أهمية الاتصالات في تذليل مشاكل المنظمة
أ- مفهوم وطبيعة الاتصال
يتفاعل الفرد مع غيره من خلال وسائل الاتصال للتعبير عن أبعاد التفاعل الاجتماعي بين الأفراد. ويعد الاتصال هو الوسيلة الاجتماعية التي يتم من خلالها التفاهم بين الأفراد وخلق حركة ديناميكية الجماعة والتفاعل المستمر بين الأفراد والجماعات على حد سواء والاتصال وسيلة رئيسة من الوسائل التي تستخدم لتحقيق أهداف المنظمة بشكل عام حيث يتم من خلالها نقل المعلومات والبيانات والآراء والأفكار بين الأفراد لغرض تحقيق الأداء المستهدف للمنظمة. (Gaovanni M, 2007: 1). وللاتصال ( وظيفة أدارية تتصل بطبيعة العمل الإداري من تخطيط وتنظيم وتنسيق وتوجيه ورقابة ويعني الاتصال تبادل الأفكار والآراء والمعاني بقصد أحداث تصرفات معينة) (عبودي، 2006: 60). كما يعني (الاتصال Cimmunicarion هو تبادل الأفكار أو الآراء أو المعلومات عن طريق الكلام أو الكتابة أو الإشارات ) (بعلبكي، 2006: 198)
وقد ازدادت أهمية الاتصالات في المنظمة المعاصرة بعد أن اتسع نطاق الأخيرة وتسارع نموها وتطورها إضافة إلى ازدياد حجمها وتعقيدها وابتعاد الإدارات العليا عن حركة التنفيذ في ميادين العمل والمنظمة باعتبارها وحدة اجتماعية هادفة لا تستطيع تحقيق أهدافها تلك إلا عبر حلقات مستمرة وحركة دائمة من الاتصالات سواء بطابعها الرسمي أو غير الرسمي هذا خاصة وأن التفاعلات الاجتماعية هي حقيقة أساسية تمثلها حركية ديناميكية التطور والنمو الذي تشهده المنظمات المختلفة. () ولذا فإن عملية الاتصال تعد ذات أهمية أساسية في نقل المعلومات والأفكار والمشاعر والحقائق وغيرها بين الأفراد أو الجماعات كما تعتمد كفاءة الاتصال على العديد من المتغيرات المختلفة سواء ما يتعلق منها بطبيعة العمل أم الموقع المادي لوجود الأفراد أو ما يرتبط منها بطبيعة جماعات العمل الرسمية أو غير الرسمية والوسائل المختلفة واستيعاب مضامين الاتصال وإبعاده المهمة في تحقيق أهداف الفرد والمنظمة معاً.
ومن هنا يتضح بجلاء الأهمية التي يتطلبها الاتصال وخصوصاً تماسك الجماعة والأدوار والمعايير التي تعتمدها والعوامل الضاغطة الأخرى، إضافة لتأثير عملية الاتصال بحجم الجماعة أو المنظمة وحجم وتعقيد المهمات المطلوب تحقيقها. إذ تؤدي حركية ديناميكية الجماعة دوراً أساسياً في عملية الاتصال وفي فاعليته وكفاءته ذلك لأن الجماعة تسهم إسهاما فعالا في متطلبات حاجات الفرد ورغباته وسبل إشباعه لذا فإن وسيلة تحقيق هذه الغايات تكمن في استمرار حركة الاتصال بين أفراد الجماعة إلا أنه قد يتأثر الاتصال بعامل التشويش أو الضوضاء التي تحد من فاعلية الاتصال وقد أثبتت التجارب العلمية أن عامل التشويش في نقل المعلومات ينخفض بازدياد تماسك الجماعة حيث تؤدي إلى اتصال واضح ودقيق للمعلومات والمفاهيم والأفكار عبر قنوات الاتصال المختلفة. (الشماع، 2005: 201)
