أدرك الإسلام أهميه وقيمه العنصر البشري في كافه المجالات وخاصة دورة في الدفاع عن وطنه ودينه ومبادئه وعقيدته ، لذا فقد اهتم ببنأة بناء صحيا صحيحا في كافه تكوينات شخصيته ، النفسية والجسدية والعقلية ، انطلاقا من أهميته كمخلوق مختلف عن باقي مخلوقات الله حيث رفعه ربه وكرمه فقال في حقه :" ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا " ،من هذا المنطلق كان لابد من بناء الإنسان الذي يستطيع القيام برسالته في الأرض وهي خلافه الله وأعمارها الأعمار السليم المبني على أقامه شرع الله القويم ودينه المستقيم ،ولن يتأتئ ذلك الا من خلال مقاومه العقائد الفاسدة والأديان الباطلة ومحاربه قوى الشر والظلم والطغيان والإفساد ، لان الحياة في الأصل هي صراع ما بين قوى الخير والشر والحق والباطل لذا فان على هذا الإنسان- المسلم- ان يكون مقاتلا محترفا متميزا عن غيرة بمهنيتة القتالية التي تغلفها القيم الاخلاقيه النبيلة التي أرادها الإسلام لجندة ليحمل قيم الخير والهداية لبني الإنسان ويحميهم من اعتداء المعتدين ، لذا فقد استخدم الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وصحابته من بعدة استراتيجيه فعاله ومتقنه ومنهجا متميزا في بناء شخصيه المقاتل المسلم ليكون اولا قدوة ومثلا يحتذى بأخلاقه ومهنيتة واحترافه وشجاعته وصمودة وقدرته على المواجهة ، وفي القادم من الصفحات سوف نتعرض الى الأسس التي اتبعا الإسلام في بناء شخصيه المقاتل المسلم .
شروط الجندية الإسلامية :
لابد قبل الحديث عن بناء الشخصية القتالية المسلمة ان نتطرق الى من هو المقاتل المسلم وكيف يتم اختيارة ليكون الأساس منذ البدء سليما صحيحا، لذا كان لابد من شروط يتحلى بها الجني والمقاتل المسلم والتي من أهمها :
1.الإسلام :
لابد لمن أراد الانخراط في الجيش الإسلامي ان يكون مسلما لكي يدافع عن دينه وبلادة بإخلاص وقناعه وان يكون لديه الحافز والدافع للتضحية بروحه في سبيل وطنه وأمته ضد الطامعين والمعتدين .
2.البلوغ :
لابد من ان يكون المقاتل بالغا راشدا ليدرك معنى وأهميه وقيمه ما يفعل من عمل ، وقد اشترطت كثير من القوانين العسكرية في مختلف الجيوش أن يكون سن السادسة عشرة هو سن البلوغ والتجنيد في الجيش .
3.الصحة والسلامة:
وهو ان يتمتع من أراد الدخول في الجندية بالسلامة والصحة بأقسامه المختلفة وهي :
-الصحة الجسدية:
لابد من ان يكون الجندي صحيح الجسم وليس عاجزا ضعيفا وخاليا من الأمراض والعلل ، لان الواجبات التي ستناط به ستكون شاقه وصعبه تتطلب منه ان يكون سليم البنية قوى الجسد ،ويدخل في إطار هذا الشرط ما تشترطه اليوم كثير من الجيوش ان يكون المقاتل سليم النظر والسمع وبقيه الحواس والأطراف كاليدين والرجلين .
-الصحة العقلية :
لاشك ان العقل السليم في الجسم السليم ،فتكامل سلامه العقل مع الجسد هو تمام كمال الصحة والسلامة للإنسان ، ولا ريب أيضا ان من فقد عقله قد سقطت عنه كثير من الواجبات لان القاعدة الشرعية تقول "إذا اخذ ما أوهب اسقط ما أوجب ".
-الصحة النفسية:
ان الاضطراب النفسي وانفصام الشخصية والهذيان وغيرها من علل النفس هي موانع الانخراط في الجندية لأنها قد تؤدي بصاحبها الى إيذاء نفسه وإيذاء الآخرين ، فشرط تمام الصحة النفسية هو شرط أساسي لدخول في جيش الإسلام .
4.الشجاعة والإقدام :
ليس هناك من مكان لمتخاذل او جبان في الجيش ، لان الجبان سوف يحبط كثيرا من زملائه ويدمر معنوياتهم في ساحة القتال ، لذا فان الحماس والشجاعة والإقدام والرغبة هي شروط لابد من توفرها في المقاتل الصحيح .
نجد ان هذة الشروط تجعل فيمن ينضم الى صفوف الجيش ان يكون شخصا عاقلا واعيا مدركا لما سيقوم به من واجبات ومستعد لتحمل المشاق والمسؤوليات الكبيرة التي ستلقى على كاهله وخصوصا اذا كان في موضع قيادي معين لان قيادة الرجال هي من لصعب أنواع القيادة، وكذلك القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة والحازمة في نفس الوقت هي أيضا مهمة ليست بالسهلة بل أنها تتطلب الكفاءة والقدرة وتمام الصحة العقلية والنفسية والجسدية ، كذلك فان هذة الشروط تبين اهتمام الإسلام بالعنصر البشري عموما وبالإنسان المقاتل خصوصا .
