د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

الأسس البيولوجية للعقل والسلوك Biological Foundations of Mind and Behavior

لقد مكنت الاكتشافات والدراسات الحديثة من زيادة فهم أسباب السلوك والظواهر النفسية المختلفة

January 3, 2024 عدد المشاهدات : 2165

مقدمة 
يهتم هذا الفصل بدراسة العلاقة بين الوظائف البيولوجية والوظائف النفسية، والتي اتسعت وتعقدت بشكل كبير ومذهل في أواخر القرن العشرين بفضل استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة، التي مكنت علماء الأعصاب من سبر أغوار الجهاز العصبي بشكل عام والدماغ بشكل خاص، والتوصل إلى اكتشافات مذهلة في هذا المجال. 
لقد مكنت الاكتشافات والدراسات الحديثة من زيادة فهم أسباب السلوك والظواهر النفسية المختلفة من مثل: الانفعالات، والذاكرة، والدافعية، والسلوك الشاذ، والتوتر، وطبيعة الشخصية ... إلخ. 
كما أدى الاهتمام الكبير بالعلاقة بين الجهاز العصبي والسلوك إلى إعلان عقد التسعينات من القرن العشرين "عقد الدماغ". 
نشأت عدة علوم لدراسة تلك العلاقة من مثل: علم نفس الأعصاب السلوكي Behavioral neuropsychology، وعلم النفس البيولوجي Biopsychology، وعلم نفس الأعصاب المعرفي Cognitive neuropsychology. وجميع تلك العلوم كانت نتيجة اندماج علمين أو أكثر. لقد جاء اندماج هذه العلوم بسبب اشتراكها في دراسة نفس المجال وهو الجهاز العصبي والدماغ. 

علم الأعصاب السلوكي: علم يدرس دور الجهاز العصبي خصوصاً الدماغ في السلوك.

يعمل الباحثون الذين يدرسون الأسس البيولوجية لسلوك الإنسان والحيوان في مجال علم الأعصاب السلوكي. يركز هذا المصطلح الجديد الانتباه على العلاقة بين العوامل البيولوجية والسلوك (Davis & Palladino, 2004). 
أما علم النفس البيولوجي فهو الدراسة العلمية لبيولوجية السلوك (Eysenck, 2000). وبكلمات أخرى فهو يتضمن استخدام الطريقة البيولوجية لدراسة علم النفس وكذلك الوصول إلى فهم سلوك البشر والحيوانات. يجب أن يتضمن أي تطبيق فعلي للطريقة البيولوجية في علم النفس تركيزاً رئيسياً على الدماغ وكيفية أدائه لوظائفه (Eysenck, 2000)، وبلا شك فإن الدماغ يفوق في تعقيده ودقته بدرجة كبيرة أكثر الحواسيب تطوراً في الوقت الحالي (Davis & Palladino, 2004). 

علم النفس البيولوجي: فرع من علم النفس يهتم بالعلاقات بين البيولوجيا والسلوك. 

تزود دراسة العلاقات بين النشاط البيولوجي والحوادث النفسية علماء النفس البيولوجيين بفهم أفضل للنوم، والأحلام، والاكتئاب، والفصام العقلي، والعطش، والجوع، والتوتر، والمرض ... وغير ذلك. وسوف نجد في كل مجال في هذا الكتاب أمثلة تدل على الكيفية التي تشكل فيها بيولوجية الفرد سلوكه وعملياته العقلية، ولفهم هذه البيولوجية لابد من فهم الجهاز العصبي بمكوناته ووظائفه المختلفة إضافة إلى جهاز الغدد الصماء الذي يرتبط كثيراً بالجهاز العصبي ويتفاعل معه. 


أولاً: الجهاز العصبي: The Nervous System
حتى يحافظ الكائن البشري على بقائه لابد له أن يكون قادراً على أداء ثلاثة أنشطة متداخلة: الإحساس بالحوادث أو المثيرات، Sensing، ومعالجة المثيرات Processing، والاستجابة للمثيرات Responding، إن المثير Stimululs معلم بيئي (مثل ضوء إشارة المرور) جرس، رائحة دخان ... إلخ)

والذي قد يحدث استجابة. تعرف الخلايا الخاصة بالإحساس بالمثيرات في الجهاز العصبي باسم المستقبلات Receptors (مثل المستقبلات الموجودة في العيون والآذان والأنف والفم والجلد). تذكر أننا مهتمون بسلسلة الأحداث التي تبدأ بتنشيط المثير للمستقبل. أما النشاط الثاني في السلسلة فهو تفسير Interpreting أو معالجة المعلومات التي تصل إلى المستقبلات. تحدث هذه المعالجة في الدماغ. بعد إدراك المدخلات الحسية، قد يحتاج الفرد للاستجابة لها،   

 المثير: معلم بيئي يحدث استجابة لدى العضوية. 

 المستقبلات: خلايا متخصصة حساسة لأنواع محددة من الطاقة الصادرة عن المثيرات.

ولهذا يحدث النشاط الثالث عندما يرسل الدماغ رسائل إلى العضلات لإنتاج الاستجابة (Davis & Palladino, 2004). هذه الأنشطة الثلاثة تحدث في عمليات وحوادث شائعة مثل قيادة السيارة. الشكل رقم (4 : 1) يوضح سلسلة الأنشطة التي تحدث أثناء قيادة السيارة. (الصور في الشكل تقرأ من اليسار إلى اليمين). 

تقترب أثناء قيادتك السيارة في الشارع من إشارة مرور ضوئية تعطي اللون البرتقالي والذي يوشك أن يصبح أحمراً. كما تلاحظ أيضاً إشارة منع الانعطاف إلى اليمين في أوقات معينة من النهار كما هو موضح في الشكل (خطوة رقم 1). إن لديك الكثير من المعلومات التي يتوجب عليك معالجتها وتصنيفها (خطوة رقم 2)، تقرر التوقف عند الإشارة الضوئية وسرعان ما تدرك أن بإمكانك الانعطاف يميناً والإشارة حمراء بعد وقوفك. تتوقف ومن ثم تبدأ بالانعطاف (خطوة 3) (Davis & Palladino, 2004). 
إن الجهاز العصبي هو المسؤول عن جميع تلك الأنشطة ولكي تتضح الآلية التي تتم بها كان لابد أولاً التعرف إلى الجهاز العصبي (تركيباً ووظيفة).


ما هو الجهاز العصبي؟ وماذا يعمل؟
يتكون الجهاز العصبي من شبكة من بلايين الخلايا العصبية المترابطة والمعقدة والمنظمة بشكل كبير.
يحتوي (1 سم3) من الدماغ البشري السليم أكثر من (50) مليون خلية عصبية، تتواصل كل منها مع العديد من الخلايا العصبية الأخرى في شبكات معالجة المعلومات، والذي يجعل من أكثر الحواسيب تطوراً غاية في البدائية (Santrock, 2003).

الجهاز العصبي: أوركسترا مكونة من عدة أعضاء

An Orchestra with many members (Kosslyn & Rosenberg, 2004)

خصائص الجهاز العصبي: 
يوجه الدماغ والجهاز العصبي تفاعلاتنا مع العالم المحيط بنا، ويحرك أجسامنا في البيئة، ويوجه تكيفنا للبيئة. تمكن عدة خصائص متفردة الجهاز العصبي من توجيه سلوكنا وهذه الخصائص هي: التعقيد Complexity، والتكامل أو الدمج Integration، والقدرة على التكيف Adaptability، والانتقال الكهروكيميائي Electrochemical Transmission. 
التعقيد: 
إن الدماغ والجهاز العصبي على درجة كبيرة من التعقيد. يتكون الدماغ في حد ذاته من بلايين الخلايا العصبية. 
التكامل أو الدمج: 
أطلق عالم الأعصاب ستيفن هايمان Steven Hyman اسم (الدامج العظيم Great Integrator) على الدماغ، ويعني ذلك أن الدماغ يقوم بعمل رائع في دمج المعلومات لتعمل معاً بانسجام، يدمج الدماغ كلاً من الأصوات، والمناظر، والأحاسيس اللمسية والمذاقات، والعوامل الجينية والعوامل البيئية ويوحدها لتعمل معاً أثناء أدائنا لوظائفنا في هذا العالم. إن للدماغ والجهاز العصبي عدة أجزاء ومستويات مختلفة. يقوم الدماغ بعملية الدمج عبر هذه المستويات والأجزاء بواسطة خلايا دماغية مترابطة لا حصر لها وممرات منتشرة بشكل واسع تربط أجزاء مختلفة في الدماغ. تتواصل كل خلية عصبية مع ما متوسطه (10.000) خلية عصبية أخرى من أجل تكوين أميال وأميال من الوصلات (Santrock, 2003). 

تفكير ناقد 
فكر فيما سيحدث لو أن حشرة ما لدغت ذراعك. كيف يعرف دماغك أنك لدغت، وأين؟ 


القدرة على التكيف Adaptability: 
يتغير العالم من حولنا باستمرار، ومن أجل المحافظة على البقاء يجب علينا أن نتكيف للظروف الجديدة، يعمل كل من الدماغ والجهاز العصبي كأداة للتكيف نظراً لما يتمتع به من مرونة Plasticity فالمرونة قدرة دماغية خاصة على التكيف والتغير. 
على سبيل المثال في كل مرة يحاول الطفل لمس شيء ما تنطلق رسائل كهربائية وكيميائية في دماغه لتلتحم خلايا الدماغ معاً في ممرات وشبكات (Santrock, 2003). 
الانتقال الكهروكيميائي: 
يعمل الدماغ والجهاز العصبي بشكل أساسي كجهاز معالجة معلومات، ويتم إدارته بواسطة ومضات كهربائية ورسائل كيميائية. يستخدم الناس المفردات للتواصل مع بعضهم بعضاً، أما الخلايا العصبية فإنها تتواصل مع بعضها بعضاً بواسطة المواد الكيميائية. 
يعمل نظام التواصل الكهروكيميائي بفعالية لدى معظم الناس وذلك لإتاحة الفرصة لهم للتفكير والتصرف. عندما يعاق دوران النظام الكهروكيميائي كما في حالة الصرع، فإن تدفق المعلومات يضطرب، ويصبح الدماغ غير قادر على توجيه المعلومات بشكل دقيق، ولا ينهمك الفرد في العمليات العقلية والسلوك بفاعلية، إن نوبات الصرع هي نتيجة التفريغ الكهربائي غير العادي في الدماغ. وكما أن اندفاع تيار كهربائي مفاجئ يمكن أن يؤدي إلى اضطراب الدائرة في الحاسوب، كذلك الحال بالنسبة للدماغ، فعند اندفاع التيار الكهربائي المفاجئ المؤدي إلى نوبات الصرع يؤدي إلى اضطراب دوائر معالجة المعلومات في الدماغ (Santrock, 2003). 
الممرات في الجهاز العصبي Pathways in the Nervous System
يقوم الدماغ والجهاز العصبي أثناء تفاعلنا وتكيفنا للعالم باستقبال المدخلات الحسية ونقلها، ودمج المعلومات التي يستقبلها من البيئة، ويوجه النشاطات الحركية للجسم، تتدفق المعلومات في الدماغ من خلال المدخلات الحسية، وتدمج في الدماغ، ومن ثم تتحرك خارج الدماغ لكي ترتبط بالمخرجات الحركية. 
تتدفق المعلومات عبر الجهاز العصبي في ممرات خاصة تتكيف لوظائفه المختلفة. تتكون هذه الممرات من أعصاب موردة Afferent Nerves وشبكات عصبية، وأعصاب مصدرة Effereent Nerves تحمل الأعصاب الموردة أو الأعصاب الحسية Sensory

الخلايا العصبية الموردة: خلايا عصبية حسية تنقل المعلومات للدماغ. 

