تنظيم القيادة في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم)
تحديد معنى التنظيم :
إن مفهوم التنظيم يوحي للسامع والقارئ بان هناك عمليه ترتيب وتقسيم وهذا ما يعنيه بالفعل هذا المصطلح ، وفي النظم العسكرية فان التنظيم يعني تقسيم العمل والواجبات لتتضح المسؤوليات ويستطيع كل فرد او جهة القيام بواجباتها على أكمل وجه ، وخاصة أن الأعمال والنشاطات العسكرية تتطلب أكثر من غيرها تنظيما وترتيبا وتقسيما في العمل وذلك لحساسية الواجب ودقه المسؤولية ، وان ابسط فوائد التنظيم هو سهوله تحقيق الأهداف والغايات وذلك لان العمل يمتاز بالترتيب المنسق الواضح ، وما ووجد التنظيم أصلا إلا لتحقيق المهمة ، والتنظيم السليم هو ذلك الذي يمتاز بالمرونة والقدرة على التلاؤم مع الظروف والمستجدات ويتأقلم مع التغيرات التي يمكن تواجهها القطاعات ، ويقاس مدى نجاح أي تنظيم بقدرته على استيعاب الظروف الطارئة والأمور المستجدة دون الحاجة إلى إحداث تغيرات جوهريه فيه .
وفي الإسلام ، فانه لم يغب عن بال القائد العبقري محمد (صلى الله عليه وسلم) ان ينظم قيادته وجيشه على أفضل الأسس وأحسن القواعد وبان يعتني بأدق التفاصيل في هذا المجال وذلك حتى تكون النتائج مضمونه الإنجاز ، فقد عني (صلى الله عليه وسلم) بتنظيم قيادته العسكرية أحسن التنظيم حيث كون وشكل الفروع والإدارات الرئيسية وأعطى لكل منها الواجبات وحدد لها الأهداف على أسس عصريه حضارية استلهمتها المدارس العسكرية في العصور الحديثة وجعلتها قواعد راسخة تعتمد عليها في تنظيم جيوشها الحديثة ، وان استعراضا بسيطا لهذا التنظيم النبوي يدلنا دلالة لا لبس فيها على ما أوردناه سابقا .
الإدارات والهيئات الرئيسية في القيادة
اهتمت النظم العسكرية الاسلاميه ومن خلال قادتها الأفذاذ بتنظيم عالي الدقة والحضارية ، وتجلى ذلك بالاهتمام الواضح من قبل القائد الأول محمد (صلى الله عليه وسلم) بتنظيم القيادة وتقسيم العمل والواجبات فيها حسبما تقتضيه طبيعة القتال ، ولا تخرج التنظيمات العسكرية عن الاهتمام بأربعة أمور ، أولها الاهتمام بالقوى البشرية ، العمليات ، الأمن ، التزويد والإمداد ،وهذا ما حققه النبي (صلى الله عليه وسلم) في قيادته من خلال ترتيبها وتنظيمها وتنسيق واجباتها وتحديد صلاحياتها ، وسنعرض بالتفصيل لهذه الأمور .
1. هيئه القوى البشرية :
وهي الجهة المعنية بالاهتمام بشؤون الأفراد المقاتلين من حيث التدريب والتهيئة والإعداد والتوجيه المعنوي وقسم النصح والإرشاد ، وفي الغالب فان هذة الهيئة كانت تقسم إلى ألأقسام التالية :
ا. إدارة التخطيط والتنظيم :
وتقوم هذة الإدارة بواجب التخطيط للعمليات العسكرية ومراجعه لكافه أمور القوات المسلحة من حيث الحجم ونوع العمليات التي ستستخدم ونوع الأسلحة المناسبة لطبيعة العدو والأرض التي ستجري عليها العمليات ، وتسميه القادة الميدانيين وتعيينهم ووضع اللوائح الأزمة وتوضيح الإرشادات الضرورية للمقاتلين والتي تساعدهم على التصرف في الميدان بحريه ومرونة ، وفيما يلي تفصيل لأهم واجبات هذة الإدارة :
1- رسم السياسة العامة :
إن عمليه الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة هي بحد ذاتها عمليه كبرى من أعمال الدعوة المحمدية وكانت تحتاج إلى رسم محكم ودقيق والى خطه غاية في الدقة ،وهذا فعلا ما قام به النبي (صلى الله عليه وسلم) ، إن قيامه (صلى الله عليه وسلم) ببعض الإجراءات يعلمنا كيف تكون عمليه رسم الخطط وتحديد السياسات ، فإخفاءه لأمر الهجرة هو درس في المكتومية والأمن ، وتركه لعلي بن أبي طالب في فراشه لخداع المحاصرين لبيته هو أيضا درس في ان الحرب خدعه ، وحركته الى المدينة من طريق الساحل وهو طريق غير معهود هو أيضا خطه بالغة الإحكام والرسم، وتكليفه لعبد الله بن أبي بكر بالقيام بدور رجل المخابرات ، هو أيضا درس في ان العملية يجب أن تحاط بالكتمان والمتابعة للأخبار من قريب ومن بعيد ومن مصادر مختلفة ، واستخدامه الدليل هو أيضا غاية في التمويه ، وهكذا فان رسم الخطط وإحكامها كان أهم ما يقوم به النبي (صلى الله عليه وسلم) أثناء عمله، وكذلك فان إشراك الأنصار في القتال حيث كان واجب الأنصار بموجب بيعه العقبة هو الدفاع عن ألمدينه واستمر هذا الواجب حتى معركة بدر حيث أعلن الأنصار وقوفهم إلى جانب المهاجرين في القتال داخل المدينة وخارجها ، أضافه إلى رسمه سياسة المفاوضات التي كانت تهدف إلى تحقيق الغايات والأهداف العليا للامه .
وفي المعاهدة التي وقعها النبي (صلى الله عليه وسلم) مع اليهود والمشركين من أهل المدينة والتي وادهم فيها واقرهم على أموالهم ودينهم ، دليل على رسم سياسة بعيدة النظر ، تهدف إلى تامين الحياة الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية تمهيدا لزيادة قوة دوله المسلمين وتقويه نفوذهم وخاصة أن المعاهدة نصت على تعاون أهل المدينة جميعهم في رد أي اعتداء يقع عليها من الخارج بالاضافه إلى أنها نصت على أن يكون محمد(صلى الله عليه وسلم) هو القائد العام لسكان المدينة جميعهم وفي ذلك اعتراف بقوة دوله الإسلام وبداية إنجاز التحشد للمراحل القادمة .
