د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

أنواع الاتصالات

عندما يتحدث ويتكلم الناس أو يكتبوا، فإن الشيء الذي يساعدهم في القيام بذلك هو ما يحاولون نقله للآخرين، بحيث يفهم ويدرك بالدقة المقصودة، ولهذا يجب ان نتعرف على لغة الاتصال.

February 23, 2024 عدد المشاهدات : 2136

أولا: اللغة والاتصال
تعتبر اللغة من أهم العمليات الاتصالية الأولية التي تحدث داخل المجتمع، والتي المجتمع بحاجة إليها، أي أن البشرية تعتمد أساسا على استخدام اللغة، في جميع ميادين الحياة اليومية وخصوصا في عملية التداول التي تحدث بين أفراد المجتمع في كل لحظة، فهي عبارة عن نظام رمزي كونه، وابتدعه الإنسان ليتبادل من الآخرين المعلومات والأفكار والمشاعر، إضافة إلى ذلك أن بناء أية جماعة إنسانية يتطلب وجود أشكالا مختلفة من الاتصال في كل المجتمعات المتحضرة أو البدائية منها، وذلك لأن اللغة تلعب دورا أساسيا وفعالا في صياغة مختلفة الرسالة التي ترسل إلى الجماهير والأفراد، لأن الرسائل تعتمد جميعها على اللغة في طريقة إعدادها وتحريرها، أو مراجعتها ومناقشتها، أو نقدها وتعديلها أو في شرح مضمونها تفسيرها.
وعندما يتحدث ويتكلم الناس أو يكتبوا، فإن الشيء الذي يساعدهم في القيام بذلك هو ما يحاولون نقله للآخرين، بحيث يفهم ويدرك بالدقة المقصودة، أن مشكلة الغموض والخلط في إحدى خصائص اللغة، التي لا يمكن التخلص منها بسبب طبيعة رموز الكلمات.
إن الجوانب التي تعمل على إعاقة فاعلية الاتصال، عندما تستخدم اللغة في الكتابة أو الحديث ترتبط في جانبين:
أولا: تعتمد اللغة على استخدام كلمات بعضها على درجة كبير من التجريد، وبما أن مستوى التجريد يختلف فإننا نقوم باستخدام كلمات مألوفة ومعروفة ومقبولة بهدف المساعدة على تعريف غيرها من الكلمات المجردة.
ثانيا: طبيعة الرسالة التي يهدف القائم بالاتصال إيصالها إلى المتلقي أو المستقبل، ولأنه ليس كل ما تتعلمه بواسطة اللغة يصبح له معنى على أساس خبراتنا المتراكمة، قسم كبير من المعلومات التي نحصل عليها تضم أفكارا تصويرية التي من الممكن أن لا تتعلق بأي حال من الأحوال بأشياء معينة أو بفكرة حقيقة، وقد أثبت علماء الاتصال أن اللغة قد لا تعبر عما هو موجود لدينا ونود القيام بالتعبير عنه بدقة كاملة.
ولقد تعود الأفراد على قول أشياء دون أن يقصدوها، أو معرفة معناها بالضبط، أضف إلى ذلك عجز اللغة في كثير من الأوضاع والأحيان عن التعبير عما يدور داخل الإنسان من انفعالات وعدم مقدرتها على وصفه الوصف المطلوب، وفي مثل هذه الحالة يتوجه الإنسان إلى الاستعانة بوسائل أخرى، كالحركة وتعبيرات الوجه، والتعبير الصوتي وجميعها تعتبر بمثابة عوامل إضافية ومكملة للغية في عملية الاتصال.
الاتصال يرتبط بنسق الإشارات والإيماءات وبالأنساق اللغوية وهذا الارتباط يكاد يكون تاما، لأنها تعتبر المجال الأساسي الذي تأخذ منه عملية الاتصال رسائلها، ونفهم على أساسها المعاني المختلفة التي تقصدها هذه الرسائل، والمقصود بالإشارة أو الإيماء هو كل حركة جسمية اكتسبت معنى، ولها شكل من أشكال الاتصال وتكون هذه الأشكال إما لا إرادية والتي تشير إلى اتجاه معين، أو لها استخدام شعوري واعي لعدد من الإشارات أو العلامات.
والإشارات أو العلامات من حيث مضمونها لا تتوقف عند المستوى الفردي بل تتدخل في أنساق ثقافية مختلفة، من هنا نرى أنها تختلف من جماعة لأخرى، ومن مجتمع لآخر، وذلك وفقا للإطار الثقافي الذي يميز هذه الجماعة وهذا المجتمع.
أما بالنسبة للغة فهي أعلى من الإشارات وذلك بحكم نطاقها ومداها ومعانيها الخاصة والمحددة، واختلافاتها وتدرجاتها وتعبيراتها المتعددة وقدرتها الواضحة على التجريد.
وعلى هذا يمكن تقسيم الاتصال الإنساني حسب اللغة المستخدمة إلى مجموعتين:
أولا: الاتصال اللفظي
في هذا الإطار تدل كل أنواع الاتصال التي يستعمل فيها اللفظ، ويكون بمثابة الوسيلة التي تنقل بها الرسالة من المرسل إلى المستقبل.
وهذا اللفظ من الممكن أن يكون منطوقا، ويصل إلى المستقبل الذي يدركه عن طريق حاسة السمع، ومن الممكن أن تكون هذه اللغة اللفظية مكتوبة، والأمثلة على هذا النوع من الاتصال التي يستعمل فيها اللفظ والكلام بصورة واضحة وكثيرة وهي المحاضرات والدروس التقليدية، التي يقف المعلم في مركزها والندوات والمناقشات والمقابلات والمؤتمرات الخ.... أما بالنسبة لاستخدام اللغة اللفظية المكتوبة فالأمثلة عليها كثيرة وهي الكتب والجرائد اليومية والشهرية والتقارير والمنشورات والدعوات وغير ذلك.
ثانيا: الاتصال غير اللفظي
تضم هذه المجموعة جميع أنواع الاتصال التي لا تعتمد على اللغة اللفظية، وإنما تقف اللغة غير اللفظية فيها في المكان الرئيسي والأساسي، وتظهر واضحة في الإشارات والحركات المختلفة التي يستخدمها الشخص بهدف نقل فكرة أو معنى معين إلى شخص آخر، إلى أن يصبح شريكا معه في الخبرة.
واللغة غير اللفظية المستعملة من قبل الإنسان للتعبير والدلالة عما يدور في خاطره من معاني وأفكار، هذه اللغة تقسم إلى ثلاث لغات كما اجمع معظم الباحثين في هذا المجال وهي:
1- لغة الإشارة
وتتكون من مجموعة من الإشارات المختلفة والمستعملة من قبل الإنسان في عملية التفاهم والاتصال مع الآخرين وهذه الإشارات تضم البسيطة والمعقدة مثل إشارات التفاهم مع الصم.
2- لغة الحركة أو الأفعال
تضم هذه اللغة الحركات التي يقوم بها الإنسان بهدف نقل ما يريد من المعاني أو الأحاسيس الموجودة لديه والتي يقصد ويريد أن يؤثر بها على الآخرين، مثل عملي الممثل في المسرح والحركات التي يقوم بها، دون أن يستعمل اللغة اللفظية ورغم ذلك نستطيع فهم ما يريد قوله نتأثر به أو لا نتأثر نقبله أو نرفضه، المهم أننا نستطيع فهمه وفك رموزه.

لغة الأشياء Object Language 
الأشياء هنا يقصد بها ما يستخدمه مصدر أو مرسل الرسالة موضوع الاتصال بهدف التعبير عن المعاني أو الأحاسيس التي يريد نقلها إلى المستقبل مثل ظاهرة لبس اللون الأسود في معظم المجتمعات، يعتبر عن الحزن الذي يعيش فيه من يلبس هذا اللون.
نستطيع أن نقول اعتمادا على ما سبق أن اللغة اللفظية أو المكتوبة لكونها أداة اتصال هي لا تعتبر سوى طريقة واحدة من عدة طرق التي نستطيع بواسطتها نقل الأفكار والقيام بالاتصال بين الأفراد والجماعات، وعملية الاتصال تضم أيضا الكثير من المعاني الهادفة والمعبرة عما يوجد ويدور داخل الفرد من شعور وإحساس، واللغة اللفظية تعتبر ضرورية لكل مجتمع إنساني، وهذه الأهمية ترجع إلى الجوانب الآتية.
1- تعتبر أساس الاتصال والتفكير وعملية التخطيط الذي لا يمكن أن يحدث بدونها، ويصعب علينا أن نتخيل الثقافة الإنسانية كيف كانت وإلى أين وصلت.
2- بواسطة اللغة تم تسجيل معظم جوانب التراث الإنساني ونقله إلى الحاضر الذي نعيش فيه، وعن طريقها نحافظ عليه وننقله إلى الأجيال القادمة كما هو، ونضيف عليه تراثنا الحديث الذي هو جزء من حياتنا التي نعيشها بكل ما فيها من جوانب مختلفة ومؤثرة.
3- استعمال اللغة والكلمات للتعبير عن الأفكار الموجودة لدينا والتي من الممكن أن يكون لها أثرها على الآخرين، لذا نقوم بالاتصال مع الآخرين بمساعدة عملية الكلام والكتابة، التي تعتبر عملية اقتصادية لأنه من الممكن أن تضم الجملة القصيرة عدد كبير من المعاني. واعتبار اللغة اللفظية اقتصادية أم لا، يتوقف على مدى ما يوجد بها من معرفة ومعلومات وخبرات سابقة مشتركة بين المصدر الذي يقوم بعملية إرسال الرسالة، أي الاتصال مع المستقبل الذي يتلقي بدوره الرسالة ويتفاعل معها ويتأثر بها بعد أن وصلت إليه وفهم مضمونها.
