د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

الجدولة الفعلية للمشروع Project Scheduling

سنتعرف على الجدولة في ظل الموارد الغير محدودة Load Leveling والجدولة في ظل الموارد المحدودة بغرض إنجاز المشروع في أقل وقت ممكن Limited resource models

October 21, 2024 عدد المشاهدات : 1306

سنتعرف في هذا المقال على:

  • توازن الطاقات  Load Leveling
  • حالة الموارد المحدودة Limited Resource Model

 
الجدولة الفعلية للمشروع
Project Scheduling

ليس نهاية المطاف بالنسبة لعملية جدولة الأنشطة تقدير ما يسمى بأوقات البدء وأوقات الإتمام لكل نشاط، ويرجع ذلك إلى أن ما توصلنا إليه من تقديرات قد لا يكون مقبولاً من الناحية الاقتصادية كما أنه قد لا يكون ممكناً من حيث الموارد المتاحة. فقد تؤدي الجداول التي توصلنا إليها عن طريق كل من أسلوبي PERT/CPT إلى وجود طاقات غير مستغلة في أوقات معينة بينما هناك حاجة إلى طاقات إضافية في أوقات أخرى، وهنا تظهر مشكلة عمل توازن للطاقة المستخدمة حتى نضمن تحقيق أقل التكاليف في الحصول على الموارد وتعظيم درجة الاستفادة منها أيضاً قد تكون الجداول التي توصلنا إليها من الصعب تنفيذها بسبب عدم كفاية الموارد المتاحة، فتنفيذ أكثر من نشاط في ذات الوقت قد يكون أكبر من طاقة الموارد البشرية أو الآلية المتاحة. ولذلك يكون المطلوب هو تحقيق أفضل جداول تشغيل في حدود الموارد المتاحة. 
وفي محاولة للتعرف على كيفية التصدي لهذه الحالات، سوف تعرض في هذه المقال جزئيين أساسيين هما: 
أ- الجدولة في ظل الموارد الغير محدودة بغرض عمل موازنة في الموارد المستخدمة، والمعروف بحالة الطاقات Load Leveling.
ب – الجدولة في ظل الموارد المحدودة بغرض إنجاز المشروع في أقل وقت ممكن، والمعروفة بحالة الموارد المحدودة Limited resource models
توازن الطاقات Load Leveling
قد يترتب على عملية الترجمة المباشرة لجداول التشغيل الخاصة بالأنشطة التي نتوصل إليها باستخدام PERT/CPM أن نلاحظ تقلباً كبيراً في مستوى الموارد المستخدمة خلال فترة إنجاز المشروع. وبصفة خاصة فيما يتعلق بعنصر العمالة متمثلاً في عدد الأفراد الذين يتم تشغيلهم خلال كل فترة زمنية. ومن المؤكد أن هذا التقلب الحاد في مستوى الموارد المستخدمة يعد أمراً غير مرغوب. فقد يضطر مدير المشروع إلى اللجوء إلى التشغيل الإضافي أو تعيين عاملين جدد في فترات زيادة الحاجة إليهم، كما أنه قد يلجأ إلى الفصل أو وجود طاقات غير مستخدمة في فترات انخفاض مستوى الموارد اللازمة. ولا يخفي علينا أن هناك تكلفة إضافية تترتب على كل هذه البدائل. فمن المعروف ارتفاع تكلفة إضافية تترتب على كل هذه البدائل، فمن المعروف ارتفاع تكلفة التشغيل الإضافي عن تكلفة التشغيل خلال الوقت الأصلي، كما أن هناك تكلفة التشغيل الإضافي عن تكلفة التشغيل خلال الوقت الأصلي، كما أن هناك تكلفة إضافية تترتب على عملية التعيين والفصل المستمرين، وذلك بالإضافة إلى تكلفة الطاقات العاطلة التي تسعى كل المشروعات إلى تفاديها. ورغبة في تجنب هذه الآثار الغير مرغوبة المترتبة على التقلب الحاد في مستوى الموارد المستخدمة ، يقوم مدير المشروع بإعادة الجدولة بشكل يحقق توازن الطاقات المستخدمة خلال فترات المشروع وذلك في حدود تاريخ إتمام محدد للمشروع ككل.
ويهمنا هنا أن نوضح أن عملية التوازن هذه سوف تؤدي أيضاً إلى تحقيق نوعاً من الاستقرار النفسي للعاملين في المشروع، فالإحساس بالاستقرار والأمان طيلة فترة إنجاز المشروع سوف يؤدي بلا شك إلى خلق نوع من الولاء بين العاملين والمشروع ورفع الروح المعنوية لهم مما يكون له أثر طيب على أداءهم. كذلك فإن تحقيق هذا التوازن يعد مرغوباً سواء كانت الحالة التي أمامنا هي حالة الموارد المحدودة أو حالة الموارد الغير محدودة. 
والطريقة الرئيسية التي تستخدم في تحقيق التوازن في الموارد المستخدمة تعتمد على إعادة جدولة الأنشطة غير الحرجة. فطالما أن هناك فائضاً يمكن أن يتم في حدوده إعادة جدولة النشاط الغير حرج دون أن يؤثر ذلك على وقت إتمام المشروع فمن الممكن الاستفادة من ذلك في عمل التوازن. وبالطبع تؤخذ جداول الأنشطة الحرجة في هذه الحالة على أنها قيود، فلا يمكن إعادة جدولتها، حيث أن أي تغيير سوف يؤدي بالضرورة إلى تأخير وقت إتمام المشروع.
والآن.. ومن خلال مثال سوف نرى كيف يمكن تحقيق تلك الفكرة: 
مثال (6-1) 
بفرض توافر البيانات التالية عن أحد المشروعات 

