نحاول في هذا المقال التطرق إلى الأسس النظرية للقيادة الإدارية، فكل دراسة أو بحث علمي لابد له من تقديم المرتكزات النظرية التي تساعده على فهم التصورات الواضحة لحيثيات الدراسة لتوجيه في انتقاء المتغيرات التي يبني عليها فرضياته التي يتحقق من ثبوتيتها في ميدان الدراسة العملية، وقد جاءت الأسس النظرية وفق الآتي:
- أولا: مفهوم القيادة الإدارية وأهميتها.
- ثانيا: أنماط القيادة الإدارية.
- ثالثا: نظريات القيادة الإدارية.
أولاً: مفهوم القيادة الإدارية وأهميتها
نتاول هنا نقاط متعددة خاصة بالقيادة والقائد الإداري لكي يكون مدخلا منطقيا لدراسة تهيئة الدخول في سبر المبحثين المخصصين لأنماط ونظريات القيادة، وقد أستمزج الباحث بين وجهات نظر عربية وأخرى أجنبية بشكل واسع مع التركيز على الحديث منها للخروج بثمرة جديدة عن موضوعنا، وموضوعات على وفق الآتي:
- أولا: الإطار ألمفاهيمي للقيادة الإدارية.
- ثانيا: الأبعاد الفلسفية للقيادة الإدارية.
- ثالثا: أهمية ومبادئ القيادة الإدارية وأبعاد الذكاء العاطفي.
- رابعا: السمات الشخصية للقائد.
- خامسا: أدوار ومهام القائد.
أولا: الإطار ألمفاهيمي للقيادة الإدارية
لا تصلح التجمعات البشرية ولا تنتظم من غير قيادة حكيمة تسعى في مصالح تابعيها جلبا للخير والمكارم ودفعا للشر والرذائل، من غير ظلم أو إهمال، فالقيادة الإدارية تدفع المنظمة إلى الأمام وتحفز العاملين لأداء العمل الجيد والمبدع وإذا غابت القيادة الناجحة الجيدة والمؤهلة غاب الأداء الجيد والإنتاج الجيد وعجزت الإدارة عن تحقيق أهدافها. فبالإمكان قياس مدى نجاح المنظمة وكفاءتها من خلال نجاح قيادتها الإدارية. وسيتم تناول عدد من المفاهيم ذات العلاقة بالقيادة الإدارية على وفق الأتي:
أ- القيادة في اللغة:
(القود) في اللغة نقيض (السوق) ويقال قيده الإحسان (مصطفى، 2007: 769) يقال يقود الدابة من أمامها ويسوقها من خلفها وعليه فمكان القائد في المقدمة كالدليل والقدوة والمرشد. وقد ورد مفهوم القيادة في اللغة تحت كلمة قود والقود من الرجال أي الشديد العنق وسمي بذلك لقلة التفاته، أي أنه إذا اقبل على شيء بوجهه ولم يكن يصرف وجه عنه (ابن منظور، 1998: 37)، إما في معناه الاصطلاحي ووفقا لـ(Oxford) فيشير إلى معنى القيادة (Leadership) بأنها السمات أو الصفات التي من الممكن أن يتحلى بها من يتخذ دور القائد (Oxford, 2003: 403).
ب- مفهوم القيادة حسب النظريات التقليدية
1- أنها عملية تهدف إلى التأثير في سلوك الأفراد وتنسيق جهودهم لتحقيق أهداف معينة. أما القائد فهو الشخص الذي يستخدم نفوذه وقوته ليؤثر في سلوك وتوجهات الأفراد من حوله لانجاز أهداف محددة (ألمعيلي، 19: 1997)
2- لقد تناول Richard Pettinger تعاريف عدة للقيادة منها الآتي:
(Richard: 2002: 469)
(أولاً) إن القائد هو الشخص الذي يمارس السيطرة على الناس.
(Huczynski, 1993: 77)
(ثانيا) القائد هو مبتدأ الهتاف. المتحمس ورأي الأبطال ومستكشف البطل والمرتجل. وكاتب مسرحي والمدرب والمسهل والباني. (Peters, 1996: 67).
(ثالثًا) يجب أن يكون القائد ذو تفاؤلية معدية. إن الاختيار النهائي للقائد هو شعورك عندما تشترك معه في الاجتماع. هل تشعر بالرقي والثقة بالنفس؟
(Montgomery 1956)
(رابعًا) (تعني القيادة الرؤية وقيادة الشعور والحماس والحب والثقة والحيوية والعاطفة والهاجس وتطابق الفكر واستخدام الرمز ومنح الاهتمام ودراما صريحة وخلق الأبطال عند كل المستويات والتدريب والتجول الفعال وأشياء أخرى) (kreotner, 1999: 475) وهذا التعريف مطابق للتعريف الذي وصفه (tom Peters) و (Nancy Austin) في كتابهما Passion for excellence. ويوضح مواصفات ومميزات القائد المحددة، التي تعد أساس القيادة الفعالية كما تؤثر هذه المواصفات على قدرة الفرد على تحمل سلوكيات وأدوار إدارية متعددة.
3- أن القيادة هي قدرة القائد بتأثيره بالآخرين باتجاه تحقيق الأهداف.
(Robbins, 2003: 314).
4- القيادة الإدارية هي القدرات والإمكانيات التي يتحلى بها القائد بتأثيره بالآخرين نحو إنجاز الأهداف (Krishnan, 2005: 15).
يتضح مما تقدم أن مفهوم القيادة حسب النظريات التقليدية تركز على قدرة القائد بتأثيره في المرؤوسين من حيث امتلاكه للقيم والمهارات والإمكانيات الشخصية التي تساعده في دفع وتحفيز المرؤوسين نحو تحقيق الأهداف المشتركة.
ت- مفهوم القيادة حسب النظريات السلوكية:
1- وتعرف بأنها (فن التأثير في الأشخاص وتوجيههم بطريقة معينة يتسنى معها كسب طاعتهم واحترامهم وولائهم وتعاونهم في سبيل الوصول إلى هدف معين). (نكلا، 1993: 383).
2- يمكن وصف القيادة بأنها عملية ديناميكية في المجموعة حيث يؤثر أحد الأفراد على الآخرين للمساهمة الاختيارية في إنجاز مهام المجموعة في وضع معين.
(Cole, 1994: 33).
3- يرى (dimock) بأنه ليست معنى القيادة للأفراد السيطرة عليهم والتحكم فيهم ولكن العمل على إطلاق قدراتهم وإمكاناتهم ومواهبهم. لأن القوى البشرية أغلى شيء وهي مصدر التقدم في المستقبل ويرى (ديموك) أيضًا أن الاتجاه الحديث في القيادة يشير إلى إن القائد الناجح هو الشخص الذي يساعد التنظيم على القيام برسالته. وليس الذي يقول بأن القائد هو الذي يمسك جميع الخيوط في يده ويسيطر على من يقودهم من الأفراد. أما (Zalezink) يقول إن محور عملية القيادة هو تحمل المسؤولية ومدى تقبلها. وتعرف إدارة الخدمة المدنية في الولايات المتحدة الأمريكية القيادة بأنها (تختص بالتأثير الفعال على نشاط الجماعة وتوجيهها نحو الهدف والسعي لبلوغ هذا الهدف). (خليل 1998: 237).
4- تمثل القيادة تمثيل رؤية الناس إلى نظرة أعلى ورفع أدائهم إلى المقياس الأعلى وبناء شخصياتهم إلى ما وراء الحدود الطبيعية. (Drucker, 2001: 20)
5- وتعرف القيادة الإدارية بأنها النشاط الذي يمارسه القائد الإداري في مجال اتخاذ وإصدار القرار وإصدار الأوامر والإشراف الإداري على الآخرين باستخدام السلطة الرسمية وعن طريق التأثير أو الاستمالة بغرض تحقيق هدف معين. فالقيادة الإدارية تجمع في هذا المفهوم بين استخدام السلطة الرسمية وبين التأثير على سلوك الآخرين واستمالتهم للتعاون لتحقيق الهدف. (ملبوت. 2001: 67).
6- عرفت القيادة بأنها: (قدرة القائد على إقناع الأفراد والتأثير عليهم لحملهم على أداء واجباتهم ومهامهم التي تسهم في تحقيق الهدف المشترك للجماعة). بمعنى إن القيادة الإدارية هي الدور الذي يتقصمه الشخص المكلف بإدارة المنظمة.. عندما يقوم بالتأثير على المرؤوسين - أفراد وجماعات- ودفهم لتحقيق أهداف المنظمة بجهودهم المشتركة. (القحطان، 2001: 23).
7- تعرف القيادة بأنها عملية التفاعل بين القائد والمرؤوسيمن فهي عملية تحفيز ومساعدة المرؤوسين نحو إنجاز وتحقيق الأهداف. (Newstrom & Davis, 2002: 63).
8- عرفت القيادة بأنها عملية تأثير فعلي وليس مجرد قدرات أو قابليات تمكن القائد من التأثير بالآخرين. (ألجميلي، 2004: 61).
9- أما (We skittle, 2006: 1) فقد عرف القيادة بأنها عملية توجيه وتأثير القائد بالمرؤوسين لدفعهم وتشجيعهم باتخاذ الخطوات الإيجابية نحو تحقيق الأهداف المشتركة.
10- عرفت القيادة بأنها القدرة على التأثير بالآخرين وتوجيه سلوكهم لتحقيق أهداف مشتركة وتنسيق جهودهم ليقدموا أفضل ما لديهم لتحقيق الأهداف والنتائج المقصودة للوصول إلى الأهداف المرسومة. (البعلبكي، 2006: 518).
نلاحظ مما تقدم أن مفهوم القيادة قد ركز على عملية التأثير بالآخرين من خلال سلسلة من السلوكيات أو الأفعال التي يتخذها القائد في تأثيره بالآخرين ودفعهم لإنجاز الهدف المطلوب أي التركيز على (المدخل السلوكي في تفسير مفهوم القيادة).
