د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

أنواع الاتصالات داخل المؤسسات والمنظمات المختلفة (العلاقة بين أطراف عملية الاتصال)

عملية قيام الفرد بالاتصال مع الآخرين يقصد بها الوصول إلى إمكانية التفاهم العام، واتفاق حول موضوع أو أفكار معينة، ومهمة للطرفين بصورة متفاوتة أو متساوية، وذلك حسب نوعية الاتصال وأهميته.

February 23, 2024 عدد المشاهدات : 3753

ماهية الاتصالات الإدارية
عملية قيام الفرد بالاتصال مع الآخرين يقصد بها الوصول إلى إمكانية التفاهم العام، واتفاق حول موضوع أو أفكار معينة، ومهمة للطرفين بصورة متفاوتة أو متساوية، وذلك حسب نوعية الاتصال وأهميته.
والاتصالات كعملية إدارية بجوانبها الاجتماعية والسلوكية، اعتمادا على ما ذكر بقصد منها إنتاج أو توفير أو تجميع البيانات والمعلومات الضرورية لاستمرار العملية الإدارية ونقلها أو تبادلها أو اذاعتها، مما يمكن الفرد أو الجماعة القيام بنقل وتوصيل الأخبار والمعلومات الجديدة للآخرين، أو التأثير في سلوك الأفراد والجماعات أو القيام بالتعبير والتعديل، من هذا السلوك أو توجيهه وجهة معينة، التي تتفق مع مطالب المنظمة والمؤسسة التي يعمل بها.
وهذه العمليات تتم بصورة متبادلة بين الجانبين، وليس من جانب واحد أي أننا نقوم بنقل وإعطاء البيانات والمعلومات إلى الآخرين وبالعكس، لا يقصد هنا بالاتصالات بمعناها الضيق أو بمفهومها المادي الذي يعني وسائل الاتصال المادية، بل المقصود هو العملية التي تهدف إلى القيام بنقل وتبادل المعلومات التي يتوقف عليها توحيد الأفكار، وتتفق مع المفاهيم التي على أساسها تتخذ القرارات، واعتمادا على هذا تعتبر مهمة، وضرورية للقيام بالعمل التنفيذي والسياسي للمنظمة والمؤسسة.
واليوم وفي الفترة الأخيرة التي يلاحظ بها التقدم البشري في جميع المجالات، تؤدي الاتصالات في صورها المختلفة والمتنوعة مهام أساسية في عملية توصيل ونقل المفاهيم والمعلومات المختلفة، وتوضيحها لكل شخص وفرد له صلة أو حاجة بهذه المعلومات والاتصالات.
وعملية الاتصالات الإدارية تحدث وتتم داخل المنظمات والمؤسسات المختلفة التي تسعى لتحقيق أهداف خاصة بها وضرورية لاستمرارية وجودها، لذا فإن عدم توافر النظام الفعال والخاص لهذا النوع من الاتصالات داخل المنظمات أو المؤسسات، يجعلها ضعيفة وغير فعالة، وهنا يعني أن عملية الاتصالات تعتبر العصب الحيوي المنظمة تدفعها وتقربها إلى اتجاه تحقيق الأهداف الرئيسية لها وعليه نقول أن المنظمة أو المؤسسة في معظم الحالات تقوم على ثلاثة معلومات أساسية:
1- هدف تسعى لتحقيقه بكل الوسائل والإمكانيات.
2- اقتناع الأفراد وإقبالهم على تحقيق هذا الهدف.
3- وجود الاتصالات الفعالة التي تقوم بتحريك الأفراد في اتجاه الهدف، وتبقي وتدعم غاياتهم في الوصول إليه وإنجازه.
والهدف يجب أن يكون معلوما ومعروفا ومحددا بصورة واضحة لكي يتم تحقيقه، ولكي يكون الهدف معلوما وواضحا يجب أن نقوم بشرحه بصورة واضحة، وعملية الاتصالات هي بمثابة وسيلة للتعريف بالأهداف، ووسيلة لتوضيحها، وشرحها لجميع العاملين في المنظمات أو المؤسسات، بالإضافة لذلك هي ضرورية لعملية اتخاذ القرارات السليمة والصحيحة، التي تتعلق بالتنفيذ، وعملية تحديد الاختصاصات وتوزيع العمل وحل مشكلاته، والوقوف على مدى تقدمه وتقويم نتائجه، وتتبع الجهود التي تبذل من أجل الوصول إلى الهدف الذي تعمل من أجله.
وأهداف الاتصال كثيرة، منها أهداف ثقافية وفنية، التي تتحقق عن طريق استعمال الكتب والتعليم أو المطالعة والمسرح والموسيقي، وهناك الأهداف الاقتصادية والتجارية التي تقوم بإنجازها وتحقيقها عن طريق استعمال برامج الدعاية الخاصة وبرامج الإعلان، من أجل زيادة التسويق وتنشيط الحركات التجارية (البيع والشراء) ومن الممكن أن يؤدي الاتصال إلى تحقيق أهداف ترويجية، مثل مشاهدة الأفلام السينمائية وبرامج السياحة الداخلية والخارجية أو أهداف سياسية، مثل الدعاية الانتخابية، أو القيام بالجاسوسية والمخابرات.
لذا فقد أصبح الاتصال هو العملية الإدارية المستمرة، التي تحدث بين الدولة والمواطن في جميع مجالات الحياة، وفي جميع أنواع وطرق الاتصال، وبين العامل في أي منظمة أو مؤسسة، وبين التلميذ والمدرسة، وبين المدير والعاملين في المدرسة.

أهمية الاتصالات الإدارية
المشكلة الأولى التي تواجه الإدارة على أنواعها وأشكالها المختلفة، في أيامنا هي مشكلة الاتصال بسبب الأهمية الكبرى والسريعة للقيام في جمع البيانات والمعلومات اللازمة والضرورية للعملية الإدارية، لذا فإن مشكلة الاتصال أساسا هي مشكلة إيجاد طرق ووسائل خاصة، للقيام بعملية نقل البيانات من جميع المستويات الموجودة والمتفاعلة مع بعضها البعض، في المنظمة أو المؤسسة والتي يؤثر ببعضها البعض، في معظم الجوانب سواء من الخارج إلى الداخل أو من الداخل إلى الخارج أو من الداخل إلى الداخل، وفي حالة وقوع خلل في عملية الاتصال الإداري ووسائلها، يؤدي إلى خلل في عملية توصيل البيانات الصحيحة والدقيقة إلى المستويات المختلفة، خصوصا في عملية توصيل البيانات الصحيحة والدقيقة إلى المستويات العليا، معنى ذلك أن الإدارة يوجد لديها مجموعة من البيانات الخاطئة، وغير الصحيحة عن هذا الموقف الذي تعيشه.
مثل هذا الوضع يفرض ويؤكد على الاهتمام الخاص بعملية الاتصال الإداري، ومدى تسهيل عملية إيصال البيانات والمعلومات الحقيقية والصحيحة، التي تأتي من الخارج سواء كانت مساعدة أو هابطة، والاتصال الإداري يقوم بعملية توجيه وإرشاد وتقييم وتعليم وخلق حوافز وإشراف من المساعدين وإصدار التعليمات الصحيحة، والاتصال الإداري المباشر الذي يحدث داخل بناء المؤسسة البيروقراطية، وبين العاملين فيها، يعتبر من أهم وسائل الاتصال التي تعمل على تحقيق التفاعل، والتكامل بالإضافة لهذا توجد وسائل أخرى غير مباشرة للاتصال الإداري، وهي الاتصالات التي تحدث عن طريق الرسائل أو النشرات المكتوبة، وعملية استخدام أجهزة الاتصال الحديثة التي تزداد في كل يوم جميعها تستخدم لأهمية تبادل الرأي لكل نصل إلى تحقيق الفهم الكامل والمعرفة المتبدلة بين الأفراد داخل المؤسسة، تظهر أهمية الاتصالات كعملية أساسية وحيوية، بالإضافة لكونها عملية مستمرة لا تقف عند وقت أو مرحلة معينة، بل هي مستمرة طوال حياة الفرد أو الأفراد داخل المجتمع والأسرة التي يعيش فيها، كمرحلة أولى يمر بها ويكتسب الخبرة والتجربة التي تساعده في عملية التفاعل الاجتماعي، وفي جميع مجالات الحياة التي يتواجد بها، أو يعمل بها، والعملية الاتصالية تستمر طوال الفترة الزمنية التي تعيشها المنظمة أو المؤسسة التي يتواجد ويعمل وينتمي إليها الفرد أو الأفراد، ومن هذا المنطلق يتوجب على الإدارة في المنظمات المختلفة القيام بالتخطيط والتنظيم، والتنسيق والإشراف واتخاذ القرارات التي تهم المنظمة وجميع الأفراد العاملين فيها، مما يؤدي إلى القيام بالاتصالات والاستمرار بها، بين جميع العناصر المتواجدة والمتأثرة بما يحدث فيها، والمبادرة بالقيام بعملية الاتصال الجيد مع جميع الأطراف التي يهمها ما يحدث داخل المنظمة هي التي تساعد وتعمل على نجاح الكثيرين من القائمين بالاتصال، وأصحاب المسؤوليات في أعمالهم الرسمية والخاصة.
لذلك يطلق على عملية الاتصالات في بعض الأحيان والمواقف اسم "قلب الإدارة" لأنها هي التي تقف في مركز أحداث كل إدارة، بمعنى أن الإدارة إذا استطاعت القيام بالاتصال مع جميع الموجودين في المنظمة، بصورة ناجحة وفعالة، تضمن الوصول إلى تحقيق الأهداف الأساسية للمنظمة، التي من الصعب القيام بإتمام وإنجاز أعمالها إذا لم يتوفر وجود نظام اتصال فعال بالمنظمة.
وأهم الجوانب التي تميز المنظمة، القيام باتخاذ القرارات الدائمة التي هي من أصعب وأخطر المهام، وعملية اتخاذ قرار معين في أي منظمة تتوقف سلامته على نوع المعلومات التي تصل إلى المسؤول للقيام بعملية اتخاذ القرار، وعلى مدى صحة ودقة هذه المعلومات وكميتها، وحتى بعد اتخاذ القرار، فهو يبقي غير فعال أو مثمر حتى تتم عملية نقله وتوصيله إلى سائر الأشخاص والوحدات التي يعنيها الأمر، عندها يحدث رد فعل وقيام بإصدار قرارات مناسبة من قبل الآخرين.
والأثر الذي تتركه الاتصالات لا يقف عند هذا الحد فحسب، إنما يمكن التأكيد أيضا بأن عملية الاتصالات يتوقف عليها نوع القرارات التي تتخذ وأفضل المستويات التنفيذية لاتخاذها، ومن سيقومون بالتنفيذ.
وفي جميع الحالات نجد أن مدى الصعوبة أو السهولة التي تحدث فيها عملية الاتصال، ونوع المعلومات التي تنقل ومستواها عام وهام في تحديد المستوى الذي يتخذ عنده القرار، فحيث تصعب عملية الاتصالات نجد اتجاها ملموسا لتفويض السلطة إلى المستويات الأخرى حتى لا يتعقد العمل التنفيذي، أو يتأخر ويؤدي ذلك إلى إضاعة الوقت المناسب للقيام بعملية اتخاذ الإجراءات الفعالة.
وعدم إتمام هذه العملية يؤدي إلى عواقب ونتائج صعبة وغير مرغوب فيها، وحسب ما يرى ويقول الباحثون في مجالات الإدارة المختلفة والمتنوعة، أن أكبر الأحداث والمصائب وأصعب النتائج التي من الممكن أن تحدث للمنظمات أن تصيبها أثناء العمل تأتي نتيجة للفشل وعدم النجاح في عملية الاتصالات. 
مما ذكر نستطيع أن نقول أن عملية الاتصال تظهر وكأنها السلسلة التي تقاس قوتها بأضعف الحلقات الموجودة فيها، فإذا لم يكن لدى المصدر المعلومات الدقيقة والكافية، أو إذا نقلت الرسالة محرفة أو تأخر نقلها أو تعطل أو إذا لم يستوعبها المستقبل لسبب من الأسباب فإن القيام بالاتصال في مثل هذه الحالات لا يتم، أو يحدث بالفاعلية والتأثير المطلوب.
هذه النوعية من الاتصالات يمكن أن تقسم إلى قسمين أو نوعين رئيسيين هما الاتصالات الرسمية وغير الرسمية.
أولا: الاتصالات الرسمية
هي الاتصالات التي تتم في إطار الأسس والقوانين التي تحكم المنظمة أو المؤسسة، وأثناء حدوثها تتبع قنوات وطرق وأساليب محددة، من قبل البناء التنظيمي الرسمي، ولكي تكون هذه الاتصالات سارية وفعالة، يجب أن تكون جميع قنواتها ووسائلها واضحة ومعروفة لجميع الأعضاء الذين يتبعون هذا التنظيم، أو موجودين داخل إطار هذه المؤسسة وتكون هذه القنوات والطرق لها فعالية وأهمية، في نقل المعلومات، كما ويجب على أصحاب المناصب الخاصة في هذا التنظيم، والتي تعتبر مركز الاتصال أن يدركوا أهمية أدوارهم، في عملية نقل المطالب والتعليمات الخاصة أو المعلومات، كما ويجب أن تأخذ جميع التدابير، التي تمنع تعطيل عملية الاتصالات، في حالة غياب صاحب المركز الاتصالي، (وهذا يحدث عن طريق تعيين بديل لصاحب المركز الخاص)، أيضا يجب أن تتم هذه الاتصالات حسب تخطيط السلطة المسؤولة، أي أن لا يقوم بالاتصال إلا من هو مختص بذلك، وأن لا يقوم بتجاوز المسؤولين عنه، بالمستويات الأعلى أو الأدنى، أيضا يجب أن تتفق خطوط واتجاهات الاتصال مع العوامل الإنسانية الموجودة داخل المنظمة، أو المؤسسة وأن يقتنع جميع الأعضاء به، وذلك لكي لا يحدث اختلاف حوله، أو وقوع العداء بين البعض أو وجود عدم الانسجام الذي من الطبيعي أن يؤدي إلى تعطيل الاتصالات.