2- التخطيط للقتال :
إن من ابرز واجبات هذة الإدارة هو التخطيط للعمليات القادمة وترتيب كل ما يتعلق بها من تحديد حجم القوات وتسليحها وتجهيز المعدات الأزمة وما تحتاجه القوات للاستمرار بعملياتها ، وكذلك التخطيط للمراحل اللاحقة وتحديد الأهداف حسب أهميتها ، وقد تم تطبيق هذة الواجبات في قيادة الرسول (صلى الله عليه وسلم) حيث بداء الرسول (صلى الله عليه وسلم) عملياته القتالية بقتال قريش العدو الأول للإسلام ، ثم تابع مسيرته إلى هدفه الثاني وهو اليهود الذين خانوا العهود والمواثيق ، ثم كانت المرحلة اللاحقة هي القبائل العربية المحيطة بالجزيرة العربية، وكانت المراحل المتقدمة والخطط الاستراتيجية البعيدة المدى تقضي مقاتله الروم والفرس ، ولكن رؤية القائد الثاقبة كانت تقضي التريث لحين ازدياد قوة المسلمين وتوفير المزيد من الاستعدادات المادية والمعنوية ، وهذة الخطط تابع مسيرتها بعد ذلك الخلفاء الراشدون فأرسلوا الجيوش الفاتحة الى العراق والشام وتتابعت المسيرة الى ابعد من ذلك وكان للإسلام النصر المبين بفضل التخطيط السليم المحكم المبني على الواقعية والثقة .
3- تحديد حجم القوات:
لقد شاهدنا سابقا ان حشد القوى هو من ركائز الاستراتيجية الإسلامية وقد طبق النبي (صلى الله عليه وسلم) خير تطبيق ، وما يعزز هذا المبدأ هو الاقتصاد بالجهد واستخدام الحد الأدنى من القوات التي تستطيع تحقيق الهدف والغاية
بأقل التكاليف والخسائر وبأقصر وقت ممكن ، وقد شاهدنا ان الرسول (صلى الله عليه وسلم) لم يكن يستخدم كل القوة المتاحة لديه وهذا يدل على العبقرية العسكرية التي تفرض على القائد ان يحتفظ بقوة الاحتياط الضرورية لأدامه المعركة عندما تقتضي الظروف ، وهذا ما يدرس حاليا في العلوم العسكرية المعاصرة التي تركز على موضوع الاحتياط وتضع الأسس الصحيحة لاستخدامه .
أما من حيث حجم الجيش الإسلامي فقد كان في بداية الدعوة صغير الحجم قليل العدد ولكنه كان مسلحا بالإيمان والمعنويات العالية والثقة المطلقة بالهدف والغاية أضافه الى القيادة الناجح التي توجه هذا الجيش وتعزز من مسيرته وقوته ، فقد كان عدد المسلمين في بدر 315 مقاتلا فقط وقد ارتفع هذا العدد ليصل الى 3000 مقاتل في غزوة الخندق ، وقد استخدمت هذة القوة أيضا بطريقه تتلائم مع طبيعة العدو وطبيعة الأرض التي ستجري عليها العمليات حيث تم حفر الخندق ليعوض قله العدد وليكون أسلوبا قتاليا جديدا يحقق المفاجأة ، وقد فتح الرسول (صلى الله عليه وسلم) مكة بعشرة ألاف مقاتل ، وسار إلى تبوك بثلاثين ألف رجل ، وهذا التسلسل في زيادة العدد يتناسب مع ازدياد حجم الدولة واتساع رقعتها وازدياد العمليات المطلوبة منها لذلك فان الدول تقوم بتأسيس الجيوش لديها ليتناسب عددها مع قوة الدولة المادية والمعنوية ومدى توفر العتاد والسلاح وكذلك ليتناسب العدد طرديا مع ازدياد الأخطار التي تحدق بها وهذا ما فعله النبي (صلى الله عليه وسلم) في جيشه .
4- اختيار الأهداف حسب الأهمية :
وهي مهمة حساسة لان اختيار الهدف وتحديدة حسب أهميته أمر ضروري للقوات وذلك لحمايتها من ما يسمى بتشتيت القوة وضياع الجهد ، وكذلك اختيار الطريق الآمن الأقرب والموصل للهدف بسهوله ، دون ان يحمل القوات أعباء إضافية و يستنزف قوتها ، وقد كان النبي (ص) حاذقا ماهرا في هذا المجال ، حيث بداء الرسول (صلى الله عليه وسلم) باختيار طرق الإمدادات الرئيسية التي تزود قريش بما تحتاجه وعمل على قطعها وذلك لإضعاف قوتها الاقتصادية، ولقد كان لهذا الحصار الاقتصادي على قريش الدور الأكبر في إضعاف قوتها المادية والمعنوية ، وان ما عزز من فاعليه هذا الحصار هو قيام النبي (صلى الله عليه وسلم) وجيشه بغزو القبائل التي كانت تهدد المسلمين ،وهذا ما يسميه الخبراء العسكريون اليوم ب(الحرب الباردة) والتي كان هدفها إيجاد قاعدة أمينة للمسلمين ، وكذلك فان سيطرة المسلمين على آبار الماء في بدر تدل على اختيار الهدف الأهم والحساس والذي يضعف قوة العدو ويدفع به الى الاستسلام ، وهذا ما حصل في بدر حيث اثر نقص الماء على قوة المشركين وساهم في خسارتهم .
5- تنظيم القوات للقتال :
إن اختيار شكل وتوزيع القوات قبل بدء المعركة لهو أمر في غاية الحساسية ، حيث ان اختيار التشكيلة المناسبة لطبيعة الأرض وطبيعة الهدف المراد مهاجمته وكذلك الغاية التي تريد القوات تحقيها ، والاسلحه المتوفرة لدى الطرفين ، أمر يساعد على تحقيق النصر بسهوله ويحد من خسارة القطاعات واستنزاف جهدها ، وقد طبق المسلمون هذا المبدأ في مواقف عسكريه كثيرة كان أولها في بدر حيث نظم الرسول قواته بطريق عسكريه تدل على الاحتراف والتميز ،حيث تكونت القوات من حرس مقدمه تسبقة دوريات الاستطلاع التي تهدف الى جمع المعلومات ،بالاضافه الى حماية القوات من مباغته العدو ،يليها الجسم الرئيسي للقوات وكان يتكون سريتين ، سريه المهاجرين رايتها مع على بن أبي طالب ، وسريه الأنصار ورايتها مع سعد بن معاذ ، ثم حرس المؤخرة الذي يعمل على حماية القوات من الخلف ، وكذلك فقد عين النبي (ص) قائدا للميمنة وهو الزبير بن العوام وقائدا لميسرة هو المقداد بن عمرو وكانت هناك راية عامه للمسلمين حملها مصعب بن عمير ، إن هذا التنظيم هو ذاته الذي تستخدمه القوات المعاصرة أثناء مسيرها للاقتراب في الأراضي الصحراوية (حرب الصحراء) ، وان إعادة التنظيم التي قام بها خالد بن الوليد لقواتة قبل بدء معركة اليرموك أيضا دليل على أهميه تنظيم القوات للمعركة ،حيث نظم القوات إلى كتائب مشاة وكتائب فرسان وتروح عدد أفراد الكتيبة الواحدة من 800 – 900 مقاتل ، وبلغ عدد الكتائب حوالي 36 كتيبه ، أما الفرسان فقد عمل على تنظيمهم بثلاث كتائب تراوح عدد أفراد الكتيبة الواحدة 2000 فارس ، واختار 4 ألاف فارس كاحتياط متحرك خلف القطاعات ليعمل كاحتياط عام يأتمر بأمره خالد بن الوليد نفسه، واستخدم أيضا ما يسمى بقوات الحجاب لأدامه التماس مع العدو وخوفا من المفاجأة ،حيث أن هذا التنظيم تلائم مع طبيعة الأرض وطبيعة العدو والاسلحه التي يمتلكها .
