د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

المداخل النظمية في إدارة المشروعات Project Management

يعتبر المشروع أحد النظم التي تحتوي على المدخلات المتمثلة بالأفراد والمعدات والمواد والتسهيلات الأخرى التي تتفاعل بعضها مع البعض الآخر نحو تحقيق الهدف المحدد>

September 25, 2024 عدد المشاهدات : 815

3-1- تعريف النظام والطريقة النظمية بالتفكير:
يعتبر المشروع أحد النظم التي تحتوي على المدخلات المتمثلة بالأفراد والمعدات والمواد والتسهيلات الأخرى التي تتفاعل بعضها مع البعض الآخر نحو تحقيق الهدف المحدد. وهذا التعريف يعود إلى تعريف النظام من وجهة نظر نظرية النظم System theory . ومن هذا المفهوم البسيط للنظام، فقد تم وضع التعريف الخاص للمشروع وكذلك لمنظمات المشروعات والذي يدخل كذلك ضمن مفهوم نظم التفكير Systems thinking أو ما يسمى بالمدخل النظمي Systems approach . وفي نفس الوقت، فإن العمل (الأعمال) الموجة في المشروع غالباً ما يوجه لغرض توليد النظم. وتستخدم بعض المفاهيم الأساسية للنظم بخاصة في المشروعات مثل تطوير وإطلاق المنتج الجديد أو الخدمة الجديدة وتطوير البرمجيات وكذلك في مشروعات البحث والتطوير في الصناعات عالية التكنولوجيا. وهذه المفاهيم والمنهجيات هي النظم الهندسية  systems engineering، والنظم الإدارية systems engineering ، ونظم التحليل Systems analysis.
فمن المعروف، بأن نظم التفكير تعني الرؤيا الشاملة للبيئة الداخلية والخارجية أو بمعنى آخر، هي رؤية العالم. وهي المفهوم المعاكس للتفكير التحليلي Analytical thinking  أو طريقة التفكير في تحليل الأمور، حيث يتم تجزئة العمل إلى أجزاءه الصغيرة بالإضافة إلى كونه (التفكير التحليلي) وظيفة عالية التخصص. ويستخدم مفهوم التفكير التحليلي في توصيف النظام بحالته عند الدراسة، وهذا يعطي الفرصة لتحقيق القدرة على وضع بعض الأسس والمعطيات المتبادلة ما بين أجزاء النظام والبيئة. وقد أثبت التطبيقات العملية على أن طريقة التفكير النظمية مفيدة جدًّا بالتعامل مع الفروض المعقدة  Complex phenomena وخاصة مع طبيعة الأفراد وأدائهم وخاصة في إدارة المشروعات الكبيرة. وطالما يتعامل مدير المشروع مع الرؤية الكبيرة مثل المشروع مما يتوجب عليه أن يكون على دراية كافية بطريقة التفكير النظمية.
وبما أن النظام -كما سبق القول- عبارة عن تفاعل الأجزاء المختلفة التي تمثل المدخلات، فإن مفهوم النظام يجب أن يشمل المفردات التالية: (Nicholas, 2001, p. 52)

  • تعطي عملية التفاعل للمدخلات (أجزاء النظام) شيئاً ما يتمثل بالمخرجات. وهذا يعني بأن النظم تتصف بالحركية (الديناميكية) والتي تعرض نمطا من أنماط السلوك في عمل الأشياء. وأن عرض النظم إلى نمط من السلوكيات يعتمد على النظام نفسه قيد الدراسة أو تحت الدراسة. ويتمثل عادة سلوك النظام في مخرجاته أو بالطريقة التي يقوم النظام بتحويل المدخلات إلى المخرجات.
  • تعني عملية التفاعل إلى تحقيق شيء معين. وهذا يعني بأن النظم تفهم بالطريقة التي ينظر بها إلى الأفراد إليهم.

والآن نتكلم بشيء من التفصيل حول مفاهيم النظم ومكوناتها.
3-1-1- عناصر النظام والنظم الفرعية:
يتجزأ النظام إلى العناصر الأصغر ثم الأصغر بحيث يتوجب أن تتوافق هذه العناصر في أي تشكيلة ممكنة بما يسمى بتركيبة الأجزاء أو تجميع الأجزاء في وحدة متكاملة التي تكون النظام System elements. وأن هذه الأجزاء والوحدات المكونة للنظام تسمى بعناصر النظام . كما ويمكن تجزئة النظام إلى النظم الفرعية Subsystems التي بدورها تشكل النظم وهكذا. والمقصود هنا بالنظام الفرعي هو « ذلك النظام الذي يعمل كجزء أو عنصر من أجزاء وعناصر النظام الرئيسي أو المتكامل أو ضمن مكوناته ». ويبين الشكل (3/1) نموذجا للنظام الرئيسي والنظم المتفرعة منه. (Nicholas, 2001, p. 54) بشيء من التصرف.
ويتضح من الشكل (3/1) بأن النظم المتعلقة بالأفراد والتسويق والعمليات وغيرها (أي النظم الوظيفية) ما هي ألا نظم فرعية من نظام الرئيسي المتكامل والمتمثل بالمنظمة. وأن هذه النظم الوظيفية الفرعية تتجزأ هي الأخرى إلى النظم الأصغر وتفرعاتها مثل إدارة العمليات باعتبارها النظام الفرعي المتفرع من النظام الرئيسي وهو المنظمة بالكامل، تتكون من ثلاثة نظم أصغر هي نظام التصنيع Manufacturing system ونظام الجدولة Scheduling system وكذلك نظام الموجودات Inventory system . وهكذا بالنسبة لأي من هذه النظم المتفرعة من النظم الفرعية ومن النظام الرئيسي المتكامل للمنظمة.
وتمتاز جميع النظم الرئيسية والمتفرعة منها (الفرعية) وعناصرها بالصفات والخصائص المتميزة وكذلك بمساحاتها المختلفة، حيث تمثل هذه الصفات والخصائص الظروف التي يعمل بها النظام الرئيسي والنظم المتفرعة منه بالمفهوم الكمي والنوعي. ومن الممكن أن تستخدم صفات وخصائص النظام الرئيسي في مراقبة وقياس سلوك النظام وأداءه. وتعتبر الكلف وتقدم العمل من أهم خصائص وصفات المشروع حيث يجري تقييم كلاهما بمقدار معين من وحدة الزمن.
وقد جرت العادة، على تسمية نوعين من البيئة في إدارة الأعمال، هما البيئة الداخلية والبيئة الخارجية. وتعني البيئة الداخلية كل شيء داخل المنظمة ويقع تحت السيطرة الكاملة لصانع القرار مثل الوحدات الفرعية الوظيفية المختلفة التي تقع ضمن الهيكل التنظيمي للمنظمة. وتعني البيئة الخارجية كل شيء يقع خارج البيئة الداخلية لذلك فهي تقع خارج حدود السيطرة لصانع القرار، مثل السوق والمنافسون والتشريعات الحكومية والاتحادات وغيرها.
الشكل (3/1) النظام الرئيسي والنظم الفرعية وتفرعاتها في المنظمة

