د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

الملاحظة الصفية مهاراتها وأدواتها

إن الهدف من هذا المقال هو تزويد المشرفين (ومديري المدارس وربما المعلمين) بالمهارات والأساليب التي تجعل من الملاحظة الصفية خبرة تعلمية ونشاط نمو مهني في غاية الفائدة للملاحَظ والملاحِظ.

April 18, 2024 عدد المشاهدات : 7203

تمهيد
إن الهدف من هذا المقال هو تزويد المشرفين (ومديري المدارس وربما المعلمين) بالمهارات والأساليب التي تجعل من الملاحظة الصفية خبرة تعلمية ونشاط نمو مهني في غاية الفائدة للملاحَظ والملاحِظ.
إن إجادة مهارة الملاحظة تفيد من عدة جوانب:
• تعين المعلمين على فهم تدريسهم بشكل أفضل.
• تفيد المشرفين (ومديري المدارس) على التفسير الأفضل لسلوك المعلم التدريسي لتقديم المساعدة المناسبة.
• تفيد المعلمين على تطوير قدرتهم على تحليل سلوك الطلاب وتفسيره بما يفيد في تطوير الأداء الصفي للمعلم.
من المسلمات الأساسية أن الملاحظة الصفية مهارة يمكن تعلمها، فهي ليست موهبة فقط. ومن المهم التنبيه على أننا لا نهدف إلى الإحاطة بكل أدوات الملاحظة، بل المقصود تقديم نماذج والتزويد بقواعد عامة في الملاحظة لتمكين الملاحظ، مشرفا كان أم معلمًا من تخطيط ملاحظته بنفسه وملاحظة أنشطة صفية أخرى متنوعة. مع الحرص على تقديم أدوات وطرق الملاحظة البسيطة والخالية من التعقيد، بحيث يمكن للمشرف، عند إتقانها وإدراك فائدتها، تصميم أو استخدام أدوات أكثر تعقيدًا.
الملاحظة الصفية
تعد الملاحظة الصفية من الممارسات الإشرافية المهمة، التي لا يستغني عنها المشرف حال رغبته في إعطاء تحليل دقيق لأداء المعلم الصفي سعيًا للتخطيط للتطوير. كما أنها مهمة ومفيدة للمعلم نفسه، إذ بوساطتها -سواء قام بها هو أو زميل آخر أو مشرف تربوي- يمكن للمعلم أن يحصل على تغذية راجعة مهمة لتطوير أدائه؛ فالفصل هو مجال عمل المعلم الرئيس، وهو المكان الذي يحدث فيه أكثر السلوك التعليمي، وهو أيضًا المكان الذي تصمم فيه غالب المواقف التعليمية ويحدث فيه التفاعل بين الطلاب، وبينهم وبين المعلم، وتظهر فيه طرق التدريس التي يستخدمها المعلم. لذلك فإنه إذا أريد اختيار أفضل مكان ليتركز فيه تطوير أداء المعلم فالصف الدراسي هو الأفضل. فكل أنشطة النمو المهني الأخرى تسعى في النهاية إلى تطوير أداء المعلم الصفي. وكثير من هذه الأنشطة يجب أن تخطط بناء على المعلومات التي تستقي من الصف الدراسي. لأجل هذا كانت الملاحظة الصفية ممارسة إشرافية لا غنى عنها لتطوير أداء المعلم. لأجل هذا كان لزامًا على المشرف التربوي إتقان أساليب الملاحظة الصفية ومهاراتها.
تعريف الملاحظة الصفية 
تعرف الملاحظة الصفية بأنها النشاط الذي يقوم به المشرف التربوي لرصد سلوك المعلم والطلاب في الفصل ووصفه وتسجيله بشكل موضوعي ودقيق. فهو نشاط يقصد به وصف السلوك الصفي وتوثيقه بطريقة منظمة. فليست الملاحظة الصفية عملية عشوائية يسعى فيها الملاحظ إلى تتبع الأخطاء وملاحظة الزلات أو تسجيل انطباعات عابرة، بل هي أعمق من ذلك وأكثر تنظيمًا.
أخطاء حول الملاحظة الصفية
يشيع في البيئة المدرسية عدد من الأخطاء في مفهوم الملاحظة الصفية، منها:
• الملاحظة الصفية تصيد للأخطاء، وهذا غير صحيح، بل الملاحظة الصفية عملية ترمي إلى رصد السلوك المعتاد لتحليله والاستفادة منه.