6- النصح والإرشاد :
يحتاج القائد – وخاصة القائد العسكري – الى رجال ثقات ومستشارين أمناء يكونون حوله يقدمون له النصيحة ويضعونه بصورة الموقف وذلك كي يستطيع ان يتخذ القرار السليم ، وقد اصطلحت العلوم العسكرية الحديثة على تسميه هذة المجموعة (هيئه الركن ) وهم عبارة عن الأشخاص الذين يتمتعون بالخبرة والمعرفة والدراية والإمكانيات الفنية والعلمية ، ويكون واجبهم وضع القائد العام بالصورة حول كل ما يعرفون كل ضمن اختصاصه، ولم يطبق احد الشورى كما طبقها محمد (صلى الله عليه وسلم) مع أصحابه وذلك استجابة لأمر ربه ، ( وشاورهم في الأمر) ، وقد كان يقول ( صلى الله عليه وسلم) :" استعينوا على أموركم بالمشاورة " ،وقال أيضا :" أشيروا علي أيها الناس " ، ولإدراكه أيضا ان تداول الآراء يؤدي إلى الوصول إلى الرأي الصواب والصحيح ويشعر الجماعة بأهميتها وقيمتها وبان لها دور في تحمل المسؤولية ، وما أكثر الحالات التي شاور فيها رسول أصحابه سواء في حاله السلم او في حاله الحرب ، وقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يستجيب لرأي هيئه الركن الخاصة به ضمن هذه الإدارة وينزل عند رغبتهم ، حتى لو كان مغايرا لراية ، كما فعل في بدر عندما نزل عند رأي الحباب بن منذر عندما أشار عليه ان يتحرك من المكان الذي نزل فيه الى مكان أخر يسيطر فيه على عيون الماء ويمنعها عن قريش ،وقال له :" أشرت بالرأي " ، وكذلك فعل بأحد عندما خرج الى خارج المدينة رغم انه (صلى الله عليه وسلم) كان يرغب البقاء داخل المدينة ،وكذلك استجابته لمن اقترح عليه حفر الخندق ، وهكذا يقرر الرسول القائد العبقري أن المشورة واحترام رأي الآخرين هو سمه من سمات القيادة الناجحة لان القيادة الناجحة هي التي تستفيد من خبرات الخبراء ومن معرفه الحكماء ، لان فيها السداد والرشاد .
7- تفقد الجيش واستعراضه :
لابد ولكي يطمئن القائد على ان الترتيبات والإجراءات قد سارت وفقد ما خطط لها ان يقوم بعمليه استعراض وتفقد جاهزيه الجيش المادية والمعنوية في اللحظات النهائية الحاسمة ، وعلى الأغلب فان تفقد القوات يكون في منطقتي الحشد والتجمع وذلك لتدارك أي نقص او خلل ، وكذلك لحض المقاتلين على القتال ورفع معنوياتهم وإصدار الأوامر النهائية للقادة الميدانيين ، وقد طبق الرسول القائد ذلك حيث كان يتفقد قواته قبل مسيرها إلى القتال وكان يزودها بالتعليمات النهائية ويوصيها بتقوى الله والقتال باسم الله والحفاظ على العهود والمواثيق ، وعدم الاعتداء على الأمنيين واحترام الشيوخ،والعطف على الأطفال والنساء ، واحترام الأسرى ، وكان يشد من عزيمة المحاربين ويوصيهم ببعضهم خيرا ويؤلف بين قلوبهم ليكونوا صفا واحدا متماسكا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.
وقد روي عن رسول الله انه قال لجيشه المتحرك الى القتال :" انطلقوا باسم الله ، ولله وعلى بركه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا ولا امرأة ولا تغلوا وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين "، وقال أيضا:" سيروا باسم الله في سبيل الله ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الذرية " .وكان يقول (صلى الله عليه وسلم) :" أنا نبي المرحمة وأنا نبي الملحمة " .وقال (صلى الله عليه وسلم) لخالد بن الوليد :" لا تقتل ذريه ولا عسيفا " ، هذة هي وصايا القائد لجنودة في اللحظات الحاسمة وقبل تحركهم للمعركة وهي ما تسمى بالأوامر النهائية في منطقه الحشد.
ب. إدارة التوجيه المعنوي :
وهي من الإدارات الهامة والحيوية في الجيش والتي لا يمكن لأي جيش الاستغناء عنها وذلك لأهمية الدور الذي تقوم به، فقد شاهدنا كم هي المعنويات مهمة في المعركة لا بل قبل المعركة لان القوة والعتاد لا يجديان نفعا بدون المعنويات ، لذا فقد حرص الرسول عليه الصلاة والسلام على أدامه المعنويات لأصحابه في السلم والحرب ومن اجل ذلك فقد كون إدارة التوجيه المعنوي والتي كان لها هدفان رئيسيان وانبثق عنهما اهداف فرعيه كثيرة أخرى، وهما :
1. تنميه الروح المعنوية والمحافظة عليها عالية باستمرار .
2. وبالمقابل كان واجب هذة الإدارة هو تحطيم معنويات العدو .
وقد استخدم النبي (صلى الله عليه وسلم) أساليب كثيرة لتحقيق هذان الهدفان ،ومن الأساليب التي كان (صلى الله عليه وسلم) يمارسها ليحافظ على معنويات جندة:
- مساواة نفسه بهم ، فكان من الصعب التفريق بين القائد والجند ، حيث كان يشاركهم في جمع الحطب وإيقاد النار وطهي الطعام ، وكان يحفر معهم في الخندق ويجمع الحجارة ،..... الخ من الأعمال .
- مشاركتهم أفراحهم وأحزانهم ومواساتهم بما يصيبهم .
- وكذلك الاندفاع والشجاعة أمامهم ، فلم يكن يوما خلفهم بل كان إمامهم وأمامهم في نفس الوقت ، بل انه كان أشجعهم ، وفي ذلك يقول علي بن أبي طالب :"إنا إذا اشتد الخطب واحمرت الحدق ، اتقينا برسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو أقربنا إلى العدو" .
- وكان أيضا مما يقوم به القائد المعنوي محمد (صلى الله عليه وسلم) ، هو توزيع الغنائم بالعدل والإنصاف بين المقاتلين وكذلك توفير السلاح والعتاد لهم لان ذلك من اكبر وسائل رفع المعنوية وهو شعور الجندي بأنه يمتلك السلاح الفعال والقوي .
