طريقة المقابلة في الاتصال
المقابلة من الطرق الاتصالية المنتشرة والمستعملة بين الناس، وتحدث في جميع مجالات الحياة اليومية، ومع جميع الأفراد على اختلاف مستوياتهم واختلاف الوظائف التي يقومون بها. والمقابلة بين الأفراد من الممكن أن تكون المواضيع التي تتناولها متنوعة ومتعددة وتضم جميع النواحي الحياة، ولها أهداف وأغراض التي تسعي إلى تحقيقها والوصول إليها. مع هذا فيجب أن تتوفر في المقابلة بعض الجوانب المشتركة التي تؤدي بالمقابلة إلى تحيق الهدف منها، وهذه الجوانب مثل التفاهم والترحيب والتي تكون بين الطرفين، وتعتبر من العوامل المساعدة التي يكتسبها ويتعلمها أفراد المجتمع، عن طريق الخبرة والممارسة التي يمرون بها في حياتهم اليومية.
وبما أننا بصدد التحدث عن المقابلة الاتصالية والمقابلة بصورة عامة وأهميتها في العلاقات الاجتماعية الإنسانية، يجب أن تقوم بتعرف المقابلة والوقوف على جوانبها ومعانيها المختلفة، وللمقابلة العديد من التعاريف نذكر منها:
1- لقد عرف والتربنجهام Bingham المقابلة بأنها، المحادثة الجدية التي تكون موجهة إلى هدف محدد ومعين، ومجرد للرغبة في المحادثة لذاتها. في هذا التعريف نرى التركيز على عنصرين لهما أهمية خاصة: الأول: يتحدث عن المحادثة بين اثنين أو أكثر الذين يجمع بينهم موقف مواجهة مباشر. وصاحب هذا التعريف يرى أن الاتصال لا يعتمد على اللغة كوسيلة وحيدة للتفاهم بين اثنين، بل أن للصوت وتعبيرات الوجه والنظر، التي تصدر من الفرد في المواقف المختلفة والإيماءات والإشارات والسلوك العام، كل هذه الجوانب تكمل ما يحدث في المقابلة.
أما العنصر الثاني: فيتحدث عن كون المحادثة توجه إلى هدف محدد، وذلك لكون المقابلة تختلف في جوهرها عن مجرد الحديث العادي الذي لا يكون له هدف خاص أو محدد، ومن الممكن أن نهدف منه للوصول إلى لذة من مجرد الحديث مع الآخرين. أما بالنسبة للمقابلة فهي عبارة عن محادثة جدية التي تتجه إلى تحقيق هدف محدد، ولكي تقوم علاقة واتصال بين الطرف الذي يقوم بالمقابلة والطرف الثاني الذي نبحث معه، يجب أن يكون الهدف واضح ومحدد.
2- أما انجلش وانجلش English & Englishفقد كان تعريفهما للمقابلة هو أنها، عبارة عن محادثة موجهة التي يقوم بها فرد مع آخر، أو أفراد مع آخرين، والتي تهدف إلى إثارة معلومات معينة، لكي تستغلها في القيام ببحث علمي أو للاستفادة منها في عملية التوجيه والقيام بالتشخيص لما يعاني منه الفرد، لكي نعطي له العلاج المطلوب والمناسب، ومما مميز هذا التعريف عن تعريف بنجهام، هو القيام بتحديد الأهداف الأساسية التي تسعي إليها المقابلة وهي:
أ. القيام بجمع الحقائق المطلوبة لكي نقوم بالبحث العملي.
ب. الاستفادة منها في عملية التوجيه التي تعطي للطرف الآخر، وعملية التشخيص وإعطاء العلاج المناسب.
3- وهناك تعريف آخر الذي يقول: بأن المقابلة عبارة عن التبادل اللفظي الذي يحدث بصورة مباشرة، أي وجها لوجه بين الشخص الذي يقوم بالمقابلة وبين الشخص الثاني أو الأشخاص الآخرين. هذا التعريف لا يذكر لنا الهدف من المقابلة ويكتفي في تحديد التفاعل اللفظي، الذي يحدث بين أطراف المقابلة، بالإضافة إلى تحديد موقف المواجهة وكيفية حدوثه.