• الملاحظة لا تحتاج إلى إعداد وتخطيط، بل تكفي خبرة الملاحظ، وهذا غير صحيح فالملاحظة -كما سيأتي- خبرة تعلمية لجميع أطراف الملاحظة، وهي عملية منظمة تحتاج إلى تخطيط مشترك من المعلم والملاحظ.
• الملاحظة تنتهي بخروج الملاحظ من الفصل، ويبقى فقط إعطاء التوجيهات.
• المشرف التربوي فقط هو من يقوم بالملاحظة. وهذا أيضًا خطأ يقع فيه بعض المشرفين. والصواب أن الملاحظة جزء من عملية أكبر، وهي عملية تحليل أداء المعلم بقصد تطويره. فالمعلومات التي تجمع خلال الملاحظة تحتاج إلى تفسير وتحليل بالتشارك مع المعلم حتى يستفاد منها في عملية التطوير.
أهداف الملاحظة 
لتحديد أهداف الملاحظة ينبغي الإجابة عن السؤال الآتي: لماذا تؤدي عملية الملاحظة؟
هدف الملاحظة الصفية هو الحصول على معلومات دقيقة ومفصلة وبشكل علمي موضوعي عن سلوك المعلم داخل الصف. فالهدف هو الحصول على معلومات وبيانات، وليس الأخطاء، وإن كانت الأخطاء -بعض الأحيان- جزءًا من المعلومات. وهذه المعلومات يجب أن تكون دقيقة وليست عبارات عامة ومجملة. كما يجب أن ترصد بأسلوب علمي موضوعي بحيث لا تكون مجرد انطباعات أو آراء للملاحظ. والغاية من هذه العملية تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة:
الأول:
مساعدة المعلم على رصد ومعرفة سلوكه التدريسي. فالمعلم يتخذ قرارات كثيرة أثناء التخطيط للدرس وأدائه، مثل تحديد أهداف الدرس، وتحديد أنشطته واختيار الوسائل، ووضع أساليب التقويم المناسبة، وغير ذلك كثير. وهو غالبا ما يفعل هذه الأشياء بطريقة لا شعورية، استجابة للمتطلبات المتسارعة للتدريس، مما قد يدخلها ضمن قائمة الأعمال الرتيبة والروتينية التي يقوم بها المعلم. فالملاحظة الصفية تقود المعلم للتوقف وطرح الأسئلة عند مثل هذه القرارات ليتساءل هل أنا فعلًا أقوم بالعمل بهذا الشكل؟ أو هل من الضروري أن أقوم بالعمل بهذا الشكل؟ هل هذه الطريقة تحقق الهدف الذي أسعى له؟ ونحو ذلك من الأسئلة. مثل هذه التساؤلات في الملاحظة الصفية تساعد على الاتخاذ الواعي للقرارات. فالملاحظة الجيدة تساعد المعلم على أن يكون معلمًا تأمليًا. فالهدف هنا هو عرض سلوك المعلم التدريسي أمامه ليتأمل فيه. وتشير البحوث التربوية إلى أن سلوك المعلمين التدريسي يتغير عندما يوصف لهم أداؤهم في الفصل بشكل دقيق.
الثاني:
الخروج بمؤشرات أدائية تساعد على تشخيص الأداء أو تحليل التدريس. فمن أهداف الملاحظة العامة ربط المعلومات الكمية التي تنتج من اختبارات الطلاب بالتدريس الصفي. فمثلا عند ملاحظة تدني مستوى الطلاب في اللغة الانجليزية، يقوم المشرف بالملاحظة الصفية محاولا إيجاد سبب هذا الضعف، فقد يجده في طريقة التدريس غير المناسبة، أو سوء إدارة الصف، أو ضعف وسائل إثارة الدافعية، أو غير ذلك، ويناقش ذلك مع المعلم، للوصول إلى وسائل علاجية( ).
الثالث:
تحديد جوانب القوة في الأداء التدريسي، والجوانب التي تحتاج إلى تطوير. وهذا هدف تطويري عام بحيث يستعرض المعلم، -وربما يشاركه المشرف- جوانب القوة والضعف في تدريسه من خلال تتبع سير أدائه - جزئيًا أو كليًا- في الصف.
مجالات الملاحظة الصفية
هناك - بشكل عام- ثمانية مجالات للملاحظة الصفية، وهي ( ):
1- البيئة التعليمية في الفصل.
