تفويض الصلاحيات (السلطة) Delegation of authority
أن التطور والتوسع الذي أخذ مكانه في المجتمعات والمنظمات، وكافة القطاعات العامة والخاصة بالإضافة للتطور التكنولوجي، والاكتشافات والاختراعات العلمية وكبر حجم التنظيمات وما ترتب عليه من كبر قطاع العمل في المصانع والشركات والمنظمات الحكومية. (Charles, 2001: 14) هذه الزيادات أدت بشكل تدريجي إلى زيادة ضغط العمل والذي أدى بالمدراء والقادة ورجال الأعمال إلى أن يفوضوا بعضاً من صلاحياتهم إلى مساعديهم أو مرؤوسيهم. (فوض الأمر إليه جعل له التصرف فيه، الفوضى قوم فوضى ليس لديهم رئيس) (مصطفى، 2007: 706) (مفوض ، مزود بالسلطة، مجازاً مرخصا له Authorized ) (البعلبكي، 2006: 75) (السلطة Authority هو الحق القانوني الذي يضفيه القانون أو المركز الوظيفي على شاغل الوظيفة بإصدار الأوامر للآخرين وواجبهم في إطاعة وتنفيذ هذه الأوامر (عبودي، 2006: 180) (المركزية Centrism هي انحصار كافة الصلاحيات والمهام المتعلقة بشؤون الأفراد في هيئة مركزية واحدة تقع في أعلى السلم الهرمي وترتبط بإدارة المنظمة العليا) (عبودي، 2006: 246)
أ- أبعاد عملية التفويض Dimensions of delegation process
تختلف الأنماط التي تتم فيها عملية التفويض للسلطة، هناك بعض من القادة أو المدراء من يتمسك بكل السلطات الممنوحة له ويرفض مبدأ التفويض وهناك من يقوم بالتفويض تحت ظروف معينة مثل ضغوطات العمل وكبر حجمه لدرجة تجبرهم على ذلك، والبعض الآخر يفوض السلطة ويفشل في تحديد نوع السلطة المفوضة، والنوع الأخير يعطي تفويض كامل للسلطة، والواقع أن النوع الأول والأخير غير مرغوب بهما، أي عدم تفويض السلطة أطلاقا نظراً للمخاطر التي تنجم عنها بالإضافة لكونها نوعاً من المغامرة والمجازفة إلى الحد الذي لا يسهل السيطرة عليه وتفويض السلطة يأخذ بعدين مهمين هما (عدد الوظائف أو النشاطات المفوضة والمدى الذي يتم فيه التفويض لكل وظيفة أو نشاط). (Jim Hesketl, 2007: 8)
هناك أمور يمكن تفويض السلطة فيها وأخرى لا ينبغي تفويض السلطة فيها أما الأمور التي يجوز التفويض فيها فهي (احتياطات الأمن والنظام واستخدام الأجهزة والمعدات والصرف الاجتماعي والترفيهي وتدريب الموظفين الجدد على العمل ومراقبة المستوى الصحي والنظافة والتغذية والإشراف على حضور وانصراف العاملين ومنح الإجازات الاعتيادية والمرضية) . (الرفاعي، 1999: 82) أما الأمور التي لا ينبغي تفويض السلطة فيها فهي (حق تفويض السلطة نفسه والمسؤولية النهائية لجودة العمل كما وكيفا والعلاقات الخارجية مع المنظمات الأخرى وتخطيط برامج التدريب في إثناء الخدمة للعاملين ورفع التقارير عن سير العمل إلى الرؤساء والفصل في الخلافات الداخلية بين الموظفين والبت النهائي في الترقيات والجزاءات وإنهاء الخدمة والبت النهائي في حالات الغياب الطويل والتأخير ومشكلات النظام والمسؤولية النهائية في الاحتفاظ بمستوى صحي منتج للمنظمة). (Martha lagace )