ث- مفهوم القيادة حسب النظريات الموقفية
1- تمثل القيادة خلق رؤية يبتغيها الآخرين وتنشيطهم للعمل باتجاهات.
(Anita Reddick, 1992: 45)
2- هناك حاجة في كل المنظمات لفرد يربط الأوتاد الذي سيقوم بربط المجموعات مع بعضها. تهتم القيادة بالقادة أنفسهم والمرؤوسين. والمهام المتاحة.
(Handy, 1993: 98).
3- إن القيادة هي عملية تأثير القائد بمرؤوسية من حيث تحديد وتوضيح المهام والواجبات المطلوب القيام بها من قبل المرؤوسين ضمن موقف معين لغرض تسهيل الجهود الفردية والجماعية وتحقيق الأهداف المشتركة. (Ensley, 2004: 67).
4- القيادة عملية تجهيز وترتيب الموقف القيادي حتى يتمكن مختلف أعضاء الجماعة بما فيهم القائد من تحقيق أهداف مشتركة بأقصى عائد اقتصادي وأقل تكلفة اقتصادية في الوقت والعمل. (كشك، 2006: 3).
من خلال التعاريف السابقة نلاحظ التركيز على المدخل الموقفي في تفسير مفهوم القيادة الإدارية، بحيث أنه لا يمكن للقائد اتباع نمط قيادي واحد في جميع الظروف والأوقات، فالموقف له تأثير واضح في اتخاذ القرارات واتباع سياسات مختلفة مع المرؤوسين والحالات أيضًا.
ج- الاتجاهات الحديثة في القيادة
1- (القيادة علم وفن إدارة المؤسسة ويتألف ذلك من قيادة الأفكار والبشر لتحقيق نتائج مؤكدة). (مرعي، 2000: 14).
2- القيادة هي القدرة على توضيح الرؤية الإستراتيجية للمنظمة فضلا عن القدرة على تحفيز ودفع الآخرين للإيمان بهذه الرؤية وفهمها (Hill & Jones 2000: 15).
3- وطبقا لرؤية (Hellriegel et al, 2001: 324) فإن القيادة تشير إلى عملية تطوير الأفكار والرؤى والاعتماد على القيم التي تدعم عملية تلك الأفكار والرؤى للتأثير بسلوك الآخرين.
4- عرف (white) الذي يرى إن القيادة الإدارية هي (قيام القائد بتوجيه وتنسيق ورقابة إعمال الآخرين في الإدارة) وعرف (hunt Larson) الذي يرى إن القيادة الإدارية (هي الوسيلة المناسبة التي يتمكن بواسطتها المدير من بث روح التآلف والتعاون المثمر بين الموظفين في المنظمة من أجل تحقيق الأهداف المشتركة) (الغامدي، 2003: 2).
5- يكمن جوهر العملية القيادية (leadership Process) في قدرات الفرد الذاتية التي يخلق من خلالها تأثيرات في سلوك ومشاعر مجموعة من الأفراد الآخرين. إذ يمتلك الفرد في الأثر القيادي إمكانية التأثير (influence) في الآخرين من خلال دورة كقائدة (leader) للآخرين الذين يمثلون التابعين (followers) أو المرؤوسين (subordinates) ويتميز القائد عن سواه من أعضاء جماعة العمل أو المنظمة ككل بكونه الفرد الذي يمتلك تلك المقدرة التأثيرية بالمقارنة مع غيره من خلال الآثار الاجتماعية التي يتركها في الآخرين (الشماع، 2005: 221).
6- القيادة هي وظيفة موقعية وإن ظهورها يتم جزئيا على الأقل استجابة لظروف ومتطلبات الموقع، وإن المعدل الأساسي في هذا الصدد هو تحديد تلك الشروط أو الخصائص القيادية التي إذا توفرت في القائد تجعل التابعين له ينقادون له ويقبلون على تنفيذ قراراته وأوامره وتوجيهاته بكفاءة وفاعلية). (كشك، 2006: 3).
7- القيادة هي علاقة التأثير بين القادة والتابعين الذين يميلون لتحقيق تغييرات تعكس أهدافهم المشتركة فالقيادة تشمل التأثيرات وتحدث بين هذه الأفراد وهؤلاء الأفراد يرغبون بإحداث تغييرات ذات أهمية وهذه التغيرات تعكس الأهداف المشتركة بين القيادة والتابعين. والتأثير يعني إن العلاقة بين الأفراد ليست سلبية أو إن القيادة متعددة الاتجاهات وغير تحكيمية ومن المعتقدات الشائعة إن القادة مختلفون عن غيرهم من البشر وإن القادة والتابعين. والتأثير يعني إن العلاقة بين الأفراد ليست سلبية أو إن القيادة متعددة الاتجاهات وغير تحكيمية ومن المعتقدات الشائعة إن القادة مختلفون عن غيرهم من البشر وإن القادة التابعين يمكن أن يكونوانفس الشخص في نفس الوقت. (العبودي، 2006: 221).
نلاحظ مما سبق إن القيادة الإدارية تحتاج إلى توفير أجوار تساعد على الابتكار والإبداع ثم بلورة الأفكار المبدعة إلى نتائج خلافة دون أن تتوقف على تسيير العمل الروتيني اليومي والذي يتقنه أقل الإداريين تأهيلا وأدناهم معرفه أو حل المشكلات والذي يأتي في المستوى الثاني من حيث الأهمية بعد تطوير العمل. فالقائد الكاريزمي هو الذي لديه القابلية للتأثير في المرؤوسين بالإيحاء والإلهام للحصول منهم على أداء يفوق التوقعات والرسالي الذي يركز على المستقبل وليس الحالة الآنية. ونلاحظ وجود فرق بين القيادة التبادلية والقيادة التحويلية إذ إن التبادلية تركز على التوجيه بشكل إيجابي وتحشد جهود الآخرين من خلال المهام ونظام التحفيز. أما التحويلية فتركز على كون القائد إيحائي بالتأثير للقيام بأحسن ما يمكن والتأكيد على التغيير والإبداع وحل المشاكل.
ح- القيادة في بيئة العمل الجديدة:
1- عرفت (Mary par ket fooett) القيادة بأنها القوة التي تعمل مع الأفراد وتساندهم وليست التي تسيطر عليهم. فالسلطة التي يتمتع بها القائد لا تكون في ذاته. لكنها تكون العمل الذي يشغله ونجاح القيادة يكون في القدرة على استعمال هذه السلطة الملازمة للعمل. (التميمي، 2000: 86).
2- (القيادة النابعة من دور القائد بوصفه الشخص المتأثر باحتياجات الجماعة والمعبر عن رغبات أعضائها، ومن ثم فهو يركز الاهتمام ويطلق طاقات أعضاء الجماعة في الاتجاه المطلوب) (كشك، 2006: 3).
3- إن مفهوم القيادة هو السعي لترجمة الرؤية المستقبلية للمنظمة إلى حقيقة. (Weiskittel, 2006: 1).
4- (القيادة عملية قائمة على قادة ذوي شخصية جيدة - قائد يظهر التواضع بصورة أكثر من التكبر الإمبراطوري لقيادة الشركات الجيدة. لكن الاعتماد على الخصائص الشخصية وحدها يعتبر غير كافي فالقيادة الجديدة تكون سهلة ليس فقط بسبب الأشخاص ذوي القيم الصالحة لأن المؤسسات تمتلك الموازنات والقيود الصحيحة بما يتضمن الفرص المتاحة لتبادل الآراء والمعارضة). (Sean Silver, 2007: 1).
5- (إن القيادة تتطلب من القادة القدرة على مواجهة التعقيد. إذ تتضمن تحديات معظم الواجبات الأخلاقية تجاه العديد من الأطراف حاملي الأسهم والعملاء والموظفين والمجهزين، وغالباً ما تتصارع هذه الواجبات. إن ما يمكن القائد على الإطلاق في طريقه خلال في مثل ذلك الوضع هو القدرة على مواجهة التعقيد والقدرة على إدراك آراء متعددة بنفس الوقت). (Sarah, 2007: 2).
6- (إن أفضل القادة هم الذين لا يتبعون طريقة « اتبعوني فوق التل » لكنهم الأشخاص الذين يمارسون القيادة من القلب والعقل. حيث ينبثق أسلوبهم في القيادة من شخصيتهم وقيمهم الأساسية). (James, 2007: 2).
7- (يجب أن يكون القائد الجيد قادراً على إقناع للسير في طريق معين، الأمر الذي يتطلب القدرة على تغيير عقول الناس. ويجب أن يكون قادة الأعمال قادرين على التنبؤ بالديناميكيات المختلفة بين المنظمات القوية وفقا للاقتصاد الدولي المتعدد والأحداث الجيوبوليتيكة). (Martha, 2007: 1).
8- (إن إطار القيادة يعتمد على الفعالية أو النشاط وبذلك فهو يتعامل مع الأعمال الجديرة بالملاحظة بوضوح، ويصف أطار القيادة السلوكيات الفعلية القابلة للملاحظة التي يمكن أن يتعملها القادة ليكونوا أكثر كفاءة). (Sean, 2008: 2).
نلاحظ مما تقدم بأن القيادة في بيئة العمل الجديدة تركز على إن الخصائص الشخصية والقوة لا تكون كافية لقيادة فريق العمل وإنما العمل المشترك والتعاون للتعامل مع التحديات الكبيرة التي تواجه المنظمة من عولمة وتجارة الكترونية واتصالات وتكنولوجيا المعلومات ... الخ.
