تمهيد
إن دور المعلم العلمي الأساس في الطريقة العلمية هو التدريس، ولكن لدى الكثير من المتقدمين على عرض الكتاب الجامعي باستخدام السبورة، حيث يعتمد دور المعلم على تنظيم المادة ولقائها إلى الطلب بترتيب منطقي، في حين لا يدع الطالب في غياب المعرفة وتعرف الإجابات الصحيحة من خلال تطوير مهارة الحفظ والاسترجاع. في ظل هذا الفكر الضيق، هناك حاجة إلى تغيير وجه تطوير نموذج المجال لطرح أفكار التداول بسرعة تفعل دور المعلم الجديد في مهارات مختلفة. إذ أصبح دور المعلم في تنمية جوانب النمو المختلفة لدى الطالب سؤال، فمن الأسئلة المهمة التي تثار في هذا المجال: إلى أي مدى يمكن أن يكون التعلم قائماً على المعلم؟ لأي مدى يمكن أن يكون التعلم قائماً على الطالب؟ وما نسبة الذكاء التي تعتبر مكرسا للحقائق، أو للاتجاهات، أو للاعتقاد بالمهارات؟ وكيف يمكن أن يكون التعلم إيجابياً أكثر من أن يكون سلبياً؟ وكيف يمكن ربط التعلم الصفي غريب خارج الصف؟ ومن يمكن أن تكون حصة الدرس محضرة ومبرمجة بالصورة التقليدية؟
إن الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها تنتهي إلى نطاق واسع في اتجاه المعلم إلى بناء نشاطات تعلم التعلمية يؤدي الطالب إلى التفاعل مع المعرفة بشكل إيجابي من خلال جذبهم وإثار دوافعهم ومايولهم بتوظيف نشاطات لمستوى قدراتهم وإمكانياتهم، وتوافق في نفس الوقت مع النتائج التربوية رياضي المعلم إلى تحقيقها .(Brown & Atkins, 1988; Kyriacon, 1986) . وتمثل طريقة تمثيل الفرق من المدعين في المحاكمة بوضوح والتي تعتمد على الطالب ويامه بتعلم نشط من خلال تطوير مهاراته الإبداعية والإدراكية والشخصية من خلال مثل يمتلك مهارات الاتصال بتأثيره في تطوير الدعاوى القضائية بروح الفريق على الرغم من أن الكثير من الدراسات وبعد ذلك تمثيل الممثلين له تأثير في تطوير قدرات متنوعة، إلا أنه يكاد يكون غائباً عن مجال البحث العلمي في المجالات.
مفهوم
يتطلب أي دور استخدام مجموعة من السلوكيات يمكن توقعها من صاحب ذلك الدور. وكل فرد في المجتمع يصدر منه أوامر طبية وتميزه عن باقي الأشخاص الذين يجب عليهم اختيار أدوار مختلفة، فالطبيب يقوم بطرح أسئلة طبية، وباختبارات تشخيصية، مع تقديم نصائح صحية، ويصف بالكامل. وكذلك يقوم بسلوكيات تفرقه عن السيطرة على الآخرين، فهو يحافظ على الأمن، ويتعهد أمنيا، ويرتدي زيا محددا، وأن يتقمص كل صاحب دور أدوار أخرى على مدرا اليوم، ويمكن أن يكون الفرد طبيبا مع المرضى في الصباح، ويكون أبا مع أبنائه في المساء. وبالتالي، فإن كل ما نقوم به هو دور في نهاية المطاف في التحكم في النتائج المحددة من اندماج المجتمع والسلطة التنفيذية من أعضاء المجتمع لذلك الدور. بمعنى آخر يقوم الفرد بسلوكيات قصيدة يتعامل معه الناس منه في ذلك الدور، وعندما يصدر الفرد سلوكيات خارج الاتجاه كأن يقوم بذلك بكتابة وصفة، طبي يكون ذلك خارج المألوف مما يؤدي إلى سوء في سلوك الاتصال، مصاحباً بسوء تفسير في التعامل مع الآخرين، ولهذا فمن المهم تحديد إطار للسلوك يهدف إلى اكتساب الفرد القدرة على العيش.
وبالتالي، فعملية تمس الدور هي شخصية طبيعية ومستمرة تريد أن تندمج اجتماعيًا في المجتمع. مفاهيمنا الاجتماعية مثل هذه، والفشل في التكيف مع الدور يمكن أن يربك عملية الاتصال التي تعتمد على توقعات كل شخص في فهم مشاعر الآخرين وتوقعهم وتفكيرهم وردود الفعل الصحيحة لسلوكياتهم. وهذا يمكن كل واحد من فهم الآخر، والخلاف ذلك عناصر التفاعل من مرسل ومستقبل في عملية الاتصال سوف يقوم بصدمها بشكل ذكي بشكل غير مناسب. فتوقع السلوكيات والاستجابة لها تعتمد جزئيا على الوعي برك.
ما تمثيل الأدوار؟
اشتق تمثيل الأدوار من الدراما الاجتماعية، وهي طريقة في الكشف عن القضايا أو المشكلات المتضمنة في المواقف الاجتماعية المعقدة (Yvonne, 1993). وجوهر تمثيل الأدوار يبرز في اندماج الطلاب المشاركين في الموقف سواء من يمثل الأدوار أو من يراقب أبعاد المشكلة في الموقف أو المشهد ثم الرغبة في البحث عن حلول. وفكرة تمثيل الأدوار يقوم الطالب بإصدار مجموعة من السلوكيات التي تعد مناسبة لدور محدد. ويعد جزءا طبيعياً في سلوك الفرد وخصوصاً الأطفال منهم ممارسة تقمص الأدوار في الألعاب التي يقومون بها مع أقرانهم، بل إن بعض النشاطات المهنية المتقدمة تتطلب تمثيل الأدوار وذلك من مثل ما يحدث في المناورات العسكرية أو تمرينات الفرق الرياضية التي يقسم فيها الفريق الواحد إلى فريقين. وكما يقول (Ladousse, 1978): إن فكرة الدور هو تقمص شخصية في موقف محدد، بينما فكرة التمثيل ترتبط بإعداد بيئة آمنة تشجع الإبداع..
ومن نافلة القول أن هناك من يخلط بين تمثيل الأدوار والتمثيل، فالتمثيل يتضمن تقديم أفكار درامية حياتية (أو أفكار خاصة) بهدف التأثير على جمهور المشاهدين، لذا نجد الممثل يدرب صوته وحركات جسمه وانفعالاته وغير ذلك. أما تمثيل الدور فهو ممارسة من فرد تقتضي مروره بخبرة في التعامل مع مشكلة معينة تحت مجموعة محددات وذلك بغرض طرح أفكار معينة وبهدف تعميق فهمها. لذا، فإن غاية الطلاب في تمثيل الدور تختلف تماماً عن غاية الطلاب الذين يقومون بالتمثيل فهم ليسوا مهتمين بالجمهور، إذ إنهم مهتمين بأنسهم وكذلك بمن يعمل معهم في تمثيل الأدوار من خلال المحاولة في فهم مشاعرهم، وأفكارهم، وقراراتهم.