وبالنسبة لبيئة المشروع وحدوده Project environment & boundary وعلاقتهما بصانع القرار تعني تحديد مفهوم النظام لأن مصطلح البيئة يستخدم لغرض توضيح العلاقة مع أي شيء يقع خارج سيطرة صانع القرار والذي لا يزال يؤثر على سلوك ومخرجات (نتاجات) النظام. وتشمل البيئة على المجتمع الذي يعيش فيه والهواء الذي ننشقه والأفراد الذين نتعاون ونتعامل معهم وغير ذلك. لذلك، فإن النظام ينقسم من حيث البيئة التي يعمل بحدودها. ولغرض تحديد ماهية البيئة وأبعادها، يقوم صانع القرار عادة بتوجيه السؤال لنفسه: هل استطيع أن أعمل أي شيء بهذا الموضوع؟ أي بخصوص البيئة، وهل أنها ملائمة لحالتي والهدف الذي أسعى لتحقيقه؟ فإذا كانت الإجابة على السؤال الأول بكلا وعن السؤال الثاني بنعم، عندئذ فإن النظام هو جزءا من البيئة.
أما البيئة غير الملائمة Irrelevant environment فهي تشمل على جميع الأشياء التي لا تؤثر على النظام والتي لا تمثل أيضًا أية أهمية له.
3-1-2- هيكلة النظام:
ترتبط عناصر النظام وتفرعاته (النظم الفرعية) بعضها مع البعض الآخر بالعلاقات المتبادلة ما بينهما. وأن النمط أو الشكل الناتج عن هذه العلاقات يعود إلى ما يسمى بهيكلية النظام System structure . وتحدد الأداء الوظيفي وفاعلية النظام ما يسمى بملائمة ومطابقة الهيكل (أي هيكلة النظام) مع الهدف أو الغرض من النظام. وبذلك فإن معظم النظم لها هياكل تنظيمية هرمية الشكل وتحتوي على مستويات منظمة للعناصر الفرعية من النظم الفرعية وكذلك العناصر ضمن النظم الفرعية وهكذا. وخير مثال على ذلك، الهيكل التنظيمي المبين في الشكل (3/1).
ويمكن تمثيل الهيكل التنظيمي للنظام بالصيغة الشبكية Networking التي تبين عناصر وظائف النظام والطريقة التي تترابط بها بعضها مع البعض الآخر وتمثل العلاقات المتبادلة ما بينهما. وفي النمط الشبكي لهيكلة النظام تكون الروابط ما بين العناصر غالباً ما تمثل شيئاً ما. وأن معظم نظم المشروعات تمثل بكلا النمطين من التنظيم وهما الهيكل التنظيمي الهرمي والتنظيمي الشبكي. ويبين الشكل (3/2) هذين النمطين.
الشكل  (3/2) نماذج تمثل النظام في إدارة المشروعات
 
ويمثل الشكل (3/2-1) هيكلية المشروع بمفهوم التنظيم الهرمي للوظائف والمسئوليات، حيث أن النظام يمثل المشروع بأكمله وإدارته والنظم الفرعية يمثل الساحات الوظيفية الرئيسية وتفرعاتها ذات التخصصات الوظيفية الأصغر. أما الشكل (3/2-ب) فيمثل تدفق الأعمال (الفعاليات) بالتركيز على الزمن المستغرق لإنجاز الأعمال ولنفس المشروع. ويبدأ المشروع من الوظيفة (أو الفعالية) الأولى من الدائرة الأولى من جهة اليسار وينتهي بانتهاء الوظيفة الأخيرة بالدائرة الأخيرة من جهة اليمين.
المدخلات والعملية التحويلية والمخرجات:
تؤدي النظم -كما سبق القول- إلى عمل الأشياء من خلال تحويل المدخلات  إلى المخرجات Outputs من خلال ما يعرف بالعمليات التحويلية  .Conversion processes. ويبين الشكل (3/3) ما بين المدخلات والعملية والمخرجات. وتمثل المخرجات النتيجة النهائية للنظام وعموما فإنها تمثل الغرض الذي أنشاء النظام من أجله. وتحتوي جميع النظم على المخرجات المتعددة بما في ذلك تلك المخرجات الأساسية التي تساهم في تحقيق هدف النظام بالإضافة إلى المخرجات الحيادية ذات العلاقة بالنظام أو ببيئته أو تلك المخرجات التي لا تؤثر على النظام وهدفه.
الشكل (3/3) نموذج لمكونات النظام

وتتكون المدخلات من جميع الموارد مثل المواد والأفراد والمعدات وغيرها الضرورية لتشغيل النظام وإنتاج المخرجات التي تحقق أهداف النظام. وتشمل المدخلات على العوامل المسيطرة عليها Controllable factors من قبل إدارة النظام، بالإضافة إلى العوامل غير المسيطر عليها Uncontrollable factors مثل الطقس والظواهر الطبيعية Natural phenomena . وأن مدخلات النظام التي تنتج من النظام نفسه تسمى بالتغذية المرتجعة  Feedback التي تمثل فعالية السيطرة على النظام.
والمقصود بالعملية     Processهو قيام النظام بالتحويل المادي للمدخلات في هيئة المخرجات. أما البعد البالغ الأهمية عند تصميم النظام هو توليد العملية التي تنتج بفاعلية المخرجات المحددة بحيث تلبي أهداف النظام وكذلك تؤدي إلى تقليل المخرجات غير المفيدة - الفضلات Wasteful outputs والعمل على ترشيد استخدام المدخلات.
ففي التنظيم الهرمي حيث تنقسم النظم إلى النظم الفرعية وعناصرها، فإن النظم الفرعية تحتوي كل منها على المدخلات والعملية التحويلية والمخرجات التي تتكامل بطريقة ما. ويبين الشكل (3/1) مثل هذه الحالات.
3-2- المنظمة والمشروعات:
تعتبر المنظمة عبارة عن النظام الذي يطلق عليه المنظمة الفنية أو التقنو -السلوكية (الاجتماعية)  والتي تعني احتوائها على النظام الفرعي السلوكي المتمثل بالأفراد الذين قد ينتمون إلى مختلف الثقافات ولهم مهمات محددة. كما وتعتبر التكنولوجيا هي الأخرى نظاما فرعيا الذي يحتوي على المعدات والطاقات والأدوات والطرق والأساليب. وهنا لابد من التأكد على أن المنظمة لا يمكن أن تكون تمثل أحد هذين النظامين الفرعين لأن كل واحد منهما يعتمد على الآخر ويكمله. مما يتوجب تصميم الفعاليات السلوكية (الاجتماعية) وهيكلتها بصورة متكاملة وجعلها المظلة التي تحيط بالتكنولوجيا لأن الأخيرة تؤثر على أنماط المدخلات والمخرجات بالمنظمة. أما النظام الفرعي السلوكي Social subsystem  فإنه يحدد من فاعلية الانتفاع من التكنولوجيا بصورة أفضل. ويعتبر هذا أحد الأسباب في إدارة المشروعات البالغ الأهمية والذي يتطلب من إدارة المشروع كل العناية والإدارة للتعامل مع الأبعاد الاجتماعية بنفس الدرجة التي تتعامل بها مع التكنولوجيا أن لم تكن أكثر. والسبب في ذلك يعود إلى أن المورد البشري كان وسيبقى أهم مورد من الموارد المتاحة أينما تكون المنظمة ومدى حجمها. ولغرض الوصول إلى أهداف المشروع بانسيابية منتظمة، يقوم مديرو المشروعات بتطبيق النمط السلوكي ذاتيا في الحالات التي لا يكون فيها نظام فرعي سلوكي فعال.
ويوجد في المنظمة (أي كانت) وكما سبق القول في الفصل السابق، الهيكل التنظيمي الذي يجمع جميع الوحدات الإدارية بالمنظمة وكذلك يمثل العلاقات المتبادلة ما بين هذه الوحدات. ويشمل أيضًا الهيكل التنظيمي على كل من الهيكل الرسمي  Formal structure الذي يمثل المنظمة على شكل مخططات مثل الأعمال والأساليب، بالإضافة إلى أنه يمثل أنماط الصلاحيات وقنوات الاتصال. أما الهيكل التنظيمي غير الرسمي  Informal structure فيمثل الأساليب والأنماط المختلفة للأعمال وقنوات الاتصال التي تعتبر بمثابة التفرعات المساندة للهيكل التنظيمي الرسمي.
وإن الطريقة الوحيدة لعرض الهيكل التنظيمي الرسمي هي من مفهوم التخصصات الوظيفية المتمثلة بالنظم الفرعية الإدارية الوظيفية التالية:

  • النظام الفرعي التسويق.
  • النظام الفرعي العمليات.
  • النظام الفرعي الأفراد.
  • النظام الفرعي المالية.
  • النظام الفرعي البحث والتطوير.
  • النظام الفرعي إدارة المشروع.