- كذلك لم ينس عليه السلام بان يقوم بدور الأب الحاني والراعي لأسر المجاهدين والشهداء ورعايتهم ،مستجيبا لنداء ربه :" فأما اليتيم فلا تقهر "، وعزز ذلك بقوله (صلى الله عليه وسلم):" انا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بإصبعه السبابة والوسطى ليدل على أنهما قرينان او صنوان "، وكذلك قال (صلى الله عليه وسلم):" خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه ، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه "،ومما يدلنا على عناية الرسول (صلى الله عليه وسلم) بأسر المجاهدين والشهداء ، انه بعد انتهاء معركة احد ،لم يرجع عليه السلام الى بيته ،قبل أن يمر على دور المجاهدين الذين استشهدوا لمواساة أهليهم ، فمر على دور بني الاشهل فأقبلت أم سعد بن معاذ وعزاها بعمرو بن معاذ ، فدنت من رسول الله وتأملته وقالت له :" أما إذا رايتك سالما فقد هانت المصيبة ، فقال لها (صلى الله عليه وسلم) :" يا أم سعد ابشري وبشري أهليهم ان قتلاهم ترافقوا في الجنة جميعا وقد شفعوا في أهليهم فقالت ام سعد :" رضينا برسول الله "وقالت ادعوا يار سول الله لمن خلفوا ، فقال (صلى الله عليه وسلم) :" اللهم اذهب حزن قلوبهم واجبر مصيبتهم وأحسن الخلف على من خلفوا .." .وبعد معركة مؤته ذهب الى بيت جعفر الذي استشهد بالمعركة وطلب ان يرى ابناءة فلما أتوا بهم تشممهم وذرفت عيناة ...، و يكفي ان نعلم انه قد قال (صلى الله عليه وسلم) :" المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ، من كان في حاجه أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربه فرج الله عنه بها كربه من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلما سترة الله يوم القيامة " متفق عليه .
- مما كان يقوم به (صلى الله عليه وسلم) أيضا هو غرس الثقة فيما بينه وبين جندة ونيل محبتهم فقد كانوا يفدونه بالمهج والأرواح ويدافعون عنه حتى الموت .
- ومن وسائل رفع المعنوية في الجيوش هو الانضباط والطاعة والالتزام بالأوامر التي تصدر من القيادة ، وهذا ما تمتع به أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) حيث كانوا في غاية الانضباط والطاعة والتزام الأوامر .
وقد أدرك (صلى الله عليه وسلم) ان تحطيم معنويات العدو لا يقل أهميه عن رفع معنويات جنده ، حيث مارس عدة أساليب أدت الى تحطيم معنويات عدوة أهمها :
- استخدام العيون والاستخبارات لمعرفه أسرار وتفاصيل أخبار العدو ، وهذا ما حقق له عنصرا هاما وهو المفاجأة والمباغتة ، ولهذين العنصرين أهميه لا توصف في تحقيق النصر في المعركة ،
- كذلك استخدام أسلوب التلويح بالقوة ، واستعراض وبيان قوته أمامهم مما ردعهم ومنعهم عن التعرض له والاعتداء عليه.
- كذلك استخدم أسلوب بث المعلومات المضادة بين صفوف العدو لإضعاف معنوياته وزعزعه ثقته بنفسه وبقدراته.
- كذلك نشر أخبار قوته ومنعه جيشه وما يتمتعون به من جاهزية قتاليه واستعداد للموت.
ولكن يجب ان ندرك ان من أهم وسائل إيقاظ المعنويات بالجيوش هي العقيدة التي يؤمنون بها ، وكذلك سمو الغاية والهدف الذي يندفع من اجله الجندي الى الموت ،لذا فقد شكلت العقيدة الاسلاميه المعين الذي لا ينضب لمعنويات جند الإسلام ، وكذلك إيمانهم بان الهدف الذي يقاتلون من اجله هدف نبيل وبان غايتهم غاية مقدسه ، فالحرب لم تكن عندهم هي الغاية بل وسيله لنشر الدين الجديد وإيصال رسالة الله الى الناس كافه لإخراجهم من الظلمات الى النور وإصلاح أحوالهم وتحسين معايشهم ،وكذلك فقد شكل إيمانهم العميق بالنتيجة التي سيصلون إليها دافعا قويا لمعنويات عالية دائمة ومستمرة فهم يؤمنون بالنصر او الشهادة .
ج. إدارة الشورى :
ان من ضروريات القيادة العسكرية الناجحة هو وجود هيئه ركن مستشارة مؤتمنه ، واجبها تقديم النصيحة لقائد ووضعه بصورة الموقف باستمرار ، وبيان أفضل الطرق وأتباع أحسن وأحدث الخطط التي تؤمن تحقيق الأهداف بأقل التكاليف وبأقصر الأوقات ، والشورى في الإسلام هي أمر الهي يجب أتباعه لان فيه النفع والخير لمن سار عليه ، فالشورى حسنه في كل الأمور، لان تطارح الأفكار وتداول الآراء وتدارس الخيارات المطروحة والمجادلة الفكرية كلها تؤدي الى الوصول الى نتيجة حسنه وقرار سليم ،قال تعالى :" وأمرهم شورى بينهم " ، " وشاورهم في الأمر "،وقد ضرب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أروع الامثله في تطبيق هذا الأمر الإلهي حيث كان كثير المشاورة لأصحابه ، وكان يقول لهم :" استعينوا على أموركم بالمشاورة " ،وقال أيضا:" ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمرهم "، وكان يطلب من أصحابه ان يشيروا عليه بآرائهم ، فكان يقول لهم :" أشيروا علي الناس " ،وقال عنه ابو هريرة :" ما رأيت احد قط أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ،سنن البيهقي ، وفي الاستشارة الخير وعدم الندم على اتخاذ القرارات الفردية المتسرعة ، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) :" ما خاب من استخار ولا ندم من استشار ولا عال من اقتصد " الطبراني ، المعجم الصغير .
لقد شاور رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أصحابه ذوي الخبرة العسكرية في أمور الحرب وقتال العدو واختيار الزمان والمكان المناسبين ، فقد شاروهم في بدر ونزل عند رأي الحباب بن منذر في لنزول عند آبار بدر ، وفي معركة احد اخذ (صلى الله عليه وسلم) برأي الشباب في الخروج خارج المدينة ، وهذا يدلنا على انه (ص) قد ربى المجتمع المسلم كله على الشورى ليكون مجتمعا شوريا وليس فرديا متسلطا وهذا ما سار عليه صحابته من بعده ، أما فوائد الشورى في المجتمع المسلم:
1. تولد الشعور لدى أفراد ألامه بأنهم يتحملون مسؤولية اتخاذ القرارات وخاصة في الظروف الصعبة كظروف الحرب والقتال .
2. تؤدي الى استخراج واستنباط الرأي الاصوب والأحسن والأصلح للامه .
3. تساهم في توحيد كلمه ألامه واتحاد صفها ورأيها وبأنها صاحبه موقف ورأي واحد .