يركز الفكر الإداري الحديث على ضرورة تعزيز السلطة الرسمية بالسلطة غير الرسمية. أن قبول المرؤوسين لأوامر رئيسة من قناعة ورضا يمكن عده مؤشرا على تمتع الرئيس بالسلطتين الرسمية وغير الرسمية. وقد ذهب خبير الإدارة (Chester Barnard) إلى أبعد من ذلك إذ اعتبر أن فعالية السلطة تعود إلى قبول المرؤوس للأوامر وليس للرئيس. كما حدد Barnard الظروف التي يمكن للشخص أن يتقبل فيها سلطة رئيسة وهي: أن يكون قادراً على فهم الأوامر والتعليمات التي تصدر إليه من رئيسه. وأن يكون قادراً على تنفيذ تلك الأوامر والتعليمات. وأن يشعر بأن الأوامر والتعليمات تصب في مصلحة المنظمة. وأن تخدم تلك الأوامر والتعليمات المصالح الذاتية له ولمجموعته. وإلا تتعارض الأوامر والتعليمات مع قيمة الذاتية. وأن يقتنع بالأوامر والتعليمات. (ارمسترونغ، 2001: 91)
ب- السلطة والمسؤولية
أن السلطة والمسؤولية تمثلان وجهات لعملة واحدة فالسلطة تفوض من أجل أن يقوم من تفوض له السلطة بنشاط محدد يكون مسؤول عن تحقيق ذلك النشاط. فما هي إذن المسؤولية؟ المسؤولية هي العبء أو الالتزام الذي يترتب على الشخص مقابل حصوله على سلطة ما. (Basu 1998: 24) أن الموازنة بين السلطة القيام بالواجبات المترتبة على هذا التفويض. أن السلطة تفوض والمسؤولية لا تفوض. أن السلطة تفوض من قبل الرئيس إلى المرؤوس بقدر ما يتوقع الرئيس من المرؤوس من أعمال وذلك لتمكين المرؤوس من القيام بتلك الأعمال، غير أن السلطة في الأصل ممنوحة للرئيس من قبل من اختاروه رئيسا للمنظمة لإدارتها وتحقيق أهدافها. فهو يبقى إذن مسئولا عن كامل الأعباء والالتزامات التي تفرضها السلطة الممنوحة له. فالمرؤوسين لن يسألوا أمام من اختار الرئيس فالرئيس وحده يبقى مسئولا عن كافة تصرفاته في المنظمة التي يرأسها. (Encouraging, Garry, 2007: 34)
أما قولنا بأن الرئيس عندما يفوض السلطة يحمل المرؤوس معها مسؤولية هذه السلطة التي منحه إياها فهذا أمر بين الرئيس والمرؤوس يندرج تحت ما نسميه الرقابة على حسن استخدام السلطة لكنه لا يعفي الرئيس من المسؤولية الكاملة عن السلطة التي فوضها إلى مرؤوسيه إذ إنها مسؤوليته وحده ويحاسب عليها. أما مسؤولية المرؤوسين تجاه رئيسهم فهي مسؤولية محصورة بينهم وبين رئيسهم ولا علاقة لمسؤولية الرئيس تجاه من اختاروه بهذه المسؤوليات الفرعية. لذلك يحق تفويق السلطة للقيام بالعمل ولكن تبقى المسؤولية من واجب من لديه السلطة أصلاً فلا يعفى الرئيس من مسؤولية مرؤوسه إذ من حق الرئيس أن يفوض سلطته ولكن ليس من حقه التهرب من مسؤوليته (Sean Silner, 2007: 22) وعموما لا يمكن استبعاد علاقة التخويل بتوازن السلطة والمسؤولية على إنها جميعاً علاقة تشكل حلقة دائرية يقود أحدها الآخر وكما في الشكل (2-1) التالي:
الشكل حلقة المساءلة وعلاقتها بالصلاحية والمسؤولية
Basu, C.R. "Business Organization and Management" Total Mc Graw Hill, New Dilhi, 1998: p24.
