرافية سواء أكانت الطبقية، والثقافية والسكن.
• لكل مجموعة صفية تركيبها الخاص أو علاقاتها الخاصة بها نتيجة لتفاعل الطلبة وفق النشاطات أو الوسائط الأخرى المختلفة.
• المجموعة الصفية شكلان وهم (الناشف، شفشق، 1987، 110).
1- تركيب رسمي: يسهل فيه تمييز المسؤول، والرئيس.
2- تركيب غير رسمي: لم يتضح فيه المسؤول، ويمكن تحديد الأصدقاء، والطلبة الخجولية، ويمكن تحديد نوعية البنية التركيبية للمجموعة وملاحظة الإجراءات والأنشطة التي تحدث عن طريقه الملاحظة المقصودة.
• تركيب المجموعة تؤثر في نوع الخبرة التي سيواجهها المعلم في الصف، يستطيع تحديد المشكلات التي يمكن أن يواجهها في إدارة الصف. والمعلم معني بمعرفة هذا التركيب لكي يحدد استراتيجيات التفاعل وإدارة دينامية الجماعة، والعناصر الديناميكية في المجموعة.
وتوصف أساليب التعامل وإدارة الصف وفق ما يقوم به المعلم من تعامل، إذ قد تكون المجموعة سهلة التعامل أو صعبة التعامل، ووفق ذلك تتحدد إجراءات الإدارة الصفية ونوعها.
• مجموعة الصف منتظمة حتى تهيئ إدارة العملية التربوية وبخاصة أنها تدار وفق عدد محدد من القوانين والقواعد التي تتطلب الفهم والاستيعاب من قبل الطلبة.
• المعلم لا يكون عضواً مندمجاً في المجموعة الصفية، بما له من حدود ديموغرافية، ولكن يتفاعل مع أفراد المجموعة وفق أسس، وقواعد، وتنضبط أداءاته بمعايير أداء، ومعايير سلوكية محددة لتحقيق أهداف، ووفق ذلك تتحدد أدواره الصفية.
البيئة المادية للغرفة الصفية:
إن توفر الراحة للمعلم والطلبة، وحرية الحركة وسهولتها وتنظيم البيئة الصفية، يجنب حدوث المشكلات والفوضى والاضطراب في الجو الصفي العام وإدارة نظامه، ويجنب تماسات جسمية حركية بين الطلبة أثناء تحركهم في تأدية أي نشاط، ويسهل وصول المعلم إلى أي طالب في أي موقع يجلس فيه الطالب، ويمكن تحديد عناصر مكونات البيئة المادية الصفية الغرفة الصفية.
الغرفة الصفية Classroom
تتحدد ملامح الغرفة الصفية بحيث تكون مناسبة وتتسع لأعداد الطلبة. وقد أكدت الملاحظات والبحوث في مجال العدد أن النموذج لعدد طلبة الصف أن لا يتجاوز خمساً وعشرين طالباً، حتى يتسنى للطلبة فرصاً مناسبة للتفاعل بين الطلبة كأفراد ومجموعة، وتتيح لهم حرية الحركة الهادفة ضمن النشاطات الصفية.
ومن العناصر التي يفترض توافرها لكي يكون الصف بيئة مناسبة للتعلم والتفاعل والنمو التالية:
أ- الإضاءة الكافية: بحيث تتنوع الإضاءات، وأن يؤخذ في الاعتبار بتوافر النوافذ التي تمد الصف بالإضاءة الكافية للشعور بالحيوية، والنشاط.
ب- التهوية الجيدة والتدفئة: بحيث يتم توفير الدورة الهوائية المناسبة وإدخال الهواء النقي، وتجنب النوافذ المباشر لدورة الهواء حتى يتجنب الطلبة لفحات الهواء، والمعيار المناسب للتهوية هي وصول الطالب لما يحتاجه من الهواء النقي غير الملوث.
جـ- الأثاث: يترتب الأثاث والمقاعد بصورة مناسبة بدون اكتظاظ وتحشير، وأن تعد المقاعد وفق اعتبارات الطفل النمائية الصحية والنماسبة لعمر وحجم الطلبة في الأعمار التي يمرون بها، ومراعاة الأنشطة التي يتم تنفيذها هامة من قبل الطلبة والمعلمين في الغرفة.
ويتضمن الأثاث:
• الخزائن (Lockers) التي تعد لكل طالب يحتفظ بها الطلبة: أدواتهم، وحاجاتهم، وبعض المواد الإضافية التي يحتاجونها خلال الأسبوع الدراسي.
• الوسائل التعليمية والتقنيات: من مثل الصبورة والعاكس الرأسي (Overhead Projecter)، والخرائط، والمواد الأخرى.
• حرية الحركة بين مكونات ومواد الصف.
• تناسب المواد والأثاث، والمرحلة النمائية التي يمر بها الطلبة، تساعد الطلبة الوصول إلى ما يريدون، وتسهل عليهم استخدامها وتوظيفها في إدارة تعلمهم.
• الجدران: مطلية بألوان مناسبة لأعمار الطلبة، نظيفة، يسهم في زيادة الإضاءة، ويسمح بعرض المواد والوسائل المتعلقة بموضوع التعلم، وما يراد تنفيذه.
إن الصف بيئة مادية تم تصميمه لكي يتم فيه تحقيق أهداف التعلم المرصودة. لذلك فإن المعيار الذي يتم وفقه الحكم على أهمية أي عنصر مادي موجود في غرفة الصف هو ما مدى مساهمة أو ضرورة هذا العنصر الموجود في تسهيل مهمة التعلم الصفي؟
وإن العلاقة بين المعلم والمكونات والموجودات المادية في الصف هي مدى استخدامها لزيادة فرص تحصيل وتعلم الطلبة. إذ إن تدخل أي عنصر مادي تدخلاً سلبياً يكون فرصة لحذفه واستبعاده من الصف.
وتتحدد مسؤولية المعلم ودوره في تنظيم ورعاية المناخ أو البيئة الفيزيقية فيما يلي:
1- العناية بغرفة الصف حسب الإمكانات المتاحة، ومحاولة توفير شروط الإضاءة والتهوية والتدفئة.
2- الاعتناء بمقاعد جلوس الطلبة وترتيبها بصورة تساعد على رؤية كل شيء يعلمه أو يكتبه أو يعرضه المعلم، وتعتبر وسيلة إيضاح.
3- ترتيب جلوس الطلبة فيها بحيث يتمكنون أن يروا من أماكنهم، ما يعلمه أو ما يعرضه ويسمعوا ما يقوله. بحيث يسمح هذا الترتيب بحرية الحركة للمعلم وللطلبة، ليصل كل منهم بسهولة وليكون باستطاعة الطالب أن يصل إلى السبورة بسهولة.
4- المحافظة التامة على النظافة وأثاث الصف من خلال بث روح المسؤولية المشتركة والتعاون (مرعي وزملاؤه، 1989، 3) لذلك تكون إدارة الصف هنا إدارة مادية بيئة فيزيقية والمعلم معني بحسن إدارتها وتنظيمها لتفعيل التعلم وتوظيف قدرات الطلبة.
تنظيم البيئة المادية الصفية (Physical Environment):
إن توفير البيئة المادية الصفية يتضمن تحقق أهداف التعلم والتطور الذاتي للمتعلم كفرد، وفرد ضمن مجموعة، والتطور للأفراد أثناء عملهم ضمن مجموعات لتحقيق أهداف أو نواتج فردية وجمعية.
وتتحدد البيئة المادية وفق الاعتبارات التالية:
• المرحلة النمائية التطورية (المعرفية، الجسمية، الاجتماعية، الانفعالية).
• قيم الطلبة واتجاهاتهم، وقيم المعلمين واتجاهاتهم كذلك.
• أهداف الطلبة – للتعلم الذاتي ووعيهم بذلك.
• وعي المعلمين لحاجات الطلبة وأهدافهم.
• التخطيط التعاوني ومدى سيطرته على الأنشطة.
