د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

نماذج الاتصال العام

أن ميدان الاتصال الجماهيري يضم العديد من نماذج الاتصال التي جاء بها عدد من الباحثين من ميادين مختلفة والتي تحاول جميعها أن تمثل وتوضح عملية الاتصال الجماهيري.

February 22, 2024 عدد المشاهدات : 4516

نماذج الاتصال العام
لقد توصل أرسطو إلى أن عملية الاتصال تقوم على ثلاثة عناصر رئيسية، وهذه العناصر هي: المتحدث والحديث نفسه أو الخطبة التي تلقي على المستمعين أو الجمهور، وعلى المتحدث أن يعمل بصورة دائمة على الوصول إلى إقناع الناس بما يقوله، وأرسطو هنا يقول "بما أن الخطابة قد وجدت لكي تؤثر في الناس، لذلك يجب على الخطيب أن يدعم توضيح حديثه بالبرهان المبني على المنطق، بالإضافة إلى قياسه بتقديم مضمون الذي من الممكن تصديقه بشكل الذي يجعل المستمعين يعتقدون أنه شخصية صادقة ومقنعة، ولا يمكن أن يحدث هذا إلا إذا وضع المستمعين في الإطار الفعلي السليم، هذا يعني أن أرسطو قد أدرك أن الموقف الاتصالي هو من المواقف المعقدة والمركبة وأن الرسالة هي جزء منه، وهي غير قادرة على تحقيق الهدف منها، حتى ولو كانت على درجة عالية من الأحكام والدقة في صياغتها، إلا من خلال عوامل أخرى، معنى ذلك أن على المرسل التعمق في فهم المستمعين وأن يؤثر فيهم بالشخصية لكي يستطيع النجاح وبلوغ هدفه من عملية الاتصال التي يقوم فيها.

وعلى ضوء ما ذكر نقول أن ما توصل إليه أرسطو يتفق مع النظرة الحديثة للاتصال من حيث الجوهر، وهي النظرة الشاملة للموقف الاتصالي والتي تؤكد على أهمية وضرورة الاهتمام في جميع أركان عملية الاتصال وعدم إهمالها.
واليوم يمكن القول بأن ميدان الاتصال الجماهيري يضم العديد من نماذج الاتصال التي جاء بها عدد من الباحثين من ميادين مختلفة والتي تحاول جميعها أن تمثل وتوضح عملية الاتصال الجماهيري، والنموذج هو عبارة عن عملية تبسيط للواقع العلمي أو الحقيقة العلمية، التي يمثلها ويعالجها ذلك النموذج.
والنموذج يسعى إلى إعطاء توضيح للعناصر الرئيسية التي تتكون منها عملية معينة، وإظهار العلاقات التي تربط بين هذه العناصر، وفي معظم الحالات تكون هذه العلاقة صعبة ومعقدة، مما يؤدي إلى الصعوبة في تفسيرها وإيضاحها، بسبب عدم قدرة التمثل الذي يحدث من خلال النموذج على القيام بتوضيح عمق العلاقات التي تحدث بين العناصر حتى ولو استطعنا الوصول إلى دقة متناهية في هذا المجال.
من هنا نقول بأن النموذج يقوم بتقديم صورة عامة التي تساعد على توضيح العلاقات بين هذه العناصر، وهذا يحدث عن طريق إظهار الأدوار الرئيسية التي تقوم بها العناصر المختلفة والتي تكون هذا الواقع، بالرغم من كون تمثيل جميع العلاقات فيه أمرا مستحيلا.
ومن أهم النماذج في ميدان الاتصال الجماهيري نموذج برلو ونموذج لاسويل اللفظي، ونموذج شانون وويفر ونموذج ولبور شرام وغيرها من النماذج الأخرى التي ظهرت في مجال الاتصال الجماهيري، وسوف نقوم بالشرح المفصل عن كل نموذج من هذه النماذج.

النموذج المبسط
إن ما يحدث في مجال الاتصال الجماهيري مع ما يحدث في مجال الاتصال الشخصي الذي يحدث وجها لوجه، وهذا التشابه يكون في مجال العناصر الأساسية، وهي المرسل، المستقبل، الرسالة، والوسيلة أو القناة، هذا بالإضافة إلى وجود عدة جوانب التي يوجب فروق بينهما، مثلما يحدث في الاتصال الجماهيري من انفصال المصدر أو المرسل عن المستقبل، وانخفاض عملية الرجع أو التغذية العكسية، ووجود آلات الاتصال والأجهزة المختلفة التي ترسل غيرها الرسالة إلى المستقبل، وهذه العوامل جميعها تساعد على جعل العملية الاتصالية عملية معقدة، مما يزيد من صعوبة دراستها وفهمها الفهم الصحيح والكامل لأن الصفة الأساسية التي يتصف بها الاتصال الجماهيري هي سير المعلومات فيه من المرسل إلى المستقبل، الذي يكون في نفس اللحظة متواجدا في مكان آخر بعيدا عن المرسل وأنظاره، بمعنى آخر مثل هذا الاتصال يصل إلى المستقبلين في أي مكان مهما بعد عن المصدر الذي يقوم في إرساله، والمستقبل هنا ممكن أن يكون فردا داخل جمهور كبير يستقبل الرسالة كما يستقبلها غيره من الأشخاص أو الجماهير، ومثل هذا الاتصال لا يعني عدم المقدرة من جانب المرسل على بناء أو إقامة علاقة اتصالية ناجحة وفعالة مع الجمهور الذي يتلقى رسائله، لأن عملية إقامة العلاقات الناجحة والفعالة مع الجماهير المستهدفة تعتبر الهدف الرئيسي والأساسي الذي تسعى إليه عملية الاتصال، هذا بالإضافة إلى إمكانية وجود أهداف أخرى لها أهمية، مثل نقل المعرفة والمعلومات التعليمية التي نريد أن نحققها من خلال العملية الاتصالية.
والمقدرة على إقامة علاقات اتصالية ناجحة يعتبر أحد المعايير التي تعكس قدرة المرسل الإعلامي وتظهر تفوقه في مجال العمل الذي يؤديه أو يقوم به.
