د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

الإدارة الإسلامية Islamic Management

يجب على الدراس لعلم الإدارة أن يتأمل في القيادة والإدارة الإسلامية من جميع النواحي والتفاصيل، لأن قيادة الرسول صلى الله عليه وسلم وإدارته تعد مدرسة يجب علينا التعلم منها.

January 17, 2025 عدد المشاهدات : 154

أسس ومرتكزات الإدارة في الإسلام  Islamic Management

تمهيد:
جاء الإسلام دينا عاما شاملا، حيث احتوى على كل ما تحتاجه البشرية ،ماضيها وحاضرها ومستقبلها وذلك من خلال دستورة العظيم ،كتاب الله العام الشامل المحتوي لكل تفاصيل ودقائق الأمور ،معالجا كافه مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ،فيه من العلوم والمعارف ما يدهش الألباب ويحير العقول ،منه ما اكتشفه العلماء ومنه ما هو مكنون ليبقى يشكل حافزا ودافعها للبشر للمزيد من العطاء والعمل والعلم والمعرفة والتفكر في خلق الله ،ان فيه الحلول الناجعة والوصفات الجاهزة لكل مشاكل الحياة ولكل ما يعترض حياة البشرية من عقبات وصعاب فهو من عند خالق البشر الأعلم بأسرارهم وأحوالهم .
ان مصادر التشريع العظيم في الإسلام وخاصة القران الكريم  وألسنه المطهرة قد احتوت على كل تفاصيل نظم الحياة ومن ضمنها النظم الاداريه والقيادية ،ففيه من التنظيمات الاداريه والقيادية ما يناسب كل زمان ومكان ،بل فيه تفاصيل لمستويات أداريه متقدمه تطمح البشرية المعاصرة الوصول إليها وذلك لان الإدارة الاسلاميه هي إدارة ربانيه خالصة ليس فيها عيب ولا شائبة وفيها الحلول من كل العقبات التي تواجهها الإدارة الحديثة.
قد يتساءل البعض عن سبب بحثنا ودراستنا لموضوع الإدارة علما ان مشكله بحثنا تتمحور حول العسكرية الاسلاميه والأساليب القيادية في ممارستها ،ولكن الجواب سهل وبسيط ، حيث انه من الصعب بل من شبه المستحيل ان ندرس القيادة الاسلاميه ونظمها وفنونها وأساليبها وطرائقها دون أن ندرس الإدارة الاسلاميه ، لان قيادة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) لكل الأمور كانت قيادة أداريه وان أدارته كانت قيادية لذا يصعب فصل القيادة عن الإدارة في الإسلام من جميع النواحي والتفاصيل ،لذا ومن باب توضيح الصورة الاخلاقيه في العسكرية الاسلاميه لابد من دراسة الإدارة في الإسلام والتي كان لها حضور كبير في ممارسه فنون وأخلاقيات العسكرية مبتدئين بأسس ومصادر هذة الإدارة . 


أسس (مصادر)الإدارة الاسلاميه 
التعريف :
لقد أوضحنا وبالتفصيل ومن خلال الأبواب السابق معنى الإدارة وتعريفها وتحديد معناها ولكن يرى بعض الباحثين والدارسين ان يعطي الإدارة الاسلاميه تعريفها الخاص بها ليميزها عن غيرها من أنواع الإدارة وذلك لأنها اتسمت بمميزات ليست في غيرها وقامت على أسس ما قامت عليها إدارة أخرى في العالم ، ويعرفها احد الباحثين الاكارم بأنها :" الإدارة العامة في الإسلام هي تنظيم وإدارة القوى البشرية لتحقيق الأهداف الدولة الاسلاميه في إطار أحكام الشرع " . ويرى ان معاني الإدارة الاسلاميه قد تجلت في الصور التالية :

  • التعاون في الوصول الى حكم الشرع.
  • محاوله كشف الأخطاء الملازمة لإدارة .
  • الوصول إلى الحل السليم فيما يستجد من أمور.

