د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

نماذج السلوك القيادي Leadership behavior models

حاول علماء الإدارة والنفس والاجتماع إيجاد تصنيف معين لأنماط السلوك القيادي ، غير أنهم لم يتفقوا على تصنيف موحد لتلك الأنماط، تعال بنا نتعرف عليها

January 20, 2025 عدد المشاهدات : 355

نماذج السلوك القيادي
Leadership behavior models

إذا كانت القيادة هي عمل القائد من خلال الآخرين والتأثير فيهم من أجل تحقيق الهدف أو الأهداف المشتركة ، فإنه من المؤكد وجود عدة أساليب وأنماط لتلك القيادة ، فالأفراد بطبيعتهم يختلفون في ممارستهم إدارة وتسيير شئون منظماتهم نتيجة لاختلاف اتجاهاتهم ومعارفهم حول المفاهيم القيادية وأساليبها ، وقد يرجع ذلك الاختلاف إلى اجتهاداتهم الفردية وخبراتهم الشخصية وطبائعهم الاجتماعية . 
ولقد حاول علماء الإدارة والنفس والاجتماع إيجاد تصنيف معين لأنماط السلوك القيادي ، غير أنهم لم يتفقوا على تصنيف موحد لتلك الأنماط ، الأمر الذي أدى إلى وجود رؤى عديدة حول تلك الأنماط القيادية ، ويشير بعض الكُتاب إلى أن هناك عددًا من المداخل التي تم من خلالها تصنيف أنماط القيادة ، فالبعض أكد على أهمية أنماط اتخاذ القرار كمدخل لتنصيف أنماط القيادة ، بينما أكد البعض الآخر على أهمية النظرة إلى السلوك الإنسان بوجه عام ، وآخرون أكدوا على أهمية ما إذا كان اهتمام القادة منصب على العلاقات الإنسانية أو إنجاز العمل . 
وسوف يتم استعراض أهم النماذج التي تحدثت عن السلوك القيادي، وهي:


5/1 النموذج الكلاسيكي:
تصنف أنماط السلوك القيادي في هذا النموذج على أساس سلوك القائد وطريقته في ممارسة عملية التأثير في موظفيه ، وقد صنفت أنماط القيادة الإدارية على هذا المعيار إلى ثلاثة أنماط ، هي : 


5/1/1 النمط الأوتوقراطي (التسلطي):
تعرض العديد من المنظرين والباحثين لهذا النمط من أنماط القيادة ، فقد أشار بعضهم بأن الرئيس الأوتوقراطي يركز سلطة اتخاذ القرار في يده ويتوقع من مرؤوسيه تنفيذ ما يؤمرون به ، والرئيس هنا يحتكر السلطة ويفترض تحمل كامل المسؤولية .
وعليه يمكن القول إن هذا النمط من القيادة يقوم على تحكم القائد في موظفيه دون تقدير للعلاقات الإنسانية ، كما أن هذا النمط يتصف بالتسلط والإكراه في تسيير شؤون العمل عن طريق القرارات المركزية ، وتتصف شخصية الرئيس هنا بالدكتاتورية دون اعتبار لآراء الآخرين ، إضافة إلى التدخل المباشر في تفصيلات العمل وجزئياته وتحمل نتائج القرارات التي تتخذ بشأنها.
ويرى البعض أن هذا النوع من السلوك الإداري غير صالح لإدارة المنظمات على المدى الطويل ، أما في المدى القصير ، فإن بعض المنظمات تعتمد على القيادات المتحكمة لفترة قصيرة من الوقت وغالبًا ما يكون ذلك لإصلاح بعض الأخطاء التي تتعرض لها أو تهديد حياتها بالفشل ، وبعد ذلك تعود إلى استخدام أنماط أخرى من أنواع القيادات طبقًا لما تقتضيه الملابسات .
ويظل تمسك العمل مرهون بوجود القائد إلا أنه في المدى الطويل يظهر عدم الرضى والتذمر بين أفراد الجماعة ، مما يضعف روحهم المعنوية ويقلل من إنتاجيتهم .
ويعد هذا النوع خطرًا قويًا على كيان المؤسسة والأمة بأسرها ، لأنه ينفر العاملين ويقلل الإنتاجية ويؤدي إلى التسرب من المؤسسة ، ولا يمكن تحقيق الأهداف بهذه الصورة.


وقد ذكر النمر نمطين لهذه القيادة ، هما : 
1. القيادة الأوتوقراطية الصالحة : ويكون القائد فيها منفردًا باتخاذ القرارات ، ولكنه في الوقت نفسه يعمل على أن يكون لبقًا متعاونًا ، لكي يخلق مناخًا ملائمًا لدى مرؤوسيه حتى يتقبلوا قراراته ، وبالتالي تقل ردود الفعل السلبية التي تظهر بين أفراد الجماعة.
2. القيادة الأوتوقراطية اللبقة: وفيها يحاول القائد خلق الإحساس والشعور لدى مرؤوسيه بمشاركتهم في اتخاذ القرارات مع أن هذا قد لا يكون بالفعل ، فعن طريق اللقاءات والندوات التي يعقدها مع مساعديه ومرؤوسيه يحاول أن يخلق لديهم انطباعًا بوجود مشاركة من جانبهم ، وقبولاً منهم لقراراته واقتناعًا بها .


5/1/2 النمط الديموقراطي
يطلق على القائد الممارس للنمط الديمقراطي القائد المشارك ، حيث لا تكون هناك مركزية في السلطة بل مشاركة في السلطة ، وهذا القائد يستشير مرؤوسيه ويشركهم معه في صنع القرار ، وهو بذلك يشكل مع مرؤوسيه وحدة اجتماعية واحدة ، وعليه يمكن القول إن هذا النمط يقوم على أساس العلاقات الإنسانية السليمة والمشاركة في صنع القرار وتفويض السلطة.
ويرى البعض أن هذا النمط من القيادة بالإضافة إلى اعتماده على المشاركة في اتخاذ القرارات فإنه يعتمد على المشاركة في عمليات التخطيط والتنظيم مما يشعر الجماعة بالالتزام تجاه العمل ، ويشجعهم على تحمل المسؤولية ويكون لهم حرية الاتصال فيما بينهم ، وهذا يعمل بدوره على خلق روح التعاون ، وتنبعث حالة الرضا والعمل الجماعي ، ويندفع الجميع نحو العمل بهدف تحقيق الأهداف والمصالح المشتركة ، فالقيادة الديمقراطية هي القيادة الإنسانية ، التي تضمن التفاف الجماعة حول القائد ويتمسكون بولائهم .
وهي – أيضًا – قيادة تقل فيها درجة الاستخدام النسبي للسلطة ، فالقائد هنا يهدف إلى خلق نوع من المسؤولية لدى من يقودهم من خلال المشاركة ، وهذه المشاركة تؤدي إلى رفع الروح المعنوية للمرؤوسين ، وتشعرهم بأهميتهم وقيمتهم إضافة إلى أنها تنمي ولاءهم والتزامهم له .


ويتسم النمط القيادي الديموقراطي بمجموعة من السمات نورد منها ما يلي :
1. سيادة العلاقات الإنسانية السليمة.
2. التعاون المثمر لنجاح الأهداف.
3. الإيمان بقدرة الفرد على العمل وبقيمته وكرامته.
4. شعور أعضاء الجماعة بالرضا.
5. الثقة المتبادلة بين القائد والجماعة.
6. الروح المعنوية المرتفعة لدى العاملين.
7. السلطة في هذا النمط ليست مصدر قوة ، وإنما هي ميزة تتيح الفرصة لمعرفة الآخرين.
8. مساعدة الأفراد في تطوير مهاراتهم بأقصى ما تسمح به إمكاناتهم ويؤهلهم لتولي القيادة.

أن من خصائص هذا النمط أنه يرتكز على ثلاثة أسس، هي:
1. إقامة العلاقات الإنسانية بين القائد ومرؤوسيه.
2. المشاركة الفعالة في تحديد السياسات والبرامج .
3. تفويض السلطة.


5/1/3 النمط الترسلي (الفوضوي):
وهي القيادة التي تترك للآخرين حرية التصرف أو حرية السلوك دون توجيه ودون تدخل في شؤونهم ، وهو أقل الأنماط إنتاجًا ، ولا يبعث على احترام المجموعة لشخصية القائد ، ويشعر الأفراد بالضياع والقلق وعدم القدرة على التصرف السليم.
ويعتبر هذا النوع من القيادة قيادة فاشلة في أقصى التعبيرات ؛ لأن القائد لا بدل له من وضع خطة يسير عليها هو والعاملون معه ، ويؤدي هذا النوع إلى عدم الإخلاص في العمل والتسيب وعدم الإتقان في غالب الأحيان ، بالإضافة إلى عدم وضوح الرؤية بالنسبة للموظفين .
كما يعد هذا النمط أقل الأنواع من حيث ناتج العمل ، وكثيرًا ما يشعر الأفراد بالضياع والقلق وعدم القدرة على التصرف السليم في المواقف التي تحتاج إلى توجيه النصح أو المعونة مما يكون له آثار سيئة على العمل وعلى علاقة الجماعة بالقائد ، وبالتالي فإن القائد في هذا النمط من القيادة يفقد كل مقومات القيادة الفعالة نظرًا لتخليه عن المسئولية في اتخاذ القرارات .