ولقد توصل الباحث لتعريف القيادة الإدارية بأنها (قدرة القائد على التأثير في مرؤوسيه بنجاح على أساس عوامل النجاح المستندة إلى رسالة وأهداف المنظمة لغرض تنفيذ المهام بدافع رغبة مرؤوسيه وتفاعلهم مع فالقائد الإداري الناجح هو من كانت قراراته مبنية على توجهات المنظمة الاستراتيجية ذات التغيير الإيجابي من خلال الاتصال لحل المشاكل والأزمات وبتفويض الصلاحيات لإدارة فريق العمل بالعلاقات الإنسانية مع التطوير والإبداع بالتحفيز لتنجح المنظمة بتحقيق أهدافها).
ثانيًا: الأبعاد الفلسفية للقيادة الإدارية
لقد تأثرت العلاقة بين القائد ومرؤوسيه بظهور فلسفات متنوعة حول ماهية العلاقة بين القائد ومرؤوسيه هل هي علاقة تسلط وسيطرة أو هي علاقة تعاطف وتآخ أو هي علاقة تجمع بين العلاقتين، إذ تمتد جذورها إلى الوقت الذي بدأ به التفاعل الاجتماعي وتوزيع العمل بين الأفراد والجماعات وانصهارهم في تنظيمات ونظم اجتماعية متعددة. (الجميلي، 2004: 60).
أ. البعد الإنساني: ترتبط فلسفة القيادة بالأساس بالنظرة الإنسانية (زيارة، 2000: 21) التي أودعها الله سبحانه وتعالى في الإنسان يجعل البعض قادة والآخرون ينقادون. إذ ينقسم الناس في أي مجتمع إلى تراكيب قيادية وتراكيب أخرى منفذه. هذا يجسد بقول الباري عز وجل: ﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِياً ﴾ (القرآن الكريم، سورة الزخرف: 32)، ولا يتقاطع أي فكر إدارية لذلك من حيث التقسيم الهرمي للإدارة إذ احتوت الفلسفات القديمة والمعاصرة على شواهد تشير إلى هذا التصنيف. ولكن الاختلاف في تقسيم المهام والأدوار على الأسس الفلسفية التي يبناها صاحب الفلسفة فضلا عن المنهاج العقيدي المنبثق من طبيعة التفكير والانطباعات المعرفية لصاحب الفلسفة. لقد سادت فلسفة القيم أساسا للعمل القيادي واتساق أصحاب هذه الفلسفة وراء المبادئ والسلوكيات الأخلاقية التي تميز القائد عن غيره وقد حددت أمثلة تؤكد هذا التفسير منها الآتي: (يونس، 2006: 2).
1- لقد احتوت أطورات فيلسوف الصين القديمة (كونفشيوس) على أفكار تقوم عليها المهام القيادية التي تستوجب قدرا كبيرا من النزاهة والإيثار.
2- وبين سقراط في مناقشته (نيكوميدس) حول الفكر عند الإغريق. مؤكدا على أهمية سيادة قيم حسن استخدام الآخرين في إدارة وتنفيذ الأعمال.
3- واستخدمت فلسفة التنظيم في الدولة الرومانية القديمة في بناء هيكلة عمل الدولة فيها. حيث ساد عندهم تفويض السلطان، من القيصر إلى حكام الأقاليم في ضوء نظرية التنظيم وإحكام السيطرة على معظم أنحاء العالم الذي كان معروفا آنذاك.
4- كانت فلسفة القيادة عند القدماء المصريين والعراقيين معبأة بالفكر الإداري الجمعي، وتشير شواهد بناء الأهرامات والجنائن المعلقة.. الخ تمثل صروحا ومعالم حضارية أفضل دليل على فلسفة هاتين الدولتين إذ أكدت تلك الفلسفة على أن الفلسفة القائمة على ضبط العمليات الإدارية الرئيسية ومنها التخطيط والتنظيم المحكم والتركيز على التخصص وتقييم العمل هي قواعد التفكير القيادي ومحتواه. وإن ما يميز الدور القيادي دون غيره من الأدوار مرهون بالقدرة الإشرافية الشاملة وتسييرها وتدبيرها. (القحطاني، 2001: 23).
5- وجاءت فلسفة القيادة في الفكر المسيحي بأسس الفكر الإصلاحي الروحي وما ينطوي عليه من تأثير كاريزمي غير خاضع للتفسير. وإن سيادة هذه الرواية في حينها أدت إلى تهيئة القيادات الدينية على أساس قدرة من يقود أو يقف على رأس الهرم وفقا لمفهوم في منح الحقوق والسلطة الروحية. (الغامدي، 2003: 23).
ومن النقاط أعلاه يتضح إن فلسفة القيادة تدور حول ثلاثة محاور:
- (أولا)- الفلسفة الأخلاقية- والتي مصدرها العقل، وإن مواد تصورها نابعة من قدرة القائد على التعقل والتفكير المتنور في الماورائيات التي تنجم عن الأوامر وتظهر عند الصينيين.
- (ثانيا)- الفلسفة الحسية- والتي مصدرها الشعور والإحساس الصادر عن الوجدان والاستدلال وتظهر في الفكر الديني.
- (ثالثا)- الفلسفة الذاتية- والتي مصدرها الذات المتعقدة والمفسرة للاعتقاد من خلال معرفة نسبة التطورات الذاتية التي بعضها معرفة مباشرة. وتظهر هذه الفلسفة عند قدماء المصريين والعراقيين والرومان.
ب- البعد العقلي الحسي والحدسي (عقلانية التفكير): إسهامات (Nook, 1632- 1704)، وإسهامات الفيلسوف الألماني (Lap nets):
1- وضع Nook مبدأ العقل القيادي وصلته بالحس حيث أكد على إن الفكر والعمليات العقلية ناشئة عن الحس، ونظم في هذا السياق ثلاثة مستويات تميز الفكر القيادي عن سواه (Ricky, 2002: 488) وهي كالآتي:
(أولاً)- قوى الإدراك- حيث حدد ضمن هذا المحور عدة أنواع لقوى الإدراك (محمد هلال، 1997: 94) من أهمها:
- (أ) قوة المعرفة Cognitive Power.
- (ب) قوة الحفظ (إدخال المعلومات الناتجة عن الإدراك).
- (ت) قوة التمييز (الفصل بين المعلومات الموجزة وتصنيفها).
- (ث) قوة التقييم (تبين نسبة المعلومات إلى بعضها).
- (ج) قوة الترتيب (جمع المعاني وتركيبها).
- (ح) قوة التجريد والانتزاع (استنباط معنى كلي من الخصائص الجزئية التي يلاحظها في منظر واحد).
- (خ) تمثل المحاور أعلاه لقوى الإدراك نموذجا نظريا لبناء العقل المبدع.
(ثانيًا) - منشأ التفكير ومداه- وتشير مدرسة Nook إلى أربعة مصادر هي:
- (أ) تفكير بسيط يترجم إلى تصورات ومدركات تنشأ من مصدر حسي واحد.
- (ب) تفكير مركب منشأه عدة أحاسيس.
- (ث) تفكير مثبت تتركز عمليات التفكير على وجود الشيء.
- (ج) تفكير سقفي التفكير لمحاور عدم وجود الشيء.
- (ح) تمثل المصادر أعلاه الإطار المفاهيمي الذي تؤسس عليه الممارسات القيادية وما ينبثق عنها من ممارسات تنفيذية.
(ثالثًا) - تركيب الفروض في العمل القيادي - يشير Nook إلى إن التصور أو القرار الاستراتيجي بالذات هو بالأساس علاقة بين شيئين وتتمثل بالآتي:
- (أ) النظر إلى النتائج ويسميها بالوحدة كما تقول 2 × 2 = 4.
- (ب) النظر إلى نفي النتيجة ويسميها بعدم الوحدة كما تقول 2 × 2 لا تساوي 6 لأن 6 تساوي 6.
- (ت) النظر إلى النتيجة من خلال تحديد معايير محددة للمقارنة بها.
- (ث) النظر إلى النتيجة بنية إثباتها.
2- إسهامات الفيلسوف الألماني (Lap nets: 1646 - 1716) وقد أسست تلك الفلسفة ملامح مهمة للتفكير الناقد (الاستراتيجي) لمن يقود إذ أكدت الفلسفة على ارتباط كل عمل قيادي بنظرية وإن كل نظرية هي أصل العلة الغائبة (الهدف من الأشياء وتبدي هذه النظرية إن الأفعال القيادية هي ترجمة للأهداف ودالتها. أي إن الإدراكات الظاهرة هي مقدمة للإدراكات الباطنة. لكن الاهتمام العلمي بالقيادة الإدارية قد بدأ مع بدايات القرن العشرين (Daft, 2001: 378)، إذ إن مفهوم القيادة الإدارية قد تطور مع تطور الفكر الإداري والتنظيمي، فقد ركزت المدرسة التقليدية على أسس القيادة الإدارية الناجحة وعلى خصائص القائد نفسه (العاني، 200: 40).
من المقومات الفلسفية لكل من (Lap nets & Look) يمكن استنتاج الآتي:
- (أولا) الإحساس أو الشعور العام Common sense. ويعلق (فليتشر) على هذا المصدر بأن كل فرد يشعر بشكل مختلف عن غيره عند النظر إلى الأمور.
- (ثانيًا) الركون إلى التخصص (سلطة التخصص) Specialization. حيث قد يلجأ القائد إلى إسناد مواقفه وقراراته بمسوغات تنبثق من اختصاصه الدقيق فيصبح الاختصاص مصدراً للتأثير وحشدا للقناعات.
- (ثالثًا) السببية Causation. ينص قانونها على عدم تقبل أي شيء على إنه حقيقة ما لم يتبين بعدها يقيناً أنه حقيقة.
- (رابعًا الملاحظة غير المنظمة Unsystematic. دعا إلى هذا المصدر الفيلسوف (جون لوك) إذ أكد على أهمية الخبرة في تحصيل المعرفة.وإن الخبرة تأتي من خلال الملاحظة والتسجيل للمشاهدات وصولا إلى الحقيقة.