 

تستند الإدارة الاسلاميه الى أسس رئيسيه ثلاثة هي :
أولا:القران الكريم : 
وهو دستور البشرية الخالد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه،وباستعراضنا لكثير من آيات القران الكريم نجد ان فيها مبادئ أداريه لا غنى للإنسان عنها مهما كان نوع المنظمة التي يعمل بها او يرأسها ومهما كان حجمها ، ومن مبادئ الإدارة الاسلاميه التي نجدها في القران الكريم ما يمكن أن نوجزة بما يلي:

أ.الاستقامة :
انه سلوك حسن ومطلب لا غنى عنه للمدير او القائد ، وقد طلبه الله عز وجل من عبادة في آيات كثيرة محكمه ف كتابه العزيز ليكون نهجهم وطريقهم في إدارة مؤسساتهم ومرؤوسيهم ، حيث قال تعالى :(اهدنا الصراط المستقيم)أي المنهج الصحيح والطريق القويم في الحكم والإدارة والقيادة والاقتصاد والمعاملات ....الخ من مناحي الحياة المختلفة .
ب.الاعتدال والوسطية :
انه مبدأ الإسلام الذي إرادة الله لهذة ألامه ، وهو الوسطية والاعتدال وعدم الغلو والتطرف وعدم النزوع إلى التعصب ، ففي الإسلام لا إفراط ولا تفريط ،وفي ذلك يقول تعالى :"وكذلك جعلناكم أمه وسطا " ،البقرة 143 .
ج.الخشية من الله ومراقبته في السر والعلن :
وهو خلق يولد في نفس الإنسان المسلم حسن أداء العمل وإتقان الواجب والبعد عن الغش والخداع والتدليس والكذب والمراوغة لأنه يعلم انه سوف يحاسب على عمله أمام الله عز وجل ، قال تعالى :" الذين ظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون " البقرة 46.
د.معرفه المرؤوسين ومحاسبتهم حسب أعمالهم :
انه مطلب هام من مطالب الإدارة المعاصرة ، وهو ما يسمى (وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ) واستخدام الكفاءات القادرة النشيطة الفاعلة وذلك لزيادة الإنتاج وضمان إتقان العمل ،أضافه الى ان المدير الناجح هو الذي يعرف أفراده ولا يكلفهم ما لا يطيقون ويحترم قدراتهم وطاقاتهم وينمي مواهبهم ويتعامل معهم على هذا الأساس ،قال تعالى :" لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )البقرة 286.

هـ .الإخلاص وأداء الامانه :
   قال تعالى :"ان الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات الى أهلها "النساء 58،ان أداء العمل بإتقان والإخلاص فيه هو أمانه واجبه على العامل والمدير والمسؤول والقائد بغض النظر عن موقعه ومركزة الوظيفي لان قاعدة الإسلام هي "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " وإتقان العمل والإخلاص فيه تعود منفعته على الجميع على المدير والعامل من خلال زيادة الإنتاج وتحقيق المزيد من المنفعة سواء كانت منفعة ماديه ام معنوية .
و.العدل:
قال تعالى :" وإذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل " النساء 58، إنها صفه هامه لا غنى للمدير او القائد عنها وهي معامله أتباعه بالعدل وعدم التمييز بينهم لان في ذلك طمأنينة لنفوسهم واستقرارهم في أعمالهم وفيها احترام وتوقير لهم وهي من الأسس الهامة التي ركزت عليها الإدارة الحديثة .  ز.الشورى وأخذ الرأي :
أثبتت الدراسات الاداريه بان أفضل أنواع الإدارة والقيادة هي الإدارة الشوريه الديمقراطية التي يتطارح فيها الرئيس والمرؤوس الآراء وصولا إلى القرار الصائب الناجح الذي يساعد على تحقيق الهدف بأقل التكاليف وبأقصر الطرق ، وقد جاء القران الكريم بهذا المبدأ الإداري القيادي بقوله تعالى :" وشاورهم في الأمر " ال عمران 159، وكذلك في قوله تعالى:" وأمرهم شورى بينهم " .
ح.الرحمة ولين الجانب :
ما أعظم هذة الصفة وما أروعها ،ان العملية الاداريه تتطلب لين الجانب والبعد عن الغلظة والجفاء ،فلا يجدر بمن حمله الله مسؤوليه العباد ان يعيش بعيدا عنهم مجافيا لهم ،بل لابد من التقرب إليهم وملاطفتهم والسؤال عن أحوالهم العائلية والاسريه والمادية والصحية ، وفي ذلك زيادة للمحبة والتالف، قال تعالى :"ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " الأعراف 35 .
ط.التواضع :
إن الرحمة تقود الى التواضع ،فالقائد صاحب القلب الرحيم اللين الجانب يكون متواضعا لموظفيه ومرؤوسيه وعماله يجالسهم ويخالطهم ويشاركهم أفراحهم وأحزانهم ، وهذا ما جسدة القائد العظيم محمد (ص) وسنشاهد ذلك بوضوح عند حديثنا عن مبادئ الإدارة في السنة المطهرة .
ي.الكفأة
  لا شك أن هذا المبدأ هو سبب تقدم وتطور وازدهار المنظمات والأعمال ، والكفاءة اليوم هي عنصر هام من عناصر الإدارة المعاصرة لان عالم الأعمال اليوم لا يقوم الا بإتقان الأعمال من خلال الخبرة والمعرفة والثقافة والتخصص فيها ، وقد ركز ديننا الحنيف على أن يكون الشخص قادرا كفؤا في إنجاز عمله حيث يقول تعالى : " ان خير من استأجرت القوي الأمين " .
ك.الأجر على قدر العمل :
هذا ما بدأت تنحو إليه الإدارة الحديثة ، وهو مبدأ الثواب والعقاب والمكافأة حسب النشاط في العمل وبقدر الإنجاز الذي يتحقق ، ولهذا المبدأ في ديننا الحنيف حضور كبير من خلال الآيات العظيمة في كتاب الله العزيز ومنها قوله تعالى :"ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون " الاحقاف 19.