 الخلايا العصبية المصدرة: خلايا عصبية حركية تحمل مخرجات المعالجة.

شبكات عصبية: مجموعات الخلايا العصبية التي تترابط مع بعضها بعضاً لمعالجة المعلومات.  

Nerves المعلومات إلى الدماغ. تنقل هذه الممرات الحسية المعلومات عن البيئة الخارجية والجسمية من المستقبلات الحسية إلى الدماغ وفي كل مكان منه. 
تحمل الأعصاب المصدرة أو الأعصاب الحركية Motor Nerves مخرجات الدماغ. تنقل هذه الممرات الحركية المعلومات من الدماغ إلى الأيدي، والقدمين، ومناطق أخرى في الجسم بما يسمح للشخص بالانهماك في سلوك حركي.   

تحدث معظم معالجات المعلومات عندما تنتقل المعلومات خلال الشبكات العصبية في الجهاز العصبي المركزي. إن وظيفة شبكات الخلايا العصبية هذه هو، دمج المدخلات الحسية والمخرجات الحركية (Santrock, 2003)

نشاط (1)
س1: ارسم رسماً توضيحياً للممرات العصبية موضحاً الفروق بين الأنواع الثلاثة للخلايا العصبية؟ 
س2: حدد الخصائص الأساسية للدماغ والجهاز العصبي؟ 


3- مكونات الجهاز العصبي The Nervous System: 
يتألف الجهاز العصبي من جهازين هما (Santrock, 2003): 

  • الجهاز العصبي الطرفي Peripheral Nervous System (PNS)
  • الجهاز العصبي المركزي Central Nervous System (CNS)


1- الجهاز العصبي الطرفي: 
يشمل الجهاز العصبي الطرفي كل الأنسجة العصبية خارج الجهاز العصبي المركزي مثل: الأعصاب الجمجمية وفروعها، والأعصاب الشوكية وفروعها، والعقد Ganglia والمستقبلات الحسية. 
يتفرع الجهاز العصبي الطرفي إلى: 
أ- الجهاز العصبي الجسدي Somatic Nervous System (SNS)
ب- الجهاز العصبي الذاتي (المستقل) Autonomic Nervous System (ANS)
جـ- الجهاز العصبي المعوي Enteric Nervous System (ENS)


2- الجهاز العصبي الجسدي: 
يتكون الجهاز العصبي الجسدي (SNS) من خلايا عصبية تنقل المعلومات من مستقبلات جسدية خاصة (تقع بشكل رئيسي في الرأس، وجدار الجسم والرئتين) إلى الجهاز العصبي المركزي، وكذلك من خلايا عصبية حركية من الجهاز العصبي والتي توصل السيالات العصبية إلى العضلات الهيكلية فقط.
إن الجهاز العصبي الجسدي معني بالإحساس والاستجابة (خطوة 1، 3) من سلسلة الأحداث التي وضعت في الشكل رقم (4 : 1) 
تقوم عيناك أثناء قيادتك للسيارة بمسح البيئة وتلتقط ضوء الإشارة الضوئية المتغير والإشارات المرورية (خطوة 1). تنقل الخلايا العصبية الموردة المعلومات عن الإشارة الضوئية والإشارات المرورية إلى الجهاز العصبي المركزي لمعالجتها: هل الضوء أحمر أم برتقالي؟ هل أتوقف أم أتابع المسير؟ وفيما لو تابعت هل يمكنني أن ألتف والإشارة حمراء (خطوة 2)؟ تنقل من ثم الخلايا العصبية المصدرة المعلومات من الجهاز العصبي المركزي بحيث يمكنك إجراء استجابة (خطوة 3). 
ولأن هذه الاستجابات الحركية يمكن أن تضبط بشكل واع، فإن عمل هذا الجهاز يعتبر عملاً إرادياً. 


3- الجهاز العصبي الذاتي (المستقل): 
يتكون الجهاز العصبي الذاتي (المستقل) من: خلايا عصبية حسية تنقل المعلومات من المستقبلات الحسية الذاتية (وتقع بشكل رئيسي في الأمعاء) إلى الجهاز العصبي المركزي، ومن خلايا عصبية حركية من الجهاز العصبي المركزي والتي توصل السيالات العصبية إلى العضلات الملساء، والعضلة القلبية، والغدد، والنسيج الذهني (Tortora & Grabowski, 2000). 
يدير الجهاز العصبي الذاتي الجسم في أوقات التوتر والخطر. هل سبق لك وأن خفت من صوت مرتفع مفاجئ؟ كيف تكون رد فعلك عندما ترتطم بك سيارة فجأة من الخلف وأنت تقود سيارتك؟ هل ازدادت ضربات قلبك؟ هل توترت عضلاتك؟ 
إن مثل هذه الاستجابات اللاإرادية يقوم بها الجهاز العصبي الذاتي، وهو في نفس الوقت يهدئ من تسارع ضربات القلب ويقلل من التوتر، وظيفتان متضادتان تهدفان للمحافظة على الفرد، فكيف تتم هاتان الوظيفتان؟ (Davis & Palladino, 2004). 

تفكير ناقد
بعض استجابات إرادية، وبعضها الآخر لا إرادية، اضرب أمثلة لهذين النوعين من الاستجابات وما الجهاز المسؤول عن كل منهما؟ 

يحتوي الجزء الحركي من الجهاز العصبي الذاتي (المستقل) على فرعين هما (Tortora & Grabowski, 2000): 

  • القسم السيمبثاوي: ympahetic
  • القسم الباراسيمبثاوي Parasympathetic

يعمل الجهازان عادة (باستثناء بعض الحالات) عكس بعضهما بعضاً، على سبيل المثال: تزيد الخلايا العصبية السيمبثاوية من ضربات القلب، في حين تنقصها الخلايا العصبية الباراسيمبثاوية. 

نشاط (2) 
افترض أن إطار سيارتك انفجر أثناء قيادتك بسرعة كبيرة، عندما يحدث ذلك يبدأ الجهاز السيمبثاوي بالعمل، فتصبح عندئذ مستعداً للكر والفر (Flight or Fight)، وقابل للفرار في هذه الحالة. تخيل نفسك في هذا الموقف. أي العمليات السيمبثاوية التي تحدث؟ اكتب تلك العمليات التي تخبرها في هذا الموقف. 

إن ردود الفعل هي دليل على أن الجهاز السيمبثاوي يعمل، يستعد الجسم في هذه الأثناء للتصرف بواسطة سلسلة من التغيرات المتسقة، والتي تشمل: توسع بؤبؤ العين، وتسارع ضربات القلب، وتثبيط نشاط الهضم، وإطلاق السكر (الجلوكوز) لإنتاج الطاقة.
أما الجهاز الباراسيمبثاوي فإنه يعمل بعد ذلك ليبطئ العمليات السابقة التي تسارعت بفعل الجهاز السمبثاوي. على سبيل المثال: يضيق بؤبؤ العين، وتتباطأ ضربات القلب. تعيد هذه الآثار الجسم إلى حالة أكثر طبيعية واتزاناً، والتي تتصف بمدى من العمليات الفسيولوجية تسمى الاتزان الداخلي أو الاستتباب (Davis & Palladino, (Homoeostasis, 2004)). 

4- الجهاز العصبي المعوي: 
يعرف هذا الجهاز أحياناً باسم دماغ الأمعاء وعمله غير إرادي. اعتبر هذا الجهاز فيما سبق ضمن الجهاز العصبي الذاتي. يتألف هذا الجهاز من حوالي (100) مليون خلية عصبية في شبكة الأعصاب المعوية والتي تنتشر على كامل امتداد القناة المعدية المعوية. 
تعمل العديد من الخلايا العصبية لشبكة الأعصاب المعوية بشكل مستقل عن الجهاز العصبي الذاتي والجهاز العصبي المركزي    الجهاز العصبي المعوي: قسم من الجهاز العصبي الطرفي يحتوي شبكة من الخلايا العصبية المعوية والتي تنتشر على طول امتداد القناة المعدية المعوية. 
إلى حد ما، (على الرغم من أنها تتواصل مع الجهاز العصبي المركزي بواسطة الخلايا العصبية السيمبثاوية والباراسيمبثاوية). تراقب الخلايا العصبية الحسية للجهاز العصبي المعوي التغيرات الكيميائية داخل القناة المعدية المعوية، وتمدد جدرانها.
تتحكم الخلايا العصبية المعوية الحركية في انقباض العضلة الملساء للقناة المعدية المعوية، وإفرازات أعضاء القناة المعدية المعوية مثل: إفراز الحمض بواسطة المعدة، ونشاط الخلايا الغدية للقناة المعدية المعوية (Tortora & Grabowski, 2000). 

نشاط (3) 
س1: صمم جدولاً وبين فيه عمليات كل الأجهزة المكونة للجهاز العصبي الطرفي. 
س2: بين أي هذه العمليات إرادية وأيها غير إرادية. 


ثانياً: الجهاز العصبي المركزي: 
يتألف الجهاز العصبي المركزي من: 
أ- الحبل الشوكي Spinal Cord
ب- الدماغ Brain
تقع أكثر من (99%) من الخلايا العصبية في جسمنا في الجهاز العصبي المركزي. ويقوم هذا الجهاز بدمج وربط العديد من المعلومات الحسية المختلفة القادمة. إن هذا الجهاز هو أيضاً مصدر الأفكار والانفعالات، والذكريات. تنشأ معظم السيالات العصبية التي تنبه العضلات للانقباض، والغدد للإفرازات في الجهاز العصبي المركزي (Santrock, 2003). 
أ- الحبل الشوكي: 
يتوضع الحبل الشوكي داخل نفق آمن يدعي العمود الفقري Vertebral Column والذي يتكون لدى الإنسان من (24) عظمة تسمى كل منها فقرة Vertebra. تدخل الأعصاب الحسية للجهاز العصبي الطرفي في الحبل الشوكي في حين تخرج منه الأعصاب الحركية من بين الفقرات بطريقة مرتبة: تدخل الأعصاب الحسية من القسم الخلفي من الحبل الشوكي بينما تخرج الأعصاب الحركية من القسم الأمامي. يعمل الحبل الشوكي كطريق سريع لمعلومات الجسم. إن المعلومات التي لا تعالج كلية داخل الحبل الشوكي ذاته ترسل إلى الدماغ بواسطة الممرات الصاعدة؛ أما المعلومات العائدة من الدماغ فتسلك الممرات الهابطة، تربط الأعصاب الداخلية Interneuron الأعصاب بعضها بعضاً داخل الجهاز العصبي المركزي. إنها إما أن  ترسل المعلومات مباشرة إلى العصب الحركي لكي تتشكل استجابة ما، أو أنها ترسل خلال الحبل الشوكي لمزيد من المعالجة بواسطة الدماغ، 

عندما لا تحتاج المعلومات المتوفرة بواسطة الأعصاب الحية للانتقال عبر كامل الطريق إلى الدماغ من أجل إنتاج استجابة، فإنه يتم إنتاج سلوكات آلية تسمى مرتكسات أو أفعال منعكسة reflexes. (Davis & Palladino, 2003). 
والأمثلة على هذه المنعكسات الفطرية كثيرة منها: رمش العين، منعكس الانتحاء، منعكس الركبة، منعكس الخطو ... إلخ. هذه الأفعال اللاإرادية هي الوظيفة الأساسية للحبل الشوكي، ويتكون الحبل الشوكي من: عصب حسي واحد وعصب حركي واحد، ويتواصلان مع بعضهما بواسطة عصب داخلي (Myers, 2004). 