أما الجماعات غير المتماسكة فإن التشويش يؤدي دوراً واضحاً في تفككها وخلق الصراعات والمنافسة المستمرة بين أعضاءها ولذا فإن الاتصالات هي نشاط إنساني يستهدف تحقيق مستلزمات التوازن والاستقرار للفرد والجماعة والمنظمة على حد سواء. ولا يتفق الباحثون والمتخصصون بشأن تحديد مفهوم الاتصال بشكل دقيق فقد عرف من قبل البعض على أنه استعمال اللغة والإشارات ونقل المعلومات والمعاني للتأثير في السلوك كما عرفه البعض الآخر على أنه عبارة عن عملية تحويل واختيار جزء معين من المعلومات على شكل رسالة صادرة من مصدر معين إلى شخص آخر هو المستفيد أو المستقبل (بكسر الباء) وعرف الاتصال أيضًا على أنه عملية نقل رسالة من شخص إلى آخر ضمن المنظمة أو التفاهم المتبادل بين شخص وآخر. (Kath Ieen L, 2007: 5) ومن هنا فإن هذا التعريف يتضمن نقل الآراء والمفاهيم والأفكار وتلقي ردود الفعل عن طريق نظام دقيق للتغذية العكسية للمعلومات المرتدة لغرض التوصل إلى أفعال محددة تسهم في تحقيق أهداف المنظمة إذ يتضمن هذا التعريف التأكيد على مفهوم الاتصال الرسمي والاتصال غير الرسمي كما سيعرض لاحقاً باعتبارهما يشكلان المجموع المتكامل للأنشطة المختلفة لنظام الاتصالات في المنظمة والتي تسهم في تحقيق أهدافها. أن الاتصالات تقسم إلى رسمية وغير رسمية وتنقسم الاتصالات الرسمية بدورها إلى الاتصالات العمودية والأفقية (أو الجانبية)، والمتقابلة (أو المحورية)، والخارجية.
ب- أهمية الاتصالات
يمكن القول بشكل عام أن الاتصالات بأية صورة كانت رسمية أو غير رسمية هي على درجة عالية من الأهمية في المنظمة وقد أثبتت الدراسات والبحوث بأن الاتصالات تمثل ما يقارب 75% من نشاط المنظمة لذلك فهي تعد بمثابة الدم الدافق عبر الشرايين الحياتية للمنظمة إذ بدون الاتصالات تموت أو تضمر الحركة الدائبة للمنظمة وجميع أنشطتها الأخرى ويمكن إيجاز الأهمية التي تنطوي عليها الاتصالات في المنظمة بما يأتي: الاتصالات نشاط إداري واجتماعي ونفسي داخل المنظمة إذ أنها تسهم في نقل المفاهيم وآراء والأفكار عبر القنوات الرسمية لخلق التماسك بين مكونات المنظمة وبالتالي تحقيق أهدافها. (التميمي، 2000: 77) وتعد عملية الاتصالات بين الأفراد ضرورة أساسية في توجيه وتغيير السلوك الفردي والجماعي للعاملين في المنظمة. كما وأن الاتصالات وسيلة أساسية لإنجاز الأعمال والمهمات والفعاليات المختلفة في المنظمة. والاتصالات وسيلة هادفة لضمان التفاعل والتبادل المشترك للأنشطة المختلفة للمنظمة. ويتم من خلال تقبلهم لأرائه وأفكاره وصيغ عمله داخل المنظمة وبمعنى أكثر وضوحا فإن عملية الاتصال تمثل وسيلة رقابية وإرشادية لنشاطات الرئيس في مجال توجيه فعاليات المرؤوسين. يتم من خلال الاتصال نقل المعلومات والبيانات والإحصاءات والمفاهيم عبر القنوات المختلفة مما يسهم بشكل أو بأخر في اتخاذ القرارات الإدارية وتحقيق نجاح المنظمة ونموها وتطوره. ومن هنا يتضح عمق الدور الذي يلعبه الاتصال في إطار المنظمة الإنسانية (الهواري، 2002: 265)