ت- المركزية واللامركزية Centralization & decentralization
1- المركزية Centralization:
إن مفهوم المركزية مفهوم منبثق من عملية تفويض السلطة سواء ابتدأ هذا التفويض من قمة الهرم الإداري وانحدر إلى القاعدة عبر المستويات الإدارية المختلفة أو كان داخل الوحدة التنظيمية نفسها أو المستوى الإداري نفسه بين الرؤساء والمرؤوسين. ويطلق هذا المفهوم عادة على المنظمة التي يكون فيها تفويض السلطة في أدنى مستوياته إذ لا يوجد مركزية مطلقة في أي منظمة فاعلة. إذ لا بد للرئيس كما رأينا سابقًا أن يفوض جزءا من سلطته كي يتمكن مرؤوسوه من تحقيق الأنشطة التي كلف الرئيس بموجب سلطاته بتحقيقها. وعملية تفويض السلطة هي أهم مبادئ التنظيم الجيد والتي يتركز عليها الهيكل التنظيمي الذي يقود المنظمة إلى تحقيق أهدافها والتعامل مع عناصر المنظمة والبيئة بكفاءة عالية. فالمركزية تعني أن تركيز القرارات في يد صاحب السلطة سواء أكان في قمة الهرم الإداري أو في قمة المستوى الإداري التنفيذي أو المستوى الإداري الإشرافي باعتبار أن الهرم الإداري ينقسم على ثلاثة مستويات هي مستوى الإدارة العليا ومستوى الإدارة الوسطى أو التنفيذية ومستوى الإدارة الدنيا أو الإشرافية. (كلالة، 1997: 213).
2- اللامركزية Decentralization
إن مفهوم اللامركزية هو المفهوم المناقض لمفهوم المركزية بالنسبة لتفويض السلطة إذ يشير إلى اتساع نطاق عملية تفويض السلطة وتعدد تنوع مواقع ومستويات اتخاذ القرارات. إن مفهوم اللامركزية مفهوم نسبي إذ لا توجد لا مركزية مطلقة في أي منظمة فاعلة إذ يعني ذلك، إن وجد، تفكك المنظمة وانعدام القيادة. ورغم الجدل الذي يدور حول هذين المفهومين في تفويض السلطة وتفضيل البعض للمركزية والبعض الآخر للامركزية فإن الأمر ليس بهذه السهولة. إذ إن هناك عوامل تؤدي دوراً بارزاً لتحديد عملية التفضيل أهمها الآتي: (Charles, 2001: 15) (العتيبي، 2002: 126) (jim Hesketl, 207: 12)
(أولاً) الإدارة العليا - إن طبيعة الإدارة العليا في المنظمة كقيادة لها تؤدي دوراً مهما في عملية تفويض السلطة فكفاءة هذه الأدوار وعقائديتها وفلسفتها لتلك العقائدية ولخبراتها بالإضافة إلى نمطها القيادي يحدد بلا شك تفويض السلطة ومدى تطبيق المركزية واللامركزية فيها. فإن كانت الإدارة العليا ذات كفاءة متميزة ونظرة متطورة ونمط ديمقراطي في القيادة يؤمن بالمشاركة كان للامركزية دور بارز في عملية تفويض السلطة والعكس صحيح خاصة في أنماط القيادة الدكتاتورية أو الأوتوقراطية.