والاتصالات الرسمية التي نحن بصدد الحديث عنها، تكون مؤثرة بالدرجة التي تكون فيها مقبولة لدى جميع العاملين في المنظمة أو المؤسسة، ووجود هذا القبول، أو عدم وجوده يعتمد على العوامل والاعتبارات الإنسانية المختلفة التي تسيطر على الوضع داخل المؤسسات المختلفة، مثل وجود التفاهم والولاء، أو العداء وعدم التقبل والمعارضة، بالإضافة إلى ذلك كبر حجم المنظمة أو المؤسسة والاتجاه نحو العمليات التخصصية تؤدي إلى زيادة الحاجة إلى القيام بالاتصالات الرسمية المخططة والمنظمة والتي تستطيع أن تنفيذ من خلال المعوقات التي يفرضها التخصص، وتؤدي إلى تقصير المسافة بين مركز المنظمة أو المؤسسة، والفروع المختلفة.
وهذا النوع من الاتصالات الرسمية يسير في الاتجاهات الآتية:
1- الاتصال الهابط: من أعلى إلى أسفل (من الرئيس إلى عامل الإنتاج أو من المدير إلى المعلم).
2- الاتصال الصاعد: من أسفل إلى أعلي (من عمال الإنتاج إلى رئيس مجلس الإدارة أو من المعلم إلى المدير).
3- الاتصالات الأفقية: (التي تحدث بين المعلمين أنفسهم أو بين العاملين مع اعتبار المسؤوليات المختلفة).
4- الاتصالات في خطوط مائلة: (التي تحدث بصورة فجائية وغير منظمة بين أفراد المستويات المختلفة وفي مواقف خاصة ومحددة).
النوع الأول: الاتصال الهابط
الاتصال إلى أسفل في أي مؤسسة أو منظمة، أو أي جانب من جوانب الحياة، يقصد به تلك العملية التي تنقل بها المعلومات على أنواعها، وأهميتها المختلفة من السلطة العليا إلى من هم أقل منها درجة، في جميع مجالات العمل والحياة، أو ما نطلق عليه السلطة الدنيا، بمعنى آخر من قمة التنظيم إلى أدنى المستويات الإدارية والمنفذة، في المنظمة أو المؤسسة أو المجالات الأخرى التي تسير على هذا النظام الإداري والاتصالي بين الأفراد، وهو يتضمن في العادة الأفكار والقرارات والأوامر والتعليمات والتوجيهات، وأكثر أشكال هذه الاتصالات حدوثا يظهر في تعليمات العمل التي تعطي لجميع العاملين، على اختلاف مستوياتهم، والوظائف التي يقومون بأدائها، أو المذكرات الرسمية والنشرات المطبوعة، أو المحادثات المتكررة والدائمة التي تهدف إلى مساعدة العاملين على فهم الأمور المختلفة التي تحدث في العمل، وفي إعطاء التعليمات المختلفة لها، وهذا النوع من الاتصالات الرسمية يعتبر ضروري، وذات أهمية في عملية شرح وتوضيح الأهداف والاتجاهات، والقيام بتنفيذ المخططات والبرامج الخاصة بالمؤسسة أو الأفراد، وأيضا تحديد اختصاص كل فرد ووظيفته ومجال الأعمال التي يقوم بتنفيذها، أو يجب عليه أن يقوم بتنفيذها، لكي لا تحدث التباسات وتضارب في الأعمال، بالإضافة إلى ما ذكر هذا النوع من الاتصال ضروري، للقيام في عملية إتمام الاختيارات والفحوص المختلفة للأفراد، والعلاقات العامة والإنسانية التي لها أهمية كبيرة جدا في جميع مجالات الاتصال الاجتماعية.
وفي كثير من المؤسسات والمنظمات على اختلاف أعمالها، غالبا ما تكون الاتصالات إلى أسفل قليلة، وغير كافية ودقيقة، الأمر الذي يؤدي إلى غياب وفقدان البيانات والمعلومات عن أعمالها وما يحدث فيها، وفي النهاية يؤدي إلى فشل الاتصال أو مدى فعاليته، وفي بعض الأحيان فشل العمل كله، أضف إلى ذلك أن مثل هذا الوضع بالنسبة للمعلومات والاتصال هو أيضا غير كاف من الناحية الإنسانية، ومن ناحية وجود العلاقات الاجتماعية والشخصية بين الأشخاص والأفراد في المؤسسة أو المنظمة على اختلاف مراكزهم وأعمالهم.
ومن الأمور والجوانب التي تلاحظ في مثل المنظمات والمؤسسات التي تحدثنا عنها وعن عملية الاتصال القائمة والمتبعة فيها، أن الرئيس أو المسؤول الأعلى إذا كان يتصف بالعنف والعدوانية، فسوف تؤثر هذه الصفات على الاتصالات من أعلى إلى أسفل، بين جميع أقسام ووحدات المنظمة أو المؤسسة، ومثل هذا السلوك والتصرف يؤدي إلى الشعور بالخوف، وعدم الأمان لدى أفراد المنظمة والعمل دائما على الابتعاد عنه، أو الاصطدام به، الأمر الذي يؤثر بدون شك في عملية اتصالاتهم الصاعدة إذا أرادوا ذلك، وطبيعي أن مثل هذا الوضع يعزل المسؤولين عن العاملين أو من هم في المستويات المتدنية، أو العامة مما يؤدي إلى نتائج سلبية.
ولكي يكون الاتصال من أعلى إلى أسفل مقبول للأفراد والأشخاص في المنظمة أو المؤسسة، يجب أن تتوفر في القائم بهذا النوع من الاتصال الشروط الآتية:
1- قوة المرسل ومقدرته في أن يعطي أو يرسل التعليمات للآخرين.
2- قوة المرسل ومقدرته على القيام بممارسة سلطته ونفوذه في المستقبل.
3- كفاءة المرسل الاتصالية والإدارية، ومعرفته للقضية التي هي موضع الاتصال والاهتمام.
4- الولاء والطاعة الذي يعطي لمن يقوم بالإرسال إلى التابعين له كمسؤول.
5- عملية تقبل قيام المرسل من قبل الآخرين، عندما يعطي أو يرسل التعليمات والمطالب إلى العاملين في المنظمة أو المؤسسة، أو مجالات الحياة المختلفة.
ولكي نضمن أن يكون الاتصال من هذا النوع جيدا ومحققا للأهداف المطلوبة منه، والتي قام من أجلها يجب أن تتوفر المتطلبات الآتية:
1- محاولة الحصول والوصول إلى المعلومات والبيانات المطلوبة مقدما وقبل بدء عملية الاتصال، ومن المفضل أن تعرف منذ البداية ما تريد توصيله للمدير أو الإدارة، والمدير بدوره يجب أن يكون مستعدا وحاضرا للقيام بالإجابة على الأسئلة التي تطرح من العاملين في مجالات العمل المختلفة، والمجالات الأخرى التي لها أهمية لديهم، وحين طرح سؤال من قبل العاملين، ونحن لا نعرف الإجابة عليه يجب أن لا نجيب بصورة ارتجالية، وأن لا نقول أشياء ومعلومات تجعل المستقبلين أو العاملين يعرفون أو يعتقدون أننا لا نعرف ما يحدث حولنا، والمفضل أن نقول: الآن لا أعرف الإجابة وسوف أعمل على معرفتها وإخبارك فيما بعد.
2- يجب العمل على تطوير اتجاهات إيجابية للاتصالات داخل المؤسسة وخارجها، والمدير الإيجابي في عمله ومعاملاته يحاول أن يقوم بمساعدة ومشاطرة العاملين معه، ولديه المعلومات الهامة والضرورية التي يحتاجون إليها.
3- القيام بالتخطيط للاتصال، بحيث نتوصل إلى ربط جميع الخطط الإدارية، مع بعضها البعض، وتكون مكملة لبعضها، لتوصيلها إلى من يعنيهم ويهمهم الأمر، مثل التخطيط للنشرات اليومية أو الإذاعات الصباحية ولوحات الإعلانات التي يقصد منها إخبار العاملين وإطلاعهم بما يريدون معرفته وإشراكهم بما يحدث داخل المؤسسة، وهذه الإعلانات يجب أن نطلع عليها قبل القيام بعرضها على العاملين، لكي نتأكد من صحة ما هو مكتوب فيها.
4- محاولة كسب ثقة الآخرين، لأن المعنى الذي يحصل عليه العاملين من عملية اتصال المدير بهم يتوقف على مدى ثقتهم في هدف القائم بالاتصال ورغبته، وفي معظم الأحيان يبحث العامل أو العاملين في المعنى الموجود بين السطور، ولم يذكر بصورة واضحة فيما قاله المدير، عندما قام بالاتصال، ويطرحون الأسئلة من نوع لماذا قال ذلك؟ لماذا لم يقول أشياء أخرى، وما هو هدفه؟
وإذا فقدت الثقة كان المتوقع من المدير عدم العدل فيما يقول أو يعمل، أو تجاهل الرغبات المختلفة للعاملين، فإن الميل إلى الاستجابة يكون سلبي، ويحاول استغلال كل فرصة للعمل السلبي، وذلك لسوء تفسير ما يقول، وهو يقوم بعمل ذلك بشكل شعوري أو لا شعوري.
جوانب قصور الاتصال من أعلى إلى أسفل
1- بعض المعلومات الإدارية والتنظيمية تكون سريعة، بحيث من غير الممكن خضوعها لعملية الاتصال الحر والمباشر، لأسباب عديدة وكثيرة، فمثلا من الصعب على المسؤولين والإداريين وخصوصا إذا كانت المعلومات تتعلق بنوعية الإنتاج، أو بنوعية المواد التعليمية.
2- عملية الاتصال من هذا النوع تحاول في معظم الأحيان والأوضاع أن تبتعد وتتجنب الدخول في الشؤون الخاصة، الدينية والسياسية للعاملين والموجودين في إطار هذه المنظمة أو المؤسسة.
3- التوقيت الزمني الدقيق يعتبر في بعض الأحيان، من العناصر التي تحد من عملية الاتصال، وذلك لوجود معلومات خاصة التي إذا انتقلت في وقت غير مناسب تعتبر غير ملائمة وغير مناسبة، لأنها تسبب وجود الترويج والمزايدة وإعطاء الفرصة للقيام بنشر الشائعات المختلفة.
النوع الثاني- الاتصال الصاعد
هذا النوع من الاتصالات الرسمية تحدث وتتم بين المرؤوسين إلى رؤسائهم، أي من أسفل إلى أعلى، من العاملين إلى الإدارة.
حيث تكون الحاجة في كثير من الأحيان والأوضاع واضحة وضرورية لاتصال العاملين بالقاعدة الإنتاجية بالمستويات الإدارية العليا، بمعنى أن ما يحدث في مثل هذه المواقف يكون المصدر في مثل مستوى ووضع إداري أقل أهمية من المستقبل.
الاتصال من أسفل إلى أعلى يعني نقل المعلومات التي لها أهمية كبيرة في عملية اتخاذ ووضع القرارات، والتخطيط العام وإعطاء الأوامر والتعليمات التي تتطلب التدخل لحل المشاكل المختلفة التي تظهر، والقيم بتذليل العقبات التي تؤدي إلى توقف التنفيذ، بالإضافة لكل ذلك من الممكن أن تتضمن المعلومات التي تنقل الجوانب التي تؤدي إلى التعديل والتطوير.
والتي تؤدي إلى زيادة الإشراف أو الرقابة أو إعادة التنظيم أو عملية تقدير العاملين في المؤسسة والقيام بالثناء عليهم وعلى أعمالهم، وبالنسبة للمعلومات التي تطرح شكاوى تتطلب حلول أو مواجهة مواقف معينة أو أفكارا واقتراحات جديدة ومتنوعة التي تساعد على علاج المشاكل الوظيفية والمعنوية.
من الحقائق الهامة التي تظهر في هذا النوع من الاتصال، أن المدير أو المسؤول الأعلى الذي يقوم دائما بعملية تشجيع وصول المعلومات من المراكز المختلفة إلى أعلى، لديه معرفة كاملة وشاملة لجميع الأبعاد في المنظمة وما يحدث بالعمل بها وبطبيعة الحال فهو يقف في وضع أفضل يساعده ويمكنه من اتخاذ القرارات الرشيدة والسليمة، ومدى وصول المعلومات الصاعدة إلى مدير المؤسسة أو المنظمة، يتوقف مع معظم الأحيان على اتجاهاته نحو الآخرين، الذين يعملون معه، ويتوقف أيضا على أفكاره واتجاهاته للحكم والسلطة والسيطرة والأساليب التي يتبعها في ممارستها.
