الجوانب المختلفة للعملية الاتصالية
الاتصال الذي يقوم به الأفراد يوميا وفي الأماكن المختلفة التي يتواجدون بها، يعتبر العامل الرئيسي الذي يقوم بدور هام وأساسي في حياة الفرد والعلاقات التي تربطه مع الآخرين، بالإضافة إلي العمل علي التقدم الحضاري للإنسانية وتطورها حيث عن طريق استعمال الاتصال اللغوي الذي يعتبر من الركائز الأولي التي يقوم عليها الاتصال نستطيع أن نقوم بعملية التميز بين الإنسان والمخلوقات الأخرى التي لا تملك مثل هذه القدرة الاتصالية اللغوية، بينما تملك القدرة الحركية الخاصة بها. وعن طريق تطور اللغة التي تقوم علي نظام معين من الرموز نصل إلي عملية تبادل المعاني والمعرفة والخبرات مع الآخرين. وهذه الرموز التي لها معاني تأخذ من عملية التواصل والاتصال الذي يتم بين الأفراد والاتفاق بينهم علي هذه المعاني المعينة والمحددة. ومن عملية تبادل المشاركة المعرفية والأفكار والتأثيرات التي تؤثر يتكون السلوك الذي يصدر من الأفراد ويؤدي لنموهم ويطور المجتمعات البشرية السائدة.
أي أن الاتصال يعتبر مهارة إنسانية خاصة تقوم علي استعمال الرموز وتبادلها وهذه المهارة المهمة والخاصة تبدأ بالتطور والظهور لدي الإنسان منذ بداية المرحلة الأولي لحياته حيث تكون في البداية حركية، أي تعتمد علي الحركات المختلفة التي تصدر من الطفل وتفهمها الأم وتستجيب لها. وتشبع حاجاته الضرورية، في تلك اللحظة وفي نفس الوقت تبدأ هذه المرحلة بالاعتماد علي الأصوات التي تصدر من الطفل فيما بعد وعندما تبدأ اللغة بالتطور، يبدأ تطور المعاني لديه وتصبح هذه المهارة من المهارات الأساسية في حياته، لأن مع تطوريها يبدأ تطور المعرفة وزيادة المعلومات وخزنها في ذاكرته، وهذا التطور يستمر في التوسع في جميع مراحل العرم التي يمر بها ويصل فيها إلي المعلومات والخبرات، ويطور العملية الاتصالية مع الآخرين، معتمدا بذلك علي جوانب المعرفة المختلفة لديه، وفي المستوي الذي يتفق مع هذه الخبرات، والمعرفة والقدرات العقلية التي تناسب جيله وجيل الآخرين، وطبيعي أن جميع هذه الجوانب تتغير مع مرور الزمن وتأثيره علي جميع هذه القدرات والمميزات الاتصالية إلي أن يصل إلي أعلي المستويات التي تسيطر علي جميع جوانب الحياة.
وتحليل عملية الاتصال يتطلب منا التعرف علي جوانبها المعقدة والقيام بالكشف عن العناصر المختلفة المتداخلة مع بعضها البعض والتي تكونها، ويتعلق قسم منها بالإحداث التي تحدث داخل ذات القائم بالاتصال بالإضافة إلي عقله، والبعض الآخر يتعلق بما يحدث مع غيره من الناس حينما يقوم بالاتصال بهم والاتصال الذاتي هذا يمثل عمليات اكتساب المعاني وإدراكها وفهمها وتخزينها والقيام بتحليلها وقبولها فيما بعد أو رفضها إذا كانت غير مناسبة أو ملائمة أما الاتصالات مع الآخرين فهي تمثل العمليات التي تحدث مع الغير عندما نقوم بإصدار المعاني والوسائل التي تضمن تحقيق وقبول المعاني ومدى تأثيرها علي السلوك الإنساني.
اتصالات الذات مع الآخرين
للعملية الاتصالية طرفين أساسيين تقوم عليهما واللذين يجب معرفة جوانبهما المختلفة، حتى نتمكن من معرفة وفهم العملية الاتصالية بالشكل الصحيح الذي يضمن الوصول إلي الغاية المنشودة.
