مدخل
بعد قيام المعلم بالإعداد والتحضير التدريسي داخل غرفة الصف المواضيع المسؤول عنها، تأتي المرحلة الثانية وهي القيام بإيصال المادة التي أعدها مع جميع الجوانب التي تتضمنها مثل المعارف والمعلومات والمهارات إلى الطلاب الذين يقوم بتعليمهم، وفي حالة فشله في أداء رسالته التعليمية والتربوية، فإن هذا يعني أنه معلم فاشل بالرغم من وجود بعض الخصائص والصفات التي تميزه عن غيره من المعلمين والتي يفضلها طلابه.
ولكن مثل هذا المعلم يستطيع النجاح إذا كان مثابرا وماهرا ويستطيع القيام بعملية الاتصال مع طلابه والتواصل معهم بالشكل الصحيح.
إن عملية الاتصال مع الآخرين والذي يعتبر أحد الأنشطة الرئيسية والأساسية الموجودة عند الجنس البشري ويتميز بها عن غيره من الكائنات الحية. [وفي حالة التعلم المنظم يكون المعلم هو صاحب العقل، والعقول الأخرى تكون الطلاب]. وعلى هذا النوع من النقل للأفكار والمعلومات يعتمد الكثير من التفاهم بين أطراف هذه العملية، بالإضافة إلى تيسير طرق أساليب حياتهم، والقدرة على الاستمرار فيها. إن عملية الاتصال والإرسال عبارة عن مهارة التي من الممكن أن يصل الفرد بسببها إلى نجاحا خاصا في حياته والأعمال التي يقوم بها، ومن الممكن أن يفشل فشلا ذريعا بسبب ذلك.
إن الاتصال والتواصل التربوي هو أحد العناصر الرئيسية في الحضارة الإنسانية، ويعتبر وسيلة أساسية التي يقوم عليها نشر هذه الحضارة، وامتدادها، كما ويعتبر العامل الأول الذي يعتمد عليه نجاحنا في تدريسنا، وفي علاقاتنا مع جميع أطراف العملية التربوية والاتصالية التي تحدث داخل المدرسة وغرفة الصف.
لذا فإن المعلم يحتاج في عمله إلى الاتصال مع إدارة المدرسة ومعلميها للعمل على إيجاد أفضل السبل والأساليب التي تساعد على الاتصال مع الطلاب وإيصال الرسائل التعليمية والتربوية إليهم بأفضل ما يكون. كما وأنه يحتاج إلى الاتصال مع الطلاب وأولياء أمورهم. ويكون هذا الاتصال إما بقصد التحدث والتناقش في الشؤون التعليمية أو المهنية أو الإدارية التي تهم جميع الأطراف، ومن الممكن أن يمتد إلى شرائح متعدد من شرائح المجتمع على اختلاف مستوياتها، وهذا يعني أن الاتصال يجب أن يكون فاعلا ومثمرا ومتواصلا، وحتى نصل إلى مثل هذا الوضع يجب توفير الآتية:
1- أن نعطي جميع من نقوم بالاتصال معهم الرعاية والاهتمام، ونصغي إليهم بكل الجدية، ونأخذ ما يقولونه بعين الاعتبار.
2- أن نوفر لمن نقوم بالاتصال به جميع المعلومات المطلوبة والصحيحة عن الأمر الذي اتصال للاستفسار عنه.
3- القيام بتزويد من نتصل معه بالمعلومات المطلوبة، بأسلوب ودي وطريقة بناءة.
وبالإضافة إلى ما ذكر عن المعلم والمدرسة، نقول أن مجتمع المدرسة يتكون من الذين يعطون العلم والذين يستقبلونه. أي أن هذا المجتمع له استقراره النسبي، وتنظيمه الاجتماعي الذي يظهر بصورة واضحة من توزيع أفراده على أساس العمر الزمني بين الطلاب من جانب، والمعلمين من جانب آخر. أيضا من عملية توزيع أفراده على أساس الوظائف التي يقومون بها والأدوار التي يؤدونها. وجميع العلاقات الاجتماعية داخل المدرسة تحدث على أساس هذا التنظيم والتفاعلات الاتصالية والتحصيلية المتميزة.
ويضم هذا الإطار التنظيمي الاجتماعي جميع العلاقات الإنسانية القائمة بين أفراد وأعضاء المجتمع المدرسي، والتي تقوم جميعها من أجل تحقيق أهداف فردية وجماعية مختلفة ويتم حدوثها عن طريق التفاعلات الاتصالية بأنواعها المتعددة، والتي يكون لها الأثر الكبير على التعاون والترابط والعيش بسلام بين أفرادها.