وفي ضوء ذلك، تبدو فكرة تمثيل الأدوار سهلة جدًّا، بإعطائنا الطلاب فرصة لممارسة التفاعل مع الآخرين في أدوار محددة تعرض موقفا من الحياة كجزء من عملية التعلم، حيث يقوم عدد من الطلاب بتمثيل شخصيات معينة، فالطالب يتقمص لفترة مؤقتة دوراً محدداً يحاول أن يسلك سلوك شخصية معينة بسماتها أثناء استجابته لمثيرات محدد. ويشتمل تمثيل الأدوار عادة طالبين أو أكثر. ويقوم الموقف التعليمي على إنتاج سيناريو يقدم خلفية لمشكلة معينة، ثم الإشارة إلى المحددات التي يمكن العمل في ضوءها، وكذلك وصف الأدوار التي يمكن أن تكون في الموقف. هذا السيناريو يمكن أن يستمر لدقائق معدودة، ويمكن أن يكون لنصف ساعة أو أكثر. ويلي ذلك جلسة مناقشة يقوم من خلالها الطلاب المراقبون بالتعليق على طريقة تصرف الطلاب في المشهد، واستخلاص دروس يمكن البناء عليها، وتجب العناية إلى أن للطلاب المشاركين في المشهد دوراً كبيراً في هذه الجلسة النقاشية المبرمجة كما سوف نتناول ذلك لاحقاً.
يتضح من ذلك، أن تمثيل الدور أسلوب فعال وواقعي حيث يصنع الطلاب في مواقف قد تكون جديدة عليهم، ومع ذلك فإن تمثيل الأدوار -كغيره من الطرق التدريسية الأخرى- يمكن أن يكون فعالا إذا استخدم بطريقة مناسبة، ويمكن أن يكون سلبياً حينما يستخدم بطريقة سيئة، ويعتمد هذا على قدرة اختيار المعلم للنوع المناسب لتمثيل الأدوار بحيث يناسب موقفا بعينه ليحقق أهدافا محددة. فبعض أنواع تمثيل الأدوار تناسب فيهم المشكلات، وأنواع أخرى تناسب التدرب على المهارات، والبعض يستخدم في الكشف عن اتجاهات الطلاب ومشاعرهم وتنمية الإحساس بالآخرين. لذا فإن أنواع تمثيل الأدوار تغطي مدى واسعا من النشاطات، ويعد فهم تمثيل الأدوار وتركيبته من الأمور المهمة في ربط الأهداف بالنشاطات.
لماذا ينجح تمثيل الأدوار؟
تعد طريقة تمثيل الأدوار وسيلة فعالة في مساعدة الطلاب في فهم بعض موضوعات الدراسات الإسلامية واللغة العربية والدراسات الاجتماعية والرياضيات، وكذلك في فهم بعض قضايا العلوم الطبيعية. كما أن هذه الطريقة تشوق الطلاب وتدمجهم مع المحتوى العلمي للكتاب المدرسي ومع قضايا المجتمع التي يناقشها المعلم، إذ إن تعلم المحتوى من الكتب المدرسية لا يؤدي في معظم الأحيان إلى دمج المعرفة بالحياة ومناقشة مشكلاتها، والكشف عن حلول لها بطريقة إبداعية. كما تعد طريقة تمثيل الأدوار أداة جيدة في مساعدة الطلاب في تطوير مهاراتهم الاتصالية، والارتقاء بقدراتهم في حل المشكلات، وتنمية الوعي بالذات، والعمل بصورة تعاونية مع الأقران، وهذا ما يجعل هذه الطريقة تتجاوز تعلم الحقائق واسترجاعها.
أما الطرق التقليدية للتدريس مثل المحاضرات والمناقشات فيمكن أن تستخدم بنجاح لمساعدة الطلاب في اكتساب المعرفة والمعلومات، إلا أنها ضعيفة -أو تكاد تكون فعاليتها معدومة- في تنمية جوانب أخرى من التعلم لعدة أسباب (Van Mants, 1989)، منها:
1- إن هذه الطرق والوسائل ذات فعالية محدودة في مساعدة الطلاب على تغيير اتجاهاتهم وسلوكياتهم. فشرح المعلم وقراءة الطلاب لنصوص معينة ليست بدرجة مساوية لممارسة والمرور بخبرات حية. فمن السهل على سبيل المثال فهم أسباب مشكلات الفقر ونتائجها ولكن ليس من اليسير الإحساس بالحرمان أو حتى تلمس مشاعر المحرومين أو المظلومين. فلا يكفي مناقشة هذه القضايا وفهمها، بل ينبغي تطوير اتجاهات إيجابية نحوها، والقيام بعمل ما تجاهها.
2- تفتقد الطرق التقليدية إلى تدريب الطلاب على مهارات الاتصال بالآخرين، والسبب في ذلك أن مهارات التفاعل والاتصال بين الأفراد عملية معقدة تحتاج إلى تهيئة مواقف حقيقية أو شبه واقعية؛ لإظهار السلوكيات اللفظية وغير اللفظية. لذا، فمهما قرأ الطالب من كتب أو اجتهد المعلم في شرح مثل هذه الموضوعات، فإنها لا تكفي في مساعدة الطالب في هذا المجال قياساً بالخبرة الحية التي يتيحها تمثيل الأدوار في تجسيدها للتفاعلات المعقدة وملاحظتها، وتلقي تغذية راجعة عن سلوكيات الموقف التعليمي، ومن الأمثلة التي يمكن توظيفها في تطوير هذا الجانب المقابلات وخدمات العملاء والعلاقات الشخصية والتفاوض والاجتماعات العلنية والعمل الجماعي.
3- تفتقد الطرق التقليدية إلى ربط الطالب بالعلم الخارجي ومساعدته في كيفية تعامله مع المواقف الحياتية المعقدة، حيث يقتصر هدف تلك الطرق -في كثير من الأحيان- على نقل المحتوى الدراسي إلى عقل الطالب دون ربطها بالحياة الحقيقية. بينما يعمل تمثيل الأدوار على ردم الفجوة بين التدريس في غرفة الصف والحياة خارج أسوار لمدرسة. خصوصاً أن من الأهداف المهمة في تدريس أي مادة هو تهيئة الطلاب للحياة الحالية وإعدادهم للحياة المستقبلية، وهذا لن يتم إلا عن طريق اتباع طرق وأنشطة تدريسية فعالة تناقش مشكلات حقيقية تهيئ الطلاب للقيام بدورهم بفاعلية في حياتهم الشخصية والمجتمعية.
4- ضعف الطرق التقليدية في زيادة دافعية الطلاب، ومحدوديتها في تقديم تغذية مباشرة. أما تمثيل الأدوار فقد كشفت الدراسات أنها ترفع من دافعية الطلاب وتزيد من استمتاعهم لأنها تضعهم في قلب عملية التعلم، وبصورة تربط ما يتعلمونه بالحياة.