أيضا تعرف المقابلة على أنها: عبارة عن لقاء مباشر الذي يحدث بين شخصين وجها لوجه، وعندما نقوم بالدراسات الإعلامية فإن تحقيقها يكون عن طريق الأسئلة التي يقوم بطرحها السائل، بقصد معرفة رأي من يعطي الإجابة في الموضوع المحدد، أو لكي نكشف عن اتجاهاته الفكرية ومعتقداته الدينية وعلاقاته الاجتماعية والإنسانية، المقابلة في نهاية الأمر تكون "تبادل لفظي" بين السائل والمجيب، أو أنها تكون عبارة عن عملية التي يتم فيها التفاعل الاجتماعي ويحدث الاتصال بين أطرافها المختلفة. والمقابلة يستخدمها الباحثين أو العاملين في علم الاجتماع أو الأخصائيين الاجتماعيين، كما ويستخدمها علم النفس العلاجي والقائمين عليه، حيث نطلق عليها هنا اسم المحاورة العلاجية، وهنا تكون المقابلة "تلقائية" لأن الأسئلة توضع وتطرح حسب عملية توارد الخواطر والأفكار، وذلك لأن ظروفها لم تكن محددة من قبل. أما في علم الاجتماع فإن المقابلة تكون في حالة البحث الميداني محددة منذ البداية كما أن الأسئلة تكون مقننة. وتستعمل المقابلة في التربية، حيث يستعملها المدير مع المعلمين والطلاب لتوضيح الأهداف التربوية، أو حل المشاكل التي تظهر في الحقل أو عندما يحضر معلم جديد للعمل في المدرسة. كما ويستعملها المعلمين مع بعضهم البعض لتوضيح بعض الجوانب التربوية. بالإضافة إلى استعمالها من قبل المعلمين مع الطلاب لحل المشاكل، أو للتوجيه التربوي، والتعليمي. وتستعمل لمقابلات الأهل.
وطريقة المقابلة التي نتحدث عنها تعتبر أداة هامة جدا من أدوات الاتصال التي تستعمل عندما نريد معرفة العلاقة التي تربط بين متغيرين، تماما كما يحدث في المعرفة التي توجد بين الرئيس والمرؤوس، أو العلاقة التي تربط الطالب بالمدرسين، بالاعتماد على ما ذكر، نقول أن المقابلة عبارة عن دراسة استطلاعية ضرورية وهامة التي يجب أن تكون قبل القيام بعملية إجراء البحث في الميادين المختلفة، مثل الإعلام والاتصال، التي تعتبر في الآونة الأخيرة من الميادين المهمة جدا، والتي تلعب الدور الفعال في حياة الأفراد والمجتمعات بصورة عامة، لأن عليها تتوقف العلاقات بأشكالها المختلفة والمتنوعة.
ومن وظائف المقابلة الهامة أنها تعتبر وسيلة لجمع وتسجيل المعلومات من المجال الاجتماعي، لكي تحقق فرض معين بالذات، التي افترض وجوده أو عدم وجوده من قبل، بالإضافة لهذا فنحن نستعمل المقابلة عندما نريد معرفة المعاني غير المفهومة أو الواضحة.
والمقابلة تقسم إلى عدة أقسام، حيث يؤدي كل قسم من هذه الأقسام وظيفة معينة التي لا يمكن أن يقوم بها إلا هو، ومن هذه الأقسام المقابلة الفردية، التي تحدث بين المسؤول أو الأخصائي من جهة، وبين العامل أو المنتفع أو العميل من جهة أخرى. حيث فيها يتم بحث أو تناول أو نقاش مواضيع التي تهم الطرفين أو أحد الأطراف. وفي معظم الأحيان يتم مثل هذا الاتصال لمصلحة العامل أو المنتفع. وبالمقابل توجد المقابلة الجماعية، ومثل هذه المقابلات تتم بين المسؤول أو المدير أو الأخصائي مع مجموعة من العاملين أو المنتفعين، وفيها يتوجب على المسؤول القائم بالاتصال أن يكون شديد الحرص على عدم التحييز لأي فرد من أفراد الجماعة التي يجري معها المقابلة، بخصوص موضوع الذي يهم جميع المشتركين. أما من ناحية غرض أو هدف المقابلة فتوجد: المقابلة الأولى والتي نهتم فيها بالقيام بعملية التعرف على شخصية الفرد أو العميل أو العامل، أي هذا النوع يهتم بعملية توضيح الجوانب المختلفة لما يعاني منه. وهناك المقابلة الدراسية وهي تلك المقابلة التي يقوم بها الباحث أو المتخصص لدراسة أسباب وجود المشكلة التي يعاني منها العميل أو العامل، أي أن هذا النوع يهتم بعملية توضيح الجوانب المختلفة لما يعاني منه هذا العميل أو العامل. وهناك المقابلة الشخصية والتي يقصد بها، ذلك النوع من المقابلات التي تعتني بعملية تشخيص المشكلة التي توجد عند العميل أو العامل والمقابلة من هذا النوع، تهتم بتحليل الأسباب ومحاولة إيجاد الترابط بينها وبين بعضها بهدف القيام بتغيير الموقف الذي يواجه العميل ويعاني منه.