الاتصال الصفي والعلاقة بين الطلاب
إن العلاقة التي تتطور بين الطلاب وتربطهم ببعضهم البعض تظهر بصورة واضحة من خلال الاتصالات الاجتماعية والإنسانية، والتي تكون واضحة في التفاعلات والأنشطة التعليمية التحصيلية والاجتماعية التي يقومون بها داخل غرفة الصف أو خارجها، أي في ساحة المدرسة. حيث من الممكن أن يكون مثل هذا التفاعل والاتصال إيجابيا، ويأخذ مظاهر الحب والتعاون والمشاركة والمنافسة التي تقوم على العمل والإنتاج الشريف. ومن الممكن أن يكون مثل هذا التفاعل سلبيا وتسيطر عليه الكراهية والابتعاد والشجار والمنافسات الهدامة. أيضا من الممكن أن تقوم العلاقة بين الطلاب وتحدد على أساس أعمارهم الزمنية ومراحل النمو المختلفة وما يحدث فيها من أحداث وجوانب نمو هامة، وكذلك الأمر بالنسبة لحاجاتهم العقلية والنفسية التي تعتمد كل الاعتماد على نوعية الاتصال الذي يحدث بينهم سلبي أم إيجابي، لفظي أم غير لفظي، مؤثر أم عديم التأثير، في هذا التفاعل يحاولون إشباع هذه الحاجات بشتى الطرق والأساليب المتوفرة لديهم، والتي تؤدي إلى تحقيق أهدافهم الاجتماعية الشخصية والاتصالية. فمثلا يكون الطلاب بحاجة إلى اكتساب المعرفة والحصول على المعلومات عن طريق الأسئلة التي تطرح خلال الاتصال الذي يتم بينهم أنفسهم في المواقف التعليمية الصفية، والتي تهدف إلى فحص الأشياء والقيام بالبحث فيها. كما أنهم في معظم الحالات الاتصالية فيما بينهم يسعون إلى تأكيد ذواتهم والشعور بتقديرهم وتقدير الأعمال التي يقومون بعملها، والتي تؤدي بدورها إلى اكتساب رضي الأطراف الأخرى من عملية الاتصال وإعجابهم بهذه الأعمال، والتي يصلون من خلالها إلى الشعور بالأمن والطمأنينة والانتماء إلى الجماعات، التي يعيشون معها ويتفاعلون معها بصورة دائمة، أيضا يساعدهم هذا الاتصال على تكوين العلاقات والصداقات، التي تعتبر ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها والتي تساعدهم أيضا على القيام بالحركات والتمارين الجسمية واللعب، الذي يعتبر من مميزات مرحلة الطفولة المبكرة والمراحل الأخرى التي تليها.
لذا يجب على المدرسة التي تعتبر البيئة الاجتماعية التربوية والتي يتم خلالها الاتصال والتواصل بين جميع الطلاب، أن تبذل الجهود الخاصة والمتميزة حتى تستطيع إشباع هذه الحاجات النفسية الشخصية الأساسية السليمة التي تتمثل فيها برامجها التعليمية في الأساس، ثم الاجتماعية والترفيهية، مثل الأنشطة التربوية الاتصالية المتكاملة بصورة عامة. وباستطاعة المدرسة العمل على تحقيق ما ذكر عن طريق الآتية:
1- القيام بدورها التربوي التعليمي التحصيلي داخل الصفوف بصورة صحيحة، والتي تعتمد على القيام بالاتصال مع الطلاب الاتصال الفاعل والقائم على الاحترام المتبادل، الذي يؤدي إلى تحقيق الذات وجميع المطالب الشخصية والجماعية الفعالية في عملية التعليم، التي تقوم على استعمال الاتصال في الاتجاهين والذي يكون فيه المرسل ومرسل ومستقبل والمستقبل مستقبل ومرسل في نفس الوقت. أي يقوم على الأخذ والعطاء والمناقشة المنظمة بين الطلاب أنفسهم ومع المدرسين. عن طريق إعطائهم الفرصة لمعرفة قدراتهم واستعداداتهم الدراسية، ولا يمكن أن يتم ذلك الأمن خلال الاتصال معهم وإرسال الرسائل واستعمال الوسائل التي تساعد على فعل ذلك وعلى معرفة الفروق الفردية الموجودة بين الطلاب والتعامل معهم بالاتصال المناسب لهذه القدرات. ويقوم بتقويم جهدهم الذي يبذلونه خلال القيام بهذه الفعاليات المختلفة.
وبما أن المعلم هو بمثابة الملك داخل الصف، لذا فهو الوحيد الذي يملك القدرة على تكييف موقفه التربوي وتحديد أسلوبه التعليمي، ونوع الاتصال الذي يستعمله معهم والذي ويستعملونه فيما بينهم. والذي يجب أن يكون قائما على أساس الطرق التربوية الصحيحة والظروف الموضوعية التي تحيط به داخل الصف.
2- زيادة أنواع النشاط وتنويع مجالاته: وهذا المبدأ يقوم على الرغبة الزائدة الموجودة لدى كل طالب في إشباع حاجاته من خلال التعامل والاتصال مع الآخرين داخل غرفة الصف، والتي في معظم الحالات لا تسمح مساحتها بفعل ذلك، إلا في حدود معينة. الأمر الذي أدى إلى تكوين جماعات النشاط في مجالات عديدة مثل الرياضة والاجتماعات والفن والعلم والترويح والتي تعتبر ضرورية في التربية. لأنها تسمح للطاقات والقدرات والمواهب المختلفة أن تعبر عن نفسها وذلك عن طريق قيام هذه الجماعات بالاتصالات التربوية بين أفرادها والتي تساعدهم على تحقيق مطالبهم ورغباتهم المتنوعة، وتؤدي إلى النمو التربوي السليم عن طريق التعاون والمنافسة والعمل الجماعي، وهي في نهاية الأمر علاقات سليمة تحدث نموا فرديا واجتماعيا للطالب، بعد قيامه بالاتصال المباشر والمؤثر مع الآخرين.
وهذه الجماعات تزداد فعاليتها عندما تقوم على أساس إعطاء الفرصة للطلاب لمشاركة إدارة المدرسة ومعلميها في تحديد مجالات النشاط والتفاعل الذي يحدث بين الطلاب داخل المدرسة وخارجها أو داخل الصف. بالإضافة إلى إعطاء الطلاب الفرصة للمشاركة في وضع وتحديد القواعد والأنظمة التي تقوم عليها هذه الأنشطة وأساليب تقيمها. فمثلا تحضير حفلات التعارف بين الطلاب في بداية السنة أو نهايتها عند التخرج، يجب أن تقوم على جهود الطلاب مع استفادتهم واستعانتهم بنصائح المعلمين وتوجيهاتهم، ومن خلال المحادثات فيما بينهم ومناقشة جميع هذه الجوانب. كذلك الأمر بالنسبة للرحلات، والمسابقات، والمشروعات التي تتطلب تنظيم عملية الاتصالات بينهم ومع الجهات والهيئات الخارجية.