فوائد تمثيل الأدوار
أظهر كثير من الدراسات والأبحاث أن طريقة تمثيل الأدوار تتفوق على غيرها من الطرق التقليدية (Van Ments, 1999)، حيث تتميز بأنها:
1- تساعد الطلاب في التعبير عن مشاعرهم الشخصية.
2- تمكن الطلاب من مناقشة بعض القضايا والمشكلات الحياتية.
3- تمكن الطلاب من التعاطف مع الآخرين وفهم دوافعهم وتقديرها.
4- تساعد الطلاب في القيام بممارسات وسلوكيات بأشكال مختلفة.
5- تبث الحياة في المواد الأكاديمية.
6- تقدم الفرصة للطلاب في التأكيد على أهمية السلوكيات غير اللفظية.
7- تزيد الدافعية من خلال اشتمالها على أنشطة حياتية.
8- تقدم تغذية راجعة سريعة لكل من الطلاب والمعلم.
9- تعتمد على فعالية الطالب واحتياجاته وهمومه.
10- يمكن التحكم في محتوى المادة العلمية وسرعة تقديمها.
11- يجسر الفجوة بين التدريس والمواقف الحياتية الحقيقية.
12- يغير من الاتجاهات السلبية وينمي الاتجاهات الإيجابية.
13- تسمح بالتحكم في المشاعر والعواطف.
مشكلات تمثيل الأدوار
تمثيل الأدوار هي أداة لزيادة التعلم وسرعته ومع ذلك هناك بعض المشكلات التي قد تعترضها مثل عدم تدرب المعلم بصورة مناسبة، وعدم تخطيطها وتفكيره في طبيعة الطريقة وما تحتاجه من تعبير آمن عند إبراز المشاعر والعواطف (Van Ments, 1999)، من المشكلات ، أيضًا، تجاهل إعداد الطلاب لهذه الطريقة ورفع مستوى الثقة بينهم. فقد كشف بعض الدراسات إلى أن لدى بعض الطلاب خبرات سيئة مع تمثيل الأدوار بسبب عدم إعداد المعلم لهم سواء المشاركين في المشهد أو المراقبين. حيث يكتفي بعض المعلمين بالقول لمجموعة من طلابه « أنت أب وأنت ابن مهمل وأنت... أكملوا المشهد »، فالطلاب بهذا الشكل لا توجد لديهم معلومات كافية، وإنما وضعوا في موقف لم يعدوا له. والواجب أن يتحدث المعلم لكل المشاركين، ويضع أطرا عامة للقضايا المرتبطة بدورهم، ويحاول دفعهم إلى أن يعيشوا الدور من خلال إدماجهم فيه بصورة مناسبة.
المشكلة الثانية التي قد تواجه تطبيق تمثيل الأدوار هي عندما يتجاوز المعلمون دورهم ليصبحوا أطباء نفسيين من خلال التحول من التعامل مع مشكلات الموقف التعليمي إلى التركيز على المشكلات الشخصية الحقيقية للطالب، فمثلاً، إذا لعب طالب ما دور المدير ولكن لم يقم بدوره في المشهد بشكل جيد، فإنه ليس من المناسب التحول إلى ذات الطالب للبحث عن سبب إخفاقه في تقمص الدور، ومحاولة تعرف المشكلات التي يعيشها.
بالإضافة إلى هذه المعوقات المرتبطة بالمعلم، فإن هناك بعض المشكلات التي تحول دون تطبيقها بصورة سليمة، من مثل:
1- احتياجها إلى وقت كبير في التخطيط والتنفيذ مقارنة بالطرق التقليدية.
2- إمكانية فقدان المعلم للسيطرة على ما يتم تعلمه، وكذلك على الترتيب الذي يتم تعلمه.
3- احتياجها إلى مصادر تعليمية أخرى (مساحة/ أفراد/ مواد).
4- اعتمادها على نوعية إعداد المعلم وقدرات الطلاب.
5- إمكانية اعتمادها على ما يعرفه لطلاب سابقًا.
6- إمكانية إهمالها لبعض الحقائق والنظريات.
الأساس النظري لتمثيل الأدوار
يعتمد الأساس النظري لتمثيل الأدوار على اكتشاف مشكلات العلاقات الإنسانية من خلال التفاعل بين المشاركين في مواقف مرسومة تتضمن مشكلات حياتية واقعية، حيث يقوم الطلاب أثناء تمثيل الأدوار باكتشاف مشاعرهم واتجاهاتهم وقيمهم واستراتيجياتهم في حل المشكلات. وتقوم هذه التفاعلات بين المشاركين على بعدين تربويين هما: البعد الشخصي، والبعد الاجتماعي. إذ يدفع البعد الأول الطلاب إلى البحث عن معاني ذاتية في عالمهم الاجتماعي مما يساعدهم في حل المعضلات الشخصية بمؤازرة وتأييد من أفراد المجموعة. أما البعد الاجتماعي فإنه يسمح للطلاب بالعمل مع بعضهم البعض في تحليل المواقف الاجتماعية وخصوصاً تشخيص طبيعة العلاقات البين شخصية.
ويقوم تمثيل الأدوار على أربع فرضيات أساسية. الأولى، أن تمثيل الأدوار يعتمد على الخبرة التي تمثل الأداة والهدف في نفس الوقت، حيث يتاح للطلاب التفاعل مع بعضهم البعض في موقف يشتمل مشكلة حياتية، ويمثل هذا الموقف عينة من الحياة الحقيقية. أما الفرضية الثانية فتشير إلى أنه من الممكن الكشف عن مشاعر الطلاب واتجاهاتهم. وهذا يجعل من عملية تمثيل الأدوار ذات مضمونين، هما: مضمون عقلي، ومضمون عاطفي. والفرضية الثالثة، تستدعي إحضار المشاعر والقيم والأفكار إلى مركز الوعي في العقل من خلال التفاعل العفوي المصحوب بالنقاش التحليلي، مما يمكن الطالب من تبني أفكار جديدة ومسارات للتغيير والنمور، وتقلل هذه التفاعلات من دور المعلم من جهة، وتفرع من مستوى تفاعل الطلاب مع بعضهم البعض من جهة أخرى. وتقتضي الفرضية الرابعة أن الطلاب يمكن أن يقيسوا قدراتهم على التحكم في مشاعرهم واتجاهاتهم وقيمهم إذا هم تعرفوا عليها بالاحتكام إلى وجهات نظر الطلاب الآخرين، مثل هذا التحليل يمكن أن يعدل من الاتجاهات والقيم والذي بدوره ينعكس إيجابا على عملية النمو (Joyce & weil, 1996).