• أنواع المشكلات التي توجد لدى الطلبة.
• طموح وتوقعات الطلبة وتوقعات المعلمين كذلك.
البيئة المادية تصبح بيئة نفسية
تفترض النظرية النفسية أن البيئة الصفية تبدأ بيئة مادية ذات معنى موضوعياً، ثم يبدأ المتعلم بالتفاعل بهذه البيئة، ويطور أفكاراً، ومشاعر تجاهها، فتدخل في خبراته على صورة تفاعلات حية، وتصبح البيئة المادية الموضوعية بيئة نفسية ذات اثر على كل متعلم، لذلك ليس هناك أي موضوع محايد في غرفة الصف .. إذ يصبح لكل عنصر معنى وأثر
ويمكن توضيح الأبعاد المحددة لتنظيم البيئة الفيزيقية والنفسية، وتدخل المعلم والطلبة في تحديد ما يسودها، إن أعمار الطلبة يحدد نوع وحجم المساحات التي ينبغي توافرها إذ كلما كان الطفل صغيراً تتطلب إلى مساحات أكبر فيها دون عوائق أو حواجز.
نظام اليوم الدراسي إذا كان الطفل وفق نظام فترة أو فترتين (صباحي ومسائي) أو نظام اليوم الكامل، أو نظام المدرسة الداخلية، كل ذلك يدخل في الاعتبار، عمليات التنظيم للصف، وما يسوده أو ينشر فيه من المواد والأدوات.
الصف مركز تعلم: Classroom Learning Center
إذا تم اعتبار الصف وتم تنظيمه على صورة مراكز تعلم فإنه يمكن ملاحظة بعض الملاحظات التالية:
• إن تنظيم غرفة الصف كمركز تعلم فإن ذلك يعكس قيم المعلم واهتماماته، فإذا كان المعلم من يتبنى التفكير العلمي العملي فسيلاحظ تخصيص زاوية تضم صور علماء، أدوات، أو مواد.
• مراكز تعلم وزوايا صفية مختلفة مثل: زاوية تعلم اللغة، الرياضيات، العلوم، التعبير الفني، أو خبرات أخرى.
• يلعب الطلبة دوراً فاعلاً في مشاركة معلميهم في تنظيم المراكز وتدريبهم، للاشتراك في اختيار المواد والمساهمة في التنظيم بدرجة تسهل تعلمهم الذاتي، وتسمح بتطورهم.
واعتبار مراكز التعلم كوسائط للتعلم والإدارة تحدد تنظيم غرفة الصف، واعتبار ذلك يفرض عدد الطلبة الذين يمكن ضمهم في غرفة الصف الواحدة، وطبيعتهم، ونوع المواد والخامات والأجهزة، والمراجع بحيث يتم التأكد من كفايتها لعدد الطلبة، ومستوياتهم، ويحدد عدد الطلبة الذين تعد لهم هذه الزوايا، وطبيعة تنفيذ العمل إما على صورة جماعة صغيرة، أو بشكل فردي وتتحدد أنواع المراكز بالعوامل التالية:
• الأهداف التعليمية التي يتصف فيها المعلم والطلبة والمصاغة على صورة نواتج.
• الخصائص الشخصية للطلبة في الصف.
• ساعات اليوم المدرسي، طيلة اليوم، نصف يوم صباحي مسائي.
• متطلبات التفاعل والحياة لدى أفراد المجموعة والعمل في جماعة.
تجليس الطلبة وأسس تنظيم المقاعد:
إن اختيار أو تحديد الأماكن للطلبة من القضايا التي تؤثر على الأداءات الصفية، فإذا تم تجليس الطالب في المكان المناسب مع الاعتبار لكل المتغيرات المحيطة، وفر له الظروف المناسبة للتعلم، وقلل من فرص ظهور المشكلات المتسببة عن المكان أو الطلبة الرفاق ممن يجلسون حوله.
يمكن تحديد العوامل المؤثرة في شكل توزيع مقاعد الطلبة وتنظيمها وتوزيع الطلبة وفقها وهي:
• استراتيجيات التعلم الموظفة في الدروس.
• دور المعلم، دور الطالب.
• نوع التعلم (اكتشافي، ذاتي، جمعي، فردي، عملي، مخبري)
• مدى توظيف مراكز التعلم في إدارة التعلم.
أخذت فكرة توزيع الطلبة إلى مجموعات تتقدم، وتلاقي الاهتمام نظراً لأهميتها، وأثرها الكبير في إدارة وتنظيم التعلم الذاتي الصفي، وذلك لأهمية اعتبار خصائص الطلبة وتفاعلها في إنجاح التعليم الذاتي الذي تزداد فيها استقلالية الطالب، وتفرده حتى لو عمل ضمن مجموعة.
مواقع جلوس الطلبة في الصف
يجبر الطلبة على مواقع محددة لهم في الصف حينما يكونوا صغاراً، وتحكم المتغيرات الشخصية مواقع جلوسهم مثل الطول والعمر، والوزن، والحجم وحينما يكبر الطلبة يصبح للجلوس معنى، إذ يختار الطلبة مقاعدهم بأنفسهم سعياً لتحقيق حالة الراحة النفسية والأمن النفسي الذي يريدون، وتزداد القضية عمقاً في المرحلة الجامعية.
وقد أمكن تحديد أسس توزيع الطلبة إلى جماعات عمل من هذه الأسس والصور التالية:
1- التقسيم وفق أداء معين ومستوى الأداء المحدد نتاجات تعليمية.
2- الاعتبارات الاجتماعية النفسية.
فمثلاً اعتبار الصداقة، كأساس للاعتبارات الاجتماعية أو الخصائص النفسية للطالب، إذ يتطلب ذلك إتاحة الفرصة أمام الطالب والحرية من وقت لآخر للتحرك نحو المجموعة التي يفضل العمل معها لتحقيق أهداف تم صياغتها بصورة جماعية في المجموعات مثلاً. وإن هذا الاعتبار يشجع الطلبة على بناء صداقات والشعور بالحب أو الصداقة المتبادلة بين الأفراد في الصف، وفق ما يناسب شخصية الطالب وصورته عن نفسه، وأن تحقيق الطالب لذاته واعتبار مفهومه من ذاته وتفاعلها مع خصائص الطلبة الآخرين يتطلب توفير جو خال من التعبير والأنظمة الصارمة.
الحلقة الدائرية:
أحد التنظيمات في تجليس الطلبة على صورة حلقة دائرية، وتضم طلبة غير متجانسين في القدرات، أي تضم طلبة متباينين في القدرات، ودرجات التحصيل. ويتطلب توفير هذا التنظيم تحديد دور كل من المعلم، ودور الطلبة، ويتم تحديد ما يتوقع تحقيقه في نهاية كل جلسة بالإضافة إلى النشاطات المحددة.
تنظيم جون ديوي (John Dewey):
تبنى جون ديوي فكرة التعلم بالعمل (Learning by doing) وتنظيم المقاعد وفق الصف المخبري – أي اعتبار الصف مختبر – وفق هذا المنظور تبني اعتبار حركة الطلبة ونشاطه، واعتبار أن التعلم هو النشاط الذي يتطلب من الطالب القيام بأداءات عملية حركية يستخدم فيها أدواته وأجزاء جسمه، وإمكاناته، وخبراته والتي تتطلب أكثر نشاطاً وحركة.
أكد هذه الطبيعة للأنشطة افتراض بياجيه وبرونر – كممثلين للاتجاه المعرفي في إدارة التعلم والصف "إن طبيعة المتعلم هي طبيعة نشطة، متحركة، وطالما يتحرك المتعلم وينشط فهو يتعلم ...." وترتب على ذلك تأكيد التعلم القائم على النشاط والممارسة.
ووفقاً لذلك فإن نجاح الطلبة، وتحقيق أهدافهم يتوقف على عوامل أساسية في هذا المجال منها:
• معتقدات المعلم والنظام التعليمي تجاه إدارة الصف وتنظيمه.