والاتصال الذي يحدث بين الطلاب في الصف هو من نوع الاتصال الشفوي في جميع مراحل التعلم والتفاعل الذي يحدث بينهم في العمليات التعليمية والتحصيلية والجوانب الاجتماعية الإنسانية التي تحدث أثناء تواجدهم مع بعضهم البعض. ونفس الاتصال الشفوي يحدث بين الطلاب والمعلم، غير أن هذا الأسلوب يتحول في بعض الأحيان إلى وجود محادثات وثرثرة التي تصل حد التشويش والضجيج. الأمر الذي يؤدي إلى إعاقة سير العمل داخل الصف، ويؤدي إلى حدوث خلل في نظام الصف وترتيبه. الأمر الذي يثير حساسية خاصة عند الكثير من المعلمين. لأن الضجة التي تحدث داخل الصف تعكر جوه وتعيق سير العمل فيه، وتأثر على عملية الاتصال والتواصل التربوي وتطور العلاقات بين الطلاب أنفسهم من جهة ومع المعلم من جهة أخرى، لأن عملية الاتصال تتطلب الإصغاء والاستماع والتركيز التام أثناء القيام بعملية الإرسال أو الاستقبال. ومن الضروري معرفة مصدرها من أين تأتي، من داخل الصف أم من خارجه وكيف تحدث هل هي من الأعمال المقصودة التي يقوم بها الطلاب أم أن مصدرها المعلم وذلك من خلال تصرفاته والأعمال التي يقوم بها، على أي حال أن الضجة والتشويش تعتبران من معوقات عملية الاتصال وعدم نجاحها في خلق جو خاص داخل الصف الذي يمكن معه النجاح في العملية التربوية والتعليمية بصورة عامة.
وماذا يتوجب على المعلم والطلاب عمله لخفض هذه الضجيج والتشويش حتى يتم الاتصال والتعلم المقصود، بالإضافة إلى مدى ارتفاع الصوت المسموح به. من قبل المعلم داخل الصف والذي لا يعطل عملية الاتصال والتعلم. وكيف يكون تعامل الطلاب مع بعضهم البعض أثناء نقاشهم لبعض المواضيع أو قيامهم بالأنشطة التربوية التي تؤدي إلى زيادة فاعلية الاتصال والتحصيل التعليمي.
الاتصالات بين المعلمين
في بداية كل عام دراسي جديد، الذي يرفع فيه معظم الطلاب أن لم يكن جميعهم إلى صفوف أعلى، في هذه الفترة تنتقل جميع الملفات والمعلومات والتقارير الشخصية والتحصيلية والسلوكية التي تقوم على الاتصالات المختلفة التي تحدث بين الطلاب مع بعضهم أو مع المعلمين، جميع هذه الملفات تعطي إلى معلم الصف الجديد [أو من المفروض أن يحدث ذلك كل عام] الذي يقوم أو من المفروض أن يقوم بدوره بدراسة كاملة لهذه الملفات والتقارير حتى يستطيع الوصول إلى صورة واضحة عن طلابه للعام الجديد، من حيث مستواهم العلمي والتحصيلي وقدراتهم التفاعلية وتفاعلهم مع الآخرين، حتى يستطيع البدء بعام دراسي جديد، وهو مطمئن على بناء خطته الجديدة، خصوصا عندما تكون المعلومات الموجودة لديه قائمة على أسس موضوعية، التي تتحدث عن سلوك الطلاب ومهاراتهم الاتصالية، وقدراتهم العقلية المميزة- إن وجدت لديهم قدرات كهذه- ومستواهم التعليمي في المواد والمواضيع التعليمية التي تعلموها في السنة الماضية، بالإضافة إلى إمكانية كونها تضم معلومات دقيقة عن المادة التي تعلمها الطلاب من المنهاج التعليمي في جميع مواضيع التعلم.
إن عملية تحضير جميع الملفات والتقارير وإمدادها بصورة كاملة يعطي المعلمين الذين يعملون سوية الفرصة ليكونوا كفريق واحد يعمل بصورة مشتركة في تخطيط التدريس والتعلم والقيام بالاتصال مع بعضهم البعض ومع الطلاب والعاملين الآخرين، وهذا العمل يوفر لكل منهم المعلومات اللازمة والضرورية للقيام في عمله المستقبلي، والذي يعتمد على ما يوفره له المعلمين الآخرين من معلومات عن الطلاب الجدد، مدى صحتها وواقعيتها خصوصا عند مناقشة أحوال الطلاب خلال السنة الدراسية.
كما ويمكن القول أن العلاقة بين المعلمين تتشكل وتقوم على الأسس والعوامل الآتية:
1- الدور القيادي الذي يقومون به في العملية التعليمية والاتصالية: فهم يقومون من خلال عملهم واتصالهم وتفاعلهم مع بعضهم البعض، يقدمون العلم والمعرفة والمهارات على أنواعها للطلاب ويزودونهم بالخبرة المهذبة والمربية لهم أثناء تواجدهم داخل غرفة الصف وخارجها. أيضا المعلمين من خلال عملهم وعلاقاتهم المشتركة يقومون بالعمل على تكييف خطة الدرس والدراسة لظروف الطلاب وحاجاتهم النفسية الضرورية، والتي تلعب الدور الفعال في توجيه عملية الاتصال والتفاهم والتفاعل التي يقومون بها، بالإضافة إلى تكييف هذه الخطة مع ضغوط المجتمع الخارجي على المدرسة والذي يكون له في العادة دورا لا بأس به ويستطيع التأثير بصورة واضحة على ما يحدث داخل المدرسة في الحالات التي يكون فيها اتصال دائم ومباشر مع المدرسة والتي من خلاله يأخذ هذا المجتمع دورا فاعلا في تخطيط الدراسة والمواضيع التي يتعلمها الطلاب. لذلك يجب أن تقوم العلاقة بين المدرسة والمجتمع على أساس الرغبة في العمل المثمر الذي يتمثل في التخطيط المشترك والقيام بالتنفيذ السليم، والعطاء الكافي الذي يؤدي إلى النمو التعليمي والمعرفي والقدرة على الإرسال والاستقبال في نفس الوقت، وجميع هذه الجوانب تنطبق على العلاقات التي تجمع بين المعلمين في المدرسة.