الأسس التي اعتمدها الإسلام لبناء الإنسان(بشكل عام)
أسلفنا بان الإنسان في الإسلام هو أساس الكون ومحور الاهتمام لأنه هو المكلف بعمارة الكون وخلافه الله في الأرض لذا فان ما يجب ان يتحلى به الإنسان من أخلاقيات وصفات وخصائص يجب ان تختلف عما يتمتع به غيرة من المخلوقات وذلك لأنه مميز بالعقل والإدراك والفهم ، لذا فان الإسلام اعتد أسس عظيمة ومهمة في بناء هذا الإنسان ليكون قادرا على القيام بأعباء المسؤوليات المناطة به حيث اهتم به منذ ان يكون جنينا في بطن أمه الى أخر لحظه في حياته وذلك وفق أسس محددة ومعالم مرسومه بينها القران الكريم والسنة المطهرة يسترشد بها من أراد الفلاح والنجاح ويتنكبها الضال الجاهل .
إما أسس بناء الإنسان فقد شملت بناء جسدة وروحه وعقله ونفسيته وهذا ما سنوضحه بالتفصيل .
أولا :أسس بناء الصحة النفسية للإنسان المسلم :
ذكرنا سابقا ان الصحة النفسية هي شرط هام وعامل من عوامل تكامل شخصيه الإنسان السليم ، وذلك لان سلامه النفسية تعني سلامه بقيه الجسد وان عله النفس تؤدي إلى اختلال الموازين واضطرابها وتغير أنماط السلوك وانهيارها ، وللمزيد من التوضيح يجدر بن ان نعرف الصحة النفسية والتي تعني :"قدرة الفرد على التوافق مع نفسه ومع المجتمع الذي يعيش فيه وهذا التوافق هو الذي يؤدي الى التمتع بحياة خاليه من الاضطرابات ، حيث يتسم الفرد بالرضا عن نفسه وعن مجتمعه حيث لا يبدو عليه ما يدل على سخطه على مجتمعه كما انه لا يسلك سلوكا اجتماعيا شاذا بل تكون كل سلوكياته معقولة تدل على الاتزان العاطفي والانفعالي والعقلي في مختلف المجالات وتحت تأثير جميع الظروف " ، وهو وفقا لما ذكر أعلاه يكون صحيح النفس سوي الشخصية سليم التصرف ويكون ذا صحة نفسيه سليمة،ومنهجيه الإسلام في تقويم نفسيه الإنسان هي منهجيه متطورة وعصريه تصلح لكل زمان ومكان ، لذا فلا حق لجاحد او منكر ان يقول إنها أساليب وطرائق عفا عليها الزمن وباتت قديمة وباليه ،بل أنها الحلول الناجعة لما تعانيه البشرية اليوم من ازدحام عياداتها ومستشفياتها –وخاصة في الغرب المتقدم- من كثرة المرضى الذين يعانون من صنوف الأمراض والعلل النفسية والإصابات الروحية كالهم والحزن والقلق والكسل والاكتئاب والخوف والفصام والهلوسة والأرق والعصبية وغيرها الكثير مما نتج عنه أمراضا جسديه كارتفاع الضغط والسكري وألم المفاصل ... الخ مما يستنزف الأموال الطائله لعلاجها ولكن دون فائدة ، ولكن الإسلام العظيم لديه الحل ، وذلك وفق منهجيه أثبتت جدارتها وقدرتها على شفاء علل النفس وبقاء الإنسان سليم الروح والنفس والضمير والجسد ، لذا تجد الإنسان الممتلئ قلبه بالإيمان والمتعلق بخالقه يتمتع بالصحة النفسية التامة ويشعر بالسعادة الغامرة في كل وقت وحين وهذا ما أثبتته دراسات الغرب الكثيرة في مسيرة بحثها عن علاج أمراض الروح والنفس.
إما منهجيه الإسلام في بناء الصحة النفسية فتتلخص فيما يلي :
1. تعلق القلب بالخالق عز وجل وتوجهه إليه سبحانه ،لان في ذلك الطمائنينه والراحة ، حيث يقول تعالى :" ألا بذكر الله تطمئن القلوب " ، ان في ذكر الله والتعلق به راحة للنفس وطمأنينة للضمير لان الإنسان عندها يدرك ان مصيرة ورزقه واجله بيد خالقة وليس لأحد من البشر مهما كانت قوته وجبروته ان يضرة او ينفعه بشيء إلا بإرادة الله عز وجل ،حيث يقول سيدنا رسول الله في الحديث :" واعلم انه لو اجتمع أهل السماوات والأرض على ان يضروك بشيء ما ضروك إلا بشيء قد قدرة الله عليك " ، ومن مظاهر التعلق بالله عز وجل هو المداومة على قراءة القران لان في ذلك شفاء للصدور وتخلص من القلق والاضطراب ،حيث يقول تعالى :" وننزل من القران ما هو شفاء ورحمه للمؤمنين " الإسراء 82، .