• عدد الطلبة الذي تم اعتباره ليكون مناسباً.
• طبيعة المرحلة النمائية التطورية، والوعي بأهدافها لتحقيق الشخصية المتكاملة.
ويؤكد جون ديوي في تنظيمه العملي وإداراته للصف أن الطفل وجد حراً، متكاملاً، نشطاً، حيوياً، لذلك فإن الترتيبات التعليمية ينبغي أن تتفق وقدراته وطبيعته لزيادة فهمه لحواسه، والنجاح في اختيارها وإتاحة الفرصة لزيادة شعور بالاستقلال والوعي بأهميته.
توزيع الطلبة في الصف:
هناك أنواع عدة من التقسيمات أخذتها صور توزيع الطلبة، وقد تمت التوزيعات وفق اسس مختلفة، افترضها الأهداف والتوزيع أو طبيعة الطلبة، أو طبيعة المهمة، ويمكن تفصيل صور التوزيع كالتالي:
أولاً: التقسيم الرأسي (Vertical grouping)
يوضع الطالب في المجموعة التي تم تسجيل اسمه وفقها ويستمر في الدراسة مع هؤلاء الطلبة زملاؤه دون اعتبار لأي متغير ديموغرافي آخر.
ثانياً: التقسيم الأفقي (Horizontal grouping):
ويتم تقسيم الطلبة وفق هذا التقسيم إلى شعب، وبخاصة حين يزداد عدد الطلبة التي يراد تسجيلهم وفق شعب متعددة في المدرسة، دون اعتبار لأي متغير شخصي، أو ديموغرافي.
ثالثاً: تقسيم الفئة العمرية (Single age grouping)
يوضع الأطفال من الأعمار المتقاربة في صف واحد، لاعتبارات نفسية، ونمائية، وأهمية توافر المعيار العمري في تحديد المهمات التعلمية والتفاعلية. أما بالنسبة للفروق بين الأعمار، فالافتراض أن لا يكون هناك تباين كبير في أعمار الطلبة أي أن لا يتجاوز في حدود عدد من الشهور، لأن التباين في أعمار الطلبة يمكن أن يولد عدداً من المشكلات التكيفية، صوراً مختلفة من المعالجة إن كان ذلك للمشكلات أو المعالجات التعليمية، أو مشكلات الانضباط الصفي.
رابعاً: التقسيم العائلي (Family grouping):
تبنى هذا التقسيم صلة القرابة بين طلبة الصف، ويسود هذا التنظيم توزع الطلبة في القرى وفي الصفوف المجمعة التي يقل فيها عدد الطلبة. إذا يضم هذا الصف مجموعة من الطلبة مختلفين في العمر، والقدرات ولكنهم من أسر واحدة.
إن دراسة هذا النظام يمكن أن يحقق أكثر من فائدة:
• يتعلم الأطفال الأصغر سناً من الأطفال الأكبر الذين يشكلون نماذج لهم، فيزودوهم بخبرات مفيدة.
• قد يعمل هؤلاء الطلبة الأكبر سناً معلمين أقرب إلى أساليب تعليم الطلبة الأصغر سناً (Students a teachers).
• تقليل أثر الخبرات الصادمة التي يطورها الأطفال وتقليل مشاعر الغرابة والدهشة.
• تطور علاقات تدعم القرابة، إذ توجد مواضيع يستمع فيها الأطفال من الكبار الآراء المختلفة، ويفتح مجالاً جديداً لتبادل الأفكار.
• يتدرب الأخ الأكبر على القيادة وإدارة الأطفال.
وهناك بعض الصعوبات الناتجة عن هذا الإجراء منها:
• ظهور بعض مشاعر التبعية، وتهديد الاستقلال الشخصي الذي يسعى الطفل إلى تحقيقه تدريجياً.
• نقل التبعية من البيت إلى المدرسة مما يقلل من شأن مبادرات الطفل الأصغر، وخياراته لأصدقائه، وإنماء السلوك المختلف الذي يريد أن لا يكون تحت ضبط ومراقبة الأخ الأكبر.
خامساً: التقسيم المتوازي (Parallel grouping)
ويقع هذا النمط من التقسيم ممارسة أو أسلوب يتوسط التقسيم العائلي والتقسيم العمري، يقسم الطلبة إلى شعب حيث يسكن الطلبة الأكبر عمراً في شعبة مع توفير حرية الاختيار للطالب للانتقال بين الشعب لكبار الطلبة، والشعب الأخرى.
وقد لوحظت هذه الممارسات الإدارية في المدارس الأمريكية تلك المدارس التي يحدد فيها للطالب الغرفة (Homeroom) التي تنتمي إليها بشكل عام، ولكن اختلاف مستويات الطلبة نفسه بالنسبة لأداء في المواد المختلفة، فمثلاً يجلس الطالب في مادة الرياضيات في شعبة، بينما يجلس في شعبة أخرى في العلوم، وشعبة أخرى في مادة اللغة – وهكذا .. تتوزعهذه التقسيمات حسب مستوى الطالب وقدراته المتباينة، أي أن المادة الدراسية تحدد الشعبة التي يدرس فيها.
ولهذه الممارسة الإدارة الصفية مزايا يحققها الطالب يمكن تحديدها بالتالي:
• استغلال قدرات الطالب وحمايتها المضيعة، واستثمار ما لدى الطالب من إمكانات، وإتاحة الفرصة لارتقائها وتنميتها.
• تقل المشكلات السلوكية التكيفية.
• تقل مشاعر الضجر، والملل، والسأم.
• تتطور العلاقات الإنسانية بين الطلبة ممن يشتركون معهم بالخصائص المعرفية الذهنية والاجتماعية، ويطورون صداقات من مواقف التعلم.
• يسهم في تطور علاقات تفاعلية صفية أكاديمية وشخصية ويلاقي الطالب احتراماً لقدراته وشخصيته.
سادساً: تقسيم التجانس (Homogeneous Grouping):
ويتم وفق هذا التقسيم وضع الطلبة المتقاربين في الخصائص العمرية، والتحصيلية، تراعي فيها، الفروق بين الطلبة وتعد المناهج بحيث تراعي بعض الفروقات بينهم، لكن تجمعهم خصائص عامة، تسمح للتفاعل والتكيف، والتحصيل لديهم.
حجم الصف (Class Size):
افترض الباحثون في مجال غرفة الصف إنه كلما قل عدد الطلبة كلما حقق أهدافاً تربوية وشخصية كثيرة، تلك الأهداف التي يعوق تحقيقها كلما زاد عدد الطلبة، أو زاد حجم الصف.
إن توفير صفوف بأعداد قليلة من الطلبة هو أمنية يتمنى تحقيقها المخططون التربويون، لما لذلك من مزايا كثيرة وهي:
• يوظف المعلم استراتيجيات تعلم متعددة، متنوعة، وتكون النشاطات التعليمية أكثر تنوعاً وتلبية لحاجات الطلبة.
• تسهل فرص التفاعل مع الطلبة، وتزداد نسبتها سواء أكان هذا التفاعل بين الطلبة أنفسهم، ويقوم المعلم بمراقبتها وتنظيمها، أو بين الطالب والمعلم، وهنا تتاح الفرصة لنمو الطالب المعرفي ونمو وتطور تفكيره.
• يواجه الطالب فرص التعلم الفردي والتعلم الذاتي ويلقي توجيهاً مناسباً يساعد على تطور آلياته ومهاراته.
• نشغل الطلبة بممارسة تفكير إبداعي ويقلل من ممارسة التعليم التلقي الصمي، الذي يحرم الطلبة من النمو والتطور الاجتماعي والانفعالي والتفاعلي وممارسته لعبة التلاعب بالأفكار (Ideas manipulation).
• يطور الطلبة مهارة قيادة المجموعة، ومهارة العمل مع الآخرين والتخلص من حالات الخجل والانسجاب الذهني والاجتماعي من الصف.