2- يعتبر المعلمون قدوة ومثال أعلى عند الطلاب: لذلك يجب عليهم أن يتحلوا ويتصفوا بالصفات والأخلاق الحسنة، حتى يتعلم منها الطلاب وتنعكس على علاقاتهم مع بعضهم، وعلى علاقاتهم مع الطلاب في المدرسة. لأن الطلاب في معظم الحالات والأوضاع يشعرون بسرعة وبسهولة تامة بنوعية العلاقات التي تجمع بين المعلمين، إذا كانت طيبة أم سيئة. وفي بعض الأحيان يستغلون مثل هذه المواقف ويقومون بأدوار سيئة تأثر على علاقة المعلمين مع بعضهم البعض، لأن بعضهم يقع في شباك الطلاب ويصغي لما يقولون من معلومات محرفة ومزورة تؤدي إلى ظهور المشاكل بين المعلمين وتقطع عملية الاتصال الإيجابية التي كانت تربط بينهم.
وذلك يجب على المعلمين أن يسعوا دائما إلى إقامة علاقات ود وتعاون ومشاركة في تحمل مسؤوليات العمل. بدلا من العلاقات التي تقوم على أساس التنافر والعداء أمام الطلاب، بالإضافة إلى إقامة قنوات اتصالية مباشرة صريحة وواضحة لا تترك مجالا أمام أي إنسان للتدخل والعمل على إفساد العلاقات الاجتماعية الشخصية الجديدة التي تجمع بينهم. لأنه من الضروري أن نذكر هنا أن الطلاب يرون في المعلمين المثل الأعلى الذي يقلدونه في معظم الأحيان، الأمر الذي يؤثر بصورة واضحة في تكوين الاتجاهات لديهم ويؤثر على أنماط السلوك التي يصدر منهم.
3- يؤثر اختلاف المؤهلات والتخصصات والمراكز على بناء وإقامة العلاقات بين المعلمين، خصوصا المعلمين من ذوي النفوس الضعيفة الذين يعانون من عقدة الدونية وعدم المقدرة على التكييف والتواصل مع الآخرين لأسباب تعود إلى ضعفهم النفسي والشخصي وبعدم قدرتهم على التعامل مع الآخرين والوقوف أمام الضغوط المهنية، فمثلا نرى أن المعلمين من نفس التخصص، توجد بينهم علاقات واتصالات تختلف عن العلاقات التي تربطهم مع معلمين آخرين.
أيضا هناك المعلمين الذين توجد لديهم نفس المؤهلات التعليمية تجمعهم علاقات واتصالات التي تختلف اختلافات واضحا وملحوظا عن العلاقات التي تربطهم مع معلمين تكون مؤهلاتهم التعليمية أعلى أو أقل.
كذلك الأمر بالنسبة للعلاقات والاتصالات التي تكون بين المعلمين أصحاب المراكز القيادية والوظائف المختلفة والتي تجمعهم علاقات تختلف في جوهرها ومضمونها عن علاقاتهم مع بقية المعلمين.
وعليه فإن العلاقة بين المعلمين تتباين وتتوتر إلى الحد الذي تؤثر فيه على نشاطهم وفعالياتهم العملية، لدرجة التي تنعكس آثارها على الطلاب، وحتى نتغلب على جميع هذه المشاكل والصعاب يجب العمل على تهيئة الفرصة للزيارات خارج المدرسة، في المناسبات المختلفة، لأن مثل هذه الزيارات والفعاليات يؤدي إلى تقوية العلاقة وتطويرها بين المعلمين، مما ينعكس إيجابيا على المدرسة وطلابها ويؤدي بصورة مباشرة وغير مباشرة إلى رفع المستوى التحصيلي لديهم.
ومما يلعب دورا هاما ويكون له الأثر الفعال على المعلم ودوره هو عملية الاتصال غير اللفظي الذي يحدث بين الطلاب أنفسهم وبين الطلاب والمعلم أثناء الحصة وعملية التعليم، التي يقوم بها المعلم، لأن هذا النوع من الاتصال يؤثر على الحماس للدرس، ويؤدي إلى انتباه الطلاب للمعلم وشرحه للموضوع عن طريق استعمال حركات أعضاء الجسم على اختلاف أنواعها وتأثيرها. وكما أن الحماس للدرس والإقبال عليه يرجع إلى قدرة المعلم على الاتصال اللفظي وغير اللفظي والذي يحدث فيه تأثر وتأثير، ولا يكون فيه أي أثر لطريقة الإرشاد أو إصدار التعليمات.
وعلى المعلم مهما كان بارعا في عملية الاتصال اللفظي أن لا يعتمد عليه وحده أثناء اتصاله مع طلابه، وذلك بالرغم من أن نبرة الصوت في معظم الأحيان يوجد ما يثير الانتباه عند الطلاب ويؤدي إلى إيقاظ إحساسهم، ويبعث فيهم الحماس للدرس إذا كان المعلم متحمسا ومنفعلا أثناء تعليمه لمادة الدرس. وهذا الحماس والانفعال يظهر من اللفظ الذي يتحدث به إلى الطلاب، والذي تدخل فيه العناصر غير اللفظية بصورة ناجحة لكي تدعم الرسالة اللفظية التي يقوم بإرسالها بصورة تجلب الاستماع والانتباه من قبل الطلاب.