النشاط الحدث ساعات العمل اللازمة الوقت اللازم بالأسبوع عدد العاملين (محسوب)
أ 1 - 2 720 4 6
ب 1 - 3 270 3 3
ج 1 -4 600 5 4
د 3 - 5 120 2 2
هـ 3 - 6 900 6 5
و 4 - 6 840 4 7
ز 2 - 7 810 3 9
ح 5 - 7 480 8 2
ط 6 - 7 840 7 4

وكان عدد الساعات التي يقوم بها الفرد هو 30 ساعة عمل فقط في الأسبوع، وضح أثر تغير جداول الأنشطة على توازن الطاقات العمالية المستخدمة خلال فترة إنجاز المشروع. 
نبدأ أولاً بتحديد عدد العاملين Crewsize اللازم لكل نشاط على خطوات: 

  • عدد ساعات العمل اللازمة في الأسبوع الواحد للنشاط = ساعات العمل اللازمة للنشاط ÷ الوقت اللازم للنشاط 
  • عدد العاملين اللازم للنشاط 

= عدد ساعات العمل اللازمة في الأسبوع × ساعات العمل للفرد الواحد وبتطبيق ذلك يكون لدينا بيان بعدد الأفراد اللازمين لكل نشاط كما يتضح ذلك في العمود الأخير من الجدول. 
أما الخطوة التالية فهي التصوير البياني للشبكة، وذلك على أساس أن السهم يعبر عن النشاط وأن الوقت اللازم لإتمام النشاط في أعلى السهم، أما عدد العمال اللازمين للنشاط فيظهر في أسفل السهم كما في الشكل (6-1) التالي: 

ثم نقوم باستخدام الأسلوب المعتاد في تحديد أوقات البدء والإتمام لكل نشاط على النحو الموضح في الجدول (6-1) والذي يتضح فيه أن هناك مسارين حرجين هما ب – هـ - ط ، حـ - و – ط وأن طول كل منهما 16 أسبوعا، وذلك هو أقل وقت يلزم لإتمام المشروع. 
جدول (6 - 1)

النشاط وقت البدء وقت الإتمام الفائض
أول آخر أول آخر
أ صفر 9 4 13 9
ب صفر صفر 3 3 صفر
ج صفر صفر 5 5 صفر
د 3 6 5 8 3
هـ 3 3 9 9 صفر
و 5 5 9 9 صفر
ز 4 13 7 16 9
ح 5 8 13 16 3
ط 9 9 16 16 صفر

والآن ننتقل إلى إيضاح أثر ذلك الجدول على مستوى مقدار الموارد من العمالة اللازمة، تبدأ هذه الخطوة بتصوير ذلك أولاً على خريطة جانت () ثم نقوم بترجمة ذلك إلى حجم الموارد اللازمة في كل فترة زمنية. ويوضح الجزء الأعلى على الشكل (6-2) التتابع الزمني لأداء الأنشطة وذلك على أساس أن المحور الأفقي.