تتيح هذه العمليات، في الواقع، فرصة للطلاب في القيام بتعلم ذي معنى، وخصوصاً أنها تعتمد على الجانب التكييفي للتعلم كما وصفه جان بياجيه، حيث وصف عملية التعلم بأنها ذات وجهين، هما: الاكتساب والتكييف. يتضمن الاكتساب امتصاص الطالب للمعرفة وإضافتها إلى خريطته العقلية، في حين أن التكييف -كما في تمثيل الأدوار- يقتضي من الطالب تغيير أجزاء من خريطته العقلية من خلال تعديلها أو توسيعها. وعلى الرغم من أن العمليتين مكملتان لبعضهما البعض، إلا أنهما مختلفتين في نوعية النشاط الذي يقوم به الطالب. فالاكتساب يتجه إلى التركيز على حفظ المعرفة. وهذا، لسوء الحظ، يظهر لدى بعض المعلمين، لأنه يسهل عليهم تدريس المادة واختبارها، كما يتيسر على الطالب حفها ونسيانها بعد فترة قصيرة من الوقت. وهذا لا يتفق مع طبيعة العالم الحالي الذي يحتاج الطلاب فيه إلى امتلاك مهارات تتجاوز مجرد حفظ المعرفة. وفي الاتجاه المقابل فإن التكييف يتضمن بذل جهد من المعلم وإبداعا في تصميم نشاطات صفية تكشف عن التصورات الخاطئة التي قد تكون لدى الطلاب، كما يتطلب براعة من الطالب وقدرة عالية في التفكير ومستوى عالياً من المهارة وفهما عميقا للمعرفة، وهذا النوع من التعلم هو الذي يبقى مع الطالب لفترة طويلة.
يقتضي التكييف ممارسة التفكير في مستويات معقدة للوصول إلى التعلم ذي المعنى من خلال تنمية ثلاث مهارات أساسية، هي: حل المشكلات، والاتصال، والوعي الشخصي يمثل الوعي الشخصي جزءا من حل المشكلات، بينما تكمن أهمية الاتصال في فهم الآخرين. ويصعب تعلم هذه المهارات من خلال القراءة لأي نوع من الكتب مهما كان عددها، كما أن شرح المعلم لا يمكن الطالب من امتلاك هذه المهارات بصورة أدائية. والسبيل الوحيد هو تعلمها وممارستها في إطار اجتماعي تفاعلي يتيح التعبير الذاتي ويقدم التغذية الراجعة والتعزيز.
أنواع تمثيل الأدوار
يمكن النظر إلى تمثيل الأدوار على أنه نوع من وسائل الاتصال يستخدم في تحقيق أهداف تعليمية وتربوية متنوعة مثل نقل رسالة، أو القيام بوصف، أو إقناع أو غيرها من الأهداف. يقابل هذا النوع في الأهداف تنوع في نماذج تمثيل الأدوار التي يمكن تصنيفها إلى عدة نماذج تقع في مجملها تحت نوعين رئيسيين: الأول، المهارات والتطبيقات. والثاني، المشاعر والاتجاهات والقيم. فمن الأمثلة على النوع الأول استخدام مواقف داخل الصف الدراسي تشتمل على مقابلة بين طالبين أو القيام باجتماع بين مجموعة من الطلاب، أو ممارسة مهارات البيع والشراء التي من خلالها تظهر نماذج سلوكية تحاكي الواقع الحقيقي. أما الأمثلة على النوع الآخر فتتمثل في تقمص أدوار تتناول قضية اجتماعية أو شخصية.
ويعتمد اختيار نموذج تمثيل الأدوار المناسب على مدى اتفاقه مع الهدف الذي يسعى المعلم إلى تحقيقه، والذي له آثاره على طبيعة الخطوات التنفيذية. فإذا كان المعلم سوف يستخدم النوع الأول (تطوير المهارات) فيجب أن يتأكد من أن الطلاب تعرفوا بشكل عام على الخطوط العريضة للطريقة الصحيحة في استخدام المهارة. أما إذا كان المعلم يستهدف مساعدة الطلاب على الوعي بمشاعرهم واتجاهاتهم وهو أمر مختلف تماماً عن النوع الأول، فينبغي أن يقدم المعلم مدخلاً يصف المشكلة أكثر من تقديم الحلول. كما ينبغي أن يكون التوصيف أقل تحديداً بهدف السماح للطلاب بالاندماج في الموقف وإتاحة الفرصة لهم لاستخدام شخصياتهم وخبراتهم.
إن هذين النوعين يمكن أن يقسما إلى عدد من النماذج، وسوف نناقش خمسة منها وفقا لعدة أبعاد هي: وظيفة تبادل الدور، وشخصية المشاركين، ونوع السيناريو، ونوع المشهد، وطبيعة المناقشة، وتتمثل هذه النماذج في الأنواع الآتية (Van Ments, 1999):
• الوصف
يكون تمثيل الدور وصفيا حينما يقتصر غرضه على عرض موقف أو مشكلة معينة باستخدام تشكيلات من لطلاب في الفصل أو باستخدام اللغة. ومن الأمثلة التطبيقية على هذا النوع وضع الطلاب في موقف كأنهم جزئيات في تفاعل كيميائي. فمثلاً يعمل ثلاثة طلاب كأنهم أكسجين مع الماغنسيوم. بينما ذرة أكسجين تبقى واحدة. ويمكن أن يظهر الطلاب ردة فعلهم الكيميائية. أما في علم الأحياء فإنه يمكن جعل بعض الطلاب يعملون كخلايا دم وينتقلون إلى مواقع مختلفة في الصف الدراسي حيث يعمل بعض الطلاب كأجزاء من الجسم تأخذ من الدم بعض المواد أو تعطيه مواد أخرى. ومن الأمثلة الأخرى أن يقوم اثنان من الطلاب بوصف مشكلة تلوث معينة أو أي قضية أخرى. فقد يقوم أحدهم بتقمص دور مسئول حكومي في أحد قطاعات صحة البيئة، أما الآخر فيقوم بدور مسئول في أحد المصانع، فمن خلال الموقف يمكن أن يفهم الطلاب المشكلة. ويتركز نقاش ما بعد المشهد على الحقائق العلمية التي طرحت في الموقف ومدى صحتها.
• العرض
يوجد تشابه كبير بين هذا النوع والنوع السابق، ولكن غرض هذا النوع هو أن يقوم مجموعة من الطلاب بعرض أسلوب أو تكنيك معين عن طريق المحاكاة، فيمكن أن يعرض الطلاب طريقة بائع في التعامل مع مُشترٍ، أو موقفا يشتمل على استخدام مسافر للغة الإنجليزية أثناء حديثه مع رجل جمارك في دول أجنبية، أو كيفية تعامل ابن مع أبيه، ويمتاز هذا النوع بأن مشاعر الطلاب تظهر بصورة سطحية على غرار النوع السابق، بينما يكون التركيز على الأسلوب. وينبغي تنبيه الطلاب المراقبين على ماهية النقاط المهمة التي ينبغي ملاحظتها أثناء المشهد.