خصائص النمط الترسلي:
1. عدم تحديد المسئولية مما يؤثر على تحقيق الأهداف .
2. ضياع وحدة العمل كفريق متكامل .
3. لا يبعث على احترام الجماعة لشخصية القائد .
4. يشعر العاملون تحت هذا الأسلوب من القيادة بالضياع والقلق وعدم القدرة على التصرف .
5. هذا النمط أقل أنماط القيادة إنتاجًا.
6. انعدام التعاون بين الجماعة والقائد.
7. القائد سلبي في تصرفاته.
والأنماط الثلاثة السابقة ناقشتها كثير من الدراسات الإدارية الميدانية في مجتمعنا السعودي ولكنها لم تتطرق لنماذج القيادة الأخرى ، والتي سنقوم باستعراض جزء منها . 


5/2 نموذج الظروف المتغيرة لفاعلية القيادة 
ومن النماذج الموقفية نموذج فيدلر (Fiedler) وزملائه ، ويقوم على أساس أن فاعلية القائد في تحقيق مستوى عال من الأداء الجماعي يتوقف على هيكل حاجات القائد ومدى تحكمه وتأثيره في موقف معين ، ويتكون الإطار الذي يقوم عليه نموذج فيدلر من ثلاثة عوامل تصور مدى ملاءمة الموقف بالنسبة للقائد ، وهي : طبيعة المهام ، ومناخ الجماعة ، ومصادر القوة المرتبطة بوظيفة القائد .
1- طبيعة المهام: وتشمل العناصر التالية : وضوح الأهداف ، وتعدد مسارات الهدف ، قابلية القرار لاختبار الصحة ، ودقة القرار . 
إذا كانت مهمة الجماعة بسيطة ومتكرر ، فمن المحتمل أن تكون أهدافها محددة (وضوح الهدف) ، وتتضمن أعمالاً أو مشكلات يمكن حلها في خطوات محددة ، أو باتباع عدد من الإجراءات المحددة (تعدد مسارات الهدف) ، ويكون من اليسير تقويم مردودها (صحة القرار) ويكون لها حل صحيح واحد (دقة القرار) ، وفي مثل هذا الموقف تكون قدرة القائد على التأثير مقيدة إذ أن المهمة قد حددت بوضوح .
2- مناخ الجماعة: وهو ما يطلق عليه علاقات القائد والأعضاء ، وفي هذا النموذج ، كلما كانت العلاقة بين القائد والأتباع ودية ، سهل على القائد الحصول على تعاون الجماعة وتضافر جهودها ، وعادة ما توصف علاقات القائد والأعضاء هنا بأنها طيبة ، أو ضعيفة . 
3- مصادر قوة المنصب : يتعلق العامل الموقفي الأخير بالقوة المرتبطة بموقع القيادة ، ويشير إلى مدى قدرة القائد على التأثير على سلوك الآخرين ، والتي يحصل عليها عن طريق القوة الشرعية ، وقوة الإثابة أو القوة القسرية ، ويتمثل أحد الجوانب الأساسية هنا في مدى قدرة القائد على ترقية المرؤوسين ، أو فصلهم من العمل ، أو توجيههم لإنجاز العمل . (szilagy&Wallace,1987, p302).

ووفقًا لنظرية فيدلر تكون المواقف ملائمة للقائد إذا كانت الأبعاد أو العوامل الثلاثة المشار إليها سلفًا مرتفعة ، ويترتب على ذلك أن الموقف يكون أكثر ملاءمة ، ويصنف فيدلر أنماط القيادة وفق نمطين باعتماد الاستبانة التي استخدمها والمعروفة بـ (LPC) وهما : 
1- نمط يميل إلى العاملين .     2- نمط يميل إلى الإنتاج .
فقد وجد فيدلر في أبحاثه عن أنماط القيادة ومدى وملاءمتها للموقف أنه في ظل ظروف المواقف الملائمة جدًا ، وكذلك المواقف الأقل ملاءمة ، يكون نمط القائد المرتبط بالمهام أكثر الأنماط فاعلية ، وأنه حينما يكون الموقف ملائمًا بقدر معقول أو غير ملائم بقدر معقول يكون القائد الذي يهتم بالعلاقات الإنسانية أكثر الأنماط فاعلية ، ويوضح الشكل العلاقة بين القائد ومدى ملاءمة الموقف . (szilagy&Wallace,1987, p302).
شكل النموذج الموقفي

الوحدات 1 2 3 4 5 6 7 8
العوامل الموقفية علاقات القائد بالأفراد جيدة جيدة جيدة جيدة ضعيفة ضعيفة ضعيفة ضعيفة
طبيعة المهام محددة محددة غير محددة غير محددة محددة محددة غير محددة غير محددة
القوة المرتبطة بموقع القائد قوية ضعيفة قوية ضعيفة قوية ضعيفة قوية ضعيفة
تلاؤم الموقف ملائم ملائم على نحو معتدل غير ملائم
وضوح الموقف الوقف على درجة عالية من الوضوح درجة التأكد متوسطة الموقف غير مؤكد
أسلوب القيادة المفضل الاهتمام بالعمل الاهتمام بالعمل الاهتمام بالعمل الاهتمام بالموظف الاهتمام بالموظف الاهتمام بالموظف الاهتمام بالعمل الاهتمام بالعمل

 (szilagy&Wallace,1987, p304).
وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت لنموذج فيدلر ، فقد قدم النموذج إضافة هامة لدراسة القيادة في المنظمات وسيستمر كمصدر هام للأفكار والقضايا والفرضيات حول القيادة الموقفية ، وأهم من ذلك فإنه يشير إلى عدم موضوعية وصف القيادة بأنها حسنة أو سيئة ، بل إن النظرة الموضوعية تتركز في إمكانية فعالية الأسلوب القيادي لأي قائد في أحد المواقف عدم فعالية ذات الأسلوب في موقف آخر.


5/3 نموذج المسار والهدف:
يعتبر هذا النموذج الذي قام بتطويره روبرت هاوس House بالاشتراك مع تيرانس ميتشل Mitchell في سنة 1974م محاولة للربط بين السلوك القيادي ودافعية ومشاعر المرؤوسين ، فهو يرى أن فعالية القائد تتوقف على الأثر الذي يحدثه نمط سلوكه القيادة على دافعية المرؤوسين للأداء وعلى معنوياتهم واتجاهاتهم النفسية ، فهذا النموذج يحلل الكيفية التي يؤثر بها القائد على نظرة العاملين معه لأهداف التنظيم وأهدافهم الشخصية ومحاولة توضيح المسار لتحقيق تلك الأهداف .

وقد ميز الباحثان بين أربعة أنماط من السلوك القيادي فيما يتعلق بالاهتمام بالعمل والاهتمام بالناس وهي : 
1. القيادة الموجهة:
يخبر القائد موظفيه بما يتوقع منهم ويشعرهم بأهمية النظم والإجراءات.
2. القيادة المشتركة:
يقوم القائد بمشاورة المرؤوسين والأخذ بآرائهم واقتراحاتهم عند اتخاذ القرار.
3. القيادة المهتمة بالإنجاز:
يسعى القائد إلى وضع أهداف عالية ويتوقع إنجازًا كبيرًا من العاملين.
4. القيادة الإنسانية:
وتتمثل في إبداء الشعور والاهتمام بمشاعر العاملين واحتياجاتهم وجعل جو من الصداقة والود يسود في المنظمة. (House, Mitchel.1978, p226).


5/4 نموذج تنبنوم وشميدت، (استمرارية القيادة):
قام كل من تنبنوم وشميدت (1958م) بعمل نموذج لتحليل سلوكيات القائد المتعددة والمحتملة ، فيما يتعلق باستخدام سلطته في عملية اتخاذ القرارات ومقدار الحرية التي يمنحها لمرؤوسيه أو التابعين له في المشاركة في اتخاذ القرارات ، وقد بنى الباحثان نظريتهما على أساس أن القائد يواجه صعوبات عديدة عند تحديد الأسلوب المناسب لاتخاذ القرارات من حيث المشاركة بين القائد والمرؤوسين في المشكلات التي تواجهه ، حيث أن معظم القادة الإداريين ليسوا متأكدين من المدى الذي عليهم أن يقوموا به باتخاذ القرارات بأنفسهم عن طريق تفويض سلطة اتخاذ القرارات إلى المرؤوسين التابعين لهم .


ويقوم نموذج تنبنوم وشميدت على افتراضين أساسيين هما:
1. إنه ليست هناك سمات أو أساليب لصيقة بشخصية القائد، ولا يمكنه تغييرها ، فالقائد يستطيع أن يتخذ أو يتبنى أساليب مختلفة وفقًا لكثير من المتغيرات.
2. أن السلوك القيادي ليس وقفًا على القائد نفسه ، فهو مجرد طرف واحد في معادلة السلوك الإداري ، والطرف الثاني هم المرؤوسون ، فإذا زادت درجة مشاركة المرؤوسين في اتخاذ القرار ، قل استخدام القائد لسلطاته ، وكلما ازداد استخدام القادة لسلطاتهم قلت درجة مشاركة المرؤوسين في اتخاذ القرارات .
ولقد قام تنبنوم وشميدت بتصوير العلاقة على شكل نموذج يحدد طرفين لإمكانيات سلوك القائد مع المرؤوسين : 
الطرف الأول على اليسار يحافظ القائد على درجة عالية من الانفراد باتخاذ القرار ، ويرمز لهذا الأسلوب بالأسلوب التسلطي في القيادة.