وفي هذا المجال يجب أن نذكر أن الموظف أو العامل البسيط، والذي يتواجد في بداية الطريق أو المراحل الأولى للحياة العملية في المؤسسة، لا يمكن أن يقوم بمواجهة المدير أو المسؤول ويخبره بأن العمل لا يسير بصورة جيدة ومقبولة، ولا يمكن أن يقوم هذا الموظف بإخبار المدير أن القرارات التي اتخذها ظالمة وغير منصفة أو أنها قرارات متضاربة أو تؤدي إلى خلق المشاكل عند محاولة تنفيذها، ولذلك يتوجب على المدير الذي يهمه الأمر أن يقوم بتنظيم وقته واستغلاله في عملية اتصال الموظفين أو العاملين معه.
ومن أهم المشاكل التي تقف أمام المدير أو المسؤول هي: كيفية معرفة مدى تأثير الاتصالات التي يقوم بها مع الآخرين في إطار المؤسسة أو العمل من أجلها، ولكي يستطيع معرفة مدى هذا التأثير يجب أن يعرف ما هي ردود الفعل التي تحدث نتيجة الاتصالات التي تصل إليه.
ولقد دلت معظم الأبحاث التي ظهرت في هذا المجال أن زيادة مدى ومقدار عملية الاتصال الصاعدة "Input" إلى مدير المنظمة أو المؤسسة، عن مقدار وكمية العاملين والموظفين على اختلاف مراكزهم، مثل هذا الوضع يدل على مدى الديمقراطية الموجودة لدى الإدارة في عملية تعاملها واتصالاتها مع الموظفين والعاملين.
وفي مثل هذه الحالة نقول أن المعلومات تسير في طريق مزدوج، وتتم دائرة الاتصال، ودون وجود وحدوث هذا النوع من الاتصال، يصبح العاملون والموظفون في حالة انعزال عن الإدارة العليا ولا يستطيعون مناقشة مشكلاتهم العملية والشخصية مع أحد، وهذا الوضع من الممكن أن يؤدي إلى عدم القيام بالعمل، وإنجازه بالصورة التي يجب أن يكون عليها.
يجب أن نذكر أن تحقيق وإنجاز عملية الاتصالات الفعالة إلى أعلى في معظم الأحيان يكون صعبا وبصفة خاصة في المؤسسات والمنظمات الكبيرة، بالرغم من أهميتها الكبيرة في عملية اتخاذ القرارات السليمة والمجدية، ومن أشكال هذا النوع من الاتصالات الشائعة في المؤسسات والمنظمات نذكر صناديق الاقتراحات والاجتماعات والشكاوى والمطالب التي يتقدم بها المرؤوسين إلى المديرين.
إن عدم توفير المناخ والجو والوسائل الكافية لهذه الاتصالات تؤدي إلى القيام بعملية البحث والتفتيش عن وسائل أخرى أو إضافية من جانب العاملين والموظفين، للقيام بالتعبير عن موقفهم، وهذا من الممكن أن يأخذ جوانب وأشكال وصور سلبية غير مقبولة على الإدارة مثل المطبوعات والمنشورات السرية أو الإشاعات التي تخدم مصالح أفراد معينين وتضر بمصلحة المؤسسة.
والإدارة بشكل عام، يجب أن تقوم بعملية تطوير وتنمية وسائل وأساليب عديدة ومختلفة وذلك لكي تحسن مستوى الاتصال إلى أعلى، ومن هذه الوسائل ما يلي:
1- سياسة الباب المفتوح: مثل هذه السياسة والأسلوب الذي يقوم بإتباعه قسم من المديرين في المؤسسات المختلفة، الذي يقدم مساعدة فعلية وفعالة للاتصال إلى أعلى، ولهذه السياسة أهميتها وجاذبيتها، وخصوصا إذا كانت تعتبر المنفذ الذي يستطيع المديرون أن ينفذوا خارجة، إلى جميع المستخدمين والعاملين في المؤسسة، ولكنه في نفس الوقت لا يعتبر منفذ للعاملين لينفذوا داخله إلى الإدارة وما يدور فيها وذلك لأن لهذه السياسة قيوم تحدد من خطواتها، أي بالرغم من أن الباب يعتبر مفتوحا عمليا إلا أن وجود بعض العوائق النفسية والاجتماعية التي تؤدي إلى امتناع العاملين من محاولة الدخول من هذا الباب إلى الإدارة وطرح مشاكلهم أو طلباتهم، لأن معظمهم يخافون من عدم قبول شخصياتهم، وثقتهم بأنفسهم ومقدراتهم على مقابلة المسؤولين.
2- من الممكن القيام بتحسين مستوى عمليات الاتصال بمستوياتها المختلفة عن طريق النشاط الاجتماعي داخل المؤسسة أو المنظمة، وهذا بطبيعة الحال يختلف من منظمة إلى أخرى حيث في قسم كبير من المنظمات أو المؤسسات التربوية يلعب النشاط الاجتماعي الدور الفعال في سياسة المؤسسة العامة وعمليات الاتصال المختلفة التي تقوم عليها وعن طريق الندوات الثقافية والرياضية التي تقام في هذه المؤسسات يتم الاتصال وتبادل الآراء بين جميع العاملين والمسؤولين.
3- عملية تحسين الاتصال بين الأفراد والعاملين داخل المنظمات والمؤسسات والإدارة، عن طريق عملية تبادل الرسائل، هذه الرسائل توضع في صندوق خاص للرسائل الذي يقوم كل عامل بإرسال ما يريد من رسائل إلى المسؤولين، يشرح فيها ما يريد من مطالب أو ما يشعر به من حاجات ورغبات أو ما يحدث داخل المؤسسة من أمور لا تخدم المصلحة العامة وتخدم المصالح الخاصة.
4- من المشاكل التي تلعب دورا هاما وفعالا في حياة المؤسسات والمنظمات والتي من الممكن أن تؤدي إلى فشل المؤسسة في نهاية الأمر، وعدم قدرتها على تحقيق أهدافها الخاصة والعامة، وتؤدي إلى تحطيم العلاقات الاجتماعية بين العاملين أنفسهم، ومع المدير المسؤول، ظهور الشائعات بين العاملين داخل المؤسسة، مثل هذا يجب الاهتمام به، ومحاولة معرفة صحة هذه الشائعات من قبل الإدارة، تشعر العاملين بالاهتمام بما يحدث معهم، وأيضا في أفكارهم وآرائهم الأمر الذي يؤدي إلى شعورهم بالرضا والراحة النفسية في نهاية الأمر.
5- بعض المؤسسات تقوم بإصدار مجلة خاصة بها، تتحدث عما يدور في المؤسسة والموضوعات التي تهم العاملين في مواضيعهم المختلفة، (في مجال التربية والتعليم معظم المدارس تقوم بإصدار مثل هذه المجلة، ويشترك فيها المعلمين والطلاب، وتتحدث عن النشاطات المختلفة التي تقوم بها المدارس، وعن المواضيع التي تهم الطلاب، مثل هذه المجلات التربوية إما أن تكون شهرية أو فصلية)، ويستطيع كل عامل أن يقوم بإرسال ما يريده في شتى المجالات على شكل أسئلة استفسارية يبعثها إلى المسؤول عن المجلة بدون اسم، وهذا المسؤول عليه أن يذهب إلى جميع الموظفين وحتى المدير لكي يحصل على الإجابة الملائمة للسؤال، ثم يرسل الإجابة إلى صاحب السؤال عن طريق المجلة دون أن يعرف أحد شخصيته، هذه الطريقة ليست مجدية في معظم الأحيان ولا يوجد عليها إقبال كبير، لأنه من الممكن معرفة صاحب السؤال في نهاية الأمر عن طريق المسؤول عن المجلة ومجرد الشعور بذلك يؤدي بالعاملين إلى الخوف وعدم محاولة الاتصال بالإدارة.
معوقات الاتصال إلى أعلى
في معظم الأحيان والحالات العملية داخل المؤسسة أو المنظمة لا يدرك ولا يعرف المدير مقدار ومدى قوة وشدة العوائق والحواجز التي تقف أمام عملية الاتصال الأعلى، وبالذات أمام العاملين الموجودين في قاعدة العمل الإنتاجية والإنجاز، لأن مكانة المدير وصفاته تختلف اختلافا كبيرا عن مكانة وصفات العاملين، أضف إلى ذلك أن المدير في معظم الأحيان يتحدث بأسلوب ولغة ويلبس ملابس بطريقة تختلف اختلافا واضحا عن طريقة ولغة العاملين، واللغة التي يتحدث بها من الممكن أن تكون على جانب كبير من الغموض في التعبير واستعمال الألفاظ والمصطلحات التي لها أكثر من معنى مما يؤدي إلى الاضطراب وعدم وضوح المعاني، والفهم لدى الطرف الآخر الذي يقوم بعملية استقبال لما يقوله أو يقوم به المدير من اتصالات وتوجه إلى العاملين.
ومن المؤكد أنه كلما قلت درجة التفاهم يؤدي هذا إلى زيادة المسافة والبعد في مستوى الفهم وإدراك القيم والعادات والتقاليد، وهذا بدوره يؤدي إلى تعدد العوائق التي تقف أمام عملية الاتصالات كما أن اختلاف التخصصات الدقيقة والعميقة داخل التنظيم يمكن أن يكون عائقا ثقافيا صعبا للاتصال.
من الجوانب الخاصة والمميزة لعمل المدير ومكانته أن له الحرية التامة للقيام في استدعاء أي عامل أو موظف إلى مكتبه في أي وقت يريد أو أنه يستطيع أن يتنقل بحرية تامة في جميع مواقع العمل في الوقت الذي لا تتاح وتعطي للعامل هذه الحرية، من المؤكد أنه لا يستطيع استدعاء المدير في الوقت الذي هو بحاجة إليه أو متى يشاء، وفي معظم الأحيان، إن لم يكن في جميعها لا يملك العامل أو الموظف القدرة عن التعبير عن نفسه بوضوح، كما يفعل المدير الذي يجب أن يكون على جانب كبير ومميز من التدريب والخبرة والمهارة في القيام بالاتصالات المختلفة مع جميع الأفراد والجهات.
أضف إلى كل هذا أن العامل عندما يعطي الفرصة للقيام بالاتصال مع المدير، فهو يقوم بالتحدث إلى شخص لا يعرف عن طبيعة عمله ومسؤولياته إلا الشيء القليل، حيث في معظم الحالات لا يعرف أي شيء.
وهناك عوائق نفسية تتدخل بين جميع أعضاء وأفراد التنظيم، حيث تسود العلاقات غير الرسمية فتقلل من الاتصالات الرسمية، وقد يكون فارق الدرجة الكبيرة هو عائق في حد ذاته، نظرا لوجود حاجز المكانة أو الأهمية، بالإضافة إلى أن كبر واتساع المنظمة أو المؤسسة الذي يعتبر من العوامل الأساسية والجوهرية والتي لها الدور الأول في إيجاد الحواجز والفواصل بين معظم أقسام وأجزاء المنظمة أو المؤسسة.
وبما أن الاتصال يعتبر قلب الإدارة، لذا يجب أن يكون دائما ومستمرا بين جميع الأطراف، وفي كل الاتجاهات، لسهولة القيام بعملية نقل المعلومات والقرارات والإجراءات في شبكة كبيرة وواسعة من الاتصالات الداخلية والخارجية.
النوع الثالث: الاتصالات الأفقية
هذا النوع من أنواع الاتصال الرسمية يحدث في اتجاه أفقي، ويقصد به الاتصال الذي يحدث بين موظفي المستوى الإداري أو العملي الإنجازي الواحد، بهدف تبادل المعلومات والتنسيق بين الجهود والأعمال التي يقومون بها، وفي كثير من الأحيان يحدث هذا النوع من الاتصال الأفقي، ويمارس على شكل اجتماعات اللجان والمجالس المختلفة الموجودة داخل المؤسسة.
وعملية توفير هذا النوع من الاتصالات الرسمية، يعتبر من الأمور التي تنسى أو تغفل في معظم الأحيان، وخصوصا عند القيام بتصميم إطار أو هيكل معظم المؤسسات والمنظمات على الرغم من أن أهميتها للنجاح لا تقل عن أهمية الاتصالات إلى أعلى وإلى أسفل، لأن الاتصالات بين إدارات المؤسسة أو المنظمة الواحدة تعتبر ضرورية لعملية التنسيق والتكامل، بين الوظائف التنظيمية المتنوعة.
النوع الرابع: الاتصالات في خطوط مائلة
هي نوع آخر من أنواع الاتصال الرسمية والتي تكون فجائية، وغير متوقعة أو معتادة، أي أنها تحدث في مواقف وأحوال خاصة جدا التي لا يمكن استعمال أي نوع من أنواع الاتصال الأخرى فيها، أي أن هذا النوع يعتبر أقل وسائل وطرق الاتصالات استخداما داخل المنظمات، والمؤسسات على اختلاف أنواعها ومجالاتها واهتماماتها وعملها، إلا أنها تعتبر ذات أهمية خاصة في المواقف والأحداث التي لا يمكن للأفراد القيام فيها بكفاءة ونجاح من خلال وسائل الاتصال الأخرى.
فمثلا عندما يكون المدير أو المسؤول الأعلى مجبرا أو مضطرا للقيام بالاتصال المباشر مع الأفراد أو الأعضاء الذين لديهم المعلومات الضرورية والمطلوبة في تلك اللحظة، والتي لا يوجد أي طريقة للوصول إليها إلا عن طريق القيام بمثل هذا الاتصال المباشر، حتى لو لم يكن مقبولا القيام به، ولهذا الاتصال ميزة خاصة، وهي توفيره للوقت والجهد والسرعة في الوصول إلى ما هو مطلوب وهام.