والآن نتكلم ببعض التفصيل عن نظام إدارة المشروع.
نظام إدارة المشروع:
يتكون نظام إدارة المشروع من مجموعة من النظم الفرعية المترابطة بعضها مع البعض الآخر والمناسبة والتي تتمثل في خطة المشروع الكاملة بالإضافة إلى نمط التنظيم الذي ينسجم مع المسئولية نحو تحقيق الأداء الفعال. وتتكامل جميع النظم الفرعية في إدارة المشروع بعضها مع البعض الآخر مكونة النظام الكبير والشامل الذي يقوم بإدارة جميع الفعاليات الموجهة نحو إنجاز المشروع ضمن الخطة المحددة له. ويطلق على مثل هذا النظام « بنظام إدارة المشروع Project management system  ».
وتندمج النظم الفرعية في إدارة المشروع مثل النظام الفرعي للسيطرة على أعمال وفعاليات المشروع  Project control subsystem، والنظام الفرعي لتجميع المعلومات المتعلقة بالمشروع  Information collection subsystem. فالنظام الفرعي للسيطرة على أعمال وفعاليات المشروع -والذي سيتم الحديث عنه بالتفصيل من خلال الفصل الثامن من هذا الكتاب -يشتمل على المعايير Standards  والسياسات  Policies والأساليب Procedures، وكذلك قواعد القرارات والتقارير المطلوبة التي تتعلق بالمتابعة والسيطرة على تقدم العمل بالمشروع. ويكون لكل مشروع بغض النظر عن كبر حجمه ودرجة تعقيده، نظاما فرعيا يسمى بنظام السيطرة على فعاليات وأداء تقدم العمل بالمشروع والذي يركز على متابعة مراحل تنفيذ الفعاليات وإجراء المقارنات بين نتائجها وبين الأهداف والمعايير المحددة لها. ويقدم هذا النظام أيضًا المقترحات الهادفة إلى نمط الإجراءات التصحيحية الواجب اتخاذها لتصحيح الانحرافات التي تحدث أثناء تنفيذ فعاليات المشروع.
أما النظام الفرعي لتجميع ومعالجة البيانات والمعلومات المتعلقة بالمشروع -حيث سيتم الحديث عنه بالتفصيل من خلال الفصل القادم -فإنه يشتمل على البيانات المطلوبة (المتطلبات البيانية) والأساليب المستخدمة وكذلك تخزين البيانات والمعلومات ومعالجتها ومن ثم تقديم التقارير المعلوماتية عن كافة الأمور المتعلقة بتقدم العمل بالمشروع. ويهدف هذا النظام الفرعي إلى تجميع البيانات وعمل الخلاصات والتقارير المطلوبة نتيجة لتدفق المعلومات من النظم الفرعية الأخرى الداخلية ومن البيئة الخارجية وتقديمها إلى المدراء لكي تساعدهم في اتخاذ القرارات السلمية المناسبة.
ولغرض أن تكون إدارة  المشروع أكثر فاعلية وكفاءة، يتوجب عليها امتلاك النظم الفرعية للمعلومات والسيطرة على تقدم العمل بالمشروع. أن السيطرة على تنفيذ فعاليات المشروع بحسب الجدولة المقررة والحصول على المعلومات ذات الصلة بالوقت المطلوب تعتبر من الأمور البالغة الأهمية في تطبيقات السيطرة على تقدم العمل بالمشروع. كما وتعتبر أيضًا الإطار العام الذي يؤدي إلى تعظيم الانتفاع من المعلومات المفيدة والقيمة في عملية صنع القرار.
والطريقة الناجعة للتوسع في توضيح الغرض من النظم الفرعية ومواقعها في إدارة المشروع بالمنظمة هي دراسة علاقات هذه النظم مع الأنواع الأخرى من النظم الإدارية. وهنا لابد من التمييز ما بين النظم الإدارية الفرعية وذلك من خلال مستوياتها الثلاثة ذات الطابع الهرمي والمبينة في الشكل (3/4) (Nicholas,2001,p. 64). 
الشكل (3/4) نموذج هرمية النظم الإدارية
 