إن وجود بعض العيوب لا يعني بأي حال من الأحوال أنه من الممكن الاستغناء عنها بصورة نهائية كوسيلة أساسية للاتصال، ولكن يعني وجود لغة أخرى التي من الممكن الاستفادة منها مع اللغات الأخرى، مثل اللغة غير اللفظية التي تعتبر مهمة جدا، ولها أثرها الكبير والواضح في عملية الاتصال، هذا الأثر من الممكن أن يبقي فترة طويلة من الزمن أكثر من أثر اللغة اللفظية خصوصا إذا قمنا باستعمال الصور والرسومات المختلفة في عملية توضيح جوانب مختلفة من العمليات المعرفية، وهذا النوع من اللغة غير اللفظية مستعمل منذ القدم، حيث استعملها الإنسان القديم قبل أن يعرف المعاني التي تقف من خلال الكلمات المتنوعة التي تتكون منها اللغة.
ولكي تصل اللغة المحددة التي نستعملها إلى الآخرين ويكون الهدف منها معروف ويمكن تحقيقه، لابد من توفير بعض العناصر الضرورية لهذه الغاية وهي:
1- عندما نقوم بصياغة الكلمات والجمل، والرموز والإشارات والصور، يجب أن ندقق فيها، لكي تكون مناسبة لعملية الإرسال التي نريد القيام بها، حيث لا تكون فيها دلائل مختلفة أو متناقضة، أي يجب أن تكون واضحة بصورة لا تدعو إلى الشك والفهم المتغير والمختلف لدى الأفراد والأشخاص المختلفين الموجودين في نفس المكان أو المحيط الذي نوجه إليه الإرسال أو الاتصال.
2- على المرسل القائم بالاتصال والإرسال أن يختار الوسيلة لكي ينقل بواسطتها رسالته إلى الجمهور المستهدف، لأن صياغة الرسالة وقالبها يختلف باختلاف الوسيلة التي تساعد على تحقيق الهدف من الرسالة أفضل ما يكون.
3- الرسالة التي يقوم المرسل بإرسالها يجب أن تصل إلى المستقبل المستهدف، كما يريدها المرسل، وذلك لكي يتمكن المستقبل من إدراك مضمونها بشكل لا يكون معرض للتحريف أو التأويل، وهذا بحد ذاته بفرض على المرسل أن يختار اللغة الأكثر مناسبة لمعنى الرسالة وهدفها.
أي أن لغة الرسالة أو الرسائل على اختلاف أنواعها وأغراضها، تتكون من الرموز اللفظية اللغوية أو من الرموز المصورة، وهذه الرموز تعتبر العمود الفقري للاتصال، وبدونها لا يمكن أن يحقق الاتصال أغراضه سواء كانت هذه الرموز إشارات وإيماءات أو كلمات، وبدون شك فإن الإيماءات والإشارات تعتبر وسائل ضعيفة إذا ما قمنا بمقارنتها بالألفاظ. هذه اللغة نطلق عليها اسم لغة الاتصال، وبما أن الرسالة تعتبر جزء له أهمية كبرى، ولا يمكن أن يفصل عن العملية الاتصالية، لذا فإن نجاح هذه العملية يتوقف على فهم المرسل الذي يقوم بعملية الاتصال ويقدم المادة أو الرسالة لجمهور المستقبلين أو المستهدفين.
وعند الحديث عن موضوع الاتصال واللغة المستعملة يجب أن نأخذ في الاعتبار ونعرف أن لكل مجتمع لغته الخاصة التي تعتبر عنصرا من عناصر تكوينه الهامة والأداة الفعالة التي لها مكانة خاصة في عملية التطور والنمو التي يمر بها كل مجتمع، بالإضافة لكونها الجانب الأساسي والمهم في شعور الأفراد بانتماء بعضهم لبعض، واشتراكهم في نفس الفعاليات التي لها أهمية خاصة في حياتهم، مثل الجوانب التاريخية أو الثقافية أو الاقتصادية، هذه الجوانب تحقق وتجعل من اللغة أداة مطالب المجتمع وتعمل على سد احتياجاته، أي أنها تقوم بتحقيق الاتصال بين الجماعات المختلفة داخل المجتمع الواحد في البداية وبين المجتمعات الأخرى فيما بعد.
يتضح مما سبق أن كل جماعة تتطلب عملية اتصالات ومعاملات وتربط بينها علاقات، ولكي نصل إلى تطبيق مطالب التعامل بين الأفراد والجماعات يجب أن تكون هناك أداة مرنة تستطيع التفاعل مع حاجاتها المتعاملة بها، أي أن اللغة هي ضرورة اجتماعية لا يمكن حدوث تفاعل واتصال وتأثير كامل بدونها، بمعنى أن الحياة تصبح صعبة للمجتمع دون وجود الأداة التي تربط بين جوانبه المختلفة وتحقق التآلف بين الأفراد وتعمل على تحقيق أهدافهم، وتنظم حياتهم وعلاقاتهم الاجتماعية، كما ولها علاقة وثيقة بعملية التفاهم بين الأفراد والتعبير عن جميع الأمور التي تدور في عقولهم.
هذه الجوانب جميعها تدل على أهمية مكانة اللغة في عملية الاتصال، لأن هذه اللغة تعتبر العامل المشترك بين جميع عناصر العملية الاتصالية التي تضم المرسل والمستقبل والرسالة والوسيلة.
ونجاح عملية الاتصال يتوقف على مدى التوافق والتفاعل بين المرسل والمستقبل، ولكي يحدث تفاعل بين هذين الطرفين لا يكفي أن تكون الرسالة مكتوبة أو مرسلة في لغة مفهومة للطرفان، بل يجب أن تكون الخبرات الموجودة لديهم مشتركة أيضا، من هنا نقول أنه لا يمكن فهم طبيعة الاتصال اللغوي إلا إذا استطعنا أن نفهم عملية الإدراك نفسها، وفهم الجوانب المختلفة التي تتشكل منها هذه العملية.
ومن هنا نستطيع أن نقول أن التأثيرات التي تحدث بين اللغة والاتصال تكون متبادلة في جميع العناصر ومقوماتها.
واللغة تعتبر الجانب المهم الذي يجعل من الاتصال عملية اجتماعية لها كيان اتصالي اجتماعي. بالإضافة لكونها أداة اتصال التي يستعملها المشتغلون في وسائل الاتصال واللغة. أيضا تضم جميع الجوانب الإعلامية المختلفة مثل الأخبار، الإعلام، التفسير أو الشرح، التوجيه أو الإرشاد، التسلية، الترفيه، التسويق، التعليم، والتنشئة الاجتماعية.
وفي عملية الاتصال الجماهيري تكون اللغة والرموز عبارة عن تبادل المعلومات والأفكار مع الآخرين.
وعليه فإن اللغة تقوم بتأدية وظائفها في عملية الاتصال في ثلاثة جوانب هي:
1- الوظيفة الإعلامية
تتمثل في استخدام اللغة في عملية توصيل المعلومات والحقائق من خلال وسائل الإعلام المختلفة التي تلعب دورا كبيرا وهاما في عملية الاتصال الإعلامية العامة.
2- الوظيفة التعبيرية
أي استخدام اللغة لكي تعبر عن الفن والأدب، بهدف التعبير عن المشاعر الإنسانية أو تحريكها واتجاهات الفرد المستقبل للرسالة.
3- الوظيفة الاجتماعية
عندما نستعمل ونستخدم اللغة في عملية إقناع جمهور المستقبلين لرسالة الاتصال، بأسلوب محدد أو وجهة نظر، أو دفعة لعمل شيء ما، من هنا نقول أن فهم لغة الاتصال يكمن في وظيفتها، والتي تعتبر مرآة تعكس الفكر أو أنها وسيلة للتعبير عن الأفكار وعملية توصيلها وتبادلها.
واللغة التي نحن بصدد الحديث عنها هي التي تعرض الأمور بصورة مبسطة والتي يسهل على الجماهير استيعابها وفهمها، بالإضافة لكونها تتمشي مع قيم المجتمع وعاداته وتقاليده.
في نهاية الأمر نقول أن الاتصال كعملية تفاعل لا يقتصر على المجتمع الإنساني وحده، ولكنه يوجد لدى الحيوانات والحشرات والطيور، إلا أن الإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي يقوم باستعمال الرموز بهدف الدلالة على المعاني أو التعبير عن أفكاره ومشاعره، وقد استطاع أن يقوم بتطوير الصيحات إلى لغة يمكن من خلالها التعبير عن أفكاره ومشاعره.

أنواع اللغات
بعض الباحثين في مجال اللغة والاتصال، يرون أن كلمة لغة يقصد بها اللغة اللفظية فقط، في نفس الوقت يعتقد البعض الآخر أن اللغة ليست فقط لفظية، هذا الاعتقاد يعتمد على أن كل أسلوب يعبر به الإنسان عن الأفكار والمشاعر التي تدور داخله تعتبر لغة قائمة بحد ذاتها، من هنا جاء اعتبارهم للغة اللفظية لغة، وأن الصورة لغة، والأجسام الموسيقي لغة. والرأي الأول يعتمد في الأساس على أن اللغة الحقيقية يجب أن تتوافر فيها ثلاث صفات وهذه الصفات هي:
1- أنها تتكون من حصيلة من المصطلحات والمفردات التي تحكم تركيبها أسس وأحكام معينة، التي تسمى بقواعد اللغة، وكل واحدة من هذه المفردات لها معنى أو معاني معينة محددة، التي تمكن الإنسان أن يكون من المفردات وحسب الأسس والقوانين رموزا لها معنى جديد.
2- كون مجموعة من المفردات لها نفس المعنى، هذا يعني أن الإنسان يستطيع أن يعبر عن أغلبية المعاني بطرق وأساليب مختلفة، هذا يعني أنه من الممكن القيام بتعريف الرمز المفرد برموز أخرى إضافية.
3- في معظم الأحيان يكون من الممكن أن يدل أكثر من رمز على نفس المعنى الواحد، الباحثين الذين يعتبرون من أنصار هذا الرأي يقولون أن المعاني المنقولة باللغة اللفظية تفهم بتتابع وتتالي الرموز اللفظية، هذا يعني فهم الجملة عند قراءتها كلمة كلمة بترتيب كتابتها أو نطقها، هذا الرأي توصل إلى أننا لكي نعبر عن المعني فإن هناك طريقتين:
الأول: هي الرموز اللفظية التي نسميها اللغة الحقيقية التي نتحدث بها.