(ثانيًا) خطوط القرار - إن من أهم العوامل التي تعزز مفهوم المركزية في اتخاذ بعض القرارات هي خطورة مثل هذه القرارت وتعريض سلطة الإدارة العليا للخطر وهذا العامل يفسر أيضًا عدم وجود لا مركزية مطلقة. والأمثلة كثيرة سواء في مجال إدارة الأعمال أم الإدارة العامة. فدائرة المبيعات في منظمة الأعمال قد تتمتع باللامركزية في عملية بيع منتجات المنظمة ولكن ليس بعملية بيع بعض أصول المنظمة. وكذلك في الدولة فبالرغم من وجود رئيس حكومة وقائد جيش فإن قرارات السلم والحرب مثلاً ليست لا مركزية بل من سلطات رئيس الدولة أو أجهزة الدولة المختصة الأخرى التي يجب أن تصادق على مثل هذه القرارات أحيانًا. وقد تؤدي تكلفة القرار والحساسة التي قد يثيرها في حالة اتخاذ القرارات أحيانًا. وقد تؤدي تكلفة القرار والحساسية التي قد يثرها في حالة اتخاذ قرار خاطئ نتيجة للامركزية دوراً في زيادة خطورة القرار وضرورة محلة أو مركزة.
(ثالثًا) طبيعة نشاط المنظمة - إن لطبيعة نشاط المنظمة دوراً مهما في عملية تفويض السلطة وتبني سياسة المركزية أو اللامركزية في هذا التفويض. فلو نظرنا إلى منظمة ذات نشاط خاص كالمستشفى مثلاً نجد أن اللامركزية تطبق في مجال التخصصات الطبية إذ إن القرار يترك للدائرة الطبية المختصة في كيفية وطبيعة المعالجة في حين تطبق المركزية في الأمور المالية والإدارية والإعلامية.. الخ.
(رابعًا) حجم المنظمة - إن كبر حجم المنظمة يشجع أحيانًا وخاصة عند زيادة تشتت فروعها جغرافيا إلى تطبيق نوع من اللامركزية في حين يحتم صغر حجم المنظمة ضرورة تطبيق المركزية فيها.
(خامسًا) الظروف العامة والخاصة التي تحيط بالمنظمة - إن الظروف الخاصة التي قد تمر بها المنظمة أو الظروف العامة التي تحيط بها قد تفرض على المنظمة إعادة النظر في تصميم الهيكل التنظيمي وبالتالي تعديل عملية تفويض السلطة لكي تتغلب على الظروف القاهرة أما بتوسيع نطاق تفويض السلطة أو تضييقه حسب طبيعة تلك الظروف. أي (بيئة معقدة مضطربة لامركزية وبيئة مستقرة ثابتة مركزية).
ث- مجالات تطبيق المركزية واللامركزية: هناك مجالان لتطبيق المركزية واللامركزية هما: (الرفاعي، 1999: 83) (الغمدي، 1990: 10) (عماد، 2006: 41) (روبرت، 2005: 124) (الساعدي، 2002: 3)
1- الميل نحو مركزية السلطة: في المنظمات الصغيرة والنشاط الموحد غير المتنوع، وفي الدول النامية التي لا تتبني المؤسسية العلمية في الإدارة. وفي المنظمات ذات القيادات الدكتاتورية والأوتوقراطية. وفي المنظمات التي لا تتمتع بكفاءات عالية قادرة على تحمل المسؤولية. وفي المنظمات التي لا تتمتع بتجانس بين موظفيها والعاملين فيها وانعدام الثقة بين الإدارة والقوى البشرية العاملة في تلك المنظمات.
2- الميل نحو لا مركزية السلطة: في المنظمات الكبيرة ذات الأنشطة المتنوعة، وفي الدولة الصناعية التي تعتمد المؤسسية في مختلف منظمات الدولة وتتبنى النهج الديمقراطي في الحكم وتؤمن بالمشاركة في اتخاذ القرار وبمبدأ -التخصص. وفي المنظمات التي تتمتع بكفاءة عالية في قواها البشرية وتعاون وثقة متبادلة بين الإدارة والعاملين في المنظمة. وفي المنظمات التي تتمتع بتجانس بين موظفيها والعاملين فيها ووجود نقابات مهنية متطورة تفرض المشاركة في اتخاذ القرار في ما يختص بالعاملين. وفي ا لظروف الاستثنائية التي تفرض سرعة في اتخاذ القرار خاصة في المنظمات الكبرى أو ذات الإجراءات الروتينية الطويلة.