وفي عملية الاتصالات الرسمية يجب أن تكون شبكة هذا الاتصال قادرة على إيجاد السرعة بنقل المعلومات، بالإضافة إلى وجود الدقة في المعلومات أو الأخبار والأوامر والقرارات التي تنقل والتي تؤدي إلى تحقيق الفاعلية في الأداء وهناك ثلاثة أنواع من الاتصال وشبكاته، الأول: يتم الاتصال فيه من شخص أو مركز لآخر بصورة دائرة مرتبة، ولكنه يكون بطيء السرعة وغير دقيق، ولا يوجد له شكل ثابت، أو حالة معنوية، أما بالنسبة للقيادة فتكون معروفة ومعالمها واضحة، والثاني: يتم فيه نقل المعلومات من القاعدة إلى أعلى وبالعكس عن طريق وجود مساعدين، ويكون سريع ولكنه متوسط الدقة، والتنظيم فيه واضحا ومعروفا، والحالة المعنوية فيه ملحوظة وظاهرة، ولكن القيادة تكون غير واضحة أو معروفة، والثالث: يتم فيه وصول المعلومات بين القيادة والعاملين بطريقة مباشرة ودون وسيط، وهو سريع جدا ودقيق، وتنظيمه مستقر ومباشر والحالة المعنوية فيه مؤكدة تماما، ووضوح القيادة فيه ضعيف جدا.
لذلك يجب مراعاة هذه العوامل والجوانب عندما نقوم بعملية تخطيط شبكة الاتصال، والعمل على تحقيق الاتزان بينهما، مع تحقيق السرعة والدقة ووضوح التنظيم وظهور القيادة ودعم الروح المعنوية.
العلاقات الاتصالية والسلوك الإنساني
معظم العلوم التي تحاول البحث في السلوك الإنساني تفهم ما يصدر عن الفرد من تصرفات ومسالك سلوكية، وعن طريق ذلك التعمق في شخصيته، تستطيع التوصل إلى الكشف عن طبيعة وحقيقة التصرفات التي تصدر منه، دوافعها المختلفة والمتعددة، لأن هذه الدوافع وقوتها هي التي تشكل عنصرا هاما جدا في مجال الاتصال، الذي يقوم به الفرد في جميع المواقف التي يتواجد فيها ويتفاعل معها، وفي العمليات الإعلامية الجماهيرية التي تقوم بتصرف خاطئ ومعين نريده أو نريد الوصول إليه من خلال العملية الاتصالية، أو إجراء سلوك معين وخاص يؤدي إلى زيادة نسبة التجانس في السلوك الذي يقوم به الأفراد.
ومن خلال معرفة السلوك الإنساني، وفهمه بصورة تامة أو شبه تامة، مع تنوع التصرفات من الممكن أن نصل إلى وضع نتعرف منه على الدوافع والمثيرات الموجودة لدى كل فرد، وتؤثر على عملية الاتصال، وهذه المعرفة التي نتحدث عنها، هي الوسيلة الهامة التي تساعد الناس على تحقيق أهدافهم التي تقف من خلف القيام بالاتصال، وهذا يعني أن المعرفة هي من أهم وسائل الاتصال الجماهيري، بالإضافة إلى كل هذا هناك حقيقة نظرية سلوكية تقول "إن الإنسان تحرك ميوله واتجاهاته ودوافعه الشخصية، للقيام بعمليات اجتماعية مختلفة مع محاولة إظهار الاستعداد الناجح والحقيقي لمواجهة معظم المشكلات، والقيام بتقسيم الحلول السريعة والناجحة لها مثيرات خاصة التي لها علاقة، وصلة بالمواقف السلوكية الاجتماعية المختلفة التي يتواجد فيها".
طبيعة العلاقة بين المسؤول والتابع
من المقومات والجوانب التي تؤخذ بعين الاعتبار والتي تشير إلى الإنسان الناجح في حياته اليومية والعملية، صراعه مع الحياة ومعرفته لجوانبها المختلفة وقيامه بممارسة التجارب المختلفة، واستفادته من الخبرات المختلفة، الموجودة في الحياة والتي يمر بها، والفرد الذي نطلق عليه اسم خبير هو الفرد الذي جرب الحياة وعرفها حق المعرفة وتعمق في أحداثها ومن الحقائق المؤكدة أن الممارسة العملية التي يقوم بها الفرد تختلف اختلافا كاملا عن ممارسة الحياة اليومية العملية والشخصية، لأن المعرفة العلمية التي يصل إليها الفرد وحدها لا تكفي ولا تؤدي إلى الوصول للهدف المنشود بصورة مقبولة، التي ترضي رغبات وتصورات الفرد.
والممارسة العملية لها أسلوبها وطرقها المعروفة والمنهج المحدد لها والمتفق عليه، أما الممارسة المستمرة والدائمة التي نقوم بها، في معظم أعمالنا تؤدي إلى وجود نوع من التخصصات أو المهارات الثابتة، والخاصة بكل فرد حسب قدراته، اتجاهاته ورغباته، ومنها نصل في النهاية إلى التخصص الدقيق في الأعمال التي تطلب من الفرد الذي يقوم بها.
وفي المؤسسات والمنظمات التي تعمل بها الإدارة، التي تحترم التخصص وتعطيه الأهمية الكافية والمكانة المناسبة، بالإضافة إلى كون المدير أو المسؤول مؤمن بالنجاح كغاية، ودفن المعيشة كأسلوب، وبالفهم والإدراك والمرونة كطريق للتعامل مع العاملين الموجودين داخل المؤسسة، على اختلاف درجاتهم وأعمالهم، ويأخذ المدير أيضا بضرورة وأهمية عملية الاحتكاك والاتصال المباشر، بين الإنسان في المحيط الاجتماعي الذي يتواجد فيه بمرونة وعفوية.
والمدير الناجح في عمله وإدراته يتوجب عليه، عدم الالتزام بأنماط سلوكية تجاه العاملين معه، بل يعمل على وجود بعض الأنماط المرنة في سلوكه وتصرفاته، والإدارة الفعالة والذكية هي التي تقوم بعملية الإنتاج بصورة دائمة ومستمرة، وتطمع دائما بالمزيد، ولديها الرغبة في تطبيق كل ما هو جديد بعد فحصه بصور جذرية ومعرفة جوانبه المختلفة، والاقتناع بإمكانية الاستفادة منه، لذا فهي على استعداد لتحمل المتاعب والمخاطر في القيادة التي يجب أن تكون رشيدة حيث يتحمل المدير الناجح الأعباء الكثيرة والمختلفة، دون أن يصدر منه أي نوع من التوجع أو الألم أو حتى إشعار الآخرين بما يقوم به من تحمل وعمل.
والمدير الناجح هو ذلك المدير الذي يقوم برعاية أعماله ومصالحه، ومطالب الموظفين الذين يعملون معه، وهو يملك القدرة على فهم مشاكلهم وحلها بأفضل الطرق، أو العمل على حلها من قبل الأخصائيين إذا تطلب الأمر ذلك، هذه المهمة الأساسية المطلوبة من كل مدير في أي تنظيم اجتماعي أو ميدان من ميادين العمل، أو مجال من مجالات الحياة الكثيرة والمختلفة.
كل هذه الجوانب والصفات والمطالب تعني أن الإدارة اليوم تحتاج إلى شخصية تتمتع بصفات خاصة، مثل نعومة الطبع والمعشر الطيب واللفظ الحسن، وسهولة التعبير والتأثير، وتستعمل الذكاء في جميع الأمور التي تواجهها، والحرية والصراحة أثناء الحوار، والنقاش وفي عملية اتخاذ القرار، بالإضافة لكونها تجمع بين الشدة والحزم في المواقف التي تتطلب ذلك، والفطنة والدهاء ومحاولة المساهمة والاشتراك في حل المشاكل التي تواجه العمال، وترقيتهم وزيادة أجورهم وتشجيع الحوافز في الوقت المناسب، إذا تطلب الأمر ذلك.
ويشير الباحثون إلى أهمية العلاقات الإنسانية والدور الذي تقوم به في عملية الاتصال وهذه الأهمية تتمثل فيما يلي:
1- الاتصالات التي تحدث من أعلى إلى أسفل هي النوع المسيطر في الاتصالات الإدارية، وحينما تحدث الاتصالات من أسفل إلى أعلى، فهي تهدف لأن الإدارة قد طلبت ذلك من العاملين، مثل كتابة تقرير أو إرسال معلومات معينة، وفي حقيقة الأمر يتوجب على الإدارة في أي مجال من مجالات العمل أن تقوم بتشجيع عملية الاتصال من أسفل إلى أعلى وذلك لكي يشعر كل فرد في المؤسسة بأن له دورا هاما وفعالا في عملية تحقيق أهداف المنظمة، أو المؤسسة التي يعمل فيها، وعدم إتباع ذلك أو تجاهله يؤدي إلى شعور العاملين بعدم الحيوية والنشاط، وهنا يؤثر على تنفيذ الأوامر ويجعلها آلية ومجردة من أي نوع من المشاعر أو الرغبة في العمل.
2- وإذا أردنا أن تكون الإدارة فعالة ومؤثرة يجب أن توفر الآتية:
أ- القيام بوضع أو إيجاد نظام صحيح يعمل على تسهيل القيام بتقديم الشكاوى والطلبات والنظر فيها بالسرعة اللازمة لضمان تحقيق نوع من العدالة لجميع العاملين والموجودين داخل إطار المنظمة أو المؤسسة.
ب- إعطاء الفرصة المتساوية للجميع، للقيام بتقديم المقترحات للعمل على تحقيق رسالة وهدف المنظمة، وفي نفس الوقت إعطاءهم الشعور بالأمان، بأن هذه المقترحات التي قدمت من قبلهم تلقي الاهتمام اللازم وتدرس من قبل المسؤولين، الأمر الذي يشعرهم بالثقة وأهمية ما يفعلونه وبعدم الاستهانة بهم وبآرائهم.
ج- يتوجب على المدير العام أن لا يكتفي في عمليات الاتصال التي يقوم بها، والتي تكون مع الرؤساء أو النواب الذين يعملون معه، بل يجب أن تكون له علاقات اتصال مباشرة مع الجميع إذا استطاع أن يفعل ذلك، وهذا من الممكن أن يحدث من خلال الاجتماعات العامة مع العاملين التي تشعر الموظفين على اختلاف درجاتهم بأنهم يستطيعون الاتصال به، والمدير يستطيع الاتصال معهم أيضا من خلال دورات وعمليات التدريب التي تقام داخل المؤسسة لموظفيها.
3- في بعض المؤسسات والمنظمات من المحتمل أو الممكن، أن يعتقد المسؤولين أن لا حاجة لهم في الحصول على معلومات من الآخرين، أي أنهم يكتفون في أن تتوقف إدارتهم على إعطاء التعليمات والأوامر من طرفهم، والقبول والتنفيذ والامتثال والطاعة من جانب الآخرين، ومن المؤكد أن مثل هذا الفهم غير صحيح، وغير مدرك للصفات البشرية التي يتعامل معها، لأن الموظف أو العامل ليس مجرد آلة بل هو إنسان له مشاعره وأحاسيسه وميوله ورغباته التي تسيير معظم خطواته، وعملية الإدارة في جوهرها تعتمد على العمل الجماعي الذي يقوم فيه جميع الأفراد بالتعاون فيما بينهم لتحقيق أهدافها، لذلك فمن الواجبات الأساسية هنا أن يعرف الجميع كيف تعمل الإدارة وأجزاؤها.
4- في بعض الأحيان يعطي المسؤولين للعاملين الفرصة بنقل المعلومات إليهم، بطريقة غير الطريقة الرسمية والمستعملة في المؤسسة، الأمر الذي يؤدي إلى القيام بنقل معلومات غير صحيحة عن الأشخاص أو العاملين، وفي معظم الأحيان ينقلون المعلومات التي ترضي المسؤول لأنهم يعرفون ذلك، أما باقي المعلومات أو الحقائق فلا تنقل أو تذكر لأنهم لا يريدون ذلك أو لأنها صحيحة، ومن المعروف والمؤكد أن مثل هذا التصرف يسيء ويفصد العلاقات بين العاملين والموظفين، وبالتالي يؤثر على مصلحة المؤسسة العامة، لذلك من واجب المسؤولين والرؤساء عدم تشجيع هذا النوع من الوسائل الاتصالية، بل تشجيع الوسائل الرسمية والإيجابية بدلا منه في عمليات الاتصال، وبذلك يعطي الفرصة المتساوية لجميع العاملين للقيام بنقل المعلومات التي يريدون نقلها إليهم الأمر الذي يعطي الشعور بأن باب المدير مفتوح وأن الجميع يستطيعون الاتصال به.
5- في جميع المنظمات والمؤسسات يوجد التنظيم الرسمي التي تسير عليه في جميع ما تقوم به من أعمال، إلا أن بجانب هذا التنظيم يظهر تنظيم غير رسمي والذي تكونه مجموعة من العاملين على اختلاف مستوياتهم ودرجاتهم والذين تربط بينهم علاقات صداقة سابقة، أو توجد بينهم علاقات اتصال عائلية، وهذا النوع من التنظيم يساعد أفراده في عملية تحقيق الحاجات والمصالح الخاصة والمختلفة، ولكن مثل هذا النوع من التنظيم يتعارض مع التنظيم الرسمي، وفي بعض الأحيان يسبب المشاكل والمتاعب للمدير، إلا أن المدير لا يقبل على محاربته أو الوقوف ضده، لأنه يقوم بتحقيق الحاجات النفسية والاجتماعية الضرورية للأعضاء فيه، بل يجب على الإدارات العمل على وجود جو خاص فيها يؤدي إلى تكوين العلاقات والصداقات بين أفراد المنظمة والمدير أو الرئيس الذي يشجع وجود مثل هذه العلاقات وينجح في اكتساب رضي العاملين معه يجعله إداريا جيدا يستطيع أن يجعل من التنظيم الرسمي وغير الرسمي متطابقين مع عدم وجود الفروق الجوهرية بين أهدافها مما يؤدي إلى عدم تعطيل مزايا أي واحد منهما أو يحد مما يقوم به من نشاط.