وفي الطرف الأيمن يترك القائد للمرؤوسين حرية المشاركة في اتخاذ القرار ، وهذا أسلوب القيادة المنطلقة كما في الشكل رقم (4) ، وعلى هذا الأساس صنف السلوك القيادي إلى سبعة أنماط قام النمر وآخرون (1422هـ، ص332) بعرضها ، وهي : 
1. القائد يتخذ القرارات منفردًا ثم يعلنها على مرؤوسيه : ينفرد القائد بالتفكير في المشكلة ، يحددها ويتعرف على أسبابها ويضع البدائل لمعالجة هذه الأسباب ، ويختار أحد هذه البدائل ويصدر قراره بهذا البديل طالبًا من المرؤوسين التنفيذ.
2. القائد يتخذ القرارات ويحاول أن يحصل على تأييد المرؤوسين : يتشابه هذا النمط السلوكي مع النمط السابق ، حيث يحدد القائد المشكلة وبدائل حلها ، ويتخذ قرارًا بشأنها ، ولكن في هذه المرحلة يحاول القائد إقناع مرؤوسيه بأن القرار الذي اتخذه كان هو أنسب قرار لحل المشكلة وأنه لا يتعارض مع مصالحهم حتى يضمن تأييدهم للقرار وتحمسهم لتنفيذه بقدر ما يعتقد.
3. القائد يقدم الأفكار ويدعو المرؤوسين للتفكير بشأنها: في هذه الحالة يزيد الأمر قليلاً عن الحالتين السابقتين ، صحيح أن القائد هو مصدر الأفكار ، ولكنه يزيد بأن يحاول أن يشرح لهم بالتفصيل أفكاره والغرض من إصدار القرار ، وسيطلب منهم بعد ذلك التفكير فيما شرحه لهم ويدعوهم لتقديم تساؤلاتهم حتى يزداد تفهمهم لما يريده إنجازه .
4. القائد يقدم قرارات مبدئية قابلة للتعديل: وهنا فقط يبدأ التوازن بين سلطة القائد ومشاركة مرؤوسيه في اتخاذ القرار ، فهو يسمح بمناقشة البدائل التي يطرحها أمامهم ، ولكن المبادرة تأتي من جانبه فهو الذي يحدد البدائل المسموح بمناقشتها ، ولا يدع لمرؤوسيه أن يقترحوا بدائل أخرى ، فهو الذي يختار البديل ويقدم قرارًا مبدئيًا قد يكون قابلاً للتعديل بعد المناقشة معهم ولكن ما تزال المبادرة أساسًا في يده هو.
5. القائد يقدم المشكلات، والمرؤوسون يعرضون اقتراحاتهم ثم يتخذ القرار : يقوم القائد بتحديد المشكلة ، ولكن يترك للمرؤوسين بعض الحرية كي يقترحوا الحلول الممكنة ، ولكن القائد في النهاية هو الذي يتخذ القرار على أساس أن هناك متغيرات قد لا يحيط بها المرؤوسون وعلى أساس أنه هو المسؤول في النهاية عن اتخاذ القرار، ولكنه سيكون أكثر مناسبة للواقع من الأساليب السابقة ما دام المرؤوسون هم الذين يقدمون الحلول التي سوف يقومون بتنفيذها.
6- القائد يحدد الإطار العام للتصرف ويطلب من الجماعة اتخاذ القرار: وهنا يقوم القائد بتحديد المشكلة ويضع حدودًا يجب اتخاذ القرار في إطارها ، ثم يترك للجماعة حرية اقتراح البدائل واختيار البديل الأمثل من بينها، ومن الواضح أن درجة اشتراك المرؤوسين في اتخاذ القرار واضحة في هذه المرحلة ، ولذلك تعد هذه المرحلة اتجاهًا من القائد لتفويض حقيقي لسلطاته، وما دام المرؤوسون هم الذين سيتخذون القرار ، فمن المتوقع أن يكونوا أكثر حماسًا في تنفيذه.
7- القائد يسمح لمرؤوسيه بحرية العمل في إطار السياسات والمحددات العامة للإدارة: وفي هذه يصبح للمرؤوسين الحرية في تحديد المشكلة وتحديد أسبابها والبدائل المتاحة لحل المشكلة ووزن هذه البدائل بمقارنة مزاياها وعيوبها ، ولكن القائد يتقيد بالطبع بالسياسات العامة والمحددات والاتجاهات التي تحددها إدارة المنظمة ، ويعد هذا السلوك من القائد هو أعلى درجات الديمقراطية والحوار المفتوح بين الجماعة وقائدها.
 
شكل نموذج تنبنوم وشميدت في استمرارية القيادة


 
5/5 نماذج جامعة ولاية أوهايو:
تعتبر دراسة جامعة (أوهايو Ohio) عام 1950م التي تدور حول تنظيم السلوك ، وتفعيل العلاقات واحدة من العديد من الدراسات التي جرت بعد الحرب العالمية الثانية ، ويشير الباحث في هذا المقام إلى أن هذه الدراسة قد اشتملت على نمطين من أنماط القيادة : النمط الأول هو نمط تنظيم السلوك وهو الذي يقوم من خلاله القائد بتنظيم وتحديد العلاقات والمهام ، وقنوات الاتصال وإنجاز العمل ، أما النمط الثاني فهو تفعيل العلاقات ، وهو السلوك الذي يبنى على أساس العلاقات الإنسانية ، مثل : الثقة المتبادلة ، والصداقة ، وحسن المعاملة ، وتقدير الذات ، والاحترام ، والمودة ، والألفة بين القائد والعاملين ، وقد تم قياس هذين النمطين عن طريق استبيانين منفصلين : الأول يستطلع رأي القيادة ، والثاني يستطلع وصف سلوك القائد.
واتضح للباحث من النتائج النهاية للدراسة أن هناك ثلاثة أبعاد أساسية ، وقد أكدت دراسة أوهايو على أن القيادة الفعالة هي تلك التي تحاول أن تحقق الهدفين معًا [الحافظ على الجماعة و الأهداف الموضوعة] (Hersey. Blanchard.1982. p104) .


وعلى ذلك فإن هناك جانبين مستقلين للقيادة:
1- المبادرة لتحديد العمل وتنظيمه ، وتفهم مشاعر الآخرين ، حيث يتضح للباحث أن القائد الذي يملك درجة عالية من المبادرة لتحديد العمل وتنظيمه يتدخل في تخطيط الأنشطة المختلفة لمرؤوسيه ، ويحدد أدوارهم في إنجاز الأهداف ، كما يقوم بتوزيع العمل والرقابة عليهم ز
2- أما القائد الذي تكون لديه درجة عالية من تفهم مشاعر الآخرين يميل إلى أن ينمي جوًا من الصداقة والثقة بينه وبين مرؤوسيه ، وقد أثبتت تلك الدراسات أن سلوك القائد يمكن أن يجمع بين البعدين بدرجات متفاوتة في آن واحد ، كما تبين أن القائد الذي عنده درجة عالية على كل من البعدين يحقق الرضا والإنجاز الجماعي لمرؤوسيه ، ويعد الجانبان ذوا طبيعة متصلة ، إذ أن ارتفاع إيجابية أحدهما لا يتطلب بالضرورة الانخفاض في الآخر ، ويمكن للقائد أن يتصف بكل منهما وبدرجة متساوية كما في الشكل.
 
شكل مستوى الاهتمام بالتنظيم والتعاطف مع الآخرين
 
المصدر: العديلي.1402هـ، ص142.
 
5/6 نموذج جامعة متشجان:
وفي عام (1967م) قام (رينسس ليكرت Likert) عن طريق جامعة (متشجان Michigen) بدراسة كيفية قيادة الأفراد ، وتوجيه جهودهم لتحقيق الأداء المطلوب وإنجاز الأهداف المرسومة، وقد- لاحظ (ليكرت) أن معظم الدراسات التي أعدت بواسطة معهد الدراسات الاجتماعية بجامعة (ميتشجان) كانت تهدف إلى اكتشاف مبادئ وأساليب القيادة الفعالة.
وتمثل الهدف الأساسي للدراسات التي تمت هناك في تحديد الأنماط السلوكية للقيادة التي تؤدي إلى الارتفاع بمستوى رضا وأداء العاملين ، وقد توصلت تلك الدراسات إلى أسلوبين متميزين من القيادة هما:
1. الأسلوب القيادي الذي يهتم بالعمل: ويركز على أسلوب الإشراف المباشر ، واستخدام القوة الشرعية والقسرية ، والالتزام بجداول الإنتاج ، وتقويم أداء العمل ، ويماثل هذا الأسلوب جانب المبادأة والتنظيم في أعمال جماعة ولاية أوهايو ، ويشير إلى العنصر الرئيسي المتعلق بالسلوك القيادي الموجه نحو أداء المهام.
2. الأسلوب القيادي الذي يهتم بالموظف أو الفرد ، ويركز على تفويض المسؤوليات ، والاهتمام بمصالح وحاجات الموظفين ، ويماثل هذا العنصر جانب التعاطفي دراسات ولاية أوهايو ، ويشير إلى مجموعة أنماط السلوك القيادي الموجه نحو الاهتمام بالعاملين .
وقد تمثلت النتيجة الرئيسية التي تم التوصل إليها في أنه لا يلزم تقييم فاعلية الأسلوب القيادي باستخدام معايير الإنتاجية فقط ، بل لا بد من اشتمال التقييم على معايير أخرى ترتبط بالعاملين ، مثل الرضا الوظيفي. (Hersey. Bganchard. 1982, P117). 
وقد اشتملت المعايير الفعالية المستخدمة في الدراسات على الإنتاجية لكل موظف والرضا الوظيفي ومعدلات الغياب ومظالم الموظفين والتكليف والتحفيز الإداري.
ولقد أجريت تلك التجارب والدراسات على العديد من القطاعات المختلفة ، وعلى ضوء ذلك تم تجميع المعلومات من آلاف العاملين الذين يؤدون أعمال مختلفة تتراوح بين الأعمال التي لا تتطلب أي مهارة ، والتي تتطلب مهارات عالية ، وقد تناولت الدراسة نمطين في القيادة : الأول ، نمط التركيز على العمل ، والثاني نمط التركيز على العامل .