والآن نتكلم باختصار عن مكونات الشكل (3/4).
أولاً: المستوى الفني أو التشغيلي  Technical-operational level: والذي يقوم بإنتاج وتوزيع المنتجات والخدمات، وهذا يعني بأن العمليات تمتاز بالتكرارية والنمطية بموجب المعايير المحددة لها. كما وأن القرارات تكون بمعظمها مبرمجة Programmed decisions  استنادا إلى المعايير والسياسات والأساليب الموجودة.
ثانيًا: المستوى الرئيسي  Organizational level: الذي ينظم الأعمال والأنشطة في المستوى الفني -التشغيلي مما يجعلها مكملة بعضها للبعض الآخر. ويعمل هذا المستوى على تنسيق المدخلات والمخرجات ما بين النظم الإدارية الوظيفية الفرعية من جهة وتوزيع المعلومات إلى وحدة السيطرة على الفعاليات والمخرجات بالمستوى الفني -التشغيلي. وتكون القرارات في هذا المستوى مبرمجة، ألا أن معظمها تكون قرارات غير مبرمجة.
ثالثًا: المستوى القطاعي أو الأعلى  Institutional or highest level: حيث يمثل العلاقة ما بين فعاليات وأنشطة المنظمة والبيئة الخارجية. ويتعلق هذا المستوى بالإدارة العليا (المدير العام أو المدير التنفيذي) وأعضاء مجلس الإدارة، أي الإدارة العليا بالمنظمة لأنها المسئولة عن وضع الاستراتيجيات الموجهة نحو تحقيق الأهداف الاستراتيجية والابتكارات والتطور. وتكون القرارات في هذا المستوى من نمط القرارات غير المبرمجة (أو القرارات غير المهيكلة) حتما.
وتوجد فروقات كبيرة وحادة في الوظائف والتوجهات للمدراء في المستويات الثلاثة المارة الذكر في أعلاه. ففي المستوى الفني -التشغيلي، يكونوا المديرون على نمط ما يسمى « بالتركيز على الوظائف Task- oriented وتكون لديهم أهداف قصيرة الأمد. أما في المستويات الأخرى (المؤسسي والقطاعي)، يكون المديرون من نمط ما يسمى « بالتوجه نحو السياسات والاستراتيجيات » التي تعمل على تحقيق الأهداف البعيدة الأمد. وتعتبر وظيفة التخطيط الأساس في عملهم الوظيفي بالمنظمة لأنهم يوجهون الكثير من حالات عدم التأكد أو عدم اليقين Uncertainty لأنهم يتعاملون مع القوى الخارجية (البيئة الخارجية) التي تقع خارج حدود سيطرتهم عليها.
وتقع عادة إدارة المشروع (مديرو المشروعات) في المستوى المؤسسي (المستوى الثاني) من الشكل (3/4)، لأن الوظائف المهمة لنظام إدارة المشروع تقع في الوسط ما بين المستوين الأول وهو الفني -التشغيلي والمستوى القطاعي أو الكلي. وتقوم أيضًا إدارة المشروع بالتنسيق ما بين الوظائف والأعمال في المستوى الفني -التشغيلي. كما ويقوم أيضًا، مديرو المشروعات في تنفيذ فعاليات التخطيط والسيطرة على الأهداف المحددة من قبل الإدارة العليا بالإضافة إلى التنسيق ما بين الفعاليات المختلفة بالمشروع والتي تنفذ عادة من المساحات الوظيفية المختلفة.
3-3- المدخل النظمي في إدارة المشروع:
لقد تم الحديث في الفقرتين السابقتين من هذا الفصل عن نظم وطرق التفكير المستخدمة في تصوير وتحليل النظم المادية والمفاهيمية، ألا أن جزءا من نظم التفكير تسمى « المدخل النظمي Systems approach » التي ستكون موضوع النقاش هنا.
يعتبر المدخل النظمي الطريقة التي يتم بموجبها عمل الأشياء بدلاً من النظر إليها فقط. وتستخدم ثلاث طرق شائعة في تطبيق المدخل النظمي والتي تسمى « بمنهجيات النظام  system methodologies ، حيث سيتم شرحها بالتفصيل في الفقرات القادمة من هذا الفصل. ولكن طريقة من هذه الطرق نظاما متكاملاً، وهي تحليل النظم  وهندسة النظم   Systems engineering والنظام الثالث هو إدارة النظام Systems management . أضف إلى ذلك، أن الغرض والمدى لكل من هذه النظم الثلاثة يختلف الواحد عن الآخر، ألا أنها تتشارك بنظرة النظم للعالم.
وإن أهمية تطبيقات المدخل النظمي بالنسبة لمدراء المشروعات كبيرة لأنها تمثل المدخل الذي يستخدم في عملية إدارة المشروعات، حيث تزداد أهمية ذلك بخاصة في المشروعات الهندسية والفنية والإنشائية. وتأتي هذه الأهمية من أن الكثير من الخطوات والأساليب في إدارة المشروعات يجري توصيفها بالاستناد إلى منهجيات النظم المذكورة سلفا. فمن المعروف، بأن إدارة المشروعات بحاجة عند تنفيذها للمشروعات إلى الكثير من تطبيقات مدخل حل المشكلات approach  Problem - solving في تحليل النظم. وفي المشروعات الهندسية الكبيرة والمشروعات التطويرية.
فإن المدخل المستخدم بها يسمى « بهندسة النظم »، كما وأن معظم هذه المشروعات تدار بمثابة النظم مما جعلها تسمى « بإدارة النظم ».
والآن نتكلم بشيء من التفصيل عن عناصر المدخل النظمي في إدارة المشروعات.
3-3-1- الإطار العام للمدخل النظمي:
يعتبر المدخل النظمي -كما سبق القول- الإطار العام بمفهوم المسائل (أو المشكلات) باعتبارها النظام (أو النظم) الموجهة لعمل الأشياء مثل حل المسائل والمشكلات وكذلك تصميم النظم. وتستخدم في الإطار العام مفاهيم النظم ومكوناتها مثل العناصر والنظم الفرعية والعلاقات المتبادلة بينهما بالإضافة إلى البيئة. ويبين المدخل النظمي الصفة الشكلية التي تعود إلى سلوك أي من عناصر النظام وأثره. على العناصر الأخرى. والحقيقة هنا، بأنه لا يمكن للعنصر الواحد المنفرد من عناصر النظام من أن يعمل بفاعلية من دون مساعدة وشراكة العناصر الأخرى داخل النظام نفسه. وهذه الحقيقة تمثل الاعتمادية المتبادلة التي تبين المسبب والأثر effect Cause and  للعناصر التي هي بالحقيقة تكون الميزة الأساسية للمدخل النظمي.
ويقوم مدراء المشروعات الذين يستخدمون المدخل النظمي بتحديد عناصر النظام (المسألة أو المشكلة) في الحالة تحت الدراسة، وكذلك تحديد المدخلات والمخرجات وعناصرهما بالإضافة إلى تأثير البيئة على النظام نفسه. كما ويستطيع هؤلاء من تحديد تأثير المشكلة ونتائجها المتوقعة على إجراءاتهم التي يتخذونها في عملية الحل. ويقود هذا إلى اتخاذ القرار الأفضل والأسلوب الإداري الأفضل لأن هذا المدخل يؤدي إلى تقليل احتمال إهمال العناصر الضرورية في الحالة تحت الدراسة ونتائجها.
ويساعد المدخل النظمي على تركيز الاهتمام بصورة كبيرة على الهدف المحدد وكذلك التحول من التركيز على العنصر الأصغر الواحد بدلاً من التركيز على النظام بأكمله. ومثال على ذلك، يمكن النظر إلى النظام الجامعي بمعزل عن كياناته مثل نظم الطلبة والأقسام العلمية والإدارات المختلفة ونادي الخريجين وغيرها، حيث يتم اتخاذ الإجراءات الموجهة لكل منهما وإهمال العلاقات المتبادلة ما بين هذه الكيانات والبيئة. لأن الإجراءات التي تركز أساسا على الأجزاء فقط في النظام، تكون دوما بمثابة الحلول الشبيه بالأمثلية الفرعية Suboptimization لأنها تهمل المؤثرات الإيجابية لبقية الأجزاء. ومثال على ذلك، أن الترشيد في تعين أعضاء هيئة التدريس وبخاصة الكفوئين منهم يؤدي إلى تقليل كلف الأقسام العلمية والكليات نتيجة لزيادة أعداد الطلبة في الصفوف الدراسية، وبالمقابل يؤدي إلى تقليل الزمن المخصص للأبحاث العلمية من قبلهم وتقليل الالتزام بالمادة العلمية المقررة مما يؤدي بالتالي إلى انخفاض المستوى العلمي وغيره من الأمور.
3-2-2- تقييم الأداء:
يعتبر المدخل النظمي بالإضافة إلى كونه الطريقة التي يمكن النظر بها إلى المشكلة، فإنه يعتبر أيضًا المنهجية المستخدمة في حل المشكلات (المسائل) وإدارة النظم. وتمر عملية حل المشكلات بعدة خطوات في مجمل النظام، هي:
1- تحديد الأهداف ووضع المعايير القياس ليس فقط للمشكلات تحت الدراسة وإنما لأداء النظام بالكامل.
2- العوامل البيئية المحيطة بالنظام ومحدداته، أي القيود المحددة له.
3- موارد النظام المختلفة.
4- عناصر النظام ووظائفها وأهدافها وكذلك خصائص كل منهما بالإضافة إلى المعايير المستخدمة في قياس الأداء.
ففي بداية عملية التخطيط للمشروع (أو النظام) لابد من تحديد الأهداف الشاملة للنظام. ويمكن أن تزداد كلف المشروع إذا ما حدث خطأ ما في تقديرات موارد المشروع. لذلك، فإن المدخل النظمي يركز على التفكير حول الهدف الحقيقي للمشروع أو النظام والطرق الحقيقية المستخدمة في قياسه. وتستخدم إدارة المشروع هذا النمط من التفكير حيث تبدأ عادة من المهمة والهدف من المشروع (أو النظام) ومن ثم جميع الأعمال اللاحقة ذات الصلة به، حيث يتم تنظيمها وتوجيهاً نحو تحقيق ذلك الهدف، وعليه، لابد من تحديد الهدف بعناية ودقة كبيرتين وجعله قابل للقياس بمفهوم المعايير المحددة لقياس الأداء وهي ما تسمى بمتطلبات النظام. وبغض النظر، ما إذا كان الهدف ملموساً أو غير ذلك، فلابد من تحقيق البنية السليمة للمشروع بالإضافة إلى الأمور الأخرى مثل جودة مستلزمات الحياة والرفاهية بما في ذلك الجمالية. وهذا يعني تحديد المعايير الكمية والمعايير النوعية (غير الكمية) لقياس الأداء.
ويتوجب كذلك تحديد وتعريف بيئة النظام بالرغم من كونها تتلاءم مع أنظمتها الفرعية ومجموعاتها والأفراد الذين يؤثرون أو يتأثرون بالنظام بغض النظر ما إذا كانت هناك صعوبة في ذلك بسبب القوى الخارجية المختلفة والتي قد تكون مخفية (غير منظورة) والأعمال التي تؤثر بشكل أو بآخر. كما ويتوجب اختيار وتحديد الطريقة التي يكون فيها النظام يتفاعل مع البيئة مع إبراز المفردات المهمة مثل المدخلات والمخرجات والقيود المحددة للنظام. ويتوجب أيضًا على إدارة المشروع من أن تنظر إلى التشغيل ومتطلباته ضمن دورة حياة المشروع وإيجاد الحلول للتساؤلات التي تتعلق بالتغيرات المتوقعة والممكن حدوثها في المستقبل أو بالابتكارات المتعلقة بالبيئة وكيف يمكن لهذه التغيرات من أن تؤثر على النظام.
ويتوجب على إدارة المشروع أن تحدد الموارد الداخلية له (أو للنظام) التي تستخدم في تحقيق الهدف أو الأهداف، لأن مثل هذه الموجودات تستثمر من قبل المشروع أو النظام وتؤثر على مزاياها التي تتمتع بها مثل الأفراد والمعدات والمواد والأموال. فمن المعروف، بأن جميع موارد المشروع والموارد بشكل عام وهي تكون بطبيعتها، موارد محددة ويمكن أن تستثمر وتستهلك بصورة نهائية. وهذه الحالة تمثل القيود  مما يتطلب استخدام المدخل النظمي في حل المشكلات المتعلقة بوفرة الموارد وكيفية تعظيم الانتفاع الكامل منها.
وبالعودة إلى المفهوم الرابع أعلاه وهو عناصر النظام، يستخدم المدخل النظمي في تحديد الحدود أو الأبعاد التقليدية بالإضافة إلى تحديد وتعريف هذه العناصر. وأن استخدام هذا المدخل في إدارة المشروعات مثلاً يعرض المشروع بمفاهيم الكثير من العناصر لأن كل عنصر من هذه العناصر يمتاز بمعيار قياس أداءه مباشرة وعلاقته بالأداء العام للمشروع. وأن التقسيمات الوظيفية التقليدية مثل الأقسام الإدارية الوظيفية في الهيكل التنظيمي للمشروع، ترفض قبول القاعدة المسماة « بحزم العمل Work packages » أو بالحزم الوظيفية. وهذا ما يدعو إلى تجزئة المشروع إلى عناصر أصغر أو وظائف أصغر  Small tasks مما يساعد مدير المشروع على التأكد من أن تقدم العمل بالمشروع يسير بصورة منتظمة ووفق الخطة المقررة بالإضافة إلى نوع الإجراءات التصحيحية الضرورية الواجب اتخاذها.
وفي الختام، فإن المدخل النظمي يركز جل اهتمامه على إدارة النظام بمفهوم الوظيفية الإدارية التي تأخذ بالحسبان دراسة جميع أبعاد النظام مثل الأهداف والعوامل البيئية والقيود المحددة فيه. كما وتأخذ أيضًا الموارد والعناصر المستخدمة في عملية التخطيط والسيطرة على المشروع. وهذا يمثل الدور الأساسي لإدارة المشروع.
ويبين الشكل (3/5) الخطوات المتبعة في تطوير الخطط ودوراتها بالإضافة إلى التغذية المرتجعة فيها وتحليل النظام الذي سوف يجري الحديث عنه بالتفصيل بعد قليل. (Thomas, et .al., 1973, p. 216).
 