4. تمنع الاستبداد بالرأي والتعنت في اتخاذ القرارات .
5. هي تعبير عن الاهتمام بالناس واحترام رأيهم وكلمتهم .
6. تؤدي الى وضوح الرؤيا وجلب الخير والمنفعة ، ودفع الضرر والشر عن ألامه .
وقد سار الخلفاء الراشدون من بعدة (صلى الله عليه وسلم) على ذات النهج وما اجتماع المسلمين في سقيفة بني ساعدة بعد وفاة النبي إلا خير دليل على ان الشورى أصبحت منهج حياة في المجتمع المسلم ، وقد طبق ابو بكر الشورى في أمور الإدارة والحكم ، حيث خطب الناس بعد مبايعته كخليفة للمسلمين حيث قال لهم:" أيها الناس قد وليت عليكم ولست بخيركم فان أحسنت فأعينوني وان أسأت فقوموني " وهذا يدل على انه يطلب من الناس ان يشيروا عليه بآرائهم ويعينوة على أداء المهمة وحمل الرسالة .وهذا هو عمر بن الخطاب يشاور المسلمين في أمر الدواوين حيث انعقد رأي الناس بعد المداولات على إنشاء الدواوين التي هي عصب الحياة الاداريه في الدولة وهي تمثل ما يعرف اليوم بالوزارات .
2. هيئه العمليات والتدريب :
وهي الجهة الحساسة والمهمة في القيادة العسكرية وذلك لأنها تختص بالتخطيط لاستخدام القوات في السلم والحرب وتطويرها والتأكد من جاهزيتها للقيام بمهامها دائما ، وكذلك تعنى بموضوع التدريب على الاسلحه والمعدات وعلى أساليب القتال وفنونه ، وقد اهتم الرسول ( صلى الله عليه وسلم) على تضمين قيادته العسكرية لهذة الهيئة الحساسة والهامة، حيث ضمت إدارات مختصة بالتدريب والتخطيط لعمليات ومتابع شؤون القتال وإجراءات المعركة ، وقد كانت تضم هذة الهيئة عددا من الإدارات التي تقوم بواجبها حسب الاختصاص وهي :
أ. إدارة التدريب :
لا شك ان التدريب عنصر هام و نشاط حيوي من عناصر ونشاطات الحياة العسكرية ، فلا يمكن لجيش ان يقوم بمهامه وواجباتة على أكمل وجه الا بالتدريب ، ولأهمية التدريب فان الجيوش تؤسس إدارات وهيئات مختصة بالتخطيط عمليات التدريب والإشراف عليها ومتابعتها وتوفير كل ما من شأنه أن يهيئ أسباب التدريب الجيد لجنودها ، وللتدريب فوائد جمة وأثار ايجابية كثيرة أهمها :
- بقاء الجنود على درجه عالية من الكفأة والاستعداد .
- التأهب المستمر للقتال والدفاع عن الأوطان .
- الثقة العالية لدى الجنود بأنفسهم وبقادتهم .
- تحقيق النتائج المطلوبة في ساحة المعركة .
- توفير الخسائر والتقليل منها في ميدان القتال .
إما في الإسلام فقد حظي التدريب في العسكرية الاسلاميه بالعناية والرعاية وذلك كجزء من إعداد القوة التي أمر الله بها ،لذا فقد اهتم الرسول صلى الله عليه وسلم بالتدريب والاستعداد وحث عليه وشجع أصحابه وجندة على ان يكونوا أقوياء أشداء ، حيث قال (صلى الله عليه وسلم) :" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف " ،لذا فقد شجعهم على تعلم الفنون القتالية وإتقان المهارات المختلفة، كالرماية وركوب الخيل والسباحة والتدرب على السلاح ، ومن أحاديثه الشريفة الدالة على ذلك قوله (صلى الله عليه وسلم) :" ألا إن القوة الرمي "وكررها ثلاثا ،وقال أيضا :" ارموا بني إسماعيل فان أباكم كان راميا " ومما يدل على احترام النبي للتدريب والمتدربين ، انه مر (صلى الله عليه وسلم) بموضع يتدرب فيه الصحابة على الرمي ، فنزع نعليه وقال :" روض من رياض الجنة " وقال (صلى الله عليه وسلم) مشجعا لركوب الخيل والتدرب عليها :" الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، الأجر والغنيمة "، وعني النبي (صلى الله عليه وسلم) بتزويد جنده بأحدث الاسلحه ليواكبوا التطورات ويتفوقوا على عدوهم ، حيث بعث نفر من الصحابة إلى (جرش) ليتعلموا صناعه الدبابات والمنجنيقات وغيرها من الاسلحه التي كان يتفوق غيرهم بها ، ومن اجل تطوير التدريب وتحسين مستوى المقاتلين فقد كان ( صلى الله عليه وسلم) يحثهم على التنافس فيما بينهم ، ويجري المسابقات بينهم ، ومن عنايته (صلى الله عليه وسلم) بالتدريب انه سمح للأحباش بالتدرب على المبارزة في المسجد ، بل انه كان ينظر إليهم ، وعندما أنكر عمر عليهم ذلك قال (صلى الله عليه وسلم) لعمر :" دعهم يا عمر" .
وقد كان (صلى الله عليه وسلم) يصنع من أتباعه وصحابته وجنده قادة أشداء وليسوا إمعات منقادين، فكان كل واحد مكنهم قائد بحد ذاته ، وقد كان هذا احد عوامل الاستمرارية لهذا الدين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه أوجد (صلى الله عليه وسلم) بعده قادة يحملون المسؤولية ويقومون بمتطلبات هذا الدين، ويستشعرون بالمسؤولية تجاه نشره، ولديهم القدرة الفائقة على اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب .
وسيرة الرسول عليه الصلاة والسلام مليئة بالمواقف والأحداث التي تدل على انه (صلى الله عليه وسلم)، كان يتعامل مع أصحابه على أنهم قادة أشاوس أصحاب رأي، وأصحاب موقف، ولديهم القدرة على صنع القرار، وقد أوردنا أمثله كثيرة تدل على ذلك ، ولعل من أبرزها ما كان في غزوة بدر حينما نزل النبي صلى الله عليه وسلم أول ما نزل في مكان معين، جاءه رجل عادي من جنودة، هو الحباب بن المنذر رضي الله عنه، قال: "يا رسول الله أهذا منزل أنزلك إياه الله ، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟" ،قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (بل هو الرأي والحرب والمكيدة) قال: "فما هذا بمنزل".
فقام النبي صلى الله عليه وسلم،واحترم رأي الجندي وغيّر مكان الجيش الذي نزل به بل انه غير الخطة كلها بناءاً على اقتراح وجيه جاءه من جندي في الجيش .