ج- المجالس واللجان
من الأمور الشائعة في التنظيم الاستعانة بالمجالس واللجان لتتولى مهمة تنظيم بعض الأنشطة ومتابعتها كي تحقق تلك الأنشطة أهدافها. وقد تأخذ المجالس مكانة رسمية أشبه بالمنظمة في بعض الأنشطة المهمة وتخضع لإجراءات قانونية في تشكيلها وتعيين أعضائها والقائمين على إدارتها فهناك مثلاً مجلس التعليم العالي في الإدارة العامة الحكومية ومجالس الإدارة في المنظمات المساهمة وهي هيئات اعتبارية تدخل في صميم الهيكل التنظيمي للنشاط المعني بالتنظيم. وهناك لجان متعددة في الإدارة سواء أكان ذلك في مجال الإعمال أم في مجال القطاع العام أم القطاع الحكومي. ويمكن تعريف اللجنة بأنها هيئة اعتبارية تتألف من أعضاء منتخبين أو معنيين بالأصالة أو الانتداب للقيام بمهمة محددة ضمن صلاحيات واضحة ومسؤولية موازية للصلاحيات الممنوحة لها. (Martha lagace,2007: 15)
ح- مزايا التفويض
هناك مزايا متعددة للتفويض فهو يقلص الروتين ويخفف الأعمال الانتقاديه. للقيام بإعمال أكثر أهمية -التخطيط والتنظيم والتحفيز، والتوجيه. الذي يوفر الطاقة لعملية الإدارة مما يقلص فترة التأخير في نصاعة القرار طالما أن السلطة مفوضة كي يتحقق الهدف من العمل. ويسمح باتخاذ قرار من قبل المستوى الذي تكون فيه المعلومات التفصيلية معروفة. كما وأنه يطور قدرة الموظفين لاتخاذ قرارات، وتنفيذ الأعمال وتحمل المسؤولية. (Fred H, 2002: 1) والسؤال هو متى يتم التفويض؟ على المدراء أن يفرضوا عندما يكون لديهم عمل أو أكثر مما يستطيعون تحقيقه بكفاءة لوحدهم. ولا يمكنهم تخصيص الوقت الكافي لواجباتهم الأهم. ويطوروا مرؤوسيهم. ويمكن للمرؤوسين القيام بالعمل بشكل مناسب. أما كيف يفوض المدراء فإنه عدماً يقوموا بالتفويض فعليهم أن يقرروا ماذا يفوضوا. لمن قاموا بالتفويض واختيار من يقوم بالعمل. كيف سيقودوا ويطوروا مرؤوسيهم كيفي سيراقبوا تنفيذ الأوامر. وماذا يفوضوا، سيفوضوا الأعمال والواجبات التي ليسوا مضطرين للقيام بها بأنفسهم. في الواقع أن التفويض يجعل حياة المدراء أصعب. ولكنه أكثر إفادة فهم سيفوضون الروتين والأعمال التكرارية. (Charles, 2001: 16)
خ- مراحل تفويض السلطة
يتم تفويض السلطة ضمن مراحل أربع متدرجة حسب حجم التفويض ونوعه ومداه وعلى النحو الآتي:
1- المرحلة الأولى -تفوض الواجبات بدون إعطاء حق اتخاذ القرارات، هذه المرحلة تعد أدنى درجة في التفويض، وتعد سهلة للمرؤوسين من الناحية ا لنفسية لأن الحلول والقرارات تبقى على عاتق رئيس العمل أو القائد، وهذه المرحلة لا تقيس قدرة المرؤوسين على حل المشاكل في مناطق التفويض، لأنها لا تختبر هذه القدرات في الوصول إلى مرحلة اتخاذ القرار حيث أن المفوض إليهم لا يملكون هذا الحق. (أرمسترونغ، 2001: 92)
2- المرحلة الثانية -تفويض للواجبات وحق اتخاذ القرارات المشروطة بموافقة المفوض. فمثلاً يسمح للمفوض إليه بأن يكون له صوت مسموع إلى حد ما في الإنتاج والدخل العام. ويسمح له بأن يوصي التغيرات المرغوب إحداثها، إلا أنه يجب الحصول على موافقة المفوض قبل الشروع في التنفيذ وهذه المرحلة تختبر قدرة المفوض إليهم في ممارسة الأعمال والواجبات وقدراتهم على إقناع المفوض وكسب ثقته. (Sean Silner, 2007: 24).