الشكل (3/5) خطوات منهجية بناء النظم
3-3-3- دورة حياة النظام:
تتغير النظم خلال دورة الحياة لأن هذه التغيرات قد تكون ذات الطابع النظمي نتيجة للتطورات المستمرة في مختلف مناحي الحياة، أو قد تكون جذرية وفجائية Evolutionary changes . وقد تم تمثيل دورة حياة النظام (أي كان) بدورة حياة الإنسان وهي تبدأ من الولادة وتنتهي بحسب مشيئة الله بنهايته. وهذه الدورة تأخذ الأنماط التالية: الولادة والنمو والنضوج والتدهور ومن ثم الوفاة. والنمط الآخر من دورة الحياة هي ما تسمى « بالنظم الكهرو - ميكانيكية « ·cycle  Electo- mechanical system » وأخيراً مرحلة الاندثار، كما مبين في الشكل (3/6).

الشكل (3/6) نموذج مبسط لدورة حياة النظام
 
وتمر جميع النظم والمشروعات بدورة الحياة المبينة في الشكل (3/6) وكذلك جميع المنتجات حيث تبدأ دورة الحياة من مرحلة التقديم ومرحلة تحقيق الحصة السوقية ومن ثم مرحلة التدهور وبالتالي مرحلة الاختفاء من السوق. وهذه الدورة تسمى بدورة حياة المنتج.
وأن تطوير المشروعات والنظم تمر أيضًا من خلال مجموعة من المراحل حيث تبدأ من مرحلة الفكرة الأولية والتقديم وتنتهي بمرحلة التركيب والنصب النهائي أو مرحلة إنجاز المشروع والنظام. وتكمن هنا الوظيفة الأساسية للمدخل النظمي في تحديد ومعرفة الصيغة المنطقية التي سوف تمر من خلالها جميع الإجراءات الموجهة نحو تطوير النظم بغض النظر ما إذا كانت هذه النظم هي مشروع إطلاق المنتج الجديد أو تشييد مستشفى أو غير ذلك. وتتبع المشروعات الكبيرة والمعقدة وكذلك مشروعات التطوير عملية محددة تسمى « بهندسة النظم Systems engineering » التي تستند على سلسلة منطقية من الإجراءات والخطوات المهيكلة المسماة « بدورة النظم System development cycle ». وسوف يتم الحديث بالتفصيل عن هذه المفاهيم في الفصل الخامس من هذا الكتاب.
3-4- نظم إدارة المشروعات:
تتكون نظم إدارة المشروعات -كما سبق القول- من النظم الفرعية الأساسية الثلاثة وهي:

  • نظام التحليل.
  • هندسة النظم.
  • إدارة النظم.