يمثل الفترات الزمنية بالأسبوع، وبالتالي فإن طول الخط المرسوم لكل نشاط يعبر عن الفترة اللازمة للأداء النشاط، كذلك  فإن أساس تحديد جدول الأنشطة هو أن تبدأ جميعها في أول وقت بدء ممكن (و ب) وليس على أساس آخر وقت بدء مسموح به (خ ب) (سوف نتولى ذلك فيما بعد). وقد ميزنا في الشكل بين الأنشطة الحرجة وغير الحرجة حتى يمكن أن نلاحظ معنى فكرة الوقت الزائد كما هو موضحة في المساحات غير المظللة بالشكل، ويوضح الرقم الموجود في أعلى النشاط عدد العمال اللازمين للنشاط. 
أما الجزء الثاني من الشكل (6-2) فهو مجرد ترجمة لمقدار الموارد اللازمة في كل فترة زمنية، ومثال ذلك ... يكون إجمالي عدد العاملين اللازمين خلال الفترة الأولى هو 6 أفراد لأداء النشاط أ وثلاثة لأداء النشاط ب و 4 لأداء النشاط جـ.  وذلك بإجمالي قدره 13 عامل، أما في الفترة الخامسة فإن العدد اللازم الإجمالي هو 20 عامل، موزعة على أساس عاملين للنشاط د. ، 9 للنشاط ز ، 4 للنشاط جـ ، 5 للنشاط هـ. 
يتضح من هذا الشكل أن مستوى عدد العاملين اللازم خلال أيام التنفيذ بتذبذب بشكل ملحوظ، فأقصى عدد سوف يتم تشغيله هو في الفترتين السادسة والسابعة، حيث يصل الرقم إلى 23 عامل، بينما سوف يصل الرقم إلى أدناه خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة من فترة المشروع، فسوف يكون العدد المستخدم هو أربعة عمال فقط ()، ويعني ذلك أن هناك 19 عامل سوف يفصلوا من المشروع بالتدريج أو يتركوا كطاقة عاطلة أو يحولون إلى مشروعات أخرى، وكل هذه تعد أمور غير مرغوبة .  
وللتغلب على مشكلة التذبذب هذه نقوم مرة أخرى بتأمل الجزء الأعلى من الشكل (6-2)، ونقصد بذلك الأنشطة غير الحرجة. حيث يوضح الشكل مقدار الفائض المتاح لهذه الأنشطة. ويمثل هذا الفائض أقصى مدى يمكن فيه تحريك النشاط غير الحرج تجاه اليمين، أي تأجيل تاريخ البدء ، دون أن يؤثر ذلك على تاريخ إتمام المشروع.
من البديهي أن نحاول الآن الحالة المتطرفة الأخرى وهي: كل الأنشطة غير الحرجة تبدأ في آخر وقت بدء مسموح به. ويعني ذلك على الرسم أن يتم تحريك كل الأنشطة غير الحرجة إلى اليمين بأقصى قدر يمكن أن يسمح الفائض الخاص بكل نشاط. وسوف يظهر ذلك في الجزء الأعلى من الشكل (6-3). أما أثر ذلك التغيير على مستوى العمالة المستخدمة خلال فترة المشروع فيظهر في الجزء الثاني في أسفل نفس الشكل. 
يتضح من هذا الشكل أن درجة تذبذب مستوي العمالة اللازمة أقل بكثير منها في حالة الجدولة على أساس أول وقت بدء ممكن. فالمدى يتراوح بين سبعة وخمسة عشر عاملاً فقط. كذلك فإنه ابتداءً من الفترة الخامسة يكون التذبذب أقل ما يمكن (). ومن ذلك يمكننا القول بأن الجدولة على أساس آخر وقت بدء مسموح به هي أفضل من الجدولة على أساس أول بدء ممكن في هذه الحالة من حيث توازن الطاقات العمالية. 
ويهمنا هنا أن نشير إلى أن هذه النتيجة السابقة تعد صحيحة فقط بالنسبة لهذا المثال. ففي حالات أخرى قد يحقق مبدأ أول وقت بدء ممكن نتائج أفضل من حيث درجة التوازن كذلك فمن الواضح أيضاً من هذا المثال أن هناك عدد لا نهائي من البدائل التي يمكن أن نجربها عند إعادة جدولة تاريخ بدء الأنشطة غير الحرجة بهدف تحسين درجة التوازن. فمن الممكن تحريك نشاط من الأنشطة غير الحرجة في اتجاه اليمين بقدر معين بدلاً من تحريك كل الأنشطة الغير حرجة كما فعلنا في الشكل (6-3).