ويستخدم نموذج القائد الذي يركز  على العمل أسلوب القسر ، والسلطة الشرعية للتأثير على سلوك وأداء العاملين ، ويرى هذا النمط أن الاهتمام بالأفراد يعتبر هامًا ، إلا أن ذلك يعد من الكماليات التي لا يمارسها القائد . 
أما نموذج القائد الذي يركز على العاملين يؤمن بأهمية تفويض واتخاذ القرارات ومساعدة العاملين في تلبية احتياجاتهم لإيجاد بيئة عمل مساندة ، ولذلك فالقائد مهتم بالتقدم الشخصي للعاملين .
ومن الملاحظات التي أبداها النقاد بشأن دراسات جامعة متشجان ، مماثلة لتلك التي وجهت لأعمال جامعة ولاية أوهايو ، وقد تركزت هذه الانتقادات على جانبين:
1. هناك بعض الشواهد التي توضح أن أسلوب القائد يتغير من موقف لآخر ، فقد يتبع أحد القادة مثلاً الأسلوب الذي يهتم بالعاملين في الظروف العادية ، أما في الظروف الملحة وتزايد الضغط لإنجاز العمل في مواعيد محددة ، فقد يغير القائد سلوكه ليكون موجهًا نحو الوظيفة (العمل).
2. لم تؤخذ في الحسبان العوامل الموقفية الأخرى مثل تماسك الجماعة ، أو طبيعة الخصائص الشخصية للمرؤوسين ، أو للمهام ، فقد يكون سلوك قائد الجماعة غير المتجانسة مختلفًا عن سلوك قائد الجماعة المتجانسة حتى ولو كانوا يؤدون مهام متشابهة. (Szilagy&Wallace.1987, p297).


5/7 نموذج بليك وموتون (الشبكة الإدارية):
اقترح كل من بليك وموتون (Blake and Mouton) نموذج الشبكة الإدارية في القيادة استنادًا إلى نظرية البعدين (الاهتمام بالعلاقات ، والاهتمام بالعمل) التي نتجت من أبحاث جامعتي أوهايو وميتشجان، وافترضا أن التفاعل بين هذين البعدين بدرجاتهما المختلفة ينتج عددًا من الأنماط القيادية ، ومن بين هذه الأنماط يبرز ما هو أفضل نمط للقيادة ، ويتم هذا التفاعل من خلال ما يطلقان عليه المصفوفة الإدارية ، والتي يشغل فيها بعد الاهتمام بالعلاقات (التقدير) المحور الرأسي ، والاهتمام بالعمل المحور الأفقي ، وحتى يتمكنا من التقدير الكمي لكل بعد قاما بتقسيم كل محور إلى تسعة مستويات (من1 إلى 9) ولكنهما اقتصرا على التعامل مع ثلاثة مستويات فقط ، على المحور الواحد ، هي المستوى (1: منخفض، 5: متوسط، 9: مرتفع) . وتوضح هذه الأنماط في شبكة أو مصفوفة إدارية . 
ويشمل الاهتمام بالإنتاج عددًا من العناصر ، مثل : نوعية القرارات والسياسات الإنتاجية ، والإجراءات والعمليات ، والابتكار والتجديد في بحوث الإنتاج ، والكفاءة في العمل ، وحجم الإنتاج . 
أما الاهتمام بالأفراد ، فيشمل : مدى التزام الأفراد بالأهداف ، والحفاظ على احترام العاملين ، المسئولية المبنية على الثقة لا على الخضوع ، ظروف عمل جيدة ، وإشباع حاجة الأفراد في إقامة العلاقات التبادلية بينهم وبين بعض.

ويتضح من الشكل  أن التفاعل بين المستويات الثلاثة لبعدي سلوك القائد ينتج عنه خمسة أنماط للقيادة فيما يلي:
1. نمط (1 – 1) أو الإدارة السلبية:
ويطلق عليه البعض (القيادة الفقيرة) ، وهذا النمط من القادة يمثل أدنى نقطة على محوري الاهتمام بالإنتاج أو بالعاملين ، ويعبر عن القائد الذي يولي أدنى اهتمام للإنتاج وهو عديم الاهتمام بالعاملين.
2. نمط (9 – 1) أو الإدارة العلمية:
وينصب تركيز مثل هذا القائد على تنظيم العمل بغية الوصول إلى أقصى قدر من الإنتاجية ، بيد أنه يتعامل مع العاملين كأدوات لإنجاز العمل فقط ، وينسى مثل هذا القائد الجوانب النفسية ومشاعر العاملين ، مما قد يسبب لهم نوعًا من الإحباط ولذلك يطلق البعض على هذا النمط من القادة (القائد المتسلط).
3. نمط (1 – 9) أو الإدارة الاجتماعية:
وهو القائد الذي يبدي اهتمامًا ملحوظًا بحاجات العاملين ويعمل على إشباعها ، ويقيم علاقات تتسم بالصداقة والود معهم ، ولكن يتضاءل اهتمامه بالإنتاج والعمل إلى الحد الأدنى ، وهذا النمط من القادة أطلق عليه البعض اسم (القائد المجامل).
4. نمط (5 – 5) أو الإدارة المتأرجحة:
وهو القائد الذي يسعى لتحقيق القدر المناسب من الأهداف التنظيمية من خلال التوازن بين ضرورة أن يتم العمل مع الاحتفاظ في الوقت ذاته بمعنويات العاملين مرتفعة ، ويعرف هذا النوع من القيادة بقيادة الحد الوسط.
5. نمط (9 – 9) أو الإدارة الجماعية:
ويعرف بنمط الإدارة الجماعية أو قيادة الفريق ، ويركز مثل هذا القائد على تحقيق أهداف المنظمة بأعلى مستوى من الكفاءة ، ويهتم كذلك بالعاملين أو المرؤوسين إلى أقصى حد ؛ ولذلك فهو يستطيع فعلاً تحقيق أهداف المنظمة في الإنتاجية العالية عن طريق استثمار الطاقات الكامنة لدى العاملين تحت قيادته إلى الحد الأقصى مع العمل على تحقيق رضاهم في الوقت نفسه وكذلك تنمية قدراتهم باستمرار ليتمكن من النهوض بمنظمته وتطويرها .
وفي ختام دراستهما يوصي الدارسان (بليك ومتوون) إلى أن الوضع الأمثل للقيادة الفعالة هو النمط (9 – 9) حيث يكون القائد مهتمًا بكل من العمل والعلاقات الإنسانية بدرجة مرتفعة ، ولكنهما لم يقدما دليلاً واضحًا على إمكانية حدوث هذا من الناحية النفسية في الواقع ، ولذلك يبقى التساؤل عن إمكانية أن يظهر فرد واحد كل النوعين من السلوك بقدر مرتفع على نحو ميسور ، أو أن يوازن بينهما – إن استطاع أن يفعل ذلك – على نحو دقيق لمدة طويلة . (علاقي، 1985، ص602).
 
شكل نموذج بليك وموتون


المصدر: المنيف، 1983م، ص154.