العلاقات والاتصالات بين الطلاب والمعلمين:
إن الاتصال والتواصل وتكوين العلاقات التي تحدث وتتطور بين الطلاب والمعلمين، تقوم في معظم الحالات بالاعتماد على عملية الأخذ والعطاء التعليمي، حيث يقوم المعلم بالعطاء والتعليم والاتصال مع طلابه داخل غرفة الصف، والطلاب من جانبهم يقومون بأخذ جميع المعلومات التي تعطي لهم على يد المعلم ويستقبلون جميع الرسائل التي ترسل إليهم أثناء قيام المعلم بشرح مادة الدرس التي تعتبر مضمون الرسالة التي يرسلها المعلم إليهم عبر وسيلة اتصال أو قناة اتصال التي يكون بالإمكان استقبال الرسالة من خلالها استقبالا جيدا يعني الفهم في معظم الحالات. وإذا حدث نوع من عدم الفهم لموضوع الرسالة فيمكن الطلب من المعلم الرجوع عليها مرة أخرى، أي أن الاتصال هنا يكون في اتجاهين ويحصل منه المرسل المعلم على التعزيز بصورة مباشرة التي تمكنه من القيام بالتقييم الصحيح لمدى فهم واستيعاب المعلومات التي تم إرسالها. هذا يعني إمكانية التعديل السريع.
وهذا يعني أن العلاقة بين الطلاب والمعلمين يمكن تحديدها على أساس الاحترام المتبادل، وتعاطف المعلمين مع الطلاب. ومعنى أن يكون دور المعلم العطاء التربوي، هو أن يكون هذا المعلم قائدا تربويا وتعليميا. والقائد الحكيم والعاقل هو الذي يكون تفاعله مع أفراد جماعته إيجابيا ويؤدي إلى تطوير قدراتهم ويعمل على تجديد الطاقات الموجود لديهم بالإضافة إلى عمله واهتمامه بتحقيق أهدافهم.
ويمكن تحقيق العلاقات المهنية التعليمية والاتصالية الاجتماعية الصحيحة بين المعلم والطلاب بطرق وأساليب متعددة نذكر منها الآتية:
1- كثرة التفاعل والاتصال بين المعلم الطالب في غرفة الصف وذلك عن طريق استعمال المعلم لأساليب تعليم واتصال تضمن اشتراك الطالب المتواصل مع المعلم والطلاب أثناء ناقش بعض الجوانب العلمية. كذلك الأمر بالنسبة للتفاعل والاتصال في ساحة المدرسة ومجالات النشاط الأخرى، حتى يستطيع المعلم متابعة نشاطهم والمقدرة على تقدير جهودهم وتشجيعهم على الاستمرار عن طريق تقديم النصائح لهم في الوقت المناسب.
2- العلاقات والاتصالات بين المعلمين الطلاب تزداد نتيجة لزيادة وجود فرص المحادثات والمناقشات بينهم في الموضوعات الهامة التي يهتم بها جميع العاملين داخل المدرسة وخارجها. والشرط الأساسي الذي يطرح نفسه هنا تناول هذه الموضوعات بصورة موضوعية ودون إعطاء الرأي الشخصي الأهمية والمكان الأساسي، لأن الموضوعية تساعد على اتجاه التفكير الابتكاري والعلمي أثناء تناول الأمور والحكم عليها، بأسلوب طبيعي بسيط.
3- زيادة فرص اللقاءات الجماعية والاتصالات الإنسانية والاجتماعية التي تكون من نوع الاتصالات المثمرة، بين المعلمين والطلاب، وذلك عن طريق الإعداد للندوات والمحاضرات والفعاليات التي يشترك الطلاب الإعداد لها والإشراف عليها، وأخذ دور فاعل فيها بصورة تمكنهم من الانطلاق الفكري، ويغرس في نفوسهم وشخصياتهم الاتجاه الصحيح والسليم لإجراء الحوار والمناقشة والحديث الهادف. الشيء الذي لو حدث في مدارسنا بالشكل الصحيح لأدي إلى إعداد جيل من الطلاب على أعلى المستويات العلمية والاجتماعية والقدرة على القيام بالاتصالات الإنسانية الهامة والضرورية لجميع أفراد المجتمع، ولكان لها انعكاس على جميع نواحي حياتنا.
4- تؤدي زيادة فرص التفاعل والاندماج والاتصال على أنواعه المختلفة من أعلى إلى أسفل ومن أسفل إلى أعلى، بين المعلمين والطلاب والذي يهدف إلى إيجاد التجاوب الاجتماعي بينهم. ويمكن حدوث مثل هذا التجاوب والتفاعل عن طريق القيام بالرحلات المدرسية المشتركة الهادفة خلال الإجازات القصيرة أو الطويلة. إن مثل هذه الرحلات تقلل من مواقف الكلفة بينهم، وتؤدي إلى إظهار الشخصيات على طبيعتها وحقيقتها لحد معين. وتؤدي مثل هذه الفعاليات والعمليات الاجتماعية إلى تمكن المعلمين الطلاب من التعرف على بعضهم البعض عن قرب بعمق وتفهم، مما يعمل على تنمية الإحساس بالعلاقات الأسرية التي تقوم على احترام الصغير للكبير، وفهم الكبير للصغير والعطف عليه، وقيام الجميع في التعاون على تحمل المسؤولية داخل المدرسة وخارجها وأثناء وجودهم في البيت مع الأسرة.
في نهاية الأمر العلاقات التي تقوم بين المعلمين والطلاب يتوقف عليها مستقبل الطالب بما في ذلك تطور شخصيته التطور الصحيح والإيجابي أو السلبي، إن هذا الجانب يتوقف على مدى الاستعداد الموجود لدى المعلم والطالب على القيام بواجباتهم ومسؤولياتهم كل في مكانه وقدرته على الاتصال والتفاعل مع الآخرين عن طريق فهم الرسائل التي ترسل بهدف الحصول على المعرفة والتطور التقدم المعرفي العلمي، والقدرة على الاتصال الإنساني والاجتماعي المثمر. الذي يؤدي إلى التفهم والرغبة في التعاون والعيش المشترك.