 

ثانيا :السنة النبوية المطهرة :
إنها المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام ،حيث  جاءت مفصله وموضحه لكثير من الأمور التي تحدث عنها القران الكريم بشكل عمومي ،والإدارة الإسلامية  لها نصيب عظيم في السنة المطهرة تفصيلا وتوضيحا ويكفي ان نعلم ان الإداري الأول والقائد الأول في الإسلام هو محمد (صلى الله عليه وسلم) خير البشر وأفضلهم على الإطلاق الذي علمه ربه فأحسن تعليمه .

جاءت السنة النبوية المطهرة بالكثير من المبادئ والأسس الاداريه والأساليب القيادية التي تطمح لها الإدارة الحديثة وتسعى للوصول إليها ، ويمكن ان نتلمس منها المبادئ التالية :
1.الشعور بالمسؤولية وأهميتها :
حددت السنة النبوية مسؤولية القائد والمدير وبينت اهميه هذة المسؤولية وقيمتها الدنيوية والأخروية وبأنها مناط الحساب والسؤال من قبل الله عز وجل، قال ص: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته "لذا فان الرئيس ومما كان نوع رئاسته ،سواء رئيس الدولة او رئاسة الرجل لأهل بيته أو مسؤولية المرأه على أسرتها او مسؤولية العبد في مال سيدة كلها مسؤوليات توجب الشعور بأهميتها وإخلاص فيها .
2.الإخلاص في العمل وإتقانه :
من مبادئ الإدارة الحديثة :الدقة والإتقان والإخلاص في العمل من اجل تحقيق أفضل الأرباح  وأعظم الإنجازات بأقل التكاليف والخسائر ، وهذا المبدأ هو خلق إداري إسلامي أمر به الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم ، حيث قال (صلى الله عليه وسلم) :" من غش فليس منا " ،فالغش أمر من الأمور المرفوضة المكروهة المنبوذة في الإسلام لأنه يفسد العمل ويخرب العلاقات الانسانيه والانتاجيه معا، قال (صلى الله عليه وسلم) :" ان الله يحب اذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" وقال (صلى الله عليه وسلم) :" ان الله يحب من العامل إذا عمل أن يحسن " رواة البيهقي ،ورواة ابو يعلى والعسكري ، والإخلاص أيضا في تولي مسؤوليه الأفراد أمر حضت عليه السنة المطهرة وحذرت من التفريط فيه ، قال (صلى الله عليه وسلم) :" أيما رجل استعمل على عشرة أنفس علم ان في العشرة أفضل ممن استعمل ،فقد غش الله وغش رسوله وغش جماعه المسلمين " رواة أبو داوود الترمذي والحاكم واحمد بروايات مختلفة .
3.الامانه :
  انه خلق عظيم وتطبيقه في مجال الإدارة أعظم لان الشخص الأمين الصادق هو عون للمؤسسة او المنظمة وهو رافد من روافد العمل الإداري الناجح ، ويدخل في نفس الرئيس الطمأنينة من ناحية مرؤوسه الأمين ، وفي هذا الإطار يقول (صلى الله عليه وسلم) :" أعبد الله كأنك تراة فان لم تكن تراة فأنه يراك " رواة مسلم ،فمن علم أن الله يراقبه أصلح عمله وأتقنه . 
4.الكفاءة :
  وهو من أهم مبادئ الإدارة الحديثة حيث تسعى النظم الاداريه المعاصرة الى البحث عن الرجل المناسب ليوضع في المكان المناسب من خلال توافر شروط معينه وصفات خاصة فيه تساعدة وتساعد إدارته على النجاح في العمل وتحقيق أفضل معدلات التفوق والتطور الإداري .
والإسلام لم يغفل عن مبدأ الكفاءة بل انه سبق الانظمه الاداريه الحديث إليه حيث كان (صلى الله عليه وسلم) يستخدم ويستعمل القوي الأمين الشجاع الذي يخاف الله ويتقه ،العادل ،الصادق صاحب الاستقامة ، المتمتع بالخلق القويم وسعه العلم والجدارة والنزاهة ، ولم يكن يولي أحدا إلا بعد استيثاقه من توافر هذة الصفات فيه .