- (خامسًا) الطريقة العلمية Scientific تستند هذه الطريقة على إن المعرفة هي وليدة للنهج الموضوعي والذي يبحث عن الحقيقة في إطار الملاحظة للمنظمة والقياس الكمي للأحداث ذات العلاقة بالظاهرة المبحوثة.
ج- البعد البرهني والتطبيقي (الواقعي): الكشف عن الأشياء، النظرية والفروض العلمية، القيم:
1- الكشف عن الأشياء والتغلب على التحفيز الإدراكي Cognitive:
(Noorder 1995: 73).
(أولاً) الحدس وعقلانية التفكير intuition and rational thinking حيث يكون الحدس قاعدة للتحليل العقلاني. إن العقلانية والحدس يكمل أحدهما الآخر وليس مستقلين عن بعضهما أو يناقض أحدهما الآخر.
(ثانيًا) الحدس. التحيز الإدراكي والكشف عن الأشياء Intuition cognition biases and heuristics إن عملية الكشف عن الأشياء وانحياز التفكير وحصول التحيز الإدراكي لا يمكن الفصل بينهما بشكل مجرد، ومع هذا فإن أهمية أخذهما في الحسبان يعد مهما ومفيدا.
(ثالثًا) الكشف عن الأشياء وانحياز التفكير Cognition biases and heuristics حيث تم اكتشاف تأثير الكشف وانحياز التفكير على القرارات الاحتمالية وغيرها.
2- النظرية والفروض العلمية (المفهوم والاشتراطات والوظائف) من هذا المنطلق فإن موضوع النظرية يكمن في مجموعة الفروض التي حددها الفرد لموضوعه. إن دخول سوق جديدة أو صناعة منتج جديد أو انسحاب من ميدان صناعي محدد لا يمكن إن يتم إلا على أساس مجموعة فروض قد صيغت من قبله (Deep, 2008: 71).
3- الفلسفة (كيف يحدد الأشخاص قيمهم) Philosophy: How People Determine Value:
(أولاً) إن القيم تؤدي دوراً هاما في كشف النقاب عن الذات المثالية. بما إن القيم تتغير عبر الحياة، بسبب أحداث مثل الزوج، واستقبال مولود، أو الطرد من العمل، فإن الفلسفة العميقة هي التي تصمد أكثر، ففلسفة الشخص هي الطريقة التي يحدد بها قيمه وأي الأنماط القيادية ينجذب نحوها. فالقائد الذي يثمن تحقيق الأهداف أكثر من أي شيء آخر سيكون طبيعياً ضابط إيقاع، معتبرا النمط الديمقراطي مضيعة للوقت. إن فهم الفلسفة العملية قد يساعد في رؤية كيف تنعكس الذات المثالية على القيم. (Richard, 1993: 15).
(ثانيًا) إن الفرق بين شخص يقضي خمسة أيام في الأسبوع بعيداً عن عائلته لتلبية متطلبات الوظيفة وآخر يقضي فترات العشاء يومياً مع عائلته يكمن في مدى وعيهما بقيمتهما الحقيقة، ومدى تطابق سلوكياتهما مع تلك القيم، أو في طريقة تأويل القيمة. مثل هذه التفاوت قد يعكس فلسفات عملية متباينة، أكثرها شيوعا البرجماتية (Pragmatism * فلسفة أمريكية تتخذ من النتائج العملية مقياسا لتحديد قيمة الأفكار الفلسفية وصدقها) ، العقلانية والإنسانية. وبالرغم من أنه ما من فلسفة أفضل من الأخرى فإن كلا منهما تدفع بتصرفات الشخص وأفكاره ومشاعره باتجاهات مختلفة. (Richard, 2000: 47).
(أ) الطرح الرئيسي لفلسفة الذرائع (البرجماتية) هو الاعتقاد بأن النتائج العملية (النفعية) تحدد قيمة الفكرة والجهد والشخص والتنظيم. فالأشخاص الذين يتبنون هذه الفلسفة يعتقدون إنهم مسئولون بشكل كبير عن الأحداث التي تقع لهم في حياتهم. (John, 2007: 138).
(ب) أما الفلسفة العقلانية فهي الرغبة في فهم الناس والأشياء والعالم بتكوين صورة لكيفية عملهم كلهم بما يوفر نوعاً من الأمان العاطفي في استشراف المستقبل. (Andy, 2000: 114).
(ج) أما الفلسفة الإنسانية فتتمثل في إن العلاقات الشخصية الحميمية تعطي الحياة معنى والأشخاص الذين يتبنون هذه الفلسفة ملتزمون بالقيم الإنسانية ويعتبرون الأسرة والأصدقاء الحميمين أكثر أهمية من العلاقات الأخرى فهم يقيمون نشاطا ما بمدى تأثيره على علاقاتهم. (John, 2000: 210).
د- فلسفة القيادة من وجهة نظر إسلامية
إن مظهر الانقياد من وجهة نظر إسلامية ليس على شاكلة النظم العلمانية وإنما هو إتباع الأمر الإلهي جل شأنه في قوله تعالى: ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ ﴾ (القرآن الكريم، سورة آل عمران: 85). فللإسلام أحكام وعقيدة وأخلاق وعبادات ومعاملات. جاءت كلها في القرآن الكريم والسنة المطهرة ومنها الأحكام وما يتعلق بنظام الحكم وقواعده وكيفية اختيار من يقود وشكل الحكم وعلاقاته بالأفراد وحقوقهم إزاء المنظمة التي ينتمون إليها وهي في ما يسمى اليوم بالقانون والدستور لكل مؤسسة (زيدان 1998: 3) إن الحكمة الإسلامية القائمة على تحديد من يقود بمقتضيات النصوص الشرعية تكمن في حفظ الضروريات والحاجيات والتحسينات وما يحيط بها من مصالح الناس في الدنيا والآخرة. إن المثالية في الإسلام هي حرص القائد على بلوغ الكمال المقدر له. وهذا يعني جعل تصرفات أو سلوك الإنسان قائدا كان أم مرؤوسا وفقا للمنهاج والكيفية التي جاء بها الإسلام. وتستمد الفلسفة المثالية مقوماتها هنا من الاعتدال أي عدم الإفراد والتفريط في ممارسات الدور القيادي واتخاذ القرارات فضلاً عن الشهود التي تؤكد التركيز المتوازن على معالجة أي مشكلة إدارية، أو ما شابه ذلك من أوجهها المختلفة.
1- القائد من وجهة نظر قرآنية
هناك آيات عديدة تناولت الأبعاد الفلسفية للقائد وذكرت الأدوار والمهاما لتي يجب أن يتولاها القائد وندرج في أدناه أمثلة على ذلك: (موسى، 2000: 43)، (السويدان، 2005: 67)، (القحطاني، 2001: 150)، (الغامدي، 2003: 23).
(أولاً) إنها قيادة ملتزمة بأوامر الله ونواهيه، وتطبيقها بين الناس وفق سبق الحق لقوله تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ﴾ (القرآن الكريم، سورة الأنعام: 153)، أي إنها قيادة مؤمنة (موحدة) بالله وبرسوله لقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ﴾ (القرآن الكريم، سورة محمد: 2).
(ثانيا) أنها قيادة عادلة في إقرار التوازن والنظام وسيادة الأجواء الطيبة بين القيادة والرعية لتنفيذ الحقوق والواجبات والإحكام. بموجب الحق والعدل وعدم الظلم لقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ (القرآن الكريم، سورة النساء: 58).
(ثالثا) أنها قيادة مشورية، انطلاقا من أصولها الصحيحة. دون استبداد في الرأي أو القرار لقوله تعالى: ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ﴾ (القرآن الكريم، سورة آل عمران: 159).
(رابعا) أنها قيادة متعاونة مع الرعية، لاستمرار النشاط استحصالا للخير وتثبيتا لروح الإيمان لقوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ (القرآن الكريم، سورة المائدة: 2).
(خامسا) أنها قيادة عارفة عالمة أو واعية لمسؤولياتها بما فيه مصلحة المسلمين وخدمة الإسلام دون النزوع إلى بث الفساد والهلاك لقوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ﴾ (القرآن الكريم. سورة البقرة: 204- 205).
(سادسا) أنها قيادة متسامحة مع الرعية، الحريصة على مصالحهم لقوله تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ (القرآن الكريم. سورة التوبة: 128).
(سابعا) إنها قيادة حكيمة في أداء شؤون الناس والدعوة إلى الله تعالى لقوله: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ ﴾ (القرآن الكريم. سورة النحل: 125).
(ثامنا) أنها يادة تقيم أبعاد المسؤولية لقوله تعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴾ (القرآن الكريم. سورة المدثر: 38).
من النقاط أعلاه يتضح بأن القرآن الكريم قد أقر وجوب القيادة على الناس، ممثلة بالأنبياء والمستخلفين لما لها من أهمية دينية ودنيوية. وجعل تلك القيادة بمستويات ذات اتجاهات ريادية وأطر منهجية. تحقيقا للأهداف العليا التي نادى بها الإسلام كنظام شمولي للحياة وقيادة المسلمين وإدارة مصالحهم.
2- القيادة في عهد الرسولمم صلى الله عليه وآله وسلم
لقد استمدت الحضارة النبوية من أسباب الحق والدعم الشرعي الرباني مما جعلها قيادة مبادرة وجريئة ولا تذعن للخوف والتهديد. فكانت قيادة الرسول (ص) تطبيقا عمليا لما دعا إليه القرآن الكريم من خلال توجيه وإدارة وقيادة الدولة الإسلامية ورعاية مصلحة الأمة وكالآتي: (محمد، 1991: 17) (العبدة، 2005: 6)، (عرموش، 1997: 44).