الثاني: هي الرموز غير اللفظية التي لا تخضع لقواعد معينة أو متسلسلة ومتتابعة كما هو الحال بالنسبة لتلك التي تحكم الرموز اللفظية.
أما الرأي الثاني الذي ذكر في البداية: فهو يعتمد في توضيح اللغة على وظيفة الرمز، وبما أن الرمز يعبر عن معني أو معاني معينة نسميها لغة، هذه اللغة تسمى باللغة اللفظية، إذا كان الرمز لفظ يكتب أو ينطق، وعندما يكون الرمز صورة أو إشارة أو حركة، نطلق على هذه اللغة اسم اللغة غير اللفظية.

الاتصال عملية ترامز
كون الرموز لفظية، أو غير لفظية هذا لا يمنع وجود حقيقة واقعية التي تقول، أن عملية الاتصال بأشكالها وأنماطها الكثيرة والمختلفة تتوقف على عملية انتقال الرموز وتبادلها بين الأفراد، والجماعات المختلفة والمتشابهة، لأن الفرد (الإنسان) من الصعب عليه أن يقوم بنقل الأفكار العقلانية الموجودة لديه للآخرين، دون أن يكون هناك وسيط يعبر عن هذه الأفكار، التي من الممكن أن تبقي وتظل داخل رأس وصدر صاحبها ولا يستطيع أن يعرف عنها أي إنسان شيء دون القيام في تجسيدها عن طريق صوره، ومن إشارات أو حركات التي تنقل إلى المستقبل لكي يقوم بتلقيها ويعمل على فك رموزها ويستجيب لها ويرد عليها، هذا يعني أن الرمز هو الأساس الذي تقوم عليه عملية الاتصال حتى ولو تنوعت رسائله واختلفت طرقه وأساليبه.
الرمز والمعنى
المعاني لا توجد في الكلمات نفسها، وإنما توجد داخل الناس والأفراد المختلفين، أيضا المعاني لا توجد في الكلمات أو في الرموز، لأن المعاني لا تنقل والذي ينقل هو الرموز، الإنسان يتأثر بمنبه أو مثير من المنبهات أو المثيرات التي حوله ومن بينها الألفاظ ثم يستجيب لها وفقا لدلالتها بالنسبة له.
ومن هنا يأتي التفسير للاختلاف في استجابات عدد من الأفراد للألفاظ معينة ولو كان اللفظ يحمل معه معناه لما كانت اختلافات في الاستجابة، ولكن كل فرد يحاول أن يستجيب وفقا لدلالة اللفظ بالنسبة له.
ومثل هذه الدلالات تختلف من مجتمع لآخر ومن حضارة لأخرى، ومن مكان لآخر، ومن بلد لآخر، من هنا جاءت حتمية وجود الإطار الدلالي للمرسل والمستقبل، وذلك كي يكون المعني الذي يثيره الرمز عن المستقبل يتماثل مع الرمز الذي يثيره المرسل أثناء عملية الإرسال.
الاتصال التصويري
قبل أن يعرف الإنسان اللغة ويحدد جوانبها المختلفة كانت الرسومات والإشارات المرئية تعتبر وسائل الاتصال الوحيدة المستعملة، ومعظم المعلومات الموجودة لدينا عن الحضارات السابقة وصلت إلينا عن طريق ما تبقي من الصور والرسومات التي عثر عليها، وكانت بمثابة المصدر الأول المهم في هذا المجال. وتعتبر المرئيات المصدر الرئيسي والأساسي والمهم للخبرة المرئية، حيث نتعرف على الأشياء بعد أن نشاهدها في الواقع أو عندما تكون ممثلة بالصور والرسومات وعملية إدراكنا لمثل هذه المرئيات دائما يتبع لدرجة معينة عمليات مختلفة وليس مجرد عملية إدراك لما يدل عليه أو يرمز له.
إن عملية إدراك المعنى الرمزي لكلمة أو لمصطلح أو جملة يجب أن تصل إلى عملية تحليل لهذا الرمز وفهم معناه، وعملية الإدراك البصري تعتمد على وجود عناصر لها صفات خاصة التي تتعلق بالمنظر المرئي وهذه الصفات هي:
الأول: الشكل والبعد
طريقة وضع الظلال والخطوط في الفراغ يجب أن تؤدي أو تقود إلى وضع يمكن منه تحديد الشكل وأبعاد المنظر الذي يرى.
الثاني: الحجم
عملية الإدراك البصري للأحجام في معظم الأحيان يكون مصحوب بالالتباس وعدم الدقة في التحديد وذلك بسبب وجود علاقة بين الحجم الذي نحن بصدد إدراكه، والمسافة التي يوجد بها الجسم، هذا الالتباس يوجد في معظم الحالات التي تستخدم فيها الصورة والرسومات.
الثالث: التنظيم
كل منظر يضم عناصر مختلفة وتكون موزعة على مدى اتساع الرؤيا، وعملية تنظيم عناصر الرؤيا هذه من الممكن أن تؤدي إلى تغيير طبيعة الإدراك البصري، وفي النهاية إلى سوء الفهم، الذي هو الغاية أو الهدف من عملية النظر إلى الأشياء والصور المختلفة. 
ومن الطبيعي أن هذا لا يتحقق إلا إذا وضعت العناصر المختلفة كل واحد في مكانه المناسب، وترابط مع بعضها البعض بقوة، لأن الصورة مثل الجملة تماما تفقد معناها إلا لم تكن كلماتها مترابطة ومناسبة.
الرابع: الاتجاه والتركيز
تعتبر عملية تركيز وتنظيم العناصر المرئية كخطوة واحدة في عملية الترابط التي يقصد بها تسهيل عملية الفهم، والخطوة الأكثر أهمية هي التي لها صلة ومترابطة بمستوى الأهمية بالإضافة إلى ما يجب التركيز عليه.
الخامس: الزاوية
عندما نقوم بعملية تغيير لزاوية الرؤيا في معظم الأحيان نشاهد حدوث تغير ملحوظ في المنظر الذي نريد أن نصوره.
حينما يقوم الفرد في عملية اتصال مع الأفراد الآخرين، فهو يقوم باستخدام رموز التي يخترعها هو بنفسه بهدف نقل المعلومات أو المشاعر والأفكار الموجودة، هذه الرموز التي يستعملها من الممكن أن تكون لفظية أي وضعها في كلمات لغوية أو من الممكن أن تكون موضوعة على شكل مرئيات مثل الصور والرسوم.
وعلى أي حال هذه الرموز هي التي تتكون منها المادة الاتصالية ذاتها.

ثانيا: اتجاه الاتصال
كيف تتم عملية الاتصال
عندما يوجد فرد معين (مرسل) الذي توجد لديه فكرة أو معلومة أو مجموعة من الأفكار والمعلومات (رسالة أو رسائل) التي يريد أن يوصلها إلى شخص أو فرد آخر (مستقبل) بهدف التأثير فيه، في مثل هذا الوضع يتوجب على المرسل القيام بتحديد الفكرة أو الأفكار الموجودة لديه تحديدا دقيقا، كخطوة أولى يقوم بها في اتجاه تحقيق الهدف الذي يسعى إليه، كما ويجب عليه أن يجمع كل المعلومات التي لها علاقة بهذه الفكرة أو الأفكار ويضعها أو يصوغها في رموز معينة، أو أشكال معينة أو الاثنين معا أي أن يقوم بعملية ترجمة للفكرة أو الأفكار إلى رمز أو مجموعة من الرموز، التي ترسل بصيغة رسالة إلى المستقبل، وحينما تصل إلى حاسة أو أكثر من حواس المستقبل فهو يقوم بعملية فك (فهم) هذه الرموز التي تتضمنها الرسالة، هذا إذا كانت هذه الرسالة من مجال الخبرات المشتركة بين طرفي عملية الاتصال، المرسل والمستقبل، وبعد ذلك يخرج بفكرة، التي من الممكن أن تكون مماثلة لفكرة المرسل، هذا يعني أن الاتصال قد حدث بصورة ناجحة لأن المرسل والمستقبل أصبحت لديهم نفس الفكرة الأساسية التي قام بإرسالها المرسل.
وإذا حدث وكانت فكرة المستقبل غير الفكرة الموجودة عند المرسل، معنى ذلك أن الاتصال قد فشل، أي أن المرسل والمستقبل وكأنهم لم يقوموا بالاشتراك بنفس الفكرة، في مثل هذا الموقف من الممكن أن يكون سبب الفشل راجع لكون المرسل لم يقم بإعداد وصياغة الرسالة بالشكل الصحيح والمستوى المناسب لإدراك وفهم ومستوى المستقبل، هذا ومن الجهة الأخرى من الممكن أن يكون موضوع الرسالة بعيدا عن أفكاره ورغبات ومطالب المستقبل لذلك فهو لا يعيرها أهمية كافية ولا يعطيها الانتباه اللازم مما يؤدي إلى الفشل في محاولة الاتصال بين الطرفين.
وعملية الاتصال التي نتحدث عنها تحدث وتتم بواسطة نقل فكرة أو معلومة معينة بأسلوب واضح من جهة، ومدى استعداد الآخرين للقيام باستقبالها استيعابها كما هو مطلوب، وتنفيذ مضمونها في نهاية الأمر بطريقة مفيدة وسريعة وقاطعة التي لا مجال للشك فيها، وذلك بعد التأكد والوثوق من مصدر المعلومات ومعرفة المرسل الذي يقوم بعملية إرسال ونقل لهذه المعلومات والرد عليها بالأسلوب المناسب والطريقة المجدية.
ويتم الاتصال على أنواعه وصورة بطريقة مباشرة وجها لوجه مثلما يحدث في المحادثات والمناقشات الكلامية، الخطب أو المؤتمرات العلمية والاجتماعية والأحاديث الشفوية، وهنا نقول أن مما لاشك فيه أن طريقة المقابلة على أنواعها المختلفة إذا كانت ناجحة تعتبر وسيلة مهمة لنجاح الفرد الذي يجيد استعمالها في عملية الاتصال الإداري، والمقابلة من إحدى شروطها الهامة وهو وجوب حدوثها بتحديد موعد مسبق، وإتمامها في موعدها دون تأخير حتى لا يشعر الآخرون بالمثل (1). 