• يتدرب الطلبة على بناء أهداف وتطوير أساليب الحكم والتقييم الذاتي لها.
• يطور الطلبة علاقات اجتماعية أكثر وضوحاً ونجاحاً، ويطور مظاهر الاحترام والتقدير للأفراد وإظهاره في المناسبات والمواقف التي تتطلب ذلك.
• يطور الطلبة مهارة السيطرة على المواضيع الدراسية بأساليب بحث مختلفة تحب ضبط ومراقبة المعلم للأداء، المضمون النتائج دون مواجهة نتائج محبطة أو مخيبة.
• توفير إدارة صفية أكثر ضبطاً وانتظاماً، وتحقيقاً لأهداف الطلبة والمعلمين.
• تطور اتجاهات إيجابية نحو الطلبة ونحو المعلمين، مما يسهم في زيادة معنويات المعلمين والطلبة.
• تطور اتجاهات الطلبة وإحساسهم مما يكون له أثراً إيجابياً نافعاً في خبراتهم (Good and Brophy).
• تزيد الفرصة أمام المعلم لكي يمارس دوره الموجه والمرشد لأنشطة الطلبة.
• يسهم التعليم في المجموعات الصغيرة تلبية للحاجات المحددة للطلبة أو ذوي الاحتياجات الخاصة.
• يسهل على المعلم مراقبة (monitoring) عمل الطلبة وتزويدهم بالتغذية الراجعة التصحيحية الفورية (Immediate Feed back).
• شعور بعض المعلمين بالراحة في إدارة نظام التساؤل (Questioning system) إذ تزداد فرص اشتراك الطالب الواحد في هذا النظام مما لو كان ضمن مجموعة كبيرة.
• تعالج مشكلات الطلبة الخجولين والانسحابيين بدرجة أكبر.
• تتوفر لدى المعلمين الفرصة المناسبة للتدريب والإعداد لمهمات تعلمية صفية بدلاً من التعليم، وتزداد فرص التوجيه المناسب أمام المعلم.
• شعور المعلمين بالدرجة العالية لمسؤولية تعلم الطلبة، وسعيه الكبير نحو إتمام الواجبات والمهمات التي حددها لنفسه في تنفيذ النشاطات الصفية التعلمية.
أما النتائج التي أظهرها بعض الباحثين في حجم الصف فقد اختلفت ولكن نتائج البحوث قد أكدت نتيجتين:
نتائج ............ 1. اتجاهات أكدت حجم الصفوف الصغيرة واستعرضنا في السابق مزايا الحجم للصف. 2. اتجاهات لم تؤيد النتائج السلبية للصفوف ذات الأحجام الكبيرة. |
وقد كانت اعتبارات الباحثين في الدفاع عن الصفوف ذات الحجم الكبير هي:
* أكثر تمثيلاً للحياة الواقعية، وبذلك يتم نقل الصف إلى جو طبيعي واقعي، كما هو في الحياة. * تزداد فرص التعارف بين الطلبة الأكثر عدداً. * تشجيع الطلبة على ممارسة التفاعل مع عدد كبير من الطلبة والتفاعل بدون حدود. * تزداد من الأدوار الاجتماعية التي يمكن أن يلعبها الطالب. * نشاطات المعلم التعليمية نفسها في حجم الصف الصغير أو حجم المعلم الكبير، وخاصة المعلمين الذين يقدسون نظام المحاضرة والشرح والتلقين. * تسهم الصفوف الكبيرة إلى زيادة مهارة المعلم في إدارة المجموعات الصفية الكبيرة، وتزيد من ثقته بنفسه. في النهاية إن لكل نظام مزايا، ولكن ما نحقق أهداف التعليم الذاتي والنمو والتطور الشخصي والاجتماعي تكاد تكون الصفوف الصغيرة الحجم هدفاً سامياً. |
أسس قيادة المجموعة الصفية:
إن تنظيم الأفراد والمجموعات الصفية من المهمات الضرورية لتوفير مجموعات متماسكة متعاونة، يسودها نظام وأسس راسخة ثابتة في إدارة المواقف والتغيرات التي تتطلبها المهمات التعلمية المختلفة، ويتوقع من المعلم أن يحافظ على دوره القيادي لاستمرار، وضمان سلامة النسيج البشري في غرفة الصف، وسلامة تنظيم البيئة لتنفيذ مخططات المعلم، ويحقق الطلبة وفقه النتاجات المرغوبة.
يفترض في هذا الجو أن يظهر المعلم أدواره القيادية في إدارة النشاط، حتى تكون عملية تفويض الأدوار، والأنشطة فعالة، ويقدر الطلبة أهمية ما ينفذون من نشاط، وأهمية احترام المعلم لوقت الطلبة، وضمان استمرار اندماج الطلبة في التعلم والحرص على توفير الجو المناسب لذلك.
التركيز على ............. تشكل مجموعات الصف: * تركيب المجموعة الصفية. * مشكلة ازدحام الصف وإدارته. |
تركيب المجموعة الصفية: Classroom Group Structure
يسود المجموعات الصفية أنماط من التنظيم الذي يعكس التماسك والمواقف الإيجابية وتسمي بالمجموعات الفعالة (Effective group)، وتظهر تنظيمات أخرى، إذ ينقسم الطلبة إلى مجموعات متعارضة أو مجموعات مسيطرة مستبدة، وظهور بعض الطلبة المنسحبين أو المنعزلين وتسمى بالمجموعات الأقل فاعلية (Less effective group).
ويلعب المعلم دوراً تنظيمياً حينما يقوم بتنظيم المجموعات لكي يتحقق التماسك بين أفراد المجموعات ضمن النظام الصفي، ويتم ذلك عن طريق توفير الخبرات المشتركة، وتقليل المنافسة السلبية، وتوعيتهم لزيادة ممارسة السلوكات الاجتماعية، ومساعدة كل طالب في الصف التعرف على الصف ككل.
مشكلة ازدحام الصف وإدارته:
نظراً للعوامل الاقتصادية في كثير من الدول النامية، وعدم توافر الموارد المادية، يجعل كثير منها تتبنى إجراءات زيادة أعداد الطلبة في الصف حيث يزيد عدد الطلبة عن خمسين طالباً، مما جعل الدول تتبنى نظام الفترات الدراسية الصباحية والمسائية.
وظهر نظام غرفة الصف المزدحمة جراء الأسباب السابقة، وهي غرفة الصف التي تضم عدد الطلبة أكبر مما سعتها، بمعنى أن لا يتوافر فيها الاتساع المناسب الذي يحتاجه الطالب لممارسة ألوان النشاط التعليمي الذي يميل إليه ... ولا تسمح للمعلم بالحركة، وتنظيم خبرات التعلم، والإشراف على الطلبة وتوجيههم.
إن مثل هذا النوع من الغرفة الصفية المزدحمة تشكل معوقاً يؤثر في أداء التعلم المناسب والتحصيل، والتفاعل والانضباط الصفي، كما يؤثر في توفير الفرص المناسبة التي يتطلب أن يحصل عليها الطلبة لتحقيق عوامل النمو، والتعلم والتكيف المناسب.