وفي عملية الاتصال الجماهيري يقوم المرسل الإعلامي بتحضير وإعداد وصيانة رسائله التي تتعلق في معظم الأحيان بالأحداث التي تتعلق في البيئة الاجتماعية، وهو الذي يقوم بعملية إرسال هذه الرسائل من خلال الوسائل أو القنوات الاتصالية المتوفرة لديه، واستقبال الجمهور لهذه الرسائل وتقبله لها وتفاعله معها، يعتمد على وجود وتوفير مواصفات معينة فيها، لأنها تقوم بتلبية بعض الحاجات الضرورية له، وحتى نضمن تحقيق الرسالة لأهدافها الأساسية يجب أن تؤدي إلى إحداث تماثل في الأفكار التي هي موضوع الرسالة وهدفها، وبين المرسل والمتلقي، وذلك من خلال إقامة العلاقات الاتصالية الناجحة والمؤثرة.
وحتى تحقق الرسالة هذا التماثل في الأفكار، يجب أن تتناسب مع الإطار المرجعي للمستقبل، ودون التعرف على إطار المستقبل المرجعي، لن يتحقق هذا التماثل المنشود، والتعرف المسبق يحدث عن طريق دراسة الجمهور والتعرف على مميزاته وصفاته الاجتماعية والثقافية والشخصية، ومستوياته التعليمية واستعداداته وحاجته الخاصة، ومعرفة هذه الصفات تساعد المرسل على القيام في إعداد الرسالة إعدادا يتناسب مع مستويات الجمهور وحاجاته، والأهداف التي يسعى المرسل لتحقيقها من رسالته، ومن جهة أخرى عندما يستقبل الجمهور هذه الرسالة فإن إمكانية وصولها إلى إطاره المرجعي تصبح كبيرة، وتتيح الفرصة لتفاعلها مع إمكانياته المعرفية، والتأثير على تكوينها بما يتفق وأهداف المرسل، وهذا التأثير يؤدي بدوره إلى إعادة صياغة الوحدات التي يتكون منها الإطار المرجعي للمستقبل، وهذا لابد وأن ينعكس على سلوكه اللاحق، والمتأثر من الرسالة التي وصلت إليه بصورة علنية، هادفة ورفيعة الذوق.
يتضح مما ذكر حتى الآن أن عناصر الاتصال التي تكون العملية الاتصالية لا قيمة لها إذا لم تكون مترابطة ومكملة لبعضها البعض، وذلك بالرغم من أن كل عنصر يمثل عملية أو مجموعة من العمليات المستقلة والقائمة بحد ذاتها، والمعيار الذي يحدد نجاح الاتصال هو ما يحدث من تفاعل بين المرسل والمستقبل ويظهر هذا المعيار بصورة واضحة من خلال جهد المرسل والمحاولات المستمرة لإعداد رسالة خاصة التي تجمع حولها أكبر عدد من الجمهور المستهدف، وهذا بطبيعة الحال يفرض على المرسل أن يكون على جانب كبير من المسؤولية والمعرفة الشاملة والمهارات النفسية والاجتماعية التي تمكنه من القيام في إعداد رسالة ناجحة، يتقبلها الناس ويقبلون عليها لأنها تثير فيهم الاهتمام الخاص وذلك لكونها قريبة من مشاعرهم وآمالهم ورغباتهم المختلفة والخاصة.

نموذج برلو
يتكون هذا النموذج من أربعة عناصر أساسية مرتبطة ومتصلة مع بعضها البعض بصورة التي لا تسمح لغياب أي عنصر منها لأن عدم وجود أي عنصر من هذه العناصر أو فعاليته يعني فشل عملية الاتصال وعدم تحقيقها للأهداف التي تسعى إليها أو جاءت من أجلها، وهذه العناصر هي:
المرسل- الرسالة- الوسيلة- المستقبل
يرى صاحب هذا النموذج أننا نقوم بعملية الاتصال مع الآخرين لكي نؤثر عليهم بالموضوع أو المعلومات التي نريدها ونقوم في إرسالها، وأن أية عملية اتصال يجب أن يكون لها هدف التي تعمل وتسعى لتحقيقه، فالناس يسعون ويعملون بصورة دائمة ومستمرة للتأثير في بعضهم وفي البيئة التي يعيشون فيها، وتربطهم فيها علاقات مختلفة مع غيرهم من الأفراد.
لذلك وعلى هذا الأساس يجب على القائم بالاتصال "أي المرسل" أن يعرف معرفة تامة الهدف الذي يهدف ويرغب في تحقيقه وأن يضع هذا الهدف بصورة دائمة أمام عينيه، أي أن على المرسل أن يقوم طوال الوقت في سؤال نفسه، عن ما هو التأثير الذي يريد أن يحققه، بالإضافة إلى نوع هذا التأثير المنشود والاستجابة التي يريد الحصول عليها من الفرد الذي يرسل إليه الإرسال؟ وفي حالة اختفاء الهدف، أو أنه أصبح غير معروف للإنسان، فإن هذا يعني أن عملية الاتصال لا تؤدي إلى فقدان الإحساس بالهدف أو عدم الكفاءة أو سوء الفهم أو عدم الإدراك وفي بعض الأحيان يرجع انعدام الكفاءة إلى فقدان الهدف وعدم تحديده من قبل المرسل الذي يقوم في إعداد الرسالة وتحديد الأهداف التي تسعى لتحقيقها.
والقائم بالاتصال يفقد الإحساس بالهدف إذا أصبح الاتصال مجرد عادة أو سلوك متكرر، وفي الحالات التي يدرك فيها القائم بالاتصال هدفه، هذا يؤدي به إلى البحث والتكيف إلى وسائل اتصال أفضل وأساليب أكثر نجاحا في بلوغ الهدف والغاية المقصودة.