2- إدارة الصف.
3- وضوح الدرس.
4- تنوع أنشطة التعلم (الفروق الفردية).
5- تنظيم وانسيابية مراحل الدرس وعناصره وأنشطته [إدارة الدرس].
6- مشاركة الطلاب.
7- تعلم الطلاب.
8- عمليات التفكير العليا لدى الطلاب.
وكل مجال من هذه المجالات يحوي تفريعات كثيرة من الأنشطة التدريسية التي يمكن ملاحظتها وتحليلها والخروج بنتائج تساعد في تطوير الأداء.
إجراءات الملاحظة
وضع الأهداف الخاصة لعملية ملاحظة صفية
تحتاج الملاحظة الصفية إلى تحديد أهداف واضحة، فهي ليست عملًا رتيبًا شكليًا يقصد به المشرف مراقبة ما يجري في الفصل. فأهداف الملاحظة الصفية مهمة لتحديد ماذا يلاحظ؟ وكيف؟ وتحديد هدف (أو أهداف) الملاحظة يمكن المشرف من التركيز على ممارسات تدريسية محددة وتمنعه من التشتت الذي يفقد الملاحظة تركيزها وعمقها، وبالتالي لا يمكن الخروج منها بتفسيرات ذات معان واضحة وعميقة.
فينبغي أن يحدد المعلم مع المشرف الملاحظ ماذا يريد أن يلاحظ، فقد يكون الهدف ملاحظة الجزء التمهيدي من الدرس أو مهارة إلقاء الأسئلة أو مهارة إدارة الصف، أو غير ذلك. فلابد من الاتفاق على مجال تركيز الملاحظة. وقد تكون الملاحظة عامة بحيث يتفق المعلم مع الملاحظ على ملاحظة الدرس كاملًا أو أكثره، لتتبع سير الدرس وعملية الانتقال من مرحلة إلى أخرى. المهم هو ألا يدخل الملاحظ وهو لم يحدد مع المعلم ماذا يريدان بالضبط. فدون وجود أهداف لعملية الملاحظة فإن عملية الملاحظة تجنح -ولابد- إلى أن تكون عملية ملاحظة للأخطاء، لأن الأخطاء بطبيعتها هي التي تجلب الانتباه، وهي- أيضًا- التي يسهل تتبعها.
ولتحديد هذا النوع من الأهداف يجب تحديد المواضع التي يريد فيها المعلم المساعدة( ). ويكون ذلك عادة بعدة طرق:  
1- أن يبدأ المعلم فيطلب من الملاحظ أن يلاحظه في مهارة محددة.
2- أن يعرض المعلم مشكلة تواجهه في تدريسه أو في تعامله مع طلابه، فيقوم المشرف باقتراح ملاحظة مهارات معينة أو جوانب محددة من التدريس لتحديد أسباب هذه المشكلة.
3- أن يتفق الملاحظ مع المعلم بعد ملاحظة شاملة على تركيز الملاحظة على جزء محدد. الشيء المهم في ذلك أن يقتنع المعلم بأهمية هدف الملاحظة وجدواه لنموه المهني.
أنواع الملاحظة الصفية
بشكل عام هناك نوعان من الملاحظة الصفية:
الأول: الملاحظة الصفية الشاملة
وتعنى بتسجيل كل ما يدور في الفصل حسب ترتيبه الزمني، بحيث ترصد ما يدور في الفصل. وهذه الطريقة تفيد في إعطاء صورة عن أداء المعلم بشكل عام ومدى تكامل عناصر التدريس الرئيسة، وقدرة المعلم على الربط بينها، وقد تكون مقدمة لعملية ملاحظة مركزة.
الثاني: الملاحظة الصفية المركزة
وفي هذا النوع لا يهتم الملاحظ برصد كل ما يحدث في الصف، بل يدخل الصف وفي ذهنه ملاحظة جانب معين من الأداء، مثل مهارة إلقاء الأسئلة، أو حفز الطلاب، أو بداية تقديم الدرس (التهيئة). فتتركز ملاحظته على هذا الجانب دون النظر إلى الجوانب الأخرى. وهذا النوع يمكن المشرف من إعطاء معلومات محددة ودقيقة وعميقة عن السلوك الملاحظ.
والتركيز على عنصر واحد من عناصر عملية التدريس يفيد من ناحيتين:
• تحديد مدى الملاحظة وتركيزه 
• إيجاد أداة محددة يركز فيها الملاحظ على جمع المعلومات المركز دون الانشغال بالتقويم أو التفسير للسلوك.
خطوات الملاحظة الصفية