5. القيادة الشوريه :
   طبق النبي (صلى الله عليه وسلم)الأسلوب الاستشاري في قيادة الدولة ،حيث كان يشاور أصحابه من أهل الرأي والحكمة وأصحاب العقل والعلم ويأخذ برأيهم في كثير من الأمور ، فقد شاور أصحابه بأسرى بدر وأخذ برأي أبي بكر 
بافتداء الأسرى وكذلك استجاب لرأي الاكثريه من الصحابة في الخروج يوم احد ، واخذ (صلى الله عليه وسلم) برأي سعد بن معاذ وسعد بن عبادة عندما أشاروا عليه بعدم مصالحه رؤوسا غطفان ، والامثله كثيرة من سيرته العطرة عليه أفضل الصلاة وأتم التسيلم  ،وتشير الدراسات الاداريه الحديثة الى  ان أفضل أنواع الإدارة والقيادة هو الإدارة الشوريه التي كان يطبقها (صلى الله عليه وسلم) .
6.تقسيم العمل :
ان تقسيم العمل وتخصيص الواجبات وتحديد المسؤوليات هو عمل إداري ناضج متطور لأنه بغير ذلك تدب الفوضى في أوصال الجهاز الإداري فعندها لا يعود احد يعرف واجبه ومسؤولياته مما ينعكس سلبا على الأداء والإنتاج ، ورسولنا الكريم عليه السلام كان يخصص الواجبات ويقسم العمل على أصحابه ليقوم كل واحد منهم بواجبة خير قيام ومن أمثله ذلك هو كتاب الوحي الذين كان عددهم حوالي (42) كاتبا ، وكان كل واحد منهم له عمل مختلف عن الأخر يؤديه ويقوم به .
7.العدالة بين المرؤوسين:
من أسس الإسلام العظيمة ومن مبادئه القويمة وهو مبدأ هام من مبادئ الإدارة ،حيث ان العدالة بين المرؤوسين تحقق نتائج مذهله في الأداء حيث ترتفع معنويات العاملين ويقبلون على العمل بمحبه وشغف ويشعرون ان حقوقهم محفوظة وبان هناك من يرعاها ويصونها لهم، وبان المجتهد سوف ينال نصيبه وان حق لن يضيع ، قال (صلى الله عليه وسلم) :"من ولي من امر المسلمين شيئا فأمر عليهم أحدا محاباة فعليه لعنه الله ، ولا يقبل منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم " أخرجه الحاكم وصححه .
8.الاهتمام بالمرؤوسين :
  اهتم الرسول (صلى الله عليه وسلم) – الإداري الأول  - بحاجات عماله ومرؤوسيه وقادته الروحية والنفسية والجسدية والمادية ،وذلك لكي يعطي ويبذل أقصى ما عندة من طاقه ولتكون نفسه مرتاحة مطمئنه على أهله وماله وولدة حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) :"من ولي لنا عملا وليس له منزل فليتخذ منزلا أو ليس له زوجه فليتزوج أو ليس له دابة فليتخذ دابة   " ، وقال أيضا :" من كان لنا عاملا ولم يكن له مسكن فليتخذ مسكنا " رواة أبو داوود ،وهذا ما تسعى إليه النظم الاداريه الحديثة من حيث توفير المسكن المناسب للموظفين وإعطاء الضمان الاجتماعي والتامين الصحي والرعاية الاسريه والاجتماعية لهم ولعائلاتهم ، ونرى ان الإسلام قد سبق هذة النظم بمئات السنين في تحقيق وتطبيق أغلى أمنيات الفرد في مجال الإدارة والأعمال .
9.طاعة الرئيس واحترامه :
لان فيها دوام للعمل  واستمرار للعطاء والإنتاج ،فالإسلام لم ينظر الى الصور والأشكال بل انه نظر الى العقل والفكر والقلب ومحتواهما ،وأمر بطاعة الأمير والمدير والرئيس والقائد مهما كان لونه او شكله ما دام يطيع الله ويخافه،قال (صلى الله عليه وسلم):" اسمعوا وأطيعوا ولو أمر عليكم عبد حبشي رأسه كزبيبه " .