والأهداف التي يحاول القائم بالاتصال الوصول إليها أو بلوغها من الممكن أن تكون قصيرة المدى، أو بعيدة، أي أنها تبقي لمدة قصيرة وتنتهي أو تدون فترة طويلة من الزمن، وقد تكون الأهداف ذاتية وذلك عندما يكون الاتصال مقصورا لذاته، كالفنان أو الموسيقي الذي يسعى لإسعاد الناس ويجد هو نفسه متعة في ذلك. ومن الممكن أن يكون الهدف من الاتصال هو محاولة تحقيق أهداف أخرى مثلما يحدث في الاتصالات الاقتصادية الاجتماعية التي نحاول فيها تحقيق الأرباح المادية من الاتصالات التي نجريها مع الأفراد الآخرين أو المؤسسات والمنظمات الأخرى.
بالإضافة إلى ما ذكر يتوقف نجاح الاتصال على مهارة المرسل واتجاهاته نحو نفسه ونحو رسالته، ونحو الوسيلة التي يقوم في استخدامها، كذلك نحو الجمهور، أو الجماهير التي يريد التأثير عليها، بالإضافة إلى أن ثقافة المرسل، ومكانته الاجتماعية في عملية البناء الاجتماعي والثقافي وآراءه ومعتقداته تلعب دورا عاما في عملية الاتصال ونجاحها ووصولها إلى تحقيق أهدافها.
ولقد حدد صاحب هذا النموذج أغراض الاتصال في ثلاث جوانب.
1- الإعلام Information.
2- الإقناع Persuasion.
3- الترفيه Entertainment.
وهذه الأهداف الثلاثة المذكورة متداخلة في بعضها البعض لدرجة أنه لا يمكن الفصل بينهما.
هذا النموذج ينظر إلى الموقف الاتصالي نظرة شاملة وعامة، حيث الرسالة وحدها لا تؤخذ مقياسا للموقف الاتصالي، بل على أساس ما ترمي وتهدف إلى تحقيقه، وما يسعى إلى الوصول إليه من خلال القائم بالاتصال وما يجب أن يتوفر من مهارات وإدراك للأهداف والغايات التي يسعى لتحقيقها.
أولا: المصدر القائم بالاتصال، ويتوقف نجاحه في العملية الاتصالية على:
1- مهاراته الاتصالية: والتي تقوم وتعتمد على وجود خمس مهارات أساسية، حيث اثنتان منها متعلقتان بوضع وفكرة الرموز، وهما الكتابة والحديث، أي ما يقوم في كتابته وإعداده وما يتحدث فيه بصورة شفوية إلى المستقبلين. وعملية الكتابة تعتبر عملية فنية بحد ذاتها وتحتاج إلى معرفة وخبرات خاصة كذلك الأمر بالنسبة للحديث الذي يتطلب مقدرة على صياغة الموضوع وفكرته والكلمات التي تستعمل فيه.
واثنتان من المهارات المتطلبة من المرسل متعلقتان بعملية فك الرموز وهما المقدرة على القراءة وفهمها، والاستماع وهما مهارات مهمة جدا وغير متواجدة لدى الجميع ولا يستطيع الجميع الاتصاف بهما.
أما المهارة الاتصالية الخاصة فهي القدرة على التفكير، ووزن الأمور وزنا صحيحا، لأن هذه المهارات الاتصالية تؤدي إلى التعبير الصحيح وتؤثر في كفاءة نقل الأفكار والمعلومات إلى الأفراد أو الجماهير المستهدفين في عملية الاتصال.
2- اتجاهات المصدر: الاتجاهات الخاصة الموجودة لدى المصدر من الممكن أن تؤثر على عملية قيامه بالاتصال تأثيرا مباشرا، لذا يجب أن تحدد اتجاهات القائم بالاتصال نحو نفسه، أو نحو الرسالة أو الجمهور، إذا كانت سلبية أم إيجابية، وذلك لكي نخفض مقدار تأثير الاتجاهات الشخصية لدى القائم بالاتصال.
3- مستوى معرفة المصدر: من الطبيعي أن يكون لمدى أو مقدار معرفة المصدر (المرسل) بالموضوع الذي يريد التحدث عنه أو القيام في إرساله، يؤثر على الرسالة ومضمونها، لأن الفرد لا يستطيع أن يقوم في عملية النقل بفاعلية، لمعاني ومحتويات لا يفهمها، من جانب آخر إذا كانت معرفة المرسل أكثر مما يجب أي لدرجة التخصص، من الممكن أن لا ينجح في نقل المعاني المطلوبة بسبب عدم مقدرته على القيام بالتبسيط للمعاني والمعلومات التي هو بصدد القيام في إيصالها للآخرين، أيضا عملية استخدامه لمصطلحات فنية مهنية التي لا يستطيع المستقبل لها أن يفهمها.
4- النظام الاجتماعي والثقافي الذي يعمل فيه المرسل: يتأثر المرسل بمكانته في النظام الاجتماعي والثقافي الذي يقوم بالاتصال في إطاره، ولكي يحدث التأثير المطلوب من العملية الاتصالية التي يقوم بها، يجب أن نتعرف على أنواع النظم الاجتماعية التي يعمل هذا المرسل من خلالها، وما هي مكانته في هذا النظام الاجتماعي، والأدوار التي يقوم في أدائها، والمهام التي يطلب منه إنجازها، والأوضاع التي يراه الناس فيها، والمعتقدات السياسية والقيم المسيطرة عليه، بالإضافة إلى أنواع السلوك المقبول أو غير المقبول، أي أن مكانة المرسل الذي يقوم بالعملية الاتصالية تلعب الدور الأساسي والهام في عملية الاتصال.
ولكي نعرف مدى نجاح المرسل في تحقيق أهدافه من العملية الاتصالية التي قام بها هذا يتطلب منا أن نأخذ جميع ما ذكر في عين الاعتبار ونعطيه الأهمية الكافية والمكانة الملائمة.