علاقة المدير بالمعلمين والطلاب والاتصال بينهم
إن العلاقة التي تربط بين مدير المدرسة مع المعلمين والطلاب تحدد عليها بصورة لا تقبل الشك مدى تطور المدرسة بصورة عامة وتطور المعلمين المهني الاجتماعي، وعمل الطلاب الجدي لتطور شخصياتهم وضمان نجاحهم وسعيهم نحو مستقبل أفضل. وهذه العلاقة التي نتحدث عنها مع مدراء المدارس تتكون وتتطور وتقوم على أساس مراكزهم التي يشغلونها والأدوار التي يقومون بها في المجتمع المدرسي. حيث من الصعب أن يكون اتصال المدير بصورة مباشرة مع جميع المعلمين والطلاب بل يأخذ أشكالا مختلفة تكون في معظم الحالات غير مباشرة. وهذه العلاقة تتأثر بنوعيتها في العوامل الذاتية مثل السن والخبرة والتجربة الشخصية التي مر بها ويمر بها كل شخص. ويجب على المدير أن لا يقلل من وضع المعلمين وجهودهم وأدوارهم ومكانتهم كأعضاء في الهيئة التدريسية التعليمية، وفي المقابل يجب أن لا يحط المعلمين من قيمة المدير ومركزه، وأساليبه الإدارية أو يعملوا على عرقلة قراراته وإضعافها.
وحتى نضمن عدم حدوث مثل هذه الأمور والأحداث. يجب أن تكون علاقة المدير والمعلمين علاقة زمالة وأخوة، وتقوم على أساس ضمان حرية الجميع واحترامهم ويجب أن نذكر دائما أن مدير المدرسة هو القائد والموجه للمعلمين وجميع الجماعات المدرسية. لذا يطلب منه أن يكون ذلك القائد الناجح الذي يعني ويدرك جميع وظائف القيادة.
وحتى يستطيع المدير القيام بالوظائف التي يجب عليه القيام بها على أفضل ما يكون يجب أن يتصف بالمهارات الأساسية الآتية:
1- مهارة تكوين العلاقات والقيام بالاتصالات التي تحقق الأهداف التي يسعى إليها المدير في المدرسة. وهذا يعني أن على المدير أن يتصف بمهارة كسب وقبول المعلمين له، والقدرة على تكوين علاقات واتصالات بينه وبين المعلمين على أساس مهني إيجابي وهذا إذا كان أهلا لمنصب المدير لمؤسسة تربوية تعليمية. أيضا يتوجب على المدير أن يعمل على مساعدة المعلمين وإرشادهم ويسعى إلى تطورهم ونموهم المهني والشخصي وإذا كان يملك القدرات المهنية التي على أساسها يساعد المعلمين الطلاب [وما يحدث في أرض الواقع بعيدا كل البعد عن هذه الصفات، لأن المدير يعيش مع الشعور الدائم أن المعلمين يعملون ضده ولا يحبونه مما يسبب له الخوف والقلق، لأن يعرف حق المعرفة أنه ليس أهلا لهذا المنصب ووضع فيه لأسباب لا يعلمها إلا الله]. ويحافظ على كرامة كل واحد منهم ويعمل على تقوية العلاقة والترابط بينهم. بالإضافة لما ذكر يجب أن تكون لديه المهارة التي تقوي العلاقات والاتصالات الإنسانية بينهم وتجعلهم يتقبلون بعضهم البعض ويعملون ويتعاونون جميعا على إنجاز ما فيه مصلحة المدرسة معليمها وطلابها.
ولكن هذه المهارة تتعارض مع الواقع حيث أن مدير المدرسة لا يعمل بها إلا من أجل مصلحته وتحقيق أهدافه الشخصية وتقوية علاقته مع فرق من المعلمين وتقريبهم منه وفي المقابل أبعاد المجموعة الأخر، وزيادة الخلاف بينهم وبين المعلمين الآخرين أي أنه يعمل حسب المثل الذي يقول فرق تسد.
2- مهارة الاشتراك مع الجماعة: وهذا يعني أن على مدير المدرسة أن تكون لديه مهارة تحديد الفروض التفسيرات والتعديلات التي لها علاقة بدوره في الجماعة المدرسية، أي أن على المدير أن يشرح للمعلمين جميع آرائه التربوية ويفسرها لهم بصورة واضحة. كما ويجب على مدير المدرسة أن يخبر المعلمين بالتعديلات التي تكون ضرورية وتخدم مصلحة العمل. كذلك على مدير المدرسة أن يقوم بمساعدة المعلمين على التخلص من الاتجاهات السلبية التي من الممكن أن تعطل أداءهم للعمل بأفضل ما يكون. وأن تكون له القدرة الاتصالية والاجتماعية التي تمكنه من حل المشاكل التي قد تنشأ بين المعلمين أو بين الطلاب أو بين المعلمين والطلاب.
3- مهارة الاستفادة من إمكانات المدرسة: وهذه المدرسة تعني أن المدير يستطيع الاتصال مع المعلمين ويساعدهم على معرفة الموارد والإمكانات التي يستفيدون منها في تحقيق نشاطهم المدرسي، بالإضافة إلى مساعدتهم على الاستفادة من الخدمات التي تقدمها الجهات والمؤسسات الأخرى للمدرسىة.
أيضا إذا كان يملك الخبرة والمعرفة والقدرة على الاتصال المثمر مع الجهات والمسؤولين الإداريين فيجب عليه أن يساعد المعلمين على معرفة حقوقهم والحصول عليها.
4- مهارة التقويم: أن هذه المهارة ضرورية ولازمة ويجب أن تكون من الصفات التي يتصف بها مدير المدرسة حتى يستطيع تسجيل نمو وتطور الهيئة التدريسية من خلال متابعته لجهودها.
أيضا يجب أن يكون التقارير التي يكتبها عن المدرسين بعيدة عن الأغراض والتوجهات والرغبات الشخصية. وإنما يجب أن تكون موضوعية وغير حاقدة بحيث يستطيع المعلم أن يحصل على حقوقه كاملة.