(أولا) حتمية القيادة- حيث دعت قيادة الرسول (ص) إلى وجوب قيام القيادة بين المسلمين وعدت أساسا لضمان تنفيذ الشريعة بين الناس.
(ثانيا) القيادة العقائدية- لم تجامل القيادة النبوية في المواقف ولم تساوم حيال تنفيذها للأمور. فقد رفض (ص) وهو على قلة أنصاره عروض المساومة ومحاولة زعماء مكة حول التناصف في اتخاذ العقيدة بين الشرك والإيمان وعوض عنها بأخرى مشابهة.
(ثالثا) القيادة الرائدة- إن القدرة في القيادة تستقي من خلال نشاطات الرسول (ص) وقيامه بتنظيم العلاقات الاجتماعية وصياغة القوانين والأحكام المستمدة من القرآن، كما كان يعمل على تنفيذها وكان يجمع الجيوش ويقودها ويقوم على إدارتها.
(رابعا) القيادة الشورية- لقد عمل (ص) بالشورى كأمر قرآني. فكانت الشورى سلوكا عمليا في المواقف واتخاذ القرارات لترسيخ الثقة بين القائد والمقود. ومارس (صلى الله عليه وسلم) الشورى في قيادته.
(خامسا) القيادة الموحدة- لقد تجلت القيادة لوحدة الأمة في العقيدة والعبادة والعادات والسلوك والقيادة... وإلخ.
(سادسا) القيادة المعتدلة والمتوازنة- جسدت قيادته (ص) سمة الاعتدال في تأدية المهام الإدارية فلم تدع إلى السلطة والاستبداد وهي في الوقت ذاته قيادة حازمة وغير متسيبة.
(سابعا) قيادة التكليف وليس التشريف- ارتبطت استقامة العقيدة النبوية مع المنهج الإسلامي مباشرة في اختيار القائد الحقيقي لتولية المهام تكليفا لا تشريفا.
(ثامنا) القيادة الراعية أو المسؤولية- كانت التدابير القيادية للرسول (ص) تنطلق من الحرص على تحقيق الرعاية العامة لمصير المسلمين. وتحمل مسؤولية قيادتهم المثلى.
(تاسعا) القيادة المؤاخية- لقد شمل دور القيادة النبوية كافة الناس بمختلف طبائعهم النفسية وعقائدهم الفكرية فصار الجميع مجتمعين ومتوحدين تحت رعاية الدولة.
(عاشرا) القيادة الحقانية- كان الحق فيصلا داعيا لهدم الباطل في القيادة النبوية.
(إحدى عشرة) العقيدة الآمرة بالمساواة- دعت القيادة النبوية إلى العمل بالمعروف وذلك بالاستناد إلى تعاليم الشريعة والسلوك القيادي الذي يتفاعل في ضوء ذلك دون تمايز.
(اثنتا عشرة) القيادة الرحيمة- جسدت القيادة النبوية الرحمة بين الناس أحسن تجسيد وسعت مع ذلك إلى تنفيذ مستلزمات الرحمة. سلوكا وقولا ضمن المسعى القيادي.
(ثلاثة عشرة) القيادة المشاركة في الأداء- لقد كان (ص) رجل الإدارة الأول والقيادة القدوة. فهو المخط والمنفذ والمراقب على سير المهام. ولقد شارك (ص) المسلمين في الواجبات والأعمال والانتماء العملي إلى الهدف المشترك.
من النقاط التي وردت في أعلاه نستنتج بأن الرسول محمد (ص) كان قائدا عظيما فهو مدير من حيث تكون الإدارة تدبير الأمور ومداير حيث تكون الإدارة تدبيرا لحل الأمور التي تعتريها الفوضى ويتطرق إليها الخلل. وهكذا فإن القيادة من وجهة نظره كانت المقوم الجاد لكل قيادة إسلامية لاحقة لأنها جسدت الوحدة الموضوعية في الاتجاه والهدف نحو الاعتراف التام بسيادة الخالق على المخلوق وبتحكم شريعته السمحاء في إعداد المواطنة الصالحة عبر الاقتداء والتأسي بقيادة الرسول (ص).
3- القيادة في عهد الخلفاء الراشدين
يمكن أن نرى وجهة نظر الإمام علي عليه السلام من خلال عهده إلى مالك الأشتر حين ولاه مصر ... (وأعلم يا مالك إني قد وجهتك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك من عدل وجور، وإن الناس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك. ويقولون فيك ما كنت تقول فيهم. وإنما يستدل على اللسن عباده فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح فاملك هواك وشح بنفسك عما لا يحل لك فإن الشح بالنفس الإنصاف منها في ما أحببت أو كرهت، واشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم والعطف فيهم ولا تكن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم فإنهم صنفان، إما أخ لك في الدين أو نظير فك في الخلق يفرط منهم الزلل وتعرض لهم العلل ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ فأعطهم من عفوك وصفحك الذي تحب أن يعطيك الله من عفوه وصفحه، فإنك فوقهم وولي الأمر عليك والله فوق من ولاك) (والعم إن الرعية طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض ولا غنى ببعضها عن بعض) (وإياك والإعجاب بنفسك أو الثقة بما يعجبك منها وحب الإطراء فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه ليمحق ما يكون من إحسان المحسنين وإياك والمن على رعيتك بإحسانك أو التزايد في ما كان من فعلك أو أن تعدهم فتتبع موعدك بخلفك). (نهج البلاغة، شرح محمد عبده، ج3: 564) ولعل حكمته هذه توجز ما سبق (من حسنت سياسته دامت رئاسته). (الامهري، 1992: 341). وفي خطبة لأبي بكر عند بدء تولية الخلافة (أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست باخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن اسألت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى ارجع إليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم). (القحطاني، 2001: 98).
4- يمتاز القائد المسلم عن غيرة بالمقاصد التي تجمع عناصر التطابق بين الأغراض النظمية والرسالة والأهداف على النحو الآتي: (يونس، 1994: 33)، (الريشهري، 2000: 55)، (الماضي، 2001: 6).
(أولا) القيادة نشاط يمارس على أنه وسيلة وليست غاية في فكر المسلم والتي يستطيع من خلالها تنفيذ ما يعجز أحد المسلمين الوصول إليها وتنفيذ الأهداف في إطار المقاصد الآتية:
(أ) حراسة الدين من خلال مصداقية الأهداف والتعبير من خلالها عن حقائق الدين ومعانيه.
(ب) تنفيذ بنود الخطة والاستراتيجية وفقا لإحكام معاملات الناس وعلاقاتهم في ما بينهم. وفي علاقاتهم مع الدولة وعلاقة الدولة بهم. وحمل الجميع على الوقوف عند حدود الله.
(ثانيا) صيانة العنصر البشري وتحصينه في المنظمة. القيادة في هذا السياق هي سياسة الدنيا بالدين وإدارة شؤون العاملين وتحديد مصالحهم بدرء المفسدة. والإشراف المستمر دون ترك الأمور تسير من دون مراقبة وتقويم. ضمانا لتصليح الانحرافات بقصد أو بغير قصد.
(ثالثا) سياسة الأمور المالية وإتقان توزيع النادر بينها حيث تعد أهم مهام القائد ويتعلق بحسن توزيع واستخدام الموارد النادرة.
من النقاط أعلاه يتضح بأن الإسلام سعى إلى تكليف القائد بضمان مصلحة الجميع. والتركيز على العناصر ذات الكفاءة وتوليتها المهام والأدوار الوظيفية المختلفة داخل التنظيم وهو إدارة أمور الموارد البشرية على أساس اختيار القوى الأمين.
ثالثا: أهمية ومبادئ القيادة الإدارية وأبعاد الذكاء العاطفي
إن أهمية القيادة الإدارية تأتي من خلال حاجة المنظمات إلى شخص يستطيع قيادة هذه المنظمة لتحقيق أهدافها المرسومة مع الأخذ بنظر الاعتبار الجوانب الإنسانية مع مرؤوسيه. إن المبادئ التقليدية للقيادة تعد مرجعا ودليلا للقائد لتذكيره في النقاط التي يجب الاهتمام بها والانتباه إليها لتكون قيادته فعالة ومثمرة وتستوعب المواقف والناس والمهمة المطلوبة.. إن القيادة العظيمة التي تعمل من خلال العواطف أي بمعنى إن الحالات العاطفية للقادة وأعمالهم تؤثر بالفعل على كيفية شعور الموظفين الذين يقودهم وبالتالي على العملية الإنتاجية.
أ- أهمية القيادة الإدارية
هناك من يعتقد بعدم الحاجة إلى قائد في الوقت الحاضر نتيجة كون العمل جماعي والكل يتحمل المسؤولية بإدارة الأعمال ولكن هذه النظرة من وجهة نظر الباحث قاصرة كون المجتمعات والثقافات مختلفة من جوانب عديدة وبذلك فالقائد وجوده مهم في المنظمة لإدارة العملية القيادية ويمكن إجمال أهمية القيادة الإدارية بالآتي: (المعيلي، 2007: 19)، (Wind, J.Y, 1999: 18) (McCrimmon, M, 1997: 5) (George, 1994: 33).
1- تعد حلقة الوصل بين العاملين وبين خطط المنظمات وتصوراتها المستقبلية.
2- تعتبر البوتقة التي تنصهر داخلها كافة المفاهيم والاستراتيجيات والسياسات الإدارية.
3- تدعيم القوى الإيجابية في المنظمة وتقليص الجوانب السلبية قدر الإمكان.
4- السيطرة على مشكلات العمل وحلها، وحسم الخلافات والترجيح بين الآراء.
5- تنمية وتدريب ورعاية الأفراد باعتبارهم أهم مورد للمنظمة، كما أن الأفراد يتخذون من القائد الإداري قدوة لهم.
6- مواكبة المتغيرات المحيطة وتوظيفها لخدمة المنظمة.