والحقيقة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعامل مع كل شخصية من صحابته بما يناسبها، فبعض الصحابة كانت فيهم موهبة القيادة من قبل إسلامهم، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصا على تنميتها وصقلها والاستفادة منها في خدمه الدين ، كأمثال أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين .أما الصحابة الذين كان يرى (صلى الله عليه وسلم) ان القيادة حمل ثقيل عليهم لأسباب متعددة ، فقد وجههم إلى أمور أخرى كالتعليم والتدريس والدعوة ، ويظهر ذلك في قوله (صلى الله عليه وسلم) لأبي ذر:": (يا أبا ذر إني لأراك ضعيفا وإني لأحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرن على اثنين) .
وهناك جيل أخر من الصحابة الذين ولدوا وتربوا في مدرسه الإسلام فهولاء صار معظمهم ، قادة أشداء ساهموا في نشر الدين وحققوا الانتصارات والفتوحات ،وتوزعوا في البلاد المختلفة، وهذا إن دل على شيئ فإنما يدل على أن الأصل أن البيئة التي صنعها النبي صلى الله عليه وسلم هي بيئة تصنيع قادة، وهي مدرسة متكاملة لازالت تخرج قادة متميزين جيلا بعد جيل على مر العصور.
ومن ابرز المشاكل الاداريه المنتشرة في زماننا هي تربية الأتباع والمرؤوسين تربية عبيد لا تربية قادة ، في كثير من المنظمات تجدها في أغلب الأحيان تمارس نظاما إداريا مركزيا لا يهتم بالمرؤوسين وخاصة ذوي الكفاءات العالية ، بل قد تجد كثير من المدراء في المراكز العليا يخافون ويبتعدون عن تعيين ذوي الكفاءة العالية حتى لا يأخذوا مكانهم في المستقبل او يتفوقوا عليهم في الأداء فيجلبوا الانتباه إليهم من خلال نجاحهم مما يسبب خسارة المنصب لمثل هؤلاء المدراء ، وتجدهم كذلك غير حريصين على تطوير موظفيهم تطويرا حقيقيا يؤهلهم ليخلفوهم من بعدهم في المراكز القيادية ، ولذا فان مثل هؤلاء القادة المتسلطين الأنانيين لا يعجبهم إلا أن يسير وراءهم مجموعة من المرؤوسين الذين لا يفقهون شيئا ولا يتقنون شيئا .
إن وجود مثل هؤلاء القادة والمديرين أضافه إلى وجود القوانين الباليه التي لا تحافظ إلا على الروتين والبيروقراطية الجامدة التقليدية ، يعتبر من أكبر أسباب فشل كثير من المنظمات، وانطباعها بطابع السلبية وتعطل كفأتها وطاقاتها الإنتاجية، ولا شك أن عدم وجود أتباع مخلصين واعين يعبرون عن آرائهم بشجاعة، ويستفسرون من قيادتهم عن أسباب قراراتهم، ويقومون بواجب النصح لقادتهم يعتبر كارثة محققة لأي مؤسسة .
إما في الإسلام فالأمر مختلف فالمدرب والمتدرب لهم الاحترام والتقدير ولأرائهم كل الاهتمام والإصغاء ، لان الإسلام يحترم الناس كافه صغيرهم وكبيرهم أبيضهم وأحمرهم عربيهم وأعجميهم .
إما بالنسبة للمدرب فقد احترمه الإسلام وكرمه ورفعه منزله عالية ، فمن يعلم في الإسلام منزلته ليس كمن لا يعلم ، وفي هذا يقول تعالى :" يرفع الله الذين امنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات " ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) :" العلماء ورثه الأنبياء " وقد أراد الإسلام لمدرب والمعلم صفات وآداب تليق به وبمكانته ، ومن هذه الآداب :
- التواضع ولين الجانب: حيث يقول تعالى :" وفوق كل ذي علم عليم " ،" وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " .وقال (صلى الله عليه وسلم) :" كفى بالمرء إثما إذا أعجب برأيه " ، وقال أيضا :" وما تواضع احد إلا رفعه الله ".
- الثقافة الواسعة : على المدرب والمعلم ان يكون ذا ثقفاه واسعة وإطلاع كبير على كل ما يتعلق بعمله وتخصصه أضافه الى تعرفه على كل ما هو جديد في عالم المعرفة والعلوم ، مستجيبا لقول ربه : " وقل ربي زدني علما".
- القدوة الحسنه : لان تلاميذه سيحذون حذوة فيما يقول وفيما يفعل لذا عليه ان يتصرف بأحسن الأخلاق وأحسن الأفعال .
- فصاحة اللسان والبلاغة في القول : لكي يستطيع ان يوصل رسالته بسهوله ولكي يكون مقنعا فيما يقول .
- الواقعية : وفي ذلك يوجهنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقوله :" امرنا معاشر الأنبياء ان نكلم الناس على قدر عقولهم "
- الصبر والحلم والأناة : وقدوتنا في ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي وجهه ربه إلى هذة الصفة الطيبة حين قال تعالى :" ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " .
- تقبل النقد والتراجع عن الخطاء : ويسير في ذلك على هدى الحق حين قال :" ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون " .
وهناك صفات أخرى كثيرة يتطلبها واقع الحال المعاش على المدرب والمعلم وكل من تولى تعليم الآخرين وتدريبهم أن يتصف بها ، لينال رضا ومحبه من يتولى تدريبهم وتعليمهم .
3.هيئه الأمن والاستطلاع:
لاشك ان الأمن عنصر هام من عناصر الاستراتيجية العسكرية لأي جيش في العالم، وتحرص الجيوش على ايلاء هذة الناحية أهميه خاصة ، فتؤسس الإدارات الفرعية الخاصة بجمع المعلومات وتمحيصها وتحليلها والاستفادة منها ، وقد حرص النبي (صلى الله عليه وسلم) علة تضمين قيادته هيئه أمنيه كان لها الدور الفاعل والنشط في جمع المعلومات عن العدو قبل العمليات وبعدها مما ساهم في إفقاد العدو عنصر المفاجأة ووضعه في حوزة المسلمين ،ولكن سبق ذلك قيام النبي (صلى الله عليه وسلم) بتربيه الجيل المسلم تربيه أمنيه ساهمت في خلق جيل واع يعرف كيف يحافظ على أسراره وكيف ينتزع المعلومة من عدوة انتزاعا ، ومن الأساليب التربوية التي قام بها النبي (صلى الله عليه وسلم) في هذا المجال :
- عدم إفشاء الأسرار مهما كانت الظروف والمواقف :
وأحاديث النبي (صلى الله عليه وسلم) في هذا المجال كثيرة حيث يقول (صلى الله عليه وسلم):" طوبى لمن امسك الفضل من لسانه وانفق الفضل من ماله " ، وقال (صلى الله عليه وسلم) :" امسك عليك لسانك "، ويقول في حديث أخر:" من كف لسانه ستر الله عورته " ، وقال أيضا :" من سرة أن يسلم فليلزم الصمت " ، وقد تربى الجيل المسلم على هذة الفضائل والحكم والمواعظ العظيمة فكان خير مطبق لها ، حيث تعلموها وعلموها أبنائهم ، فها هو العباس بن عبد المطلب يوصي ابنه فيقول له :" إني أرى هذا الرجل (يعني عمر بن الخطاب) يقدمك على الأشياخ (كبار الصحابة ) فأحفظ عني خمس :" لا تفشين سرا ، ولا تغتابن عنده احد ، ولا يجربن عليك كذبا ، ولا تعصين له أمرا ، ولا يطلعن منك على خيانة " ، والكتمان مبدأ هام أراد الرسول (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه ان يتقنوة ويتعلموة لان فيه حماية لهم من عدوهم ومن الحاقدين لهم حيث دعاهم الى يستعينوا على قضاء حوائجهم بالكتمان .