 
5/8 نموذج ريدن (النموذج ذو الأبعاد الثلاثة في القيادة):
انطلاقًا من أن هناك بعدان أساسيان للسلوك القيادي هما : بعد الاهتمام بالعلاقات مع العاملين وبعد الاهتمام بالعمل . قام وليام ريدن (W. redden) بتطوير النموذج الشبكي الذي قدمه كل من (بليك وموتون) في الشبكة الإدارية ، وذلك بإضافة بعد الفعالية، وبهذا تضمن النموذج ثلاثة أبعاد كل منها ينقسم إلى مستويين (مرتفع ومنخفض) ، ومن هنا خرج (ريدن) بثمانية أنماط للقادة كما في الشكل رقم (7) ويمكن تلخيصها كما ذكر (Tloycecil, Waynek,1982, p253-259) فيما يلي:
أولاً: الأنماط الأربعة الأقل فاعلية:
1- الانسحابي:
يتمثل هذا النمط في عدم الاهتمام بكل من الأفراد والعمل ، وهذا النمط غير فعال ليس لأنه لا يرغب ولا يهتم بالعمل فحسب ، بل لتأثيره السلبي في علاقات الأفراد العاملين وروحهم المعنوية.
2- المجامل:
يعتبر هذا النمط التناسق بين الأفراد والعلاقات الطيبة فوق أي اعتبار آخر ، وتنقصه أو تغيب عنه الفاعلية كما في الشكل رقم (8) لاهتمامه بنفسه ورغبته في أن يرى فيه الآخرون شخصًا طيبًا ، لذلك فهو لا يخاطر بالعلاقات رغبة في الحصول على الإنتاجية المرغوبة .
2- الأتوقراطي الديكتاتوري:
يحاول القائد في هذا النمط تركيز كل السلطات في يده ، ويحتفظ لنفسه بالقيام بكل صغيرة وكبيرة بمفرده ، ويصدر أوامره وتعليماته التي تتناول كافة التفاصيل ويصر على إطاعة مرؤوسيه لها ، كما أنه غير فعال في تعامله مع مرؤوسيه حيث يبدو أنه قليل الثقة فيهم وأنه لا يعير العلاقات الإنسانية أي اهتمام. 
ويؤكد (ريدن) من خلال دراساته إلى أن القائد الأوتوقراطي يعتقد بأنه من الضروري الضغط على المرؤوسين ومتابعة أعمالهم وتهديدهم بالعقاب لكي يعملوا ، وأنه يحاول دائمًا أن يتعامل مع الخلافات والصراعات داخل التنظيم بإخمادها ، وأنه يضع العمل الوقتي العاجل والحصول على نتائج التنظيم فوق أي اعتبارات أخرى ، كما أنه لا يعرف معنى التحفيز ويشعر أن التهديدات وحدها هي المحفزات للعمل .
4. الموفق (المقنع):
يعرف هذا النمط مميزات الاهتمام بكل من العمل والعلاقات ، ولكنه غير قادر أو ليس لديه رغبة في اتخاذ القرارات السليمة ، ويميل إلى الحلول الوسط كأسلوب في العمل ، ويسعى إلى التقليل من المشكلات التي يواجهها في الحاضر ؛ لأنه يركز على الضغوط التي يتعرض لها في الحاضر ، ويحاول جاهدًا إرضاء من يؤثرون فيه أو يهددون حياته العملية .
ثانيًا: الأنماط الأربعة الأكثر فاعلية :
1. البيروقراطي:
وهذا النمط القيادي لا يهمه في حقيقة الأمر العمل أو العلاقات الإنسانية إلا أنه لا يظهر ذلك للعاملين معه بل يخفيه في إطار اتباع النظم والتعليمات حرفيًا ، فهو يعمل وراء قناع من الرغبة في العمل ، فعال في اتباعه للتعليمات ، وعلى ذلك فهو لا يؤثر كثيرًا على الروح المعنوية للعاملين ، والقائد البيروقراطي لا يسمح بالمناقشة والتفاهم ، ويأمر مرؤوسيه بما ينبغي عليهم أن يفعلوه في ضوء النظم والتعليمات واللوائح المحددة ، وعادة ما يكون القائد منعزلاً عن الجماعة التي يعمل فيها لا تربطه بهم علاقات إنسانية كريمة من التعاطف والمودة ، فهو يستمتع بمراقبة الأهداف والمخرجات ونشاطات الآخرين ، وقد أطلق (ريدن) على هذا النمط (القائد المنعزل) على أساس أنه منعزل عن العمل وعن الأفراد.
2. المنمي (المطور):
يثق هذا النط بالعاملين ضمنًا ، ويعتقد أن عمله يتمثل أساسًا في تنمية وتطوير قدرات ومواهب الآخرين ، وفي تهيئة مناخ العمل الذي يتيح تحقيق أعلى درجات الإشباع لحاجات العاملين ، وفعالية هذا النمط تنبع من المناخ المشجع الذي يهيئه لمرؤوسيه ؛ لذلك يزداد ارتباطهم به وبالعمل ، غير أن اهتمامه بالعاملين يدفعه في بعض المواقف إلى التضحية بأهداف الإنتاج القصيرة والطويلة الأجل من أجل التنمية الذاتية للآخرين.
3. الأوتوقراطي العادل (الخير):
يثق هذا النمط بنفسه ضمنًا ، ويهتم بالعمل ، وترتكز فعاليته على قدراته ومهاراته في دفع الآخرين لأداء ما يرغب أن يؤدوه دون مقاومة منهم قد تؤثر في الإنتاج ، ويكسب طاعة مروؤسيه وولائهم عن طريق مهارته في توفير مناخ يساعد على أداء العمل ، ولذلك يوصف القائد في هذا النمط بأنه ذو قصد طيب في تعامله مع مرؤوسيه ، فهو يحاول إقناعهم بقبول قراراته ، وقد توصل (ريدن) من خلال دراساته إلى أن القائد الأوتوقراطي العادل يكون في الغالب شخصًا طموحًا توصل إلى مركزه بالتدرج من أسفل المناصب إلى أعلاها ، وأنه يعرف وظيفته جيدًا ، وينفذ أعماله بكفاءة لأنه يكرس معظم وقته للعمل ويؤديه بإخلاص ، ولهذا يمكن اعتباره من الطراز المتفاني في العمل .
4. التنفيذي:
يعتبر هذا النمط أن عمله يتمثل في توجيه أقصى طاقات العاملين نحو العمل المطلوب ، يحث أنه يحدد مستويات طموحه للأداء والإنتاج ، ويدرك أن ثمة فروقًا فردية بين العاملين ، وهذه الفروق في القدرات والمهارات تجعله يمارس أساليب مختلفة في التعامل مع كل فرد منهم ، وتنبع فعاليته من كونه يهتم ويركز على كل من العاملين والعمل بشكل واضح وظاهر للجميع ، لذلك فهو يحقق إنتاجية عالية ، وهذا هو النمط المثالي للمدير الفعال إذ يهتم كثيرًا بالعمل وبالعلاقات مع الأفراد ، وهذا النمط يشابه إلى حد بعيد نمط (9/9) في نظرية بليك وموتون ، وقد أطلق (ريدن) على هذا النمط (القائد المتكامل) على أساس التكامل من حيث الاهتمام بالعمل والاهتمام بالأفراد.
وقد توصل ريدن من خلال دراساته التي أجراها لتحديد مدى صدق النظرية الثلاثية الأبعاد إلى أن الأنماط الثمانية توجد فعلاً بدرجات مختلفة بين القادة كما أنها قابلة للتعميم على أنماط السلوك القيادي دون ارتباط بمجتمع أو ثقافة معينة ، ووجهت الأنظار إلى بعض الأنماط السلوكية التي لم تكن تلق اهتمامًا كبيرًا من قبل.
 
شكل نموذج ريدن ثلاثي الأبعاد لأنماط السلوك القيادي
 
المصدر: المنيف، 1983، ص157.
 
شكل أنماط السلوك القيادي في نموذج ريدن على أبعاد الاهتمام بالعمل والاهتمام بالناس والفاعلية

النمط القيادي درجة الاهتمام بالعمل درجة الاهتمام بالناس درجة الفعالية
1- الإدارية أو التنفيذي Executive عالية عالية عالية
2- الموفق Compromiser عالية عالية منخفضة
3- الأوتوقراطي العادل Benevolent Autocrat عالية منخفضة عالية
4- الأوتوقراطي Autocrat عالية منخفضة منخفضة
5- المنمّي Developer  منخفضة عالية عالية
6-  المجامل Missionary منخفضة عالية منخفضة
7 – البيروقراطي Bureaucrat منخفضة  منخفضة عالية
8- المجمّد أو الانسحابي Deserter منخفضة منخفضة منخفضة