ت- أنواع الاتصالات
تتضمن فعاليات الاتصال الجارية داخل المنظمة أنواعاً متعددة تعكس طبيعة التفاعلات الرسمية وغير الرسمية السائدة فيها وتتمثل بما يأتي: (توم، 1998: 34) (حجازي، 2004: 87)
1- الاتصالات الرسمية: تقسيم الاتصالات الرسمية على أربعة أنواع رئيسة هي: الاتصالات العمودية: وتنقسم بدورها على اتصالات نازلة وصاعدة. فالاتصالات النازلة تتضمن الاتصالات بين الرئيس ومرؤوسيه حيث يحقق هذا النوع من الاتصالات تعريف العاملين بطبيعة العمل وكيفية أداءه وهي تتم عادة بالعديد من الصيغ المألوفة في الاتصال مثل المذكرات واللقاءات الجماعية ومناقشة الموازنات ومنشورات المنظمة وهكذا وغالبا ما تكون فاعلية التغذية العكسية فيها منخفضة إذ أنها تتكون أساسا من تسلم الأوامر وتنفيذها من قبل المرؤوسين عمليا. (John quclch, 2007: 6) أما الاتصالات الصاعدة فتتضمن نشاطات الاتصال الصادرة من المرؤوسين إلى الرئيس وتضم نتائج تنفيذ الخطط وشرح المعوقات والصعوبات في التنفيذ والملاحظات والآراء الصاعدة إلى الرئيس وهي تعزز عن طريق سياسة الباب المفتوح من قبل المدير وصناديق المقترحات وغيرها ولا تحقق هذه الاتصالات الأهداف المطلوبة إلا إذا شعر العاملون بوجود درجة معينة من الثقة بين الرئيس ومرؤوسيه واستعداده الدائم لاستيعاب المقترحات والآراء الهادفة إلى التطوير. (عبد الوهاب، 2000: 185) النوع الثاني من الاتصالات الرسمية هي الاتصالات الأفقية أو الجانبية Lateral Communication حيث تمثل الاتصالات القائمة بين الأفراد أو الجماعات في المستويات المتقابلة ويعزز هذا النوع من الاتصالات العلاقات التعاونية بين المستويات الإدارية المختلفة وتؤدي الثقة المتبادلة. (Fred H, 2002: 7) النوع الثالث من الاتصالات الرسمية هي الاتصالات المتقابلة أو المحورية Diagonal Communication حيث تشمل الاتصال بين المدراء وجماعة العمل في إدارات غير تابعة لهم تنظيما ويحقق هذا النوع من الاتصالات التفاعلات الجارية بين مختلف التقسيمات في المنظمة. ولا يظهر هذا النوع من الاتصالات عادة في الخرائط التنظيمية وإنما يظهر من خلال الصيغ المتعارف عليها والمألوفة في الاتصالات وخصوصاً في المنظمات الكبيرة.
النوع الرابع من الاتصالات الرسمية هي الاتصالات الخارجية External Comm وتضم الاتصالات الجارية بين المدراء والأطراف الأخرى خارج المنظمة مثل المجهزين والمستهلكين والمستعملين الصناعيين وغيرهم وتسهم الاتصالات الخارجية في زيادة فاعلية وكفاءة الأداء وتحقيق الفرص المتاحة والاستثمار الأفضل للموارد. (Gaovanni M, 2007: 7)
2- الاتصالات غير الرسمية: وهي بمثابة الاتصالات التي تتم بين الأفراد والجماعات وتكون عادة بدون قواعد محددة وواضحة وتمتاز بسرعتها قياساً بالاتصالات الرسمية. (جمال الدين، 2006: 411)