وفيما يلي نتكلم بشيء من التفصيل عن النظم الفرعية أعلاه.
3-4-1- تحليل النظام:
يعتبر تحليل النظام بمثابة الإطار العام لحل المسائل والمشكلات والذي يساعد صناع القرار على اختبار واختيار أفضل البدائل المتاحة في حل المشكلات والمسائل. ويعرف تحليل النظام على أنه « الاختيار النظمي للمشكلة أو المسألة حيث يكون فيها كل خطوة من خطوات التحليل قد نفذت أو عملت ضمنيا ». وبالمقابل، فهو النمط المعكوس لاستخدام أسلوب الحدس والإلهام غير المنتظم للوصول إلى القرارات، بالإضافة إلى بقاء الكثير من الآراء مخفية أو مجهولة (غير مصرح بها) في فكر صانع القرار أو مستثاره. وهذه الصفة التي تميز تحليل النظام عن الأشكال الأخرى المستخدمة في عالية التحليل، كما وتحدد بدقة وعناية عناصر التحليل.
ويركز تحليل النظام -كما مبين في الشكل (3/5)، فقط على جزءا من المدخل النظمي الشامل وبالتالي فإنه يكون محدود من حيث المدى مقارنة مع المدخل النظمي. وعموما، فإن مفهوم تحليل النظام (النظم) أكثر اتساعاً من بعض الوظائف مثل بحوث العمليات، وذلك بسبب كونه يغطي المشكلة أو المسألة مع صياغة هدفها. وتوجب أيضًا عدم الخلط ما بين تحليل النظم مع تحليل النظم باستخدام الحاسوب حيث تعتبر الأخيرة التطبيقات المحددة لنظام تحليل النظم في النظم المحوسبة.
عناصر تحليل النظام:
يستخدم تحليل النظام (أو النظم) في « نمذجة العملية Modeling process » والتي تساعد صناع القرار من فهم النظام وقياس البدائل المتاحة الممكنة لتحقيق الهدف أو الأهداف. ويعتبر النموذج Model  العرض المبسط للحالة بالإضافة إلى تقديم الخلاصة عنها من خلال المفردات الحيوية (المهمة) للمشكلة أو المسألة تحت الدراسة. وقد تأخذ المفردات صيغة « النموذج المادي  Physical model »، أو « الصياغة الرياضية Formulation Mathematical  » ، أو نموذج المحاكاة بالحاسب الالكتروني Computer simulation . كما ويمكن أن تكون مجرد كشف فحص المفردات (كشف المراجعة) Check list .
وتستخدم النماذج في تصميم التجارب Experiments design حيث أن الكثير من النظم قد تكون باهظة الثمن أو تمتاز بمستوى معين من المخاطرة مما يجعلها محدودة المنال في تصميم التجارب الواقعية. وتساعد أيضًا النماذج على تقييم البدائل المختلفة المتاحة ونتائجها قبل اتخاذ القرار. فمثلاً، يقوم المهندسون باستخدام نموذج الطائرة في اختبارات الممرات الهوائية في محاولة لتصميم البدائل وقياس فاعلية مؤشرات التصاميم المختلفة على الأداء. ويسمح النموذج الجيد من قيام محلل النظم من توجيه التساؤل « ماذا يحدث  What if ؟ ». ومثل هذه التساؤلات المشروطة في التحليل تهدف إلى التوسع في مناقشة الفرضيات وفاعليتها عند توقع حدوث التغيرات المختلفة في المدخلات. وتسمى هذه العملية « بتحليل الحساسية Sensitivity analysis ».
ويتوجب على محلل النظام عند بناء نماذج تحليل النظم بعدم تركيز اهتمامه فقط على النموذج نفسه وإنما على فاعلية النموذج في حل المشكلة أو المسألة تحت الدراسة. كما وأن معظم النماذج والأساليب المستخدمة في تحليل النظم هي نماذج كمية  Quantitative models ، ألا أن هذا لا يعني الاستغناء عن النماذج غير الكمية أو النوعية  Qualitative models ، لأن كلاهما يستخدمان في تحليل النظم بحسب الحالة والمتغيرات المراد قياسهما وغير ذلك من الأمور.
وهنا يظهر الدور الرئيسي (أو المركزي) للنموذج المستخدم وعلاقته مع العناصر الأخرى في تحليل النظام من خلال الأمور المدرجة في أدناه والتي تظهر في كل عملية تحليل للنظام تحت الدراسة.
1- الهدف (أو الأهداف): أن الوظيفة الأولى في تحليل النظم هي تحديد من هم صناع القرار وماذا يتوقعون من النتائج بعد الانتهاء من عملية حل المشكلة أو المسألة تحت الدراسة. وهذه التوقعات هي بمثابة الهدف (أو الأهداف) التي يجب أن تكون واضحة ودقيقة ومفهومة وقابلة للقياس.
2- المعيار (أو المعايير): يعتبر المعيار الأداة الفعالة لقياس الأداء والتي تساعد محلل النظم على تحديد المدى الذي سوف تحقق به الأهداف. كما ويعتبر المعيار (أو المعايير) القاعدة الأساس التي تستخدم في درجة ترتيب الأداء والحلول البديلة أو الإجراءات المتخذة في حل المشكلة أو المسألة. وتكون المعايير في إدارة المشروعات هي المتطلبات والمواصفات المحددة للمشروع Requirements and specifications .
3- البدائل: تعتبر البدائل  Alternatives بمثابة الحلول التي تتطلب الجهد الأكبر في حل المشكلات والمسائل وكذلك الإجراءات المتخذة في الوصول إلى الأهداف المحددة.والخطأ الشائع في الكثير من حالات تحليل النظام (أو النظم) يعود إلى التركيز على البدائل المعروفة وإهمال الحلول الإبداعية.
4- الموارد والقيود Resources and constraints : تعتبر الموارد وعناصر أو مكونات النظام مثل العمالة والرأسمال والمعدات والمواد وغيرها والتي يتوجب توفرها في حل المشكلة أو المسألة. أما القيود فهي عبارة عن عناصر النظام أو البيئة التي تقيد أو تحد (تعيق) تطبيقات النموذج بالكامل، أو تلك التي تسمى بالبدائل غير المقيدة للحل. وتحدد الموارد والقيود ما إذا كان المشروع ذا جدوى اقتصادية من جهة وتقليل عدد الحلول الممكنة والتي تحتاج إلى الجهد الكبير في حل المشكلات أو المسائل.
5- نموذج التحليل  Analysis model : من المعروف بأن النموذج (أي كان) المستخدم في حل المشكلات أو المسائل لا يمكن أن يغطي جميع العناصر المارة الذكر في أعلاه، لذا فإن نتاجات ومخرجات البدائل يمكن مقارنتها بمفهوم تحقيقها للأهداف. وكما سبق القول، فإن النماذج تتباين بشكل كبير تمتد من مجموعة النماذج الرياضية والبرمجيات المستخدمة في التحليل الكمي لتصل إلى التوصيف النوعي الذي يساعد في استخدام أسلوب التحكيم لوحده في اختيار البدائل الأفضل.
ويتوجب أن يستخدم النموذج الرياضي في المفاضلة ما بين البدائل المتاحة بمفاهيم كل من الكلف والمنافع  Cost and benefits concepts . والكلف عبارة عن الموارد التي عند استخدامها في البدائل (المشروعات) لا يمكن من استخدامها مرة أخرى في مكان آخر. أم المنافع فهي عبارة عن النتاجات ذات المنفعة العامة المتحققة من البدائل.
خطوات تحليل النظام:
تحتوي عملية تحليل النظم على المراحل الأربع المتداخلة بعضها مع البعض الآخر والمبينة في الشكل (3/7) والتي نتكلم عنها باختصار.
- المرحلة الأولى: الصياغة Formulation : وهي المرحلة التي يتم خلالها تحويل الأفكار المشوشة  Fuzzy ideas إلى مشكلات واضحة المعالم ومفهومة مع تحديد الأهداف ومعايير القياس لها. ويعتمد صانع القرار في بعض الأحيان على صياغة واضحة للمشكلة تحت الدراسة، في حين تكون المشكلة أو المسألة في حالات أخرى غير معروفة مما يتطلب قيام محلل النظام بالبدء من الصفر. وتبرز المشكلة بسبب الحاجة (الحاجات) والأمور التي غير راضي عنها صانع القرار. وأن النمط الشائع في صياغة المشكلة أو المسألة هو تحديد وتعريف الحاجات.
من الطبيعي بأن محلل النظم يجب أن يقوم أولاً بتحديد التعريف المناسب لصانع القرار، لأن هذا الأخير سوف يدعوا هو الآخر إلى تسمية المستهلك بغض النظر أن كان زبونا أو مستخدما للمشروع. وأن هذه الجهة ما إذا كانت  فرداً أو مجموعة أفراد، تكون غير راضية مع الحالة الحالية أو تتطلع إلى المستقبل لأنها تمتلك الصلاحية في اتخاذ الإجراءات المحددة حول ذلك. وفي ضوء ذلك، يقوم محلل النظام بالتعامل مع هذه الإجراءات وبعكسه يتدخل صانع القرار بذلك. وأن كثيرًا من محللي النظم يهملون من قبل صانع القرار بحجة أن هؤلاء يعملون بصفة صناع القرار بدلاً من مشاركة صناع القرار الحقيقيين.
- المرحلة الثانية: البحث: وخلال المرحلة الثانية -مرحلة البحث  Research ، يجري تجميع البيانات الضرورية وتهيئتها لعملية التحليل حيث يتم تحديد مكونات النظام والعلاقات المتبادلة مع النظم الفرعية الأخرى في النظام وكذلك مع البيئة الخارجية. كما ويتم أيضًا تحديد المعايير الضرورية ومتطلبات قياس الأداء، بالإضافة إلى تحديد الموارد والقيود والإجراءات البديلة التي يمكن أن تتخذ خلال عملية التحليل أو في ضوء نتائجها. وتصبح القيود في الغالب المتطلبات التي تحدد الحل بمعنى يتوجب أن لا تزيد الموارد عن السقوف أو المستويات المحددة لها.
 