الجانب الأول: يتحدث أو يصف ما يحدث داخل الفرد نفسه من تفاعلات وردود فعل ومن تمثيل الرموز ووضعها. أما الجانب الثاني فهو ذلك الذي يمثل ويصف ما يحدث لدي الفرد عند تبادل الرموز مع الآخرين، والاتصال سواء كان ذاتيا أو وجها لوجه، أو اتصال جماهيري يفرض علينا القيام ببعض العمليات التي لها علاقة بالترميز، والمعني والتفكير والمعلومات والإقناع الذي يعني ويؤدي إلي التغير السلوكي لدي الأفراد في المجتمع.
والترميز الذي نتحدث عنه هنا يشير إلي العلاقة التي تربط بين الرموز التي نضعها للدلالة والتعبير عن معني معين والأشياء التي تمثلها، وهذه الرموز توجد علي نوعين: الأول: هو عبارة عن رموز لفظية التي تدل دلالات لغوية واضحة ومحددة، حيث تعتبر اللغة نظاما متطورا من الرموز ذات المعني المحدد وتستعمل بين الناس في المجتمع المحدد والخاص بطريقة محددة متفق عليها حين القيام بنقل المعاني.
أما النوع الثاني: فهي عبارة عن رموز غير لفظية لها دلالات تعبيرية، تظهر بصورة واضحة ومفهومة في معظم الحركات الجسدية، التي تصدر عن الفرد أو القائم بالاتصال في المواقف الاجتماعية الاتصالية المختلفة، التي يعبر عنها بحركات أصدق تعبيرا، والذي لا يمكن أن يعبر عنه بمثل هذا الصدق حتى في الرموز اللفظية اللغوية أو بالإيماءات أو الصور وهي أيضا ذات دلالة تعبيرية كبيرة جدا، بالإضافة لكونها تبقي راسخة في العقول فترة طويلة جدا تفوق الأنواع الأخرى، أو بنبرة الصوت التي تؤدي إلي جذب الانتباه والتركيز، إذا استعملت الاستعمال الصحيح، وهي تفهم دون أن يكون لها تمثيل محدد.
وعملية وضع وربط هذه الرموز المختلفة التي لها معاني معينة معا بطريقة معينة وخاصة، يؤدي إلي تكوين الرسالة المتكاملة التي مصدرها الرئيسي هو التفكير. والتفكير هو الذي يعمل علي تحليل هذه الرموز والربط بينها وبين الأشياء، وإقامة العلاقات الخاصة ذات المعني والدلالة والتي نصل عن طريقها إلي المقدرة علي حل المشاكل المتعددة التي يصطدم بها الإنسان في حياته اليومية. والرسائل التي تصدر وتنبعث عن التفكير في المواقف اليومية، أو التي تصل إليه وتحمل معلومات هامة، تساعد الفرد علي فهم الاحتمالات المتوقعة من موضوع معين، وتكشف عن الغموض الذي يسيطر علي الجوانب والمواضيع المختلفة، التي يسعى الإنسان جاهدا ليكشف عنها. وذلك لوجود حاجة معينة ودوافع داخلية تدفعه لمثل ذلك دون أن يستطيع المقاومة أو المنع.
وعليه نستطيع القول ودون أدني شك أو تردد، أن الاتصال إذا حدث في الوقت المناسب والمكان المناسب وكما هو محدد ومقرر له أن يكون، فأنه يؤدي إلي التأثير بصورة أخرى في المواقف والأفكار والقيم التي هي جزء من الفرد، والتي عن طريق التأثير فيها نؤثر في السلوك الإنساني.
أشكال العلاقات الاتصالية
عملية تبادل الرموز مع الآخرين والتي تحدث عن طريق الاتصال بأنواعه المختلفة، ومعناها البدء في إقامة علاقات اتصالية مع فرد واحد أو مجموعة من الأفراد، بهدف الاستجابة لدافع أو مثير داخلي أو خارجي، أو لتحقيق حاجة أو رغبة ضرورية التي لا يمكن الوصول إلي الهدوء والراحة بدونها، أو أغراض أخرى مهمة ولها مكانة خاصة وفي عملية الاتصال الشخصي. يتقابل الفرد مع الآخر أو الآخرين بصورة مباشرة ووجها لوجه وبدون أن تكون بينهم حواجز فاصلة أو مانعة، كما يحدث عندما يتقابل شخصان تجمع بينهما علاقة صداقة، أو كما يحدث عندما يلتقي المعلم مع طلابه داخل غرفة الصف، في مثل هذه المواقف تتوفر الفرصة أمام الطرفين للقيام بتبادل الحديث، أو المناقشات والاستفسار عن المواضيع التي لها أهمية خاصة وتهم الطرفين، هذا يؤدي إلي وجود وتوفير التغذية العكسية بصورة واضحة ومعروفة للمشتركين في هذه المواقف، وفي نهاية الأمر الاستفادة منها في فهم مدى نجاح العلمية الاتصالية. أي أن التغذية العكسية أو الرجع يعتبر العملية التي علي أساسها ترتد أو ترجع المعلومات إلي المرسل، وذلك حسب الرسالة التي قام بإرسالها إلي المستقبل، فيقوم باستخدام هذه المعلومات لضبط وتعديل وسائله التي سيرسلها فيما بعد بهدف تحقيق التفاعل.