ب- الدماغ: 

الدماغ عضو على درجة كبيرة من التعقيد، في حجم جوزة الهند، ذو لون يشبه الكبد غير المطهو، ويقبع داخل تجويف الجمجمة (Cardoso, 1997a)، يزن الدماغ عند الولادة حوالي (450 غم) ويتضاعف وزنه خلال السنة الأولى، ليصل إلى حوالي (1350 غم) في مرحلة الرشد، وتقدر نسبة وزن الدماغ إلى وزن الجسم حوالي (2%)، ولكنه يستهلك من (20 – 25%) من طاقة الجسم، ويشبه الجيلاتين الرخو في لزوجته (Sprenger, 2002)، يحتوي الدماغ البشري حوالي (100) بليون خلية عصبية Neurons، إضافة إلى عشرة أضعافها من الخلايا الغروية Glial Cells، والتي تملأ الفجوات بين الخلايا العصبية (Cardoso, 1997b). 

الخلايا العصبية: خلايا متخصصة في معالجة المعلومات وتقوم بتوصيل النبضات، وهي الوحدات الأساسية للجهاز العصبي. 

ثالثاً: الخلايا الدماغية Brain Cells: 
1- الخلايا الغروية: تعرف بالخلايا البينية، وليس لها جسم خلية، وتقوم بعدة وظائف منها: (Tortoro & Grabowski, 2000)
- تغذي خلايا الدماغ الأخرى.
- تساعد في نقل الرسائل. 
- تحافظ على بقاء الخلايا العصبية في أماكنها. 
- تهضم أجزاء الأعصاب غير القادرة على متابعة النشاط. 
- تكوين الغلاف الميلين Myelin Sheath حول محاور الخلايا العصبية. 
- حماية خلايا الجهاز العصبي المركزي من الأمراض. 
- تساهم في استقلاب النواقل العصبية.

الخلايا الغروية: توفر الدعم والتغذية للخلايا العصبية. 

الغلاف الميليني: مادة دهنية بروتينية، تتكون بواسطة الخلايا الغروية، والذي يغطي بعض المحاور ويزيد عن سرعة انتقال السيالات العصبية.


2- الخلايا العصبية Neurons: 
ذكرنا سابقاً أن ثمة ثلاثة أنواع من الخلايا العصبية: الخلايا العصبية الحسية أو الأعصاب الموردة أو المستقبلات Receptors

ميكرون: يساوي 0.001 سم

والخلايا العصبية الداخلية أو الأعصاب الداخلية، والخلايا العصبية الحركية أو الأعصاب المصدرة Responding. توجد هذه الخلايا بعدة أشكال وحجوم فبعضها صغير وله جسم خلية عرضه (4) ميكرون (Chudler, 2002a). والأعصاب الحركية هي أطول الأعصاب لأنها 
تحمل الأوامر لمسافات بعيدة، أما الأعصاب الداخلية فهي صغيرة، بحيث يشغل عدد كبير منها منطقة معينة (Davis & Pallodino, 2004). 
مكونات الخلية العصبية: 

 شجيرات الخلية العصبية: التركيب القصير والمتنوع للخلية العصبية والذي يستقبل المعلومات من المستقبلات والخلايا العصبية الأخرى. 

تتباين الخلايا العصبية في تركيبها، ولكنها في الأعم الأغلب تتكون من أربعة أجزاء رئيسة هي (Chudler, 2002a): 

1- جسم الخلية Cell body: يحتوي النواة المحاطة بالسيتوبلازم وتحتوي المواد الجينية (الكروموسومات). 
2- شجيرات الخلية العصبية Dendrites: وهي عبارة عن زوائد قصيرة ومتعددة، وتبزغ من جسم الخلية العصبية. وتستقبل هذه الشجيرات المدخلات القادمة للخلية العصبية.

الأزرار الطرفية: تقع في نهايات المحور حيث تخزن النواقل العصبية قبل إطلاقها عبر نقطة التشابك العصبي. 

3- المحور Axon: عبارة عن امتداد اسطواني طويل ورقيق، يحاط المحور في الغالب بغلاف مكون من عدة طبقات من الدهن والبروتين يسمى الغلاف الميليني Myelin Sheath والذي يتم تكوينه في الخلايا الغروية. ويعمل هذا الغلاف على: (Totora & Grabowski, 2000): 
- زيادة سرعة توصيل السيالات العصبية. 
- حماية المحور العصبي من تداخل الشحنات الكهربائية للخلايا العصبية الأخرى المجاورة.

 
الميلين: مادة دهنية تساعد على السيال العصبي على الانتقال باتجاه أسفل المحور بشكل أكثر فعالية. 

يوجد فجوات في الغلاف الميلين تسمى عقد رانفييز Nodes of Ranvies، وتظهر على طول المحور. تزداد كمية الميلين من الولادة وحتى النضج. واستجابة الطفل الرضيع للمثيرات ليست بالسريعة ولا المنسقة مقارنة بالطفل الأكبر والراشد وذلك يعود جزئياً إلى أن الغلاف الميليني لا زال قيد التطوير في مرحلة الرضاعة. 


4- نهايات المحور Axon terminals:

ينقسم المحور في نهايته إلى عدد من التفرعات التي تنتهي بأزرار طرفية Terminal buttons ويفصلها في نهايات تفرعات الخلايا العصبية الأخرى فجوة صغيرة تسمى نقطة التشابك العصبي (Synapse)، وتتألف من (Chulder, 2002b):

أ- نهايات ما قبل التشابكي (Presynaptic ending): وتحتوي على النواقل العصبية الإرساليات الصعبية (Neurotran smitters) التي توجد داخل حويصلات (Vesicles). 
ب- نهايات ما بعد التشابكي (Postsynaptic ending): التي تحتوي على مواقع استقبال الناقلات العصبية. 
ج- شق تشابكي (Synaptic Cleft): وهو عبارة عن فراغ يقع ما بين نهايات ما قبل التشاكي وما بعد التشابكي. انظر شكل رقم (4 : 6).

المحور: الجزء الأطول في الخلية العصبية والذي ينقل المعلومات إلى الخلايا العصبية والعضلات والغدد الأخرى
الشق التشابكي: فجوة بين محور خلية عصبية وغشاء خلية عصبية أخرى، حيث يحدث التواصل. 

تفكير ناقد
ما الذي يحدث لو تحلل الغلاف الميليني؟

اقرأ الفقرة التي تلي وقارن بين ما تخيلته وما في الفقرة من معلومات. 

على الرغم من أن العديد من الأمراض التي تصيب الجهاز العصبي تؤثر في جسم الخلية، فإن بعضها يدمر الغلاف الميليني. ومن بين الأمراض التي تجرد الميلين مرض التصلب الجانبي ضامر العضل Amyotrophic lateral selerosis، والتصلب المتعدد Multiple Selerosis. 

مرض التصلب الجانبي ضامر العضل أهم أعراضه ضمور العضلات مع تشنج الأطراف ومبالغة في المنعكسات. وينتهي بالموت لانتشاره نحو النخاع المستطيل. 

التصلب المتعدد: تختلف آثار هذا المرض باختلاف موقع اللطخات المتشابكة في الغلاف الميليني وتداخلها مع السيالات العصبية، ومعظم هذه الآثار تتوجه نحو حركة المريض. 

يحدث مرض التصلب المتعدد عندما يهاجم جهاز المناعة الجهاز العصبي المركزي، مما ينجم عنه انحلال أو تجرد رقع صغيرة من الميلين تسمى لطخات (Mohr & Cos, 2001) Plaques. وعندما يتطور المرض، فإن الغلاف الميليني الأساسي يتحطم، تعتمد شدة المرض على مكان حدوث اللطخات. تعتبر اللطخات في النخاع الشوكي أو جذع الدماغ Brain stem خطيرة لأنه لا يعاد إنتاج الميلين، ويمكن لمثل هذا التلف أن يجعل المريض مقعداً (Vertosick, 1996)، تشمل الأعراض الجسمية المرتبطة بالتصلب المتعدد، الضعف العام، والرعشة، ومشكلات بصرية، والعرض الأكثر ديمومة هو الاختلاج (Davis & Palladino, 2004) ataxia. 
5- نقاط التشابك العصبي Synapse والنواقل العصبية Neurotrasmitters: 
لقد عرفنا مكونات الخلية العصبية، ولكن كيف تعمل هذه الخلايا المتخصصة؟ سوف نشرح في الجزء اللاحق كيفية تنظيم الخلايا العصبية وكيفية انتقال المعلومات من خلية عصبية إلى أخرى. 

الاختلاج: فقدان القدرة على موازنة أو ضبط الحركات. 

نقاط التشابك العصبي:  
حتى يتم إرسال الرسائل، لابد للخلايا العصبية أن تنظم بطريقة خاصة، ولأن الإشارة العصبية ترسل من خلية عصبية إلى أخرى تالية لها من خلال الأزرار الطرفية في نهاية المحور، فإن الترتيب الأكثر شيوعاً بالنسبة للأزرار الطرفية، هو أن تكون قريبة (بدون تماس مباشر) من الشجيرات المستقبلية للخلايا العصبية المجاورة.

نقطة التشابك العصبي: الموقع الذي يتم فيه اتصال خليتين عصبيتين أو أكثر، ولكن بدون تماس مباشر. 

 يقول العالم لودو Le "you are your Doux sympses" أي أنك (شخصيتك) تكمن في نقاط التشابك العصبي (طريقة تواصل الخلايا العصبية مع بعضها). 


إن الترتيب الشائع الذي يتم هو أن يرسل الزر الطرفي إشارة إلى الفرع المستقبل للخلية العصبية المجاورة عبر الفجوة ما بين الاثنين والتي تسمى نقطة التشابك، وبذلك لا تلمس الخلايا العصبية بعضها بعضاً (Davis & Palladino, 2004). 
3- النواقل العصبية: 
إذا كان هناك فجوة ما بين الخلايا العصبية، فلماذا لا تتوقف الإشارة العصبية عندما تصل الأزرار الطرفية؟ 

النواقل العصبية: مواد كيميائية تخزن في الأزرار التشابكية وتنطلق في نقاط التشابك ما بين الخلايا العصبية تحمل الإشارات من خلية عصبية إلى أخرى. 