كذلك فإن مدير المدرسة تربطه علاقة مع الطلاب، والتي يكون مصدرها دوره التربوي الذي يظهر بصورة واضحة في رعايته لهم، وتعاطفه معهم، وفهمه لمشاكلهم وجميع الأوضاع الاجتماعية والشخصية التي يمرون بها ويكون لها تأثيرا بالغا عليهم. لذلك عليه أن يجتمع معهم في مجالات النشاط التعليمي داخل الصفوف وخارجها، وأن يتبادل معهم الآراء ويقوم بتقديم النصائح بأسلوب بعيد عن الاستعلاء والتحكم.
كذلك يجب على مدير المدرسة أن يعمل على ربط طلاب المرحلة النهائية مع المدرسة وعدم قطع علاقاتهم معها بعد تخرجهم، لمعرفة أخبارهم والقيام بتقديم المساعدة التي تخص مستقبلهم وتطورهم العلمي.
العلاقات والاتصالات بين المدرسة والمجتمع
تعتبر المدرسة جزء من نظام اجتماعي كبير هو المجتمع، والذي لها علاقة متبادلة مع هذا النظام، لأن المدرسة تعتبر المرآة التي تعكس الحياة النظيفة والخاصة في المجتمع، وهي تقوم بوظيفة اتصالية تحضيرية ضرورية وأساسية هامة، في تحضير الطلاب وتطورهم التطوير العلمي والاجتماعي الخاص والهام.
وتأثر المدرسة في المجتمع عن طريق تزويده بالأفراد الذين تعمل على إعدادهم وتدريبهم وتحضيرهم للعمل فيه، وأخذ دورهم في خدمته والعمل على تطويره وتقدمه التقدم المطلوب الذي يتمشى مع متطلبات العصر والحياة اليومية.
ومعنى وجود علاقة بين المدرسة والمجتمع هو التغير الثقافي الاجتماعي في جميع مجالات الحياة مثل الاقتصادية والإنسانية والسياسية والتي في نهاية الأمر تؤثر على أهداف المدرسة، ومضمون التعلم والأساليب التي تستعمل فيها. أيضا تعنى العلاقة المدرسية الاجتماعية أن القلق والصراع الذي يظهر بين أفراد المجتمع سوف تنعكس آثاره السلبية على النظام المتبع في المدرسة. وإذا كان لهذا الاتصال الوثيق القائم بين المدرسة والمجتمع دلالة، فإنها تظهر بصورة واضحة في كون المدرسة تقوم بعملها، ودورها من خلال مضمون اجتماعي التي تحصل عليه ثقافة المدرسة من الثقافة الاجتماعية العامة.
وبدء من هذه العلاقة تمتد العلاقات الاجتماعية المدرسية لتضم العلاقات بينها وبين المجتمع الخارجي. الذي يوجد فيه أولياء أمور الطلاب والجماعات والمؤسسات التي ترتبط مع المدرسة بعلاقات، التي تترك أثرا على حيوية المدرسة وقيامها بدورها بصورة جيدة وكاملة.
والمدرسة في العادة تقوم بالإعداد والترتيب اللازم لعقد اجتماعات مع أولياء الأمور عدة مرات في العام الدراسي، وبصورة منظمة للقيام بمناقشة شؤون المدرسة بصورة عامة والأمور المتعلقة بالطلاب بصورة خاصة، وذلك بهدف وضع نظام خاص للقيام بالتعاون بين الطرفين، حتى يكون بالإمكان توفير احتياجات ومطالب المدرسة وطلابها، وحتى تكون المدرسة من النوع الفاعل ولها أهميتها عند الجميع وتكون لها صورة مميزة في نظر أولياء الأمور ونظر الطلاب معا، ومن المحتمل أن يقوم أولياء الأمور باختيار لجنة منهم تكون مجلس آبا ومعلمين للقيام بالاتصال مع المدرسة نيابة عن جميع أولياء الأمور، لأنه يصعب على كل واحد من أولياء الأمور أن يكون على كل واحد من أولياء الأمور أن يكون على اتصال دائم مع المدرسة للتعرف على أحوالها واحتياجاتها، وأحوال جميع المتواجدين فيها، لذا كان مهم جدا إرسال تقارير أسبوعية أو شهرية إلى ولي أمر كل طالب، والتي تطلعه على وضع ابنه في المدرسة من ناحية تعليمية اجتماعية وسلوكية. وتطلعه على المواهب والميول والاتجاهات والاهتمامات الموجودة لديه وكيفية العمل على تطويرها بالاشتراك مع المدرسة. أي يجب أن يكون البيت مكمل للمدرسة والمدرسة مكملة للبيت في عملية التعامل والتفاعل والاتصال والتحضير التي يمر بها خلال مراحل التعلم.
إن معظم الآباء يتلهفون دائما لسماع أخبار جيدة وطيبة من المعلمين عن تقدم أبنائهم في المدرسة، وحين سماع هذه الأخبار يطورون علاقات اتصال دائمة مع المعلمين والمدرسة، ولكن عندما لا يحصلون على هذه المعلومات بل يكون عكسها هو الصحيح، بالإضافة إلى تعليقات المعلمين التي تدل على أن الابن حالة ميؤس منها، فإن ذلك يؤدي إلى انقطاع الأب عن المدرسة وتطوير كراهية خاصة لها، خاصة إذا كان يسمع من المعلمين والطلاب على أن المدرسة لا تهتم بتطوير أي جانب من جوانب الشخصية وأن المعلمين لا يقومون بأداء وظائفهم وقيامهم بمسؤولياتهم بالشكل الصحيح وكما يجب. أما إذا كانت أخبار المعلمين والطلاب جيدة فإن الأهل أو قسم منهم يقدرون ذلك ويجعلهم يميلون إلى التعامل مع المدرسة بصورة إيجابية، لحل مشاكلها بصورة عامة ومشاكل الطلاب والمعلمين.