2. وجه الإسلام الإنسان المسلم ان يتعامل مع إخوانه جميعا بالرفق واللين والاحترام والتسامح ، لان هذا الأسلوب هو الطريق نحو بناء جسور المودة والتراحم والتالف بين الناس عندها تسود العلاقات الانسانيه حاله من الهدوء والاتزان والطمأنينة ، وينعدم منها العنف والتطرف والاضطراب ، وهذا ما تعاني منه البشرية اليوم وسببه لاشك هو انعدام التعامل بالرفق واللين واحترام الأخر والتسامح فيما بين الناس ، قال تعالى :" ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " ، وقال تعالى :" والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين " ال عمران 134.
3. يدعوا الإسلام المسلم للتفاؤل والاستبشار بالخير ونبذ اليأس والقنوط حيث يوجهنا لذلك رب العزة فيقول :" ولا تيأسوا من روح الله انه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون " يوسف 87 ، وكذلك فان من يتفائل بالخير يجدة لآن القاعدة هي (تفائلوا بالخير تجدوة ) والتفاؤل والاستبشار يؤديان بالإنسان الى راحة البال وهدؤ الأعصاب والنفسية وطمأنينة الضمير .
4.يدعوا الإسلام الإنسان المسلم الى البشاشة وطلاقه الوجه لدرجه انه اعتبر تبسم الإنسان المسلم في وجه أخيه المسلم صدقه، وهذا السلوك يجعل الإنسان يعتاد ألابتسامه واللطافة في التعامل مع الآخرين فيجعهلم يحترمونه ويقدرونه ويبادلونه نفس الشعور مما يخلق أجواء مريحة سواء في البيت او الشارع او العمل ، بل في كل مكان .
5. قناعه الإنسان بما قسم الله له ، عندها تطئمن نفسه ويرتاح باله ويعرف ان هذا هو نصيبه في هذة الحياة حتى وان كان ما أوتي قليل ويسير لأنه من عند مقسم الأرزاق وهو الله القادر ،حيث ان رضا الإنسان بما قسم الله له يجعله أغنى الناس لان القاعدة في ديننا هي قوله تعالى :" (وعسى ان تكرهوا سيئا وهو خير لكم وعسى انم تحبوا شيئا وهو شر لكم ...) وكذلك القاعدة النبوية التي تقول : (وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس ) وفي تراثنا العربي الإسلامي "القناعة كنز لا يفنى " .
6. الصبر والشكر نعمتان من نعم الله على الإنسان المسلم يجعلانه يشعر بالطمأنينة وراحة النفس فهما السلاح الحقيقي لمواجهه الاضطراب والقلق على ما فات او نقص ،قال تعالى :" لئن شكرتم لأزيدنكم " إبراهيم 7، لان الخير كله في الصبر والشكر وهذا ما نبئنا به نبي الهدى والرحمة حين قال :" عجبا لأمر المؤمن ان أمرة كله خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، ان أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وان أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " ،رواة مسلم، وقوله تعالى :" والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا ..) البقرة 177.
7.ان النظر الى ما عند الآخرين وتمني زوال النعمة وتحولها عنهم هو مصدر القلق والاضطراب ، لذا فان الإسلام أراح الإنسان من هذا العناء وأمرة بالقناعة ، حيث طلب منه ان لا ينظر للناس بعين الحسد والطمع بما يملكون ، قال تعالى :" ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا "طه 131 ،وقوله تعالى :" ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض"،عندها ترتاح نفسه ويهدأ باله .
هذة بعضا من أسس المنهجية الاسلاميه في بناء نفسيه الإنسان السليم الصحيح النفس والروح ، لان الإسلام يدرك ان الإنسان القوي نفسيا هو ذاته القوي بدنيا وعقليا لان الروح والجسد هما مكونات الإنسان الكامل الصحيح الذي يصلح ان يكون عندها مقاتلا وجنديا قويا شديدا متماسكا في أصعب اللحظات وأعسرها فيؤدي دور على أكمل وجه ويقوم بواجبة أتم القيام .