ث- المعوقات المؤثرة في كفاءة وفاعلية الاتصال
التفت حديثاً العديد من الباحثين والمتخصصين إلى الكلف المادية والاعتبارية التي تنشأ من ضعف كفاءة وفعالية الاتصال وأجرى العديد من التجارب للكشف عن العقبات والمعوقات التي تحول دون تحقيق الاتصال الفعال بغية تحقيق الأهداف المطلوبة وقد أسهمت هذه الدراسات في أعطاء صور ذات أبعاد إيجابية في تحقيق الكفاءة والفاعلية وتجاوز الصعوبات الناجمة عن ذلك ويمكن إيجاز معوقات الاتصال بما يأتي:
1- صعوبات التكييف: يحاول المدير باستخدام سبل الاتصال وتكييف الفرد للموقف التي تتماشي والسياسة العامة للمنظمة المعنية. فإذا قام المدير بانتهاج أسلوب جديد للمكافآت مثلاً فإن الفرد العامل قد يلجأ إلى خفض الإنتاج أو إتلاف المواد أو تعطيل الآلات وذلك لعدم معرفته بالنظام الجديد وعدم تكيفه معه. فالإدارة تستخدم الأسلوب السليم في الاتصال لتحقيق التكييف السلوكي للفرد مع النظام الجديد وهكذا. ولذا فإن صعوبة تكييف الأفراد مع الاتجاهات الجديدة التي تطلبها الإدارة يعد عائقا خطيراً في تحقيق كفاءة فاعلية الاتصال ولذلك يقوم المدير بانتهاج أسلوب تعلم الفرد تدرجيا بالإبعاد الهادفة لسبل التغيير الحاصلة في قائمة الرواتب والأجور والمكافآت الأخرى مثلاً وتوفير سبل التعلم والتكييف لتحقيق الصيغ من الاتصال. (Fred H, 2002: 8)
2- المعوقات النفسية (السيكولوجية): المعوقات النفسية ذات أكثر كبير في تحديد مستوى كفاءة وفاعلية الاتصال إذ غالباً ما يقوم الاتصال على افتراض أن مستقبل الرسالة يمتلك من الاستعداد الفكري والذهني والقابلية الإدراكية مما يجعله ذا قدرة على استيعابها وإدراك ما تنطوي عليه من مدلولات معينة غير أن مثل هذه الافتراضات غالباً ما تغفل الجانب النفسي للفرد ولذا فإن عملية الاتصال لا تتم بنجاح إلا إذا أخذت بنظر الاعتبار اختيار الوقت الملائم لنقل الرسالة والقابلية الشخصية لمستقبلها. (الطعامنة، 2004: 75)
3- صعوبات نقل المعاني عن طريق الرموز والكلمات: من الجدير بالذكر أن الاتصال غالباً ما يتم عن طريق صياغة الرموز والكلمات والعبارات فالكلمات والرموز ذات معاين متعددة وغالباً ما يرسم السلوك المتحقق للفرد في ضوء المعاني التي توصل إلى فهمها واستيعابها (العامري، 2007: 489) من خلال الرموز أو الكلمات المشار إليها ومن هنا يتضح بأن الكلمات ذات المدلولات المختلفة والتباين الواضح بين الأفراد في استقبال المفاهيم وإدراكها كلها تشكل معوقات أو عقبات في تحقيق الاتصال الكفوء والفاعل في الكلمات المتباينة في المعاني والمفاهيم لا تحقق السلوك الموحد لجميع الأفراد هذا إضافة إلى التباين الفردي في استيعاب وإدراك هذه الكلمات فمثلاً قد يكون لمتغير المنطقة الجغرافية (ريف، حضر) أثر كبير في استقبال المفاهيم الواحدة بصورة إدراكية مختلفة.