أما المقابلة التي نطلق عليها اسم العلاجية فهي تلك المقابلة التي تهتم في جوهرها على القيام بوضع خطة خاصة ومناسبة للقيام بعملية تنفيذ العلاج المطلوب للشخص الذي يكون بحاجة لمثل هذا النوع من المقابلات.
ولكي نضمن نجاح المقابلة النجاح المطلوب أو الذي نريد الوصول إليه، يجب أن نقوم بالاستعدادات المطلوبة والمناسبة للمقابلة، والتي بدونها من الصعب نجاح المقابلة وهذه الاستعدادات تضم المكان، الذي تجرى في المقابلة، والذي يجب أن تكون له مواصفات خاصة، التي تساعد على نجاح المقابلة وحدوثها بالصورة والشكل المطلوب، ومن هذه المواصفات نذكر الآتية:
أ- أن يكون هذا المكان بعيدا عن جميع الأفراد الذين يتصفون بالفضول وحب الاستطلاع، وذلك لضمان شعور وإحساس الفرد الذي تجري معه المقابلة، بأنه يستطيع التحدث بحرية تامة دون خوف أو تردد.
ب- يجب أن يتصف هذا المكان بالهدوء والبعد عن الضوضاء والتشويش، من أي نوع كان وذلك لضمان عدم التأثير على حديث الفرد الذي نجري معه المقابلة، وبالتالي يؤدي هذا إلى اضطرابه وعدم مقدرته على التحدث بطلاقة.
ج- يجب أن تكون التهوية في هذا المكان كافية وسليمة والإضاءة كذلك، لكي يشعر المتحدث بالراحة أثناء الحديث بالمقابلة، ولكي يستطيع الطرف الآخر الذي يقوم بالمقابلة من معرفة حقيقة الانفعالات والأحاسيس التي تظهر على وجه المتحدث وتؤثر على سلوكه وتصرفاته، بالإضافة لكل هذا يجب أن تكون جلسة هذا الشخص مريحة ومساعدة على التحدث بحرية ودون تعب.
أما الجانب الثاني الذي تضمه الاستعدادات، فهو كون مجرى المقابلة مستعدا لها. وهذا يعني أن على من يقوم بالمقابلة مع شخص معين أن يراعي الجوانب الآتية:
أ- أثناء المقابلة يجب أن لا يكون مشغولا بأي عمل آخر الذي يؤدي إلى عدم التركيز والاهتمام الكافي، بمن نجرى معه المقابلة خصوصا إذا كان الموعد للمقابلة محدد من قبل، وذلك لكي يكون في حالة تفرغ تام للمقابلة، ولكي لا يعطي الشخص المقابل أي شعور أو إيحاء بعدم الأهمية به وبما يقوله.
ب- على مجرى المقابلة والطرف الآخر، القيام بتحديد الهدف الذي نسعى إلى تحقيقه من قيامنا بهذه المقابلة، وهذا التحدث منذ لحظة تعين الوقت لها.
ج- على مجرى المقابلة أن يقوم بعملية مواجهة ذاتية قبل قيامه بالمقابلة، وذلك حتى يعرف ما هي الدوافع الشخصية التي يعتقد أنها من الممكن، أن تؤثر في المقابلة مع هذا الفرد الذي نقوم بمقابلته بمعنى آخر على القائم بالمقابلة أن تكون لديه المقدرة على نقد نفسه، وأن يكون هادئ الأعصاب، لكي لا تتدخل هذه النواحي أو الجوانب الذاتية الشخصية في جوانب المقابلة المختلفة وتؤثر فيها.