ويترتب على ذلك التعدد أن الأسلوب البسيط الذي اتبعناه وهو أسلوب المحاولة والخطأ بغية الوصول إلى أفضل توازن يكون ممكناً فقط في حالة الشبكات الصغيرة ذات العدد المحدود من الأنشطة. أما في حالة الشبكات الكبيرة والعلاقات المتشابكة فيمكن استخدام أساليب أكثر تقدماً تضمن الوصول إلى الحل الأمثل Optimization. وواحد من هذه الأساليب هو الأسلوب الذي قدمه كل من wiest and Levy وذلك باستخدام أسلوب البرمجة العدديةInteger  (42). وحينما يصعب توافر الفروض الأساسية لمشكلة البرمجة العددية وهي أن تكون القيود ودالة الهدف خطية وأن تأخذ المتغيرات قيماً صحيحاً فقط، في هذه الحالة يمكن الاعتماد على أساليب الاجتهاد المنظم Heuristic باستخدام برامج كمبيوتر تقوم بتجريب عدد كبير من بدائل الجدولة بشكل سريع وذلك بناءاً على رقم الفائض الإجمالي العام. 
حالة الموارد المحدودة Limited Resource Models
افترضنا في الفصول السابقة أن الاحتياجات اللازمة من الموارد المختلفة لتنفيذ جداول التشغيل متوافرة بشكل كاف ودائم، وذلك أمر ليس مضموناً في غالبية الأحيان، ففي الحياة العملية، غالباً ما يكون هناك تنافس على الحصول على الموارد وبالذات العمالة بين مشروع قائم تتولى المنشأة تنفيذه ومشروع جديد تنوي المنشأ القيام به. كذلك فإنه قد يكون هناك موارد يتم استخدامها لأكثر من نشاط ويستلزم الأمر مراعاة وجود حداً أقصى من هذه الموارد عند عمل الجداول. بمعنى آخر يكون الهدف هو الوصول إلى جداول ممكنة من حيث الطاقة والموارد اللازمة. وعلى الرغم من أننا سوف نعالج موضوع تقدير احتياجات المستلزمات من المواد في جزء مستقل فيما بعد، إلا أننا سوف نعرض هنا لفكرة تقليل الزيادة في وقت إتمام المشروع إلى أقل حد ممكن بفرض أن هناك قيداً على حجم العمالة المتاحة. 
وتقوم الفكرة الأساسية لهذه الحالة على اعتبار أن وجود قيداً على حجم العمالة المتاحة قد يترتب عليه زيادة في أقل وقت يلزم لإتمام المشروع حسب تقديرات الوقت العادية. ويكون السؤال الأساسي هي: كيف يمكن زيادة الوقت اللازم لإتمام المشروع بأقل قدر ممكن حتى يتم مراعاة قيد العمالة؟ والإجابة تكمن في بعض أساليب الاجتهاد المنظم Heuristics التي يوضحها المثال التالي: 
مثال (6-2): 
بفرض أن لدينا شبكة الأعمال الواردة في الشكل (6-4) والتي تمثل الأرقام الموجودة داخل الدوائر بها الوقت اللازم لإتمام النشاط بالأيام ، كما أن الأرقام الواردة في أعلى الدوائر تعبر عن قوة العمل اللازمة لكل نشاط. فإننا يمكننا أن نعبر عن الجدول الزمني لإنجاز هذا المشروع وعلى أساس أول وقت بدء ممكن كما في الشكل (6-5).
 