الاتصال في اتجاه واحد
من الممكن أن يكون الاتصال مفردا أو في اتجاه واحد أو في اتجاهين. والاتصال في اتجاه واحد تنقل فيه المعلومات أو الأفكار من المصدر الذي يقوم بإعداد الرسالة وإرسالها إلى المستقبل أو مركز الإرسال، إلى المستقبل أو مركز الاستقبال، بحيث يكون مركز الإرسال هو البعد الإيجابي بينما يكون موقف مركز الاستقبال سليما تماما، بمعنى أن عملية التفاعل والتبادل تكاد تنعدم في مثل هذا النمط. أي أن هذا النمط يشير في بعض جوانبه إلى الاتصالات الجمعية، ومثال على ذلك ما يحدث داخل غرفة الصف مع المعلمين التقليديين أو المحاضرين الذين يقفون في مركز الإرسال والأحداث يرسلون المعلومات أو التعليمات والمعرفة إلى الطلاب، دون إعطائهم الفرصة للاشتراك في المحادثة أو المناقشة، هذا النوع من الاتصال في معظم الحالات يكون في اتجاه واحد، وفي معظم الأحيان والحالات يطلق عليه اسم الاتصال الناقص لعدة أسباب مثل عدم اهتمامه بالطرف الآخر المتصل به، لذا فهو يعتبر سمة من سمات القيادة المتسلطة، لأنه يقوم على مخاطبة شخص لغيره، والغير ينصت فقط، لذلك فإن الأثر الذي يتركه ناقص لأنه يتجه إلى اتجاه واحد من المرسل إلى المستقبل دون أن تكون ردود فعل من جانب المستقبل، أي أن المستقبل في مثل هذه الحالة يعتبر مستمع فقط ولا يستطيع التعليق أو الإجابة لما يصل إليه من معلومات من قبل المرسل بمعنى آخر في مثل هذا النوع من الاتصال لا تكون تغذية عكسية التي تلعب دورا له أهمية كبيرة جدا، لأنها تخبر المرسل أو القائم بالاتصال بأن رسالته حظيت بالتفسير والقبول، ويمكن القول أن التغذية العكسية هي عبارة عن الرسالة التي يقوم المستقبل بإرسالها كرد فعل على رسالة المرسل وتكون في شكل أنساق لفظية أو حركية مثل قول نعم، أو هذا صحيح أو عملية هز الرأس بالموافقة والإيجاب أو رد فعل المستمعين بالوقوف أو القيام بالتصفيق بعد إنهاء المحاضرة أو الدرس.
نستنتج مما ذكر أن للتغذية العكسية أهمية كبيرة حيث بواسطتها ندرك ونعرف مدى وصول الرسالة وما هو مضمونها، وهل استطاع المستقبل أن يستوعبها أم أنه لم يستطع فهمها واستيعابها، لذلك يتوجب على القائم بالاتصال أن يكون حساسا لدرجة كبيرة بالنسبة للتغذية العكسية، حتى يحقق التفاعل والتوافق بينه وبين جمهوره، وذلك بأن يعدل وينقح من رسالته وفقا لما يلاحظ على جمهوره من ردود فعل مسموعة في حينه أو فيما بعد.
حدوث مثل هذه الأشياء بين المرسل والمستقبل يجعل مثل هذا النوع من الاتصال ناقص لأنه لا يعطي الفرصة لعملية الاتصال أن تكون متكاملة، تماما كما يحدث عند الاستماع إلى محادثة في التلفاز أو الإذاعة من موضوع معين مهم ولا تكون لديهم الفرصة والإمكانية للمناقشة والمحادثة والتعبير عن رأيهم بالنسبة لهذه المواضيع المثارة بالرغم من وجود وتوافر المعرفة والقدرة اللازمة لذلك.
وعليه نقول أن هذا النوع من الاتصال يكون مباشرا في حالات معينة وغير مباشر في حالات أخرى.
والاتصال المباشر في الاتصال الذي تكون فيه العلاقة بين المرسل والمستقبل علاقة مباشرة أي وجها لوجه، أي أنها هي الصورة التقليدية للاتصال في الحياة اليومية، وهذا النوع من الاتصال يتم عن طريق الكلمات المنطوقة بين أفراد الأسرة والجيران والأصدقاء والمدرسين والطلاب والزملاء بالإضافة إلى الزيارات والمقابلات والاجتماعات والمؤتمرات.
أما الاتصال غير المباشر فهو ذلك الاتصال الذي يوجد عندما يدخل عنصر وسيط بين المرسل والمستقبل، مثل الاتصال التلفوني، أو الاتصال الجماهيري، عندما يتحدث ويخاطب المرسل أفراد لا يعرفهم ولا يعرفونه معرفة شخصية، ولا يستطيع أن يحصل منهم على ما يؤكد رفضهم أو تقبلهم لرسالته، لأن اتصاله بهم غير مباشر أي أنه يستخدم رسائل اتصالية معينة التي لها تنظيم معقد ومكلف، وهي الوسائل المعروفة مثل وسائل الإعلام، الصحافة والمطبوعات، والإذاعة والتلفاز، الصور، الأفلام، الشرائح، الرحلات، الأغاني، الخ.
الاتصال في اتجاهين
الاتصال من هذا النوع يدعي أيضا اتصال مزدوج، حيث يبدأ من طرف ويتجه إلى الطرف الآخر، ثم يرجع من الطرف الثاني إلى الأول مرة أخرى، حيث يعطي الطرف الأول الأمر أو المعلومات والتعليمات التي يريدها والثاني الذي يتلقى هذه التعليمات والمعلومات، يستجيب أو يقوم بالاستفسار عن هذه المعلومات، وهكذا يدور الحوار والمناقشة بين الطرفين، وهذا النوع من الاتصال يعتبر من صفات وخصائص القيادة التي تقوم على المشاورة وإعطاء الحق في الحديث والمشاركة، أي يهمها عملية تبادل المعلومات مع أفراد الشعب.
ويدعي هذا النوع من الاتصال بالاتصال الكامل لأنه يعطي الفرصة الكافية للمرسل والمستقبل للمحادثة والمناقشة والتعبير عن رأيهم على ضوء المعلومات التي أرسلها المرسل وأستقبلها المتلقي المستقبل، أي أنها توجد عملية تبادل في الأفكار أكثر منها انتقالا، وعملية تبادل في المعلومات الذي أساسها المرسل، ويشترك معه فيها المستقبل بعد سماعها وفهمها، ببساطة عملية تفاعل مستمر ونستطيع أن نقول أن هذا النمط من الاتصال يشير إلى الاتصالات التي تحدث بين الأشخاص في جميع مجالات الحياة اليومية، إن في هذا النوع من الاتصال تتوفر جميع عناصر عملية الاتصال وخصوصا التغذية العكسية أو رجع الصدى، وهذا يعني أن المرسل يستطيع التأكد من أن الرسالة التي يرسلها أو إرسالها وصلت إلى المستقبل واستطاع أن يفهمها ويستوعب ما جاء بها، يعني أن عملية الاتصال هي عملية تفاعل ونقل الأفكار بصورة ناجحة ومثمرة بين طرفي عملية الاتصال أي من المرسل إلى المستقبل وبالعكس.
ومن هذه الاتصالات محادثات المعلم المبدع، والذي يسعى إلى العمل بكل أسلوب جديد مع طلابه، حيث تقوم هذه المحادثات على الإسماع والاستماع، والتي أساسها عملية الاستماع والإنصات، أو المدير مع المعلمين حيث تتاح الفرصة هنا لكل طرف من أطراف عملية الاتصال أن يقوم بالمناقشة والاستفسار وإعطاء الرأي عما يدور معه أو حوله من مناقشة وأحداث، طبيعي أن مثل هذا الوضع يتعلق بشخصية المدير إذا كان يميل إلى الديمقراطية وإعطاء الحرية أم عكس ذلك، ويتعلق أيضا بشخصية المعلم أو المعلمين الذين يعملون معه هل لديهم الثقة بالنفس أم هم عديمي الثقة والمقدرة على المواجهة.
واعتمادا على ما ذكر نقول أن عملية الاتصال في اتجاهين من الممكن أن تكون مباشرة إذا أعطيت فيها الفرصة الكافية، أو غير مباشرة إذا لم تعط فيها فرصة بأي شكل من الأشكال.
والتفاعل الذي يحدث بين طرفين ويسوده جو هادئ ومستقر يعتبر من أهم العوامل التي تساعد على نجاح عملية الاتصال، أضف إلى ذلك أن هذا النوع من الاتصال يمكن كل من المرسل والمستقبل القيام بتبادل الأماكن أي المرسل يصبح مستقبل والمستقبل يصبح مرسل، وهذا التغير في الأدوار يستمر طوال فترة الاتصال، ونحن عندما نحاول الاتصال فإننا نحاول أن نؤسس اشتراكا مع شخص أو مجموعة من الأشخاص هذا الاشتراك يكون في المعلومات أو الأفكار أو الاتجاهات.
وعملية انتقال المعاني بين الأفراد هي التي تحدد العملية الاجتماعية التي تحدث بينهما. كما أنها تحدد جميع الأشكال المجتمعية، حيث يصبح بقاء الحياة الاجتماعية استمرارها متوقفا على انتقال الرموز ذات المعاني وعملية تبادلها بين أفراد المجتمع، بالإضافة لكون جميع أوجه النشاط الجماعية تتوقف على الخبرات المشتركة من المعاني.
الاتصال الفردي والاتصال المزدوج
بمقارنة هذين النوعين من الاتصال يتضح لنا أن لكل نوع من الاتصال صفات وخصائص مميزة التي تجعله ينفرد ويميز عن النوع الآخر، أو يلتقي معه في بعض الصفات ومنها ما يلي:
1- أن الاتصال من طرف واحد (الفردي) يعتبر من أنواع الاتصال السريعة أي أنه أسرع من الاتصال الذي له جهتين (المزدوج).
2- الاتصال من جهتين، طرفين أو المزدوج يكون أكثر دقة من الاتصال الفردي، لأن المعلومات فيه تتناقش من قبل المرسل والمستقبل أو المستقبلين، أي أنه يؤدي إلى وجود التغذية العكسية التي تدل على استيعاب صحيح للمعلومات أو وجود بعض الخلل فيها مما يعطي الفرصة للمرسل بتصحيح المعلومات غير الدقيقة، أي القيام بعملية إعادة للرسالة التي يريد القيام في إرسالها.