أي أن المقصود بالمقابلة من هذا المنطق الذي ذكر حتى الآن، هو أنها عبارة عن تفاعل لفظي الذي يتم بين فردين في موقف يواجهه معين، محدد من قبل أو غير محدد والمفضل أن يكون محددا مع تحضير جميع الجوانب التي تؤدي إلى النجاح في تحقيق الهدف من المقابلة، التي يحاول فيها كل فرد أو طرف القيام بإثارة بعض المعلومات أو التعبيرات لدى الآخر، والتي لها علاقة وثيقة مع خبراته وآرائه ومعتقداته الخاصة والمؤثرة في سلوكه.
وأنواع المقابلات الموجودة والمتبعة كثيرة كما ذكرنا ومنها: المقابلة الفردية التي تجري مع شخص واحد فقط، في مكان خاص ومعين ومحدد من قبل. والمقابلة الجماعية وهي تلك المقابلة التي تحدث وتتم مع أكثر من شخص واحد، في نفس الوقت كما يحدث في المقابلات القبول للجامعات التي يكون فيها تنافس مع أعداد كثيرة من المتقدمين للعمل حيث تجرى المقابلة مع عدد من المتقدمين ويجري المقابلة إما فرد أو عدد من المسؤولين.
كما وهناك المقابلة المقننة، التي نقوم فيها بعملية إعداد وتحضير وتحديد جميع أسئلة المقابلة، قبل القيام بالمقابلات من هذا النوع. وهناك النوع الآخر من المقابلات وهو غير المقنن، والذي نعطي فيها الحرية الكاملة للقائم بالمقابلة لتحقيقه.
ومن المميزات التي تميز المقابلة المحددة (المقننة) التي نتحدث عنها، أننا نستطيع من خلالها أو من خلال القيام بها، أن نتوصل إلى نتائج التي نستطيع أن نقوم بمقارنتها مع نتائج مقابلات أخرى من نوعها لأن الأسئلة التي استعملت فيها هي نفس الأسئلة التي استعملت في جميع المقابلات. وتحت نفس الشروط والظروف التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند القيام بها. هذا يعني أننا نستطيع عن طريق المقابلة، أن نتوصل إلى نتائج التي يمكن القيام بصياغتها صياغة رقمية دقيقة ومحددة. أيضا من صفات هذا النوع من المقابلات أنها تكون موضوعية، وذلك لكون الأسئلة التي استعملت فيها مقننة، لذلك فإن النتائج التي نحصل عليها في معظم الحالات تكون ثابتة، أما إذا كانت الأسئلة المستعمل في المقابلة غير مقننة فمعنى ذلك، عدم قدرتنا على القيام بقياس المستوى الموجود لدى كل فرد، أو عدم القدرة على معرفة الفروق الفردية.
أما بالنسبة للمقابلة المفتوحة التي من الممكن أن تحدث في كل لحظة بين الأفراد، في كل الأماكن والمواقف فإن لها صفاتها ومميزاتها الخاصة، وعلى سبيل المثال فإن التركيز فيها يكون على المغزى والمبنى بصورة واضحة أكثر مما يكون على الفهم الذي نسعى إليه في المقابلة المحددة، وبالإضافة لذلك فإن شكل الإجابة والصورة التي تظهر عليها، هي ليست المهمة، والمهم هو المعنى الذي نصل إليه، حيث يجب عدم أخذ الشكل دون الاهتمام بالمضمون.
هذا يعني أننا نستطيع القول بأن الميزة أو الصفة الظاهرة للمقابلة المفتوحة، أنها تعتبر أقرب إلى الحياة، لأن الإجابة التي تعطي فيها للأسئلة، تكون حرة وغير مصطنعة أو مفتعلة، أيضا المقابلة المفتوحة تشجع على التلقائية والمرونة لدى الأفراد على اختلاف مستوياتهم، وتعمل على إظهار الاستجابة بشكل طبيعي حر.
في كل الأحوال المقابلة بنوعيها الحرة أم المحددة، يجب أن تتوافر فيها بعض الشروط الأساسية والهامة، مثل كون الأسئلة التي تطرح فيها والإجابات التي تعطي، ينبغي أن نتوصل منها إلى الغاية المنشودة. كما ويمكن أن يحقق القصد أو الهدف، عن طريق استعمال اللغة السهلة البسيطة، التي تعبر عن الأسئلة دون أن تكون على درجة معينة من الغموض في التعبير. بالإضافة لذلك يجب أن يعطي السؤال الشعور بأنه طبيعي وعفوي وبعيد عن التحيز والأغراض الخاصة.