7- تمكن المنظمة من تحقيق الأهداف المرسومة لها.
ب- مبادئ القيادة
تعد مبادئ القيادة بمثابة نصائح وإرشادات قيمة للقائد وهي كثيرة ومتعددة حسب وجهة نظر منظرين القيادة، فهي المرتكزات الأساسية ودليل العمل وهذه المبادئ لم تكن وليدة الوقت الحاضر أو تجربة واحدة وإنما هي خبرة متراكمة من سنوات عديدة تثبت هذه المبادئ رغم المتغيرات الكثيرة. ويمكن إجمال أهم المبادئ للقيادة الإدارية في أدناه: (كلالدة، 1997: 172)، (Heather, 2007: 102)، (Michael Armstrong, 2000: 1-3)، (John W. Newsrom, 2002: 95).
1- اعرف نفسك واعمل على تحسينها know your self and seek self improvement.
2- كن كفئا من الناحية الفنية والتكتيكية be technically and tactically pro- efficient.
3- ابحث عن المسؤولية وتحمل مسؤولية أعمالك seek responsibility and take responsibility for your action.
4- اتخذ القرار المسموح وفي الوقت المناسب make sound and timely decisions.
5- كن مثلاً أعلى set the example.
6- اعرف رجالك واسع إلى رفاهيتهم know your suburb irate and look out Hind four . their well being.
7- ابق رجالك مطيعينkeep your subordinates informed ( communication).
8- طور الإحساس بالمسؤولية لدى التابعينdevelop a sense of responsibility in your subordinates.
9- تأكد بأن المهمة مفهومة ومشرف عليها ومنجزة ensure that the task is understood, supervised and accomplished.
10- درب رجالك أن يكونوا فريقا train your subordinates as steam.
11- استخدم وحدتك على طبق إمكانياتها employ your unit In accordance with its capabilities.
وبذا يمكن إجمال مبادئ القيادة الإدارية بشكل موجز: الإيمان بالهدف، الانطلاق إلى الأمام وحب العمل مع الآخرين والتقدير السليم للموقف وتحمل المسؤولية والتصرف على المستوى القيادي وحسن التصرف، والقيادة نحو الإصلاح.
ت- أبعاد الذكاء العاطفي للقيادة الإدارية
إن القيادة العظيمة هي التي تعمل من خلال العواطف أي بمعنى إن الحالات العاطفية للقادة وأعمالهم تؤثر بالفعل على كيفية شعور الموظفين الذين يقودونهم وبالتالي على العملية الإنتاجية. مع الأخذ بنظر الاعتبار عملية التوازن بين الإنتاج والعلاقات الإنسانية. لذا أصبح من الواجب ذكر ما يخص الجانب العاطفي في هذا المجال كما تناوله قسم من الكتاب والباحثين الأجانب وعلى وفق الآتي:
1- مظاهر حول العواطف: اكتشفت الدراسات الحديثة للمخ عناصر الآليات العصبية للقيادة الأساسية وتوضح بالضبط سبب الأهمية القصوى لقدرات الذكاء العاطفي. ويصف العلماء الحلقة المفتوحة The open loop بأنها (تنظيم حوفي بين الأشخاص) حيث يبث شخص ما إشارات من شأنها أن تغير مستوى الهرمونات ووظيفة جهاز الدورة الدموية وإيقاعات النوم وحتى الوظيفة المناعية داخل جسم شخص آخر. (Thomas, 2000: 45 ). وإن الأفراد يتأثرون بشكل محتوم ببعضهم البعض، ويتقاسمون كل شيء بدءاً من الغيرة والحسد وصولا إلى القلق النفسي أو الشعور بالنشاط والخفة. فكلما كانت المجموعة متلاحمة، قويت مشاركة الأمزجة والتاريخ العاطفي وحتى المواقف الساخنة. (Jim, 2007: 67). ففي سبعين فريق عمل من صناعات مختلفة مثلاً نجد أن الأفراد الذين يجلسون معاً في لقاءات ينتهون إلى مشاركة الأمزجة الجيدة أو السيئة خلال ساعتين. (C.Bartel, 2003: 187). وتشير دراسات أجريت على فرق رياضية محترفة إلى نتائج مماثلة فبعيدا عن تقلبات منزلة الفريق يقوم أعضاؤه من اللاعبين إلى إيجاد تناغم (تزامن) في أمزجتهم طيلة الأيام والأسابيع. (John, 2007: 848). لقد كشفت الملاحظة الدقيقة لمجموعات عمل في أثناء قيامها بمهامها طرقا عديدة يمكن للقائد أن يلعب فيها الدور المحوري في تحديد العواطف المشتركة. وعادة ما يتحدث القادة أكثر من أي شخص آخر وما يقولونه ينصت له باهتمام أكبر. (Anthony, 2000: 89). عندما يكون القائد المعين يفتقر للمصداقية لسبب ما فإن الناس قد يلتمسون التوجه العاطفي لدى شخص آخر يثقون به ويحترمونه ويصبح بذلك هو القائد الفعلي الذي يشكل ردود أفعال الآخرين العاطفية (V.U.Druskat, 2001: 68).
2- الأبعاد الإيجابية للضحك والأمزجة الجيدة: الضحك يظهر قوة الحلقة المفتوحة للمخ في أثناء عمليا ويقدم لنا إشارة معتمدة وفريدة لهذا الشعور بالرد، وعلى خلاف إشارات عاطفية أخرى خاصة الابتسامة التي يمكن أن تكون زائفة (غير حقيقية)، فإن الضحك يتضمن أنظمة عصبية عالية التعقيد وأغلبها غير إرادي فمن الصعب الغش لذلك لا يمكن لابتسامة زائفة أن تتسلل إلينا فإن الضحكة المفتعلة لها جرس فارغ. وبلغة علم الأعصاب إن فن الضحك يمثل أقصر الطرق بين شخصين. (Julia, 2008: 133). وإن العواطف التي يشعر بها الناس وهم يعملون بحسب المستحدثات حول الرضا الوظيفي (Job Satisfantion) تعكس بشكل مباشر أكثر النوعية الحقيقية لحياة العمل. (Markus, 2007: 88). إن نسبة الوقت الذي يشعر فيه الناس بعواطف إيجابية في العمل هي إحدى أقوى مؤشرات الرضا وبالتالي على سبيل المثال هي مؤشرات على مدى ترك الموظفين للعمل. (Cynthia, 2000: 186). إن الأمزجة الجيدة Good Moods هي الأمزجة المرحة التي تجعل الأشخاص يرون الآخرين -أو الأحداث- بشكل أكثر إيجابية وهذا بدوره يساعد الناس على أن يشعروا بتفاؤل أكثر حول قدرتهم على تحقيق هدف ما، ويعزز القدرة على الإبداع ومهارات صنع اتخاذ القرار ويعد الأشخاص منسجمين يفيد بعضهم بعضاً (C.D.Fisher, 2000: 78). إن الموظفين الذين يشعرون بالبهجة من المحتلم أن يقطعوا الميل الإضافي لإرضاء العملاء، وهكذا يحسنون النتيجة الأخيرة، لكن هناك في الواقع (لوغاريتم) يتنبأ بتلك العلاقة فمقابل كل واحد بالمائة (1%) من التحسين في مناخ الخدمة هناك زيادة اثنان بالمائة (2%) في العائدات. (Lyle, Spencer, 2001: 19). حيث ثبت أن الأمزجة الجيدة ذات أهمية خاصة إذا تعلق الأمر بالفرق فقدرة القائد على وضع الجماعة في مزاج حماسي تعاوني يمكن أن تحقق نجاحها. (G Barsade, 2000: 802).
3- الأبعاد السلبية للغضب والانفعالات: إن الحالات العاطفية للقيادة وتصرفاتها تؤثر بالفعل على الكيفية التي يشعر بها الناس الذين يقودونهم وبالتالي على أدائهم ولذلك فإن مدى قدرة إبقائه على إدارة أمزجهم والتأثير على مزاج كل الآخرين لا يصبح مسألة شخصية فحسب بل عاملاً لمدى نجاح الشركة أو التنظيم. (Charmine, 2000: 221). فمثلما أن الضحك يعطينا تناغما في العمل كذلك فإن الغضب الشديد والفزع وفتور الشعور أو حتى الصمت العنيد يشير إلى العكس. (Vivian, 2001: 56). إن الغضب قد يلفت انتباه القائد إلى مشكلة خطيرة (مثل المفاجأة بأن مسئولا كبيراً تورط في تحرش جنسي) مما يسفر عنه إعادة تحويل اتجاه الطاقات للقائد من سلسلة الهموم العادية نحو إيجاد حل مثل تحسين جهد المنظمة للتخلص من التحرش. (Jennifer, 2000: 1027). العواطف السلبية وبخاصة الغضب المزمن والقلق أو الإحساس بالعبث تعطل العمل بشكل قوي وتخطف الانتباه عن المهمة المطلوب أداؤها. (Jacqueline, 2001: 166).
لقد حاول الباحث توضيح أهمية الذكاء العاطفي من خلال الأبعاد الثلاثة السابقة واستنتج منها أن القادة الذين يمتازون بالذكاء العاطفي يخلقون تنظيمات متجاوبة (متوافقة) ويجمعون الناس معاً للالتفاف حول حلم عما يمكن أن يكون وخلال ذلك يوضحون طرقا جديدة للعمل معاً. فالقادة الأذكياء عاطفيا والذين يستخدمون أنماطا قيادية تبني التجاوب وتخلق قواعد السلوك التي تكون علاقات عمل صحية وناجحة بدلاً من اعتماد أساليب تربي الخوف والضغينة سيتمون من إطلاق قوة كبيرة: الطاقة الجماعية للتنظيم لتبني أي استراتيجية عمل. وهذا النوع من القادة يطورون الإيجابيات فهم يصوغون رؤية بشغل وحماس القلق ويخلقون رسالة تنظيمية ملهمة تكون متشابكة بعمق مع النسيج التنظيمي وهم يعرفون كيف يمنحون الناس الإحساس بأن عملهم هادف ومفيد.