6- من الجوانب التي يهتم بها التنظيم غير الرسمي، هو القيام بإشباع حاجات ومطالب أعضائه، ومن ضمن هذه الحاجات الاتجاهات، والهوايات الشخصية والخاصة، والمسؤول أو المدير الإداري يقوم بالاهتمام فيها لأنها تعتبر من الوسائل التي تعبر عن الذات، وتساعد من يقوم بمزاولتها بتحقيق ذاته وتعطيه الراحة النفسية، وهي تشعر الفرد بالسعادة والحصول على تقدير الآخرين له، وهذه الاتجاهات والهوايات كثيرة ومتعددة، نذكر منها الرسم والتمثيل والموسيقى والصحف والتصوير، الخ، لذلك يجب على المسؤولين تشجيع وجود وسيلة أو قناة تساعد العاملين في التعبير عن أنفسهم فيها، وعملية إشباع الحاجات النفسية تؤدي على تقوية العلاقات والصلات بين الفرد والمنظمة التي يعمل فيها، ويؤدي إلى زيادة ولاءه وقبوله لها.
الاتصالات والعلاقات العامة
في جميع المؤسسات والمنظمات توجد حركة اتصال مستمرة، تربط بين كل أنحاء هذه المؤسسات إلى أن تصل إلى درجة عالية من التكامل بين الأجزاء المختلفة الموجودة فيها والذي يقوم بهذه المهمة أو الدور، الجهاز الإداري الذي نطلق عليه اسم العلاقات العامة، وإذا لم يوجد جهاز كهذا فيقوم بهذه المهمة المدير، أو الإدارة بمستوياتها المختلفة، وذلك لكي يعرف كل عامل أو موظف في المؤسسة، مهما كان دوره بما يحدث من أحداث وقرارات فيها، والقيام بحل المشكلات التي تحدث فيها والتي تهمه بصورة شخصية. حدوث مثل هذه الجوانب والأمور يعني أن العلاقة بين العاملين والإدارة تقوم على أساس من تبادل الثقة أو التفاهم، وهذا بدوره يشعر العاملين بقيمتهم وأهمية أدوارهم وبإنتمائهم والتزامهم، مما يؤثر تأثيرا نفسيا واجتماعيا عليهم، مما يرفع من معنوياتهم ومستوى أدائهم للعمل الذي يقومون به، وعندما تقوم العلاقات العامة بالاتصال مع العاملين وإخبارهم بالبيانات الرسمية الصادقة التي صدرت عن الإدارة، يؤدي هذا إلى اتساع الآفاق، ويقلل من قيمة الشائعات التي تحدث وتنتشر بين العاملين عن مواضيع مختلفة داخل المؤسسة، لذلك يكون هذا من العوامل المشجعة للعاملين للاهتمام بما يحدث داخل الإدارة من مناقشات حول موضوعات تهمهم ولها علاقة وصلة مباشرة بمستقبل كل واحد منهم، أيضا العلاقات العامة إن وجدت داخل المؤسسة تقوم بعملية إيصال القرارات التي تقرها وتصدرها الإدارة وتتعلق بوضع المؤسسة والعاملين فيها.
يتضح لنا مما ذكر أن العلاقات العامة ترتبط في جميع النشاطات الداخلية والخارجية للمؤسسة أو المنظمة، بالإضافة إلى العلاقات العامة الداخلية، التي يحاول الخبراء العمل على تدعيم وتقوية وظيفة هذا الجهاز الذي يعتبر من الأجهزة الخيرية التي تربط بين جميع أجزاء أو أقسام التنظيم الداخلي الموجود في المؤسسة، وهذا الارتباط يكون في حلقة اتصال فعال، تترابط أجزاؤها ترابطا وثيقا ومرنا وفيه تعمل جميع أدوار التنظيم من أجل الوصول إلى تحقيق غاية واحدة، أو خطة تتجه نحو هدف معين، تعمل جميع أقسام المؤسسة على تحقيقه والوصول إليه.
وعليه فإن العملية الاتصالية التي تحدث داخل المؤسسة يجب أن لا تتوقف مرونتها عند حركة المسؤولين عن المواقف الفوقية فقط، والقيام بإبلاغ الأسس والقواعد التحتية، بل على العكس من ذلك، بمعنى أن الحركة الاتصالية الفاعلة التي تحدث داخل المؤسسة لكي تتم، يجب أن يكون هناك ردود فعل دائمة ومستمرة بين العناصر العليا والعناصر السفلي أي المسؤولين والعاملين، وجود مثل هذا الوضع والاتصال يؤدي إلى ترابط القاعدة بالقيادة بصورة دائمة، ولكلي تضمن أن أجهزة التخطيط تشعر وتهتم، بما يعاني منه الفرد الموجود داخل التركيب الاجتماعي لمكان العمل، فإذا كانت حركة القرار واتجاهه من أعلى أي من القيادة الإدارية للمؤسسة فإن رد الفعل عليه يجب أن يكون بحركة معاكسة، أي صاعدة من أسفل القاعدة من العاملين إلى المسؤولين وذلك لكي تتعرف القيادات على أوضاع وشكليات القاعدة، والمشاكل التي تواجه العاملين، مع القيام بدراسة وجهات نظرهم ومحاولة تحقيق وإنجاز ما يجب ويمكن إنجازه وتحقيقه من جميع المشاكل الحيوية الخاصة بهم.
وهكذا يتم الاتصال الصحيح والجيد عن طريق نظام اتصالي فعال يحدث في اتجاهين، الاتجاه الرأسي الذي يكون من مستويات عليا إلى مستويات دنيا، والاتجاه من أسفل التنظيم إلى أعلاه، ويكون في رد فعل متكامل، ولكن في معظم الأحيان يقف التنظيم البيروقراطي عائقا أمام عمليات الاتصال الفعال، الذي يجب أن يحدث من القاعدة إلى القيادة وذلك على عكس القرارات والإعلانات التي تنزل من القيادة إلى القاعدة.
وعملية تخطيط الاتصال الجيد والفعال يجب أن تشمل تحديد واضح لأهداف الاتصال والتعرف على الأدوار الأشخاص الذي نريد القيام بالاتصال بهم ومعرفتهم معرفة تامة وكاملة، وبالإضافة لذلك يجب أن نقوم باختيار الوسيلة الاتصالية المناسبة، فقد تستخدم الإدارة وسائل مختلفة مثل لوحة الإعلان أو المنشورات والمجلات الداخلية، ومن الممكن أن يحدث الاتصال عن طريق الندوات والمحاضرات والمناقشات والنشرات المختلفة أو المحادثات الشخصية.
أما فيما يتعلق بالجمهور الخارجي الذي ترتبط معه المؤسسة بعلاقات خاصة، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة فإن العملية الاتصالية كي تحقق أهدافها التي تعمل من أجل الوصول إليها، يجب أن يتوفر وجود اتصال منظم ومستمر بين المؤسسة والجماهير التي تتعامل معها ولها صلة دائمة معها وعن طريق هذا الاتصال تتحقق الأمور الآتية:
1- الوقوف عن قرب على آراء الجماهير واتجاهاتها تجاه المؤسسة في جميع الجوانب التي تخصها مثل السياسة العامة والخطط المختلفة لها أو البرامج التي تنفذها، سواء داخلية كانت أم خارجية، ولكي نقوم بهذه المهمة يجب استخدام الأسلوب العلمي مثل استخدام الاستفتاء الذي يطرح عن طريق الصحافة أو القيام بإرسال النماذج الخاصة بالبريد إلى عينات من الجمهور لكي يقوم أفراده بإبداء آرائهم ثم إعادة هذه النماذج إلى المؤسسة، وبعد ذلك تقوم الإدارة بعملية التعرف على الاتجاهات المختلفة.
2- العلاقات العامة تقوم بنقل نتائج الاستغناء إلى إدارة المؤسسة، وذلك لكي تتعرف الإدارة على اتجاهات الرأي العام، وعن طريق ذلك تقوم بعملية إدخال التعديلات على سياستها المتبعة أو البرامج التي تقوم بالعمل عليها.
3- عملية نقل وتوصيل المعلومات عن المنظمة أو المؤسسة إلى الجماهير لكي تكون للجماهير الفكرة الصحيحة عن هذه المنظمة ومن ثم دعمها وتأييدها في الوقت التي تكون بحاجة لذلك، وخصوصا في فترة الأزمات والمشاكل المختلفة التي من الممكن أن تمر بها.
 

ثانيا: الاتصالات غير الرسمية
هذا النوع من الاتصالات التي تحدث كغيرها من الاتصالات في المنظمات أو المؤسسات وبين الأفراد في جوانب الحياة المختلفة، أو يتم خلال التنظيمات غير الرسمية ويطلق عليها هذا الاسم لأنها تحدث خارج الأطر الرسمية المحددة للاتصال، وفي معظم الأحيان يكون من خلال مراكز عفوية وغير مختصة، ويكون بصورة علنية أو سرية ذلك حسب الأحوال والأمور التي يتحدث عنها وهو في معظم الأحيان يحدث إلى جانب الاتصالات الرسمية المتبعة داخل المؤسسات والذي يساعد على حدوثه كون المنظمة تضم عوامل اجتماعية ونفسية، التي ينتج عنها أنواعا مختلفة من التفاعل والتعامل، ومن الأسباب التي تدعو إلى تطور هذا النوع من الاتصال، عدم مقدرة الاتصال الرسمي وقصوره في القيام بتوصيلل المعلومات أو تبادلها مع الأجزاء أو الأفراد المختلفة داخل المؤسسة، لذلك فهو يقوم بنقل الموضوعات التي من المؤكد أنها تضم حقائق كاملة أو جزئية، أو أنها تكون محرفة أو هي في الأساس شائعات، وكما أنها ممكن أن تكون اتجاهات شخصية مختلفة الأنواع والمصادر، وهذا النوع يتكون من شبكة اتصال واسعة جدا تضم الكثير من المصادر، وفي بعض الأحيان من الصعب معرفة حدودها في مثل هذا الوضع يتوجب على الإدارة والقائمين عليها معرفة هذا النوع من الاتصال والقائمين عليه بهدف التوجه إليها واستغلالها في عملية نقل المعلومات الصحيحة ولكي يبتعد أو يقلل من آثارها الضارة.
وعلى سبيل المثال المحادثات التي تتم بين الأشخاص خارج وسائل الاتصال الرسمية، التي حددها الإطار التنظيمي للمؤسسة مثلما يحدث في حالة الاتصال الرسمية التي حددها الإطار التنظيمي للمؤسسة، مثلما يحدث في حالة نقل المعلومات التي تحدث بين الأفراد على اختلاف مستوياتهم في مناسبات غير رسمية مختلفة، مثل التواجد صدفة في حفل عشاء، أو مناسبة سارة من أي نوع، فمثل هذا الاتصال يحدث بين شخصين مختصين ولكنه يحدث في شكل غير رسمي.
وفي بعض الأحيان يتم هذا النوع من الاتصال داخل المؤسسة أو المنظمة، دون الاهتمام في الإطار الرسمي للاتصال، مثلما يحدث في حالة إرسال الشكاوى أو المطالب أو المعلومات إلى المدير العام أو المسؤول الأعلى، دون اعتبار للمستويات المسؤولة الأخرى، فمثلا في مجال التربية والتعليم قيام مدراء المدارس بالاتصال مباشرة مع المدير العام دون إخبار المفتشين أو الرجوع إليهم في أي مشكلة من مشاكل المدرسة.
والاتصالات غير الرسمية تحصل على اتجاهاتها الأساسية من الجماعات التي تتواجد في المؤسسة، وهي التي يتكون منها البناء الاجتماعي للمؤسسة، من هنا تأتي أهمية الاتصالات غير الرسمية، وضرورة وجودها في المنظمات التي يتطور فيها ولاء الموظفين إلى الجماعات الصغيرة التي ينتمون إليها، ومن المحتمل أن تستفيد منها المؤسسة في عملية تغير أحوالها والأوضاع الموجودة فيها مثلما تستفيد من الاتصالات الرسمية لأنها تعتبر أقوى من الاتصالات الرسمية في كثير من الأحيان، الأمر الذي يحتم علينا العناية بها، وتطويرها بصورة صحيحة وسليمة، لأنه بمساعدتها نستطيع التوصل إلى معظم الجوانب التي من الصعب الوصول إليها عن طريق الاتصالات الرسمية، وبذلك تكون المؤشر المحذر والمنذر لنا، بالنسبة للتطورات التي لا تخدم مصلحة المؤسسة أو المصلحة العامة.