كما قد يؤثر متغير الثقافة العامة التي يتمتع بها الفرد في قدرته على الفهم والإدراك لذلك لابد أن يشار إلى ضرورة اختيار الرموز والكلمات والمعاني والمفاهيم بصورة تنسجم مع متطلبات تحقيق الاستيعاب الأمثل للأفراد المستقبلين للمعلومات والآراء داخل المنظمة المعنية، ومن شأن الأسلوب أن يسهم في الحد من أثر التباين الفردي واختلاف معاني الرموز في الوقت ذاته. (John, A 2007: 7)
4-المعوقات المتعلقة بالفئات الاجتماعية: ترتبط هذه العقبة في الاتصال بالحالات الناشئة عن تكوين الاتجاهات الفئوية بين جماعات العمل المختلفة فالعاملون قد يشكلون فئة تتعارض وفئة المدراء مثلا أو أن الأفراد في المستويات الإدارية العليا ينظرون إلى المستويات التنفيذية أو الإشرافية بمستوى أدنى وهكذا بالنسبة للعمال الماهرين وغير الماهرين وكذلك بالنسبة للعاملين في الأمور المكتبية والعاملين في الخطوط الإنتاجية فالإدارة الهادفة لتحقيق الاتصال الكفوء والفاعل لابد أن تأخذ الأشكال المتباينة للتكوين الشرائحي في جماعات العمل بنظر الاعتبار والاتجاه بجهد واسع لتذليل المشكلات الناتجة عن ذلك حيث لا مبرر للإدارة إطلاقا من تعزيز التنافر والصراع بين جماعات العمل أو خلقها لولاءات أو عداءات متباينة داخل المنظمة الواحدة سيما وأن طرق التغيير قد تخلق اتصالات متنافرة وغير هادفة لتحقيق نجاح المنظمة.(Kath Ieen L, 2007: 9)
5- تعدد المستويات الإدارية وبعد المسافة: يمكن أن يلعب بعد المسافة جغرافيا بين المرسل والمستلم (المستقبل) دوراً في الإخفاق في تحقيق نتائج الاتصال لاسيما في المنظمات كبيرة الحجم إذ أن المسافة الجغرافية البعيدة غالباً ما شكل الإنشاء والتفسير وغالباً ما يتم استخدام الهاتف أو الوسائل الآلية الأخرى قدر المستطاع لتذليل عقبة البعد الجغرافي بين المرسل والمرسل إليه كما أن لتعدد المستويات الإدارية الدور ذاته في خلق معوقات الاتصال المطلوب إذ كلما تعددت المستويات الإدارية التي تمر عبرها الرسالة (العراق، 1999: 284) وخصوصاً المرسلة بالطريقة الصاعدة من الأدنى إلى الأعلى كلما لعبت الحلقات الإدارية في الهياكل التنظيمية الوسيطة الدور المعرقل في إيصالها للإدارة العليا خوفاً من المراكز الإدارية أو الاعتبارات الأخرى غير الموضوعية التي تحتمها الظروف الشخصية للقائم بها ومن هنا يبدو بأن المشكلات صغيرة الحجم التي لا يصار إلى استيعاب أثرها مرحليا قد تشكل على المدى البعيد مشكلات كبيرة ذات كلف عالية في اتخاذ القرار المناسب بشأنها. (Charles, 2001: 33)
6- تقييم مصدر الاتصال: لمصدر الاتصال دور كبير في استيعاب الرسالة المرسلة إليه فهو يتسلم الرسالة المعينة ولا يفسرها فقط في ضوء المعاني والرموز والدلالات التي تحتويها وإنما على وفق خبرته وثقافته ودرجة استيعابه كما أنه يأخذ بنظر الاعتبار المرسل والأهداف المتوقعة من قبلة جراء قيامه بإعداد الرسالة ففي مجال الصراعات الناشئة بين النقابات والإدارة مثلاً، فإن الإدارة لو أصدرت قرارا منصفا للعامل في مجال معين فإن الشك يساور النقابيين من أن الإجراء هذا التفاف معين حول العمال كما أن الإدارات حينما تمارس النقابات موقفا لصالح العمال فإنها غالباً ما تفسره في ضوء الصراعات القائمة بين كل منهما لذا فإن تقييم مصدر الاتصال غالباً ما تكون عائقا أساسياً في استقبال الرسالة بوضوح واستيعاب المفاهيم الأساسية التي تنطوي عليها فعلاً. (Santiago, 2007: 4)
7- تأثير المستلم بحالاته الانفعالية: حينما يشعر الفرد في ظروف عمله بقدر معين من القلق أو الخوف أو عدم الأمان فإن ما يسمعه يشكل لديه أثارة وتهديدا قياساً بسماعة لذات الموقف عندما يكون على درجة عالية من الاستقرار والتوازن الذهني والفكري لذلك فإن عملية الاتصال لا تحقق أهدافها بنجاح إلا إذا اتسمت بإمكانية أخذها بنظر الاعتبار لمغيرات الحالات الانفعالية والنفسية للأفراد فحالات الغضب والانفعال من شأنها أن تؤدي إلى استقبال المعلومات والبيانات بصورة سلبية بينما تشكل الحالات الاعتيادية قاعدة إيجابية لاستقبال ذات البيانات بصورة سليمة. (Fred H, 2002: 8) ومن هنا يتضح بجلاء بأن معوقات الاتصال الكفء والفعال ذات أثر كبير في خلق معاناة كبيرة للمنظمة العاملة من حيث إضعاف قدرتها على تحقيق الأهداف المطلوبة بالشكل الطموح لذا لابد أن يصار إلى تجاوز هذه المعوقات وتذليلها بالشكل الذي يحقق للمنظمة الاتصال المطلوب.