3- في عملية الاتصال المزدوج يكون المستقبلون أكثر ثقة بأنفسهم ويستطيعون القيام بالحكم على الخطأ والصواب في جميع المعلومات التي تصلهم أو ترسل إليهم وذلك لكونهم طرف في عملية الاتصال، ويتوجب عليهم القيام بالمشاركة الفعالة، بالإضافة لكون الخبرة في هذه المعلومات مشتركة للطرفين.
4- في بعض الأحيان يشعر المرسل في الاتصال المزدوج أنه موضع هجوم لأن المستقبلين قد تكون لديهم ملاحظات معينة من الرسالة أو المادة التي يقوم المرسل بعملية إرسالها، وعن الأسلوب الذي يرسل فيه.
5- الاتصال المفرد يظهر وكأنه أقل دقة ولا يسمح بالمناقشة، ولا يعطي الفرصة للمحادثة والاستفسار، ويؤدي إلى فقدان الثقة بالنفس عند الطرف الآخر، الذي يقوم بعملية الاستقبال.
6- تعتبر طريقة الاتصال من طرفين، طريقة صاخبة وتقريبا غير منظمة لأن الأفراد يقومون بمقاطعة المرسل وبعضهم البعض، كما يحدث أثناء الدروس التي تقوم على المحادثة والمناقشة، بالمقابل تعتبر طريقة الاتصال المنفرد منظمة أكثر، بالرغم من كون الاتصال فيها أقل دقة.
في نهاية الأمر نستطيع أن نقول أن الاتصال أداة أولية لأحداث تغير في السلوك الفردي والجماعي في جميع النواحي والجوانب المختلفة للحياة.
الشروط المؤثرة في الاتصال
هناك أربعة شروط أساسية وهامة لضمان عملية التأثير في الاتصال وهي:
1- يجب أن يكون في عملية الاتصال طرفين (مرسل ومستقبل)، لكي يحدث التأثير والتفاعل بين الطرفين، لأن حدوث الاتصال من طرف المرسل فقط يفقد لحد معين من التأثير وتلقي التغذية العكسية.
2- الاتصال لا يقتصر على مجرد الاستقبال من الطرف الثاني للعملية التي ترسل إليها الرسالة ويجب أن تكون هناك خطوة ثانية هي الفهم، أي فهم المستقبل ما يؤيد ويعني المرسل والقائم بالاتصال من الممكن أن يعمل على جعل الآخرين يستمعون إليه ولكن لا يستطيع أن يجعلهم يفهمونه.
3- يجب أن لا تكون هناك حواجز وعوائق عملية وطبيعية، أو سيكلوجية التي من الممكن أن تمنع عملية الاتصال بين هيئة وأخرى، ومن الواضح أنه تحت تأثير هذه الظروف لا يستطيع المسؤول أن يقود رجاله، كما أنهم لا يستطيعون أن يتبعوه، لأنه لا توجد أي وسيلة التي عن طريقها وبمساعدتها يستطيع العامل معرفة ما يريده المسؤول عن طريق ما يصدر عنه من نشرات أو قيامه باتصال معهم، وكذلك الأمر بالنسبة للمدير في المدرسة الذي لا يستطيع معرفة ما يريده المعلم، إذا لا يستمع إليه وترسل إليه منه رسائل واضحة وليس فقط مجرد نظرات أو رسائل مكتوبة دون شرح أو توضيح يجعل من عملية المعرفة سهلة وبسيطة، بالإضافة إلى أن المدير لا يستطيع إثارة دافعية من يعملون معه لأنه لا يتصل بهم اتصالا مباشرا في معظم الأحيان، وفي بعض الأحيان يكون للمدير اتصالا مباشرا مع العاملين معه كما يحدث في مجال التربية والتعليم.
إن عملية الاتصال بسبب هذه الحواجز تكون غير فعالة، بالإضافة إلى أنها تؤدي للفهم الناقص، والشيء الذي يفتقر إلى الأمن، يؤدي إلى وجود الصراع وعدم القدرة على اتخاذ القرارات ومن المؤكد أن الاتصال الناقص وغير الكامل يؤدي إلى جميع هذه النتائج، وفقط عند إزالة هذه الحواجز يمكن القيام بالاتصال الجيد والعمل المشترك.
4- الاتصال الجيد يميل إلى تشجيع العمل وتحسين الاتجاهات، وعندما يزداد فيه التأثير والأثر.
الاتصال الجيد حسب جمعية الأعمال الأمريكية
American Management Association 

1- حاول توضيح آرائك قبل الاتصال
عملية تحليل المشكلة أو الفكرة التي تريد أن تنقلها إلى الناس تحليل كاف يزيد من وضوحها، وهذه تعتبر الخطوة الأولى نحو الاتصال الفعال، ويجب عدم البدء بالكلام والمحادثة قبل أن تبدأ التفكير، إن أغلب فشل الاتصالات الإدارية في المؤسسات والمنظمات المختلفة ينجم عن عدم كافية التخطيط الجيد الذي يأخذ في الحسبان أهداف واتجاهات من يتلقون الرسائل وسيتأثرون بعملية الاتصال.
2- تحقق من هدفك الحقيقي في الاتصال
على القائم بالاتصال (المرسل)، أن يسأل نفسه بصورة دائمة، ماذا يريد تحقيقه؟ هل هدفه الحصول على المعلومات؟ أو نقل هذه المعلومات إلى الأطراف المعنية؟ أو البدء في عملية جديدة؟ أم محاولة تغير اتجاهات شخص آخر؟ وعندما يتحدد الهدف النهائي والحقيقي الذي يقف من وراء عملية الاتصال يبدأ الفرد في البحث عن استخدام اللغة المناسبة والمدخل الملائم لتحقيق هذا الهدف، وإذا أدى التحديد إلى تقليل الأهداف، يؤدي هذا إلى تركيز وتكثيف عملية الاتصال، مما يزيد من احتمالات النجاح في النهاية.
3- خلال الاتصال تذكر دوما الظروف الطبيعية والإنسانية
المعنى الذي نقصده يمكن أن ينقل بالكلمات ودون كلمات، لأنها توجد عوامل أخرى كثيرة تؤثر في حدوث عملية الاتصال، لذا على الإداري الناجح أو من يقوم بالاتصال أن يكون حساسا للظروف التي يتم خلالها الاتصال، بالإضافة لكونه ممكن التطبيق في البيئة التي يتم خلالها أو فيها.
4- استشر الآخرين قدر المستطاع قبل تخطيط الاتصال
عملية تخطيط الاتصال من الصعب والمستحيل أن يستطيع القيام بها فرد واحد، لذا فإن مساهمة ومساعدة الآخرين في التخطيط أو الكشف عن الحقائق التي يعتمد عليها القائم بالاستشارة، من المحتمل أن تمد اتصال القائم بالاتصال بعمق وموضوعية أكبر وأفضل، بالإضافة إلى أن المساعدين في التخطيط سوف يمنحون الموضوع تأييدهم الإيجابي. 
5- على القائم بالاتصال الحرص على نبرات صوته خلال الاتصال مثل الحرص على موضوعه
لنبرات الصوت وللتعبيرات التي ترسم على وجه القائم بالاتصال عندما يبدأ العملية دلالات تشير إلى مدى تقبله لاستجابة الآخرين أو رفضها، وهذه العوامل لها آثار بعيدة المدى على الشخص الذي يجري الاتصال معه، وحين القيام بعملية تحليل لهذه العوامل فإنها تترك آثارا سيئة، وعندما يحسن استعمالها يتقبل المستمع للرسالة أكثر من موضوع الرسالة نفسه.
6- على المرسل اغتنام الفرصة للقيام بنقل شيئا له فائدة أو قيمة لمن تخاطبه
إن مراعاة وجهة نظر وحاجات الشخص الآخر في عملية الاتصال، في معظم الوقت تشجع هذا الشخص على الاستجابة لأفكار الطرف الأول لعملية الاتصال أي المرسل، وتجعله يتقبل التعليمات التي يرسلها إلى المستقبل في الطرف الثاني، لأن العاملين في المؤسسات والمنظمات المختلفة في الغالب يميلون للاستجابة للمطالب، وتعليمات الرئيس أو المدير الذي يهتم برغباتهم ومطالبهم.
7- على المرسل متابعة الاتصال الذي يقوم به
من الممكن أن تضيع الجهود المبذولة في عملية الاتصال دون أن نعرف مدى ومقدار نجاحنا في التعبير عن المعنى والغرض الحقيقي الذي نحن بصدد الاتصال من أجله، وإذا لم نقم بمتابعة عملية الاتصال فلا نستطيع أن نعرف مدى هذا النجاح الذي نسعى إليه، وتحقيق المتابعة عن طريق توجيه عدة أسئلة خاصة، وتشجيع الأشخاص المتصل بهم للتعبير عن رد الفعل لهذه الأسئلة ولتأثير عملية الاتصال.
8- حين الاتصال يجب الاهتمام بالغد مثل الحاضر
الاتصال يحضر ويعمل من أجل مقابلة احتياجات الظروف الحالية، أولا وقبل كل شيء، لذا يجب أن يخطط حسب ما يتفق مع الظروف السابقة التي تعمل على بقاء الترابط أمام خيال من تتصل بهم، وأهم من كل هذا هو أن يكون الاتصال مرتبطا مع الأهداف والمصالح في الأمد الطويل والبعيد.
9- تأكد من أن أفعالك تتفق مع اتصالاتك
أفضل أنواع الاتصال هو ما نفعله وليس ما نقوله عندما تختلف أقوال الفرد عن أفعاله واتجاهاته فإن الناس سوف يسقطون هذه الأقوال من حسابهم، وفي بعض الأحيان، يعتبرونها محاولة لتحليلهم، هذا يعني أن العمليات القيادية الناجحة تخدم الاتصال أكثر من كل كلام فتصبح، إذا ظهرت بصورة مباشرة مثل تحديد المسؤولية وإعطاء سلطات مناسبة والمكافآت على الجهود التي تبذل.