يمثل الجزء الأعلى من الشكل (6-5) الجدول الزمني لتنفيذ المشروع، ويتضح منه أن الأنشطة الحرجة هي ب ، د ، هـ. وأن أقل وقت يلزم لإتمام المشروع هو 16 يوماً. كذلك يمثل الجزء الأسفل من نفس الشكل تقديرات العمالة اللازمة حتى يمكن إتمام هذا المشروع في أقل وقت يلزم له هو 16 يوماً. ومن الواضح أن ذلك يفترض وجود حجم قوة العمل اللازمة لكل نشاط خلال كل فترة زمنية حسب الموضح في أعلى كل نشاط. دعنا نفترض الآن أن عدد العمال المتاح يومياً هو خمسة عمال فقط. من الواضح أن وقت إتمام المشروع قد يكون أكثر من المدة اللازمة في حالة عدم وجود قيود عمالة والتي كانت ستة عشر يوماً. فتأمل الشكل (6-5) يوضح أن الحل السابق يستلزم الحاجة إلى ثمانية أشخاص خلال اليوم الأول وذلك أمر غير ممكن في الظروف الحالية. والسؤال الآن: ما هو الجدول الجديد الذي يقلل مقدار الوقت الزائد الذي سوف نضطر إلى زيادته على الستة عشر يوماً الحالية حتى نتمشى مع قيد العمالة الجديد؟ أي ان المطلوب هو تعديل جداول الأنشطة بشكل يقلل من تأخير المشروع عن 16 يوماً في حدود العمال الخمسة الحاليين. 
إن المشكلة الرئيسية التي تواجهنا عند محاولة الإجابة على مثل هذا السؤال هي تعدد الجداول الممكنة التي يمكن الوصول إليها، وبالتالي فإن محاولة تجربتها جميعاً لمعرفة مدى تطابقها مع الطاقة الجديدة يكون نوعاً من المضيعة للوقت، بل إنه قد يكون مستحيلاً في بعض الأحيان، وعلى الرغم من أن هناك بعض الأساليب الرياضية، مثل البرمجة الخطية، والتي تؤدي إلى الوصول إلى حل أمثل لمثل هذه المشاكل، إلا أنه من المفيد هنا أن نستخدم مدخل الاجتهاد المنظم Heuristic methods والذي غالباً ما يستخدم في الحياة العملية تجنباً لمشاكل التعقيد الرياضي الذي تتسم به طرق الحل الأمثل. وقد قدم Weist طريقة تقوم على استخدام ثلاثة قواعد اجتهادية يمكن استخدامها في مثل هذا النوع من المشاكل على النحو التالي(41): 
1- وزع الموارد بالتتابع في الوقت. ويعني ذلك، البدء في اليوم الأول في جدولة كل الأنشطة الممكنة، ثم كرر ذلك لليوم التالي.. وهكذا. 
 
2- عندما يتنافس أكثر من نشاط على نفس المورد المستخدم، أعطى أولوية للنشاط ذو الوقت الزائد الأقل، أي النشاط الأكثر حرجية أولاً. 
3- أعد جدولة الأنشطة الغير حرجة، كلما أمكن ذلك، بغرض أن يتم توفير الموارد لتكون متاحة للأنشطة الحرجة. 
وبتطبيق هذه الخطوات على الحالة التي أمامنا نجد أنه يمكننا أن ننجز هذا المشروع في 22 يوماً، ويمكن إيضاح الخطوات التي اتبعت للوصول إلى هذا الجدول كما يلي: 
1- بالنظر إلى كل الأنشطة الممكنة في اليوم الأول نجد أنها هي أ،ب،جـ. ونظراً لأن عدد العاملين اللازمين لهم مجتمعين هو ثانية والمتاح هو خمسة فقط. فإننا نكون أمام حالة محدودية الموارد. ولذلك نقوم بوضع أولوية للنشاط الذي نبدأ به. وفي هذه الحالة يكون هو النشاط ب. ويرجع ذلك إلى أن النشاط ب هو نشاطاً حرجاً أي أن الوقت الزائد الخاص به يساوي صفر، ولذلك (ونظراً لأنه إذا بدء النشاط يجب استمرار أداؤه حتى يتم الإنجاز بالكامل) فإن هذا النشاط سوف يستلزم أربعة أفراد لمدة الثمانية أيام الأولى في خطة إنجاز المشروع كما في الشكل (6-6). حيث يوضح الشكل في أعلى الخط الخاص بالنشاط عدد العمال اللازمين للنشاط إلى جوار اسم النشاط.

 
2- بتأمل اليوم الأول نجد أننا لم نستوعب بعد كل العمالة المتاحة، وهي خمسة أفراد فإذا كان من الممكن استخدام هذا العدد الزائد في إنجاز نشاط آخر يكون أفضل. بالعودة مرة أخرى إلى كل من الأنشطة أ، جـ نجد أن النشاط أ غير ممكن لأنه يستلزم ثلاثة عمال بينما المتاح فقط هو عامل واحد (بعد استخدام أربعة في النشاط ب)، ولذلك يكون القرار هو بدء النشاط جـ في اليوم الأول أيضاً واستمرار إنجازه لمدة أربعة أيام. ويكون الوضع الآن كما في الشكل (6-7).
 