بالإضافة إلى ما ذكر عندما نقوم بوضع الأسئلة، يجب أن نهتم بالدقة، وأن تكون مضبوطة وصحيحة، ومستواها ودرجة صعوبتها تطابق مستوى معرفة الفرد وتجربته المباشرة في هذا المجال، الذي نطرح الأسئلة فيه وكل سؤال من هذه الأسئلة يجب أن يتصف بالوضوح المميز. وفي نفس الوقت الابتعاد عن الأسئلة الطويلة والمحيرة والتي تضم عدة أجزاء في نفس الوقت، وتؤدي إلى الوقوع في وضع الذي لا تملك القدرة فيه على الإجابة، لأن الحالة الثقافية والتعليمية لم تراع كما يجب، مما يؤدي عدم قدرة المسؤول وإخفاقه في الإجابة.
وكما أن للمقابلة إيجابياتها وأهميتها، فإن لها أيضا عيوبها وسلبياتها الهامة والمؤثرة في سيرها ونجاها والنتائج التي نتوصل إليها منها. ومن أهم هذه العيوب، كون مجرى المقابلة من الممكن أن يتأثر بمظهر وهيئة الشخص المسؤول الخارجية، وصوته عندما يتكلم أو شكله ومنظره أو التعبيرات والمنطق الذي يستعمله. وهذا التأثير يكون إما بالقبول أو النفور، الأمر الذي من المحتمل أن يؤدي إلى وقوع القائم أو المتوجه بالأسئلة تحت تأثير آراء وأفكار الشخص المسؤول الذي تطرح عليه الأسئلة، واتجاهاته والأسلوب والطريقة الكلامية التي يستعملها، يكون لها الأثر الأكبر على مجرى المقابلة، لأن عدم القيام مسبقا بتحديد معاني الكلمات، ممكن أن يؤدي إلى عدم صدق المقابلة. وذلك لأن مجرى المقابلة من الممكن أن يقوم باستعمال كلمات التي لها معاني لا يفهمها المسؤول، مما يؤثر على نتائج المقابلة الحقيقية والفعلية بسبب عدم موضوعية الكلمات والمعاني المستعملة.
دينامية المواجهة وصعوبات المقابلة
توجد شروط أساسية وهامة التي لها علاقة بدينامية المواجهة أو الاحتكاك المباشر، الذي يحدث بين القائمين على الاتصال الشخصي بالجماهير، الذي من الممكن أن يحدث بصورة مباشرة، وذلك حينما نلتقي مع الجماهير وجها لوجه أو غير المباشر والذي يحدث عن طريق وسيط مثل التلفون أو التلفاز أو الإذاعة.
والمواجهة الفاشلة أو التي تفشل في الوصل إلى الهدف المنشود، تكون في العادة متضمنة بصورة واضحة للعديد من الأسئلة الحرجة، التي تؤدي إلى تحويل المواجهة إلى لقاء جاف وصعب، والذي من الممكن أن تحمل في مضمونها معني التحدي لمن يقوم بالمواجهة، وطبيعي في مثل هذا الوضع أن يحاول القائم بالاتصال والمواجهة، أن يخفف من حدة وصعوبة المواجهة والموقف الذي وصل إليه، بالإضافة إلى محاولة تقليل حرج الأسئلة التي تطرح، ومن حرج الموقف نفسه كتلقائي أو موقف الذي يحدث فيه تبادل لفظي.