• التمرين
يعد هذا النوع من أكثر أنواع تمثيل الأدوار شيوعا، ويتضمن في الغالب النوعين السابقين، ويحتاج سيناريو المشهد في هذا النوع إلى أن يكون أكثر تفضيلا. إذ ينبغي أن تكون المهمة واضحة للطالب بدرجة كبيرة، وأن يصاحب ذلك بتوجيهات وتعليمات من المعلم في كيفية أداء العمل من مثل تصميم قائمة نتناول الأشياء التي ينبغي للطالب أداؤها، وتلك التي لا ينبغي عليه أداؤها، أو تصميم قائمة بالإجراءات أو سلسلة من التعليمات. ويمكن توظيف هذا النوع عند تدريب الطلاب على مهارات اجتماعية، أو استخدام اللغة العربية أو الإنجليزية في موقف معين، أو التدرب على مهارات اتصال محددة. ويمكن أن يعطي الطلاب المراقبين قائمة ملاحظة للتأكد من أن الطلاب المشاركين في المشهد تقيدوا بمراحل التمرين، ويمكن في هذا النوع إعادة تمثيل الدور وذلك بغرض التمكن من المهارات.
• التمعن في التمرين
يوجد تشابه بين هذا النوع والنوع السابق، إلا أن هذا النوع يختلف عن الذي قبله في الغرض أكثر من اختلافه في الأداء. فهدف هذا النوع من تمثيل الأدوار هو مساعدة الطلاب المشاركين على تقديم مبررات على سبب قيامهم بسلوكيات معينة، ففي المناقشة التي تلي المشهد يسأل الطلاب المراقبين ماذا تقصد بهذا السلوك، ولماذا علمته، ولماذا استخدمت هذه الجملة.. الخ، يتميز هذا النوع، عموماً، بالتركيز بشكل عام على التمرين والملاحظات التي تليه، وذلك لمساعدة الطلاب المشاركين في معرفة كيفية رؤية الآخرين لسلوكهم اللفظي وغير اللفظي.
• الإحساس
يعد هذا النوع من الأنواع الخطيرة ذات النتائج غير المرغوبة في حال عدم استخدامه بصورة سليمة، فيجب على المعلم أن يكون على درجة عالية من الوعي، لأن المواقف في هذا النوع تلامس مشاعر الطلاب واتجاهاتهم وقيمهم الشخصية. يهدف هذا النوع على مساعدة الطلاب على الوعي بمشاعرهم وتعرف دوافعهم عند القيام بأداء معين أثناء تمثيل الأدوار مما يساعدهم على تطوير مشاعرهم وتعديل اتجاهاتهم نحو الآخرين، ويحتاج تحقق أهداف هذا النوع إلى بيئة مناسبة في التعبير عن الآراء دون خوف أو وجل. لذا، ينبغي أن يتجنب المعلم نقد الطلاب، وأن يضع في حسبانه أن العملية هي مجرد مشهد. ولأهمية هذا النوع، سقنا المثال التالي الذي يكون فيه تمثيل الدور حول طالب تم إيقافه من مدير المدرسة وطرح عليه أسئلة، ويكون النقاش الذي يلي المشهد على النحو الآتي:
المعلم: كيف تشعر حينما أوقفك المدير؟
الطالب: أنا شعرت بالخوف والوجل؟
المعلم: لماذا شعرت بالخوف؟
الطالب: لأنه يظهر لي أنه سوف يعاقبني، على الرغم من أني طالب منتظم وغير مشاغب، ولكني أتوهم أني قلت عبارة غير مناسبة، لذا لا أعلم ماذا سوف يحدث لاحقاً في مكتب المدير.
هذا الحوار يدور حول ردود فعل الطالب عند قيامه بالدور في المشهد، ويمكن الاستمرار في هذا النقاش ليتجاوز تقمص الدور إلى حدود المشاعر الخاصة للطالب.
المعلم: هل مررت بتجربة في حياتك الواقعية ولمست مثل هذا الخوف؟
الطالب: نعم.
هنا، لدى المعلم الخيار في التعمق في الحياة الشخصية للطالب ومشكلاته العاطفية.
المعلم: أخبرنا أكثر متى شعرت بالخوف حينما تواجهت مع سلطة ما داخل المنزل أو داخل المدرسة، ولماذا شعرت بذلك؟
أو:
المعلم: لماذا تعتقد أن بعض الناس يشعرون بالخوف حينما يتعاملون مع السلطات التي تحيط بهم؟ هل تعتقد أن السبب هو كونك طالب في التعليم العام؟ وكيف يمكن لك تغيير مثل هذه المشاعر؟
إن اختيار المعلم لأحد المسارين -وهما مختلفان تماماً- يعتمد على نوعية الهدف من تمثيل الأدوار. فهل هو فحص الجانب العاطفي لدى الطالب؟ أم هل هو دراسة المشكلة الممثلة في الموقف؟ لذا، ينبغي للمعلم أن يسأل نفسه عند التعامل مع هذا النوع من تمثيل الأدوار ما الهدف من توظيف تمثيل الأدوار.
ويوضح الجدول التالي الاختلافات بين أنواع تمثيل الأدوار السابقة كما لخصها فان مينتس (Van Ments, 1999).
النوع | الدور | نوع السيناريو | المشهد | مناقشة المشهد | ||
الطالب | المعلم | |||||
الطالب نفسه | فرد من الخارج | |||||
الوصف تمثيل مشكلة، عرض موقف أو عملية |
أرى الموقف بهذه الصورة. | يتصرف هذا النوع من الأفراد هكذا | دعوني أوضح لكم الموقف | حقائق | راقب الحقائق والمعلومات | خطأ في الحقائق |
عرض عرض تكتيك، أسلوب |
أعمل بهذه الصورة | هؤلاء يستخدمون هذه الطريقة | دعوني أوضح لكم كيف تتعاملون مع الموقف | - | راقب جوانب التكتيك المهمة | القدرة على تمييز الجوانب المهمة |
تمرين ممارسة مهارة |
أحسن من طريقتي | سوف نحسن طريقتنا بوضع أنفسنا في هذا الموقف | يمكنكم تقليدي | تعليمات/ إجراءات | لاحظ التقيد بالإجراءات | أفحص الإجراءات ومدى تحقق الأهداف |
التمعن في التمرين تقديم تغذية راجعة |
أتمعن فيما أعمل | أنا أفهم أسباب سلوك بعض الأفراد | هكذا كيف تبدو للناس | أهداف عامة، أدوات ملاحظة | شجع الوعي بالأداء أوقف المشهد عند الضرورة | تحليل أسباب السلوك |
الإحساس زيادة الوعي، الإحساس |
أعي مشاعري | أنا أفهم كيف يشعر الأفراد | أعيروني أسماعكم | زيادة الثقة، تحديد الهدف | أوقف الأداء في حالة وجو مشكلة | تعمق في دراسة الطالب أو الموقف وفق الهدف |
خطوات تطبيق تمثيل الأدوار
اقترح شافليز وشافليز shaftels & shaftels (1967) وكذلك يفوني yvonne (1993) عدة خطوات لتطبيق تمثيل الأدوار، كما اقترح فان مينتش van ments (1999) أيضًا مراحل لتطبيق هذه الطريقة، وكل خطوة أو مرحلة تتضمن أهدافا محددة تسهم في نجاح نشاط تمثيل الأدوار، وبعد الإطلاع على هذه الأنماط ودراستها يمكن أن نقترح النمط التالي الذي يتكون من العناصر الرئيسية التالية:
أولاً: تحديد الأهداف
تكمن أهمية هذه المرحلة في تحديد نوعية موضوع الموقف التعليمي وتوجيه تنفيذه. كما أنه من المهم -كأي نشاط تدريسي آخر- تحديد النتائج المتوقعة، مع الأخذ في الحسبان إمكانية توليد نتائج لم يخطط لها في هذه الطريقة، ويعد هذا من النقاط الإيجابية عند التخطيط لهذا النوع من التعلم. وننبه هنا إلى ضرورة توضيح المعلم الأهداف لجميع الطلاب. فمثلاً يمكن أن توضح أهداف الدرس بعبارات بها مشكلات مثل « سوف نكتشف أو نناقش في تمثيل الأدوار تأثير الأصدقاء في سلوك زملائهم ». ويلاحظ في هذا الهدف أنه عام من خلال عدم تحديد نوعية التأثير، إلا أن سعة الهدف وعموميته له أهمية كبيرة في تنفيذ النشاط، كما يمكن توضيح الأهداف بعبارات معيارية مثل « في نهاية الدرس فإن الطالب يجب أن يكون قادراً على ... ».