تتم الملاحظة الصفية -عادة- حسب الخطوات الآتية:
1- تحديد أهداف الملاحظة، وفيها يجاب على السؤال: ماذا ألاحظ؟
2- التخطيط للملاحظة بتحديد الخطوات العملية للتطبيق لتحقيق أهداف الملاحظة، وذلك بالإجابة على الأسئلة التالية:
• ما الدرس الذي سألاحظه؟
•كم من الوقت ستستغرقه الملاحظة؟
• متى ستبدأ؟
• ما الأداة المستخدمة؟
هذه الأسئلة يجب أن يجاب عنها بالتشاور مع المعلم.
3- تطبيق الملاحظة، والخروج بالمعلومات المطلوبة.
شروط الملاحظة
• من الشروط المهمة في عملية الملاحظة التأكد من مناسبة الأداة للمعلومات المراد جمعها. فمثلا ليس من المناسب استخدام التسجيل الصوتي لرصد تعاون الطلاب فيما بينهم، إذ إن حركة الطلاب واجتماعهم عنصر مهم لا يكفي عنه سماع التفاعل اللفظي بينهم.
• التأكد من مناسبة الدرس لنوعية الملاحظة أو موضوعها. فدرس القرآن الكريم ليس هو الأنسب لقياس التفاعل اللفظي بين الطالب والمعلم، إذ إن درس القرآن غالبًا لا يظهر فيه هذا الجانب بشكل بارز، فليس هو الدرس المناسب لهذا النوع من الملاحظة.
• التأكد من كفاية الوقت لجمع المعلومات الضرورية؛ فلكي تكون النتائج المبنية على المعلومات صادقة لابد أن تكون كافية، فلا يمكن في ملاحظة استخدام المعلم لمساحة الفصل الاكتفاء بالخمس دقائق الأولى من الدرس، لأن هذه الدقائق غالبًا يكون فيها المعلم واقفًا في مقدمة الفصل يحاول جلب انتباه الطلاب.
• التأكد من كفاية المعلومات المجموعة للحكم على السلوك أو تفسيره. على الملاحظ إذا أراد تفسير سلوك معين أو الحكم عليه ألا يكتفي بمعلومات قليلة عنه، بل يحاول أن يستخدم أكثر من أداء وأكثر من طريقة لضمان سلامة التفسير والحكم. فعدم تفاعل الطلاب قد يرجع سببه إلى تدني مستوى الأسئلة بحيث تركز على الحفظ فقط، أو إلى ضعف مهارات الأسئلة لدى المعلم بحيث لا يعطي وقتًا للطلاب للتفكير، وقد يكون إلى نقص مهارات المعلم في إثارة دافعية الطلاب للمشاركة.
• التأكد من نوعية المعلومات المسجلة، بحيث لا يسجل الملاحظ إلا وصفا، وليس تفسيرًا أو حكما أو انطباعا شخصيًا. فالملاحظة الصفية تهدف إلى جمع معلومات موضوعية، وليس تسجيل انطباعات أو آراء الملاحظ. فانطباعات وآراء الملاحظ قد تسجل لكن ليس على أنها من الملاحظة بل ليستفاد منها في التفسير والتحليل. فعلى الملاحظ أن يتأكد أن ما يسجله إنما هو وصف لما يراه.
أدوات الملاحظة 
أدوات الملاحظة هي الوسائل التي يستخدمها الملاحظ لجمع المعلومات من الصف الدراسي. وقد عرفها جليكمان بأنها «وسيلة لتنظيم وتسجيل أنماط مختلفة من السلوك الصفي»( ). فالملاحظ يدخل الصف بحثا عن معلومات توضح له -بعد تحليلها وتفسيرها- حقيقة ما يجري في الصف. فالملاحظ بعدما يحدد هدف الملاحظة وطريقتها، هل هي عامة أم مركزة، يحتاج إلى أن يحدد الأداة المناسبة التي تجمع المعلومات الكافية. وتتنوع أدوات الملاحظة وتختلف من حيث البساطة والتعقيد. فهناك من الأدوات ما يحتاج إلى تدرب لاستخدامه، ويحتاج إلى جهد في جمع المعلومات وتفسيرها، مثل أداة فلاندرز لقياس التفاعل اللفظي في الصف، والتي تهدف إلى قياس نوعية التفاعل اللفظي بين المعلم وطلابه، بحيث تعطى معلومات مفصلة عن نسبة ونوعية حديث المعلم في الصف ومدى مشاركة الطالب اللفظية في الصف. وهناك أدوات بسيطة يمكن استخدامها دون تدريب كبير ومن السهل تفسير المعلومات التي تنتج منها، مثل أداة تتبع توزيع إلقاء المعلم للأسئلة. والأدوات التي صممت لأجل البحث العلمي غالبًا ما تكون مرهقة وتستهلك وقتًا كبيرًا عند تطبيقها من قبل المشرفين التربويين.