10- علينا أن نتعلم كيف ننصت ونصغي جيدا
في أغلب الأحيان عند البدء في الكلام نتوقف عن عملية الإنصات والإصغاء أي أننا لا نتفاعل مع الاتجاهات وحركات الشخص الآخر، وهذه الأمور والجوانب لا يعبر عنها الكلام، وعندما يحاول غيرنا الاتصال بنا، فنحن جميعا نقصر في المتابعة والإنصات وعملية الإصغاء Listening هي إحدى المهارات الهامة والصعبة والمهمة دائما في الاتصال، ويجب علينا أن نصغي إصغاء تاما إذا أردنا أن نفهم ما يريد الفرد الذي يتصل بنا.

أثر عملية الاتصال
حينما يتحدث فرد لآخر، تحدث نتيجة لهذه العملية أشياء كثيرة ومعينة، وتكون وراء هذا التحدث أفكار ومواضيع ورغبات ومطالب مختلفة مثل: الشخص (الفرد) الأول يقوم بعملية التحدث إلى الشخص الثاني عن شيء معين، أي أن العملية لها موضوع أو مضمون لأنهما يتحدثان عن شيء يخص الاثنين.
بالإضافة إلى ذلك تحدث أشياء أخرى، غير التي ذكرت وهذه الأشياء تحدث عندما يقوم الفرد الأول بالتحدث إلى التالي، بعض هذه المحادثات تجري في وجود كمية كبيرة من الضوضاء، والبعض الآخر يحدث في جو هادئ، ومن الطبيعي أن يكون فرق بين الحالتين، الذي يتجلي بالنتائج التي تصل إليها من الحالتين.
والضوضاء التي نقصدها هنا هي تلك الأشياء التي تتدخل في عملية الإرسال، وفي معظم الأحيان تكون عوامل التشويش نفسية، مثل كون الشخص الثاني يفكر في شيء آخر، يشغله عن مواصلة الاستماع لما يقوله الشخص الأول أو من الممكن أن يكون الشخص الثاني في حالة خوف وتوتر من الأول، بحيث يكون من الصعب عليه أن يستمع لما يقوله الأول استماع فعال.
بالإضافة إلى بعدي المضمون والتشويش في المحادثة بين الشخص الأول والثاني أي المرسل والمستقبل، يوجد طرف ثالث ألا وهو وسيلة أو قناة الاتصال حيث في الكثير من الحالات وبالذات في المنظمات يقوم بالتوسط فيها أشخاص آخرون، أي أن الشخص الأول يستطيع التحدث إلى الثاني فقط عن طريق عامل ثالث أو رابع.
وهناك بعد آخر من أبعاد العملية يجب أن يذكر ألا وهو اتجاه الاتصال وهل هو من نوع الاتجاه الواحد أو الاتجاهين، لأنه من الممكن أن يتحدث الطرف الأول أي المرسل إلى الطرف الثاني أي المستقبل بالطريقة التي يتحدث فيها المرسل إلى المستقبل أو بالطريقة أو الاتجاه الآخر المستقبل إلى المرسل أي أن الطرف الأول (المرسل) يستطيع التحدث إلى الطرف الثاني المستقبل في حين أن الطرف الثاني يصغي له، وهذا ما نطلق عليه الاتصال من طرف واحد أو أن الطرف الأول المرسل يتكلم والطرف الثاني المستقبل يمكن أن يتكلم ويرد عليه، وهذا هو الاتصال الذي نسميه اتصال من الاتجاهين.

ثالثا: الاتصالات بين الأفراد
الاتصالات بين الأفراد داخل المنظمات وفي الحياة العامة واليومية، تتكون بشكل مباشر أو في إطار جماعة، ولا يمكن أن يحدث تفاعل بين سلوك الأفراد دون حدوث اتصالات بينهم، وهذه الاتصالات بطبيعة الأمر تحدث بينهم نوعا من الترابط أو الانتماء.
والكثير من المشاكل التي تنشأ عندما يحاول الأفراد الاتصال مع بعضهم، سببها الفروق أو الاختلافات الإدراكية من جانب، والاختلافات في نمط ربط أنفسهم بالآخرين أو الانتماء إليهم، ومعروف أن كل فرد أو مدير يدرك العالم من حوله على أساس خبراته وشخصيته، واتجاهاته وميوله، والمنظار الذي يرى فيه الآخرين وهذه الجوانب جميعها أساسها ومصدرها التنشئة التي مر بها في مراحل حياته المختلفة، بالإضافة إلى أن الطريق التي يربط بها الفرد أو المدير نفسه مع بيئته أو التي ينتمي إليها ويتعلم منها، تتوقف على ما يصله أو ينقله من بيانات، وطريقة الحصول على بيانات تعتمد على كيفية ربط الشخص نفسه مع مصدرين هامين للبيانات وهما ذاته والآخرين.
وحينما نقول ذاته نقصد البيانات التي يكون الفرد هو مصدرها، سواء خرجت منه هو، أو هو بنفسه قام بالحصول عليها، وجمعها لأنها مهمة بالنسبة له وتخدم جوانب مختلفة لديه.
أما بالنسبة للآخرين فالمقصود منها أن الآخرين هم مصدر البيانات أم هو الذين يقومون بنقلها وإيصالها إلى الجهات والجوانب المعينة التي تستفيد منها أو تستعملها في المواقف المختلفة والخاصة.
وبما أن معظم العلاقات بين الأفراد تنطوي وتقوم على اتصالات مختلفة، وأشكال وأنواع واتجاهات متغيرة، وذلك حسب الموقف الاجتماعي الذي يوجد أو يقف فيه الأفراد، فإن هذا يظهر أهمية الطريقة التي يفضل الفرد أن ينتمي أو يرتبط بها بالآخرين أو ما يطلق عليه أنماط العلاقات بين الأفراد Interpersonal Styles، والأفراد يختلفون اختلافا كبيرا وواضحا من حيث قدراتهم على الاتصال من ناحية ومن حيث الفرص الاتصالية السانحة أمامهم من ناحية أخرى.
أنماط العلاقات بين الأفراد
هي الطريقة التي يفضل أن ينتمي أو يرتبط بها بالآخرين، لأنها تناسب حاجاته، رغباته، ميوله وشخصيته، والفرد أو الآخرين من المؤكد أو المفروض أن تكون لديه بيانات ومعلومات التي تساعده على اتخاذ القرارات الصحيحة، في عملية التعرف أو الانضمام أو التقارب من الآخرين، ولكن هذه البيانات أو المعلومات ليست كاملة في مثل هذا الوضع من الممكن القيام في توضيح الحالات المختلفة لمعرفة، وعدم معرفة البيانات المتعلقة بالموقف ولتوضيح هذا الجانب سوف نستعين بشكل يساعدنا على معرفة وفهم مثل هذه المواقف، وفي هذا الشكل تظهر أربعة مناطق مميزة من البيانات المعروفة وغير المعروفة للفرد الذي يقوم بعملية الاتصال بالآخرين، وهذا الشكل الخاص أو التقسيم يطلق عليه اسم Johari Window ( )نسبة إلى الباحثين الذين توصلوا إليه وتحدثوا عنه لأول مرة.
 1- منطقة الوضوح والنشاط الحر
تعتبر هذه المنطقة أفضل المناطق ملائمة ومناسبة لقيام وحدوث العلاقات والاتصالات الفعالة بين الأفراد على اختلاف رغباتهم وميولهم وشخصياتهم، حيث فيها تكون جميع المعلومات الضرورية واللازمة لعملية القيام باتصالات فعالة معروفة وواضحة للطرفين (طرفي الاتصال، المتصل والمتصل به)، ولكي نضمن حدوث الاتصال بين الأفراد في هذه المنطقة يجب أن توجد وتتوفر نفس المشاعر والرغبة والمعلومات والافتراضات لدى الطرفين.
وجميع هذه الصفات والجوانب لها المكانة المهمة والخاصة، التي يدونها من الصعب حدوث الاتصال بصورة صحيحة ومتكاملة ومثمرة، هذا يعني أنه من الممكن حدوث الاتصال ولكن هذا الاتصال يكون ناقصا وغير كامل، وطبيعي أن يكون غير مثمر أو فعال، وبما أن هذه المنطقة هي منطقة الفهم المشترك بين الأفراد، هذا يعني أنه كلما كانت هذه المنطقة أكبر وأوسع أدى هذا إلى أن تكون الاتصالات أكثر فاعلية ووضوح لجميع الأفراد مجدية نافعة ومحققة للغايات المنشودة منها.
2-المنطقة السوداء أو العمياء Blind Spot 
اسم هذه المنطقة يعني الغموض وعدم الوضوح الكافي، ويوحي بشيء من عدم المعرفة عن الموجود فيها أو الذي يضع نفسه في مثل هذا الإطار، وهي تظهر عندما تكون البيانات المتعلقة بالموقف الاتصالي معروفة للآخرين، معرفة واضحة وتامة، ولكنها غير معروفة للفرد الذي يقوم بالاتصال، مثل هذا الوضع ينتج عنه وجود منطقة عمياء أو سوداء بالنسبة لهذا الشخص، أي أنه لا يرى ولا يدرك ما يدور حوله ولا يعرف في أي وضع هو موجود، والسبب في وجود وضع مثل هذا، هو أن هذا الشخص أو الفرد لا يستطيع أن يفهم سلوك وقرارات الآخرين وذلك لعدم معرفته بالمعلومات التي بنيت عليها القرارات أو قام عليها هذا السلوك.
ومما يميز الآخرين في مثل هذا الموقف قدرتهم على معرفة مشاعرهم وردود الفعل التي تصدر منهم، وكنتيجة مباشرة لمثل هذا الوضع فإن العلاقات والاتصالات بين الأفراد لابد وأن تواجه وتصطدم في مشاكل وصعوبات.