مشكلة .......... ليس أمام المعلم خيار في تقبل ازدحام الصف، ويتوقع منه تقبل هذا الواقع، والتعامل معه بصورة إيجابية، أليس هذا أفضل من أن يترك عدداً من هؤلاء الطلبة للشارع ليقوم بمهمة التربية، ويحولهم إلى أطفال شوارع ...... ؟ |
معالجة مشكلة الازدحام الصفي:
إن بعض المعالجات هي بمثابة إجراءات ترقيعية (patching) تكيفية لواقع يتضمن مشكلة إذ أن الحل هو توفير غرف صفية مناسبة، ولكن حين يتعذر ذلك فمن الممكن القيام بعدد من الإجراءات الصفية الملبية لذلك:
إجراءات معالجة الازدحام: أولاً: تبني فكرة التعلم الذاتي (Self – instruction) وتفريد التعلم. ثانياً: استغلال مرافق المدرسة في توسيع غرفة الصف، وتوزيع الطلبة لممارسة ألوان جديدة من خبرة التعلم ونشاطاته، والاستفادة من مرافق المدرسة إذا كانت غير مشغولة. ثالثاً: التركيز على فكرة تعلم الطلبة، كيف يتعلمون، وتعلمهم مهارات الاستغلال في التعلم والاعتماد على مصادرهم الذاتية ما أمكن. رابعاً: تفعيل استراتيجية تعلم الأقران (Peer – tutoring) الطلبة المتفوقون يساعدون الطلبة الآخرين، في حين يتفرغ المعلم لمجموعة أخرى. خامساً: تبني فكرة المرونة في تنظيم المقاعد في غرفة الصف بصورة يزيد من اتساعها، وتلبية متطلبات التعلم. سادساً: توظيف فكرة النشاطات النهجية اللاصفية والتوسع في استخدامها والتركيز على البيئة كمكان للتعلم. سابعاً: التأكيد على التعلم القائم على المجموعات المختلفة العدد من مثل التعلم الرمزي، أو العمل في مجموعات صغيرة. ثامناً: مرونة الجدول المدرسي (دانهيل، 1983) |
النتائج السلوكية الصفية للازدحام:
أن الازدحام عموماً يمكن أن يولد مشكلات سلوكية وفق الظروف أو السياقات العادية الصفية وغير الصفية والافتراض الذي يسند هذا التوقع يذهب إلى نوعية التفاعل بين الأفراد أو الطلبة.
افتراض ..... إن المشكلات السلوكية المتسببة عن الازدحام المكاني مردها أن المكان المحدد لفرد يشغله فردان أو ثلاثة أفراد، وزيادة الأفراد يترتب عليه زيادة الاحتكاك المقبول وغير المقبول، وزيادة الأفراد يترتب عليه تفاعل واحتكاك خصائص شخصية متقاربة أو متضاربة تتطلب مرونة، أو تسامحاً، أو تفهماً وقد لا تتوفر هذه الخصائص عموماً .... |
فالازدحام مشكلة حضارية، تتضح فيه الخصائص، وتنتهك فيه حق الخصوصية، وتذوب فيه الأهداف المحددة، ويقل التركيز الذهني، مع أن فيه بعض المزايا من مثل التدريب على سلوك حل المشكلة السريع، والتنوع في العلاقات، والغنى في التفاعلات بغض النظر عن نتائجها.
والازدحام يحقق نتاجات متدنية، فبدلاً من أن تتحقق 90% من الأهداف يكتفي المعلم بتحقيق 50% من الأهداف. والمبرر وراء ذلك أن الشيء القليل أفضل من لا شيء.
مقولة .......... قالوا قديماً: الريحة ولا العدم ...... |
الزمن والتعلم (Time and Learning)
إذا لم يقض الوقت المناسب على المهمة التعليمية فلا يحدث تعلم، إذ يحدد التعليم في أحد جوانبه المهمة مقدار الزمن الذي يخصص لمهمة يراد تعلمها.
يفترض كارويت (Karweit, 1981) إنه كلما زاد الوقت الذي يصرف على موقف التعلم كلما زاد التعلم ونواتجه، وفي المقابل كلما طال اليوم الدراسي في المدرسة كلما أدى إلى تعلم أعمق وأدوم، وأكثر تكاملاً (Karweit and Slavin, 1981). هذا يتضمن أهمية صرف الوقت في التعلم، وطول اليوم الذي يقضي في المدرسة، ويكون هدفه التفاعل مع الأنشطة المختلفة والمتعددة.
دراسة حالة: وقت الصف ......... يدخل المعلم حسان إلى الصف، الساعة (11) صباحاً، يتأكد المعلم أن الطلبة يجلسون في أماكنهم، تصحيح شكل المقاعد، التأكد من الحضور والغياب، تغيب سعيد، من يعرف منكم لماذا تغيب سعيد؟ يجتهد الطلبة الأسباب عادة، أرجو أن يذهب أحدكم للتأكد من سلامة سعيد. يعطس خالد، يقول له المعلم: يرحمكم الله خالد: أنا لم أعطس يا أستاذ. المعلم: بلاش، أنسى (وليس مع خالد محرمة ليمسح أنفه) يتناول المعلم محرمة من جيبه، ويعطيه لخالد. خالد: أنا معطستش يا أستاذ، ويأخذ المحرمة. المعلم: أريد منكم أن تظهروا بمظهر أحسن. افتحوا كتاب اللغة العربية، عدد من الطلبة لم يحضروا كتبهم اقرأوا مع زملائكم. خالد: لماذا لغة عربية يا أستاذ. المعلم: هكذا البرنامج أليس معك البرنامج. حلوا التمرين الأول. جمال: أستاذ ليس معي قلم. المعلم: خذ من جارك. جمال: زميلي ليس معه براية .... الساعة الآن (11.20) المعلم: يقرأ فقرة تتعلق بالتمرين الذي طلب من الطلبة حل التمرين الذي يتعلق بذلك ... من يقرأ بعدي. طالب يقرأ، يتعثر، يضحك الطلبة. المعلم: لماذا تضحكون هل كلكم علماء عدا الطالب الذي قرأ؟! يقرا المعلم الفقرة مرة أخرى. طالب آخر: أستاذ أتساءل: نحن لم نعرف كيف نقرأ الفقرة، فكيف تريد منا حل التمرين؟ المعلم: طلبت ذلك حتى تتحسن قراءتك، وتزدادوا تدريباً، من يقرأ بعدي ...؟ الزمن: (11.35) مطلوب منكم في الحصة القادمة غدا أن تقوموا ............ يحدد المعلم التعيينات لليوم التالي .......... |
ملاحظات ......... * ألا تلاحظ كم استغرق وقت التعلم؟ * بماذا استنفد وقت التعلم؟ * ما هي الإجراءات التي استهلكت وقت التعلم؟ * هل فكرت كم دقيقة يستغرق التعلم عادة بعد حذف الزمن الذي يصرف في الإجراءات، الترتيبات، التعليمات؟ |
كيف يمضي الوقت؟
في أحد الصفوف النموذجية، أجرى كارويت وسلافين (Karweit and Slavin, 1981)، دراسة ملاحظة للأحداث الصفية التعليمية، من قبل معلمين جادين، متحمسين، وطلبة ذوي تحصيل عال، وقد لاحظ عدداً كبيراً من الأنشطة تقلل من وقت تعلم الموضوع وقد أمكن تحديد الزمن التعليمي في درس رياضيات في الصف الثاني عشر توصلوا إلى التمثيل البياني التالي:
أمكن تحديد الزمن المنقضي في مهمات التهيئة لموقف التعلم وليس للتعلم نفسه، في أحسن الأحوال، وأكثر الحالات النموذجية، أمكن تحديد النشاطات التي تسبق التعلم الحقيقي في الدراسة السابقة وهي:
• النشاطات اليومية.
• الانشغال بالحضور والغياب.
• التأكد من جلوس الطلبة في أماكنهم.
• التفتيش عن نظافة وترتيب الطلبة.
• حفظ النظام وتأكد من وجوده.
• التأكد من إحضار الطلبة للكتب.
• التفتيش عن الوظائف البيتية.
• بري أقلام الرصاص، وإعداد الأقلام للعمل والكتابة.
تحد ....... التحدي الرئيس أمام المعلم في هذا المجال هو إيجاد الإدخالات التي تزيد من وقت التعلم الصفي، وتقلل من الإجراءات السابقة لذلك. |
أما مصادر إضاعة المعلم للوقت التعليمي فقد أمكن رصدها وإليك بعضاً منها:
• تجنب المعلم إعطاء درس جديد في نهاية الأسبوع قبل العطلة.
• شعور المعلم أن ذلك اليوم سيئ، وليس لديه الميل للتعلم.