تتضمن الإجابة وجود المواد الكيماوية المسماة بالنواقل العصبية. عندما تصل الإشارات الكهربائية الأزرار الطرفية في نهاية المحور، يتم تحرير (إطلاق) إشارات كيميائية في صورة ناقل عصبي خلال نقطة التشابك. عندما يدخل الناقل العصبي نقطة التشابك، فإنه يتصل بغشاء الشق ما بعد التشابكي (عادة ما يكون التفرع) للخلية العصبية التالية. عندما تصل (تلامس) جزيئات النواقل العصبية مواقع المستقبلات الخاصة الموجودة على غشاء ما بعد التشابكي، فإنها تلتحم أو تلتصق به، وبذلك تسمح للإشارة العصبية بالانتقال من خلية عصبية إلى التي تليها، عندما يحتل ناقل عصبي موقع المستقبل المناسب (اعتماداً على نوع الناقل العصبي ومكان موقع المستقبل المناسب) ينشأ هناك أحد احتمالين (Davis & Palladino, 2004). 
- إما أن تزداد احتمالية انتقال الرسالة في الخلية العصبية المستقبلية للناقل العصبي إلى الخلايا العصبية التالية لها، وتدعى هذه العملية بالتنبيه excitation أو 
- أن تقل احتمالية انتقال الرسالة من الخلية العصبية المستقبلة للناقل العصبي إلى الخلايا العصبية التالية، وتدعى هذه العملية بالكف أو التثبيط Inhibition. 
لقد اكتشف الباحثون عشرات النواقل العصبية المختلفة. مما أدى إلى التساؤل: هل تتواجد نواقل عصبية معينة في مناطق محددة بعينها؟ ما آثار هذه النواقل العصبية؟ هل يمكن لنا أن نحسن أو نقلل من آثارها بواسطة العقاقير أو الأغذية؟ هل يمكن لبعض التغيرات أن تؤثر في مزاجنا وذاكرتنا، وقدراتنا العقلية؟
للإجابة عن تلك الأسئلة وغيرها لابد أولاً من عرض أمثلة للنواقل العصبية.

من أهم تلك النواقل العصبية: 
* الاستيلكولين Acetylcholine: 
يضبط هذا الناقل العصبي النشاط في مناطق الدماغ المرتبطة بالانتباه والتعلم، والذاكرة. 
يقل مستوى هذا الناقل العصبي لدى مرضى الزهايمر. تحسن العقاقير التي تستخدم لتعديل مستوى هذا الناقل العصبي من الذاكرة. يعمل الاستيلكولين أيضاً في العديد من نقاط اتصال الأعصاب والعضلات الهيكلية (Davis & Palladino, 2004).

هناك أكثر من تسعين ناقل عصبي. تتنوع تأثيرات الناقل الواحد في مواقع مختلفة من الدماغ (Nunley, 2003). 


* السيروتونين Serotonin: 
لقد ارتبط هذا الناقل العصبي بعدد من المشكلات منها: الاكتئاب، والصداع النصفي (الشقيقة)، واضطراب الانتباه، والعدوان، والعنف، وأعراض ما قبل الطمث، ومشكلات الاستحواذ، والإكراه (Green field, 2000). تعالج مشكلة انخفاض هذا الناقل العصبي لدى الفرد بإعطائه هذه المادة، حيث غالباً ما تستخدم بنجاح في علاج الاكتئاب (Sprenger, 2002).
* الدوبامين Dopamine: 

يطلق هذا الناقل العصبي من تركيب في جذع الدماغ يسمى Substania Nigra. يؤثر هذا الناقل العصبي في مختلف الأنشطة الهامة التي تشمل الحركة والانتباه والتعلم، وتتسبب قلة كميته في أعراض مرض باركنسون Parkinson مثل الرعشة والحركات العنيفة (Sprenger, 1999). 
* النوريينفرين Netepinphrine: 
يعنى هذا الناقل بالمحافظة على اليقظة (الاستيقاظ من نوم عميق)، والأحلام، وتنظيم المزاج، كما يعمل كهرمون أيضاً، يتم إطلاقه بواسطة نخاع الكظر Adrenal Medulla في الغدة الأدرينالية. (Tortora & Grabowski, 2000). 

 نخاع الكظر: الجزء الداخلي للغدة الكظرية.

* الأحماض الأمينية Amino acids: 
العديد من الأحماض الأمينية عبارة عن نواقل عصبية في الجهاز العصبي المركزي. إن لكل من الجلوتومات Glutamate، والإسبرتات Aspartate قوة إثارة كبيرة، تتواصل تقريباً معظم الخلايا العصبية المستثارة في الجهاز العصبي المركزي وربما نصف نقاط التشابك في الدماغ بواسطة الجلوتومات. أما الأحماض الأمينية الأخرى مثل الحمض الأميني الزبدي جاما – Gamma aminobutyric (جابا GABA)، والجليسين glycine، فهما ناقلان عصبيان هامان، على الرغم من أن جابا هو حمض أميني فإنه غير مندمج (متحد) في البروتينات، وإنما يوجد فقط في الدماغ، حيث توجد معظم النواقل العصبية المثبطة الشائعة (Tortora & Grabowski, 2000). 
* الببتيدات العصبية Neuropeptides: 
إن النواقل العصبية التي تتألف من (3 – 40) حمض أميني المرتبطة بروابط ببتيدية تدعى الببتيدات العصبية. إنها متنوعة وواسعة الانتشار في كل من الجهازين العصبي المركزي والطرفي، ولكل منها نشاطات منبهة ومثبطة أيضاً، يتم تكوين الببتيدات العصبية في جسم الخلية العصبية، وتخزن في حويصلات وتنتقل إلى نهايات المحور. وبجانب دورها كنواقل عصبية تقوم بعمل الهرمونات التي تنظم الاستجابات الفسيولوجية في أجزاء أخرى من الجسم. هناك عدة أنواع من الببتيدات العصبية منها الانكفالين enkephalins، والذي تزيد قوة تأثيره (200 مرة) عن تأثير المورفين morphine في تخفيف الألم. 

الإنسان مزود بآليات ومواد للتعامل مع الألم. من هذه المواد الأندروفين الذي يخفف الألم ويحدث الاسترخاء. 

وهناك نوع آخر يدعى الاندروفين endorphins، الذي له أثر في فقدان الإحساس بالألم أيضاً، كما يرتبط أيضاً بتحسين الذاكرة والتعلم، والإحساس بالمتعة والسعادة وتنظيم درجة حرارة الجسم، وتنظيم الهرمونات التي تؤثر في بداية البلوغ والدافع الجنسي، وبعض الأمراض النفسية مثل الاكتئاب والفصام (Tortora & Grabowski, 2000). ويلخص الجدول رقم (4 : 1) أهم النواقل العصبية وآثارها ومكانها ووظائفها.

جدول يوضح أنواع النواقل العصبية ومكانها وآثارها ووظائفها 

الناقل العصبي آثاره مكانه وظائفه 
اسيتيل كولين منبه ومثبط  الدماغ والنخاع الشوكي، نقاط التشابك للجهاز العصبي الباراسيمبثاوي متضمن في حركة العضلات والذاكرة والتعلم. يرتبط انخفاض مستواه بمرض الزهايمر
الدوبامين  منبه ومثبط  الدماغ (الهيبوثلاموس، الغدة النخامية، الدماغ الأوسط) يؤثر في الحركة، والتعلم، والانتباه، والانفعالات، إن تلف الخلايا العصبية التي تفرز الدوبامين يمكن أن يؤدي إلى مرض باركنسون؛ ومتضمن أيضاً في تطوير الفصام العقلي.
السيروتونين مثبط أو منبه جذع الدماغ متضمن مع المزاج، والنوم، والعدوان، والعنف، واليقظة، والجوع، تسببه قلته الاكتئاب
النوربنفرين  منبه بشكل عام  جذع الدماغ والجهاز العصبي السيمبثاوي متضمن في نشاطات الجهاز العصبي السمبثاوي، ويؤثر في اليقظة، والمزاج ومراكز المكافأة، وتسبب قلته المزاج الإحباطي
جابا مثبط الجهاز العصبي المركزي يرتبط بالقلق، والصرع، والقزع
جلوتومات منبه الجهاز العصبي المركزي متضمن في الذاكرة، وتسبب زيادته الإثارة الزائدة للدماغ، ويسبب الصداع النصفي (الشقيقة)
الانكفالين مثبط الجهازان العصبيان المركزي والطرفي  يخفف الألم 
الاندروفين مثبط  الجهازان العصبيان المركزي والطرفي يخفف الألم. وله علاقة بالذاكرة والتعلم. ودرجة حرارة الجسم، والنشاط الجنسي.

 

نشاط (4) 
النواقل العصبية الكيميائية ينتجها جسم الإنسان وتؤثر في الخلايا العصبية إثارة أو تثبيطاً. هات أمثلة وبين وظائفها. 


رابعاً: التواصل بين الخلايا العصبية: 
لقد سبق وأكدنا في بداية هذا الفصل على أن وظيفة الجهاز العصبي الأساسية هي استقبال المعلومات أو الإشارات من خلايا متخصصة تدعى المستقبلات Receptors. وكما وضح من المثال كيفية فهم الإشارات المرورية وكيفية الاستجابة، فإن كمية كبيرة من هذه المعلومات تعالج بواسطة الدماغ، ثم تتحول إلى أفعال، وسوف نركز هنا على الإشارات العصبية تحديداً. ولكي نفهم هذه الإشارات فلابد أن نأخذ بعين الاعتبار داخل الخلية وخارجها في نفس الوقت.
إذا فحصنا المواد الكيميائية المتواجدة خارج غشاء الخلية العصبية شبه النفاذ وقارناه بالمواد الكيميائية الموجودة داخل غشاء الخلية، فسوف تلاحظ أن هناك فرقاً في جسيمات مشحونة كهربائياً تسمى أيونات ions، يشبه نوى الأيونات الموجب (+) والسالب (-) قطبي أو نهايات البطارية. أكثر الأيونات السالبة الهامة هي الكلورايد (Cl-)، أما البوتاسيوم (K+) والصوديوم (Na+) فهي أيونات موجبة هامة (Davis & Palladino, 2004). 
يتحول كل من الضوء، والصوت، والحرارة، والألم، وكل طرفة عين، وكل حركة أصبع، وكل فكرة، إلى سلسلة متتالية من النبضات الكهربائية والتي تسمى السيالات العصبية. تعالج الخلايا العصبية تلك المعلومات، حيث تعتمد قدرتها في ذلك على خصائص معينة لغشاء الخلية العصبية، التي تضبط بدورها تدفق المواد الكيميائية إلى داخل الخلية (أيونات الصوديوم، والكالسيوم، والبوتاسيوم وما إلى ذلك) (Cardoso & DeMello & Sabbatini, 1999) . 

ترسل الخلايا العصبية الرسائل من خلال عملية كهروكيميائية، وهذا يعني أن الكيماويات تتبعها إشارة كهربائية. ومن المهم تذكر أيضاً أن الخلايا العصبية محاطة بغشاء يسمح لبعض الأيونات بالنفاذ من خلاله، في حين أنها تغلق الممر لأيونات أخرى، وهذا النوع من الأغشية يسمى غشاء شبه نفاذ (Chudler, 2002c) Semi permeable. 
عندما لا تقوم الخلية العصبية بإرسال أية إشارة، فإنه يقال أنها في حالة راحة (atrest). وفي هذه الحالة يكون داخل الخلية سالباً نسبة إلى خارجها. على الرغم من أن الأيونات المختلفة الموجودة على كلا جانبي غشاء الخلية تحاول أن تعادل تركيزها، فإنها لا تستطيع ذلك بسبب سماح غشاء الخلية لبعض الأيونات بالمرور من خلال قنوات الأيون (ion channel). يمكن لأيونات البوتاسيوم (K+) العبور من الغشاء بسهولة في حالة الراحة، في الأيون: ذرة لها شحنة إما سالبة أو موجبة.

حالة الراحة: يستخدم هذا المصطلح للدلالة على الاستقرار. والشحنة السالبة للخلية العصبية غير النشطة. 