3- المرحلة الثالثة- في هذه المرحلة فإن رئيس العمل والمرؤوسين يحلوا المشاكل مع بعضهم البعض، ويفضل في هذه المرحلة أن يعمل جميع المرؤوسين كفريق واحد، والرئيس أو القائد هو الذي يدير النقاش، إن التفويض هنا بالإضافة للواجبات المشاركة على قدر المساواة في اتخاذ القرارات الملائمة من خلال النقاشات المشتركة ووضع وجهات النظر المختلفة، (كلالة، 1997: 214) والحلول أو القرارات تعتبر نافذة ومحمية لأنها أخذت من تجارب الآخرين المعنيين بالأمر، والواقع أن هذه المرحلة تعد اختبار للمرؤوسين من حيث جاهزيتهم ونضجهم لتحمل المسؤولية كاملة إذ تعد هذه المرحلة مقدمة للمرحلة الرابعة. (Fred H, 2002: 7)
4- المرحلة الرابعة -وهي مرحلة التفويض الكاملة للسلطة من حيث تفويض الواجبات أو الوظائف بالإضافة إلى الحق الكامل في اتخاذ القرارات وتنفيذها وهي مرحلة ليست سهلة. (العتيبي، 2002: 127) إذ أن المفوض يجب أن يكون مستعد لسحب تفويضه فيما لو أساء المفوض إليهم استخدام السلطة بطريقة تتعارض مع الأهداف المراد تحقيقها. (الدوري، 1997، 12).
تبين أن تفويض السلطة ظاهرة صحية إذا كانت بسبب ضغوطات العمل، ليتفرغ المسؤول الأول لمهام التخطيط الشامل ووضع السياسات العامة وهو قد يكون تفويض مطلق أو جزئي، بالإضافة إلى التفويض يجب أن تحدد فيه النشاطات من حيث عددها والمدى الذي يتم فيه التفويض لكل نشاط والتفويض لا يعفي المفوض من المسؤولية وعليه سحب تفويضه إذا أسيء استخدام السلطة من قبل المفوض إليهم وإن عدم تفويض السلطة أمر غير مرغوب فيه لأنه لا يسمح للمرؤوسين باختبار مهاراتهم في العمل لذلك يجب أن يكون التفويض بالدرجة التي تساعد على تحقيق الأهداف العامة وبشكل يخلق حافزيه للعاملين بأن يشاركوا في تطوير الأداء والإنجاز كما وكيفا، والواقع أن التفويض عملية نسبية تختلف من وقت لآخر وبدرجات متفاوتة لكل وظيفة أو نشاط بالإضافة لطبيعة أو قناعة المفوض نفسه، والثقة هي الأساس في عملية التفويض أما شفهيا أو خطيا.