الشكل (3/7) عناصر وعملية تحليل النظام
 
أن تحديد البدائل لا تعتبر دوما الطريقة الأفضل لحل المشكلات وبخاصة عندما يكون البديل الواحد المتاح غير ملائم مما يتطلب تطوير البديل الآخر. وتظهر مثل هذه الحالة عندما يكون الفريق (المجموعة) المتعددة الوظائف والمهام المستفيد أو المنتفع من ذلك. كما وأن استخدام الفرق المتعددة الوظائف والمهام سابقًا في عملية البحث عن البدائل المتاحة يعتبر في الكثير من الحالات ليس بذا جدوى وخاصة في التطبيقات المبكرة لتحليل النظام. وهذا لا يعني بأن فرق العمل المتعددة الوظائف والمهام لا تساهم في البحث عن البدائل وإنما على العكس من ذلك، فقد أثبتت الأيام والتطبيقات بأن هذه الفرق تلعب الدور الرئيسي في الكثير من العمليات الموجهة لحل المشكلات مثل مشروعات تطوير المنتج الجديد حيث أطلق عليها لاحقاً « بالهندسة المتزامنة   Concurrent engineering ».
- المرحلة الثالثة: التحليل والحكم  Analysis and judgment: يستخدم نموذج التحليل -كما سبق القول- في تطوير المقارنات ما بين البدائل المتاحة والمفاضلة بينهما وذلك في ضوء معايير القياس المناسبة. وهنا يتوجب عمل الخلاصات المتعلقة بنتائج المفاضلة ما بين البدائل المتاحة بهدف اختيار الإجراءات الضرورية المراد اتخاذها. وأن مثل هذا التحليل يتم من قبل محلل النظم، إلا أن الحكم النهائي يصدر من صانع القرار.
- المرحلة الرابعة: مرحلة التحقق Verification : وتعني تطبيق البديل الذي تم اختياره والإجراءات المتعلقة به وكذلك التحقق من النتائج التي تم التوصل إليها بعد تحليل النظام بهدف إجراء التقييم النهائي للنموذج. ويتم تجميع الوثائق والمستندات الرقمية للتحقيق من أن البديل المختار هو البديل الأكثر ملائمة لحل المشكلة أو المسألة تحت الدراسة. وأن الفروقات مهما كانت ما بين الأداء الفعلي وأهداف النظام تشير إلى الحاجة في استمرار عملية التحليل ومراجعة البدائل أو الفروقات في الأهداف المتحققة.
ويقوم محلل النظام في مثل هذه الحالة بإعادة التحليل لأن الأهداف قد تتعارض أو قد يكون من الصعب توضيحها وقياسها كميا، كما ويمكن أن لا تكون جميع البدائل مناسبة وقادرة على تحقيق الهدف المحدد. وهذا يعني، بأن على محلل النظام البحث عن النموذج المناسب لحل المشكلة أو المسألة تحت الدراسة، أو قد يغير صانع القرار رأيه في المشكلة وطريقة حلها. أن إجراء عملية التحليل لمرة واحدة غير كاف لذلك فمن الضروري إعادة دورة التحليل أو إعادة صياغة المشكلة واختيار أهداف ومعاير جديدة، مما يتطلب تجميع بيانات إضافية جديدة وكذلك تصميم البدائل الأخرى. وبعد إنجاز هذه الأعمال، يقوم محلل النظام بإعادة عملية التحليل وعمل الأوزان المناسبة للكلف والمنافع وغيرها من المؤشرات حتى الحصول على البديل الأفضل.
3-4-2- هندسة النظم:
المقصود بهندسة النظم هو علم تصميم النظم المعقدة بشكلها المتكامل والشامل وذلك للتأكد من  أن جميع المكونات من النظم الفرعية الداخلة بالنظام تعمل بنجاح على تكوين النظام، وقد تم تصميمها بصورة متقنة مما جعلها تتوافق بعضها مع البعض الآخر وتعمل بصورة كفوءة جدًّا. وخير مثال على ذلك، مشروع بناء محطات الفضاء والطائرات ومحطات توليد الطاقة الكهربائية وخطوط تجميع المركبات وغيرها. وتتكون مثل هذه النظم -المشروعات- من أعداد هائلة من المكونات والأجزاء والنظم الفرعية التي تترابط وتتوافق بعضها مع البعض الآخر بحيث تعمل سوية بمستوى عال من الأداء لأن عطل أو فشل أي من هذه الأجزاء قد يؤدي إلى عطل النظام بأكمله. وقد أطلق على مثل هذا النظام بما يسمى يجب أن تشتغل جميع النظم  «All systems should go ».
ولتحقيق مفهوم بأن جميع النظم يجب أن تعمل، يقوم مخطط النظام أولاً بتحديد أبعاد النظام المتكامل وتعريفه بالإضافة إلى تحديد أهدافه. وبعد ذلك، يتوجب على مصمم النظام القيام بتحليل جميع متطلبات النظام المتكامل ومن ثم تجزئة (تحليل النظام) هذه المتطلبات إلى النظم الفرعية الأصغر ومكونات النظام الفرعية. ويقوم المصممون أيضًا بتحدي هذه المكونات وتصميمها ومن ثم وضعها في مكانها داخل النظام المتكامل. وهذا يعني، بأن المصممون يقومون بتجميع المكونات والنظم الفرعية بعضها مع البعض الآخر وتجميعها بهدف بناء النظام المتكامل. وخير مثال على ذلك، تتكون السيارة من المكونات الفرعية الأساسية والنظم الفرعية مثل مجموعة المحرك وصندوق السرع ونظم التبريد والكهربة والتبريد والتكييف وغيرها. وأن كل من هذه المكونات والنظم الفرعية لها وظيفتها المحددة التي تتوافق مع المكونات الأخرى في أداء الهدف الأساسي للمركبة وهو الحركة والنقل.
ويمكن تطبيق هندسة النظم في تطوير جميع النظم بغض النظر عن كونها ملموسة أو غير ملموسة، أي أجهزة ومعدات Hardware أو البرمجيات Software. والتي من الممكن البدء بها من نقطة البداية (نقطة الصفر). ويعتبر تصميم النظام الجزء المركزي لهندسة النظم الذي يشمل على عملية تصميم معمارية النظام وتجزئة النظام System architecture إلى مكوناته ونظمه الفرعية وكذلك غالباً ما يتم تصميم الأجزاء أيضًا. وتستعرض معمارية النظام الصفات والخصائص العامة والشكل الهندسي لمستوى النظام. فمثلاً، أن المعمارية التقليدية للسيارة هي أربعة عجلات مع محرك يقع في المقدمة ومقاعد الجلوس تكون في وسط السيارة وهكذا. وتقود عملية تجزئة النظام إلى الآلية التي يجب أن يتجزأ النظام بموجبها إلى أجزائه وأن كل جزءا منها يمكن أن يصمم ويفحص بالإضافة إلى مكوناته على الانفراد. كما ويتوجب أن تتوافق وتتناغم جميع هذه الأجزاء والمكونات بحيث تعمل بصورة كفوءة مكونة النظام المتكامل.
وتمر عملية هندسة النظم من خلال الخطوات التالية: 
1- تحديد مفهوم النظام System concept ويعني توضيح المشكلة مع تثبيت الحاجة إلى بناء النظام مع تحديد قيمته الوظيفية بالإضافة إلى تحديد المهمة العامة أو الشاملة Overall mission والأهداف وكذلك المتطلبات الأساسية لتشغيل وصيانة النظام. 
2- تعريف النظام والتصميم الأولى له وهذا يعني تحديد الوظائف الأساسية للنظام وتجزئة هذا الوظائف إلى هيئة النظم الفرعية والمكونات له. كما وتشمل هذه الفعالية على أداء تحليل النظام بهدف تقييم بدائل التصميم وإعداد المواصفات المتعلقة بالتصميم Design specification.
3- التصميم التفصيلي وتطوير النظام: يتم في هذه الخطوة وضع التوصيف الكامل لجميع مفردات النظام ومكوناته بحيث تغطي جميع النظم الفرعية والوحدات الكاملة والنصف مجمعة Assemblies and subassemblies وكذلك تطوير النماذج الضرورية والأساليب التي سوف تستخدم في اختيار الأداء بالإضافة إلى تنفيذ تكامل التصميم (أو التصاميم) والإعداد لمرحلة بناء النظام القادمة. 
4- بناء النظام System production and fabrication: وهذا يعني تنفيذ العمليات المختلفة لبناء النظام  والعمليات الإنتاجية المصاحبة بهدف إنتاج النظام ومن ثم التحضير لعمليات تركيب ونصب النظام.
5- تشغيل النظام وإسناده System operations and support : ويجري في هذه الخطوة عملية فحص وتركيب النظام في البيئة التي سوف يشتغل بها أو ما تسمى بيئة المستخدم للنظام. ويجري أيضًا خلال هذه الخطوة تنفيذ عمليات الصيانة والتغبير Adjustment أن تطلب الأمر ذلك وتقديم الدعم الحقلي Field support ، بالإضافة إلى التحقق من أن جميع الأمور الضرورية في النظام تشتغل وفق الأهداف المحددة له خلال عمره الاقتصادي النافع  Economic useful life.
وخلال عملية هندسة النظام، يجري تكرار الأساليب المستخدمة في تقييم النظام بهدف التحقق من أن متطلبات النظام تعمل بصورة طبيعية وكفوءة وتلبي الأهداف المحددة لها. كما وأن معايير التصميم هي الأخرى تلبي المتطلبات المحددة وذلك من خلال التحقق من أن الوحدة المصنعة والمركبة تلبي معايير التصميم وأن النظام بالكامل يعمل وفق الظروف البيئية التي تحقق الرضا لدى المستخدم له. ويبين الشكل (3/8) مراحل عملية هندسة النظام.
 