ثانيا :أسس بناء الصحة الجسدية للإنسان المسلم :
ان اهتمام الإسلام بالمقاتل القوي الشديد يتطلب وبالدرجة الأولى بناء جسدة بناءا سليما صحيحا خاليا من الأمراض والعلل والآفات لان المهام التي ستلقى على عاتقه تتطلب منه ان يكون سليم الجسد متين البنية ، وقد استخدم الإسلام لذلك أرقى وأفضل وأحسن الأساليب العلمية التي بدأت البشرية ورغم تقدمها العلمي والطبي بالعودة إليها وتطبيقها في المشافي ومراكز العلاج حتى في أرقى دول العالم المتقدمة علميا وطبيا ،ومن هذة الأسس والمبادئ ما يلي :
1.ان الإسلام قد فرض على الإنسان المسلم العبادات المختلفة التي تساعدة على بناء جسدة وتمنحه الصحة العضلية والبدنيه بشكل دائم ومستمر ،فها هي الصلاة عبادة روحانية يؤديها الإنسان بحركات معينه من جسدة يستعمل خلال أدائها العضلات والمفاصل المختلفة من جسمه والتي تكاد تشمل الجسد كله،فتمنحه حركات مخصوصة تؤدي إلى تنشيط الدورة الدموية في شرايينه فتضخ الدم الصافي النقي إلى قلبه ومن قلبه إلى دماغه ثم إلى شرايين جسدة كلها فتمنحه الحيوية والنشاط الدائمين ، هذا وقد اثبت الطب الحديث فوائد وثمرات للصلاة وحركاتها لا تعد ولا تحصى تسهم في تغيير بنية الجسد وتجعله في حاله من الصحة والعافية النادرتين ، ومن أسس صحة الجسد هو التخلص من الكسل والخمول والنعاس وليس أفضل من علاج لهذا كله من الصلاة التي يسبقها الوضوء الذي يؤدي إلى نشاط الجسد وتخليصه من كل ما علق به من الأوساخ والقاذورات والغبار وخاصة ما ثبت علميا وحديثا من فوائد للوضوء ابسطها إن الاستنشاق لوحدة يحمي الإنسان من مرض الجيوب الانفية وما يتصل بالجهاز التنفسي من مشاكل ،ناهيك عن نظافة اليدين والقدمين والوجه والفم .
أضف الى هذا كله ان الصلاة تمنح الإنسان الراحة النفسية والمعنوية فتمتزج راحة الجسد ألبدنيه والحسيه مع الراحة المعنوية عندها يتشكل بداخل الإنسان جهاز مناعة قوي لا يسمح لأي مرض او عله من الدخول الى هذا الجسد المحصن ،ويضاف إلى ذلك كله ان الصلاة تعود الإنسان على الانضباط والاستقامة من خلال تسويه الصفوف المنتظمة المرتبة التي تدل على التنظيم الدقيق والانضباط العالي المستوى أضافه الى الحركات الموحدة من مجموع المصلين كالركوع والسجود والجلوس والتسليم ،ان تكرار هذة الأفعال خمس مرات في اليوم كفيل بان يجعل الإنسان في حاله انتباه دائمة ويقظة مستمرة تدفعه إلى النشاط والانضباط والاستقامة.
وكذلك الحال بالنسبة لبقية العبادات فها هو الحج ترويض للنفس والجسد معا،حيث ان مناسك الحج تفرض على المسلم ان يبذل الجهد الجسدي العضلي لإنجازها مما يجعله في حاله جسديه رياضيه وبنية قويه تعطيه الصحة والعافية ، اما الصيام فهو الوسيلة الاساسيه والرئيسية للتخلص من فضلات الجسد وسبب في شفاء الكثير من العلل والأمراض التي تصيب الجهاز الهضمي، وقد اثبت الطب الحديث فوائد الصيام بل ان الكثير من المشافي في دول غير اسلاميه اتخذت من طريق المسلمين في الصيام علاج للكثير من الأمراض ، ولا تقل أهميه الزكاة عن غيرها من الفرائض فهي معونة للفقراء من الأغنياء الذين قد يكونا بأمس الحاج لها للعلاج او الغذاء او الكساء او المسكن الذي يقيهم شر العلل والأمراض ويمنعهم عن السعي المضني الذي قد لا يستطيعونه من اجل لقمه العيش .
إنها رياضات دينيه تعود بالصحة والعافية على الجسد بل أنها تعود بالجمال والنظارة والبشاشة للوجه والقلب معا نتيجتها جسد قوي وروحانية ليس لها مثيل .
2.من اهم مقومات بناء الجسم السليم هو النظافة ، حيث ركز الإسلام على موضوع النظافة الجسدية والشخصية وكذلك النظافة العامة للأحياء والأفنية والبيوت حيث يقول (صلى الله عليه وسلم):" ان الله جواد يحب الجود ، نظيف يحب النظافة فنظفوا بيوتكم وأفنيتكم ولا تشبهوا باليهود " وقال أيضا :" أماطه الأذى عن الطريق صدقه " ، وكذلك فقد اشترط الإسلام الوضوء لصحة الصلاة قال (صلى الله عليه وسلم):" لا تقبل صلاة من احد حتى يتوضأ " ، وكذلك الاغتسال من الجنابة والحيض والنفاس، قال (صلى الله عليه وسلم):"الطهور شطر الأيمان " وقال تعالى :"وان كنتم جنبا فاطهروا " ، بل انه حض على كثير من مظاهر النظافة مثل قص الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة والاستنجاء والمضمضة والتطيب والتعطر والتزين بأحسن الثياب والظهور بأحسن المظاهر من غير تبرج او مبالغه ،قال تعالى :"يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد "الأعراف 31، وقال (صلى الله عليه وسلم) :"أصلحوا رحالكم ولباسكم حتى تكونوا في الناس كأنكم شامه " ،ان هذة الأمور تؤدي الى بناء جسد سليم معافى خالي من الأمراض والعلل.