ثانيًا: إعداد موضوع الموقف التعليمي
ينبغي أن يطرح المعلم عند تحديد موضوع النشاط الأسئلة الآتية (Maddrell, 1994): هل التركيز يكون على فهم المشكلة أو القضية، أم على الاتجاهات والمشاعر، أم على المهارات، أم على الاتجاهات والمشاعر، أم على المهارات، أم على دمج بعض هذه العناصر؟ وما درجة الذاتية والعفوية التي سوف يأخذها الطالب في النشاط؟ وفي ضوء ذلك يمكن تحديد طبيعة الموضوعات التي ربما تكون حقيقية أو خيالية. مثل أن يناقش انفجار مفاعل نووي في دولة مجاورة، ويوظف المعلم في هذا المجال تقارير تكشف حقائق وأدوارا حقيقية. أو أن يتضمن الموقف موضوع خيالي لأحد الطلاب باعتباره سوف يزور إحدى الدول مثل الهند... مطلوب منه أن يحدد احتياجات السفر والأماكن التي سوف يزورها.. الخ. ويمكن أن يعتمد المعلم على العصف الذهني في سعيه للوصول إلى قضايا ترتبط بمحتوى الكتاب المدرسي والتي تناسب تطبيق تمثيل الأدوار كي لا يكون الموضوع مجرد إضافة فقط. وهنا، نشير إلى أن الطلاب، عادة، يندفعون إلى النشاط القائم على قضية يرون أنها مهمة وذات ارتباط بحياتهم الحالية أو المستقبلية.
ثالثًا: تهيئة الطلاب
قبل بداية تطبيق تمثيل الأدوار، ينبغي للمعلم أن يشرح ماهية هذه الطريقة، وخصوصاً إذا كان ليس لدى الطلاب خبرة في هذا النوع من أساليب التدريس. ويفترض بعد ذلك تهيئة الطلاب للدخول إلى الموقف بالتعرف على طبيعة المشكلة وأبعادها، وعرض خطوطها العريضة بشكل واضح للصف، لمساعدة الطلاب في فهم مقدمات المشكلة، وإطارها العام. ويمكن في حالات أخرى الاقتصار على تهيئة الطلاب المشاركين في أداء الأدوار وترك الطلاب الآخرين ليراقبوا المشهد، ويتخذوا مواقف تجاهه فيما بعد. ويمكن للمعلم عند سعيه لتهيئة الطلاب أن يقدم عرضا مرئيا لفترة قصيرة، أو يقدم قصة بصيغة شفوية أو كتابية تنتهي بمشكلة. فعلى سبيل المثال، يقوم المعلم بتوضيح الموقف لطلاب الصف بأنهم سوف يقابلون (سالم ووالده كبير السن الذي يود أن يصحبه ابنه إلى أحد المحلات التجارية... ويرغب سالم في الوقت نفسه الذهاب مع زملائه إلى رحلة خلوية... ما نوعية القرار الذي سوف يتخذه؟ ولماذا؟). كما تشتمل تهيئة الطلاب على إعداد بيئة تعليمية داعمة تتحقق من خلال تيسير المناخ التعاوني، وتعزيز السلوكيات الإيجابية، واحترام الطالب وعدم دفعه بقوة الأداء دور غير مرتاح له.
رابعًا: تهيئة البيئة الصفية
يرتب الصف بحيث يكون المشهد أمام الطلاب، وتنظم الكراسي بصورة تشبه الموقف الواقعي المستهدف إذا كان ذلك ممكنا. ولجعل تمثيل الأدوار أكثر واقعية، يمكن إحضار -إذا كان ذلك متيسرا- بعض الأدوات والملابس التي تعبر عن حالات واقعية مثل إحضار زي طبيب.. أو جهاز هاتف. ويرتدي المشاركون في الأدوار الملابس الخاصة بهم، ويطلب منهم أن يتصرفوا بصورة طبيعية كأن يطرق أحدهم الباب في دخوله.. الخ. فإعداد البيئة المادية المناسبة يساعد -في معظم الأحيان- في تخفيف الضغط النفسي لدى الطلاب ويجعل العملية أكثر تشويقا.
خامسًا: تعيين الأدوار
يقوم المعلم بالتعاون مع الطلاب بوصف شخصيات الموقف من خلال طرح بعض الأسئلة مثل من الشخصيات الرئيسة في الموقف؟ وما مشاعرها؟ وماذا يتوقع أن تقوم به؟ وما أعمارها؟ وما سماتها الشخصية؟ وما عملها؟ وكيف ينظر كل منها للمشكلة؟ ويفضل أن يشتمل الموقف التعليمي -وفقا لطبيعته- على عدد كبير من الأدوار؛ كي تكون المواقف العقلية مختلفة ومتعددة أثناء المشهد، فمثلاً إذا كان الموقف يشتمل على مناقشة قضية يتنازعها عدد من الأطراف مثل قضية استقدام العمال الأجانب. فيمكن أن تشتمل الأدوار على موظف، ورجل أعمال، ورجل أمن، وأب، وشاب وعاطل. وإذا كانت القضية هي مناقشة التدخين بين صغار السن فإن قائمة الأدوار يمكن أن تشمل مسئولا في مصنع السجائر، وطبيبا، ومعلما، وأبا، ومريضا، وشابا صغير السن، وصاحب المحل.
سادسًا: اختيار الطلاب المشاركين
يعتمد اختيار الطلاب المشاركين على تناسب قدراتهم العقلية والاجتماعية مع الأدوار، وأن يكون عدد الطلاب متفقا مع عدد الأدوار في الموقف التعليمي. أما عملية اختيار المشاركين فيمكن أن يكون عشوائيا، أو أن يكون عبر حث الطلاب على المشاركة، كما يمكن أن يتم ذلك عبر اختيار الطلاب المتحمسين في مرحلة تعيين الأدوار وتوصيفها. كل طريقة لها فوائدها. إلا أن شافيلتز يحذر في هذا المجال من تعيين دور لطالب اقترحه زملاؤه الآخرون خشية أن يكون لدى الطلاب تصور سلبي سابق ويرون ذلك فرصة لتعميق التصور للتندر عليه.