ثانيا: الرسالة
تعتبر الرسالة الناتج المادي والفعلي للمرسل، الذي يقوم بوضع فكرة معينة في رموز وعملية القيام بالاتصال هي الكلام الذي يقوله المرسل والذي يعتبر الرسالة التي يريد إرسالها إلى الجانب المعني بذلك، وحينما يقوم بالكتابة، الكتابة تعتبر الرسالة أو حينما تصدر منه حركات معينة تعتبر هي الرسالة، أي أن الرسالة من الممكن أن تكون أي موضوع أو أي شيء يصدر عن المرسل بهدف الوصول إلى نتيجة معينة أو تحقيق هدف خاص محدد من الأساس، وهناك اعتبارات التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار لكي يحقق الاتصال الفاعلية والأهداف المطلوبة وهي:
1- رموز الرسالة.
هي مجموعة الرموز التي يضعها القائم بالاتصال في ترتيب معين حتى يصبح لها معنى عند المستقبل ويستطيع فهمها وحل هذه الرموز، وتعتبر اللغة كرمز له مجموعة من العناصر "مفردات اللغة" ومجموعة من الأساليب لجمع هذه  العناصر في تكوين معين الذي يكون له معنى، وكمثال على ذلك نأخذ الموسيقي التي لها مجموعة عناصر ولها أسلوب لجمع هذه العناصر لكي تكون معنى لدى المستمع.
2- مضمون الرسالة.
والمقصود في المضمون المادة التي تتكون منها الرسالة، والتي يقوم في اختيارها المرسل، وتكون مناسبة لتحقيق الأهداف المقصودة منها وتعبر عنها بصورة جيدة ومباشرة أي أن المضمون هو العبارات والإشارات التي تقدم بها المعلومات والاستنتاجات التي يخرج بها المستقبل للرسالة والمضمون، أيضا له عناصر وتكوين، فالقيام في ترتيب عبارات المضمون في نسق معين يعتبر هو تكوينها، كما أن الطريقة التي يختار بها ترتيب هذه العبارات هي التي تقرر إلى حد معين تكوين أو بناء المضمون.
3- معالجة الرسالة
يقصد بها القرارات التي يتخذها المرسل أو المصدر والتي تتعلق في كيفية تقديمها أو الأسلوب الذي سيقدم به الرموز أو المضمون، لأنه من الممكن أن يقوم القائم بالاتصال في اختيار معلومة معينة، ويتجاهل معلومة أخرى، كما وأنه من الممكن تكرار أو تأكيد الجوانب التي تدعم ما يقوله.
أي أن معالجة الرسالة تعتبر بمثابة القرارات التي يتخذها القائم بالاتصال عندما يقوم بالاختيار، وعملية ترتيبه للرموز والمضمون، بالإضافة إلى أن معالجة الرسالة عند المرسل ترتبط دائما في ذهنه بالمستقبل الذي يحاول أن يصل إليه عن طريق الرسالة، وهو يحاول دائما اختيار الرموز التي يفهمها المستقبل ويستطيع القيام بفكها، وبعد قيامه بهذه العملية تستطيع أن تفسر الرسالة. 
ثالثا: الوسيلة
هي القناة التي تحمل الرسالة إلى المستقبل، والوسائل عديدة ومتنوعة ولكل منها خصائصها المميزة لها والتي تجعلها أكثر مناسبة ومحققه للأهداف أو الغاية المنشودة، وعندما يريد المرسل القيام بالأعمال يجب عليه أن يتخذ قرارات بشأن الوسيلة التي سوف يستخدمها وعملية اختيار الوسيلة تتوقف على قدرات المستقبل والمرسل معا والظروف الخاصة التي تحيط بكل منهما.
فمثلا قيام المرسل بعملية اختيار لوسيلة مكتوبة بهدف نقل رسالته إلى جمهور أو مجموعة من الأفراد الذين لا يقرأون أو نسبة الأمية عالية بينهم فإن عملية الاتصال التي يحاول المرسل القيام بها لا تنجح ولا تحقق أهدافها، لأن الرسالة ومضمونها لا يمكن أن تصل إلى الجمهور المقصود والتي أرسلت الرسالة إليه.
رابعا: المستقبل المستهدف
ينطبق على المستقبل ما ذكر عن المرسل الذي يقوم بالاتصال، لأن الفرد في بداية عملية الاتصال والفرد في نهاية العملية متماثلان إلى حد كبير، وفي بعض الأحيان يكون القائم بالاتصال والمستقبل واحد، مثلما يحدث في حالات الاتصال الذاتي الذي يعتبر نوع من أنواع الاتصال، ومن المحتمل أن يتحول القائم بالاتصال فيصبح مستقبل أو العكس تماما، كما يحدث في حالات الاتصال الشخصي (وجها لوجه)، وعلى سبيل المثال ما يحدث من اتصال بين المعلم والطلاب، داخل غرفة الصف، الذي يتحول فيه المستقبل إلى مرسل والاعتبارات المؤثرة على المستقبل من نفسها المؤثر على نجاح المرسل في تحقيق أهدافه الاتصالية، أي أنه من الممكن تطبيق ما ذكر عن المرسل على المستقبل بالنسبة للمهارات الاتصالية، ومستوى المعرفة والاتجاهات نحو نفسه ونحو المرسل ونحو الرسالة ومضمونها.
والحقيقة أن المستقبل إذا لم يستطع أو إذا تصعب في عملية فك رموز الرسالة فإنه لن يستطيع ولن يتمكن أن يفهمها، كذلك عدم معرفة جزء منها يؤدي إلى عدم المقدرة على إدراكها، وهذا بدوره يجعل من إمكانية تحريفها بصورة لا شعورية أثناء محاولة إدراكها واردة، أن لم تكن أكيدة، وفي نهاية الأمر نقول أن المستقبل يخضع في تأثره بالرسالة للظروف الاجتماعية والثقافية التي يعيش فيها.
والمستقبل يعتبر أهم حلقة في عملية الاتصال، لأنه إذا لم يستطع القائم بالاتصال الوصول إليه برسالته، ينظر إليه وكأنه يتحدث لنفسه.