3.الاقتصاد في الطعام :
يدعوا الإسلام الى الاعتدال والاقتصاد في كل شيء فهو دين الوسطية - وليس المغالاة - حتى في الطعام ، قال تعالى :" وكذلك جعلناكم أمه وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " ، لذا فقد وجه الإسلام أتباعه الى إتباع طرق صحية - اثبت الطب الحديث نجاحها في معالجه أمراض وعلل كثيرة- في تناول الطعام ويمكن إيجازها ما يلي:
- عدم الإقبال على الطعام إلا في حاله الشعور الحقيقي بالجوع حيث قال (ص) :" نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع ".
- عدم ملئ المعدة بالطعام ،بل يجب إبقاء مساحه فارغة للنفس (الهواء )والماء أي ان يقسم المعدة إلى ثلاثة أقسام : ثلث للطعام وثلث للشراب وللثلث للنفس وبذلك يتحقق التوازن المطلوب للمعدة والذي يمكنها من القيام بعملها على أفضل حال ، قال (صلى الله عليه وسلم) :" ما ملاء ابن ادم وعاء شرا من بطنه ، بحسب ابن ادم لقيمات يقمن صلبه ، فان كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه " .
- الابتعاد عن الطعام الذي يسبب تهيج المعدة كالطعام الحار جدا او البارد جادا ،وكذلك الاطعمه المليئة بالتوابل الحارة التي تسبب الالتهابات وخبث الأمعاء .
4.الابتعاد عن المأكولات والمشروبات الضارة والخبيثة :
حرم الإسلام بعض الاطعمه والاشربه الضارة والفاسدة والمهلكة للعقل او البدن او لكليهما معا ،وذلك حفاظا على صحة الإنسان ليبقى متيقظا منتبها مستعدا لكل ما قد يطلب منه لان "المؤمن كيس فطن " ، ومن هذة الاطعمه :
- لحم الخنزير : اثبت الطب الحديث ان لحم الخنزير يحتوي على مكونات ضارة لجسم الإنسان ، لذا فقد حرمه الله سبحانه في كتابه الكريم بصريح الآيات التي لا تأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ولا تحتمل التأويل أو التحريف .
- الميتة : لأنها تعافها النفس ولاحتوائها على كميات كبيرة من الجراثيم والميكروبات الضارة والتي قد تسبب للإنسان المرض والخبث او حتى الموت وقد حرمها الله في صريح الآيات الكريمة .
- الخمور :إنها سبب فساد العقل وذهاب الفكر وضياع الجسد وانحلال الخلق ومدعاة للفجور والانحراف والانجراف الى متاهات الضياع والتشرد وأوحال الجريمة ،والناظر في حال المجتمعات التي فشا فيها داء الخمر يجد الجواب واضحا صريحا ،إنها تئن تحت وطأة الجريمة كالقتل والاغتصاب والسرقة وانتهاك الحرمات حتى بين اقرب الناس ،وتسعى المجتمعات – المتمدنة- اليوم للتخلص من هذة آلافه بشتى الطرق والوسائل لأنها تستنزف منها أموالها وطاقاتها وجهدها ووقتها ، وقد حرمها الله سبحانه في كتابه الكريم ،حيث قال تعالى :"يا أيها الذين امنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون " (المائدة 90).
- المخدرات : كل مسكر حرام ،هذة هي قاعدة الإسلام ،حيث نهى (صلى الله عليه وسلم) عن كل مسكر ومفتر "لأنه يذهب العقل الذي هو ميزة الإنسان عن باقي المخلوقات والذي به ارتفع وتقدس فاستحق ان يكون خليفة الله في الأرض .
- التدخين :انه أفه العصر التي ليس لها نتيجة إلا هلاك الجسم ودمارة ، ناهيك عن التدمير المادي والنفسي والمعنوي للمدخن ،لقد اثبت الطب الحديث ان التدخين سبب رئيسي للكثير من الأمراض والآفات وخاصة أمراض الجهاز التنفسي ومراض القلب والرئة والاوعيه الدموية وإتلاف انسجه اللثة واللسان والشفة وسقف الحلق بالاضافه الى انه سبب رئيسي لمرض السرطان وخاصة اذا ترافق مع شرب المسكرات ،لذا فهو قتل للنفس وتدمير للصحة والجسم الذي هو أمانه في عنق صاحبه والذي أمرة الله سبحانه ورسوله الكريم بالحفاظ عليه .
إن المدقق في توجيهات الإسلام فيما يتعلق بغذاء الإنسان وطعامه يجدها توجيهات حضارية راقيه تسعى الأمم الحديثة المتقدمة طبيا الى تطبيقها وتنفيذها بحذافيرها لما فيها من فائدة عظيمة على صحة الإنسان وقوته ألبدنيه والعقلية معا .