الشكل (3/8) خطوات عملية هندسة النظام
 
3-4-3- إدارة النظم:
تعتبر إدارة النظم System management المجال التطبيقي الثالث للمدخل النظمي في إدارة وتشغيل المنظمات على اختلاف أنواعها وأشكالها باعتبارها نظم متكاملة. وتمتاز إدارة النظم بثلاث مزايا أساسية، هي كالآتي:
1- لأنها تعتبر النظام المتكامل والشامل الموجه على تحقيق النظام الكامل وأهدافه.
2- لأنها تركز على القرارات التي تهدف إلى تحقيق الأمثلية (الحلول المثلى) لمجمل النظام بدلاً من النظم الفرعية لوحدها.
3- لأنها تعتبر ذات المسئولية الموجهة.
وتحدد لكل مدرير من مدراء الوحدات الإدارية الوظيفية التي تمثل نظاما فرعيا -كما سبق القول- في المنظمة الواجبات والصلاحيات المخصصة لكيانه الوظيفي مما يجعل المدخلات والمخرجات والمساهمات في أداء النظام الشامل قابلة للقياس.
وتعمل إدارة النظم على التحقق من أن المنظمة (المنظمات) والمسئوليات والمعرفة بالإضافة إلى البيانات، جميعها متكاملة وتعمل على تحقيق الأهداف الرئيسية للمنظمة. وهذا يتطلب قيام مدير إدارة النظم بدراسة العلاقات والاعتمادية المتبادلة ما بين النظم الفرعية المختلفة ومدى ملاءمتها للبيئة التي تعمل فيها (بيئة المنظمة). كما ويتوجب تشخيص الاعتماديات المتبادلة Interdependencies ما بين الوحدات الإدارية الوظيفية -النظم الفرعية - وكذلك تخطيط وتحديد الإجراءات التي يمكن اتخاذها بهدف تعظيم أداء هذه الوحدات.
وخلاصة القول، يمكن توضيح العلاقة ما بين إدارة النظم وتحليل النظم وكذلك هندسة النظم من المفاهيم المتعلقة بالوهلة (الحصة) الزمنية التي يجري تطبيق هذه المفاهيم خلال دورة حياة النظام أو المشروع. وتؤدي إدارة النظم الوظائف الأساسية للإدارة مثل التخطيط والتنظيم والسيطرة خلال عمر النظام أو المشروع، ألا أن التركيز هنا يبقى على التنسيق والتكامل ما بين الوظائف بدلاً من الأداء الفعلي لها.
وأخيراً، فإن إدارة النظم تلتزم بتحديد متطلبات النظام الشامل والسيطرة على تنفيذ المتطلبات والتصميم وتعمل أيضًا على تكامل الجهود الفنية نحو تطوير أساليب تجميع وتحليل البيانات وجميع عمليات التوثيق كما وتطبق إدارة النظم خلال الدورة الكاملة لعمر النظام أو المشروع. وفي ضوء ذلك، يمكن التأشير هنا بأن إدارة النظم تخدم هدفين واسعين في آن واحد، هما:

  • إدارة نظم التطوير Systems development management التي تستخدم في تطوير ونمو النظام وتسمى بإدارة عملية التطوير.
  • إدارة نظم العمليات Systems operations management وتعني تطوير التشغيل الفعلي للنظام أو الكيفية التي يتوجب أن يشتغل النظام فعلياً في البيئة المحيطة بالمنظمة.

المرجع:
كتاب : إدارة المشروعات العامة General Project Management ، من تأليف أ. د. عبد الستار محمد العالي، من إصدار دار المسيرة ، عمان.

تحميل محتوى الصفحة رجوع