ج- دور الاتصال في الاتصال الفعال
يعتقد المديرون أن التحدث هو الاتصال ولكن الحقيقة غير ذلك فالاتصال مهم تماماً مثل التحدث فالمعلومات القادمة للمدير أو القائد تأتي في الغير ولابد من توفر مهارات الإنصات، أن الإنصات مهارة استقبال الرسائل بما فيها من حقائق ومشاعر من أجل تفسير معناها فالمهم أن يعرف الإنسان ما يقال وما وراء ما قيل: وحتى عندما يقرأ يحاول التعرف على معنى السطور وما بين السطور. (سهيلة، 2004 : 141) أن معظم الناس لا تنصت جيداً فهم غالباً ما يكونوا مشغولين في تجهيز ما سيقولونه والمفروض أن ينصتوا لما يقوله الآخرون. أن الإنصات مفيد في الاستماع إلى المشكلات والانحرافات وإلى اقتراحات التحسين وإلى تقارير الأداء وإلى الصراعات وإلى المعلومات المالية والمحاسبية. وهو مفيد في تجميع كل المعلومات اللازمة للقائد للوفاء بمتطلبات وظيفته. وأحياناً يكون الصمت أبلغ من الكلام. أن المنصت الجيد يسأل أسئلة أثناء وقبل حديث الآخر. يعيد صياغة ما قاله الآخر بطريقته. (Heather M, 2007: 9) يركز على ما يقال وبعد ذلك يعيد تلخيص ما سمعه وما فهمه. يومئ برأسه ليشعر الآخر أنه متابع. يهتم المنصت بالمحتوى بدلاً من أن ينتقد أو يعلق على دقة الألفاظ أو قواعد اللغة. يضع عيونه في عيون الراسل ولا ينشغل بأشياء أخرى. يؤجل إبداء رأيه أو حكمه على ما قيل حتى نهاية حديث الراسل. (ارمسترونغ، 2001: 37)
ح- اختيار قناة الاتصال المناسبة
ومن المهم الإشارة إلى أن اختيار وسيلة الاتصال لها دور مهم في تحسين عملية الاتصال وزيادة فاعليته. (Garry Emmons, 2007: 6) وفي هذا الإطار فإن طبيعة المشكلة أو الموقف وما إذا كان روتينيا أو غير روتيني وكذلك مدى ثراء قناة الاتصال أو ضعفها لها تأثير كبير على العملية الاتصالية ويمكن أن تمثل هذه الحالة بالشكل التالي:
الشكل اختيار قناة الاتصال المناسبة
تمثل الاتصالات عصب الحياة في منظمات الأعمال الحديثة إذ يمضي المدراء أغلب وقتهم أثناء الممارسات الإدارية في عمليات اتصالات مع الآخرين سواء كانوا أفراد أو مجموعات داخل المنظمات أو جهات وأطراف خارجية. أن أغلب المشاكل المثارة في المنظمة يمكن أن نجد خلفها سوء اتصال أو سوء ايصال للمعلومة أو تحريف لها وعدم فهمها وبالتالي تصبح عملية اتخاذ القرار وتحديد الأهداف ليست بالمستوى المطلوب من الكفاءة والفاعلية.