5.تجنب السلوكيات المحرمة:
لقد حرم الإسلام اقتراف المحرمات وتجنب السلوكيات الشاذة حفاظا على الصحة وتجنبا للأمراض التي قد تسببها مثل هذة السلوكيات الخاطئه ومن اشد ما حرم الإسلام هو :الزنى الذي اعتبره الإسلام فاحشه وساء سبيلا ،حيث يقول جل وعلا:" ولا تقربوا الزنى انه كان فاحشه وساء سبيلا " (الإسراء 32) ،وكلك فقد حرم الإسلام اللواط وهو عمل قوم لوط الذين خسف بهم الله الأرض عندما قارفوه وارتكبوه وذلك لأنه مخالفه للفطرة السليمة وشذوذ عن السلوك السوي القويم الذي شرعه الله للإنسان لقضاء وطره وشهوته وهو الزواج الصحيح الحلال ، قال (صلى الله عليه وسلم) :" ملعون من عمل عمل قوم لوط" ، هذا وقد ظهر في العصر الحديث ابتلاء من الله للأمم والشعوب التي خالفت الفطرة واستخدمت الشذوذ الجنسي كوسيلة لقضاء الشهوات وجعلته متاحا مباحا وهو مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز ) الذي يحصد سنويا ملايين القتلى ويفتك بمئات الملايين ،انه عقوبة الله لأولئك القوم الذين عصوا الله واستحلوا محارمه وجاهروا بالمعصية ، انه مرض يستنزف من الأمم الأموال الطائله والجهود الطبية المضنية ويدمر اقتصاديات كثير من الدول دون طائل او نتيجة ، وعانت البشرية حتى اكتشفت ان الحل هو بالتزام الأخلاقيات الفاضلة والتزام السلوكيات المستقيمة والتي دعا إليها الإسلام وحض عليها ، وكذلك حرم الإسلام إتيان المرأه أثناء الحيض والنفاس لما في ذلك من أذى ،مصداقا لقوله تعالى :" يسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض .."(البقرة 222) ،وقد اثبت الطب الحديث بان دم الحيض يمتلئ بالميكروبات الضارة التي تلحق الأذى بالرجل وتتسبب بالالتهابات والأمراض .
6.العلاج والتداوي من الأمراض والعلل:
" تداووا عباد الله فما انزل الله من داء إلا وانزل له الدواء " ،هذة هي قاعدة الإسلام الاهتمام بالجسم والعناية به ان أصابه المرض او حل به الضعف وذلك لكي يبقى قويا مستعدا لكل ما يطلب منه ،لان الإسلام أراد لأتباعه أن يبقوا أقوياء أصحاء جسديا ونفسيا وعقليا لان القاعدة في الإسلام هي أن "المؤمن كيّس فطن " فالفطانه والذكاء واليقظة لا تكون بالجسم المريض الممتلئ بالعلل والأسقام بل هي في الجسم الصحيح النشيط القوي ،وقد بين الإسلام للناس أساليب الحفاظ على البيئة السليمة الخالية من الإمراض كعامل وقاية قبيل الأصابه بالمرض حيث نهى (صلى الله عليه وسلم) عن تلويث الماء –الراكد- وذلك بالتبول فيه لأنه سيكون بيئة خصبه لانتقال الأمراض والاوبئه للآخرين قال (صلى الله عليه وسلم) :" لا يبولن أحدكم في الماء الدائم –الراكد- ثم يغتسل فيه " رواة البخاري ،وكذل فان الإسلام استخدم أحدث طرق الوقاية من الأمراض وذلك باستخدام أسلوب (الحجر الصحي ) وذلك حماية للناس من انتشار المرض و شر العدوى حيث قال (صلى الله عليه وسلم) :" إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وذا نزل وانتم بأرض فلا تخرجوا منها " أخرجه الترمذي .
نلحظ ومن خلال ما سبق بان الإسلام قد عني عناية فائقة وتامة بأتباعه حفاظا على أجسادهم وعقولهم ونفسياتهم لان الإسلام يريد الإنسان السليم الوي القوي النشيط لان مسؤوليته عظيمة وحمله ثقيل وهو بناء الأرض وعمارتها والقيام بأعباء دينه ورسالته السمحة لينشرها في كافه بقاع الأرض وأطراف المعمورة ،والناظر في هذة الأساليب يجد دقتها وبلاغتها وعناية الإسلام من خلال بأدق تفاصيل وجزئيات حياة الإنسان ، وان المتتبع لها لن يجد إلا السرور والسعادة وراحة الجسد والنفس معا .
ثالثا :أسس بناء الصحة العقلية في الإسلام :
1.التفكر والتفكير :
ان العقل ينضج ويتطور وان الفكر تتسع مداركه وتزداد قدراته على الحفظ والتدبر والتأمل من خلال زيادة التفكير المنطقي السليم والذي ليس له محصله إلا الإبداع والتميز وهذا ما أرادة الإسلام لأتباعه وجندة ، ولمتفكرين في القران الكريم نصيب طيب من المدح حيث ذكرهم الله تعالى في آيات كثيرة منها ،قوله تعالى :"أولم يتفكروا في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار "ال عمران 191،وقال تعالى أيضا :"أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء"،ان الإسلام أمر بإعمال العقل وإطلاقه من عقاله ومنحه مساحه كبيرة من حرية التفكير لان في ذلك منفعة للامه وزيادة في تقدمها وتطورها وارتقاءها في العلوم والمعرف لان العقول المعطلة تبقى معطله لا نفع فيها ،بل أن الإسلام حرص على إطلاق تفكير الإنسان منذ نعومه اظفارة من خلال تعليمه وتدريسه وإجابته على تساؤلاته حول الكون وما فيه من ظواهر طبيعية كالشمس والقمر والزلازل والبراكين والمطر والرياح وغيرها لان في ذلك تطوير لتفكيرة وتنميه لعقله وقد أكد الإسلام وحض على العلم كوسيلة عظمى من وسائل التفكر والتفكير ولا أدل على ذلك من قوله تعالى : إنما يخشى الله من عبادة العلماء " فالعلماء أكثر الناس خشيه لله لأنهم يعرفون أسرار الخلق والكون والعلوم والمعارف التي لا يعرفها غيرهم .