نموذج شرام
حاول شرام في النموذج الاتصالي الذي جاء به أن يطور إطارا نظريا خاصا، الذي يصف على أساسه عملية الاتصال التي تحدث بين الأفراد بصورة عامة، أو بين الأفراد في المؤسسات، ويحللها، أي أنه بهذا يهدف إلى القيام في تحليل فكرته التي مؤداها أن أساس الاتصال هو خلق نوع من الاتحاد بين المرسل والمستقبل، حول موضوع الرسالة التي يريد المرسل القيام بإرسالها إلى المستقبل.
والاتصال عند شرام يقوم على وجود ثلاثة عناصر أساسية:
1- العنصر 2- الرسالة 3- المستقبل. والمصدر أو المرسل من الممكن أن يكون متمثلا في فرد معين يتحدث أو يكتب أو يرسم أو مؤسسة اتصالية، مثل الإذاعة أو التلفاز أو الجريدة، أي أننا نستطيع أن نقول أن شرام يركز على هذا العنصر، الذي يعتبره صاحب الفكرة التي من الممكن أن تكون واضحة لدرجة أنها تعتبر صالحة ومناسبة للتوصيل إلى المستقبل أو من الممكن أن يكون عكس ذلك.
أما الرسالة التي تعتبر العنصر الثاني من عناصر الاتصال فهي عملية التعبير عن هذه الفكرة والقيام بصياغتها في رموز بهدف تكوين رسالة أو إشارة، أي أن الرسالة من الممكن أن تكون في صورة كلمات مكتوبة على الورق أو موجات صوتية، أو أن تكون إشارة التي يمكن القيام بتفسيرها وإعطاؤها معنى محدد.
والمستقبل قد يتمثل في شخص ينصت أو يراقب ويشاهد ويقرأ أو قد يكون عضوا في جماعة مناقشة أو جمهور محاضرة، أو عضو في جمهور كبير مثل المستمعين للراديو ومشاهدي التلفاز، والمستقبل هو الذي يقوم بعملية فك رموز الرسالة التي تصل إليه من المرسل.
بالإضافة إلى هذه العناصر الأساسية هناك ما نطلق عليه اسم الاستجابة، أي رجع الصدى الذي من المحتمل أن لا يصل إلى انتباه مرسل الرسالة الأصلية، وهذه الإرجاعات إذا وصلت وفسرها المرسل تفسيرا صحيحا، فإن الدورة الاتصالية تكتمل، وهذه الصورة تتكرر إلى ما لا نهاية، وهذه التفاعلات الاجتماعية هي بمثابة نسيج البناء الاجتماعي والثقافي.
والمرسل عندما يحاول القيام بنقل أفكاره والمعلومات الموجودة لديه ومشاعره إلى شخص آخر يتوجب عليه أن يقوم بوضعها في شكل معين أو صيغة محددة من الرموز والكلمات أي بشكل الذي يمكن القيام بنقله، لأنه من الصعب القيام بنقل مثل هذه المعلومات والأفكار والمشاعر الموجودة عند القائم بالاتصال، إلا إذا وضعت في رموز معينة مثل الكلمات المنطوقة أو المكتوبة التي نستطيع القيام بنقل المعني المقصود بها بصورة سهلة وفعالة.
بمعنى آخر الخطوة الأولى في إعداد الرسالة إعدادا رمزيا أو ما يطلق عليه ترميز الرسالة، حيث يصوغ المصدر تلك المعلومات والمشاعر التي يرغب في إشراك المستقبل معه فيها أو إيصالها ونقلها إليه، يقوم بصياغة هذه المعلومات والمشاعر في صورة يمكن نقلها حيث أن الصور الموجودة في عقولنا لا تنقل إلا إذا أعدت وعولجت معالجة خاصة، أو وضعت في رموز خاصة وحينما تتم ترجمة هذه الصور الذهنية إلى كلام منطوق فإنها تصبح قابلة للانتقال بسهولة وفاعلية، ولكي تصل هذه المعلومات بعيدا وإلى أكبر عدد من المستقبلين يجب استعمال وسيلة خاصة مساعدة في عملية النقل، مثل الراديو الذي ينقل بصورة سريعة الكلمات المنطوقة.
والرسالة عندما ترسل تصبح حرة طليقة، ولا يستطيع صاحبها التحكم فيها أو السيطرة عليها، وتصبح بين يدي المستقبل، وفهمها بالشكل الصحيح يتوقف على مدى التفاهم والتوافق بين المرسل والمستقبل، وما يحدث بعد ذلك هو عملية السؤال والاستفسار التي يقوم بها المرسل، مثل هل ستصل الرسالة إلى الطرف المستقبل وستفهم كما يجب من ناحية مضمونها ومعنيها التي يقصدها، وهل يملك المستقبل القدرة على تفسيرها بصورة صحيحة ودون تعريف. بالإضافة إلى هذا نقول أن نجاح الاتصال يتوقف على مدى كفاءة عناصره المختلفة، حيث إذا كان المرسل ضعيفا، ولا يملك المعلومات الكافية عن موضوعه أثر ذلك في الاتصال، وإذا كانت الرسالة غير مصاغة بالطريقة الفعالة فإنها تؤثر أيضا على نجاح الاتصال. أضف إلى ذلك أن الوسيلة يجب أن تكون قوية ومرنة، حتى يمكن أن تصل الإشارة إلى المستقبل في الوقت المناسب والمكان المناسب مهما حدث من تداخل، والمستقبل وقدراته على حل الرموز بالطريقة المطلوبة يعتبر من أهم العناصر لإتمام الدورة الاتصالية.
بالإضافة إلى ما ذكر يقول شرام بصورة مؤكدة أنه لكي تضمن إمكانية تحقيق التفاهم والتوافق بين المرسل والمستقبل، والذي يساعد على ذلك وجود الخبرات المشتركة التي تؤدي إلى إحداث التفاهم بينهما، وحدوثه يكون أقرب ما يكون إلى الفهم، وبالتالي مدى استيعابه لمضمون الرسالة وقدرته على فهمها ومدى تطابق الصورة التي رسمتها أو تركتها الرسالة في ذهن المستقبل بالصورة الموجودة في ذهنه هو.