وهذا النوع من الاتصال له المؤيدين والمهتمين والمشجعين، كما وله المعارضين والرافضين، فمثلا مؤيدي المدارس التقليدية في الإدارة والتربية يرون أن الاتصالات الرسمية هي النوع الوحيد المعترف به والمقبول في هذه الأوساط، ويرفضون العمليات الاتصالية التي تسير في طرق أخرى، وتكون مقبولة لهم فقط، إذا كانت تخدم أغراضهم الخاصة والإدارية في عملية التعرف على مدى تنفيذ الأوامر والقرارات التي تصدر عنهم، كما ويرى عدد كبير من رجال الإدارة والتربية، واجب التزام عملية التسلسل الذي يأتي من أعلى إلى أسفل في عملية توصيل المعلومات وانتقالها، لأن ذلك يقوم بتحقيق وإنجاز جانبين على درجة من الأهمية، أولهما المحافظة على سرية رسائل أو معلومات معينة، أما الأهمية الثانية فهي العمل على زيادة فاعلية المنظمة أو المؤسسة في عملية تحقيق أهدافها التي تعمل من أجل الوصول إليها، ولقد ركز أتباع هذه المدرسة على الجوانب السيئة في عملية الاتصال غير الرسمية، مما جعل مفهوم هذا الاتصال يرتبط في أذهان وعقول ومعتقدات الجميع، بالمساوئ والمشاكل والجوانب السيئة في حياة المؤسسات والمنظمات، لذلك يحاول الإداريين التقليديين القضاء عليه وعلى مصادره.
أما أتباع المدارس المعاصرة في الإدارة والتربية الذين تهمهم الجوانب السلوكية، فهم يرون بالاتصال غير الرسمي على أنه موضوعا جيدا أو مناسبا أو خطرا على المنظمة أو المؤسسة وإدارتها، والذي من الممكن أن يقوم بالفصل بينهما هو كون الإدارة حكيمة وتعمل على معرفة مصادر الاتصالات غير الرسمية وسبلها وتقوم بتحليل مضمونها، ومعرفة أهدافها مع محاولة تغذية هذه الاتصالات، بالحقائق والمعلومات التي تحضر الأفراد والجماعات، للعمل في تعاون وسلام في اتجاه تحقيق الأهداف المرغوبة، بفاعلية وكفاءة أكبر، كما ويمكنه القيام بعملية الكشف عن الجوانب السلبية في هذه الاتصالات، وفي نفس الوقت العمل على خفض تأثيرها عن طريق استعمال الأساليب المنطقية السليمة والمتبعة.
أهمية الاتصالات غير الرسمية
هذا النوع من الاتصالات الذي يحدث ويتم خارج المؤسسات والمنظمات التي تقوم على التنظيم الرسمي من الممكن أن يكون لها تأثيرا أكبر من التأثير الذي ينتج عن الاتصال الرسمي، لأن إمكانية التحدث في اللقاءات غير الرسمية كبيرة جدا وتعطي النتائج بصورة سريعة لحد كبير، وذلك في مستويات الإدارة العليا التي لها الصلاحيات والقوة في التأثير، حيث يقوم بعضهم بتذكير البعض في الموضوعات التي مر عليها وقت طويل، وأرسلت فيها عدة رسائل دون فائدة ودون أن ينتهي الأمر.
ولكن بعد اللقاءات والتحدث كانت النتائج في معظم الأحوال أن الموضوعات نتجز بصورة سريعة أكثر مما هو متوقع.
مما ذكر يتضح بصورة قاطعة مدى أهمية الاتصالات غير الرسمية في الوصول إلى نتائج إيجابية سريعة، في الأمور والمواضيع التي لم تستطع الاتصالات الرسمية أن تصل إلى نتائج قاطعة فيها في فترات زمنية طويلة.
في بعض الأحيان يتجه المسؤولون إلى هذا النوع من الاتصالات، لأنها تمكنهم من التأثير في جميع الجوانب بالصورة التي لا يمكن الوصول إليها عن طريق الاتصال الرسمي، وذلك لأن مكانتهم ومنصبهم الرسمي لا يسمح لهم بذلك، ولكي يصلوا إلى مثل هذا الوضع يقومون بتنمية أشكال من العلاقات الاجتماعية، بأفراد في وظائف هامة وأساسية بالمؤسسة أو المنظمة، الذين يقومون بتزويدهم بالمعلومات والاتجاهات التي تفيدهم وتساعدهم في عملية اتخاذ القرارات داخل المؤسسة، التي يكون لها تأثير جماعي بالنسبة للعاملين في المؤسسة أو تأثيرات شخصية تهم المسؤول نفسه.
أي أن هذه الاتصالات غير الرسمية تؤدي إلى دعم وتعزيز مكانة وقوة المسؤولين داخل المؤسسات أو المنظمات، لذا فإن الأشخاص المسؤولين الذين يقومون في بناء شبكة من الاتصالات غير الرسمية، وينجحون في أن تكون فعالة ولها مكانتها في وضع القرار، هؤلاء الأشخاص تستمر فاعليتهم فترة طويلة من الوقت، أكثر من غيرهم من المسؤولين الذين لم يقوموا بتطوير مثل هذا النوع من الاتصال، أو الذين يرفضونه من البداية، أيضا على مستوى المنظمات المختلفة، التي يقوم قسم منها بتطوير نظام الاتصال غير الرسمي، الذي يقوم بمساندة ودعم نظام الاتصال الرسمي، مثل هذه المنظمات تملك القدرة على الحركة السريعة والسيطرة على المواقف والأمور المختلفة، التي تحدث أو من الممكن أن تحدث داخلها، ومقدرتها بالتغلب على التعقيدات الموجودة داخلها، والتي تؤدي إلى المعاناة لدى العاملين، مما يؤدي لعدم الإنجاز بالشكل المطلوب.
وعلمية اعتماد المنظمات والمؤسسات على هذا النوع من الاتصالات، تتوقف على كبر المؤسسة والأهداف التي تسعى لتحقيقها، حيث في المنظمات الكبيرة والواسعة يجب الاعتماد في الأساس على الاتصالات الرسمية أكثر من المنظمات الصغيرة التي من الممكن أن تطور هذا النوع بصورة واضحة أكثر من الكبيرة، لأن المنظمات الكبيرة والمسؤولين فيها لا يوجد لديهم الوقت الكافي لسماع الأفراد من المستويات المختلفة، بهدف معرفة الأخبار التي لا تصل إليهم أو عن سير العمل أو لمعرفة الشكاوى والمطالب الفردية الشخصية التي يجب إعطائها عناية خاصة وشخصية.
في أي منظمة من المنظمات أو المؤسسات يجب عدم الاعتماد على الاتصالات غير الرسمية لوحدها في عملية الإدارة، لأن ذلك من المؤكد أن يؤدي إلى إضعاف مقدرة الإدارة على السلطة والسيطرة والتحكم فيما يحدث فيها.
وبما أن هذا النوع من الاتصالات لا يمكن أن يخضع للإشراف عليه، أو للرقابة الرسمية لذلك فمن الممكن أن يقوم بعملية نقل لمعلومات غير صحيحة وغير دقيقة، هذا الجانب يعني أن علينا القيام بتطوير وتشجيع الاتصالات الرسمية، لكي يستطيع الاستمرار في العمل، دون أن تكون حاجة إلى استعمال الاتصال غير الرسمي، مما يساعد المنظمة على إنجاز وتحقيق أهدافها بصورة صحيحة وأقل جهد، والاتصالات الرسمية من الممكن أن يكون تأثيرها فعال وكبير، إذا كانت مقبولة عند معظم العاملين مع وجود الولاء والاتجاهات والتفاهم.

ثالثا: أساليب الاتصال، وسائله وقنواته
عملية الاتصال تقوم وتعتمد في أساسها على استعمال الحواس المختلفة الموجودة لدى الإنسان، وخصوصا السمع والبصر التي يعتمد عليها في عمليات الاتصال الفردية اليومية الحياتية، بالإضافة إلى استعمال بعض الحواس الأخرى بصورة قليلة، وفقط في بعض الحالات التي تتطلب ذلك وبالذات لدى الأفراد الذين يعانون من مشاكل خاصة التي تجبرهم على استعمال حواس الشم والذوق واللمس، أما بالنسبة للاتصال في النواحي الإدارية، ولدى الأفراد والمسؤولين أو العاملين العاديين فيتم عن طريق استعمال حواس السمع والبصر، التي يعتمد عليها اعتمادا كاملا، وباقي الحواس استعمالها يكون في بعض الحالات النادرة، أما في بعض الحالات الأخرى فيكون الاتصال عن طريق ما يسمى بالإيحاء، الذي اختلف الباحثين في مدى انتشاره أو استعماله، على أي حال هو ظاهرة أثبت وجودها واستعمالها بالرغم من عدم الاتفاق أو الإجماع بين الباحثين، ويكفي أنها الطريقة أو القناة التي استعملت دينيا، عندما كان الله عز وجل يوحي بها إلى الأنبياء.
وعملية الاتصال التي تحدث من خلال حاسة السمع والبصر، تكون باستعمال عدد من الوسائل السمعية والبصرية، والتي يفضل أن تجتمع مع بعضها في وسيلة واحدة، لكي يكون الاتصال أكثر فاعلية، وهنا يجب أن نذكر أن وسائل الاتصال المستعملة تقسم إلى وسائل فردية ووسائل جماعية ووسائل يمكن استعمالها للقسمين، وكل نوع من هذه الوسائل له صفاته الخاصة والمميزة.
ومن الأمثلة الفردية نذكر المقابلة الشخصية، والاتصال الهاتفي والرسائل الشخصية والتقارير، أما الأمثلة الجماعية فنذكر منها الاجتماعات على أنواعها وما يصدر عنها.
وعندما نريد استعمال وسيلة معينة للاتصال، يجب أن نهتم في بعض العوامل الهامة والتي عليها يتوقف مدى صلاحية هذه الوسيلة للعملية الاتصالية المقصودة، أو التي نريد تنفيذها، ومن هذه العوامل الظروف الموجودة والمتاحة بالمؤسسة، وكيفية التعامل الموجودة فيها، ونوع المادة التي نريد القيام بنقلها بالإضافة إلى عدد الأفراد الذين نريد الاتصال بهم، وما هو الزمن المعطي للقيام بنقل المعلومات المراد نقلها، ومدى السرية فيها، ومقدار تكلفة هذه الوسيلة الاتصالية.
بالإضافة إلى جميع ما ذكر نقول أن إمكانية تبادل المعلومات بصورة مباشرة أي وجها لوجه، وإعطاء الفرصة للمناقشة والمحادثة والاستفسار، والقيام بتبادل الرأي بين الأفراد المختلفين والذين هم أطراف في عملية الاتصال، هذا يعني أنه أفضل الأساليب للقيام بالاتصال وإتمامه بالشكل المرضي.
والإدارة الواعية والمهتمة بالمؤسسة ونجاح مهامها وتحقيق أهدافها، تلجأ إلى استعمال الاتصالات المباشرة، لكي تضمن معرفة ما يحدث ومدى وجود ظواهر مختلفة داخل المؤسسة، دون وجود طرف آخر يقوم بنقل المعلومات إليها.
وأساليب ووسائل الاتصالات عديدة وكثيرة سوف نقوم بشرحها وبيان أهميتها وجوانبها المختلفة.
أولا: الاتصال الشفوي ووسائله
هو نوع من الاتصال يتم ويحدث عندما يتبادل الحديث أطراف عملية الاتصال، أي من يقوم بالاتصال والذي يستقبل الاتصال وهذا من الممكن أن يحدث إما في وضع يجتمع فيه الطرفين، أو دون أن يرى المتصل المتصل به، حيث يكفي سماع الصوت كما يحدث في المحادثات التليفونية، وهو يعتبر أكثر أنواع الاتصال نفعا وفائدة لما فيه صالح العمل، وعن طريقه يمكن القيام بعملية تبادل الأفكار والمعلومات بأسهل الطرق، أبسطها وأقصرها، الأمر الذي يؤدي إلى توفير الوقت والجهد الذي تستغرقه عملية الاتصال الأخرى، ويسمح هذا النوع بالاتصال الشخصي، ويؤدي إلى خلق روح الصداقة والتعاون وتشجيع الأسئلة والإجابات، أو من الممكن والمحتمل أن يكون العكس هو الصحيح، لأنه يعتبر سهل وغير مجبر، بمعنى أن الفرد أو المتصل يستطيع أن يقول ما يريد، دون أن يخاف من عملية توثيق ما يقول، كما هو الحال في أنواع الاتصالات الأخرى.
وبما أن هذا النوع خالي من التوثيق فإنه يشجع على الصراحة التي من الممكن أن لا تكون في الطرق الأخرى للاتصال، حيث في هذا النوع من الاتصال يسهل على العاملين ذكر الخلل أو العيوب الموجودة في المؤسسة، وفي عمليات التوجيه شفويا، في الوقت الذي لا يملك الشجاعة لذكر هذا الجوانب بصورة كتابية، كذلك الأمر بالنسبة للمسؤولين الذين يصرحون بالسياسة العليا والأسرار التي تحيط بالمؤسسة وجوانبها المختلفة وعمليات التوجيه فيها، لأنه مفضل عدم الإشارة إليها أو ذكرها بصورة كتابية.
وطرق الاتصال الشفوي ووسائله عديدة وسوف نقف عندها فيما يلي:
المقابلات
1- المقابلة الشخصية
هي إحدى الأساليب والوسائل الفعالة المتبعة في عمليات الاتصال وجوانبها المختلفة، وفي ميادين الحياة اليومية العملية، وتعتبر المقابلة وسيلة ناجحة ومقيدة ومدعمة لمن يقوم بها ويتقن استعمالها، لأن من مهارة الإدارة الهامة هي المقدرة على القيام بعمل مقابلات مجدية مع الأفراد الذين يعملون في إطار منظمة أو مؤسسة معينة، وحتى تكون المقابلة منجزة ومثمرة وتصل إلى تحقيق الغاية منها، يجب أن تكون منظمة ومرتبة على تحضير وتهيئة الظروف التي تعمل على نجاحها.