والاتصال الشخصي (وجها لوجه)، من مميزاته وإيجابياته الظاهرة والأساسية، أنه يوفر التغذية العكسية للطرفين، وهذا بدوره يعمل علي تقويته إلي الحد الذي يكفل تحقيق العلاقة الاتصالية بصورة ناجحة وفعالة. وذلك لأن وجود الرجع يعني العمل علي توضيح الأفكار والمعلومات عند المستقبل، الأمر الذي يساعده علي فهم قصد المرسل من كل الأمور والمعلومات التي أراد القيام بتوضيحها، وعلي هذا الأساس يذهب الطلاب إلي المدرسة بهدف التعلم والانتفاع والاستفادة من لقاء المعلم بصورة مباشرة, لأن هذا النوع من الاتصال (الشخصي) مهم لكي نقوم بتعليمهم الأفكار والمهارات الجديدة والتأكد من أنهم استطاعوا الفهم والإتقان التام والصحيح لها. وللأسباب نفسها يفضل أفراد المجتمع في معظم الحالات أن تكون اللقاءات والمحادثات بينهم بصورة مباشرة، وذلك لقناعتهم التامة أن هذا النوع من الاتصال يحقق نتائج أفضل بكثير من الاتصال الذي يحدث بمساعدة وسيلة أخرى مثل الهاتف أو الرسائل البريدية المختلفة، التي توجد اليوم وتلعب دورا مهما جدا في عمليات الاتصال.
ومن هنا نقول أن العلاقة الاتصالية التي تهتم بعملية تبادل الرموز بين طرفي عملية الاتصال، ولكي تحقق هدف معين مثل التعليم، أو الترفيه، أو التأثير السياسي والاقتصادي، يجب أن تؤدي إلي توفير مقدار من التفاعل الذي يحدث ويتم بين طرفي الاتصال، بما يخص المعاني المتبادلة في العملية ذاتها. وأيضا في عملية الاتصال الشخصي الذي نتحدث عنه تقوم العلاقة الاتصالية، علي تبادل الرموز بين الطرفين المرسل والمستقبل، بالشكل الذي يكون فيه الرجع في نفس الوقت وبصورة مباشرة، أي أن هذا النوع من الاتصال يقصد به استعمال الرموز لتكوين الرسائل المتبادلة بين شخصين أو أكثر يلتقون وجها لوجه، مما يعطي الفرصة المناسبة لتبادل المعلومات عن طريق الرموز المشتركة والمفهومة للطرفين، ونتيجة للشعور بالحاجة والرغبة في الوصول إلي تحقيق هدف معين ومشترك لجميع الأطراف. وعملية تبادل المعلومات والأسئلة والتوضيحات السريعة والمباشرة تؤدي إلي وضوح المعاني والأفكار عند طرفي الاتصال وذلك كتعبير عن التفاعل الذي يحدث بينهما مع المعاني المتبادلة، وهذا يؤدي في نهاية الأمر إلي تحقيق الهدف من العلاقة الاتصالية علي أفضل وأتم وجه.
ويجب أن نذكر أن الرموز التي تستعمل في هذا النوع من الاتصال ليست من نوع الرموز اللفظية فقط بل تستعمل أيضا رموز غير لفظية.
وبالإضافة إلي توفير الإثراء للاتصال الشخصي الذي يأتي عن طريق الرموز فأن توفير التغذية العكسية (الرجع) السريع والمباشر يزيد من إمكانية توضيح المعاني والأفكار بصورة أفضل لدي المرسل والمستقبل وبذلك تسهل عملية الاتصال وتأثيرها.