واعتمادا على ما ذكر نقول أن الجانب الأساسي لنجاح الرسالة هو عملية التشابه والمشاركة في الخبرات بين المرسل والمستقبل، وتحقيق هذا الجانب يعتبر من الأمور الصعبة في معظم الأحيان، وذلك بسبب وجود صعوبات كثيرة مثل: اللفظ الواحد قد يفهم بمعنيين أو أكثر عند النوعين من الجماعات اللغوية أو الجماعة الواحدة، لذا فإن الاتصال الموضوعي يكون من الصعب تحقيقه في معظم الأحيان، بسبب المعوقات والصعوبات التي تقف حاجزا أمام عملية الاتصال.
وهذه الخبرات التي نتحدث عنها والتي لها أهمية كبيرة في عملية الاتصال، تحصل عليها نتيجة للعلاقات الاجتماعية التي تكونها في مراحل الحياة المختلفة التي تمر بها، بالإضافة إلى النظام الاجتماعي والثقافي الذي يجمع بينهما، لكونها يعيشان وينتميان إلى نفس المجتمع الذي له عاداته وتقاليده واتجاهاته المختلفة.
ويذكر شرام أنه في حالة الحديث عن الاتصال الإنساني يدمج المصدر مع الرمز وتدمج الوجهة مع المفسر وتصبح اللغة هي الإشارة، ويقول شرام أن هناك متطلبات هامة لابد من إنجازها حتى يتم الاتصال بكفاءة ومقدرة وفعالية وهي:
1- أن يكون المرسل متأكدا من كفاية معلوماته ووضوحها.
2- أن يكون ترميز الرسالة على درجة عالية من الدقة وأن تكون الإشارة والعلامات قابلة للانتقال بسرعة وكفاية ودقة بغض النظر عن التداخل والمنافسة.
3- أن تفسر الرسالة تفسيرا يتفق مع ما كانت تقصده عملية الإعداد الرمزي وتعنيه.
4- أن تعالج الوجهة أو المقصد، التفسير الرمزي للرسالة بحيث تحدث الاستجابة المرغوبة.
وإذا لم تتوفر هذه المتطلبات أو قسم منها أو حتى مطلب واحد منها فإن الجهاز عندها يعمل بطريقة أقل من الكفاءة التامة، لذلك يجب أن تتم كل عملية من هذه العمليات الفرعية الداخلية فيه بكفاءة عالية.
وعندما تقوم بمناقشة القدرات وخاصة قدرات الترميز والتفسير تلعب اللغة دورا هاما، وهي التي تحدد كفاءة هذه العمليات، ولكل لغة سياقها الخاص من المفردات والصوتيات المضبوطة بضوابط معينة، وكلما كان هناك ثراء في اللغة ازدادت فرص الإعادة والتكرار بصيغ مختلفة، حتى يتمكن المستقبل من فهم مضمون الرسالة، كما أن ثراء اللغة لا يمكن أن يحدث من التكرار والإعادة فحسب وإنما يمكن أن يحدث من الاستعانة بالأمثال التي توضح مضمون الرسالة وتيسر على المستقبل فهمها.
ومن الأمور الأساسية والواضحة، أن كل شخص له علاقة في عملية الاتصال يقوم بلعب دورين، المرسل الذي يقوم بعملية الترميز والمستقبل المفسر، وفي كل الوقت الذي يقوم فيه هذا الفرد بعملية الإرسال والاستقبال، يجب أن تكون لديه القدرة على توصيل أفكاره وإشاراته للآخرين، واستقبال وفهم ما يرسله الآخرون إليه من رسائل.
ومن الجوانب والأمور الواضحة أن الفرد عندما تصل إليه إشارة معينة يقوم بالاستجابة لها، وهذه الاستجابة تدعي الوسيلة، لأنها تعدل ما يحدث على الرسالة في الجهاز العصبي لهذا الشخص، وهذه الاستجابات هي المعاني التي تتضمنها الإشارة أو العلامة بالنسبة لهذا الشخص.
أيضا الإنسان يتعلم استجابات وسيطة للمثيرات المختلفة، لذا فإنه يكتسب أشكال من ردود الفعل التي لها علاقة بهذه الاستجابات، وبما أن الإشارة أو العلامة لها معنى خاص بالنسبة لهذا الشخص، فهي سوف تتطلب وجود عمليات أخرى عضلية أو عصبية، بمعنى آخر أن المعنى الذي ينتج عن تفسير الرسالة وحل رموزها سوف يؤدي إلى استشارة المستقبل للعمل على إعداد رسالة جديدة التي رموزها سوف يؤدي إلى استشارة المستقبل للعمل على إعداد رسالة جديدة التي تقوم على اختيار الاستجابات الممكنة فيمثل هذا الموقف، والتي ترتبط بالمعنى المقصود.
على هذا الأساس نقول أنه من الخطأ التفكير في عملية الاتصال كعملية التي تبدأ في مكان ما، وتنتهي في مكان آخر، لأنها عملية لا نهائية، ويعتبر الناس مجرد مراكز فيها، والتفكير الدقيق في عملية الاتصال هو ذلك الذي يحلله باعتباره عملية تمر من خلال الإنسان وتتغير بواسطة تفسيراته وعاداته وقدراته واستعداداته.

نموذج لاسويل
وضع هارود لاسويل Harold Laswell نموذجا خاصا في الاتصال، والذي أكد فيه على مكانة وأهمية عنصر التأثير في عمليات الاتصال المختلفة التي تحدث بين الأفراد والجماعات بصورة عامة، وبين هؤلاء الأفراد والجماعات حين يتواجدون في مؤسسات أو منظمات ذات طابع خاص، ويتلخص هذا النموذج في العبارة الشهيرة التي قالها لاسويل: 
"من يقول؟ وما يقول؟ ولمن يقول؟ وبأية وسيلة؟ وبأي تأثير؟".
ولكي نوضح هذه العناصر المختلفة والمترابطة التي وردت في هذه العبارة لابد من الإجابة على جميع الأسئلة ودراسة عملية الاتصال من جميع جوانبها.