3- والآن نجد أنه قد تم استخدام كل الطاقة العاملة في خلال الأيام الأربعة الأولى، فهل يمكن استخدام نفس تلك الطاقة القصوى في الأيام التالية على اليوم الرابع؟ طالما أن الأنشطة ب ، جـ قد تم إنجازها فإننا أمام بدائل واضحة من الشبكة وهي إما البدء في النشاط أ أو النشاط د. وبتأمل مقدار الطاقة العاملة اللازمة، تجد ان الطاقة اللازمة لكل منهم أكبر من الطاقة الزائدة المتاحة بعد اليوم الرابع (وهي يوم واحد). ولذلك يكون القرار هو عدم إمكانية البدء في كلا منهما والإنتظار حتى يتم إتمام النشاط ب ويكون لدينا طاقة كافية. 
4- بعد إتمام النشاط ب ، وابتداءً من اليوم الخامس يمكن جدولة إما أ أو د وطالما أن الوقت الزائد للنشاط د هو صفر ، بينما الوقت الزائد للنشاط أ هو ستة أيام فإننا نبدأ بتخصيص النشاط د. على النحو التالي كما في الشكل (6-8): 
 
5- نظراً لأن النشاط د يحتاج إلى خمسة أفراد فإن ذلك يعني أنه لا يمكن جدولة أي نشاط آخر في خلال فترة تنفيذه. ولذلك سوف ننتظر حتى آخر اليوم الثاني عشر. 
6- ابتداءً من اليوم الثالث عشر يكون لدينا خمسة أفراد، ويكون أمامنا حسب التتابع الموجود في الشبكة بديل واحد وهو جدولة النشاط أ والذي سوف يستغرق ستة أيام، ويكون ذلك كما في الشكل (6-9). وحيث أن النشاط أ لا يحتاج إلا إلى ثلاثة أشخاص فيعني لذلك أن لدينا ابتداءً من اليوم الثالث عشر فردين بدون عمل ولذلك نبحث عن إمكانية جدولة أي نشاط جديد في هذه الفترة. ولكن بتأمل الشبكة نجد أنه ليس لدينا أي نشاط آخر ممكن. فالنشاط الوحيد المتبقي هو النشاط هـ وهو بالضرورة يجب أن يبدأ بعد انتهاء النشاط أ وليس أثناء أداؤه.

ولذلك تكون جدولة النشاط هـ هي ابتداءً من اليوم الثامن عشر ويستغرق أربعة أيام فقط. ويعني ذلك أن إتمام المشروع ككل سوف يستغرق 22 يوماً. كما يلي: 
 
لاحظ الآن أن هذه الخطوط المتقطعة لا تعبر في الحل هذا بأي حال من الأحوال عن الوقت الزائد (الفائض) حيث أن النشاط جـ فقط يمكن تأخيره بدون تأخير وقت إتمام المشروع. 
والسؤال الآن هل هذا هو أقصر جدول ممكن في ظل وجود فقط خمسة عمال؟ الإجابة هي نعم، اعتماداً على مقارنتها بكل بدائل الجدولة الممكنة. ولكن عموماً، على الرغم من أن القواعد الاجتهادية قد أثبتت فعالتها في هذه الحالة، فإنه ليس هناك ضمان أنها دائماً تضمن الوصول إلى الحل الأمثل. إنها فقط تزيد احتمال أن يكون هذا الحل هو الحل الأمثل. وعلى ذلك فإن إتباع هذه القواعد قد يؤدي إلى جدولة غير جيدة في حالات أخرى. ويوضح المثال التالي عدم فعالية هذه القواعد في بعض الأحيان. 
مثال (6-3) 
بفرض أن لدينا شبكة الأعمال الواردة في الشكل (6-11) والتي تمثل الأرقام الموجودة داخل الدوائر بها الوقت اللازم لإتمام النشاط بالأيام، كما أن الأرقام الواردة في أعلى الدائرة تعبر عن قوة العمل اللازمة لكل نشاط. فإننا يمكننا أن نعبر عن الجدول الزمني لإنجاز هذا المشروع على أساس أول وقت بدء ممكن كما في الشكل (6-12).
 
ويمثل الجزء الأسفل من هذا الشكل تقديرات العمالة اللازمة حتى يمكن إتمام هذا المشروع في أقل وقت يلزم له وهو عشرة أيام. ومن الواضح أن ذلك يفترض وجود حجم قوة العمل اللازمة لكل نشاط والموضحة على أعلى كل دائرة. 
دعنا نفترض الآن أن عدد العمال المتاح كل يوم هو سبعة عمال فقط، وأنه يمكن توزيعهم على الأنشطة المختلفة. من الواضح أن وقت إتمام المشروع قد يكون الآن أكثر من عشرة أيام ، وهي المدة التي كانت تلزم في حالة عدم وجود قيود عمالة. فتأمل الشكل (6-12) يوضح أنه الحل السابق يستلزم الحاجة إلى تسعة أشخاص خلال اليوم الأول وذلك أمر ممكن. 
 