وبغض النظر عن نوع الطريقة، يفترض في المعلم أن يختار من يقوم بتمثيل الأدوار لسببين (Corney, 1992)، هما:
• أسباب تربوية في اختيار محددين. فيمكن اختيار طالب يعاني من فهم مفهوم معين كي يقوم بعملية البحث والتنقيب عن المفهوم كي يقوم بدوره جيداً. كما يمكن أن يختار المعلم طالبا بينه وبين طالب آخر خصومة كي يقوم بتمثيل دور الصديق.
• السبب الثاني يتعلق بتكافؤ الفرص. يفترض إعطاء الفرصة لكل طالب في الصف أن يقوم بدور معين من خلال توظيف تمثيل الأدوار في عدة مواقف تعليمية على مدار الفصل الدراسي، وننصح المعلمين باختيار الطلاب الذين لديهم الجراءة في المراحل الأولى من تطبيق تمثيل الأدوار بغرض تشجيع زملائهم الخجولين ليشعروا أن العملية سهلة.
سابعًا: إعداد الطلاب المشاركين
تتطلب تهيئة المشاركين تزويدهم بنصوص مكتوبة في حال إعدادها من المعلم وذلك قبل القيام بتمثيل الأدوار بهدف إتاحة الفرصة للطلاب للتفكير في أدوارهم. وبفضل -في بعض الأحيان- ألا يخبر الطلابُ كل منهم الآخر عما هو موجود في النص. وينبغي أن يتضمن النص معلومات ضرورية عن المشكلة وأفكار عن حلها، وتكتب بصيغة سهلة وواضحة وبلغة مفهومة، وذات جمل قصيرة، مع ذلك ينبغي ملاحظة تجنب إخبار المشاركين بكيفية تأدية أدوارهم. وقد يحتاج الطلاب المشاركين عدة أيام لإعداد أنفسهم للقيام بالأدوار بصورة مناسبة حينما يكون الموقف صعباً ومعقدا. أما في حالة عدم وجود نص مكتوب، فيمكن أن يطلب المعلم من المشاركين الخروج من الفصل لمدة خمس دقائق، لتعرف أدوارهم ومناقشتها مع أعضاء المجموعة، ويكون المعلم في غضون ذلك مع طلاب الصف.
ويتطلب إعداد المشاركين تغيير شخصياتهم وأسمائهم وذلك بسبب التصورات غير الملائمة التي قد يحتفظ بها الطلاب المشاهدون عنهم بعد الانتهاء من النشاط التعليمي. وقد يستخدم الطلاب بطاقات توضح الشخصيات كي يتذكرها المشاركون الآخرون الذين يقومون بالأدوار. كما يمكن أن يحتفظ للطلاب بأسمائهم الحقيقية في حالة ضمان عدم وجود مشكلات. وينبغي التنبيه إلى أن الضحك غير المبرر من المشاركين أو من المشاهدين قد يؤثر سلبياً في النتائج المتوقعة.
ثامنًا: شرح دور الطلاب المشاهدين
يفضل إشراك باقي الطلاب بطريقة مثمرة في النشاط من خلال تكليفهم بملاحظة نقاط محددة في المشهد وتوجيههم بتسجيل تلك الملاحظات في بطاقات يعدها المعلم بحيث ترتبط بأهداف النشاط.
تاسعًا: تنفيذ المشهد
يشعر بعض المعلمين بأن تمثيل الأدوار يستهلك وقتاً طويلاً، وللتقليل من هذا الشعور ينصح بأن يكون تمثيل الأدوار موجزا بحيث يعرض القضايا الأساسية المستهدفة، إلا أن تنفيذ المشهد يتطلب إعطاء المشاركين الوقت الكافي كي يندمجوا في الموقف، لذا، ينصح بأن يستمر تمثيل الأدوار لفترة مناسبة بهدف تمكين المشاركين في تقمص الأدوار، وتعرف الموقف، فيمكن أن يستمر تمثيل الدور البسيط من 5 دقائق إلى 10 دقائق، وفي كثير من الأحيان يمكن أن يستمر المشهد من 10 إلى 20 دقيقة، أما المشاهد التي تحتاج إلى تفصيل دقيق يمكن أن يستمر لمدة من 20 دقيقة إلى 40 دقيقة، وهي فترة طويلة جدًّا، مما يؤثر في تذكر الطلاب لجوهر مشكلة النقاش. لذا، ينصح تقسيم المشهد إلى عدد من الجلسات.
يقوم المعلم أثناء تنفيذ المشهد بمراقبة المشهد، وقدي كتب سجل قصصي، أو يملأ بطاقة ملاحظات. ويفترض في المعلم أن يستمتع بالمشهد، ويدع المشهد يتطور كما يراه المشاركون، إلا أنه يمكنه مقاطعة المشهد حينما يلاحظ صعوبة لدى المشاركين في التنفيذ. وفي الواقع تعد مقاطعة المشهد في أي وقت أحد فوائد تمثيل الأدوار مقارنة بالحياة الحقيقية. أما ما يتعلق بوضع نهاية المشهد فإن بعض المشاهد تنتهي من نفسها، في حين تطلب بعضها الآخر من المعلم أن ينهي الموقف بطريقة كوميدية وتوجيه الطلاب بالرجوع إلى مقاعدهم.
عاشرًا: المناقشة والتقويم
تعد هذه المرحلة من المراحل المهمة في تطبيق تمثيل الأدوار حتى لو كان الوقت محدودا فيجب ألا يتجاوز المعلم هذه الخطوة، فبدون المناقشة والتقويم فإن أهداف النشاط التعليمي قد لا تتحقق بسبب عدم توجيه الطلاب إلى القضايا الأساسية ومحاولة سير وجهات نظر الطلاب المختلفة بما يتفق مع الموقف التعليمي. وتهدف هذه المرحلة -عادة- إلى تركيز ذهن الطلاب نحو عدد من الموضوعات والقضايا، فيجب أن تساعد جلسة المناقشة الطلاب على مراجعة أداة المشاركين ومناقشة الملاحظات وتحليل علاقات السبب والنتيجة، وكذلك اقتراح بدائل للنماذج السلوكية، وخصوصاً أن المشاركين والملاحظين في حاجة إلى الكشف عن مشاعرهم وانطباعاتهم وإبرازها على السطح. وينبغي في هذا المجال أن يطرح الطالب المشارك في الدور رأيه ومشاعره ويبرر أفعاله، بل ينبغي بدء مرحلة النقاش من صاحب الدور الأساسي في المشهد وذلك لأن ذلك يبعث على الارتياح لدى جميع الطلاب حينما يسمح لصاحب الدور الرئيس في تقديم رأيه في البداية. وتدفع هذه المداخلات بتوالي النقاش.