لا يمكن القيام بكل شيء من قبل المدراء بأنفسهم لذا عليهم إن يفوضوا، في البداية يبدو التفويض أمر سهلاً يطلب فقط من الشخص أن يقوم بما يريده أن يفعله، ثم يدعه يقوم به ولكن الأمر يتطلب أكثر من ذلك، من الممكن أن يتمنى المديران يفوض كل الأعمال ما عدا تلك التي لا يستطيع المرؤوسين القيام بها. ولكن لا يمكنه الانسحاب منها. فقد قام بالترتيبات لكي يؤدي الوظيفة شخص آخر لكنه لن يتخلى عن مسؤوليته منها. فالمدير مسؤول أمام رئيسه عما يفعله المرؤوس. أن التفويض أمر صعب ولربما هو من أصعب المهام التي يمكن للمدراء أن يقوموا بها، وتكمن المشكلة في جعل الميزان صحيحاً ما بين الإفراط في التفويض أو التقليل منه من جهة وما بين الإفراط أو التقليل من الإشراف من جهة أخرى. عندما تعطي شخصاً ما عملاً ما كي ينجزه يجب أن يكون واثقا من أنه أنجزه يجب أن تعرف ذلك دون أن تحسس مرؤوسك أو تضيع وقته ووقتك، يجب أن تتولد الثقة كما القيادة والإشراف تماماً.
للامركزية مزايا مثل القدرة على مواجهة مشاكل الدولة المتعددة والمنتشرة في أرجاء البلاد فالوزير أو الشخص المسئول لا يمكن أن يكون متواجدا في كل مكان في وقت واحد، لذا لا مفر من أن يستعين بغيره ليترك لهم بعض اختصاصاته، وتتيح للمسئول متسعا من الوقت لدراسة الموضوعات المهمة دراسة جدية متأنية لا استعجال فيها أو قصور في البث وإعطاء الرأي النهائي. وانتشار الموظفين في عدة أماكن وتواجدهم في عدة مقار عمل يجعلهم الأقدار على تقرير احتياجات العمل والإطلاع على المشاكل والمعوقات وسبل علاجها ومواجهتها وذلك بحكم اتصالهم المباشر مع جمهور المتعاملين. والسماح بإعداد صف من الموظفين القياديين ليتحملوا أعباء المسئولية وتأهيلهم مستقبلاً لشغل الوظائف القيادية، فاللامركزية تتيح فرص تدريب كل مرؤوس على مباشرة اختصاصات المنصب الذي يعلوه مباشرة. وإعفاء الأجهزة الحكومية من الضغط الزائد عليها والمتمثل في طلبات جمهور المتعاملين ورغباتهم وذلك بإحالتها إلى أماكن أو مناطق يقل فيها الضغط. والسرعة والمرونة في إنجاز الأعمال وحل المشكلات وتلافي الأخطاء وتداركها قبل وقوعها. وتسهيل عملية الاتصالات وفعالياتها بحيث تتم بشكل مباشرة مرن وفعال دون تعقيدات روتينية.
إن اللامركزية ليس لها أي ضرر بالنسبة لوحدة الجهاز الإداري فهي لا تؤثر في أداء الجهاز فكرا أو أسلوبا ذلك لأن الوزير أو المسؤول يحتفظ باتجاه مرؤوسيه بسلطته الرئاسية وأنه يستطيع في حال تفويض اختصاص أن يعدل عنه في أي وقت يشاء دون قيود أو شروط. إن الإدارة اللامركزية تفترض وجود ركنيين رئيسين لابد من توفرهما معاً وهما ظهور منظمات وأجهزة عامة لها من الشخصية الاعتبارية أو المعنوية مما يدعم ويعزز من وجودها القانوني. واستقلالية تلك المنظمات والأجهزة عن (الإدارة المركزية) أي عن الوزارة بحيث يكون لها جهازها الإداري المستقل ويعتبر العاملون فيها مستقلين عن العاملين لدى الإدارة المركزية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع: العمري، قاسم شاهين بسيم، أطروحة دكتورة بعنوان: أنماط القيادة الإدارية وـاثيرها في نجاح المنظمات الحكومية، دراسة تحليلية لآراء عينة من المدراء والعاملين في محافظة ذي قار، أطروحة دكتوراه تقدم بها الباحث إلى مجلس كلية الإدارة والاقتصاد جامعة سانت كليمنتس وهي جزء من متطلبات نيل درجة دكتوراه فلسفة في الإدارة العامة، كلية الإدارة والاقتصاد ، جامعة البصرة ، العراق، 1430هـ - 2009م.