ومع ذلك، يمكن تبسيط هذه الأدوات بحيث يمكن استخدامها لأغراض الملاحظة الإشرافية. وعمومًا، تحدد نوع الأداة بنوع السلوك الملاحظ والهدف من الملاحظة. فأحيانا يحتاج الملاحظ إلى أرقام لتكرار سلوك ما، وأحيانا يحتاج إلى معلومات نوعية تتعدى الأرقام لتصف نوعية السلوك. ويؤكد جليكمان على أن الهدف من الملاحظة هو الذي يجب أن يتحكم في اختيار أداة الملاحظة، ويجب ألا تكون جدة الأداة أو تعود المشرف عليها أو توفرها هو العامل الرئيس في اختيار الأداة.
وبوجه عام، يمكن للملاحظ أن يختار إحدى الأدوات الآتية لجمع المعلومات اعتمادًا على الهدف من الملاحظة ونوعية النشاط الملاحظ على النحو الآتي:
1- الكتابة الوصفية
وتستخدم حينما يود الملاحظ أن يرصد ما يحدث في الفصل، بحيث يقوم الملاحظ بكتابة وصف لكل ما يدور في الصف( ).
2- التسجيل الصوتي
ويستخدم حينما يود الملاحظ أن يسجل ما يدور في الصف تسجيلا صوتيا. وميزة هذا التسجيل أنه لا يترك شيئًا مسموعًا إلا سجله، فلا يفوته شيء ويمكن تكرار الاستماع إليه، لكن عيبه الرئيس أن المحلل قد ينسى السياق الذي حدثت فيه استجابة صوتية ما، فيفوته جانب مهم من جوانب التحليل وتوضيح السلوك.
3- تصوير الفيديو
ويستخدم حينما يود الملاحظ أن يقوم بتسجيل ما يدور في الفصل (أو جزء منه) بالصوت والصورة، بحيث يعيده ويكرره متى ما أراد. ويمكنه تكرار عرض الموقف الواحد وتحليله من عدة جوانب.
وهاتان الأداتان: التسجيل الصوتي والتسجيل المرئي، تجمعان كمية هائلة من المعلومات، وتسجلان السلوك بطريقة موضوعية تمامًا، فلذلك فإنهما تحتاجان إلى أدوات مساعدة لتصنيف ما تم تسجيله من معلومات وتحليله إلى أشكال أكثر بساطة. فلذلك فالمادة التي يحصل عليها الملاحظ من هاتين الأداتين، أقرب إلى المادة الخام التي تحتاج إلى إعادة تصنيع.
4- التسجيل الوصفي لسلوك معين
ويستخدم حينما يكون هدف الملاحظ تتبع جانب واحد من جوانب التدريس أو نشاط من أنشطته، فينشغل بتسجيله وصفيًا كلما حدث. ويتم هذا بعدة طرق منها:
أ- الخرائط البصرية، بحيث يستخدم الرسم بدل الكلمات، فيرسم المعلم شكلا يصور أماكن الطلاب، ويبدأ بتسجيل ذلك السلوك على شكل خطوط أو أسهم أو غير ذلك على تلك الخريطة ( ). ومن الأمثلة على ذلك:
• أداة تتبع توزيع الأسئلة.
• أداة تتبع استخدام المعلم مساحة الفصل.
ب- قوائم التتبع، بحيث يضع الملاحظ فقرات تصف السلوك الملاحظ ويقوم الملاحظ بتحديد مدى تحقيق المعلم لتلك الأوصاف. فالملاحظ فقط يختار حقل (يوجد) أو (لا يوجد). هذه الأداة تحدد ما إذا كان السلوك الموجود في الأداة يمارس أم لا. فيكون هناك ممارسة محددة ودور الملاحظ هو تحديد هل لوحظت أم لا، وقد يكون هناك خيار (غير مناسب) فيما إذا كان السلوك المراد تتبعه لا يناسب النشاط الملاحظ. ويوجد أيضًا حقل لتعليقات الملاحظ. وفي هذا النوع من الأدوات يجب أن يكون وصف السلوك واضحًا ومحددًا، بحيث يسهل رصده.
ويسوق جليكمان المثال التالي لملاحظة عناصر الدرس كما اقترحتها مادلين هنتر Madline Hunter.