- الوعي والفطنة والحذر :
وهو في ذلك يتنسم قوله تعالى :" يا أيها الذين امنوا خذوا حذركم " وفي هذة الآية الكريمة دعوة الى المؤمنين لكي يأخذوا حذرهم وينتبهوا لكل شيء حولهم ويكونوا في يقظة دائمة ، وقد وجه الرسول عليه الصلاة والسلام أصحابه الى هذا فقال :" إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهو أمانه " .
- عدم الثرثرة وكثرة الحديث في المجالس :
قال (صلى الله عليه وسلم) :" إنما يتجالس المتجالسان بالأمانة ولا يحل لاحدهما أن يفشي على صاحبه ما يكرة " وقال (صلى الله عليه وسلم) :" كفى بالمرء إثما ان يحدث بمكل ما سمع " ويقول (صلى الله عليه وسلم) في موضع أخر :" من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ، لذا فلا يجوز التشدق بالكلام أمام الآخرين فرب كلمه تهوي بصاحبها الى مهاوي الردى وهو لا يلقي لها بال ، فالحرص في الكلام والحذر أثناء الحديث هو أخلاق الإسلام التي ربى الني (صلى الله عليه وسلم) أصحابه عليها .
- أمانه نقل الحديث :
إن الكلمة أمانه في عنق صاحبها عليه ان يحافظ عليها وينقلها بأمانه وصدق فلا يزيد عليها ولا ينقص منها ، وكذلك عليه التأني في نقلها والتلفظ بها ، واذا قلل من نقلها فهو أحسن له ، ، وفي ذلك توجيه نبوي كريم حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) :" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا او ليصمت " .
وإذا تعود الإنسان نقل الكلام والإكثار منه فانه حينها لا يؤتمن على أسرارا بلادة ووطنه وأمته ، لأنه لا يكب الناس على وجوههم يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم ، كما بين ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم) ،وليراقب الإنسان ربه حيث ان الله قد وضع عليه ملكان يسجلان حركاته وسكناته ، حيث يقول اله عز وجل:" ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " .
تطبيقات عمليه نبوية :
لقد كان(صلى الله عليه وسلم) قدوة لأصحابه فهو لم يأمرهم بشيء الا كان هو أول مطبق له وما نهاهم عن شيء إلا كان من المبادرين للانتهاء عنه ، ومن الخطوات العملية التي اتبعها النبي (صلى الله عليه وسلم) في مجال الأمن ما يلي:
1.الدعوة السرية :
لقد بدا (صلى الله عليه وسلم) دعوته إلى الدين الجديد سرا وهذا كان السبب الرئيسي في نجاحها وتغلغلها الى أعماق المجتمع المكي رغم الصدود والمقاومة ،وما قام الصحابة الكرام من الكتمان والحرص على عدم إفشاء سر الدين الجديد يدل على ذلك ، حيث كتم على بن أبي طالب خبر إسلامه عن أبيه .
2. التخطيط السري للهجرة :
كان (صلى الله عليه وسلم) شديد الحرص على ان يهاجر الى المدينة دون ان يدري به احد من كفار قريش فكان تخطيطه وتنفيذة في أعلى درجات السرية ، لدرجه أن أهل قريش تفاجئوا بالخبر وهذا ما سبب له (صلى الله عليه وسلم) النجاح في مهمته ووصوله سالما الى المدينة ، وكان كمن حوله من عائله أبي بكر وكذلك على بن أبي طالب أيضا شديدوا الحرص على عدم إفشاء وأذاعه أخبار الهجرة ، والقصة معروفه للجميع .
3. استخدام أسلوب الرسائل المكتومة :
وهو ابتكار نبوي هائل يدل على حرص النبي (صلى الله عليه وسلم) على عدم إفشاء أمر المهمة حتى أخر لحظه وكذلك يدل على مبدأ الحاجة حسب المعرفة ، فلا يجوز
إطلاع غير المعنيين على ما لا يهمهم من تفاصيل الخطة ، وهذا ما طبق (صلى الله عليه وسلم) عندما بعث سريه من المهاجرين بقيادة عبد الله بن جحش في مهمة استطلاعيه وسلمه رسالة مكتومة ومقفلة تحتوي على تفاصيل الخطة وأمرة أن لا يفتحها إلا بعد مسيرة مسافة معينه .
4.إخفاء القصد والغاية :
وهذا ما قام به النبي (صلى الله عليه وسلم) عندما أراد ان يفتح مكة ، حيث أخفى الخبر عن أبي بكر وهو اقرب المقربين منه ، بل انه اخفاة عن عائشة زوجته المقربة ، فقال لها :" جهزينا واخفي أمرك "وقال (صلى الله عليه وسلم) :" اللهم خذ من قريش الأخبار والعيون حتى نأتيهم بغتة " ، وفي فتح مكة كانت إجراءات الأمن التي مارسها النبي (صلى الله عليه وسلم) عالية المستوى ، وهذا ما حقق المفاجأة للعدو وساهم في فتح مكة بسهوله ويسر ودون أراقه الدماء .
5.استخدام العيون :
وهذا ما تم عنما اراد الرسول (صلى الله عليه وسلم) ان يفرق جمع القوى (قريش ، غطفان ،يهود بني قريضه) التي اتحدت ضدة فارسل اليهم نعيم بن مسعود وقال له:" انما انت رجل واحد فخذل عنا ما استطعت فان الحرب خدعه " ، فذهب اليهم نعيم بن مسعود واخفى عنهم خبر اسلامه وكذلك فقد اخفى النبي (صلى الله عليه وسلم) خبر اسلام نعيم ، مما ساهم بقيامه بدورة بالتفريق بين القوى المتحدة ضد النبي ونزع ثقتهم بعضهم ، وكان لهذا الدور الأثر الأكبر في إفشال هذا التحالف.
6.دوريات الاستطلاع :
استخدم النبي (صلى الله عليه وسلم) هذة الدوريات بكثرة وذلك لأهميتها وكان مجمل واجباتها ما يلي:
- الحصول على المعلومات عن العدو.
- ومعرفه اخبارة واسرارة .
- إشعار اليهود والمشركين بان المسلمين أقوياء ولديهم القدرة على الدفاع عن دينهم.
- بالاضافه الى واجبها في التعرف على الطرق المحيطة بالمدينة والمؤدية إلى مكة وخاصة الطرق التجارية الهامة التي كانت تستخدمها قريش في تجارتها بين الشام والحجاز .