الإطار المرجعي للاتصال
الفرد عندما يكون مرسل أو مستقبل ويقوم بالاتصال فهذا يعني أنه يقوم بتعريف نفسه وشخصيته كاملة أو أجزاء منها للآخرين وذلك من خلال مجموعة الرموز التي يكونها من خبرته التي يمر بها، في المواقف المختلفة وتخرج منه وهي حاملة لأفكاره. وعملية إصدار الرموز التي يقوم بها الفرد لا تحدث من فراغ، بل هي تحدث عن إطار اتصالي مرجعي خاص, وهذا الإطار المرجعي هو بمثابة خلاصة الخبرات الموجودة لدي الفرد والتي تجمعت خلال مراحل العمل والسنوات التي عاشها. والتي حصلنا عليها عن طريق الاستعدادات والقدرات الشخصية الوراثية والمكتسبة، من خلال الظروف البيئية الاجتماعية وما يحدث فيها من تأثير في الاتجاهات الإنسانية الاجتماعية ذات الاتجاهين والعلاقات المختلفة.
وحسب الأبحاث التي قام بها علماء النفس الاجتماعي، وعلم الاجتماع والنتائج التي توصلوا إليها أتضح لنا أن الإطار المرجعي يتكون بالتحديد كنتيجة مباشرة للعوامل والمؤثرات والصفات البيولوجية والشخصية الاجتماعية والثقافية، التي تختلف من فرد إلي آخر وذلك نتيجة للاستعدادات الفطرية الشخصية الوراثية والمكتسبة والحاجات النفسية والعلاقات والعوامل البيئية والاجتماعية والثقافية التي يخضع لها ذلك الفرد.
يتضح لنا أن آلية الإطار المرجعي تتطلب القيام بعمليتين في وقت واحد للوصول إليها:
أولا: القيام باختيار المعلومات اللازمة والمؤثرة وتصنيفها، وذلك حسب الاستعدادات الشخصية والقوانين الاجتماعية التي يتعامل معها الفرد هذه العملية تؤدي إلي قبول المعلومات أو رفضها، وذلك بالاعتماد علي المعرفة المختزنة لدي الفرد.
ثانيا: القيام بعملية تمرير للمعلومات التي قبلت وإدخالها إلي دائرة ما يسمي بالمخزون المعرفي وذلك كما تتفاعل معه، بالقدر الذي من الممكن أن يحدثه هذا التفاعل من آثار علي بنائه ونظامه.
في المرحلة الأولي علي الإطار المرجعي القيام بملاحظة المعلومات وانتقائها علي أساس حاجات الفرد النفسية، واستعداداته وقدراته الشخصية وظروف البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها والتي لها الدور الأساسي في كل ما يقوم به أو يفعله الدور الأساسي في المواقف المختلفة وخلال ذلك يقوم الإطار المرجعي للاتصال بعملية تقييم للمعلومات التي تصل إليه عن طريق الحواس، التي عليها تتوقف جميع عمليات التعليم والتعلم والذاكرة والتذكر، وذلك علي أساس المخزون المعرفي نفسه والتي هي في الأصل نتيجة للعوامل والمؤثرات الشخصية والنفسية والاجتماعية والثقافية نفسها. وعلي هذا الأساس يقرر الإطار المرجعي للاتصال قبول المعلومات التي تصل إليه أو رفضها. فإذا قرر رفض معلومات (التي لا تتفق مع قيم وعادات وتقاليد الفرد الاجتماعية أو التي تكون أعلي من مستواه الثقافي)، هذا يعني عدم السماح لهذه المعلومات بالمرور إلي المخزون المعرفي أو دخوله. هذا النوع من المعلومات التي رفضت بحد ذاتها لا تترك أي أثر علي أفكار ذلك الفرد. أما في حالة قرر الإطار المرجعي الاتصالي أن يقبل بعض المعلومات فهذا يعني بدء المرحلة الثانية من آلية الإطار المرجعي للاتصال في القيام بعملها، مثل تحليل هذه المعلومات وتمثلها وإختزانها.
في مثل هذا الوضع يقوم الإطار المرجعي للاتصال بالسماح في إدخال هذه المعلومات الجديدة إلي دائرة المخزون المعرفي، وهذا الإدخال بطبيعة الحال يحدث أثر علي نظام المخزون المعرفي نفسه والمخزون المعرفي بدوره يعمل علي اكتناز هذه الخبرات المتراكمة علي شكل النظام الذي يتألف من وحدات معرفية تمثل المواقف والقيم والمعتقدات والتعليمات والأفكار والمعارف والحقائق والآراء التي يحملها الفرد ويسير عليها في معظم مراحل حياته، أن استقبال الرموز والقيام بإدخالها إلي المخون المعرفي يؤدي في نهاية الأمر إلي استثارة جميع الوحدات المعرفية التي لها علاقة وصلة بالرموز المذكورة، مما يؤدي إلي حدوث عمليات التذكر والتفكير التي يقوم بها الدماغ.