العنصر الاستجابة ملاحظات
يوجد لا يوجد غير مناسب
مجموعة الاستكشاف        
تقديم الأهداف        
المدخلات        
العرض (تقديم نموذج)        
التأكد من الفهم        
التدريب الموجه        
التدريب        

 ويؤكد جليكمان على أن خيار (غير موجود) في هذه الأداة لا يعني بالضرورة نقصا في الأداء، إذ إن ذلك قد يكون لأسباب مقنعة. فهنا يأتي دور تفسير المعلومات والحكم عليها.
جـ- المقاييس. بحيث يتتبع الملاحظ سلوك المعلم في جانب من الجوانب، ويحدد درجته. فالمقياس لا يكتفي بتحديد وجود السلوك من عدمه، بل يزيد على ذلك بأن يعطي الملاحظ تقديره لمدى ممارسة المعلم أو إجادته لذلك السلوك.
د- تتبع التكرار يقوم الملاحظ بتتبع سلوك معين يقوم به المعلم داخل الفصل. وحسب جليكمان يمكن تتبع كل أنواع السلوك الصفي بهذه الطريقة. حيث يقسم سلوك المعلم إلى لفظي وغير لفظي، ثم تقسم كل فئة إلى فئات أصغر قابلة للعد، مثل أن يقسم السلوك اللفظي إلى إعطاء معلومات، وطرح أسئلة، إعطاء إجابات، ثناء، وتعليمات، أو تأنيب. والمهم هنا هو أن يقوم الملاحظ بتعريف كل فئة بشكل دقيق. ويكون دور الملاحظ في هذه الأداة هو وضع خط صغير في الحقل المناسب يشير إلى حدوث السلوك.