- بالاضافه التعرف على سكان هذة المناطق من القبائل وأقامه علاقات طيبه معها والتحالف معها وضمها الى جانب المسلمين.
وقد كان من ابرز هذة الدوريات :
- سريه حمزة التي كان عددها 30 راكبا من المهاجرين .
- سريه عبيدة بن الحارث ،وكان قوامها 60 راكبا من المهاجرين .
- سريه سعد بن ابي وقاص، قوامها 8 أفراد من المهاجرين .
- غزوة ودان ، قوامها 200 راكب وكان قائدها النبي (صلى الله عليه وسلم) .
- غزوة بواط، قوامها 200 راكب والقائد هو محمد (صلى الله عليه وسلم) .
- غزوة العشيرة ، قوامها 200 راكب وقائدها النبي (صلى الله عليه وسلم) .
- سريه عبد الله بن جحش، قوامها 8 أفراد وقائده عبد الله بن جحش.
4.هيئه الإمداد والتزويد :
لا غنى للجيوش عن الإمداد والتزويد سواء كان الإمداد بالعتاد او السلاح او الطعام والشراب فالعسكريون يعرفون أن الجيوش تزحف على بطونها ، فبغير الإمداد بالطعام والشراب تنهار القوى وتخر الأجسام وبالتالي تضعف المعنويات وتنهار وتتسبب بهزيمة فادحة، وكذلك فان التزويد بالسلاح والعتاد والرجال يجب ان يستمر ويتتابع وخاصة أثناء المعركة ، ويدخل في إطار التزويد بالخدمات هو إسعاف وإنقاذ الجرحى وإخلاء القتلى وتامين الرعاية لمن يحتاجها من الجنود ، إما الأسلوب الذي طبقة النبي (صلى الله عليه وسلم) في جيشه فكان يعتمد على وجود الساقة (المؤخرة ) والتي كان هدفها تقديم الإسناد الإداري للتشكيلات المقاتلة .
هذا وقد استخدم النبي (صلى الله عليه وسلم) المدينة المنورة كقاعدة مركزيه للتموين والتي كانت تزود الساقه بما يحتاجه الجيش وبدورها تقوم الساقه بتزويد المقاتلين بما يحتاجون ، إما الوحدات الصغيرة فكانت تعتمد على المصادر المحلية في التزويد والتي كانت تقتصر على بعض الاطعمه والمياة وذلك لان هذة الوحدات تحتاج الى مرونة وخفه حركه ، وقد كانت المواد التي يستولي عليها الجيش هي من مصادر التزويد الرئيسية له .
إما بالنسبة لخدمات الإنقاذ والإسعاف :
فقد كانت تتم في ميدان المعركة وذلك من قبل المقاتلين أنفسهم وأيضا كانت النساء تساعد في تقديم هذة الخدمة الجليلة للمقاتلين ، ويتم كل ذلك بالاستعانة بالنبي (صلى الله عليه وسلم) الذي كان يصف الدواء المناسب للجرحى ويشرف على متابعه حالتهم والسؤال عنهم .
- إما بالنسبة للشهداء:
فقد كان يتم دفنهم في موقع المعركة نفسها وفي ذلك معنى معنوي يدفع بالاجيال القادمة الى الإقتداء بهم والسير على خطاهم .
- إما الأسرى :
فقد عاملهم الإسلام معامله رحيمة حسنه تتصف بالرفق واللين والإنسانية امتثالا لقوله تعالى :" ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا " وقد أوصى (صلى الله عليه وسلم) بهم خيرا حين قال :" استوصوا بالاسارى خيرا " ، لدرجه انه (صلى الله عليه وسلم) كان يسقي الأسير من لبن ناقته الخاصة ، وهذا شكل لهم حافزا قويا ودافعا للدخول في الإسلام لما شاهدوه من رحمته ورأفتة ، وبلغ احترام الإسلام للأسرى في ان جعلهم معلمين ومدرسين لأبناء الإسلام ، حيث انه (صلى الله عليه وسلم) جعل فداء أسرى بدر تعليم عشرة من أبناء المسلمين القارة والكتابة ، وقد شكل هذا الجيل اللبنة الأولى لكتاب الوحي وحفظه العلوم الاسلاميه فيما بعد .
وبذلك يكون(صلى الله عليه وسلم) قد سبق القانون الدولي الإنساني ومواثيق جنيف وغيرها في احترام إنسانيه الإنسان وحمايته من الاهانه والاعتداء ، بل انه احترم قتلاهم مطبقا بذلك – بل سابقا – لكل قوانين الحرب الحديثة ، حيث دفنهم ولم يدهم في ساحة المعركة احتراما لإنسانيتهم ، وهذا ما تم في معركة بدر حيث حفر المسلمين قليبا دفنوا فيه قتلى المشركين.
- إما الغنائم :
فقد كان (صلى الله عليه وسلم) يقسمها الى خمسه أقسام ، وكان القسم الأول منها يوزع على اليتامى والمساكين وابن السبيل والمصالح العامة كشراء السلاح والمؤن والمعدات والملابس والذخيرة ،...الخ وتوزع الأربع أسهم الأخرى على الغانمين الذين اشتركوا في المعركة ، وأثناء التقسيم لم ينس النبي (صلى الله عليه وسلم) العاملين بالخلف لأنه (صلى الله عليه وسلم) يدرك ان النصر لا يحرزة المقاتلون فقط بل يتعاون على احرازة المقاتلون في الخطوط الاماميه والعاملون في الخلف الذين يوفرون أسباب النصر للمقاتلين .
ان هذا الاستعراض البسيط لتنظيم قيادة الرسول (صلى الله عليه وسلم) يدلنا على انه (صلى الله عليه وسلم) استخدم أساليب متطورة في الإدارة العسكرية والقيادة العالية المستوى والتي سعت وتسعى المدارس العسكرية لتضمينها مناهجها المعاصرة في العلوم العسكرية ، بل ان كثيرا من الاستراتيجيات العسكرية المعاصرة استخدمت ما كان يستخدمه النبي (صلى الله عليه وسلم) أثناء قتاله في سبيل الله ، وذلك لأنها استراتيجيه تحتوي أضافه الى الأساليب العسكرية على قيم أخلاقية رفيعة المستوى ومبادئ سامية ترعى حق الإنسان وتصون كرامته سواء كان مقاتلا ام جريحا ام أسيرا ام مسالما ، فهي لم تتضمن منهج القتل والذبح والتخريب والتدمير والاكراة بل أنها كانت مليئة بقيم التسامح والاصالة ، وهذا ما سنركز عليه في الفصول القادمة من هذة الدراسة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع: طشطوش، هايل عبد المولى، كتاب: أساسيات في القيادة والإدارة، النموذج الإسلامي في القيادة والإدارة، دار الكندي للنشر والتوزيع، إربد- الأردن ، الطبعة الأولى لعام 2008 .