وفي هذا المجال يجب أن نذكر أن نسبة عالية من أولياء الأمور لا توجد لهم أي علاقة بالمدرسة أو معلمها، وذلك لكونهم لا يعرفون أهمية ذلك أو لأنهم لا يعرفون أهمية المدرسة ولا يقدرونها حق تقديرها وما لها من آثار إيجابية على مستقبل أبنائهم، أو لأنهم مشغولون طوال الوقت في أعمالهم الخاصة والاهتمام في توفير مطالب الأسرة أو لأنهم مشغولون في أشياء شخصية بعيدة كل البعد عن الاهتمام بالأبناء، ومجرد السؤال عنهم في المدرسة، أيضا من الممكن أن نسبة عالية من الآباء لا يذهبون إلى المدرسة لأن أبناءهم بعيدون عن خلق المشاكل والتصرفات والسلوك السيء مع معلميهم أو مع الطلاب الآخرين. في مثل هذا الوضع تكون المدرسة مجبرة على استدعاء الآهل إليها لإطلاعهم على ذلك والعمل على علاجها حقا. [وحتى في مثل هذا الوضع توجد نسبة عالية من الأهالي التي لا تلبي دعوة المدرسة ولا يذهبون لزيارتها ومعرفة أوضاع أبنائهم]. في بعض الأحيان يكون الأهل في مستوى تعليمي متدني لا يمكنهم من تقديم أية مساعدة للطلاب أو تقديم المساعدة لهم عندما يكونوا بحاجة لذلك.
ومما يجدر ذكره أن استخدام المعلمين الأسلوب الودي المناسب في التعامل مع أولياء الأمور، يؤدي إلى تطوير علاقات بناءة معهم التي تساعدهم على الآتية:
1- وجود وضع إيجابي داخل الصف الذي يساعد على التعلم، الأمر الذي يؤدي إلى أن تكون فكرة الطالب عن المدرسة إيجابية، مما يجعله يقوم بنقل هذه المعلومات إلى الآخرين خارج المدرسة.
2- أن تكون المعلومات التي تصل إلى الآباء عن المعلم أو عن الأبناء في المدرسة إيجابية، تشجعهم على الاتصال مع المدرسة، لأن العلاقات الحسنة الجيدة بين المعلم وأولياء أمور الطلاب تعمل على نقل آراء موضوعية إليهم، والذي يقوم بالبحث معهم في قضايا صعبة حول وضع أبنائهم التعليمي والاجتماعي والتي تلقي من أولياء الأمور التقدير.
وعليه يمكن القول بأن الاتصال الذي يحدث مع أولياء الأمور مهما كان نوعه، ومدى حدوثه وتكراره وما يحدث فيه من أحداث وما ينطوي عليه من تكوين علاقات إيجابية أو سلبية، يعتبر من أنواع الاتصال الهامة والضرورية التي يجب على المدرسة وإدارتها الحرص على وجوده واستمراره والعمل على تطويره بصورة دائمة. وذلك لما له من تأثيرات على شخصية الطالب ومكانته بين الطلاب. وفي نفس الوقت يجب على المدرسة أن تعمل دائما على استمرار التواصل بين البيت والمدرسة وإعطاء البيت الإرشاد والتوجيه لكيفية التعامل والاتصال مع الطالب حتى نصل إلى وضع إيجابي بين الطرفين الذي يؤدي في نهاية الأمر إلى استمرار العملية التربوية التعليمية بالشكل الصحيح، من خلال دعم المدرسة للبيت ودعم البيت للمدرسة والمعلمين.
الاتصال مع المسؤولين الآخرين
من خلال وجود المعلم في المدرسة وقيامه بأداء الوظيفة التربوية والتعلمية داخل الصف وخارجه واتصاله الدائم مع طلاب الصف والاهتمام بمطالبهم الفردية والجماعية، يقوم بالاتصال والاحتكاك مع المعلمين والعاملين وذوي الوظائف الخاصة (إن وجودوا في المدرسة) مثل طبيب المدرسة والممرضة، والمرشد النفسي والتربوي والاجتماعي، (وفي بعض الأحيان مع مفتش المدرسة) ومع أصحاب الوظائف الأخرى الذين لهم علاقة بالطلاب، مثل الأمور الصحية والنفسية والتربوية والإدارية، وجميعهم يعتمدون في القرارات التي يتخذونها على المعلومات التي يزودهم بها المعلم عن الطالب الذي يريدون مساعدته. كل واحد منهم حسب موضوعه وتخصصه، المعلم يقوم بتزويدهم في هذه المعلومات. فمثلا المرشد النفسي يستعين بالمعلم للحصول على معلومات عن طالب معين تتعلق بالمستوى الدراسي التعليمي، والسلوك الاجتماعي للطالب أثناء وجوده في مواقف وحالات معينة. كذلك الأمر بالنسبة للطبيب الذي يريد معلومات عن قدرة الطالب بالقيام في إرسال المعلومات، واستقبالها بالاعتماد على قدرته السمعية والبصرية، والمقدرة على الكلام بشكل واضح، والقدرة على امتلاك المهارات اللغوية، والدقة والزمن المطلوب لذلك، وهل توجد لديه معوقات سمعية أو بصرية.
ويجب أن نذكر هنا أن علاج أي مشكلة لدى أي طالب يتوقف نجاحها على المعلومات المتوفرة عن الطالب وعن مشكلته والتي نحصل عليها من المرشد التربوي أو الاجتماعي أو الطبيب، وهذه المعلومات والقرار الذي يتخذ بالاعتماد عليها لا نستطيع التحقق من صلاحيته إلا إذا وجدت عدة تقارير عن الطالب في هذا المجال، لأنه لا يمكن معالجة مشكلة بمجرد تقديم توصية معينة لحلها أو تشخيصها وعلاجها، ولا يتم العلاج إلا إذا توفرت التفاصيل الكافية عنها وعن المهارات التي تعلمها الطالب والأسلوب الذي تعلم به، والعلاقة التي تربطه مع الطلاب الآخرين، ومدى نجاحه التعليمي في جميع مواضيع التعلم، وأن تكون جميع هذه المعلومات المعطي عن الطالب صحيحة ودقيقة.