م إعطاء معلومات طرح أسئلة إعطاء إجابة ثناء تعليمات تأنيب
1            
2            
3            
4            
5            
6            
7            
8            
9            

وبهذه الطريقة يمكن أن يتعمق الملاحظ إلى مستويات أكثر تفصيلا، مثل أن يرصد مستويات الأسئلة (حسب تصنيف مصفوفة بلوم) بحيث يحدد عدد الأسئلة التي يطرحها المعلم في كل مستوى، فيستطيع أن يحسب نسبة كل مستوى.
نماذج من أدوات الملاحظة الصفية
في هذا القسم سوف يكون هناك عرض لعدد من الأدوات التي يمكن أن يستخدمها الملاحظ كما هي أو يطورها لتناسب ملاحظات مشابهة. وما يجدر التنبيه عليه أن هذه الأدوات لا يمكن حصرها لأن بناءها مجال مفتوح للإبداع والتجديد. فكل مهارة يمكن ملاحظتها ومن عدة زوايا.
أداة تتبع مشاركة الطلاب
تساعد هذه الأداة الملاحظ على تتبع نوعية مشاركة الطلاب أثناء الدرس، بحيث يقوم الملاحظ بمسح الفصل كل خمس دقائق ملقيا نظرة على كل طالب لمدة عشرين ثانية وتسجيل نوع المشاركة التي يقوم بها -إن كان مشاركا- أو تسجيله غير مشارك. ويلاحظ أن هذه الأداة تصلح لملاحظة الفصول ذات العدد القليل.

الطالب الوقت
أحمد 8:00 8:05 8:10 8:15  8:20 8:25 8:30  8:35
صالح                
علي                
محمد                
فهد                
أسامة                
أ= مشارك بالاستماع أو المشاهدة
ب = مشارك بالكتابة
ج = مشارك بالحديث
د = مشارك بالقراءة
هـ= مشارك بنشاط علمي
   و = غير مشارك
ز = منشغل
ح= يلعب

تحليل طرح الأسئلة
طرح الأسئلة أسلوب مهم في أداء الدرس وتفعيله. وتستخدم الأسئلة لعدة أغراض، ومع حرص كثير من المعلمين على أن تغطي الأسئلة محتوى الدرس، إلا أنه يلاحظ قصور في شمول هذه الأسئلة المستويات المجال المعرفي من الأهداف. والهدف من هذه الأداة تفحص نوعية الأسئلة التي يطرحها المعلم للتأكد من شمولها لجميع المستويات، ويمكن أن يضاف حقل لمعرفة سلوك المعلم الذي يتلو كل سؤال.