حين تجد أيونات الكلورايد (Cl-)، وأيونات الصوديوم (Na+) صعوبة أكبر في العبور في هذا الوقت، كما لا تستطيع جزيئات البروتين المشحونة سلباً (A-) الموجودة داخل الخلية العصبية عبور الغشاء، وإضافة إلى قنوات الأيون الانتقالية هذه، فهناك مضخة تستخدم الطاقة لتحريك ثلاثة أيونات صوديوم خارج العصب مقابل أيونين بوتاسيوم تدخله إلى الخلية العصبية (Chudler, 2002c). 
وعندما تتعادل كل هذه الأيونات في الخارج والداخل ولا يمر سيال عصبي، ويتم قياس الفرق في الجهد ما بين داخل الخلية العصبية وخارجها. فستكون هذه هي حالة الراحة (Resting potential) أو حالة الكمون. ويساوي الكمون الغشائي في حالة الراحة حوالي (-70 ميللفولت). وهذا يعني أن داخل الخلية العصبية يقل بقيمة (70) ميللفولت عن خارجها في حالة الراحة أو السكون. ويوجد أيونات صوديوم أكثر نسبياً خارج الخلية العصبية وأيونات بوتاسيوم أكثر داخلها (Sprenger, 1999)

جهد الفعل Action Potential: 
عندما تعبر النواقل العصبية إلى نقطة التشابك قد يحدث هناك أحد احتمالين: إما إزالة استقطاب depolarization (تصبح الخلية العصبية مشحونة سلباً بشكل أقل) أو فرط استقطاب Hyperpolarization (تصبح الخلية العصبية مشحونة سلباً بشكل أكبر). يتوقف رد الفعل 
الناتج على نوع الناقل العصبي ومكان نقطة التشابك. على سبيل المثال: وجود الاسيتيلكولين عند نقطة التشابك الواقعة في العضلات الهيكلية، يؤدي إلى إزالة الاستقطاب، أما وجوده عند نقطة التشابك الواقعة في أجزاء أخرى من الجسم مثل القلب، فيؤدي إلى فرط الاستقطاب.
يشير جهد الفعل إلى ما يحدث عندما تنقل الخلية العصبية معلومات على طول المحور، بعيداً عن جسم الخلية. ويستخدم علماء الأعصاب كلمات أخرى مثل النبضة (الومضة أو الدفعة) Impulse ليصفوا جهد الفعل. 

إزالة استقطاب: العملية التي تصبح فيها الشحنة الكهربائية للخلية العصبية سالبة أكثر. 
فرط الاستقطاب: العملية التي تصبح فيها الشحنة الكهربائية للخلية العصبية موجبة أكثر. 

إن جهد الفعل هو إعلان عن بدء النشاط الكهربائي الذي يتكون نتيجة إزالة الاستقطاب. هذا يعني أن بعض الأحداث (مثير) تجعل كمون الفعل في حالة السكون يتحرك نحو (صفر ميللفوت). وعندما يصل كمون غشاء الخلية إلى حوالي (-55 ملليفوت) ينشأ سريعاً كمون فعل، وهذه هي عتبة التنبيه (Thershold).     جهد الفعل: يستخدم هذا المصطلح ليصف عملية انعكاس الشحنة الكهربائية التي تحدث عندما تنشط خلية عصبية. 

إذا لم تصل الخلية العصبية إلى مستوى عتبة التنبيه هذه، فلن ينشأ كمون الفعل، إذ يعمل كمون الفعل وفق مبدأ كل شيء أو لا شيء"، فلدى إثارة كمون الفعل في أي نقطة من غشاء الخلية العصبية سيؤدي إلى سريان موجة إزالة الاستقطاب على طول الغشاء. 

عتبة التنبيه: مستوى الاستثارة المطلوبة لإطلاق نبضات عصبية.

عندما تشغل نواقل عصبية مثيرة مواقع مستقبلات مناسبة فإنها تجعل غشاء الخلية يسمح للأيونات الموجبة بالعبور إلى الداخل. تؤدي زيادة الأيونات الموجبة داخل الخلية العصبية إلى إنهاء حالة الاستقطاب. وهذا التغير الذي يوصل الكمون إلى ما يقارب الصفر هو حالة إزالة الاستقطاب. 
يصبح غشاء الخلية العصبية في هذه المرحلة شديد النفوذية لأيونات الصوديوم مما يسمح بتدفق أعداد ضخمة منه إلى داخل المحور، وتزول حالة الاستقطاب مع ارتفاع سريع للكمون في الاتجاه الموجب.  

قانون الكل أو لا شيء: يتضمن أنه إذا كانت الخلية العصبية مستثارة بشكل كاف فإنها تنشط وترسل جهد فعل باتجاه أسفل المحور وتطلق المواد الكيماوية من الأزرار الطرفية. 

بعد أن يصبح الغشاء شديد النفاذية لأيونات الصوديوم بفترة تقدر ببضعة أجزاء من الثانية، تبدأ قنوات الصوديوم بالانغلاق وتأخذ قنوات البوتاسيوم بالانفتاح أكثر من الحالة السوية، ثم يحدث انتشار سريع لأيونات البوتاسيوم إلى الخارج يؤدي إلى إعادة توطيد كمون الغشاء السوي السالب أثناء الراحة، وهذا ما يدعى عودة استقطاب الغشاء Repolarization. إن هذا الانعكاس على طول المحور هو الإشارة العصبية والذي نسميه جهد أو كمون الفعل، أو استجابة الكل أو لا شيء. 
حالما تصل التفرعات وجسم الخلية عتبة التنبيه ينتشر سريعاً كمون الفعل على طول المحور حتى يصل الأزرار الطرفية حيث يسبب إطلاق النواقل العصبية. إن كمون الفعل ما هو إلا تبادل للأيونات. عندما تكون المحاور غير مغلفة بالميلين فإن تبادل الأيونات يحصل على طول المحور الأساسي. 
أما في حالة وجود الغلاف الميلين فإن تبادل الأيونات يحدث فقط عند عقد رانفيير. وبهذا يكون الجهد المبذول أقل وبالتالي فإن كمون الفعل يصل الأزرار الطرفية بسرعة أكبر. وفي الوقت الذي يتم فيه انتقال كمون الفعل، فإنه يتم تفريغ أول ناقل عصبي في نقطة التشابك. إن انتقال الناقل العصبي يجعل الخلية العصبية تعود إلى حالة الراحة ويسمح لها بتوليد كمون فعل آخر وذلك من أجل إعادة إطلاق نبضة أخرى. لا يمكن أن يحدث كمون فعل جديد في خلية عصبية مستثارة ما دام غشاؤها مزال الاستقطاب نتيجة كمون فعل سابق، والسبب في ذلك أنه بعد بدء كمون الفعل بفترة قصيرة تعطل قنوات الصوديوم (أو قنوات الكالسيوم أو كلاهما)، ومهما كانت كمية الإشارات المثيرة المطبقة على هذه القنوات في هذه الفترة فإنها لا تستطيع فتح 
بوابات التعطيل، والحالة الوحيدة التي تعيد فتح هذه القنوات هي عودة كمون الغشاء إلى مستوى كمون الغشاء الأصلي أثناء الراحة أو إلى مستوى قريب منه، وتفتح بعد ذلك بوابات التعطيل خلال جزء صغير آخر من الثانية وعندها يمكن لكمون فعل جديد أن يبدأ. تدعى الفترة الزمنية التي لا يمكن خلالها إثارة كمون فعل ثان حتى بالمنبهات القوية جداً بفترة العصيان Refractory period. 

فترة العصيان: فترة وجيزة جداً بعد بدء جهد فعل في الخلية العصبية حيث لا يمكن لها أن تثار مرة أخرى.

لا تستجيب جميع الخلايا العصبية لوجود الناقل العصبي بإزالة الاستقطاب أو توليد كمون فعل؛ فقد تكون النتيجة مغايرة لذلك. وفي هذه الحالات يكون الناقل العصبي مثبطاً. ويجعل المزيد من الأيونات السالبة تعبر غشاء الخلية العصبية السالبة أكثر مما كانت عليه خلال حالة الراحة (فرط الاستقطاب) مما يجعل من الصعوبة إنشاء كمون فعل أو حتى استحالته. تعكس بعض نقاط تشابك الاسيتيلكولين في الجهاز الباراسيمبثاوي هذه طبيعة هذا التثبيط. فعندما ينطلق الاسيتيلكولين، تثبط الخلايا العصبية، وتكون النتيجة هي نقصان النشاط الباراسيمبثاوي مثل ضربات القلب (Davis & Palladino, 2004). 
تفريغ نقطة التشابك: 
كيف يقلع الناقل العصبي عن نقطة التشابك؟ إذا فكرت بهذا السؤال فسوف تدرك أهمية تفريغ أو تنظيف نقطة التشابك.
فكر فيما لو كنت تتحدث مع صديق لك عبر الهاتف ومن ثم رغبت بالاتصال بشخص آخر. هل يمكنك فعل ذلك من دون إغلاق السماعة أولاً؟ بالطبع لا يمكنك ذلك، وبالمثل فإن نقاط التشابك لابد لها أن تنظف وبسرعة قبل استقبال إشارات إضافية.
يتم تنظيف أو تفريغ نقطة التشابك بإحدى طريقتين، اعتماداً على الناقل العصبي المعني. والطريقتان هما: 
1- طريقة التحلل breakdown: حيث يتم تحلل الناقل العصبي (مثل الاسيتيلكولين) وإزالته من نقطة التشابك. بعد أن يؤثر الاستيل كولين في الخلية العصبية التالية يقوم إنزيم بتحليله. حالما يتم تحليله تصبح مواقع المستقبلات خالية وبذلك يستطيع غشاء ما بعد التشابكي استقبال إشارة أخرى. هذا التحليل السريع هام لتكوين الاستجابات الحركية سريعة اللازمة للطباعة أو استخدام الحاسبة على سبيل المثال. 
2- إعادة امتصاص الناقل العصبي: والذي يتضمن إعادة الناقل العصبي إلى الزر الطرفي الذي قدم منه. بعد أن يؤثر الناقل العصبي في غشاء ما قبل التشابكي، فإنه يدخل مرة أخرى، إلى الأزرار الطرفية، حيث يصبح جاهزاً لاستخدامه من جديد. تزال جميع النواقل العصبية (باستثناء الاستيلكولين) من نقاط التشابك عن طريق إعادة امتصاصها (Davis & Palladino, 2004).   

إعادة الامتصال: العملية التي يتم فيها عادة امتصاص الناقل العصبي الفائض مرة أخرى في الخلية العصبية المرسلة حتى تستطيع أن تنشط مرة أخرى بفعالية.

نافذة رقم (1) 
عندما يتلقى الدماغ مثيراً حسياً تؤدي خلايا الدماغ رقصات أشبه ما تكون برقصات النحلات العاملة على باب الخلية. 