والشروط التي تساعد على مثل ذلك، عملية التسلسل المنطقي أو التدرج الذي يجب أن يكون بين الأسئلة، بغية الوصول إلى الهدف المقصود أو المعنى المطلوب. كما ويجب أن تكون الأسئلة التي تطرح مناسبة للمجيب من جميع الجوانب، حيث لا نقوم بطرح أسئلة عن معلومات التي لا تتناسب مع المستوى الثقافي والقدرات العقلية للطرف الآخر المسؤول، كما ويجب أن نمتنع ونبتعد عن طرح الأسئلة التي تسال عن لماذا، بل نقوم بطرح الأسئلة التي تسأل عن كيف؟
ولقد أتضح من نتائج معظم الأبحاث التي أجريت في هذا الموضوع ومجالاته المختلفة، أن المقابلة يوجد فيها موقف اجتماعي، الذي من الممكن أن يؤدي إلى إثارة الحرج والحساسية، وبالإضافة لذلك توجد فيها مواجهة مباشرة، التي تؤدي إلى إقامة علاقة تبادل أو صلة ديناميكية بين طرفي المقابلة، التي يكون لها رد فعلها الخاصة على شخصية الطرف الذي يقوم بالإجابة على الأسئلة، ويجب أن لا ننسى هنا أن للقائم بالاتصال في المقابلة والشخص الذي يقوم بالإجابة، لكل واحد منهما دوره الخاص والفعال في عملية تفاعل ثنائي- الذي يحدث بين دورين يقوم كل واحد منهما في هذه الأدوار "إيجابي وسلبي".
ومن صعوبات الاتصال وعوائقه، التي تظهر وتلعب دورا في منهج المقابلة، تلك الصعوبة التي ترتبط بعملية إعطاء الشخص المجيب إجابات عن الأسئلة التي تطرح عليه وهذه الإجابات غير مطلوبة، أو أن يقوم هذا الشخص بإعطاء معلومات غير مفهومة وغامضة للمستمع أو المستقبل، الذي كرد فعل لها، يظهر عدم المبالاة بهذه الأسئلة وطريقة صياغتها، وذلك عن طريق قيامه بترك الفرصة مفتوحة للإجابات، والذي يعتبر خطوة رد فعل منه على طبيعة الإجابات نفسها، التي يصعب الاستفادة منها أو استعمالها في عملية استمرار المقابلة والتقدم فيها إلى الهدف والغاية المنشودة.
والسائل يجب عليه أن يكون ملتزما بالحياد، لأنه كقائم بالاتصال يحتم عليه موقفه أن يكون أمينا وموضوعيا، دون أن يكون سلبيا أو جامدا، لأن لهذا أثره على مدى سهولة أو صعوبة الاتصال في عملية المقابلة وما تثيره من حساسية وهذا يرتبط بأنواعها المختلفة وبطبيعة المجال التي تجرى فيه، ومن يقوم بوظيفة السائل وهل هو على جانب من المقدرة والقدرات والثقافة التي تمكنه من القيام بعملية الاتصال في المقابلة.
ومن الشروط التي يجب أن تتوافر في أسئلة القائم بالاتصال، خلوها من أي عنصر أو رمز من رموز الإيحاء الذي يؤدي إلى معرفة الإجابة، أو يعطي الإيحاء بإجابات معينة أو محددة التي من الممكن أن تظهر على ملامح السائل التي تكشف عن الموافقة أو عدم الموافقة، وفي نفس الوقت يجب أن لا تكون ملامحه جامدة أو سلبية، أي أن الاتصال الشخصي الذي يحدث في المقابلة هو بمثابة سلوك صعب وليس ذلك الأمر السهل، الذي يمكن إنجاحه دون عناء أو صعوبة، لأن طريقة المقابلة صعبة الأداء، بسبب تعقيد الموقف ودينامية المحاورة، وحساسيتها بين القائم بالاتصال وبين الطرف الثاني، الذي يقوم بالاستقبال أو الرد على الأسئلة. مما يؤدي إلى حدوث ووقوع ووجود الأخطاء غير المرغوبة في مثل هذه الحالات والأوضاع الاتصالية.
مراحل حدوث المقابلة
تمر المقابلة في عدة مراحل رئيسية وهامة والتي تتطور فيها المقابلة تطورا واضحا وملحوظا، من مرحلة إلى أخرى، إلى أن تصل إلى أخرها:
أولا: بداية المقابلة
هي عبارة عن مرحلة استطلاعية التي تعمل على التحضير لجوهر المقابلة ويستفيد منها ويستعملها القائم بالاتصال، لكي يقوم بتحديد اتجاهه في المقابلة وتحديد اتجاه الطرف الآخر في التفاعل والإجابة، بمعنى آخر هي عبارة عن المفتاح الذي يؤدي إلى البدء في المقابلة.
وهذه المرحلة تبدأ بعملية الاطمئنان على وضع الطرف الثاني، بالإضافة إلى الاستماع إلى الأمور الجديدة التي حدثت أن حدثت، أو بالقيام بمناقشة الخطوات الأساسية للمقابلة.