3- منطقة القناع Façade 
الاسم يوحي بعدم الوضوح والمعرفة التامة، أي إخفاء وعدم إظهار الحقيقة للآخرين لسبب من الأسباب في هذه المنطقة تكون المعلومات والبيانات معروفة وواضحة للشخص الذي يقوم بالاتصال، ومجهولة وغير معروفة أو واضحة بالنسبة للآخرين، وهذا بدوره يعني إمكانية ظهور واجهة مزيفة وغير حقيقية أو تصرف متخف من خلف قناع، لأن المعلومات والبيانات التي نحتفظ بها لأنفسنا بدافع الخوف أو لأنها تعطينا الشعور بالقوة أمام الآخرين أو منهم، أو لأي سبب آخر في نهاية الأمر تخلق قناعا يمثل جبهة واقية تؤدي وظيفة دفاعية للشخص أمام الآخرين وفي المواقف الاجتماعية الاتصالية التي نقف بها في حياتنا اليومية العامة أو المهنية والعملية بكل ما فيها من مواقف وقرارات وتحديات.
وهذه المنطقة تعتبر في غاية الخطورة والضرر، إذا انطوت على مواقف معينة وخاصة التي لها أهمية كبيرة من قبل فرد مرؤوس الذي يعرف ولديه معلومات كثيرة ورئيس أو مسؤول مباشر لا يعرف بتاتا، أو معلوماته سطحية وقليلة، وهذه المنطقة تتشابه مع المنطقة العمياء في أنها تصغر وتقلل من منطقة الوضوح، وتخفض وتقلل من فرص حدوث الاتصالات الفعالة.
4- منطقة المجهول Unknown 
من الاسم نستطيع أن نعرف للوهلة الأولى أن هناك شيئا مفقودا وغير معروف أو مفهوم بصورة عامة وللجميع، أي لا أحد لديه معلومات عنه، وعندما نبحث ونحقق في الأمر نصل إلى القناعة أن هذه المنطقة تظهر عندما تكون المعلومات المتعلقة والمرتبطة بالموقف الاجتماعي الاتصالي غير معروفة للشخص القائم بالاتصال، وغير معروفة للأشخاص الآخرين، أي أن الجميع في مثل هذا الموقف لا يفهموا بعضهم البعض في مثل هذه الحالة يكون من السهل إدراك مدى ضعف عملية الاتصالات وعدم تحقيقها للأهداف والمطالب منها، ولكن الفرد يستطيع أن يقوم بتحسين اتصالاته وتحقيق أهدافها مع الآخرين إذا قام باستخدام ما يسمى بالتعرض والتغذية العكسية.
1. التعرض Exposure 
تتطلب زيادة منطقة الوضوح وذلك عن طريق محاولة تخفيض وتقليص منطقة القناع، ويحدث ذلك عندما يكون الشخص صريحا وأمينا في مشاركة الآخرين، فيما يوجد لديه من معلومات وبيانات تفيد الآخرين في عملية الاتصال والمواقف الاجتماعية، وهذه العملية التي نتحدث عنها والتي يستخدمها الشخص لزيادة البيانات المعروفة للآخرين تعرف بالتعرض لأنها في بعض الأحيان تجعل الشخص معرضا للهجوم أو الانتقاد Vulnerable.
التغذية العكسية
عندما لا تتوافر للشخص المعرفة والفهم، من الممكن تحقيق الاتصالات الفعالة عن طريق التغذية العكسية من الذين يعرفون، أي أن الذين يملكون المعرفة والفهم والمعلومات الواضحة والبيانات الخاصة في موقف من المواقف، ردود فعلهم للاتصالات تساعد الآخرين الذين لا تتوفر لديهم مثل هذه الجوانب، ولكي نحقق هذا الجانب يجب أن نقوم بتخفيض وتقليص المنطقة السوداء، وهذا يحدث عن طريق زيادة مماثلة لمنطقة الوضوح، واستخدام التغذية العكسية يتوقف على مدى استعداد الفرد أن يسمعها والآخرين أن يقولونها.
والنتيجة الواضحة من ذلك في أن الشخص يملك القدرة في السيطرة على توفير التعرض أكثر مما هو بالنسبة للتغذية العكسية، وذلك لكون الحصول على التغذية العكسية يتوقف على مدى التعاون الفعال من جانب الآخرين، في الوقت الذي يتطلب التعرض وجود أو حدوث السلوك النشط من جانب الشخص القائم بالاتصال، والإنصات والإصغاء السلبي من جانب الآخرين.

الأنماط الإدارية وأنماط العلاقات بين الأفراد
1- النمط الأول
هذا النمط من الأنماط الموجودة ويضم المديرين الذين لا يستخدمون التعرض أو التغذية العكسية، حيث في هذا النمط تعتبر منطقة المجهول أوسع المناطق بسبب عدم رغبتهم في زيادة مساحة منطقة معرفتهم أو معرفة الآخرين، أي أن المديرين في هذا النمط يفضلون الغموض وعدم التعرف الزائد على العاملين المتواجدين تحت إمرتهم، بمعنى آخر يفضل هؤلاء المديرون أن يكونوا مجهولين وغير واضحين أو معروفين بالنسبة للآخرين، وهذا النوع من المديرين يظهر نوع من القلق والعداء، وبالإضافة إلى مظاهر الانعزال والفتور نحو الآخرين، التي تظهر عليهم بصورة واضحة، القلق والعداء الذي يظهرونه من الممكن أن يكون سببها عدم الثقة بالنفس والشخصية الضعيفة، التي لا يستطيع معها مواجهة الآخرين، أو من الممكن لكونهم لا يثقون بالآخرين، لذلك يفضلون عدم الاقتراب منهم، أو عدم تقريبهم منهم، وذلك للحفاظ على أنفسهم والوقاية مما يمكن أن يقومون به من أعمال ضدهم، وإذا كان هؤلاء المديرون كثيرون في هذه المنطقة فمن المتوقع أن تتصف الاتصالات بين الأفراد بعدم الفاعلية والفتور، والافتقار إلى الإبداع والابتكار، من جانب الأفراد لأنهم لا يشعرون بالأمان أو الاطمئنان أو أنهم لا يشعرون بوجود مقابل أو دافع يدفعهم لعمل ذلك، هذا النمط من المديرين يدعي النمط الاوتوقراطي أو المتسلط الذي يفرض ما يريد (حتى ولو كان غير صحيح) دون مناقشة أو إتاحة الفرصة للآخرين بالقبول أو الرفض، أيضا ينطبق هذا الحديث على الأفراد بصورة عامة وفي أماكنهم المختلفة.
2- النمط الثاني
المديرون الموجودون في هذا النمط يرغبون في تحقيق درجة معينة من عملية إشباع علاقتهم المباشرة أو غير المباشرة مع الأفراد الذين يعملون تحت إمرتهم، أو في إطار مسؤوليتهم المباشرة، ولكن بسبب شخصياتهم الخاصة واتجاهاتهم وميولهم لا يميلون إلى التعبير عن مشاعرهم، وعواطفهم وما يدور في داخلهم من أحاسيس بصورة صريحة، لذا فهم لا يستخدمون التعرض ويعتمدون على التغذية العكسية، الأمر الذي يجعل من منطقة القناع هي الصفة الأساسية والسائدة، والتي تحكم تصرفات هؤلاء المديرين وتسير بصورة مسيطرة للعلاقات بين الأفراد، وذلك وبسبب أفراد المديرين في استخدام التغذية العكسية على حساب التعرض في مثل هذا الوضع من الممكن أن يكون رد فعل المرؤوسين مبني على عدم الثقة في مثل هؤلاء المديرون، وذلك لأنهم يدركون إدراك تام قيامهم في إخفاء أفكارهم وآرائهم الحقيقية.
من الممكن أن يكون السبب لمثل هذا الوضع هو ضعف المديرين وعدم قدرتهم على الإفصاح عن آرائهم وأفكارهم بصورة واضحة لخوفهم من عدم السيطرة وضبط زمام الأمور، لذا فهم يفضلون أن تكون تصرفاتهم وعلاقاتهم قائمة على جانب معين من الغموض والاختفاء وراء قناع وذلك لضمان استمرارية القيلم بأعماله بصورة التي تظهره كما يرغب ويفضل أن يظهر به أمام العاملين معه أو تحت إدارته، أيضا ينطبق ما ذكر على جميع الأفراد في الحياة العادية اليومية أو أماكن العمل.
3- النمط الثالث
المديرون يعتقدون ويفكرون أن آرائهم ومعتقداتهم وأفكارهم لها أهمية وقيمة خاصة التي تفوق آراء وأفكار الآخرين المتواجدين معه وحوله، أو يعملون تحت قيادته ومسؤوليته، حيث يعتقد هؤلاء المديرون أن معتقدات وآراء الآخرين أهميتها قليلة أو تكاد لا تذكر أو لا وجود لها، لذا فهم يستخدمون التعرض على حساب التغذية العكسية، وهذا يعني اتساع المنطقة السوداء، أي الجوانب التي لا يعرفها الآخرون عن المديرين، ويلجأ المديرون إلى إيجاد المنطقة السوداء حتى يبقون في وضع أو جانب من الغموض وحتى يشعرون الآخرين بأهميتهم وأهمية آرائهم وأفكارهم، ولكن المرؤوسين سرعان ما يكتشفون أن هؤلاء المديرين ليسوا راغبين في الاتصال المتبادل، وأنهم يقومون بالإخبار عن ما يرون أو عن القرارات التي صدرت، ونتيجة لذلك فإن المرؤوسين الذين يعملون مع هذه النوعية من المديرين عادة يشعرون بعدم الأمان والاستياء منهم ومن إمكانية قيامهم بتصرفات غير متوقعة، بالإضافة إلى كونهم (المديرين) يهتمون بالمحافظة على إحساسهم بالأهمية والمكانة الخاصة لكونهم يعرفون كل شيء، والآخرين لا يعرفون شيء بالنسبة لهم، كذلك الأمر بالنسبة للأفراد داخل أطر المجتمع المختلفة.
4- النمط الرابع
هذا النمط يعتبر أكثر أنواع أنماط الاتصالات الموجودة والقائمة بين الأفراد فاعلية، هذا النمط يستخدم مزيجا متوازنا من كل من التعرض والتغذية العكسية، لأن المديرين الذين يتمتعون بالأمان في مراكزهم سوف يشعرون بالحرية عندما يقومون في عرض آرائهم على الآخرين، والحصول على التغذية العكسية منهم لهذه الآراء، وممارسة هذا النمط بصورة مستمرة من قبل المديرين في عمليات الاتصال وبصورة ناجحة، أدى ذلك إلى زيادة مساحة منطقة الوضوح، وزادت فاعلية عملية الاتصالات، وذلك لأن جميع الأطراف لديهم المعرفة الواضحة عن بعضهم البعض ولا يوجد أي حاجب لهذه المعارف التي على أساسها تقوم وتبني عملية الاتصال الناجحة بين الأفراد في جميع مجالات الحياة.