الشبكات العصبية Neural Networks: 
بعد أن شرحنا كيف تعمل الخلايا العصبية وكيف تنتقل السيالات العصبية، سوف نعرض حجم وعدد الخلايا العصبية التي تعمل معاً من أجل معالجة المعلومات القادمة وتنسيق المعلومات الخارجة. 
يمكن وصف الشبكات العصبية كعناقيد من الخلايا العصبية المترابطة التي تعمل على معالجة المعلومات.
إن بعض الخلايا العصبية لها محاور قصيرة وتتواصل مع الخلايا العصبية المجاورة. وهناك خلايا عصبية أخرى لها محاور طويلة وتتواصل مع دوائر من الخلايا العصبية لمسافات بعيدة. وجد الباحثون أن الشبكات العصبية هذه ليست ساكنة. ويمكن تنبيهها من خلال التغيرات في قوى الترابطات التشابكية. 
يمكن لأي معلومة جزئية (مثل اسم) أن تشغل المئات أو حتى آلاف الوصلات ما بين الخلايا العصبية. وبهذه الطريقة فإن نشاطات مثل الانتباه والتذكر والتفكير يمكن أن تتوزع على شريحة واسعة من الخلايا العصبية المترابطة، تحدد قوة هذه الخلايا العصبية المترابطة كيفية تذكر المعلومات.
مثال ذلك: تذكر اسم شخص معين. إن معالجة وجه الشخص قد ينشط عدداً من الترابطات العصبية الضعيفة والذي يجعلك تتذكر فئة عامة (رجل جذاب، إنسان رائع). مع تكرار الخبرة مع هذا الشخص تزداد قوة، وربما عدد تلك الترابطات. ولهذا فإنك قد تتذكر اسم الشخص عندما ترتبط الخلايا العصبية التي تم تنشيطها (بواسطة الاسم مع الخلايا العصبية التي تم تنشيطها بواسطة الوجه (Santrock, 2003). 

نشاط (5) 
تأكد مما عرفته بالإجابة عن الأسئلة التالية: 
س1: ما اللبنات الأساسية للجهاز العصبي؟ 
س2: ميز بين الخلايا العصبية والخلايا الغروية، ومن ثم اشرح وظائف الأجزاء الرئيسية للخلية العصبية. 
س3: وضح المقصود بالسيال العصبي وكيف يتم توليده؟
س4: ناقش كيفية انتقال السيال العصبي من خلية عصبية إلى أخرى. 
س5: وضح وظيفة الشبكات العصبية؟ 

خامساً: المكونات الرئيسية للدماغ: 
بعد أن عرضنا عمل الوحدات الأساسية للجهاز العصبي ننتقل إلى وصف الصورة الأكبر ممثلة في تركيب الدماغ ووظائفه، وبشكل خاص كيفية عمله. 
هل تعلم أن وزن دماغ الكائن البشري حوالي (1300 غم) وهو أقل وزناً من دماغ الدلفين (1500 غم)، ويبلغ حوالي 5/1 وزن دماغ الفيل (6000 غم) وحوالي (6/1) دماغ الحوت ومع ذلك فإن ما نسبته ما بين (15 – 20%) من الدم يتدفق إلى الدماغ ذلك لأن الدماغ يتطلب الكثير من الدم، والجلوكوز، والأكسجين من أجل تشغيل ما يقدر بـ (100) بليون خلية عصبية أو أكثر في الدماغ، إنه يحتاج الكثير من الطاقة للمحافظة على أداء هذه الآلة على مدار الأربع والعشرين ساعة يومياً، والسبعة أيام أسبوعياً، إن الدماغ الذي يزن حوالي (3 باوندات) معني بكل فكرة لدينا، وكل نفس نأخذه، وكل انفعال ينتابنا، وكل قرار نتخذه، تستطيع كل خلية عصبية أن تتواصل مع آلاف الخلايا العصبية الأخرى، وهكذا تكون شبكة عمل لا يضاهيها أي شبكة عمل في العالم أو أي شبكة من صنع الإنسان. إن تعقيد الدماغ البشري لا يمكن مطابقته بأحدث الحواسيب (Davis & Palladino, 2004) 
ومن أجل فهم مدى تعقيد الدماغ وفهم الكثير من قدرات الكائن البشري لابد أولاً من التعرف إلى بنيته الأساسية ووظائف الأجزاء المختلفة المكونة له، من المعروف أن دراسة التركيب أسهل بكثير من دراسة الوظائف. تمكن الباحثون مؤخراً من تحديد وظائف مناطق الدماغ المختلفة عن طريق ملاحظته وهو يؤدي نشاطاته المختلفة وذلك بفضل وسائل دراسة الدماغ التكنولوجية الحديثة التي سبق الحديث عنها في الفصل السابق.
نظراً لأهمية الدماغ، فلا عجب أن يكون أكثر أجزاء الجسم حماية. تخيل أن بإمكانك أن ترى من خلال شعر شخص ما وفروة رأسه، وحتى من خلال جمجمته Skull، فماذا سترى؟
إن أول ما ستراه تحت الجمجمة هو الأغشية Mening، وهي عبارة عن ثلاث طبقات من الأغشية تغطي الدماغ من أجل حمايته.
تتمدد تحت هذه الطبقات شبكة من الأوعية الدموية على سطح الدماغ نفسه (Kosslyn & Rosenberg, 2004) ويمكن بشكل عام تقسيم الدماغ إلى ثلاثة مستويات أو مناطق رئيسية هي: 
-    الدماغ الخلفي Hind brain
-    الدماغ الأوسط Mid brain
-    الدماغ الأمامي Fore brain
تعود تسميات أجزاء الدماغ الرئيسة السابقة إلى أماكنها في مرحلة تطور الجهاز العصبي في المرحلة الأمبريونية من الحمل ولا تشير إلى الموقع النسبي لمناطق الدماغ لدى الراشد. يبدأ في المرحلة الأمبريونية تشكيل الجهاز العصبي والذي يبدأ بتشكيل أنبوب طويل مجوف على ظهر الامبريون. في غضون ثلاثة أسابيع وما بعد من مرحلة الحمل تتمايز الخلايا التي تكون الأنبوب إلى كتلة من الخلايا العصبية، تتطور معظمها فيما بعد إلى المناطق الرئيسية الثلاث السابقة. 
وفيما يأتي شرح مفصل لجميع تلك الأجزاء:  
1- الدماغ الخلفي: 
يقع في مؤخرة الجمجمة، وهو الجزء السفلي من الدماغ، ويتكون من ثلاثة أجزاء رئيسية:

- النخاع المستطيل Medulla oblongata: يقع هذا التركيب عند التقاء النخاع الشوكي بالجمجمة. ويضبط عدة وظائف حيوية منها: التنفس، ونشاط القلب، وضغط الدم، ودورات النوم واليقظة، وتنظيم الأفعال المنعكسة التي تحافظ على التوازن (NVCC, 201, 2001). 
- المخيخ Cerebellum: يقع فوق النخاع المستطيل، يحتوي على تركيبين مستديرين، ويعتقد أنه يلعب دوراً هاماً في التناسق الحركي، فعلى سبيل المثال يتم التنسيق ما بين حركات الساق والذراع بواسطة المخيخ. وعندما نلعب الجولف أو العزف على البيانو، أو نتعلم حركات رياضية معينة مثل الرقص وغيرها، فإن المخيخ يقوم بعمل شاق، وكذلك إذا أصدر الجزء العلوي من الدماغ أوامر لنا لكتابة الرقم (7)، فإن المخيخ هو الذي يعالج النشاطات العضلية اللازمة لأداء ذلك. يؤدي تلف المخيخ إلى تعطيل أداء الحركات المتناسقة. وفي حالات التلف الشديدة له يصبح وقوف الشخص المصاب مستحيلاً (Santrock, 2003)، وأيضاً يؤدي تلف هذا الجزء إلى الموت الفوري (Incy wing web design, 2000). 
- القنطرة Pons: كتلة عصبية تقع أعلى النخاع الشوكي. وهي عبارة عن جسر تربط مناطق الدماغ السفلي بالمناطق العليا فيه. تحتوي عدة عناقيد من الألياف Fibers، وهي معنية بالنوم واليقظة، وتساعد أيضاً على تنظيم المعلومات الحسية وتعبيرات الوجه (Jensen, 1998a; Santrock, 2003). 
- نظام التنشيط الشبكي السفلي Reticular Activating System: وهو عبارة عن مجموع خلايا عصبية منتشرة تعني بالسلوكات النمطية مثل المشي، والنوم، أو الاستدارة لسماع صوت مفاجئ. 
يراقب هذا النظام مستوى النشاط في الدماغ الخلفي، ويحافظ على حالة من الاستثارة، ويرجع إليه أحياناً كشبكة معلومات. ويقع الجزء العلوي منه في الدماغ الأوسط (NVCC Psy, 201, 2001). 
كما ويعمل وكأنه ساعة منبه، إذ ينبه القشرة الدماغية حتى يمكنها تفسير الإشارات الحسية القادمة (Incy wincy web design, 2000).
يطلق على كل من النخاع المستطيل والقنطرة وجزء من نظام التنشيط الشبكي اسم جذع الدماغ Brain stem. (Myers, 2004).

2- الدماغ الأوسط: 
يقع بين الدماغ السفلي والدماغ الأمامي، في منطقة بها الكثير من أنظمة الألياف العصبية الهابطة والصاعدة لتصل الأجزاء العلوية من الدماغ بالأجزاء السفلية منه. يرحل الدماغ الأوسط النبضات الحركية من القشرة الدماغية إلى القنطرة والنبضات الحسية من النخاع الشوكي إلى الثلاموس. ويساعد في التحكم في حركة العين، والتآزر أو التوازن (Tortora & Grabowski, 2000). 

3- الدماغ الأمامي: 
يكون الجزء الأكبر من الدماغ، إضافة إلى أنه يمثل الجزء الأكبر تطوراً في الدماغ، ويتكون من الجهاز الحشوي، والثلاموس، والعقد القاعدية، والهيبوثلاموس، والقشرة المخية. 

أ- الجهاز الحشوي Limbic System: يشمل عدة تراكيب مركزية متصلة ببعضها البعض وهو هام لكل من الذاكرة والانفعالات، تتضمن هذه التراكيب: 