رابعًا: السمات الشخصية للقائد
هناك مجموعة من الخصائص أو السمات التي يجب أن يتصف بها القائد الناجح وغالباً ما يتم تحديد تلك السمات عن طريق السمات النفسية والاجتماعية للقادة المتميزين ويرى الباحث ضرورة بيان هذه الصفات والسمات هنا كمدخل منطقي للقيادة قبل الغور في سبر النظريات والأنماط التي تأتي مناقشتها لاحقاً. وقد أدت نتائج البحوث في هذا المجال إلى اقتراح عدد كبير من السمات الأساسية للقائد الناجح. وسيقدم الباحث مجموعة من الآراء والدراسات التي تتناول السمات الشخصية للقائد على وفق الآتي:
أ- يمكن التعرف على طبيعة وسمات شخصية للقائد الناجح Leadership nature and leaders traits (زايد، 2006: 26). وكما موضح في الجدول.
السمات الشخصية للقائد الناجح
م | السمات | الخصائص المادية | المهارات |
---|---|---|---|
1 | التكيف مع الوقت | مستوى النشاط البدني | المهارات الفكرية |
2 | التفاعل مع الأحداث الاجتماعية | المظهر | القدرة على الإبداع |
3 | الطموح والرغبة في الإنجاز | الطول | الدبلوماسية والتكتيك |
4 | الحزم. | الوزن. | اللباقة في التحدث. |
5 | التعاون مع الغير. | الذكاء | |
6 | القدرة على اتخاذ القرار. | الإلمام بالعمل. | |
7 | الاستقلالية. | الترتيب والنظام. | |
8 | الرغبة في السيطرة والقيادة. | القدرة على الإقناع. | |
9 | الإصرار. | الذكاء الاجتماعي. | |
10 | الثقة بالنفس. | ||
11 | تحمل ضغوط العمل. | ||
12 | الرغبة في تحمل المسؤولية. |
المصدر: عادل زايد، الأداء التنظيمي المتميز. (القاهرة: المنظمة العربية للتنمية الإدارية، 2006: 26).
ب- إن القيادة والعملية القيادية تمثل محورا مهما في العملية والممارسة الإدارية حيث تشكل مع التنظيم والتخطيط والرقابة ممارسة متكاملة تعطي المنظمة النجاح إذا ما أتقنت بكافة متطلباتها ومنها: (العامري، 2007: 424).
1- القيادة الرؤروية (التصورية) Visionary Leadership هي (القيادة التي لها القدرة على رؤية المستقبل بوضوح وفهم الأسلوب الذي من خلاله تستطيع الوصول إليه).
2- القيادة في إطار الممارسة الإدارية Leadership هي (عملية إيحاء أو إلهام أو تأثير في الآخرين لجعلهم يعملون بالتزام عالي ومثابرة لإنجاز وتأدية مهام مطلوبة منهم).
3- القيادة هي التأثير إيجابياً في سلوك الآخرين بدون استخدام قوة الإكراه أو الإجبار وأن هؤلاء الآخرين يقبلون بهذه القيادة لهم.
ت- قام كلا من داني كوكس (Danny Cox) وجون هوفر (John Hoover) بدراسة على مجموعة من القادة الإدرايين في بعض المنظمات واستطاعوا من خلالها تلخيص صفات القادة إلى عشر صفات هي: (Cox, Hoover, 1998: 71)
1- صقل المقاييس العليا للأخلاقيات الشخصية.
2- النشاط العالي.
3- الإنجاز: فالقائد الفعال تكون لديه القدرة على إنجاز الأوليات.
4- امتلاك الشجاعة.
5- العمل بدافع الإبداع.
6- العمل الجاد بتفان والتزام.
7- تحديد الأهداف.
8- استمرار الحماس.
9- امتلاك الحنكة.
10- مساعدة الآخرين على النمو.
ث- وقد قدم السيد عليوة الصفات الشخصية والقيادية كما يلي: (عليوة، 2001: 53)
1- السمعة الطيبة والأمانة والأخلاق الحسنة.
2- الهدوء والاتزان في معالجة الأمور والرزانة والتعقل عند اتخاذ القرارات.
3- القوة البدنية والسلامة الصحية.
4- المرونة وسعة الأفق.
5- القدرة على ضبط النفس عند اللزوم.
6- المظهر الحسن.
7- احترام نفسه واحترام الغير.
8- الإيجابية في العمل.
9- القدرة على الابتكار وحسن التصرف.
10- أن تتسم علاقاته مع زملائه ورؤسائه ومرؤوسيه بالكمال والتعاون.
ج- صفات القادة الجيدين من وجهة نظر كارلس (Charles W.L.Hill, 2001: 13)
1- التبصير، طلاقة اللسان، الاستقامة.
2- الالتزام.
3- الاطلاع الجيد.
4- الرغبة في التفويض والتمكين.
5- الاستخدام الذكي للسلطة.
6- الذكاء العاطفي.
ح- وتوضح Julia Hanna صفات القائد والمدير في مقالتها (إن معظم هؤلاء يعيشون حياتهم بصورة جيدة مع عوائل منتجة. إنهم يريدون عمل اختلاف وعمل أشياء عظيمة. لقد أظهر التحقيق بأنهم يمتلكون وقت فراغ كبير. وإنهم إذا أرادوا عمل شيء فيجب عليهم التحرك). (Julia Hanna, 2007: 2).
من خلال الكتابات والدراسات السابقة عن السمات الشخصية للقائد أتضح للباحث بأنه هناك عديد من المقومات والصفات للقائد لكي ينجح في قيادته لمنظمته وهي مقومات تدور حول ثلاث أمور:
- الصفات والخصائص الذاتية: وبعض هذه الصفات فطرية مثل الذكاء والحماس والقدرة على الخلق والإبداع وعلى التحمل والإقناع والحيوية الذهنية. وبعضها يمكن اكتسابها وتنميتها مثل الشعور بالمسؤولية وأهمية الهدف والصداقة والحزم والقدرة على اتخاذ القرار وتعليم الآخرين والحصول على الخبرة واستخلاص المعلومة والاستفادة منها.
- قبول الجماعة: على القائد أن يكون على دراية بنظريات ومبادئ علم الإدارة والأساليب العلمية المتطورة المتصلة بأداء العمل الإداري. والقدرة على صنع القرارات المناسبة للمواقف المختلفة والمقدرة على اقتحام المشاكل والابتعاد عن أسلوب التجربة والخطأ والإدارة العشوائية. وعلى التقدير السليم للمشكلات.
- مدى إشباع حاجات العاملين في إطار المصلحة العامة: وهنا يستلزم ضرورة الفهم الكامل للآثار التي تفرضها الظروف البيئية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على سياسات أهداف المنظمة. والعمل على تنمية قدرات المرؤوسين الفنية والإدارية وتدعيم مفهوم العلاقات الإنسانية في التعامل معهم أو بينهم أو بين جمهور المتعاملين مع المنظمة تحت توجيه وإشراف مستمر لإنجاز الأهداف بأعلى قدر من الكفاءة.
خامسًا: أدوار ومهام القائد
إن دور القائد الإداري عبارة عن سلوك يأتي به القائد لأنه يحتلم مركزاً محدداً ضمن الدائرة العاملة، وأن هذا المركز ينطوي على توقعات ينظر إليها وكأنها واجبات تم فرضها على هؤلاء الذين يحتلون تلك المراكز، فالقائد الإداري بمجرد احتلاله ذلك المركز الوظيفي، سواء كان مفروضا عليه أم أنه يحتله طواعية فهو مطالب بإنجاز واجبات تعتبر كأنها الوجوه الحركية لتوقعات المجتمع من تلك الوظيفة. وهنا لابد من الإشارة إلى الأدوار التي يمكن أن توكل إلى القائد الإداري لتكتمل الصورة عنه من جميع الجوانب:
أ- أدوار القيادة
أن القائد الفعال هو الذي يؤدي كل الأدوار المطلوبة منه بشكل متميز في مختلف المواقف التي تخلقها الظروف والمتغيرات. فهو الزعيم (قدوة ونموذج يحتذى به). وهو القائد (يؤثر في سلوك الآخرين بفعاليته) وهو المراقب (يتابع ويراقب الأداء لتقويمه) وهو فعال (ينظر إلى كم وكيفية الأداء باعتبارهما وجهين لعملة التمييز).. (عبد النبي، 2001: 4). لقد تناولت Martha lay ace في مقالتها عن أداء القائد (عندما يكون مسئولا عن القيادة، فلم يعد كافيا أن تعمل كما كنت تعمل في الماضي أنت تحتاج إلى إعادة التفكير بصورة أساسية بماذا تعمل حالياً وإلى أن ستذهب في المستقبل) (Martha, 2007: 135). لقد قدم (Maikel Armstrong) مجموعتين لأدوار القيادة وذلك من الأوليات التي عدها ضرورة وتأتي بالمرتبة الأولى والأخرى ثانوية والتي يفترض وجودها في القائد بحكم موقعه القيادي وكما موضح في الجدول (1-2) أدناه:
(Maikel, 2001: 135)
أدوار القيادة
مجموعة الأعمال الأولية | مجموعة الأعمال الثانوية |
---|---|
1- القائد حاكم: لديه رؤية عن المستقبل وينقل رؤياه إلى فريقه 2- القائد منفذ: أنه يقرر أهداف المجموعة ويقوم بتوجيه وتنسيق أنشطه الفريق في سبيل تحقيق هذه الأهداف. 3- القائد مخطط: يقرر الوسيلة التي يجب إن يتبعها الفريق في الوصول إلى الغاية. 4- القائد صانع سياسة: يشارك في تشكيل السياسات ليتابع قيادة عمل الفريق. 5- القائد خبير: يمتلك الخبرات والمعلومات اللازمة للمجموعة. 6- القائد مسيطر على العلاقات بين أفراد المجموعة: يقرر الطريق التي ينظم بها أعضاء الفريق، والطريقة التي يدفعهم بها إلى العمل سوية. 7- القائد مقرر الثواب والعقاب: لديه القوة لتطبيق الجوائز والعقوبات وهكذا يمارس سلطة على أعضاء المجموعة. |
1-القائد نموذج: إنه يتصرف كمثال للسلوك، فيكون قدوة للمجموعة. 2- القائد رمز للمجموعة: وهذا يساعد المجموعة في التركيز على وحدتها. 3- القائد صاحب سلوك أبوي: يصبح هذا السلوك هدف لتحديد مستوى العلاقات دون إتباع أسلوب الإخضاع. 4- القائد كبش محرقة: قد يصبح هدف لتعليق خيبات الأمل والإحباط من قبل المجموعة. |
المصدر: مايكل ارمسترونغ، كيف تكون مديرا أفضل، ترجمة سكينة سلوم، ط1، (سوريا: دار الرضا للنشر، 2001)، 135.