والسؤال الآن ما هو الجدول الجديد الذي يقلل مقدار الوقت الزائد الذي سوف نضطر إلى زيادته على العشرة أيام الحالية حتى نتمشى مع قيد العمالة الجيدة؟ أي أن المطلوب هو تعديل جدول الأنشطة بشكل يقلل من تأخير المشروع عن العشرة أيام في حدود العمال السبعة الحاليين؟ 
بتطبيق طريقة Weist على الحالة التي أمامنا نجد أنه يمكننا أن ننجز هذا المشروع في 11 يوماً. ويمكن إيضاح الخطوات التي اتبعت للوصول إلى هذا الجدول كما يلي: 
1- بالنظر إلى كل الأنشطة الممكنة في اليوم الأول نجد أنها هي أ، ب، د. ونظراً لأن عدد العاملين اللازمين لكلا منهما مجتمعين هو تسعة عمال والمتاح هو سبعة فقط فإننا نكون أمام حالة محدودية الموارد. ولذلك نقوم بوضع أولوية للنشاط الذي نبدأ به. وفي هذه الحالة يكون النشاط أ. ويرجع ذلك إلى أن الوقت الزائد للنشاط أ = صفر أي أن النشاط أ نشاطاً حرجا. ونظراً لأنه إذا بدء النشاط أ يجب الاستمرار فيه إلى أن يتم الإنجاز بالكامل، فإن البدء بالنشاط أ سوف يستوعب عمل أربعة أشخاص بالكامل لمدة الأربعة أيام الأولى كما في الشكل (6-13).
 
2- بتأمل اليوم الأول نجد أننا لم نستوعب بعد كل العمالة المتاحة، وهي سبعة أفراد، فإذا كان من الممكن استخدام هذا العدد الزائد في إنجاز نشاط آخر ممكن يكون أفضل، وبالعودة مرة أخرى إلى كل من الأنشطة ب ، د. نجد أن ذلك أمراً ممكنا ولكن لنشاط واحد منهم فقط. فلا يمكننا إضافة كلا منهما معاً لأن العدد الإضافي اللازم لهما معاً هو خمسة عمال، وذلك أكثر من العدد المتبقي بعد البدء في النشاط أ في اليوم الأول. فالمتبقي فقط لأنشطة أخرى هو ثلاثة عمال فقط (7 -4 للنشاط أ). وفي هذه الحالة نقوم بالمفاضلة بين كل من ب ، د. وهنا نستخدم القاعدة الثانية التي تقضي بأن يكون أساس المفاضلة هو الوقت الفائض للنشاط. وعلى ذلك يتم اختيار النشاط د نظراً لأن الوقت الفائض له وهو يومان أقل من الوقت الفائض الخاص بالنشاط ب وهو ثلاثة أيام ، أي أن النشاط د أكثر حرجية من النشاط ب. وعلى ذلك فإن القوى العاملة اللازمة والمستخدمة عند هذه المرحلة تظهر في الشكل (6-14).
 
3- والآن نجد أنه قد تم استخدام كل الطاقة العاملة في خلال الأيام الأربعة الأولى، فهل يمكن استخدام نفس تلك الطاقة القصوى في الأيام التالية على اليوم الرابع. على الرغم من أن الأنشطة أ ، د قد تم إنجازها إلا أننا نجد من التتابع الموجود في الشبكة أننا لا يمكننا أن نتقدم أكثر دون أن نقوم بإنجاز النشاط ب . وفي هذه الحالة ليس أمامنا بديل ، فمن الواجب البدء في النشاط ب في اليوم الخامس إذا كانت الطاقة المتبقية تسمح بذلك. وحيث أن الطاقة المتبقية ابتداءً من اليوم الخامس هي أربعة عمال (بعد إنجاز أ وتشغيل ثلاثة في النشاط د) وأن الطاقة اللازمة للنشاط ب هي عاملين فقط، فإننا نبدأ تشغيل النشاط ب في بداية اليوم الخامس، ويكون الوضع كما هو في الشكل (6-15).
 