- الاميجدالا Amygdala: تتكون من عدة مجموعات من الخلايا العصبية. وتشكل في مجموعتها تركيبان لوزياً الشكل، ويقعان في قاعدة الفصوص الصدغية، ترتبط الاميجدالا بالسلوكات الانفعالية غير الواعية (Tartora & Grabowski, 2000), (Sylwester, 1995). 
- قرين أمون Hippocampus: يلعب دوراً خاصاً في تخزين المعلومات في الذاكرة. ويشبه في تركيبه حصان البحر (Kosslyn & Rosenberg, 2004).
ب- الثلاموس Thalamus: يقع أعلى جذع الدماغ في الجزء المركزي من الدماغ. يعمل كمحطة ترحيل. تتضمن وظيفته الرئيسة تصنيف المعلومات من جميع الحواس (باستثناء إحساسات الشم) وإرسالها إلى الأجزاء المناسبة في الدماغ الأمامي لمزيد من المعالجة والتفسير (Santrock, 2003)، يلعب الثلاموس أيضاً دوراً في الوعي واكتساب المعرفة. (Tortora & Grabowski, 2000). شكل رقم (4 : 11).
ج- الهيبوثلاموس Hipothalamus: يقع أسفل الثلاموس. يتكون من العديد من الأنوية تتجمع في أربع مناطق. يضبط الهيبوثلاموس العديد من أنشطة الجسم، وهو أحد المنظمات الرئيسة للتوازن Homeostasis، تصل النبضات الحسية المرتبطة بالإحساسات الجسدية والحشوية إلى الهيبوثلاموس عن طريق الممرات الواردة afferent pathways، وكذلك تفعل النبضات من مستقبلات السمع، والذوق، والشم. كما تراقب مستقبلات أخرى داخل الهيبوثلاموس بنفسها وباستمرار الضغط الأزموسي Osmotic، وتركيز هرمونات معينة، ودرجة حرارة الدم، للهيبوثلاموس عدة اتصالات هامة جداً مع الغدة النخامية Pitutary gland. وينتج أيضاً عدة هرمونات والتي سيتم الشرح عنها عند الحديث عن الجهاز الغدي (Tortora & Grabowski, 2000)، وتتلخص وظائف الهيبوثلاموس في: 
- ضبط الجهاز العصبي الجسدي.
- ضبط الغدة النخامية. 
- تنظيم الأنماط السلوكية والانفعالية. 
- تنظيم الأكل والشرب.
- تنظيم درجة حرارة الجسم. 
- تنظيم حالات الوعي، والتوترات اليومية من مثل عادات النوم. 
د- العقدة القاعدية Basal ganglia: تحتوي عدة أزواج من الأنوية، وتقع فوق الثلاموس وتحت القشرة المخية، تعمل العقد القاعدية مع كل من القشرة المخية والثلاموس، والهيبوثلاموس، تضبط بعض الأنوية الحركات الآلية للعضلات الهيكلية، من مثل أرجحة الذراعين أثناء المشي أو الضحك على نكتة. 
يعتمد عمل هذه العقد بشكل رئيس على الناقل العصبي الدوبامين، كما تلعب هذه العقد أيضاً دوراً هاماً في بعض أنواع التعلم وتكوين العادات، وتكون هذه العقد لدى المصابين بمرض باركنسون غير عادية (Santrock, Tortora & Grabowski, 2000; Kossly & Rosenberg, 2004)
المخ Cerebrum: هو أكبر جزء من الدماغ الأمامي وهو مسؤول عن الأنشطة العقلية المعقدة. تسمى الطبقة السطحية من المادة السنجابية (الرمادية) gray matter بالقشرة المخية Cerebral Cortex. لا يتجاوز سمك القشرة أكثر من (4 مم) وتحتوي بلايين الخلايا العصبية. تقع المادة البيضاء White matter في عرق القشرة. إن المخ هو مقر أو مركز الذكاء (Seat of intallingence)، إنه يزودنا بالقدرة على القراءة، والكتابة، والكلام، وإجراء الحسابات، وتذكر الماضي، والتخطيط للمستقبل، والتخيل (Tortora & Grabowski, 2000).
ينقسم المخ إلى نصفين Hemispheres أيمن وأيسر، ويسيطر النصف الأيمن على الجانب الأيسر من حركة الجسم وبالعكس، يرتبط النصفان معاً بواسطة حزمة من الألياف تسمى الجسم الجاسئ Corpus Collosum ، يضطلع كل نصف من القشرة الدماغية بوظائف مختلفة: فالجانب الأيسر مسؤول عن الكلام، والمنطق، والتتالي، والوقت، والتفاصيل، والرياضيات، أما النصف الأيمن فيرتبط بالموسيقى، والفن، والاستجابات الانفعالية الحادة، والحدس، والصور، والتلخيص (Gabriel, 2001). 
يتعامل النصف الأيسر مع الجزئيات في حين يتعامل النصف الأيمن مع الكليات. ويعمل هذان النصفان معاً باتساق في أداء المهمات المختلفة (Sprenger, 2002). ينقسم كلا النصفين أيضاً إلى أربعة فصوص (lobes) هي: 

•    الفصوص القفوية (القذالية) Occipital lobes: تقع في النصف الخلفي للدماغ. وتحتوي على القشرة البصرية، وتعالج المعلومات البصرية. (NVCC psy 201, 2001). 
•    الفصوص الجدارية الخلفية Partial lobes: تقع خلف الفصوص الأمامية في المنطقة العليا الخلفية من الدماغ، تحتوي القشرة الأولية الحاسبة – الجسدية، والتي تتعامل مع الإحساسات الجلدية، وتقوم بمعالجة اللغة أيضاً: (NVCC psy 201, 2001; Jensen, 2000). 
•    الفصوص الجبهية الأمامية Occipital lobes: تقع في مقدمة الدماغ حول الجبهة، تضم القشرة الحركية التي تسيطر على الحركة الإرادية، وتتعامل أيضاً مع القرارات والتخطيط والإبداع وحل المشكلات والمحاكامة (Jensen, 2000; NVCC psy 201, 2001; Chudler's 2002d). أما المنطقة الواقعة في مقدمة الجبهة والتي تسمى ما قبل مقدمية Prefrontal فهي منطقة هامة وتتعامل مع الانفعالات والذاكرة العاملة والانتباه والتعلم (Sprenger, 2002). 
وعلى الرغم من هذا التخصص للفصوص فهناك بعض التداخل ما بين الوظائف، فكل منها قادر على القيام بمعظم المهمات. كما أن الفروق فيما بين الفصوص هو في سماكة وتركيب طبقات الخلية ونوعية الخلايا العصبية المستقبلة والمرسلة (Cardoso, 1997c; NVCC psy 201, 2001; Jensen, 2000). 
- وظائف القشرة المخية: 
•    القشرة الحسية Sensory cortex والقشرة الحركية Motor cortex: 
تعتبر هاتان المنطقتان من المناطق الهامة في القشرة المخية. تعالج القشرة الحسية المعلومات الحسية عن الجسم، تقع أمام الفصوص الجدارية، أما القشرة الحركية فتقع خلف الفصوص الجبهية، وتعالج المعلومات عن الحركة الطوعية. يوضح الشكل رقم (4 : 16) أي الأجزاء من القشرة الحسية والقشرة الحركية مرتبطة مع أجزاء مختلفة من الجسم. (Santrock, 2003). 

•    القشرة الترابطية Association cortex: تنغمر هذه القشرة في الفصوص الدماغية. وتكون أكثر من (75%) من القشرة المخية. إن القشرة الترابطية (تسمى أيضاً مناطق الترابط). هي منطقة من القشرة المخية تدمج فيها المعلومات. وتقوم بالوظائف العقلية العليا كالتفكير، وحل المشكلات. إن التلف في جزء معين من القشرة الترابطية لا يؤدي غالباً إلى فقدان الوظيفة. فباستثناء مناطق اللغة، فإنه يبدو أن فقدان الوظيفة يعتمد أكثر على مساحة التلف أكثر من موقعه. لقد توصل العلماء من خلال تصوير مناطق التلف لدى الأفراد المصابين أن القشرة الترابطية معنية بالوظائف اللغوية والإدراكية. إن الجزء الأكبر من القشرة الترابطية. يقع في الفص الجبهي، تحت الجبهة مباشرة. لا يؤدي التلف في هذه المنطقة إلى فقدان حسي أو حركي. إن هذه المنطقة مرتبطة مباشرة بالتفكير وحل المشكلات. إن التخطيط والمحاكمة غالباً ما ترتبطان بالفص الجبهي. كما ترتبط الشخصية بالفص الجبهي (Santrock, 2003). 

نشاط (6) 
س1: ما القشرة المخية؟ وما هي الأبنية القشرية الرئيسة؟ وما وظائفها؟
س2: ما الأجزاء التي توجد تحت القشرة المخية؟ وما وظائفها؟ 

سادساً: التفاعل بين الجهاز العصبي والجهاز الغدي: 
لقد عرفت إلى الآن بأن الجهاز العصبي المركزي يمكنه أن يؤثر في الجسم ليس بتحريك عضلاته طوعياً فقط، ولكن أيضاً بتحريك العضلات بشكل آلي وبتأثير الجهاز العصبي الذاتي. إضافة إلى أن بعض الأبنية في الدماغ تؤثر في الجسم عنطريق إنتاج (أو تسبب إنتاج) مواد كيماوية معينة. على سبيل المثال، فإن شيئاً ما يحدث في فترة المراهقة يغير جسم الطفل إلى راشد ويغير سلوكات الطفل كذلك. قد يصبح الذكور الهادئون والإناث اللطيفات مزاحيين واندفاعيين، وعنيدين، ومتمردين. 
إن الهرمونات Hormones هي المسؤولة عن جميع ما سبق. إن الهرمونات عبارة عن مواد كيماوية تنتجها الغدد ويمكن أن تعمل كمعدل عصبي مثل النواقل العصبية. ويتم إطلاقها في تيار الدم (Kossylen & Rosenberg, 2004)، وهناك العديد من الغدد الصماء في الجسم تشمل: الغدة النخامية والغدة الدرقية، والغدد جارات الدرقية والغدة الأدرينالية، والبنكرياس، والغدة التناسلية، إن جهاز الغدد الصماء ليس جزءاً من الجهاز العصبي، ولكن هناك العديد من التفاعلات والتداخلات ما بين جهاز الغدد الصماء والجهاز العصبي الطرفي (Eysenck, 2000)، وكلا الجهازين يفرز جزيئات تنشط مستقبلات في مكان ما. والفرق ما بين الجهازين يفرز جزيئات تنشط مستقبلات في مكان ما، والفرق ما بين الجهازين هو في سرعة التأثير، فرسائل الجهاز العصبي تنتقل بسرعة، أما رسائل جهاز الغدد الصماء فتحتاج إلى وقت أطول، ولذلك فإن تأثيرها يحتاج لبضع دقائق بينما لا يتجاوز وقت حدوث ذلك الدقيقة في الجهاز العصبي. ولكن رسائل الغدد الصماء غالباً ما تستحق الانتظار لأن آثارها تصمد فترة أطول من الرسائل العصبية، إن تأثير هرمونات الغدد الصماء تؤثر في الكثير من جوانب حياتنا (النمو، وإعادة الإنتاج, والأيض، والمزاج) وتعمل على توازن كل شيء أثناء استجابتنا للتوتر، والإثارة، وأفكارنا. فعلى سبيل المثال: في لحظة الغضب يأمر الجهاز العصبي الذاتي الغدد الأدرينالية لإطلاق هرموني الايبنفرين والنورينفرين (الأدرينالين والنورأدرينالين)، تزيد هذه الهرمونات من معدل ضربات القلب، وضغط الدم، وسكر الدم، لتزودنا بالطاقة اللازمة. وعندما تنتهي حالة الغضب فإن الهرمونات ومشاعر الإثارة تبقى لبعض الوقت.

الهرمونات: مادة كيماوية تنتجها الغدد وتعمل كمعدل عصبي، وتفرز في تيار الدم ليحولها إلى أعضاء أخرى في كل أنحاء الجسم.

 جهاز الغدد الصماء: مجموعة من الغدد تنتج مواد كيماوية تدعى هرمونات والتي تؤثر على مناطق بعيدة عن الغدد. 