ان ما سبق ذكرة من مبادئ الإدارة في القران الكريم والسنة المطهرة هو فيض من غيض وقليل من كثير يصعب على المرء الاحاطه به لأنها كلمات الله التي وسعت كل شيء وكلمات رسوله الكريم التي جاءت مفصله لكل نواحي الحياة الانسانيه .
  فالإدارة الاسلاميه هي إدارة عصريه متطورة ذات نظرة مستقبليه ثاقبة،لان الإدارة الحديثة تسعى جاهدة لتطبيق ما نجحت بتطبيقه الإدارة الاسلاميه على يد القائد الإداري الأول محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي كان يتلقى التوجيهات من لدن رب العالمين الذي أحاط بكل شيء علما ،فكيف يعتريها النقص او التقصير ،ان مبادئ الإدارة الاسلاميه هي عبارة عن دساتير ونظم أداريه دائمة متجددة لا غنى للإدارة العصرية عن الاسترشاد  والاهتداء بها  مهما تطورت وتحدثت  .


ثالثا :الاجتهاد:
ان الاجتهاد رحمه للامه وبيان لقيمتها وأهميتها كأمه متجددة متطورة تجاري تطور الزمان واختلاف العصور والأيام ،ان الاجتهاد هو مصدر الأحكام التي لم يرد فيها نص في كتاب او سنه وهو المنقذ للامه مما قد يشكل عليها من مسائل وقضايا مستجدة وحديثه لم تكن في زمن الإسلام الأول .
  والإسلام هو دين الإدارة والسياسة والحكم والاقتصاد والاجتماع والفلسفة فهو دين شامل ليس فيه نقص او قصور ولكنه يحتاج الى براعة التحليل والتصدي من قبل علماء ألامه ومفكريها للبحث والدراسة واستخلاص عظمه الإسلام من خلال النصوص الكريمة التي احتوت على كل المفاهيم والمعاني المتطورة للنظم الاداريه والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وغيرها .
  ان خلفاء وحكام المسلمين قد طبقوا في ولاياتهم وأحكامهم ما وسعهم من المبادئ والأساليب الاداريه التي كانت تفرضها الظروف ومستجدات الأيام وتغير المواقف والأزمان .
من خلال ما سبق يمكن التوصل الى المبادئ العامة في التنظيم الإداري الإسلامي والتي يمكن تلخيصها بأربع مبادئ أساسيه :