• تجنب المعلم إعطاء درس جديد بعد العطلة مباشرة.
• حدوث أحداث مفاجئة يغيب فيها بعض الطلبة بصورة ملفتة.
• إجراءات إدارية صحيحة، أو حملات توعية .... أو غير ذلك.
يلمس بعض الطلبة أن المعلمين غير جادين في تعليمهم، ويحرصون أن يجدوا الأعذار لعدم التعليم ... فيتعلم الطلبة أن وقت التعليم، وعملية التعليم غير جدية، يهمل بعض المعلمين في التخطيط الدقيق لها (Slavin, 1986, 391).
تخصيص وقت التعلم والتعليم:
يذكر أحد المديرين في مدرسة من مدارس هيوستن الأمريكية للمعلمين في المدرسة:
إذا لم تعدوا خطة للدرس لطلبتكم، فإنهم سيعدون خطة درس لكم .........!
وما يمكن استخلاصه من هذه العبارة، إذا لم يعد المعلمون خطة لدروسهم، ويكونوا مستعدين جيداً لتنفيذ خطتهم، فإنهم سيفقدون عمليات الضبط، وحفظ النظام، وتنفيذ خططهم العشوائية.
أفادت معلمة حينما سألت لماذا فشلت في ضبط وإشاعة النظام في صفها، بأن طلبتها لم يكونوا كسالى، أو سيئين، ولكنها هي التي تفتقر إلى أساليب الضبط والنظام الصفي، وإضاتها لكثير من وقت الصف في نشاطات كان يشعر فيها الطلبة قلة الفائدة والأهمية.
وإنها هي التي لم تحدد لطلبتها القواعد المحددة، والزمن المحدد، وليقوم الطلبة ببعض الأنشطة والتعليمات في الإعداد، والتجهيز من مثل بري الأقلام، وإحضار الكتب، والجلوس في المقاعد، بعض سلوكات الطلبة الخاصة.
ويعتبر سلافين (Slavin, 1986, 392) مصطلح الوقت المخصص مرادف لوقت التدريس، وهو الوقت الذي تخصص فيه الفرص للطلبة للتعلم، وأن تحدد ما يقوم به الطلبة من أنشطة من مثل حل تمارين، التدريب على مهارة أعمال كتابية، التعلم بالعمل هي إجراءات تسهم في استغلال الوقت، وزيادة إمكانات استثماره من قبل الطلبة.
تجنب البداية المتأخرة، والنهاية المبكرة للدرس:
إن التأخر في البداية ينقل إلى الطلبة عدم الاهتمام، وعدم وجود خطة محكمة منظمة دقيقة تم فيها تحديد كل نشاط وإن البداية المحددة المبكرة في وقت الدرس المحدد يجعل الطلبة يشعرون بأن الدرس وحدة مستقلة مخططة يسعى فيها المعلم إلى تحقيق أهداف مرصودة وأن أي إخلال بوقت البدء أو وقت الانتهاء يخل في استقلالية كل درس وتخطيطه على صورة مستقلة متتابعة، يحرص المعلم على استمرارها ومتابعتها.
كما أن البدء بمشاكل الطلبة المتأخرين، أو من لهم مشاكل يمكن أن يقلل الدافعية في السير في التعلم الصفي، أو يشتت انتباه الطلبة بالموضوع الذي يراد عرضه وتقديمه، والدرس الذي يبدأ بفوضى وتشتت فإنه ينتهي بالشكل نفسه الذي بدأ به.
وإن التأخر في بدء الدرس يترتب عليه تعود الطلبة الحضور إلى الصف متأخرين أيضاً، مما يمكن أن يزيد من مشكلة صعوبة بدء الدرس.
إن هذه الإجراءات تقلل من الوقت المخصص للتعلم عموماً، فبذلك يقل وقت التعلم، ويطور مشاعر الإهمال لدى الطلبة، والحل لهذه المعضلة يكمن في التخطيط الدقيق للتدريس، وتحديد الوقت للإجراءات والأنشطة بدقة يضمن زيادة وقت التعلم، ويقلل من مشاكل النظام وإدارة الصف.
تجنب مقاطعة الدرس (Avoid Interruptions)
تتحدد مقاطعة الدرس، بدخول الأذن لطلب ورقة، دخول معلم آخر يطلب طالباً، تمرير ورقة تعميم من مدير المدرسة، أو دخول المدرسة في أي وقت، أو توقيع تقارير، أو دخول طلبة يبحثون عن شيئ ما، طلب الطلبة عصا، طبشورة، مسطرة، مقعد، ممحاة .... إلخ.
إن هذه المقاطعات تخل النظام في الصف، وتقلل انتباه الطلبة للإجراءات التعليمية ومواردها، ونظراً لمعاناة المعلمين المنتمين لمهنة التعليم، ومصلحة الطلبة، فقد أبدعوا حلولاً لذلك، وقد انبثقت هذه الإجراءات الوقائية وفق الثقافة الأمريكية التي نتمنى انتشارها في الصف العربي لتقل الفوضى، وتقل المقاطعات التعليمية الصفية، وتزداد الإجراءات البنائية وإليك أمثلة منها:
• يضع المعلم ملاحظة على ورقة بخط أحمر على الباب من الخارج كتب عليها "... لا تزعج التعلم مستمر ............."، يعني بهذه الملاحظة عادة الطلبة المتأخرين عن الدرس.
• يضع المعلم على رأسه قبعة خاصة يتعامل مع مجموعة صغيرة تعني أنه منهمك في العمل مع تلك المجموعة فيرجو عدم التدخل أو الإزعاج لهذه المجموعة.
• معلم آخر يتجنب صفة إعطاء قوانين وتعليمات، أو إجراءات كالسابقة، وإنما تضمن إجراء وضع صندوق يكتب عليه اسم المعلم والمادة، وملحوظة: عزيزي الطالب، اكتب أي سؤال تريد معالجته ومناقشته مع المعلم بعد الانتهاء من الحصة.
• معلم آخر يضع لوحة معلقة على الباب الخارجي كتب عليها لا تنزعج فنحن متأخرون عنك، تفضل بالدخول واستمر بالسير بإجراءات النشاط ولا تقاطع، وسيتم إكمال نشاطاتك في آخر الدرس .... وشكراً
ممارسة الإجراءات الروتينية بسرعة وتنظيم:
إن غياب الإجراءات الصفية ووضوحها في ذهن المعلم يؤخر سير إجراءات الدرس بسلامة، وروتين دقيق، وقد يكون مرد ذلك الافتقار إلى الخبرة، أو تسجيل الملاحظات للمشكلات التي يواجهها.
والمعلم معني بأن يحدد إجراءات الصف، والبدء، والانتهاء، والدخول، والخروج دون الحاجة إلى ترديد التعليمات وتكرارها، بحيث تتم هذه الإجراءات في بضعة ثوان، والمعلم معني أكثر من غيره بأن يحدد ثوابت القوانين، والإجراءات، والتعليمات، بحيث تصبح واضحة في أذهان كل الطلبة في الصف.
إن وضوح هذه التعليمات والتأكد من وضوحها في أذهان الطلبة يساعدهم على تطوير قيم النظام، والالتزام، والطاعة لتعليمات وإجراءات روتين الصف، ويذكر المعلم بها بين الآونة والأخرى حتى تترسخ لديهم، لأن وضوحها يسهل التعامل مع الطلبة، ويسحب العوامل المنفرة من موقف التعلم، وتزيد من إيجابية الطلبة، وتحسن العلاقة بين المعلم والطالب، وبين الطلبة أنفسهم ويستطيع المعلم الماهر المتدرب بدقة على إدارة الصف استغلال قدرات الطلبة، واستعداداتهم للمشاركة بالإدارة الصفية من مثل الحضور والغياب، والتأكد من انتظام المقاعد، ونظافة غرفة الصف والسبورة، وانتظام المواد، ويقوم المعلم عادة بتبديل الطلبة بين الحين والآخر لإتاحة الفرصة أمام الطلبة المختلفين في الإسهام في إدارة الشؤون الروتينية الصفية، وتحويل الصف إلى مؤسسة تشاركية يغار كل من فيها على أملاكها ونظامها وانضباطها، وإنتاجها.