وهذا النمط يعتبر أكثر الأنماط فاعلية لأنه يحقق الاستخدام المتوازن لكل من التعرض والتغذية العكسية، أما الأنماط الأولى فهي تلجأ إلى سلوك معوق لفاعلية الاتصالات والأداء التنظيمي.

تحسين الاتصالات في المنظمات
عندما يحاول المديرون في المنظمات والمؤسسات المختلفة تحسين اتصالاتهم مع الآخرين، الموجودين تحت مسؤوليتهم أو يعملون معهم، فإن هذا الأمر يتطلب منهم إنجاز مهتمين، على درجة من الأهمية في العملية الاتصالية ونجاحها، وأحداث التفاعل والتغير منها، وهاتين المهمتين هما:
1- عندما يقوم المسؤولون بعملية الإرسال يجب عليهم تحسين صياغة رسالتهم التي ترسل إلى المستقبلين العاملين معهم، والمقصود هنا هو تحسين صياغة البيانات التي يرغبون في نقلها، بحيث تكون خالية وبعيدة عن الغموض، والفهم على وجهين أو أكثر أو أن تكون غامضة ومكتوبة بصورة غير مفهومة بتاتا، أو أن تكون لغوية ومرسلة إلى أميين.
2- عندما يستقبل المسؤولون الرسائل من العاملين أو المرؤوسين، أي في حالة الاتصال من أسفل إلى أعلى، يجب على المسؤولين العمل على تحسين فهمهم لما يحاول هؤلاء المرؤوسين أو الآخرين بشكل عام القيام بتوصيله إليهم، كأن يستمعون عن قرب لما يوجه إليهم مع إعطاء الوقت الكافي لذلك.
ما ذكر يعني القيام بتحسين عمليتي الترميز (صياغة الرسالة) وفك الرموز (فهم الرسالة من قبل المستقبلين)، واللتين يقومون بها، وهذا يعني أنه لا يكفي فهم الآخرين لهم (أي فهم العاملين المديرين) بل يجب على هؤلاء المديرين أيضا فهم الآخرين والاستماع إليهم عن قرب.
ولكي تتحقق هاتين المهمتين لابد من إتباع بعض الأساليب المساعدة كالآتية: 
المتابعة Follow Up
هذا الجانب يفترض حدوث سوء الفهم من جانب المرؤوسين عندما ترسل إليهم الرسائل الخاصة أو العامة من قبل المسؤولين، وسوء الفهم من الممكن أن يؤدي إلى حدوث نتائج عكسية، لما هو متوقعة من الرسائل المرسلة، لذا يجب أن نحاول تحديد ومعرفة ما إذا كان المعنى المقصود هو الذي وصل فعلا، وهذا يعني أن على المسؤولين القيام في متابعة ما يصدر منهم من رسائل أو بيانات وعدم الاكتفاء بمجرد الإرسال.
الاستفادة من التغذية العكسية Feed back 
التغذية العكسية تعتبر عنصرا هاما جدا في عملية الاتصالات ذات الاتجاهين، أي التي لها طرفين للاتصال في نفس الوقت، مثل عملية الاتصال التربوية التعليمية داخل غرفة الصف، فهي توفر قناة لاستجابة المستقبل التي تمكن المصدر أو المرسل من معرفة وتحديد ما إذا كانت رسالته قد وصلت وأحدثت الاستجابة المقصودة، أي أن المرسل استطاع أن يوصل ما أراد أن يوصله إلى الآخرين، وأدى ذلك إلى استجابة المستقبلين الاستجابة المطلوبة أو المتوقعة.
والتغذية العكسية تكون ممكنة في الاتصالات المباشرة (وجها لوجه)، والتي يعطي المستقبل رده على ما وصل إليه، أن كان فهمه أم لا في نفس اللحظة، أما في الاتصالات إلى أسفل أي من المسؤولين إلى المرؤوسين، فغالبا ما تحدث عدم الدقة بسبب الفرصة غير الكافية لحدوث التغذية العكسية من المستقبلين، أي أن المستقبلين لا يستطيعون رد الفعل المناسب لما يصل إليهم من معلومات لوجود الحواجز بينهم وبين المرسل.
التكرار Repetition 
يعتبر أحد المبادئ المقبولة في عمليتي التعلم، والتعليم واستخدام التكرار والإسهاب في الاتصالات يضمن أنه لم يفهم جزء معين من الرسالة، فإن الأجزاء الأخرى ستنقل نفس المعنى، والتكرار يعني أيضا القيام بإعادة التحدث عن المعلومات أو البيانات وشرحها عدة مرات، لكي نضمن وصول جميعها بصورة متكاملة، وصحيحة للمستقبلين، ولكي نبتعد عن فهم أجزاء معينة منها دون الأجزاء الأخرى، أو فهم سطحي وغير متكامل لما نحن بصدد التحدث عنه وتعليمه للمستقبلين.
ومن هذا المنطلق والمعني نقول بأن العاملين الجدد الذين يأتون للعمل في أي منظمة أو مؤسسة في معظم الأحيان، يتم إمدادهم وإخبارهم بنفس البيانات والمعلومات الأساسية في أشكال مختلفة، وذلك لضمان وصولها إليهم كاملة ولضمان استيعابهم ومعرفتهم لها بصورة واضحة وتامة.
تبسيط اللغة
في معظم الأحيان يكون تعقيد اللغة المستعملة حاجزا أساسيا الذي يقف أمام حدوث اتصالات فعالة، وذلك لأن التعقيد من الممكن أن يؤدي إلى عدم الفهم الصحيح للمقصود أو المطلوب، من الرسالة المرسلة إلى الأفراد المختلفين، أو أنه يؤدي إلى فهم أشياء لم تكن مقصودة أو إلى عدم الفهم التام.
لذلك ومن منطلق الرغبة في أن تفهم الرسالة أو المقصود منها، ولكي يكون الاتصال فعال ومجدي، مهم جدا أن يدرك ويعرف المديرين في المؤسسات والمنظمات المختلفة، أو القائمين بالاتصال بصورة دائمة أن الاتصالات الفعالة تنطوي على عملية نقل الفهم إلى جانب المعلومات، فإذا لم يتم الفهم من جانب المستقبل على عملية نقل الفهم إلى جانب المعلومات، فإذا لم يتم الفهم من جانب المستقبل لا تكون ولا تحدث اتصالات، ومعنى ذلك أن المديرين القائمين بالاتصال من أي نوع كان، يجب أن يقوموا بصيغة رسائلهم بطريقة مفهومة للمستقبل، وذلك عن طريق استعمال اللغة السهلة والبعيدة عن التعقيدات اللغوية.
الإنصات الفعال
إن تحسين عملية الاتصالات وجعلها فعالة ومحققة لأهدافها داخل المؤسسات والمنظمات يتطلب من المديرين القائمين على الاتصال أن يفهموا فهما تاما الآخرين، ومتطلباتهم والجوانب المختلفة الموجودة لديهم، وهذه الجوانب والمطالب لا يمكن أن تتم إلا إذا حدث شرط أساس لها، والتي بدونه يكون الاتصال مشوش وغير مفهوم، أو لا يحدث ولا يؤدي إلى تحقيق الأهداف منه وهذا الشرط هو الإنصات التام، من قبل جميع الأطراف، عندما يقوم إحداها بالتحدث، أي أننا نستطيع القول بأن الإنصات هو مشكلة المشاكل التي تواجه عملية الاتصال وتحول دون أن يحدث بشكل فعال، وهذه المشكلة هي مشكلة عامة، وموجودة عند معظم أبناء البشر ويعاني منها الجميع، ولكي نشجع شخص على الحديث عن مشاعره ورغباته وعواطفه الحقيقية لابد أن ننصت له، ونشعره بالأهمية الخاصة وأهمية ما يتحدث عنه ويقوله عن جوانبه الشخصية، لأنه ليس من السهل للفرد أو الإنسان أن يتحدث عن مثل هذه الجوانب، إذا لم توجد المثيرات والدوافع الخاصة لذلك. والإنصات وحده غير كاف في معظم الحالات، (في بعضها يكفي) بل يجب أن يصاحبه فهم لما يقوله المتحدث، والاستجابة له استجابة مناسبة، ولكي يحدث الإنصات الجيد يجب أن:
1- نتوقع عن الكلام عندما يتكلم شخص معين، ويكون ذلك بصورة متبادلة.
2- نجعل المتكلم يشعر بالارتياح عندما يتكلم، وذلك بالانتباه والنظرات المريحة والمشجعة.
3- نجعل المتكلم يحس أن الطرف الآخر يريد الإصغاء، وذلك عن طريق ما يصدر منه من حركات مشجعة ومهتمة والراغبة في المزيد من المعلومات.
4- نقوم بالتخلص من كل المثيرات التي من الممكن أن تساعد على تشتيت الانتباه والاهتمام بما يتحدث عنه المرسل.
5- نعطي المتحدث المرسل الشعور بالتعاطف معه، عن طريق إعطاء ردود الفعل المناسبة والمطمئنة له والمتقلبة لما يقول.
6- نكون صبورين إلى حد كبير، طوال الوقت الذي يتحدث فيه المتكلم، وأن لا نقاطعه أو نعترض على ما يقول إلا في الوقت المناسب أو في نهاية حديثه.
7- نحافظ على مزاج طيب طوال الوقت حتى ولو ذكرت أشياء مثيرة ومعكرة للإصغاء أو المزاج، وهذا من الممكن أن يكون أو يحدث من حين لآخر.
8- لا نقف عند النقاط التي تتعلق بالجدل أو الانتقادات.
9- نقوم بطرح بعض الأسئلة التي تتعلق في موضوع المحادثة، ولكن في الوقت المناسب أو في نهاية الحديث.

تحميل محتوى الصفحة رجوع