وكي ينجح المعلم في إدارة النقاش بصورة إيجابية، ينبغي تشجيع المناقشات والمداخلات، وعدم تهميش آراء الطلاب ونقدها. كما ينبغي تجنب نقد قدرات المشاركين في الأداء. مع الأخذ بالحسبان تجنب نقد الدراما حيث إن الهدف ليس تسليط الضوء على طبيعة الأداء، وإنما التركيز على القضايا الأساسية في الموقف التعليمي، ومحاولة توضيح المشاعر والأفكار التي تقف خلف الممارسات في المشهد. ويجدر القول: إن مشاركات الطلاب ومداخلاتهم تعد أكثر فاعلية عما يقدمه المعلم في هذا المجال وخصوصاً الذين قاموا بالأدوار. فمثلاً لو كان أحد المشاركين يؤدي دور مريض، فإن صاحب هذا الدور هو من أقدر الموجودين في الصف في تقديم مداخلات وملاحظات حول سلوك الطبيب الذي يباشر علاجه بصورة أقرب للحقيقة.
عموماً، يمكن أن تطرح في هذه الجلسة الأسئلة الآتية، وهي مجرد أمثلة:
• ماذا حدث في تمثيل الأدوار؟ (مثل: ما الأفعال والأقوال المهمة التي ظهرت؟ وكيف تفاعل كل منهم مع الآخر؟ وهل المشاركون نجحوا في تجسيد شخصياتهم؟ وهل مثل المشاركون الأدوار بجدية؟)
• ما القضايا والمشكلات التي برزت في تمثيل الأدوار (مثل: ما هذه المشكلات؟ وكيف تعامل المشاركون معها؟ وهل هذه المشكلات هي نتيجة سلوكيات معينة؟).
• ما بعض البدائل لبعض الأفعال السلبية المؤثرة؟ وما النتائج المحتملة لهذه الأفعال.
• ما المخاطر التي قامت بها هذه الشخصيات؟ (مثل: ما العناصر الإيجابية التي اكتسبها المشاركون؟ وما العناصر التي فقدوها؟ وهل واجه أحدكم في مواقف حياتية مخاطر مشابهة؟ وهل سوف يواجه أحدكم مخاطر مشابهة في المستقبل؟)
• ما نوع العلاقات التي ظهرت؟ (مثل: من صاحب القوة في العلاقة؟ ولماذا؟ كيف تنفذ عملية الاتصال؟)
• أسئلة إضافية (مثل: هل عرض المشهد أفكارا مفيدة رووئ عميقة؟ ما دوافع الناس كي يتصرفوا بسلوكيات معينة؟ هل يمكن الوصول إلى بعض التعميمات من المشهد التي يمكن أن تساعد في تطبيقها في مواقف مستقبلية؟ ما رأي الخبراء في السلوكيات الظاهرة في تمثيل الأدوار؟ ولماذا؟
الحادي عشر: تجريب المشهد مرة أخرى
إن من فوائد تمثيل الأدوار هي تدريب الطلاب على مهارات وسلوكيات معينة. لذا، يمكن إعادة المشهد أو وضع امتدادات له من خلال نفس الشخصيات أو من خلال تغييرها أو من خلال مواقف جديدة. ويجدر بالملاحظة أنه في هذه المرحلة يزداد عدد الطلاب الذين يرغبون المشاركة في أداء المشهد مرة أخرى.
الثاني عشر: التقويم والتلخيص
يمكن إعادة مرحلة التقويم السابقة مع تقديم أسئلة تفصيلية. إلا أن هذه المرحلة تشتمل على تلخيص النتائج التي تعلمها الطلاب من النشاط، وبالتالي الحكم على مدى تحقق أهداف الدرس.
الخلاصة
إن طريقة تمثيل الأدوار من الطرق التدريسية التي يمكن أن تحقق أهدافا تربوية يصعب تحقيقها بطرق تدريسية أخرى، وقد كشف كثير من الدراسات أن تمثيل الأدوار له تأثير كبير في تطوير قدرات الطلاب المختلفة، إلا أنه مع ذلك يكاد يكون غائباً عن الممارسات التدريسية في مدارسنا. وقد أوضحنا أن تمثيل الأدوار -كغيره من الطرق التدريسية الأخرى- يمكن أن يكون فعالا إذا استخدم بطريقة مناسبة، ويمكن أن يكون سلبياً حينما يستخدم بطريقة سيئة. ويعتمد هذا على ذكاء المعلم وقدرته في اختيار النوع المناسب من الأنواع التي تم استعراضها، بحيث يتوافق النوع مع أهداف الدرس. فبعض أنواع تمثيل الأدوار، كما ذكرنا، تناسب فهم المشكلات، وأنواع أخرى تناسب التدرب على المهارات، في حين يستخدم البعض الآخر في الكشف عن اتجاهات الطلاب ومشاعرهم وتنمية إحساسهم بالآخرين. وقد أوضحنا أن النجاح في تطبيق أي نوع من أنواع تمثيل الأدوار يعتمد على مجموعة من الخطوات، تسهم كل منها في نجاح نشاط تمثيل الأدوار.
المراجع
باروز، إتش إس (1993). نظرة عامة على استخدامات المرضى الموحدين لتدريس وتقييم المهارات. الطب الأكاديمي، 68، ص. 443-450.
براون، جي. وأتكتنس، إم. (1988). التدريس الفعال في التعليم العالي. لندن، روتليدج.
كونار، إيه إس؛ وآخرون، (1991). استخدام لعب الأدوار في تعليم طلاب الطب أمراض النساء والتوليد. مدرس الطب، 13، ص. 49-53.
كورني، جي جيه (1992). تدريس الفهم الاقتصادي من خلال الجغرافيا: تجربة مشروع الجغرافيا والمدارس والصناعة، شيفيلد، الجمعية الجغرافية.
هوج، جيه. (2001). تقنية لعب الأدوار. الولايات المتحدة: أمناء جامعة ميسوري.
جويس، بي. وويل، إم. (1996). نماذج التدريس. بوسطن: ألين وبيكون.
كيرياكو، سي. (1986). التدريس الفعال في المدارس. أكسفورد، بلاكويل.
لادوس، جي بي (1987). لعب الأدوار. أكسفورد: مطبعة جامعة أكسفورد.
مادريل1، أ.، (1994). مخطط للاستخدام الفعال للعب الأدوار من أجل التحرر. مجلة الجغرافيا في التعليم العالي، المجلد 18(2)، ص. 155-163.
شافتل، إف آر وشافتل، جي. (1967). لعب الأدوار من أجل القيم الاجتماعية: اتخاذ القرار في الدراسات الاجتماعية. نيو جيرسي: برنتيس هول.
سيمبسون، إم إيه، (1985). كيفية استخدام لعب الأدوار في التدريس الطبي. مدرس الطب. 7، ص. 75-82.
فان مينتس، م. (1989). الاستخدام الفعال للعب الأدوار: دليل للمعلمين والمدربين. 2 و، لندن: كوكان بيج.
فان مينتس، م. (1999). الاستخدام الفعال للعب الأدوار: تقنيات عملية لتحسين التعلم. لندن: كوجان بيج.
إيفون، س. (1993). اثنتا عشرة نصيحة لاستخدام لعب الأدوار في التدريس السريري. المعلم الطبي. المجلد 15 (4). ص 283-292.