ومن مميزاتها أنها تتم وجها لوجه، أي أنها تجمع بين المرسل والمستقبل في مكان واحد، مما يعطي الفرصة المناسبة للمناقشة والمحادثة والاستفسار عن جميع الأمور المراد التحدث عنها، والتي تهم الطرفين وهذا يؤدي إلى تحقيق عملية الاتصال في اتجاهين، التي تعني الحصول على التغذية العكسية بصورة مباشرة، وسريعة مما يعطي الفرصة لمعرفة مدى نجاح العملية الاتصالية وتأثيرها على الطرفين.
والأهداف الاتصالية التي تسعى المقابلة لتحقيقها كثيرة ومتعددة فهي تصلح للوصول إلى الحقائق أو لتقديم الشكوى والتظلم، أو لمحاولة معرفة القدرات المميزة لكل فرد من الأفراد الذين يتقدموا بطلبات للعمل، أو لمعرفة قدرات الطلاب وقياس اتجاهاتهم المختلفة أو لمعرفة مدى رغبة الموظفين واستعدادهم للتدريب والتعلم، أو تستعمل المقابلة الشخصية في الحالات التي تريد قبول عدد من الطلاب إلى الجامعات والكليات المختلفة وهكذا في معظم مجالات الحياة.
ولكي نضمن نجاح المقابلة وتأثيرها يجب أن تراعي الأمور الآتية:
1- القيام بتحديد موعد مسبقا لها.
2- إجراؤها في الموعد المحدد دون تأخير أو تأجيل، لأن ذلك يحدث الملل والشعور والتفكير بأن الطرف الآخر لا يرغب في إتمام المقابلة.
3- التأكد من أن الشخص الذي نريد مقابلته لا يتذمر من ذلك، لأنه متعب أو أن الوقت لا يسمح بذلك، بسبب العمل والارتباطات الأخرى.
4- قبل المقابلة يجب أن نعتم في بعض الأمور التي لها دور مهم في عملية إنجاح المقابلة، مثل كون مقاعد الجلوس مناسبة ومريحة.
5- العمل على تهيئة الظروف المعنوية المناسبة مثل الانتظار، أو تذليل الصعوبات التي من الممكن أن تواجه الطرفين، أو تخفيف صعوبة الفرق في المكانة والعمل، إذا كان الشخص الذي يجري المقابلة من الإدارة.
6- في الوقت المخصص الذي تجري فيه المقابلة يجب على الطرفين التفرغ التام لها، وعدم الانشغال بأعمال أو مشاغل أخرى وخصوصا المسؤول.
7- بداية الحديث يجب أن يكون فيها شيء من القبول والود، البساطة والثناء.
8- شرط أساسي لنجاح المقابلة، هو المقدرة على الإنصات عندما يتحدث الطرف الآخر، والانتباه التام له ولما يقوله، حتى يشعر بالأهمية والمكانة وحتى يكون رد فعله موضوعي.
9- أثناء المقابلة يجب أن لا نسمح لأي شخص بالدخول إلى مكان المقابلة، وذلك لضمان عدم المقاطعة والتشويش من أي نوع كان، كما وعلى الطرفين عدم مقاطعة بعضهم البعض.
10- خلال حدوث المقابلة على الطرف المسؤول الحذر من الغضب أو التعصب أو التذمر من أي شيء، أو أن يكون غير واضح فيما يقوله.
11- على المسؤول الذي يجري المقابلة أن يعطي الطرف الآخر الشعور بأنه استمع بصورة حسنة لما قاله، وهنا يأتي عن طريق الرجوع إلى النقاط والحقائق الأساسية الهامة التي قالها، ثم البدء الفعلي في اتخاذ الإجراءات لتنفيذ الموضوعات المتعلقة في المقابلة.
2- المحادثة الشفوية
هذا النوع من الاتصال من الممكن أن يحدث أو يتم مباشرة أي وجها لوجه أو من الممكن أن يحدث بصورة سريعة ودون احتمال التأجيل لأهميتها، وتحدث عن بعد، وذلك بواسطة استعمال الأجهزة الخاصة بالاتصال مثل التليفون أو الأجهزة اللاسلكية، بالإضافة إلى ما ذكر نقول أن هذا النوع من الاتصال يحدث بصورة رسمية ومنظمة، أو من الممكن أن يتم بطريقة غير رسمية، والاتصال غير الرسمي هنا يكون في العادة مناسب أكثر، وقريب إلى التفاهم والوصول إلى النتائج من عملية الاتصال أكثر من حالة الاتصال الرسمية.
وفي حالة الاتصال من هذا النوع إذا تضمنت الوسيلة أوامر وتعليمات أو معلومات هامة، الاتصال الشفوي وحده لا يكفي، بل يجب أن يكون معزز كتابيا، وإذا كان موضوع الاتصال طرح الشكاوى أو التظلمات، يجب معالجتها واتخاذ الإجراءات المناسبة المطلوبة والسريعة، لكي يرتاح ويطمئن الطرف الذي قام بطرحها، وإذا تضمن هذا النوع من الاتصال الشفوي مقترحات وأفكار حسنة يجب الاهتمام بها والتفكير بصورة خاصة بها وأخذ الجوانب المفيدة منها والعمل على تشجيع من قدمها.
ومن الصفات الخاصة التي تميز هذا النوع من الاتصال الشفوي، أن تأثيره كبير، لأن المحادثة تظهر فيه بصورة واضحة التعبيرات على وجه الطرف المتحدث، أو القيام بالتأكيد على بعض الألفاظ والعبارات أو الجمل الأمر الذي يشعر الفرد المستمع بأهمية الموضوع أو جوانب منه، أيضا هذا النوع يعطي المتحدث الفرصة لإدراك فهم الآخرين ومدى استجابتهم وذلك عن طريق رد الفعل الذي يظهر منهم أو على وجوههم.
بالإضافة إلى الصفات التي ذكرت، فإن هذا النوع من الاتصال يؤدي إلى القيام بالاتصال المباشر بين المسؤولين أو رجال الإدارة والعاملين، وهذا بطبيعة الحال يشعرهم بمدى أهميتهم وقربهم من عملية اتخاذ القرارات، الأمر الذي يؤدي إلى رفع الروح المعنوية ومضاعفة الجهود في إنجاز المهام والعمل المطلوب.
3- المقابلات الجماعية (المؤتمرات والاجتماعات)
هذا النوع من أنواع الاتصال الشفوي الذي يتحدث عن المقابلات الجماعية، والتي تتمثل في شكل اجتماعات، أو ندوات، وهو يعتبر أوضح الأنواع وأكثرها فائدة وعن طريقها تكون محاولات معرفة المشاكل التي تواجه الإدارة وطرق حلها أو التخلص منها، أيضا يعطي الفرصة لعملية تبادل الآراء والأفكار كي تكون منها فائدة لجميع الحاضرين والمتواجدين في نفس المكان.
وبما أن هذا النوع يؤدي إلى تجميع الكثيرين من العاملين مع بعض في نفس الوقت والمكان فإن هذه الطريقة تقابل بالاهتمام، لأنها تفسح المجال أمام الآراء والأفكار الجديدة التي تأتي من المسؤولين.
وحتى تحقق الفائدة المطلوبة من هذا النوع من الاتصال الشفوي يجب مراعاة الأمور والجوانب الآتية:
1- القيام بالتخطيط للاجتماع الذي نريد الاتصال بالآخرين عن طريقه.
2- يجب أن يحدد الموضوع الرئيسي للاجتماع، بالإضافة إلى إعداد جدول أعمال مختصر له.
3- على رئيس الاجتماع أن يكون ملما بجميع جوانب الموضوع يدرسه دراسة كاملة وشاملة وأن يقوم بإعداد المعلومات والبيانات الأساسية.
4- يجب أن يحضر الاجتماع الأشخاص الذين يهمهم الأمر ويعنيهم ولديهم معلومات أو خبرات وإمكانات تساعد على النجاح المرتقب والمطلوب من الاجتماع.
5- يجب أن يحدد موعد عقد الاجتماع أو المؤتمر في وقت ومكان مناسب، وذلك لضمان تحقيق اشتراك القسم الأكبر من المشتركين مع ترك المجال والوقت الكافي بين الإعلان عن الاجتماع واليوم المحدد لعقد الاجتماع، وذلك بهدف إعطاء المشتركين الفرصة والوقت لدراسة الموضوعات التي سوف تبحث.
6- يجب أن يتصف رئيس الاجتماع بالسلوك الديمقراطي، ولديه المقدرة والرغبة الجادة والصادقة للاستماع إلى ما يقوله العاملين واقتراحاتهم ومناقشاتهم. وفي نفس الوقت على الرئيس أو المدير الابتعاد عن إعطاء الأوامر أو فرض الرأي أو تحديد وفرض الحلول من جانبه فقط، أو أن يظهر الغضب والاستياء لكي لا يمتنع المشتركون عن المشاركة والتعبير عن آرائهم.
7- يجب القيام بتسجيل المناقشات التي تدور في المؤتمر أو الاجتماع، والنتائج التي يصل إليها المشتركين وتوزيعها على جميع المشتركين ومن يهمهم الأمر.
تطوير القدرة على الإصغاء
الإصغاء أو الاستماع، من العمليات الأساسية التي نحتاج إليها في كل جانب من جوانب الحياة الاجتماعية التي نعيشها، وهي ضرورية جدا لنجاح أي علاقة أو عملية اتصالية أو تعليمية يقوم بها المسؤولين أو الأفرد عامة، سواء في الحياة اليومية أو أماكن العمل التي نعمل فيها مع أفراد آخرين لهم صفاتهم ومميزاتهم واتجاهاتهم وميولهم الشخصية، التي تتأثر من وجود الآخرين وتؤثر فيهم بمقدار معين، فإن مهارة الإصغاء تعتبر من أهم المهارات التي يجب أن تكون لدى كل مسؤول إداري، لكي تعزز نجاحه في المواقف التي يقف فيها مع الآخرين ويستمع لهم، حيث أن هذا الجانب هو الذي يضمن نجاح أعماله التي يقوم بها، لأن مقدرته على الاستماع للآخرين وفهم مشاكلهم ومحاولة حلها تؤدي إلى قبولهم له واحترامه، والقيام بالأعمال التي يطلبها منهم، أضف لذلك، أن المعلومات التي يحصل عليها المسؤول أو تصل إليه ويبني على أساسها قراراته الصحيحة تصل إليه من خلال المحادثات الشفوية التي يقوم بها. وهنا يجب أن نذكر أن عملية الاستماع أو الإصغاء إلى الآخرين، وما يقولونه والمطالب التي تطرح من قبلهم، تعتبر من الأمور الصعبة وليست سهلة كما يتصور البعض، لأننا في نهاية الأمر من بني البشر وفي بعض الأحيان تسيطر علينا رغبة غير مفهومة في مقاطعة الحديث والمتحدث لأسباب كثيرة، منها عدم قبول ما يقال أو الخوف من النسيان أو الخوف من عدم إعطاء الفرصة لقول ما نريد فيما بعد، أو لمعرفتنا القاطعة أن المتحدث لا يقول الحقائق، أو عندما يدفعنا حماس الجدل والمناقشة على المقاطعة للآخرين والتدخل، أو في الأحوال والأوضاع التي نفقد فيها الصبر والمقدرة على التحمل ونندفع في عرض الأفكار والمعلومات الموجودة لدينا، والتي نرى أنه يجب طرحها على الآخرين في هذا الوقت بالذات، وإلا فمن الممكن أن تفقد قيمتها وأهميتها.
ومهارة الاتصال، والمقدرة على التحكم في الرغبة في المقاطعة إذا وجدت لدى الفرد بصورة عامة أو المسؤول، فإنها تفيد في مساعدة الآخرين على الاستمرار، والاطمئنان إلى أن المستمع مهتم بما يسمع أو يصل إليه من معلومات وأشياء، وفي نهاية الأمر التخلص مما يهمهم أو يقلق راحتهم، وعن يق هذا تقوم الاتصالات بعملية تهيئة للوضع، بحيث يصبح الجو مناسبا لمعرفة أساس المشاكل ومحاولة إيجاد حل لها، وفي بعض الأحيان مجرد التحدث إلى شخص عن المشاكل التي نعاني منها أو تواجهنا وهذا الشخص يصغي لنا فإن ذلك يريحنا حتى ولو لم تحل هذه المشاكل، فقد مجرد الاستماع وإتاحة الفرصة لإخراج كل الأمور التي تضايقنا يؤدي هذا إلى الشعور بالراحة ويخفض من حدة التوتر والقلق الذي نعاني منه.
وعملية الاتصال والنجاح فيها، متصلة مع القدرة والمهارة على الاستماع، وهذه القدرة على الاستماع من الممكن الوصول إليها أو تطويرها لدى الفرد عن طريق التدريب المستمر على الاستماع والإصغاء، والذي يحدث عن طريق القيام بتمارين خاصة نستطيع بمساعدتها أن نصبح على درجة عالية من القدرة على الاستماع ومن هذه التمارين نضع لأنفسنا حدود معينة أثناء المحادثات، ونستمر في الاستماع خصوصا عندما نشعر بالرغبة الشديدة في المقاطعة، أي نضع ما يسمى بالمراقبة الذاتية نصب أعيننا، وطبيعي أن يكون هذا من المهام والجوانب الصعبة، وهذه المهام الصعبة يوجد فيها سر عمليات الاتصال الناجحة والمحققة لأهدافها.