السؤال  تذكر فهم تطبيق تحليل تركيب تقويم
             
             
             
             
             
             

وفي هذه الأداة يمكن أن يضاف حقل لإجابة الطالب بحيث يستطيع الملاحظ فيما بعد تحديد الأسئلة التي أجيب عليها وفي أي مستوى.
أداة قياس مهارات طرح الأسئلة
يقوم الملاحظ في هذه الأداة بتسجيل معلومات عن جوانب أساسية في مهارة طرح الأسئلة. بحيث يحدد مدى توفرها. في حقل (السؤال) يكتب مختصرًا للسؤال.

السؤال وقت الانتظار  التغذية الراجعة استجابة الطالب وضوح السؤال
         
         
         
         
         
         

ملاحظة توزيع الأسئلة
من الملاحظ أن كثيرًا من المعلمين يركزون في طرح الأسئلة على طلاب محددين، وغالبًا ما يحدث هذا دون شعور من أولئك المعلمين، إذ إنهم نتيجة لأسباب عدة قد تكيفوا بصورة مبرمجة على هذه الطريقة في طرح الأسئلة.
في هذه الأداة يضع المشرف شكلا يصور مكان جلوس الطلاب في الفصل، ويقوم بوضع سهم يصور كل سؤال يوجهه المعلم، ويضع عليه رقم السؤال. وبعد تسجيل الأسئلة لفترة من الزمن يتبين بوضوح مدى توزيع الأسئلة على طلاب الفصل. وضع الأرقام يساعد على تحديد ترتيب طرح الأسئلة على الطلاب، بحيث توضح بمن بدأ المعلم وهل هناك توالي في طرح الأسئلة على طالب محدد أو جهة من الفصل.
 ملاحظة طريقة استخدام المعلم لمساحة الفصل
تتمركز حول المعلم، في كثير من الأحيان، في أماكن محددة من الفصل، حيث يقوم -وغالبًا بطريقة لا شعورية- بالتحرك بنمط معين وفي مساحة محددة، مما:
• يقلل من قدرة المعلم على إدارة الصف بالشكل المناسب.
• يحد من الاستفادة من تلك الحركة في زيادة دافعية الطلاب.
• يضعف توزيع أنشطة التعلم.
هذه الأداة تساعد على تصوير حركة المعلم أثناء التدريس. بحيث يقوم الملاحظ برسم خط سير المعلم على النموذج التصويري للفصل.
 يطبق هذا التمرين على مدة زمنية قصيرة، ويمكن أن يكرر أكثر من مرة في الدرس الواحد (في بداية الدرس، وفي وسطه، وفي نهايته). ويلاحظ هل كان هناك اختلاف بين هذه الفترات.
أداة قياس وضوح التدريس:

العنصر موجود  غير موجود ملاحظات
اطلاع الطلاب على أهداف الدرس      
تقديم منظم متقدم للدرس      
تشخيص المعلومات السابقة لربطها بالدرس الجديد      
إعطاء التوجيهات بشكل واضح      
معرفة مستوى أداء الطلاب والتدريس بشكل مناسب لهذا المستوى       
استخدام الأمثلة والعروض للتوضيح        
تقديم ملخص في نهاية الدرس      

خاتمة
إن الملاحظة الصفية المنظمة ضرورية لتطوير أداء المعلم داخل الصف. فهي وسيلة للحصول على معلومات دقيقة وموضوعية عن أداء المعلم، مما يساعد في تحليل الأداء وتحديد جوانب القوة والضعف بشكل علمي، وفي جو من الثقة والإخوة. وهي بهذا خير معين للمشرف التربوي على أداء عمله الأساس، وهو تقديم المساعدة الفنية للمعلم.
 
المراجع
Borich, G. (1999). Observation skills for effective teaching.
Daresh, J & Playko, M. (1995). Supervision as a Proactive
Process: Concepts and case.
Glickman, C. et al. (1998). Supervision of Instruction: A developmental
approach.
G1atthorn, A. (1997) Differentiated Supervision. ASCD
Richards, C. & Lockhar, C.(1996) Reflective Teaching in Second language
Classroom. Cambridge University Press.

تحميل محتوى الصفحة رجوع