بنفس الحرص الذي ابداة الإسلام تجاه الإنسان بدنا وجسدا وأعضاء حرص في نفس الوقت على حرية عقلة وفكرة بعيدا عن أية قيود تحد من انطلاقة وتمنعه من التفكير والتأمل والتدبر ، بل أنة حض وشدد على أن يكون العقل والفكر حرا طليقا يجول في ملكوت السماوات والأرض يتدبرها ويعقلها ويتعرف على آيات الله فيها فتزيده إيمانا باله وتكون طريقا موصلا له إلى معرفة خالقة ومولاة ، قال تعالى :" أولم يتفكروا في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار " والإسلام بحضه الإنسان على التفكير إنما هو يقر له بشئ من طبيعته البشرية وصفة من صفاته الإنسانية، ولكنة بنفس الوقت يوجهه أن يستخدم هذا النشاط الفكري بما يعود علية وعلى مجتمعة بالنفع والفائدة دون أن يسبب أذى لغيرة من بني جنسه امتثالا لقاعدة الإسلام العظيمة ( لا ضرر ولا ضرار ) فالإسلام يريد من الإنسان أن يسير في نشاطه الفكري سيرا ايجابيا فيه الخير والنفع لأنة يريد منة أن يرتقي ويصعد لا أن ينحدر وينزل ، يريد منه أن يبني لا أن يهدم لان لدية مهارات وقدرات لم تعط لغيرة من المخلوقات ، يقول الدكتور احمد زكي :" فالذي صمم جسم الحيوان وركب هيكلة كأنة لم يرد من هذا التصميم أن يتمكن الحيوان من النظر إلى السماء وذلك لأسباب عدة من أهمها : أنة مع عقلة العاجز لا يستفيد من هذا النظر شيئا وعلى غير هذا الطراز صمم المصمم جسم الإنسان وركب هيكلة ، فالإنسان عقل زاخر كثير الوعي ، وهو قادر كثير القدرة ، فهو يستفيد من النظر إلى السماء اكبر استفادة ويلقى في سبيل هذا النظر بعض المشقة ، ولكنها تهون في هذا السبيل الذي هو فيه " .
2.حرية التعبير :
اهتم الإسلام بتكوين المجتمع المسلم النظيف الذي تسوده المحبة والتعاون فيشعر فيه الإنسان بالكرامة والاحترام ، يسوده التوازن والاعتدال ، تتاح في للإنسان الحرية في ان يبدي راية في كل القضايا المتصلة بشؤونه اليومية في المسائل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تحقيقا لأهداف المجتمع العليا.
فللإنسان الحق في أن يبدي رأيه بحرية والتعبير عما يجول بخاطرة بصراحة وخصوصا إذا كان في ذلك إحقاق للحق وإرساء للعدالة ، لان إبداء الرأي الصائب المستنير المستقيم فيه بناء للمجتمع وصيانة له من التدهور والضياع ، ويبدي الإنسان راية في المجتمع الإسلامي من خلال مفهوم الدعوة والنصيحة بالأسلوب الحسن والطريقة اللينة ، لذلك فق جاءت آيات كريمة كثيرة تدعوا المسلم لإبداء راية ليكون صاحب موقف وكلمة وليس إمعة اخرق ليس له قرار أو رأي تتقاذفه الأهواء والأمزجة ، قال تعالى :"ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" وقال (ص):" لا يكن أحدكم إمعة ، يقول أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت وان أساءوا أساءت ، ولكن وطنوا أنفسكم ، إن أحسن الناس إن تحسنوا وان أساءوا أن تتجنبوا إساءتهم".
وللدعوة وابدأ الرأي ضوابط أرشدنا لها القران الكريم بقولة تعالى :" ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك"، وإبداء الرأي يكون بالقول اللين والأسلوب الحسن واختيار الزمان والمكان المناسبين لإبداء الرأي والمشورة " والإسلام يريد من الإنسان عندما منحة حرية التعبير أن يكون تعبيره بعيدا عن الإيذاء لنفسه ولغيرة ، إيذاء بدنيا او معنويا سواء كان هذا الغير فردا في مجتمعة أو كان في مجتمع أخر وعلى عقيدة أخرى" قال تعالى :" قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن" وقال تعالى :" ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن" ، وإبداء الرأي في المجتمع المسلم هو استجابة لدعوة الله تعالى بقولة لنبيه (صلى الله عليه وسلم):" وشاورهم في الأمر " وفي هذة العملية – الشورى – يتم تطارح الأفكار وتبادل الآراء التي تنجم عن تفكير عميق واستعمال للعقل بطريقه منطقيه تجعل من الإنسان يتميز عن غيرة من المخلوقات بان لديه القدرة على التعبير عما يجول بذهنه بأفكار تخدم ألامه المسلمة وتقودها إلى دروب الفلاح والسداد .