وفيما يأتي إيجاز لبعض تلك الغدد: 
- الغدة الصنوبرية The Pineal Gland: تقع في عمق الدماغ، وتنتج هرمون ميلاتونين melatonin، خصوصاً في الليل. إن هذا الهرمون هام لتنظيم دورة النوم، الاستيقاظ، يزداد مستوى هذا الهرمون عندما يقترب موعد نومنا المعتاد ليلاً، وعندما يقترب موعد استيقاظنا المعتاد صباحاً يقل مستواه (David & Palladino, 2004). 
- الغدة النخامية The Pituitary Gland: غدة بحجم حبة الكرز، وتقع عند قاعدة الجمجمة، وتضبط النمو وتنظم عمل الغدد الأخرى لذلك تسمى أحياناً بسيدة الغدد. أهم جزء فيها هو الجزء الأمامي منها لأنه ينتج أغلب هرموناته يوجه نشاط الغدد المستهدفة في أماكن أخرى في الجسم. ويضبط الهيبوثلاموس هذا الجزء من الغدة النخامية (Santrock, 2003). تفرز الغدة النخامية هرمون النمو سوماتوتروبين Somatotropin والذي يؤثر مباشرة في العظام والعضلات لكي تحدث النمو المفاجئ المصاحب للبلوغ. كما تفرز الغدة هرموناً مثيراً للغدة الدرقية لكي تنظم إطلاق هرمونها الثيروكسين Theroxin. أما الهرمون المنشط لقشرة الغدة الكظرية (فوق الكلوية) (ACTH) Adrenocorticotropic المرتبط بالتعلم والذاكرة، فإنه يجعل الغدد الأدرينالية تفرز الكورتيزول Cortisol، والذي يؤدي إلى تسريع إنتاج الطاقة من الجلوكوز، أثناء التوتر، إن إطلاق هرمونات الغدة النخامية يعكس التفاعل ما بين الجهاز العصبي وجهاز الغدد الصماء (Davis & Palladino, 2004). 

 الغدد النخامية: غدة صماء تقع في الدماغ وتدعى سيدة الغدد لأن إفرازاتها تضبط العديد من الغدد. 

- الهيبوثلاموس: يقع في قاع الدماغ، ويقوم بعدة أدوار منها ضبط عمل معظم الغدد الصماء. كذلك هو المفتاح الرئيسي لمدى واسع من السلوكات المرتبطة بالبقاء، يرسل الهيبوثلاموس إشارة إلى جارته الغدة النخامية لكي تطلق هرمونات لها العديد من الآثار. كما أنها تحتوي مراكز مفتاحية لضبط العدوان (المقاتلة)، والنشاط الجنسي، والجوع (Davis & Palladino, 2004).

الهيبوثلاموس: غدة وتركيب دماغي يرسل إشارات إلى الغدة النخامية ويحتوي مراكز مفتاحية للمقاتلة والقرار، والنشاط الجنسي والجوع. 

نشاط (7) 
س1: هل تعتقد أن هناك صلة ما بين التعرض الطويل للتوتر والتغيرات في جسم الإنسان بسبب عدم التوازن الهرموني؟
س2: هل تعتقد أن هناك أياً من الأجهزة الجسمية، أو أي من العمليات النفسية يمكن اعتبارها مستقلة في وظائفها؟ 
س3: هل يمكنك أن تفكر في مثال جيد يوضح التفاعل ما بين الجهاز العصبي وجهاز الغدد الصماء؟ 


سابعاً: الجهاز العصبي بين الجينات والبيئة: 
الجهاز العصبي نتاج الجينات من جهة والبيئة من جهة أخرى. لقد بات مؤكداً أن جينات الفرد قادرة على أن تؤثر في كل من الدماغ والسلوك، سواء الجين الواحد أو مجموعة الجينات، فالجينات هي التي تقرر البنية الأساسية للدماغ، وهي التي تحدد ما هو الممكن وما هو المستحيل من مثل أن الإنسان لن يطور أجنحة. وأن تغيراً طفيفاً في الجينات يمكن أن تحدث آثاراً عميقة في المعرفة Cognition والسلوك.
هذا من ناحية، من ناحية أخرى، فقد بات مؤكداً أيضاً أن البيئة تشكل الدماغ تركيباً ووظيفة، وتقوم بتشذيب الوصلات العصبية التي لا تعمل جيداً، وتدفع بالدماغ لتكوين وصلات جديدة من خلال الاستجابة للأنشطة المتزايدة. كما أن العديد من جينات الكائن البشري تضبط بفعل البيئة، وتغير من عملياتها اعتماداً على ما يقوم به الفرد. 
إن الأدمغة والأجسام لم تصمم لجميع ما يقوم به الناس في أيامنا هذه وهذا ما يعرض هذه الأدمغة والأجسام للخطر. من الأمثلة على هذه الاستعمالات: تعاطي المخدرات، قيادة السيارة بأقصى سرعة، تناول الكثير من الحلويات، التدخين .... إلخ. (Kosslyn & Rosenberg, 2004). 
معلومات إثرائية. 

  • بدون جينات بشرية لا توجد أدمغة بشرية مخلقة. 
  • وبدون بيئات مناسبة لا توجد أدمغة بشرية مدربة. 
  • وبدون هذه الأدمغة لا فرق بيننا وبين الحيوانات.


الخلاصة: 
1- إن الجهاز العصبي هو دائرة التواصل الكهروكيميائية في الجسم. أهم خصائص الدماغ والجهاز العصبي هي: التعقيد، والدمج أو المعالجة، والقدرة على التكيف، والانتقال الكهروكيميائي. تدعي قدرة الدماغ على التكيف والتغير "بالمرونة". 
2- يحدث تدفق المعلومات في الجهاز العصبي في ممرات متخصصة من الخلايا العصبية، تتضمن هذه الممرات: المدخلات الحسية، والمخرجات الحركية، والشبكات العصبية.
3- ينقسم الجهاز العصبي  إلى قسمين رئيسيين هما: الجهاز العصبي المركزي (CNS)، والجهاز العصبي الطرفي (PNS). يتألف الجهاز العصبي المركزي من الدماغ والحبل الشوكي. يوجد ثلاثة أقسام في الجهاز العصبي الطرفي هي: الجهاز العصبي الذاتي، والجهاز العصبي الجسمي، والجهاز العصبي المعوي. يتألف الجهاز العصبي الذاتي من قسمين رئيسين هما: السيمبثاوي والباراسيمثباوي. 
4- الخلايا العصبية هي خلايا متخصصة في معالجة المعلومات. إنها تشكل شبكات التواصل للجهاز العصبي. تؤدي الخلايا الغروية وظائف الدعم والتغذية للخلايا العصبية، تتكون الخلية العصبية من الأجزاء: جسم الخلية، والشجيرات، والمحور، والأزرار الطرفية، يغلف الغلاف الميليني معظم المحاور ويعزلها ويسرع من انتقال السيالات العصبية. 
5- ترسل الخلية العصبية المعلومات على طول المحور على شبكة نبضة كهربائية، أو أمواج، يطلق مصطلح حالة الراحة على الشحنات السالبة المستقرة للخلية العصبية غير النشطة. عندما تتجاوز الإشارات الكهربائية عتبة التنبيه، تندفع شحنات الصوديوم الموجبة داخل الخلية العصبية. تدعي الموجة الكهربائية الوجيزة التي تندفع إلى أسفل المحور بجهد الفعل. تعود الخلية العصبية إلى حالة الراحة حالما تنتقل أيونات البوتاسيوم الموجبة خارج الخلية. معيدة الخلية العصبية إلى الشحنة السالبة، يعمل جهد الفعل وفق مبدأ: الكل أو لا شيء (لا تتغير قوته أثناء انتقاله). 
6- حتى تنتقل المعلومات من خلية عصبية إلى أخرى فلابد لها أن تتحول من نبضة كهربائية إلى رسالة كيماوية تدعى ناقل عصبي. تصب النواقل العصبية داخل نقطة التشابك (الفجوة التي تفصل ما بين الخليتين) حيث تتلاقى الخلايا العصبية. تصل بعض جزيئات النواقل العصبية إلى مواقع مستقبلات الخلية العصبية المستقبلية، حيث تستثير نبضة كهربائية أخرى. يمكن أن تكون النواقل العصبية إما منبهة أو مثبطة اعتماداً على طبيعة النبضة العصبية. تشمل النواقل العصبية: الاسيتيلكولين، جابا، نوربنفرين، دوبامين، سيروتونين، اندروفين.
7- الشبكات العصبية عبارة عن مجموعات (عناقيد) من الخلايا العصبية التي تترابط فيما بينها من أجل معالجة المعلومات.
8- المكونات الرئيسة للدماغ هي: الدماغ الخلفي، والدماغ الأوسط، والدماغ الأمامي. إن الدماغ الخلفي هو الجزء السفلي من الدماغ. يتكون الدماغ الخلفي من الأجزاء الرئيسية الثلاث: النخاع المستطيل (متخصص في ضبط التنفس والتوازن)، والمخيخ (يقوم بتنسيق الحركات)، والكتلة العصبية أو القنطرة (تنظم في النوم واليقظة).
9- يربط الدماغ الأوسط الأجزاء العليا من الدماغ بالسفلي منه بواسطة مجموعة من الألياف النمطية العصبية الهابطة والصاعدة. يحتوي الدماغ الأوسط التشكيل الشبكي المعنى بالسلوكات مثل: المشي، النوم، الاستدارة نحو صوت مفاجئ، ومجموعات صغيرة من الخلايا العصبية التي تتواصل مع عدة مناطق في الدماغ، يشمل جذع الدماغ معظم الدماغ الخلفي (باستثناء المخيخ) والدماغ الأوسط.
10- الدماغ الأمامي هو المستوى العلوي من الدماغ. الأجزاء المفتاحية للدماغ الأمامي هي: الجهاز الحشوي، الثلاموس، العقد القاعدية، الهيبوثلاموس، والقشرة المخية. إن الجهاز الحشوي ينظم الانفعالات والذاكرة من خلال تراكيبه: الأميجدالا التي تلعب دوراً هاماً في البقاء والانفعالات. وقرين آمون الذي يلعب دوراً هاماً في الذاكرة، يعمل الثلاموس كمحطة ترحيل للمعلومات من أجل معالجتها. تساعد العقد القاعدية في ضبط وتنسيق الحركة الطوعية. يراقب الهيبوثلاموس: الأكل، والشرب، والجنس، كما يوجه جهاز الغدد الصماء من خلال الغدة النخامية؛ كما أنه معني بالانفعالات، والتوتر، والمكافأة. 
11- تكون القشرة المخية معظم الطبقة الخارجية من الدماغ. تحدث الوظائف العقلية الراقية مثل: التفكير والتخطيط في القشرة المخية. ينقسم سطح القشرة المخية إلى نصفين. ينقسم كل نصف إلى أربعة فصوص: الصدغية، الجدارية، الأمامية، والقذالية. هناك تواصل واندماج وتفاعل ما بين الفصوص الأمامية. تعالج القشرة الحسية المعلومات عن إحساسات الجسم. تعالج القشرة الحركية المعلومات عن الحركة الإرادية. تكون القشرة الترابطية الجزء الأكبر من القشرة المخية، وهي هامة لدمج ومعالجة المعلومات، خصوصاً الوظائف العقلية الراقية. 
12- من المهم جداً تذكر أن وظائف الدماغ بشكل عام تتكامل وتتضمن تواصل وترابط ما بين أجزاء الدماغ المختلفة. 
13- تصب الغدد الصماء هرموناتها مباشرة في تيار الدم لتوزيعها في كافة أنحاء الجسم. توجد ثلاث غدد صماء في الدماغ. مما يخلق نوعاً من التفاعل بين الجهاز الغدي والجهاز العصبي، ويشترك الجهاز العصبي وجهاز الغدد الصماء لتكوين حالة داخلية مستقرة في الجسم تسمى الاتزان. 
14- الدماغ تركيبياً ووظيفة نتاج تفاعل الوراثة والبيئة. 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المرجع: محمد عودة الريماوي وآخرون، ،( كتاب: علم النفس العام)، من إصدار دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، الأردن ، عمان، الطبعة الثانية لعام 2006م / 1426هـ

تحميل محتوى الصفحة رجوع