اختصار الزمن المنقضي في النظام:
تعتبر قضية توطيد النظام في الصف أحد القضايا المهمة في سلامة التعلم الصفي. إذ لا يحدث تعلم بدون نظام.
إن انتشار الفوضى، واختلاط التعليمات، وسوء فهم وتنفيذ التعليم بطريقة خاطئة يعيق شيوع النظام، والانضباط وتدني فرص السيطرة النظامية التي تقدم وفق نسقها المعرفة المفيدة النافعة التي تصل إلى الطلبة.
وصية معلم ..... إن النظر في أعين الطالب المسيء للسلوك، تكفي لإسكات السلوك الخاطئ، وأن إشارة بوضع الأصبع على الشفتين للطالب المسيء تحقق ثمناً يستحق أن يصمت الطفل مقابلاً لها، فالطالب المشاغب لا يطلب ثمناً غالياً حتى يسكت، على أن يفهم المعلم، ويستحضر خبرته المناسبة لصرف الثمن المناسب بأقل جهد ووقت ممكن ... تعلم عزيزي المعلم أن تفهم ما هي الإشارات السحرية التي يقبلها الطالب ثمناً لإيقاف شغبه!! |
يعمد بعض المعلمين إلى إنزال العقوبة بالطلبة الآخرين من أجل الطالب السيئ .. مع أن هذا إجراء يعمد إليه من يتبنى فرضية كبش الفداء "حط رأسك بين الروس وقول: يا قطاع الروس ..." فيقبل الطلبة الآخرون الإساءة تكريماً لزميلهم الذين تعهدوا على أن يشاركوه في المركب وله ما لهم، وعليهم ما عليه.
أما إذا شعر المعلم أن هناك حاجة للتحدث عن النظام أو بحاجة للتحدث عن بعض المشاكل السلوكية الناتجة عن طرق التعليمات، يقوم المعلم بالطلب إلى الطلبة التأخر بعد انتهاء الدرس ويقوم بمناقشة ذلك معهم، أو يحدد معهم موعداً للمناقشة بهذه القضايا حتى يعمل على حفظ الوقت والنظام في التعلم الصفي (Slavin, 1986, 393).
نتيجة دراسة ..........
هناك علاقة بين تحصيل الطلبة والزمن الذي ينقضي في التفاعل مع المعلم (Soar, 1973)
الاستغراق في التعلم (Engaged Time):
ويقصد بذلك الوقت الذي يقضيه المتعلم في الانهماك في وقت التعلم أو وقت العمل على المهمة (Time on task).
وهو الوقت الذي قضيه المتعلم كفرد وما تحدد له في العمل على مهمة محددة. والفرق بين الوقت المخصص للتعلم (allocated time) ووقت الانهماك في المهمة الفردية (Engaged Time) يكمن في أن الوقت المخصص يتعلق بإتاحة الفرصة لكل طلبة الصف للاشتراك في النشاطات الصفية، في حين الاستغراق في التعلم يعني الطالب بمفرده محدداً بحماس الطالب، ومثابرته، ورغبته، واهتمامه للعمل.
إن تقديم الاستراتيجيات المناسبة لزيادة إصرار الطالب ومثابرته للاندماج في مهمة التعلم ضمن التعلم الصفي، تشكل متطلباً، ومهمة ضرورية لمعالجة أحد جوانب الفوضى الصفية وإشاعة النظام الصفي التعلمي.
ويمكن تحديد الاستراتيجيات المناسبة في تفصيل الزمن الصفي لكل طالب بمفرده من خلال عمليات الاندماج التعليمي الصفي هذه الاستراتيجيات كالتالي:
الاستراتيجية الأولى: الإبقاء على القوة والسلاسة في التدريس:
الإبقاء على الانهماك في موقف التعلم من قبل المتعلم، يشكل مهمة تعليمية صفية أساسية لتلبية أحد التحديات التي يواجهها المعلم المعاصر. والإبقاء على الانهماك بقوة والاستمرار متطلباً، ويشير مفهوم القوة (momentum) تجنب القيام بأي نشاط، أو أي إجراء يمكن أن يسهم في المقاطعات أو إبطاء عمليات الانهماك في التعلم الصفي (Kounin, 1970)
فمثلاً من الممارسات التي تضعف قوة الانهماك لدى المتعلم الذي يعمل على مهمة ما، مثل كتابة موضوع في التعبير، أوكتابة ورقة أو تقرير:
• مكالمات تليفونية.
• دق أحد الضيوف على الباب.
• دخول أفراد الأسرة أو خروجه بحجة من الحجج.
• شاي، قهوة، تكرار المشروبات.
إن إيقاف هذه المقاطعات لاستمرار النشاط يعمل على استمرار القوة في الانهماك في موقف التعلم ... وإن استمرار هذه المقاطعات تعمل على دمج عمليات التركيز الذهنية والتقدم في استغلال الوقت.
ويذكر كونين (Kounin, 1970) مثالاً لممارسات أحد المعلمات أثناء قيامها بالتدريس قامت بسلسلة من الممارسات مثل:
• مناقشة طالب أوضاع قلمه والطلب إليه بالبحث عنه.
• الاستمرار في البحث علناً عن قلم آخر وسؤال الطالب عن أوصاف قلمه.
• الطلب إلى الطالب الذي أضاع قلمه أن يبحث عنه بين كتبه.
• وعده بأنها ستحضر له قلماً غداً .....
استغرقت هذه الإجراءات ما يزيد عن خمس دقائق.
توقف الطلبة الآخرون عن العمل، فقد بعضهم الدافعية بالاستمرار استغرق بداية العمل من جديد بضعة دقائق. وبذلك تحطمت قوة (momentum) العمل أو الاستمرار به.
لخص كل من بروفي وافيرتسون (Brophy and Everston, 1976) العلاقة بين القوة في الاندماج في المهمة والتحصيل، وإن ضمان الأنشطة واستمرارها يرتبط بالدافعية، وتقليل من المنشآت والمقاطعات أثناء الاندماج في المهمة.
إن مفهوم السلاسة (Smoothness) مفهوم يستخدمه كونين (Kounin, 1970) لكي يشير إلى استمرار التركيز على التتابع ذي المعني بالتدريس، يتجنب التدريس السلس القفز من الموضوع إلى الموضوع الآخر أو من أنشطة وأخرى، ومن أمثلة القفز غير السلس، هو السير بإجراءات توضيح مهمة، يطلب فيها من الطلبة تعريف مفاهيم ليس لها علاقة بالمهمة، أو طرح سؤال لا يفهم الطلبة علاقته بالمهمة.
ولاحظ كونين أن القوة والسلاسة عاملان مهمان في دفع الطالب العمل على المهمة والاستمرارية في العمل عليها. وارتبط تأثير هذين العاملين المتداخلين على تحصيل الطلبة كما أوضحه بروفي وأفيرتسون (Brophy and Everston, 1976).
الاستراتيجية الثانية: معالجة الانتقال (Managing Transition):
إن معالجة قضية الانتقال من قضية لأخرى هي إحدى مصادر التشتت، وتمزيق النظام في التدريس الصفي، وقصد سلافين (Slavin, 1986, 395) بمعالجة الانتقال. الانتقال من نشاط لآخر، من إعطاء محاضرة إلى الطلب إلى عمل كتابي، من موضوع لآخر، وفي الانتقال تتمزق الإدارة الصفية لتصبح أجزاء متناثرة، وأكد أندرسون وزملاؤه (Anderson, et al., 1979) وأفيرتسون وزملاؤه (Everston, et al., 1980) أن حسن إدارة الانتقال والكفاءة فيها بين ما يقدم المعلم من أنشطة ترتبط إيجابياً بتحصيل الطلبة.