1.المساواة :
  لقد اقر الإسلام هذا المبدأ ومنع التمييز بين الناس على أساس العرق او الجنس او اللون ،انما جعل مقياس المفاضلة بينهم هو التقوى ،قال تعالى :" ان لكرمكم عند الله اتقاكم " الحجرات 13، ويكفي ان نعلم ان رسول الله قد قال في حق سلمان الفارسي :" سلمان منا ال البيت " لندلل على ان الإسلام ليس فيه احمر ولا ابيض ولا عربي ولا أعجمي فالناس فيه سواسية كأسنان المشط ، وهذا المبدأ يجعل الأفراد في الدولة مرتاحوا البال مطمئنين على ان حقوقهم محفوظة وان الجزاء والعطاء بمقدار البذل والعمل ،عندها تسير الأمور الاداريه وفق منهجيه سليمة يثاب فيها المحسن ويعاقب فيها المسيء .
2.العدل :
ان المدرسة الاداريه في الإسلام قامت على أساس من العدالة والإنصاف وقد تم تطبيق ذلك نظريا وعمليا ، والشواهد على ذلك لا تعد ولا تحصى ، وذلك تطبيقا لأمر الله ورسوله، حيث قال تعالى :" وإذا حمكتم بين الناس ان تحكموا بالعدل " النساء 58،وقال نبيه الكريم :" ان المقسطين عند الله  على منابر من نور والذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا " ،بل ان مخالفه هذا المبدأ في الإسلام يترتب عليها الجزاء والعذاب من الله حيث يقول تعالى :" وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " الشعراء 227، هذا وقد أدركت المدارس الحديثة في الاداره  أهميه العدل وبدأت تعتبرة جزاء من مبادئها كما هو الحال في مدرسه (فاويل ) العلمية في الغدارة ، وكذلك السلوكيون الذين اهتموا به وطبقوة على العاملين في الإدارة لأهميته .
3.الشورى :
لا يستطيع احد ان ينكر دور الشورى وأهميتها في استخلاص الرأي الامثل والأفضل والاصوب من بين الآراء الكثيرة والمختلفة ، وهي بلا شك سبب رئيسي من أسباب نجاح القادة والمدراء ،وقد أدركت الأجهزة الحديثة أهميه الشورى والاستشارة فوضعت وصممت أجهزة مختصة ودوائر مستقلة مهمتها فقط تقديم المشورة والرأي ،وقد سبقت الإدارة الاسلاميه الإدارة الحديثة في هذا أمر حيث أمر الله سبحانه وتعالى بالشورى حيث قال سبحانه :" وشاورهم في الأمر "آل عمران 159،وطلب أيضا ان يكون أمر الناس شورى بينهم فقال سبحانه :" وأمرهم شورى بينهم " ،وقال ص:" ما خاب من استخار ولا ندم من استشار ولا عال من اقتصد " ، وهذا يدلنا على أهميه التشارك في الرأي لأنه لا ينتج إلا خيرا.
4.الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
  ان سيادة السلوكيات المستقيمة والصحيحة في المجتمع وانتفاء الأخلاقيات السيئة هو أساس قيام الدولة بواجبها خير قيام وهو من أهم أسس نجاح الإدارة ،لأنه يدفع بالجميع إلى المراقبة الذاتية أولا والخوف من الله ،  وكذلك إنجاز الأعمال والواجبات بأمانه وإخلاص وتكون نتيجته الوقاية من الانحراف لا بل اجتثاثه من جذورة ،وقد أمر الله سبحانه بتطبيق هذا المبدأ في كتابه العزيز ، حيث قال :" كنتم خير أمه أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله "  آل عمران 110 ،وهو خطاب موجه للامه كلها لتقوم بواجبها في النصح والتناصح ومنع قيام المنكر وترسيخ المعروف وبنائة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع: طشطوش، هايل عبد المولى، كتاب: أساسيات في القيادة والإدارة، النموذج الإسلامي في القيادة والإدارة، دار الكندي للنشر والتوزيع، إربد- الأردن ، الطبعة الأولى لعام 2008 .

تحميل محتوى الصفحة رجوع