ثانيا: مرحلة التفاعل
وتعتبر هذه المرحلة أساس المقابلة ومضمونها الهام، لأن فيها يحدث التفاعل الحقيقي بين طرفي المقابلة، كما وتدور فيها المناقشات والمحادثات وتظهر بصورة واضحة الانفعالات، لأن فيها تعطي الفرصة للطرف المجيب لكي يقوم بالتعبير عن وجهة نظره وأفكاره وآراءه الخاصة في الموقف الاتصالي، وهي تأخذ القسم الكبير من وقت المقابلة. وتتحقق في هذه المرحلة معظم أهداف المقابلة وأغراضها التي أجريت من أجلها.
ثالثا: نهاية المقابلة
هذه المرحلة هي الجزء الأخير من المقابلة، والتي فيها يهدا التفاعل وتقل المناقشة والمحادثة، ويبدأ تلخيص ما حدث من مناقشات وما انتهت إليه من نتائج، وتحديد الخطوات التي ستتخذ لحين المقابلة القادمة، وتحديد موعد للمقابلة التالية.
وبعد الانتهاء من المقابلة، يجب القيام بعملية أخرى لكي نصل إلى الهدف المقصود منها، وهذه المرحلة هي مرحلة تحليل المقابلة التي يقوم به القائم بالاتصال، وهذا التحليل يحدث في مراحل مختلفة، أولها نقوم بتحليل الموقف وإيجاد العوامل المؤثرة فيه على المجيب، وإلى أي مدى وصل القائم بالاتصال في تخفيف حدة الموقف، وما هي الاحتمالات التي يمكن أن تظهر في المستقبل، بالإضافة إلى المعلومات التي يحتاج إليها في المقابلة القادمة.
أما الجانب الثاني الذي نقوم بتحليله فهو شخصية الطرف الثاني للمقابلة جوانب هذه الشخصية المختلفة مثل الميول والاتجاهات المختلفة ومدى الاستجابة للقائم بالاتصال، والجوانب الهامة والخاصة التي هو على استعداد أن يكون متعاونا فيها، والجوانب التي يحاول الهروب منها وما هي أسباب هذا الهروب.
بالإضافة إلى هذا الجانب نقوم بعملية تحليل لتصرفات القائم بالاتصال، وهذا يحدث بعد الانتهاء من المقابلة وتسجيل ما حدث فيها، يقوم المتصل بمواجهة نفسه على ما حدث منه من تصرفات خلال حدوث المقابلة، فيقوم بدراسة الأسلوب الذي استعمله في المقابلة، وعملية توجيه المقابلة والمناقشة كيف كانت. بالإضافة إلى مناقشة الأسئلة أنواعها ومضمونها ومدى استجابة الطرف الثاني لها. بالإضافة إلى مناقشة الحالة النفسية له وللطرف الثاني أثناء إجراء المقابلة.
والركن الآخر المهم الذي يجب أن يؤخذ في الاعتبار أثناء القيام بالمقابلة هو الزمن، الذي تستغرقه المقابلة والذي يعتبر من الجوانب ذات الأهمية التي لا يمكن إغفالها. بالرغم من عدم وجود مقياس خاص ومحدد، الذي يمكن اعتباره معيار أو مؤشر ثابت للزمن الذي يجب أن تستغرقة للمقابلة، والمتفق والمتعارف عليه في هذا الموضوع هو أن يكون زمن المقابلة، حوالي ساعة إذا كانت المشكلة عميقة ومعقدة.
أما الموضوع الآخر الذي له أهمية كبيرة وخاصة فهو تحديد مواعيد المقابلة والعمل على المحافظة عليها، لأن المحافظة على مواعيد المقابلة تعتبر عنصرا أساسيا في العمل الذي نقوم به. وهو إذا حفظنا عليه يعطي أطراف المقابلة الشعور بالأهمية والمكانة. كما وأنه يعمل على أن تكون ملائمة بين رغبة المجيب في المقابلة وظروف العمل في المؤسسة وظروف القائم بالمقابلة، بالإضافة لذلك فإن تحديد المواعيد يشعر المجيب بمسؤوليته في تحديد هذه المواعيد وتحمل الصعوبات التي من الممكن أن تنتج عن ذلك.