يمكن تحديد ثلاث قواعد تتعلق بإدارة التنقل (Management of Transition) وهي:
الأولى: حينما يريد أن يقوم المعلم بالانتقال من موقف أو موضوع لآخر أن يعطي الطلبة إشارة واضحة يفهمها الطلبة، واعتادوا الاستجابة لها (Arlin, 1979).
الثانية: قبل أن يقوم المعلم بالانتقال إلى موضوع آخر ينبغي أن يكون الطلبة متأكدين من فهم ما سيقومون به قبل أن يعطوا الإشارة للنقل، وأن يتأكد أن كل طالب مستعد لذلك.
الثالثة: اجعل النقل لجميع الطلبة معاً في وقت واحد.
يتوقع من المعلم أن يتأكد من أن كل طالب قد فهم، وتوفر لديه الاستعداد للانتقال، ولديه القدرة على أن ينتقل إلى ممارسة نشاط جديد، ولديه القدرة على البدء به فوراً.
ويمكن أن يتم تحقيق تلك القواعد السابقة لدى الطلبة، حينما يكون الطلبة مستعدين، وحينما تنقل إلى الطلبة تعليمات واضحة محددة مفهومة، قابلة للعمل والتنفيذ، وتجنب إدخال أية معلومات أو تعليمات حتى يتأكد المعلم من استعداد الجميع على ممارسة ذلك.
الاستراتيجية الثالثة: المحافظة على تركيز المجموعة على الانتباه للدرس:
ينصب اهتمام هذه الاستراتيجية على استراتيجية تنظيم الصف والتركيز على أساليب الأسئلة والتساؤل لجعل الطلبة مندمجين في موقف التعلم.
حدد كونين (Kounin, 1975) قضيتين هامتين من أجل الاستمرار والمحافظة على انتباه الطلبة والاستمرارية في النشاط التعليمي وهما:
أولاً: زيادة يقظة المجموعة ووعيها (Group alerting):
استخدام كونين مفهوم المسؤولية لدى الطلبة، والمعلم معني بتدريب الطلبة على تبين المسؤولية في أداء النشاط (Kounin, 1975, P. 119). ويقوم المعلم جراء ذلك بالتجول بين الطلبة للتأكد من أداء كل طالب، ويقوم أيضاً بلفت نظر المجموعة بين الآونة والأخرى للاستماع إلى جواب زميله من الطلبة ثم يعيدهم للاستمرار في أعمالهم الفردية.
إن هذا الإجراء يضمن له التأكد من استمرار الطلبة في تحمل مسؤولية أعمالهم، وإشعار الطلبة بأنهم دائماً هدفاً لمراقبة المعلم، واستمرار متابعته لأعمالهم، والتأكد من استمرار متابعتهم لكل أجزاء الدروس ووقته.
توجيه ...........
تجنب عزيزنا المعلم أن تجعل طالباً واحداً يؤدي مهمة طويلة أمام الطلبة ... لأن ذلك يشتت انتباه الطلبة، ويضعف الدافعية لديهم للاستمرار في متابعة أعمالهم الفردية ... إذ ليس لديهم عمل يتعلمونه بينما يؤدي الطالب الذي عينه ليعمل.
إن التأكد من تنفيذ هذه الاستراتيجية بفعالية أمر مهم ويجعل الطلبة وكأنهم كلهم يقفون على طرق أصابع أرجلهم مستعدين للعمل ومنفدين لتحقيق ما يطلب منهم.
كما أن على المعلم أن لا يستخدم اسم طالب محدد في الصف في سياق مسألة أو مشكلة ذلك يجعل طالباً واحداً فقط هو المعني بذلك، ويصرف انتباه الآخرين عن التركيز في المسألة المطروحة.
ثانياً: المعية (With – it – ness):
وهي الدرجة التي يكون فيها المعلم داعياً لأية استجابة أو أية إشارة يصدرها الطلبة، وتتطلب هذه الاستراتيجية أن يكون للمعلم عينين في قفا ظهره من أجل ضبط كل مايحدث في الصف ويحددها كونين بأنها (Having eyes in the back of ones head)
طيلة وقت المشاركة:
إن استمرار مشاركة إحدى الطلبة، واستغراق لتوضيح أفكاره فترة طويلة يجلب الملل والتشتت لدى الطلبة الآخرين.
تفترض النظرية النفسية أن لكل مجموعة عمرية خصائص نمائية تحدد فترة انتباههم .. فالمعلم معني أن يعرف مدى انتباه كل مجموعة عمرية حتى يراعيها حين يكلف أحد الطلبة في المشاركة الصفية.
الاستراتيجية الرابعة: المحافظة على تركيز المجموعة الصفية أثناء العمل الفردي:
يعني المعلم في هذه الاستراتيجية أن يراقب الطلبة أثناء عملهم والاستمرارية في ذلك، ويتوقع منه أن يتجول بين الطلبة، إذ أن هذا الإجراء يساعد الطلبة على تحديد مشكلاتهم، ويقلل من انشغالهم في ممارسة الأخطاء وإضاعة الوقت بها والوصول إلى حالة الإحباط لما يصادفون من فشل في أدائهم فيكون المعلم قد حمى طلبته من الفشل وجنبهم هذه الخبرات (Slavin, 1986, 397).
إن المعلم معني بتقديم التوجيه المناسب للطلبة أثناء عملهم الفردي، وهو معني بمقاومة الاندماج في العمل مع طالب محدد، وإن نيته لإشراك معظم طلبة الصف في التفاعل أثناء العمل الفردي من وقت لآخر للمحافظة على استمرار الإمساك بلجام الضبط.
لأن اندماج المعلم مع أحد الطلبة لفترة طويلة يضيع زمام الضبط والنظام الصفي لهذه المهارة يوقع في أخطاء الضبط والفوضى، لأن المعية تتطلب الاستجابة الفورية من المعلم لحظة وقوع الخطأ، ومعالجة الخطأ الفورية تحسن سير نظام الانضباط الصفي، والانضباط الذاتي لدى الطلبة كذلك.
إن تأجيل معالجة السلوك السيئ، يمكن أن يسمح بظهور مرتبات سلوكية سيئة أخرى، ويضخم الأثر السيئ على النظام في الصف، وتقلل الفرصة من أمام الطالب أن يصحح نفسه، ويعدل أداءه أو تعلمه. وقد يولد حالة عدم الاتسامة في ضبط المعلم لسلوك الطلبة، وعدم قدرته على المتابعة، وهذه الظروف الصفية يمكن أن تولد طلبة آخرين لديهم دوافع كافية للشغب أو مصادرة إظهار سلوكات سيئة أخرى.
أكد أندرسون ورفاقه (Anderson, et al., 1971) أن معية (Withit) المعلم توفر ظروفاً جيدة لزيادة تحصيل الطلبة وفعالية المعلم في إدارة صفه.
الاستراتيجية الخامسة: التداخل (Overlapping)
يشير مفهوم التداخل إلى قدرة المعلم على الانتباه لمشكلات السلوك التي يقاطع بها الطلبة الدرس أو أية نشاطات صفية أخرى.
ومثال ذلك حينما يكون المعلم منهمكاً بعرض قطعة للفهم، ولاحظ أن طالباً يفتح كتابه الذي طلب منه إغلاقه، فذهب المعلم إلى الطالب، وأخذ كتابه وأغلقه، ووضعه في المقعد، وعاد المعلم إلى الاستمرار في نشاطه التدريسي.
في المثال السابق قام المعلم بمعالجة السلوك السيئ دون إضعاف قوة لحظات التعلم أو إجراءات الصفية لدى الطلبة الآخرين، إذ لم يتسنى لهم ملاحظة أي إجراء.
المرجع:
كتاب : إدارة الصفوف الأسس السيكولوجية ، تأليف : أ. د يوسف قطامي ، د. نايفة قطامي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع – عمان، الطبعة الثانية، لعام 2005 – 1425 .