وهذه الوحدات المعرفية التي تثار هي التي تكون الصورة العقلية (Image) التي تقوم بعملية ربط هذه الوحدات مع بعضها البعض، وذلك عن طريق ارتباطها بالمنبه نفسه وما يمثله من رموز تحمل هذه المعلومات. والتفاعل الذي يحدث بين المنبه والصورة العقلية معناه التغير الذي من الممكن أن يحدث علي أية وحدة من الوحدات المعرفية التي تتكون منها الصورة العقلية، وأي تغير يحدث هنا يعني إحداث تغير أو تأثير عام عليها، وعلي جميع وحداتها التي تؤلفها.
والصورة العقلية التي ذكرت تعرف بأنها التمثيل المنظم للمنبه في نظام الفرد المعرفي وحسب معظم الأبحاث والدراسات التي أجريت في هذا المجال والنتائج التي توصل إليها الباحثين والتي تقول بأن سلوك الإنسان وتصرفاته وكل ما يصدر عنه، مرتبط بشكل وثيق بالصورة العقلية لمختلف الأشياء والأحداث المختزنة في الإطار المرجعي الاتصالي، والاستجابة لرسالة من الرسائل التي ترسل إلي الفرد أو الأفراد في عملية الاتصال تحدث كنتيجة لعملية التفاعل الذي يحدث بين رموز الرسالة المرسلة وبين الصورة العقلية التي تكونت لها عن طريق الخبرات السابقة.
ويتضح مما ذكر أن إحداث إثارة عن طريق منبه يؤدي إلي قيام الإطار المرجعي الاتصالي بالبحث في مخزونه عن الصورة العقلية التي لها صلة ومرتبطة بذلك المنبه، وعملية التفاعل التي تحدث بعد حدوث هذا، إما أنها تؤكد الصورة العقلية المكتوبة في الأصل والقيام بتعزيزها أو إجراء تعديل بسيط علي جوانبها المختلفة، أو القيام بتعرفيها وتشكليها من جديد بدون القيام بتغيرها نهائيا، لأن مثل هذا العمل من الممكن أن يستغرق وقتا طويلا ومن الممكن أن تكون النتيجة النهائية لكل هذا أن نصل إلي تكوين صورة عقلية جديدة وتعمل علي تحديد السلوك الأحق والحقيقي الذي من الممكن أن يقوم به الإنسان تجاه هذا المنبه.
ومن هنا نقول أن العلاقة الاتصالية من الممكن أن تنشأ من شعور وإحساس الفرد بالرغبة القوية في تلبية وإشباع حاجة معينة لديه، ولضمان حدوث وإقامة العلاقة الاتصالية بصورة فعالة ومؤثرة يجب أن تكون نقطة لقاء أو موضوع له أهمية كبيرة ومشتركة للمرسل والمستقبل معا.
والمشاركة في الاتصال تتم من أجل تحقيق أهداف أو وظائف نفسية واجتماعية مختلفة ومتعددة ومشتركة بالإضافة إلي التعليم والتثقيف والإعلام والترفيه، ومعرفة الهدف أو الغاية من الاتصال تساعد في تحقيق أمرين إضافيين:
أولا: عملية إيضاح المعني عند القائم بالاتصال، الأمر الذي يؤدي إلي نجاح العلاقة الاتصالية وجعلها فعالة بصورة أفضل وتأثيرها واضح.
ثانيا: القيام بعملية تحديد للدور الذي يقوم به المرسل أو القائم بالاتصال في كل عملية اتصالية، أي أن هذا الدور يختلف من موقف اتصالي معين وأخر، أو من مجتمع لآخر أو من شخص لأخر.
في نهاية الأمر نقول أن القيام بملاحظة كيفية حدوث الاتصال الشخصي، والجوانب والأوضاع المختلفة التي تظهر فعاليته فيها هي من الأمور التي تساعد وتعمل علي زيادة عملية فهمنا لكيفية حدوث عملية الاتصال الشخصي والعمل علي تحسين القيام بها.