تعني الاتصالات عمليات بث ونقل المعلومات من شخص إلى آخر فهي إذن عمليات إرسال واستلام رموز ذات معاني مرتبطة بها وتهدف إلى إعلام أو طلب من آخرين إجراء عمل ما أو تعديل لسلوك ما أو أي شيء آخر. ولا يمكن تصور ممارسات إدارية دون وجود مثل هذا النوع من التفاعل بين الأفراد. ويفترض أن تكون الاتصالات فاعلة Effective Communications وتعني عمليات إرسال رسالة بطريقة تكون مفهومة بشكل تام وكامل كما يراد لها من قبل المستلم. كذلك يفترض أن يكون الاتصال كفوءا Effective Communications ويحصل هذا عندما يتم الاتصال بأدنى التكاليف وأقل استخدام للموارد وبأفضل وسائل الاتصال. أن الوقت بشكل خاص يعتبر من الموارد المهمة والأساسية في عمليات الاتصال ومن الممكن أن يكون الاتصال فاعلا ولكن ليس كفوءا والعكس صحيح. ويلاحظ تغيير وقام قائد الفريق بزيادة الأعضاء شخصيا ليعرض عليهم يوضح التغييرات الجديدة فإن هذا يضمن أن كل واحد قد عرض التغييرات الجديدة لكن أيضًا سيكون مكلفاً جداً من ناحية وقت المدير. أن لقاء الفريق يمكن أن يكون أكثر كفاءة لكن الأمر في الاتصال يحتاج إلى موازنة دقيقة بين الفاعلية والكفاءة.
إن تنوع أنشطة المدير اليومية حيث الاجتماعات والاتصالات وتبادل التقارير ضرورية جداً لإنجاز العمل وهي جميعاً تحتوي على عمليات اتصال. أن أدوار المدير لا تخلو أحداهما من قدر معين من الاتصالات وأن البعض منها هو عملية اتصال كاملة. أن الأدوار التفاعلية تتضمن الاتصال بالرؤساء والمرؤوسين وزملاء العمل والفئات الأخرى خارج المنظمة كذلك فإن أدوار القرارات تتطلب من المدير التعامل بقد رمن المعلومات تأتي من أطراف عديدة ومن مصادر مختلفة لكي تستخدم في صناعة اتخاذ القرارات ومن ثم يتم إيصالها إلى المعنيين بهذه القرارات للتنفيذ لتأتي الأدوار المعلوماتية مركزة على متطلبات تقاسم المعلومات والبيانات وإرسالها إلى مختلف الجهات الداخلية والخارجية. كذلك ترتبط الاتصالات بشكل مباشر بوظائف الإدارة الأساسية كالتخطيط والتنظيم والرقابة والقيادة، فعمليات فحص البيئة وتأشير أفق العملية التخطيطية واتخاذ القرارات وغيرها كلها تتطلب قدر من الاتصالات والحوار والتفاعل مع مختلف أجزاء المنظمة. كذلك فإن تفويض الصلاحية والتنسيق وتطوير المنظمة تتطلب عمليات اتصال وإقناع لغرض أن يكون التفاعل إيجابياً ويحقق أهداف المنظمة. هذا بالإضافة إلى أن تطوير أنظمة المكافآت ووضع المعايير ورقابة الأداء كلها وظائف لا يمكن القيام بها دون وجود نظام اتصالات فاعلة وكفوءة. في إطار ذلك نلاحظ أن الاتصالات تمثل أغلب العمل الإداري في المنظمة وبنسب كبيرة جداً، إذ بدون هذه الاتصالات لا تستطيع المنظمة العمل كوحدة واحدة بل قد تضمر وتموت الأجزاء في المنظمة التي لا تصلها المعلومات والبيانات بشكل صحيح.