وفي نهاية الأمر نقول أن عملية الاستماع والإصغاء من العمليات الهامة جدا لنجاح الاتصالات والعلاقات الإنسانية والاجتماعية والمهنية، وأن من يملك القدرة على الإصغاء يستطيع أن يعلم ويتعلم الكثير، والذي يعلم الكثير يؤدي هذا العلم والمعرفة إلى امتلاك الحقائق الكافية للقيام بعملية اتخاذ القرارات الصحيحة والسليمة التي تخصه وتخص الآخرين.
ثانيا: وسائل الاتصال الكتابية
هذا النوع من الاتصال يحدث بين جميع الأفراد، على اختلاف درجاتهم وأماكنهم في العمل أو في الإدارة، كما ويحدث بين الأفراد والأشخاص بصورة فردية وشخصية في الحياة اليومية، والعلاقات العامة والإنسانية التي تجمع بين مختلف الأفراد من الأماكن المحلية الداخلية أو الخارجية، للبلاد أو المنطقة التي يعيش فيها كل فرد والاتصال هنا يكون عن طريق استعمال الكتاب، وتوثيق وإثبات المعلومات والمطالب والتعليمات، بهدف نقلها وسهولة الرجوع إليها وقت الحاجة إذا كان هذا الاتصال أثناء القيام بالمهام العملية، هذا الشيء لا يتوفر في عملية الاتصال الشفوي، والذي من الصعب أن يحدث إذا كانت المؤسسة أو المنظمة كبيرة ومنتشرة في عدة أماكن، وعملية الاتصال الكتابي تحقق الدقة والأمانة أثناء نقل الرسائل الاتصالية إلى العاملين، خصوصا إذا كان يعتبر الشكل المعتمد لدى معظم الموظفين والمسؤولين الذين يعتمدون على التعليمات المكتوبة اعتمادا تاما، وذلك لكي يستطيعوا معرفة كيفية ومدى إنجاز أعمالهم، ولأنه يمكن من القيام بنقل نفس المعلومات كما هي إلى أكبر عدد من الأفراد.
هذا النوع من وسائل الاتصال يعطي الطرف الذي يستقبل الرسالة الفرصة الكافية والمناسبة للقراءة، دون أن يقاطعه في ذلك أحد، كما وأن هذه الرسائل تعطي الفرصة الكافية للمرسل للتفكير في موضوع الرسالة وهل صاغها بصورة مناسبة ومقبولة وضعت جميع الجوانب التي يريد نقلها إلى المستقبل.
وهذا النوع من وسائل الاتصال يكثر في حالات الاتصال من أعلى إلى أسفل، ويقل استعماله في الحالات العكسية، أي الاتصال من أسفل إلى أعلى، من العاملين إلى المدير والإدارة، وذلك لخوفهم من كتابة المعلومات التي من الممكن أن تستعمل ضدهم فيما بعد، أو لأنها من الممكن أن تسبب الإزعاج للمدير أو حتى تغضبه.
ومن جوانب ضعف هذه الوسائل الاتصالية هو عدم معرفة المستقبل للدوافع والأسباب التي أدت إلى إرسالها، أو لأنه من الممكن أن يفهمها بصورة مختلفة عن القصد منها، لأنه يوجد اختلاف في المفاهيم والقدرة على التفكير ومستوياته بين الطرفين، الأمر الذي يؤدي إلى عدم تحقيق الاتصال للأهداف المنشودة، لأن العاملين ينقلون التعليمات التي وصلت إليهم بصورة خاطئة وغير مطابقة للمقصود.
ولكي نتغلب على هذا الجانب الضعيف، يجب أن نقوم بعملية تعزيز للاتصال الكتابي عن طريق الشرح والمناقشة لموضوع الرسالة والهدف منها إذا كانت رسالة عامة، ويتم تحقيق ذلك بأن يقوم المسؤولين بمقابلة العاملين بصورة جماعية أو فردية والتأكد من أنها استطاعوا معرفة أسباب إرسال الرسالة لهم، وكيف يمكن القيام بتنفيذ وتحقيق المطلوب منها.
طرق الاتصال الكتابي كثيرة ومختلفة سوف نشرح قسم منها:-
1- التقارير
وهذه التقارير تكتب فيها المعلومات التي ترسل من أسفل إلى أعلى، بهدف تسهيل مهمة الإدارة في متابعة ومراقبة أعمال العاملين، لزيادة معرفته بالأحداث التي تحدث أثناء القيام بالأعمال المطلوبة من كل فرد، وهذه التقارير التي نتحدث عنها من الممكن أن تكون بصورة محددة أي أنها ترسل في أوقات محددة ومعينة من قبل، أو أنها ترسل حسب الوضع القائم والحاجة إليها.
والتقارير التي تعالج مواضيع معينة مثل التفتيش عن العمل أو متابعته يجب أن تكون موضوعية وتظهر الأسباب التي أدت إلى كتابتها، بالإضافة إلى كتابة رأي من يكتبها ويقدمها بصورة واضحة وصريحة، وذلك لتوفير وقت المسؤول عندما يتفحص الأمور.
وعند كتابة التقرير يجب أن تأخذ في الاعتبار أن معظم المسؤولين ليس لديهم الوقت الكافي لقراءة ما هو مطول أو يدخل في تفصيلات مملة، لذا يجب كتابة التقارير بصورة ملخصة بدل التقرير المطول.
ويجب أن نراعي الترتيب المنطقي المتسلسل الذي يجعل منه وسيلة اتصال فعالة ومجدية.
المذكرات والاقتراحات
وهي عبارة عن نوع من الاتصالات الكتابية في معظم الأحيان، التي يقوم بإعدادها وكتابتها العاملين أو المرؤوسين إلى المسؤولين عنهم وعن إدارة المؤسسة أو المنظمة، بهدف القيام بتوضيح وتفسير بعض الجوانب والمشكلات التي تصادق العمل والتطبيق، أو لكي نثبت حدوث أمر معين داخل المؤسسة أو القيام بتقديم اقتراحات التي تخص العمل والمؤسسة، وفي نفس الوقت من الممكن أن يقوم بتقديم هذه المذكرات المسؤولين إلى العاملين، بهدف شرح وتأكيد بعض الجوانب أو لمجرد التذكر ببعض الواجبات التي يجب أن يقوم بها كل فرد.
وهذا النوع من الاتصال الكتابي له أهميتة الخاصة في نقل المعلومات والاقتراحات التي تفيد العمل والقيام بحل المشاكل التي توجد فيه، لذلك يجب العناية والاهتمام به، على المسؤول أن يقبله ويقوم بدراسته ويثني على من قام بهذه الاقتراحات ويشجع استعماله من قبل جميع العاملين، وهذا النوع من الاتصال يعطي الفرصة لمن يقوم به، أن يحفظ لنفسه نسخة من هذه المذكرات أو الاقتراحات التي يستطيع أن يرجع إليها، إذا لزم الأمر، أو للمتابعة والتنفيذ.
الأوامر والتعليمات
تكون في معظم الحالات بصورة إصدار القرارات، أو إعطاء الأوامر أو الإرشاد والتوجيه للعاملين وجميعها تصدر مكتوبة من أعلى إلى أسفل، لكي تنفذ على أيدي المستويات الأدنى، وفي هذا النوع من الاتصال يشترط أن يكون واضحا ومفهوما منذ اللحظة الأولى لوصوله إلى العاملين، وأن لا يكون فيه التباسا في المعاني أو يفهم على عدة جوانب، بالإضافة لكونها تضم جوانب مشوقة لمن يقوم بتنفيذها، ومهم جدا الأسلوب الذي تكتب فيه بحيث يتفق مع استعدادات العاملين الذين يرسل إليهم.
ويفضل أن تجمع جميع هذه الأوامر والتعليمات والقرارات في كتاب يعرض على العاملين والموجودين في المؤسسة، وخصوصا الجدد في حين دخولهم إلى العمل والمؤسسة كي تساعدهم في معرفة جميع الأمور السابقة والموجودة، وما يطب منهم، والأمور التي تم مناقشتها والتحدث عنها حينما حدثت، مثل هذا الكتاب من الممكن أن تحدد أو تقرر كل مؤسسة الفترة الزمنية التي يصدر فيها أشهر أو نصف سنة أو سنة أو أقل حسب وضع المؤسسة وسرعة الأحداق التي تحدث فيها.
الشكاوى
الشكاوى في معظم الأحيان تحدث عندما تكون أسباب قاهرة لها وهي في العادة تحدث في جميع المؤسسات والمنظمات التي يعمل فيها أعدادا كبيرة من العاملين بدرجات متساوية أو مختلفة، هنا لا يعني عدم حدوث الشكاوى في المؤسسات الصغيرة، لكن حدوثها يكون أقل بصورة ملحوظة.
ومن أسباب حدوثها عدم القيام بتوزيع العمل بين العاملين أو القائمين على التنفيذ بصورة جيدة وواضحة، أو بسبب عدم القيام بعملية تنفيذ العمل بالصورة والشكل المطلوب، في مثل هذا الوضع من الممكن والمحتمل أن يكون أحد العاملين مظلوما، أو من الممكن أن الأوامر لم تفهم.
والشكاوى في معظم الأحوال تقدم من المستوى الاتصالي الأدنى إلى الأعلى، أي من العاملين إلى المسؤولين الذين يتوجب عليهم العمل على الاهتمام بها، والقيام بفحصها ومعرفة أسبابها والقضاء عليها، لأنها من الممكن أن تؤثر على سير العمل بالصورة والشكل الصحيح، ومن المؤكد أن عملية الاهتمام بهذه الشكاوى التي ترسل من العاملين، يكون لها التأثير النفسي عليهم، بحيث يرفع من معنوياتهم ويشعرهم بالأهمية، والمكانة عند الإدارة، والإحساس بإزاحة الظلم عنهم، والمظلوم لا يمكن أن يكون أداء عمله كما هو مطلوب، أو أن ينفذ الأمر بصورة صحيحة إذا كان غير مقتنع به.
بالإضافة إلى ما ذكر، فإن الشكاوى في الكثير من الحالات إذا كانت جادة تؤدي إلى كشف الانحرافات والجوانب غير القانونية في الأعمال الإدارية، التي من الصعب أن تكشف إلا بهذه الطريقة، ومن جهة أخرى من الممكن بل من المحتمل أن تكون الشكاوى كاذبة وغير صحيحة والقصد منها ضرر بعض الأشخاص المسؤولين أو حتى العاملين، أو من الممكن ضرر المؤسسة أو تشويه سمعتها وسمعة العاملين فيها، لذلك يجب أن لا نتوسع في الاعتماد عليها وأن نقوم بمعاقبة من يقدم الشكاوى الكاذبة وغير الصحيحة، أو أن نهمل الشكاوى غير  الموقعة.
الاتصال المصور
هذا النوع من الاتصال يعتمد على الصور أو الوسائل المرئية في العملية الاتصالية ويحدث كنتيجة مباشرة لمشاهدة صورة معينة أو وسيلة مرئية، وما تحمل من معاني تؤثر تأثيرا مباشرة على المشاهد، ويحدث منه رد فعل عليها، والصور أو الوسائل المرئية عديدة جدا ومتنوعة منها، الصور الشخصية، الأفلام على أنواعها والشرائح والتلفاز وغيرها، وهي تعطي الفرصة للمرسل الذي يستعملها في استخدام الألوان والحركة وجوانب الحياة المختلفة، وهذا بطبيعة الحال يكون له التأثير المباشر والكبير على نفوس المستقبلين لهذه الرسالة، بالإضافة إلى ذلك فإن هذا النوع من الاتصال من الممكن أن يكون ناطقا أو صامتا، ومن الطبيعي أن يكون تأثير الناطق أكبر أثرا من الصامت.
في نهاية الأمر يجب أن لا ننسى أن لكل وسيلة من الوسائل التي ذكرت أو من الوسائل المستعملة في هذا النوع من الاتصال لها إيجابيات وسلبيات، التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار عند استعمالها.
الملاحظة
هذا النوع من أنواع الاتصال أو وسائله يختلف عن الأنواع السابقة في أنه لا يعتمد على اللغة كمكون أساسي لعملية الاتصال، بل يعتمد على عامل آخر الذي يرجع إلى حاسة البصر، حيث يشاهد أو يرى أو يلاحظ القائم بالاتصال الحركات والأعمال أو الظواهر المختلفة التي تصدر عن الطرف الآخر، الذي هو المستقبل، والتي تهدف إلى معاني معينة ومحددة، التي تخلق نوع من الإحساس أثناء الملاحظة، وهذا الإحساس يعني أن الاتصال قد تم أو حدث وهذا الأسلوب يستعمل عندما تكون الفعالية لا تعتمد على الكلام، أو إذا اختلفت اللغات بين المرسل والمستقبل، أو إذا أراد المرسل أن يعرف مدى رد الفعل، أو التغذية العكسية للعملية الاتصالية التي قام بها من قبل، حيث يلاحظ ما يظهر على وجه المستقبل من تعبيرات وتغيرات.
ومما يجدر ذكره أن هذا النوع من الاتصال لا يستعمل بشكل واسع، بسبب المعوقات الكثيرة التي من الممكن أن تقف أمامه، مثل استعمال اللغة وأهميتها، أو عدم معرفتها بين الطرفين، لذلك فهو لا يستعمل لوحده، بل في الحالات الكثيرة يستعمل مع نوع آخر من أنواع الاتصال التي ذكرت.

تحميل محتوى الصفحة رجوع