والسؤال الأول من يقول؟ يقصد به من يقوم بعملية الاتصال؟ ما هي صفاته ومميزاته إذا كانت له مميزات سواء الفردية أو الجماعية، وذلك أنه يعتبر عنصرا هاما من عناصر العملية الاتصالية، والتي بدونه لا يمكن أن يحدث أن نوع من أنواع الاتصال أي أنه عنصر أساسيا في هذه العملية، أما العنصر الثاني من عناصر عملية الاتصال في نموذج لاسويل فهو يظهر بصورة واضحة فيما يطرحه السؤال الثاني أي ماذا يقول؟ والمقصود هنا بما يقول هو المادة أو المعلومة التي يقولها القائم بالاتصال عندما يقوم بذلك، وهذه المادة أو المعلومة يطلق عليها اسم الرسالة، والرسالة التي تحدث عنها لاسويل يجب أن تكون ذات صفات ومميزات خاصة، التي تجعل منها ممكنة الوصول إلى الواجهة المرسلة إليها، ويكون باستطاعتها تحقيق الأهداف المنشودة والمحددة لها والمميزات التي نتحدث عنها تتعلق في المضمون وهي صياغة هذا المضمون الصياغة السهلة والمؤثرة في من يقوم بتلقي هذه الرسالة.
والعنصر الثالث في هذا النموذج يهتم بالسؤال لمن يقول؟ أي المقصود هنا الجمهور الذي ترسل الرسالة إليه، ويقوم في استقبالها، يتأثر بها ويستفيد منها أو العكس، وهناك الكثير من أنواع الجماهير والتي تختلف عن بعضها البعض اختلافا كبيرا وواضحا أو يوجد بينها بعض الصفات المشتركة، من هنا واعتمادا على ما ذكر نقول أن على المرسل الذي يقوم في عملية الإرسال قبل القيام بعملية الإرسال أن يقوم بتحديد الجمهور الذي سوف يرسل إليه، أضف إلى ذلك أن على المرسل أن يحدد موضوع الرسالة ويصوغها صياغة تتفق مع الجمهور الذي يوجه إليه الرسالة.
أما العنصر الرابع في هذا النموذج فهو يركز على الوسيلة التي يستعملها المرسل عند القيام بإرسال الرسالة إلى الجمهور أو الفرد المستهدف هنا يجب أن يأخذ بالاعتبار نوع الوسيلة وهل يحقق الهدف المطلوب منها، وما هي صعوبة استعمال هذه الوسيلة أو فهمها بشكل المناسب، هذا لأن هناك الكثير من أنواع الوسائل التي تستعمل لتوصيل الرسائل، لذا علينا القيام باختيار الأكثر ملائمة للجمهور، والتي تساعده على الاستفادة من الرسالة الموجهة إليه، وفي هذا الموضوع نذكر الرسائل المهمة والواسعة الانتشار، مثل الراديو والتلفاز والصحف وما إلى ذلك والتي جميعها تختلف عن بعضها البعض في صفاتها ومميزاتها ومدى فاعليتها.
والعنصر الخامس الذي يهتم به هذا النموذج ويعطيه الاهتمام الخاص، هو التأثير والمقصود هنا ما يحدث نتيجة للقيام بالاتصال من جانب المرسل إلى المستقبل، كيف يؤثر هذا الاتصال على طرفي عملية الاتصال عن طريق الرسالة ومضمونها وأهميته بالنسبة للطرفين، ولأن عدم تحقيق التأثير من عملية الاتصال يعني أن هذه العملية قد فشلت ولم تحقق أهدافها التي جاءت من أجلها، حتى ولو أدت جميع العناصر الأخرى وظائفها المطلوبة منها بكفاءة عالية.
لاسويل يرى أن جميع عمليات الاتصال في اتجاه واحد أو في خط واحد من المرسل إلى المستقبل وليس بالعكس، وهذا يعني عدم وجود أهمية للعناصر الوسيطة الأخرى وحتى فاعلية وإيجابية المستقبل التي تتوقف على الأبعاد النفسية والاجتماعية المؤثرة عليه، بالإضافة إلى كل ذلك فإن صاحب هذا النموذج ليذكر أو يشير إلى ردود الفعل التي تصدر من المستقبل وتصل إلى المرسل، أيضا فإن لاسويل لا يهتم ولا يتطرق إلى أهمية أو وجود الخبرة المشتركة بين المرسل والمستقبل، لأن الاستجابة التي تحدث لدى المستقبل وتصل منه إلى المرسل لا تحدث بصورة آلية، بل تعتمد على جميع العوامل الشخصية والقوى الثقافية للشخص المستقبل، وذلك لأن العناصر النفسية تلعب دورا هاما في عمليات الإدراك والتذكر، التي لها أهمية كبيرة ودور فعال في عملية اختيار ما يصطدم به من معلومات والتي يتذكره وفقا للعوامل النفسية أو الاستعدادات والاتجاهات والقيم الموجودة لديه، والتي لها أهمية كبيرة ومؤثرة على المعلومات التي يحصل عليها ومدى بقائها وتذكرها فيما بعد، بالإضافة لذلك فإن العوامل الاجتماعية والثقافية لها تأثيرها الواضح على المستقبل في مدى تقبله للتأثير أو على استجابته للمؤثرات المختلفة، لأن للجماعة التي ينتمي إليها كل شخص لها أثرها عليه وعلى ما يصدر عنه.
لهذا فقد قام الباحثون في هذا المجال أمثال ريموند نيكون في إدخال بعض الإضافات والتغيرات لعبارة لاسويل المشهورة في الاتصال، وهذه الإضافة تتعلق بالموقف العام للاتصال، والهدف من العملية الاتصالية، وبعد هذه الإضافة أصبحت العبارة الأولى التي جاء بها لاسويل:
"من يقول؟ وما يقول؟ وما هو تأثير ما يقال؟ وفي أي ظرف؟ ولأي هدف؟".