المصدر: المنيف،1983م، ص161
 
5/9 نموذج النمو القيادي
الفكرة الأساسية التي يدور حولها النموذج الذي يقترحه درهمير وجروسمان (drehmer&grossman) هي كيفية التوجيه نحو خلق مناخ الثقة والاحترام المتبادل وعلاقتهما بسلوك القائد وفاعليته ، وسوف يتم استعراض الفكرة الأساسية في شكل متوالية تضم هذه العناصر ، والتي تم تصنيفها إلى تسع مراحل رئيسية ، تصف التطور الاجتماعي للموظف الجديد عند بداية دخوله للعمل حتى حدوث تعهده الشخصي وإظهار ولائه ، وهذه المراحل الرئيسة بالنموذج المقترح كما في الشكل رقم (9) ، وهذه المراحل هي : 
1. الانتباه والاهتمام:
وتمثل هذه المرحلة مدى استعداد المدير لإعطاء الاهتمام والوقت الكافي للمساعدة في حل المشكلات المرتبطة بالعمل ، ويماثل ذلك الربع الأول بنموذج دورة الحياة ، وفي هذه المرحلة من عدم النضج النسبي ، فإن المرؤوس يحتاج بداية إلى معرفة كيفية أداء المهام الوظيفية ، ومن ثم يجب على المدير التركيز على تحديد المهام ، وذلك بإعطاء مزيد من الاهتمام لمساعدة المرؤوس على أداء المهام المطلوبة .
2. التدعيم أو المساندة:
وتتضمن هذه المرحلة المساعدة الإدارية للمرؤوسين لحل مشكلات العمل ، ويرتبط ذلك أيضًا برباعية هيريسي وبلانشارد ، حيث ينطبق هذا السلوك القيادي على المرؤوسين غير الناضجين نسبيًا ، بينما يصورها هذا النموذج كجزء من التعرف على الوظيفة وملامحها ، وبالتالي فهي دورة تالية يمر بها كل الموظفين الجدد ، والفرق الجوهري بينهما أن النموذج الأول يركز على نضج المرؤوس فقط نبينما يركز الثاني على نضج العلاقة والمرؤوس .
3. تبادل المعلومات المرتدة :
قبل هذه المرحلة كان القائد يقوم بتعريف محتوى العمل ، أما في هذه المرحلة فهو يهتم بالتركيز على تفاصيل العمل ، ولك لأن المرؤوس ينظر إلى قائده كمفسر لمسببات القيام بالعمل ، وكمصدر لتبادل المعلومات عن الموضوعات عن الموضوعات التي تؤثر على مدى كفاءته ، وبالتالي يتحول القائد في هذه المرحلة من التركيز المحض على مهام العمل إلى نمط أكثر مشاركة ، حيث يشعر المرؤوس بوضوح الرؤية واهتمام الآخرين ، وبأهميته كصديق وعضو في الفريق بدلاً من العزلة .
4. الرعاية أو العناية : 
وفي هذه المرحلة تسود العلاقات القوية بين القائد ومرؤوسيه بصورة واقعية ، ومع استمرار تبادل المعلومات المرتدة في المرحلة السابقة ، وتزايدها لتشمل هنا تبادل الأفكار والمشاعر الإنسانية ، حيث يتم التعرف على المشاعر والحاجات الإنسانية بوضوح للمرة الأولى ، وتعتبر الرعاية خطوة مهمة لنضج الأفراد ، حيث يبدأ اعتمادهم على النفس والعمل على حل المشكلات التي تم تصعيدها ، حتى لا يحدث الجمود وعدم ترابط مراحل النمو ، كما تبدأ الاستقلالية في الظهور كنتيجة للدوافع الحقيقية.
5. نشأة الاستقلالية:
ويكون التركيز في هذه المرحلة على العلاقات ، حيث يشعر الفرد بأنه مرغوب فيه ، وأن هناك حاجة ماسة إليه ، كما يتم تقوية احترام الذات والانتماء ، ويبدأ الفرد في التفكير والتصرف بنفسه ، وتتميز هذه المرحلة بالحماس الشديد والدافعية لدى المرؤوسين ، ومن ثم فإن عدم التوجيه الصحيح لهذه الطاقة قد يؤدي إلى أضرار بالغة للمنظمة ، وتوازي هذه المرحلة بوادر الربع الثالث بنموذج دورة الحياة لهيرسي وبلانشارد .
6. وضع الحدود:
وتعتبر هذه المرحلة بداية التشريع لتحديد الأداء والناتج المتوقع ، ويرى درهمير وجروسمان أن أهم ما يميز هذه المرحلة هو وضع القائد للحدود والضوابط المناسبة لدور الفرد بالمنظمة ، وفي هذه الحالة يجب عليه توجيهي طاقة مرؤوسيه تجاه قنوات منتجة داخل المنظمة ، حيث يتم توضيح التوقعات عند تبادل القائد للمعلومات عن كيفية مواجهة هذه التوقعات ، ويجب ألا تكون هذه المرحلة تقويمية أو تأديبية من جانب القائد ، بل يجب أن تكون الجهود متضافرة وبناءة.
7. الكفاءة أو المقدرة الشخصية:
وتماثل تمامًا الربع الرابع في نموذج دورة الحياة وهنا يفترض دورهمير وجورسمان أن العاملين لديهم الآراء الخاصة القوية ، والمعرفة الجيدة بالوظائف ، والقدرة العالية لتحمل المسؤوليات ، بناء على ذلك فإن المرؤوسين في هذه المرحلة على درجة عالية من النضج ، حيث أن لديهم مهارات عمل مرتفعة ، وهم ذوو إنجازات عالية واستعداد شخصي أكبر لتحمل المسؤوليات عن النتائج ، ومن ثم فإنه يجب على القائد تعزيز وتقوية هذه الكفاءة والمقدرة الشخصية لمرؤوسيه ، واعتبارهم كأعضاء مساهمين في إنجاز الوحدة الإنتاجية .
8. استقلالية النمو الشخصي والمهني:
في هذه المرحلة يبدو المرؤوس كفرد عامل كامل الأداء ، كفء ومبدع ، قادر على توجيه الذات ، ناجح ومتحمل للمسئولية ، وهنا يرى درهميروجروسمان انتفاء الحاجة إلى المدير التقليدي الذي يعتمد على الإشراف الدقيق والتركيز على العمل ، نظرًا لاكتساب المرؤوس النضج الشخصي والثقة الذاتية في المرحلة السابقة .
9. الولاء والالتزام:
وفي هذه المرحلة النهائية يكون الفرد العامل قد وصل إلى ما أسماه أوشي (ouchi) بالترابط الأساسي مع القائد ومع المنظمة ، حيث يرى العالم نفسه كجزء من كل أكبر ، وعليه مسؤولية تدعيم أو تعزيز هذا الكل الذي ينتمي إليه بصورة شخصية شديد ة ، وهنا يصبح القائد والمنظمة بمثابة أسرة للعامل . 
وعندما يصل الفرد إلى هذه المرحلة فإنه يكون مبادرًا ومتحفزًا وملتزمًا ومرتبطًا مع أسرة العمل.
 
المصدر: بسيوني، 1412هـ ، ص20
 
5/10 نموذج هيرسي وبلانشارد:
قام كل من بول هيرسي (paul Hersey) وكينيث بلانشارد (Kenneth R. Baganchard) (1972م) بتطوير نموذج دورة الحياة للقيادة على ضوء بحوث نموذج ريدن في القيادة . وهذا النموذج يعتبر إحدى نظريات الموقف في القيادة ، ويقوم هذا النموذج على افتراض أساسي هو أنه بزيادة درجة نضج المرؤوسين يتطلب السلوك القيادي المناسب درجات مختلفة من التهيئة للمهام (العمل) والتهيئة للعلاقات (الأفراد) ، فعند النظر إلى علاقة الطفل بوالديه يمكن تصور أربع مراحل لهذه الدورة هي:
1. عندما يكون الطفل صغيرًا يقوم الوالدان بكل الأعمال المتعلقة بهيكلة المهام ، من إلباسه وإطعامه ، ويكون سلوكهما بصفة أساسية هو التهيئة المهامية!
2. عندما ينمو الطفل يبدأ سلوك الوالدين تدريجيًا في الاتجاه نحو العلاقات بإظهار الاحترام والثقة ، وهنا تكون التهيئة نحو العلاقات مرتفعة.
3. حينما يلتحق الابن بالجامعة يبدأ في تحمل جزء من المسئولية عن سلوكه ، وعند هذه المرحلة يبدأ الوالدان في استخدام نمط مختلف بالنسبة للتهيئة المهامية ونمط مرتفع بالنسبة لتهيئة العلاقات سلوكيًا.
4. عندما يتزوج الابن ويكوِّن عائلة فإن الوالدين يمارسان تهيئة مهامية وتهيئة علاقات نحوه بشكل منخفض.
ويعني ذلك أنه كلما تقدم الفرد منن حالة عدم النضج إلى مرحلة النضج المختلفة تطلب الأمر نمطًا مختلفًا من السلوك من جانب والديه ، وكذلك الحال في ظروف العمل ، فالإدارة إذا سمحت للعامل بأن ينضج فإنما يتم ذلك من خلال التغيير الذي يظهر في سلوك القائد كما في الشكل رقم (10) ، وقد شرحا نظريتهما تحت مسمى القيادة الموقفية بشكل مفصل حيث عرفا النضج في القيادة الموقفية بأنه قدرات واستعدادات الأفراد لتحمل المسؤولية لإدارة سلوكهم.
وقد قام كل من (هرسي وبلانشارد) بتصميم نموذج لأسلوب القيادة يتكون من أربعة مربعات ، حيث استخدام تشخصيات مختصرة لكل من المربعات الأربعة ، تبدأ بـ (م1) ، وتنتهي بـ (م4).
عند (م1) تكون المهام عالية والعلاقات منخفضة كأسلوب قيادة ، (م2) تكون المهام عالية والعلاقات مرتفعة كأسلوب قيادة، وفي (م3) تكون العلاقات عالية والمهام منخفضة كأسلوب قيادة، (م4) تكون العلاقات منخفضة والمهام منخفضة كأسلوب قيادة.
فيما يخص نضوج التابع فالأمر ليس مجرد سؤال عن كونه ناضجًا أو غير ناضج ، ولكن الأمر يخص الدرجة ، كما هو واضح في الشكل رقم (11) ، ويمكن تحقيق النضج لتحديد أسلوب القيادة المناسب عن طريق تقسيم خط النضج إلى أربعة مستويات من النضج ، مستويات دنيا من النضج المتعلق بالمهمة يشار إليه بالرمز (ن1) ومنخفض إلى متوسط يشار إليه بالرمز (ن2) ، ومتوسط إلى مرتفع يشار إليه بالرم (ن3) ، ومستوى عال يشار إليه بالرمز (ن4).
وكمثال لتحديد أسلوب القيادة المناسب ، يمكننا الملاحظة كما في الشكل رقم (12) ، إذا كان نضج تابع يختص بالمهمة يقع في المستوى (ن1) (نضج منخفض) ، فإن أسلوب القيادة الذي يتميز بأعلى احتمالية للنجاح سيكون من النمط (م1) (المهام عالية والعلاقات منخفضة) . . . . .  إلخ . 
وهكذا فإن نظرية الوضع القيادي تنص على أنه حين التعامل مع ذوي النضج المنخفض (ن1) فيما يخص إنجاز مهمة معينة فإن (م1) لها أعلى احتمالية نجاح ، وعند التعامل مع أناس ذوي نضج منخفض إلى متوسط (ن2) فإن (م2) تبدو هي الأنسب ، وللعمل مع أناس متوسطين إلى مرتفعي النضج (ن3) فإن (م3) لها الاحتمالية من النجاح مع أشخاص ذوي نضج عالٍ مرتبط بالمهمة (ن4).
إن نظرية الوضع القيادي لا تقترح فقط الأسلوب القيادي الأكثر احتمالية لمستويات النضج المختلفة ، ولكنها تقوم أيضًا بتحديد احتمالات النجاح للأساليب الأخرى إذا كان القائد غير قادر على استخدام الأسلوب المرغوب ، إن احتمالية النجاح لكل أسلوب للمستويات الأربعة للنضج تعتمد على مدى كون الأسلوب من الاحتمالية العليا ، وهي كالتالي:

  • ن1 : م1 احتمال عالٍ/ م2/م3/م4 احتمال منخفض.
  • م2 : م2 احتمال عالٍ/م1/م3/م4 احتمال منخفض.
  • ن3 : م3 احتمال عالٍ/م2/م4/م1 احتمال منفض.
  • ن4 : م4 احتمال عالٍ/م3/م2/م1 احتمال منفض.

 

أن علاقة سلوك القائد بنضج المرؤوسين التابعين له يمر بأربع مراحل كما هو موضح بالشكل رقم (12) ، حيث يسمى المنحنى الموجود بالشكل بـ (المنحنى المكتسب بطول المدة) ؛ لأنه يوضح النمط القيادي المناسب والمباشر لعلاقة مستوى النضج . هذا وتتمثل أنماط القيادة الأربعة بالتالي: (1) التوجيه (الإخبار) (2) الاستشارة (الإقناع) (3) المشاركة (4) التفويض، وهي تجميع لسلوك المهام والعلاقات . فسلوك المهام يعني (ما يقدمه القائد مباشرة للناس العاملين معه وما يوجهه لهم من أوامر لأداء عمل ما ، ماذا يفعلون؟ متى فعلون؟ أين يفعلونه؟ وكيف يفعلونه؟ بمعنى آخر (تصميم الأهداف لهم وتعريف وتحديد أدوارهم) أما أسلوب العلاقات فيعني (ما ينهمك فيه القائد من علاقات ثنائية مع الناس مثل تقديم الدعم والسند، والتشجيع، التعزيزات النفسية، وتسهيل السلوك) بمعنى آخر: الاستماع للناس وتأييد جهودهم.
إن استخدام تقنية تحديد أسلوب القيادة المناسبة والموضح في الشكل رقم (12) قد يجعلنا نشعر بأن هناك مدى ضيقًا من السلوك المناسب لكل وحدة من مستويات النضج الأربعة ، في الحقيقة فإن المدى سيتضمن أيضًا السلوك خلال الدالة كلها والتي تتقاطع مع كل المربعات الأربعة للقيادة.
ويرى هرسي وبلنشارد أن نضج المرؤوسين يكون في مستويات ما بين مستوى منخفض ، ومستوى متوسط ، ومستوى عال.
كما يرى الكاتبان بأن الأسلوب القيادي المناسب لكل مستوى من مستويات النضج يتضمن الجمع والتوفيق الصحيح ما بين سلوك مهام العمل (الإدارة) وسلوك العلاقات (التأييد).
وعلى ذلك فهناك أربعة أنماط لسلوك القائد مع المرؤوس بحسب تطور قدرات المرؤوس وذلك كما يلي:
الخطوة الأولى:
عندما يكون المرؤوس قليل النضج من حيث معرفته بنظام المؤسسة أو طبيعة العمل ، فإن دور القائد هو تزويد المرؤوس بالمعارف والمعلومات اللازمة من فهم المهام بالشكل المطلوب ونمط القائد في هذه الحالة توجيهي .
الخطوة الثانية:
هي محاولة القائد التركيز على تكوين اتجاهات إيجابية لدى المرؤوس نحو العمل والمهام المطلوبة ونحو رؤسائه وتأكيد ولائه للمنظمة ويكون ذلك بالاهتمام البالغ بالعلاقات العامة والاهتمام بالمشاعر والأحاسيس لدى المرؤوس ومراعاة ظروفه وتقدير واحترام نفسيته فتتولد لدى المرؤوس مشاعر جمة نحو العمل والمؤسسة .
الخطوة الثالثة:
بعد أن تتكون لدى المرؤوس المشاعر والاتجاهات الإيجابية نحو العمل والفهم الدقيق لطبيعة المهمة فإن من المؤكد أن المرؤوس أصبح ذو قدرة كبيرة لممارسة دوره بفعالية كبيرة والقيام بما يطلب منه على الوجه المطلوب وينتظر منه المبادرة نحو العمل نظرًا لما تكونت لديه من اتجاهات إيجابية ولذلك ينتقل القائد لمشاركة ذلك المرؤوس في القيادة لأنه يمتلك جانبين على قدر كبير من الأهمية (الإتقان، وحب العمل) ، ولذلك سيكون النمط المناسب هو الأسلوب التشاركي ومراعاة أن تكون العلاقات عالية ويبدأ الاهتمام بالمهام في الانخفاض وذلك تبعًا لسلوك المرؤوس الفردي الإيجابي.
الخطوة الرابعة: 
إذا استطاع المرؤوس أن يكتسب المهارات الفردية اللازمة وأصبحت سلوكياته الفردية تدل على نضج عالٍ ومهارة كافية لأداء المهام فإن الرئيس ينتقل إلى توظيف قدرات المرؤوس نحو العمل الجماعي وقيادة المجموعات و فرق العمل وبذلك يكتسب مهارات السلوك الجماعي والقدرة على قيادة العمل الجماعي وعند توفر هذه المهارة يكون النمط القيادي مع ذلك المرؤوس هو التفويض ومنح مزيد من الصلاحيات . (Hersey&Blanchard,1982, P156) .
شكل رقم (10) القيادة المناسبة والتي تلائم مستوى نضج الاتباع
 

 

المصدر: (Hersey&Blanchard,1982, P155)

شكل رقم (11) القيادة والنضج
 
المصدر: (Hersey&Blanchard,1982, P161)

شكل رقم (12) أساليب القيادة ومستويات نضج المرؤوسين

المصدر: (Hersey&Blanchard,1982, p197)

وقد أشار كل من هيرسي وبالنشارد إلى أن المديرين يدخلون دورتين أثناء أداء العمل وهاتين الدورتين هما:
1. الدورة التطويرية (التنموية)
يدخل المديرون الدورة التطويرية في كل مرة يحاولون فيها زيادة النضج المتعلق بأداء مهام الأفراد أو المجموعات زيادة على المستوى السابق الذي أحرزه الفرد أو المجموعة ، بمعنى آخر أن الدورة التطويرية هي دورة تنمية.
ولتوضيح الكيفية التي تعمل بها الدورة التطويرية يورد الباحث هذا المثال ، نفترض أن مديرًا ما كان قادرًا على تشخيص حالة البيئة ، ثم وجد أن ال نضج المتعلق بأداء المهام للفرد أو المجموعة والذي يندرج تحت مسؤولياته ، حيث وجده منخفضًا (ن1) ، وهو يستخدم نموذجًا مناسبًا من العلاقات الدنيا والمهام العليا (م1) ، كما هو مبين في الشكل (13) نموذج تحديد القيادة المناسبة .
كما يمكن ملاحظة أنه بمجرد تشخيص المدير بأن لدى تابعين مستوى منخفض من النضج ، يمكنه بالتالي أن يحدد النموذج المناسب للقيادة الذي يمكن استخدامه ، حيث الزاوية اليمنى للمنشأة من نقطة التقاء النضج المتصل مع دالة المنحنى في جزء نموذج القيادة من الشكل .
باستخدام (م1) في هذه الحالة قد ينتج عنه أداءً فاعلاً نسبيًا ، ولكن إذا افترض نفس القيادي أو المدير أن إحدى مسؤولياته هي زيادة الرشد (النضج) النسبي لأتباعه ، من ثم عليه أن يكون متحفزًا للدخول في مغامرة فيقوم بتفويض جزء من المسئولية للأفراد الذين يعملون لديه . (Hersey&Blanchard,1982, P194)
 
شكل (13) نموذج تحديد القيادة المناسبة

المصدر: (Hersey&Blanchard,1982, P197)
 