ب- المهام الأساسية للقائد الإداري
للقائد مهام معينة تناط بهم لابد من الإشارة إليها هنا للاسترشاد بها ومعرفة أبعادها وعلى وفق الآتي:
1- توكل إلى القائد مهام رسمية عليه القيام بها لقيادة مرؤوسيه لتحقيق أهداف ورسالة المنظمة ولكن عليه أن لا يغفل المهام الغير رسمية، باعتبار إن العاملين تحت قياده هم بشر ولهم شخصيات وثقافات مختلفة عليه التقرب منهم والاطلاع على أحوالهم حتى يكونوا على أرضية واحدة ولا يطلب منهم مالاً يستطيعون تنفيذه حسب إمكاناتهم ولا يرسم أهدافا للمنظمة لا يمكن أن يحققها مستقبلاً، أي تعتبر خطط طموحة بعيدة عن أرض الواقع، وعليه سنوضح ما المقصود بكل منهما وكما يلي:
- مهام رسمية تنظيمية: تشمل التخطيط، والتنظيم، والتنسيق بين أطراف العمل وأجنحته وتوجيه جميع الموظفين للسير باتجاه هدف المنشأة الأساسي، والحث على الأداء بأعلى مستوى من الكفاءة والفاعلية، وتشكيل شبكة من الاتصالات العمودية والأفقية، والمتابعة والإشراف. (المعيلي، 2007: 13).
- مهام غير رسمية: تشمل الحماس والاتصالات الدائمة بالأطراف الفاعلية في المنشأة، ومشاركة العاملين في اتخاذ القرارات الإدارية وبحث مشكلات العمل ومعالجتها ووضع الحلول الناجحة لها بروح جماعية متوحدة، وتمثل القيم والمثل الإنسانية والأخلاقية في التعامل، وتبصر الأهداف العامة للمنشأة وربطها بأهداف المجتمع، ومعالجة المشكلات الإدارية في إطار الأعراف العامة، والمهارة في تنظيم الوقت وإدارته. على القائد الإداري الناجح أن يبدأ بتحفيز الآخرين عن طريق الاحترام، وعندها سيجد أنكل رغباته قد تحققت. فالمدير الذي يدعم المرؤوسين ويشجعهم ويثني عليهم ويمدحهم، يساعد على رفع معنوياتهم ودفعهم لمزيد من العطاء، ويكون أكثر فاعلية من غيره. وبذلك يحصل على أتباع جيدين الذين يديرون أنفسهم بصورة حسنة حيث يحافظون على المنظمة وغرضها ورسالتها وأشياء أخرى ويركزون جهودهم على التأثير الأكبر ويمتازون بالجرأة والإخلاص والمصداقية. (William, 1999: 462)
2- أما Jim Haskett فقد تطرق في مقالته عن مهمة القائد ((إن المهمة الأساسية للقائد هو وضع مطالب الحكم (خصوصاً عن الناس والاستراتيجية ومراحل الخطر) ويجب أن يمتلك القائد الناجح شخصية قوية وأن يكون معلماً جيداً صانعاً للمعرفة ويحتوي الأفكار والقيم وطرق توليد النشاط العاطفي للمنظمة)) ((إن الحكم يعتبر أكثر أهمية من الخبرة كما إن لخبرة المعالجة بحكمة يمكن أن تساعد على الحكم لكن الخبرة الماضية يمكن أن تحول دون الحكم الواعي، ومن غيرها يمكن للقائد أن يتطور من خلال البصيرة المتجددة المتحررة من الخبرة)) (Jim Haskett, 2008: 2).
يتضح مما تقدم بأن أدوار ومهام القيادة الإدارية تتجسد في العديد من الجوانب يمكن إجمالها بالآتي:
- (أولاً) صنع القرار: وهو ذو صلة مباشرة بسلوك القائد الإداري وعمله، إذ يعد المرآة التي تنعكس عليها أعماله، وهو يؤثر تأثيراً سلبياً وإيجابيا في تماسك المنظمة العاملة ونشاط موظفيها، لذلك اهتم علم الإدارة العامة بهذا الأمر اهتمامًا بارزاً، وتكاثرت حوله النظريات والنماذج التي عالجها العلماء في العلوم الأخرى.
- (ثانيًا) تقييم الأداء: وهو يعد أسلوبا رشيدا لقياس تدرج وجدوى التنمية الإدارية، ولذلك أخذت العديد من النظم السياسية التباهي باعتمادها وسيلة ديمقراطية لاكتشاف المواهب وإعطاء كل ذي حق حقه ووضع القائد الملائم لمفاصل صنع القرار، فهو عبارة عن وسيلة إدارية تتضمن معنى السيطرة على العلاقات الوظيفية داخل الدائرة العاملة، لمقارنة جودة العمل للموظفين المسئولين عن القيام به على المستويات الأفقية ضمن الهرم الإداري، ومن ثم يستعمل وسيلة لاكتشاف الإمكانيات التي تؤهل موظفا معنيا بالذات لأن يرتقي على السلم الإداري عموديا لإشغال وظيفة أعلى في المستقبل.
- (ثالثًا) مواجهة الأزمة: حيث إن مواجهة القائد الإداري للضغوط الداخلية والخارجية (الأزمة) تتطلب قدرات لقابليات جبارة من أهمها القدرة على الصمود، والشجاعة، والتثبت من مواقع الأمور، والتعمق في بواطن الحوادث، ودرء الشك، وعدم الهروب لمجرد الإشاعات إلى غير ذلك من الصفات التي يجب توافرها رغم علمنا بأن سردها يسير، إلا إن معرفة توافرها في الأداء الإداري من أعسر الأمور.
من كل ما تقدم يمكن القول: إن مراكز القيادة الإدارية تعتبر تكليفا ما بعده تكليف، وأمانة لا تدانيها أية أمانة.
من خلال ما تم طرحه ومناقشته نتوصل إلى استنتاجات عن القائد الإداري ليكون ناجحا في قيادته:
أ- على القائد الإداري اختيار العنصر البشري لمنظمته، إذ إن نوعية الموظفين وكيفية اختيارهم ومعرفة ميولهم واتجاهاتهم تعد من الأمور ذات الأهمية.
ب- أن يؤدي دور ترجمة السياسة العامة ويلقنها لمن يعتبر تلقينه أمراً تقتضيه طبيعة عمله، وهي عملية أصبحت من الضرورة بمكان خاصة إذا كانت السياسة العامة جديدة، أو إن سرعة إنجازها ضرورة ملحة أو إن هناك مقاومة ناجمة من جهل أو عدم رغبة في الانصياع.
ت- أن يكون حكيماً في تشخصيه وصبورا في معالجاته، ومطالبا أيضًا بإيجاد نوع من التوازن بين المطالب المتناقضة وتشذيب حدة الاحتكاك، ولا سيما أنه يعمل في بيئة اجتماعية تعيش تحت ضغط اقتصادي واجتماعي، وهي الحالة التي تؤثر تأثيراً مباشرا في الدوائر العاملة، فتدفع بها إلى حالة من التوتر والتزمت وعدم الالتزام بالوقت والتبذير وعدم التنسيق.
ث- أن يكون مسئولا عن إيجاد درجة عالية من التعاون الودي بين دائرته والدوائر الأخرى بدرجة تقترب إن لم نقل تفوق ما هو مألوف في الشعوب المتقدمة، وذلك عندما نعلم إن الدوائر الحكومية في الشعوب المتخلفة تعيش ظاهرة الابتلاع والكسب والتباعد والتفرد والتوسع.
ج- أن يخلق الرجل الثاني في الدائرة العاملة لكي يقوم مقامه في حالة غيابه، والتوسع بهذا الخلق إذ إن كمية الاحتياط من الرجل الثاني، فضلاً عن إنها مؤشر على نكران الذات والحكمة، فإنها تتحكم في تقرير أمر التوسع في التنظيم الحكومي وإعداده لمواجهة التحديات الخارجية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع: العمري، قاسم شاهين بسيم، أطروحة دكتورة بعنوان: أنماط القيادة الإدارية وـاثيرها في نجاح المنظمات الحكومية، دراسة تحليلية لآراء عينة من المدراء والعاملين في محافظة ذي قار، أطروحة دكتوراه تقدم بها الباحث إلى مجلس كلية الإدارة والاقتصاد جامعة سانت كليمنتس وهي جزء من متطلبات نيل درجة دكتوراه فلسفة في الإدارة العامة، كلية الإدارة والاقتصاد ، جامعة البصرة ، العراق، 1430هـ - 2009م.