من هذه الإضافة حاول نيكون أن يوضح لنا صعوبة أو استحالة القيام بتقويم عملية الاتصال إلا على أساس الهدف التي تسعى لتحقيقه، أي أنه أراد أن يقول لنا أن كان عملية اتصالية تحدث بين طرفين لا بد من وجود هدف خاص بها، والتي يسعى كل طرف من أطراف العملية لإنجازه والتأثير به والتأثير على الآخر بواسطته، أي بمعنى آخر لا يحدث أي شيء أو أي اتصال وتفاعل مع  فراغ، بل لابد من وجود دفع وهدف يقف من ورائه.
أما فيرنج "باحث آخر في مجال الاتصال" فيقول أن لردود الفعل التي تصدر من المستقبل أهمية كبيرة، حيث لا يمكن أن نقوم في تبسيط عملية الاتصال إلى درجة أن نعتبرها مجرد عملية نقل للمعلومات والأفكار الموجودة لدى المرسل إلى طرف آخر، وهو يؤكد على أن المستقبل قبل كل شيء مفسر، حيث يقوم بالتفسير للمعلومات ولا يمكن أن يكون رد فعل وتأثير إذا لم يكن فهم وإدراك واضح للمعلومات التي تصل إلينا.

نموذج كلود شانون ووارن ويفر
كلود شانون ووارن ويفر وضعا إطارا خاصا أو نموذجا الذي يصور مفاهيم الاتصال وعناصره المختلفة، وهذا النموذج يعتبر من أكثر نماذج الاتصال الموجودة تأثيرا في معظم الجوانب والمجالات، وعلى جميع المشتركين في العملية الاتصالية التي تعتمد عليه.
ويقوم هذا النموذج على وجود فكرة رئيسية أساسية، التي تكون موجودة أو تبدأ عند مصدر المعلومات الذي تخرج منه الرسالة المرغوبة من بين مجموعة كبيرة من الرسائل الممكنة، وتحمل إلى المرسل خلال قناة اتصال مثل الصوت الإشارات المختلفة والصور، حيث توضع في رموز Encoding على شكل إشارة، وبعدها تنقل هذه الإشارة بمساعدة أداة اتصال معينة إلى المستقبل، الذي يتلقاها أو يقوم بعملية فك هذه الرموز عن طريق عملية تسمى Decoding وبعد عملية فك الرموز هذه، تمر إلى الهدف Destination، أي أن أساس النشاط الذي يقوم به طرفي العملية، يكون على المرسل أن يضع أو يصوغ الفكرة الرئيسة في رموز معينة، وعلى المستقبل أن يقوم بعملية فك لهذه الرموز وإعادتها إلى الفكرة الأساسية.
وفي مثل هذا الوضع الذي يوجد في عملية الاتصال أي الترميز والنقل والفك، يجب على مصدر المعلومات أن يضع في اعتباره وجود تشويش أو ضوضاء أو تداخل الذي من الممكن أن يحدث نتيجة لعوامل معنوية أو نفسية أو آلية، وعندما يحدث مثل التشويش أو الضوضاء والرسالة في طريقها من المرسل إلى المستقبل يؤثر تأثيرا سلبيا في عملية الاتصال، إلى حد أنها تكون عرضة للفشل في تحقيق أهدافها أو أنها تكون عرضة للتحريفات والأخطار المحددة، مما يؤكد على وجود اضطراب وعدم القدرة على الوصول إلى الغاية المنشودة من عملية الاتصال من هنا نرى مدى وأهمية الابتعاد عن المؤثرات السلبية وأهمية وصول الرسالة بصورة واضحة ومحددة.
والأمثلة على ذلك كثيرة نذكر منها، حدوث أشياء أو تداخل الذي من شأنه أن يصرف المستقبل عن تلقي الإشارات والرموز التي تصل إليه من الرسالة المرسلة، أو حدوث ضجة مفاجئة التي تؤثر على عملية الاستماع والتركيز والانتباه، أو عدم الدقة في الكتابة، التي تؤدي إلى الفهم الخطأ ومنه الوقوع في أخطاء أخرى عند رد الفعل.
ولكي نعالج مشكلة التشويش وتأثيره في العملية الاتصالية يجب إتباع طريقة الإعادة أو التكرار للمعلومات المرسلة، وذلك بقصد إعطاء الفرصة الكافية للمستقبل للقيام في التقاط الإشارة بشكل صحيح، ولكن يجب أن لا ننسي أن عملية التكرار وقد تسبب الملل لدى المستقبل، والملل بدوره يؤدي إلى عدم الانتباه والشرود الذهني، والاتجاه إلى مشاغل أخرى وفي نهاية الأمر إلى تعطيل فهم الرسالة وعملية الاتصال، أيضا وجود الرجع أو التغذية العكسية Feed Back يعتبر من المفاهيم والجوانب التي لها أهمية في عملية الاتصال، لأنها تشير إلى حدوث الاتصال بصورة صحيحة وسليمة وخالية من المعوقات، بالإضافة إلى كونها تعطي للمرسل فكرة عن مدى استجابة وتأثر المستقبل بالرسالة وقبوله لها أو رفضها، والقبول يعني الفهم والاستفادة والرفض، يعني فشل الرسالة في الوصول إلى المستقبل، وتأثيره فيه وعدم تحقيق الأهداف منها.
وعلى هذا النموذج ادخل تعديلا بحيث أخذ في الاعتبار الحقيقة التي تقوم أن الاتصال عندما يكون في أشكال كبيرة ينظر إليه وكأنه عملية تدفق للمعلومات أو الرسائل من خلال مجموعة من القنوات، لذا فإن الاهتمام الأول والكبير لا يعطي للكفاءة في عملية الترميز أو تسهيلات النقل والتغلب على التشويش، بل تعطي الأهمية الأولى والكبيرة لعدم الاستمرارية وانقطاع تواصل المعلومات، ولعلمية الاختبار التي تحدث هذه النقاط المختلفة، مثل الاختيار الذي يحدث عند المصدر أو في مرحلة النقل والإرسال أو في المراحل المختلفة التي ترسل فيها الرسالة، وتضم الرسائل ونقطة وصول الرسالة للمستقبل واستقباله لها، كيف يكون وفي أي وضع.

تحميل محتوى الصفحة رجوع