1. الدورة الاتدادية:
يشير هيرسي وبلانشارد إلى إن المديرين قد يحتاجون إلى القيام بتدخل ارتدادي ، وذلك عندما يبدأ الأتباع بالسلوك بطريقة أقل نضجً مما كانوا عليه في الماضي ، ولذلك فإنه في الدورة التطويرية يحاول المديرون أن يدعموا النضج الخاص بالأهداف بفرد أو مجموعة لم يخضع لما في الظروف السابقة ، من ناحية أخرى فإن الدورة الارتدادية تشتمل على تدخل من المديرين ويكون ضروريًا عندما يكون فرد أو مجموعة من المرؤوسين أقل فعالية من البقية ، ولهذا فإنه في الدورة الارتدادية فإن المديرين يجب أن يوظفوا أسلوب قيادة مناسبة لمستوى النضج الحالي بدلاً من الأسلوب الذي كان فعلاً عندما كان الفرد أو المجموعة في مستوى أعلى من النضج .
يأتي الانخفاض في النضج عادة كنتيجة لما يمكن أن يسمى (استجابات المنافسة القوية) في البيئة المحيطة ، إن أشياء أخرى تدخل في منافسة مع أهداف القائد أو المنظمة ، وبالتالي تصبح حاجات أقوى بالنسبة للتابعين فيما يخص سلوكهم ، ولتوضيح فكرة عمل هذه الدورة يورد المؤلفان عددًا من الأمثلة ، لكننا سنورد واحدًا منها . 
أثناء استشارة معمل بحوث وتطوير ضخم ، عمل أحد المؤلفين مع مدير مسئول عن الإشراف على أحد العلماء النشطين جدًا من بين الطاقم العامل في المعمل، لقد كان هذا العالم منهمكًا ومنكبًا على عمله لدرجة أنه عندما يذهب ذلك المشرف إلى المعمل في الساعة الثامنة مساءً لم يكن من المستغرب رؤية الإضاءة تحت باب معمله ، وحتى في عطلات نهاية الأسبوع يكون من المعتاد وجود هذا العامل في المعمل ، لقد كان له مساهمات في البرنامج الذي يعمل عليه أكثر من مساهمات أي شخص آخر في المعمل.
وقد لاحظ المؤلف أن هذا المدير كان يتبع سلوكًا مناسبًا باستخدام أسلوب علاقة منخفضة ومهام منخفضة (م4) لمستوى النضج الأعلى (ن4) لهذا العالم ، ولهذا فإنه بدلاً من العمل كما يعمل المشرف على هذا العضو ، كان المدي يعمل كممثل لهذا العالم عند المستويات الأعلى في المنظمة ، وكان المدير يحاول الوصول إلى أعلى مستوى من الأداء لهذا العالم عن طريق كونه همزة وصل لتوفير كافة الموارد والتنسيق مع الأعضاء الآخرين.
ويتضح من استعراض النظريات والنماذج القيادية السابقة ، وعلى الرغم من اختلاف مسمياتها فيما بينها ، إلا أنها تدور حول بعدين أساسيين في السلوك القيادي هما:

  • البعد الأول: البعد الإنساني ، الذي يركز على الاهتمام بالإنسان .
  • البعد الثاني: البعد الوظيفي الذي يركز على الاهتمام بالعمل والإنتاج.

وإن ما ينزع عن هذين البعدين من أنماط ينحصر بين تلك التي تدور حول مفهوم القسوة والإكراه والضغط كوسيلة لإحداث التأثير ، وتلك التي تسعى إلى المشاركة ، ومراعاة المشاعر كأسلوب للتأثير على العاملين (Hersey&Blanchard,1982, P197).
ومن خلال استعراض نماذج القيادة الإدارية السابقة يتضح للباحث أن هناك أوجهًا من الشبه والاختلاف بين هذه النماذج وبين نموذج هيرسي وبلانشارد ، فمثلاً:
1. أسلوب التوجيه (الإخبار):
والذي يعتقد كل من هيرسي (Heresy) وبلانشارد (Blanchard) أن الأفراد غير القادرين أو غير المستعدين لتحمل مسئولية عمل بعض الأشياء في هذا النمط غير جديرين أو غير واثقين ، لذلك فإن نمط التوجيه (الإخبار) في (م1) يقدم لهم وضوحًا ، ويؤدي إهمال عنصر الاهتمام والإشراف المباشر إلى الاختلال الوظيفي ، حيث يقلل من جهود الأفراد في حالة غياب المشرف ، لذلك يكون الإشراف فعال لهذا المستوى من النضج ، ويرتبط ذلك ارتباطًا وثيقًا بنموذج النمو القيادي لـ (درهميروجروسمان) حيث سمياه مرحلة الانتباه أو الانتباه .
ويتشابه أسلوب التوجيه مع دراسة جامعة أوهايو حيث تسمية الاهتمام العالي بالهيكل والاهتمام الأقل بالاعتبارات الإنسانية ، ومع نموذج ليكرات في القيادة ، وهو الأسلوب القيادي الذي يهتم بالعمل أكثر من اهتمامه بالفرد أو الموظف ، ومع نموذج تنبنوم وشميدت فهو يشبه النمط الأول من النماذج السبعة التي وضعوها ، وهو النموذج التسلطي ، ويتشابه مع نمط (1/9) لبليك وموتون والذي يهتم بالعمل أكثر من اهتمامه بالناس ، ويتفق مع نموذج ريدن ذو الأبعاد الثلاثة في النمط الأوتوقراطي العادل أو الخير . 


2. أسلوب الإقناع أو (الاستشاري):
وهم الأفراد غير القادرين ، ولكنهم مستعدون (ن2) لتحمل المسئولية ، وهم واثقون غير أنهم في حاجة إلى مهارات في هذا الوقت ، فلذلك يقدم لهم الإقناع (الاستشاري) (م2) سلوكًا توجيهيًا بسبب حاجتهم إلى القدرات ، وكذلك يحتاجون إلى سلوك تأييد ودعم لتعزيز استعداداتهم لتكون أكثر مناسبة مع أفراد هذا المستوى من النضج ، والتابعون في هذا المستوى النضجي يقفون مع القرار إذا فهموا سببه ، وإذا وفر قائدهم بعض المساعدات والتوجيه ، وبالتالي يتحول القائد في هذه المرحلة من التركيز المحض على مهام العمل إلى أسلوب أكثر مشاركة ، ويتضمن ذلك علاقات ومشاعر قوية : مثل نمط (9/9) لبليك وموتون ، وأسلوب تبادل المعلومات المرتدة لدرهمير وجروسمان، والاهتمام الكبير لكل من الهيكل والاعتبارات الإنسانية في دراسات جامعة أوهايو ، والقائد المشارك لليكرت والذي يهتم بالعمل والفرد ، والنمط السابع لتاننبوم وشميدت ، والنمط التنفيذي لريدن حيث يثق بالعاملين إلى جانب الاهتمام العالي بالإنتاج .


3. أسلوب المشاركة:
الأفراد في هذا المستوى من النضج قديرون ، غير أنهم غير مستعدين (ن3) لعمل ما يريده القائد ، إن عدم استعدادهم غالبًا ما يكون فعالية لنشدانهم الثقة أو عدم الاطمئنان ، كما أنهم جديرون وغير مستعدين ، إن إحجامهم عن الأداء يعتبر مشكلة دوافع أكثر منه مشكلة طمأنينة وأمن ، وفي كلتا الحالتين يحتاج القائد إلى فتح الباب (اتصال ثنائي وإصغاء نشيط) ، وذلك لدعم وتأييد جهود التابعين لاستخدام القدرات التي لديهم ، ويكون التركيز في هذه المرحلة على العلاقات ، حيث يشعر الفرد بأنه مرغوب فيه ، وأن هناك حاجة ماسة إليه ، وتوازي هذه المرحلة نشأة الاستقلالية في نموذج درهمير وجروسمان ، والنمط (9/1) لبليك وموتون ، والاهتمام العالي بالعلاقات في دراسة جامعة أوهايو ، والاهتمام العالي بالموظف في نموذج ليكرت ، والنمط المنمى (المطور) لريدن ، والذي يسعى إلى إيجاد جو من التعاون في العمل مما يساعد على إيجاد أقصى قدر من الدافعية والتحفيز والرضا بين العاملين .


4. أسلوب التفويض:
والأفراد في هذا المستوى من النضج يعتبرون مستعدين وقادرين أو واثقين لتحمل المسئولية ، لذلك فإن أسلوب التفويض (م4) الذي يقدم توجيهًا وتأييدًا قليلين يكون لديه احتمال عالٍ لأن يكون فعال مع الأفراد في هذا المستوى من النضج ، وفي الوقت نفسه فإن الأفراد في هذا المستوى ناضجون نفسيًا ولا يحتاجون إلى اتصال ثنائي أكثر من المعدل أو إلى سلوك تأييدي ، وهنا يفترض أن الأفراد لديهم الآراء الخاصة القوية ، والمعرفة الجدية بالوظائف ، والقدرة العالية لتحمل المسئوليات ، وتماثل هذه المرحلة تمامًا الكفاءة أو المقدرة الشخصية في نموذج درهمير وجروسمان ، وتشابه النمط (1/1) لبليك وموتون ، والاهتمام المنخفض بالعمل والعلاقات في دراسة جامعة أوهايو ، والنمط البيروقراطي أو الروتيني في نموذج ريدن ، ولم يتعرض نموذج تاننبوم وشمديت إلى هذا النموذج ، والذي ينخفض فيه الاهتمام بالعمل والعلاقات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع: الصغيّر، محمد بن عبد الله، رسالة ماجستير بعنوان: مدى استخدام ضباط الكليات العسكرية للأساليب القيادية لنموذج هيرسي وبلانشارد (دراسة تطبيقية على ضباط كلية الملك عبد العزيز الحربية وضباط كلية الملك فهد الأمنية) - قدمت هذه الرسالة استكمالاً لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في العلوم الإدارية من جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ، كلية الدراسات العليا، قسم العلوم الإدارية، الرياض ، 1424هـ- 2004م.

تحميل محتوى الصفحة رجوع