تمثل الاتصالات نشاطا إداريا واجتماعيا وإنسانيا ونفسيا تتفاعل في إطاره جهود مختلف العاملين وأرائهم وأفكارهم عبر قنوات اتصال معينة لكي نصل إلى أفضل صيغة للعمل الإداري في المنظمة. يضمن الاتصال تفاعل إيجابي وتبادل مشترك بين مجموعات العمل والأنظمة الفرعية وصولا إلى أفضل صيغ للعمل وأكثرها كفاءة. يتم من خلال الاتصال إطلاع الرؤساء على نشاط المرؤوسين كذلك يستطيع المرؤوسون التعرف على توجهات العمل والأهداف المراد تحقيقها. يعتبر الاتصال وسيلة فعالة لإنجاز الأعمال والمهام والفعاليات المختلفة. يساهم الاتصال في نقل المعلومات والبيانات والإحصاءات والمفاهيم إلى مختلف الأفراد والمجموعات والجهات والأقسام بحيث تستطيع المنظمة العمل على وفق صيغة تنسيقية متكاملة. كما ويساعد الاتصال على توجيه وتغيير سلوك الأفراد وهو وسيلة فعالة للتعلم والتطوير والتدريب للأفراد والمجموعات في المنظمة.
إن المديرين ينفقون معظم وقتهم اليومي في اتصال مباشر مع آخرين أو بطريقة أخرى فإن أكثر هذا الوقت يتم إما في الاجتماعات أو على الهاتف أو حتى التحدث غير الرسمي، والأوقات الأخرى يتم أيضًا في عمل مكتبي معظمه أما في القراءة أو في لكتابة فالمديرون -وما بالك بالقادة- يحاولون جمع معلومات من داخل المنظمة ومن خارجها ثم يقومون بتوزيع المعلومات الملائمة لمن يحتاجها. فالاتصال يدخل في كل وظيفة من وظائف الإدارة.. فما بالك بوظيفة القائد الذي يعتبر نفسه وكيل تغيير.. إن اتصالاته لابد وأن تكون ذات تأثير... التأثير الذي يبغيه. أن الاتصال هو عملية يتم فيها تبادل وفهم المعلومات بين شخصين أو أكثر بقصد تحفيز الأخر لعمل شيء أو الامتناع عن عمل شيء أو الاقتناع بشي.
نظراً للأهمية القصوى التي نعطيها لعملية الاتصال بوصفها وسيلة القائد للتأثير على البشر وإقناعهم فهناك أربعة مصادر كبرى تعوق الاتصال الفعال. ومن الضروري الوعي لها والسيطرة عليها أن مكن: كاستخدام الراسل لمفاهيم ومصطلحات ورموز غير واضحة تماماً عند المتصل به أو تثير شريط ذكرياته فينسى الرسالة أو يسمع ما يريد أن يسمعه منها أو تضغط على نقاط الضعف عنده فتعوق تفهمه للرسالة أو ما يترتب عليها. واستخدام الراسل لغة غير لفظية مثل لغة الجسد بحيث لا تتفق مع اللغة اللفظية مثل تعبيرات الوجه وتعبيرات العين واليدين ونبرات الصوت. ومصداقية الراسل ضعيفة أو مهزوزة عند المتصل به وهنا تظهر أهمية العلاقة التاريخية بين الراسل والمتصل به فإذا كان المتصل به لا يثق في ولاء أو مصداقية الراسل فإنه يأخذ الكلام بحذر وربما يفهم عكس الرسالة المراد توصيلها له.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع: العمري، قاسم شاهين بسيم، أطروحة دكتورة بعنوان: أنماط القيادة الإدارية وـاثيرها في نجاح المنظمات الحكومية، دراسة تحليلية لآراء عينة من المدراء والعاملين في محافظة ذي قار، أطروحة دكتوراه تقدم بها الباحث إلى مجلس كلية الإدارة والاقتصاد جامعة سانت كليمنتس وهي جزء من متطلبات نيل درجة دكتوراه فلسفة في الإدارة العامة، كلية الإدارة والاقتصاد ، جامعة البصرة ، العراق، 1430هـ - 2009م.