4- ترتب على الخطوة السابقة أن أصبح عدد العمال المستخدم في اليوم الخامس هو خمسة أشخاص فقط ، ويعني ذلك وجود طاقة غير مستغلة قدرها شخصين، فهل من الممكن استغلالهم؟ من الواضح أن الإجابة بالنفي، ويرجع ذلك إلى أن كلا من الأنشطة المتبقية جـ، هـ لا يمكن القيام بهما قبل إتمام النشاط ب. 
5- بعد إتمام النشاط ب ، أي في بداية اليوم السادس يمكننا أن نبدأ النشاط جـ لمدة ثلاثة أيام وبطاقة قدرها ثلاثة عمال فقط، أي أن هناك طاقة عاطلة قدرها أربعة عمال. ثم بعد ذلك يأتي النشاط هـ ولمدة ثلاثة أيام أخرى وبطاقة قدرها ستة عمال فقط. ويكون الوضع كما في الشكل (6-16). والذي يتضح منه أن أقل وقت إتمام للمشروع ككل في ظل قيد العمالة (وهو سبعة أشخاص) هو 11 يوماً. أي أنه بسبب وجود قيد العمالة الجديد سوف نضطر إلى زيادة وقت إتمام المشروع بيوم واحد. 
 
والسؤال الآن هو: هل هذا هو أقصر جدول ممكن في ظل وجود سبعة عمال فقط ؟ الإجابة هي لا، حيث أننا يجب أن نحاول القاعدة الثالثة التي قد تعطي نتيجة أفضل، وتقضي هذه القاعدة بإعادة جدولة الأنشطة الغير حرجة، كلما أمكن ذلك، بغرض توفير الموارد لتكون متاحة للأنشطة الحرجة. 
بتأمل الشكل (6-16) نجد النشاط الحرج جـ قد تأخر في البدء بسبب تأخير إتمام النشاط ب بأكثر من مقدار الوقت الفائض المتاح له. وقد كان ذلك راجعاً بصفة أساسية إلى عدم توافر موارد لبدء النشاط ب قبل بداية اليوم الرابع. 
فإذا قمنا بإعادة جدولة كل من الأنشطة الغير حرجة ب ، د حسب الشكل (6-17) فإن ذلك سوف يترتب عليه عدم تأخر بدء النشاط جـ، وبذلك يكون الوقت اللازم لإتمام المشروع في ظل قيد عدد العاملين (سبعة أشخاص) مازال هو نفس القيمة الأولى وهي عشرة أيام. أي أن الزيادة اللازمة الآن هي صفر. 
 
عند هذه النقطة يمكننا أن نستنتج أن القواعد الاجتهادية قد لا تكون فعالة في بعض الحالات. فليس هناك ضمان أنها دائماً تضمن الوصول إلى الحل الأمثل. 
فقد كان من الواضح أن اتباع الخطوات التي قدمها Weist بشكل حرفي أدى إلى زيادة وقت إتمام المشروع بيوم على الرغم أنه كان من الممكن مواجهة هذا القيد الجديد في الموارد دون زيادة في وقت إتمام المشروع. وكل ما يمكن أن نؤكده هنا هو أن استخدام القواعد الاجتهادية يزيد من احتمال أن يكون الحل الذي توصلنا إليه هو الحل الأمثل، ولذلك يتم استخدام برامج للكومبيوتر لتجربة إعادة الجدولة في ظل قيود الموارد بناءاً على قواعد اجتهادية كثيرة ومتعددة بالإضافة إلى القواعد التي أوردها Weist . وأهم هذه القواعد: 
1- ابدأ بجدولة النشاط ذو فترة الإنجاز الأقل أولاً.
2- ابدأ بجدولة النشاط ذو فترة الإنجاز الأطول أولاً. 
3- ابدأ بجدولة النشاط الذي يقل القيام به في قسم تنظيمي معين في المنشأة أولا.
4- ابدأ بجدولة النشاط الذي فيه أقل عدم تأكد من الناحية الفنية أولا. أي الذي له أقل تباين في تقديرات الوقت أولاً.
وبناء على هذه القواعد يتولى الكومبيوتر تجربة عدة جداول مختلفة واختيار أفضلها بناء على المعيار الموضوع لعملية الاختيار. فقد يكون هذا المعيار هو وقت إنجاز المشروع أو تحقيق عدم تذبذب في مستوى العمال المستخدمة أو تخفيض وقت التعطل للأفراد، أو كل هذه المعايير معاً. 
المرجع:
كتاب : إدارة وجدولة المشاريع، خطوات تخطيط وتنظيم وجدولة مراحل تنفيذ المشروع وكيفية الرقابة عليها، من تأليف د. محمد توفيق ماضي، من إصدار الدار الجامعية - الإسكندرية- الطبعة الثانية لعام 2014م.

تحميل محتوى الصفحة رجوع