3.العلم والتعلم :
ومن ظواهر الحفاظ على سلامه العقل وتحريرة من الخزعبلات والخرافات في الإسلام هو تشجيعه وحضه على طلب العلم ، فالفكر هو أداة الحصول على العلم لذا شدد الإسلام على طلب العلم والمعرفة ، فانزل الله سبحانه وتعالى أول أية على رسوله الكريم تطلب منة أن يقرءا ، قال تعالى:"إقراء باسم ربك الذي خلق " فالقراءة والكتابة هي أدوات العلم الرئيسية التي تكشف عن مكنونات الفكر ، والعلم يطلق لصاحبة العنان ليتدبر ويتفكر في ملكوت الله وما خلق الله في السماوات والأرض، قال (صلى الله عليه وسلم):"طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة " رواة ابن ماجه ،ويقول الله عز وجل في فضل العلماء والمتعلمين على غيرهم :"قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " ورفع ديننا الحنيف من قيمة العلماء حيث قال (صلى الله عليه وسلم) :" لموت قبيلة أيسر من موت عالم " رواة الطبراني، وقال تعالى في موضع أخر :" شهد الله أنة لا آلة إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا آلة إلا هو العزيز الحكيم"، وفي هذه الآية جعل الله مرتبة أولي العلم بعد الملائكة مباشرة ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم):" قليل العلم خير من كثير العبادة " ويقول (صلى الله عليه وسلم) أيضا :" يوزن يوم القيامة مداد العلماء بدم الشهداء " ويقول (صلى الله عليه وسلم) :" أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب " ويقول (صلى الله عليه وسلم) : فضل العالم على العابد كفضلي على أدنى رجل من أصحابي " وقال أيضا :" إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاء بما يصنع " وقال (صلى الله عليه وسلم) إذا مات ابن ادم انقطع عمله إلا من ثلاث علم ينتفع به ، أو صدقه جاريه ، أو ولد صالح يدعو له" رواة مسلم ، ويقول الإمام علي رضي الله عنة في فضل العلماء :" تواضعوا لمن تتعلمون منة ولمن تعلمونه ولا تكونوا جبابرة العلماء " ويقول الإمام الغزالي :" الدين دواء والعلم غذاء ".ويقول الاوزاعي رحمة الله: " الناس عندنا هم العلماء وما سواهم لاشيء " .
نلاحظ من خلال ما سبق ان الإسلام اهتم بالإنسان جسدا وعقلا وروحا ووضع لذلك الخطوات العملية والنظرية التي إذا ما طبقها الفرد تكاملت شخصيته وأصبح سليم الروح والجسد والعقل ، عندها يستطيع أداء رسالته التي أوكلها له الله سبحانه وتعالى ، وكذلك اداء واجباته تجاة أمته ودينه،وذلك لأنه محل التكريم والتقديس من قبل خالقه ، حيث قال المفسرون في ايه التكريم "ولقد كرمنا بني ادم " ان من أعظم خصال التكريم في الإنسان هو العقل وهو اثمن نعمه أنعمها الله على الإنسان وهي الميزة الاساسيه التي استحق بموجبها هذا التكريم وهذة المكانة العالية ، لذلك فان تعاليم الإسلام جاءت لتعلي من قيمه العقل والفكر والإبداع في الإنسان حيث ضرب الله له الامثله الحسيه والمعنوية التي تدفعه الى استعمال عقله وتفكيرة للوصول إلى الحقائق المتنوعة ، وكذلك الحال في الجانب الروحي حيث جعل ارتباط الإنسان بربه وثيقا حتى في المعركة لكي يبقى متيقنا ان النصر والظفر بيد الله وحدة يطلب منه العون والمدد ، وهو جانب مهم في العسكرية الاسلاميه التي تعتمد في إعدادها على الروابط الروحية والمعنوية مع الله بنفس الوقت الذي تعتمد فيه على العتاد والتدريب والعدة ، وهذا ما ميز العسكرية الاسلاميه عن غيرها بأنها كانت تعنى بإعداد المقاتل مراعيه فيه الجوانب كافه الروحية والجسدية والعقلية لتتكامل شخصيته وبذلك تكون الحرب النفسية في الجيش الإسلامي ذات حيز لا يستطيع احد إنكاره او التعامي عنه ولا تقل أهميه عن الحرب العملية والعمليات القتالية الفعلية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع: طشطوش، هايل عبد المولى، كتاب: أساسيات في القيادة والإدارة، النموذج الإسلامي في القيادة والإدارة، دار الكندي للنشر والتوزيع، إربد- الأردن ، الطبعة الأولى لعام 2008 .