الأهداف الدراسية للمقال
بعد دراسة هذا المقال يؤمل أن يكون القارئ قادرا على :
1-فهم المرتكزات الأساسية التي تعتمد عليها عملية تنظيم المشروع وكيف تختلف عن المنظمة الوظيفية.
2-معرفة الأشكال التنظيمية السائدة في المشاريع وأهمها:
* المشروع كجزء من التنظيم الوظيفي Functional Project
* المشروع المستقل Pure Project
* مشروع المصفوفة Matrix Project
3-تحديد إيجابيات وسلبيات كل شكل من هذه الأشكال التنظيمية.
4-معرفة الخطوات الواجب اتباعها عند تحديد الشكل التنظيمي المناسب للمشروع.
ا4-1 تمهيد
التنظيم هو أداة تستخدمها المنظمات في الوصول إلى أهدافها، وقد تناولت الأدبيات المتخصصة في علم الإدارة موضوع التنظيم بالتفصيل وركزت على كافة الجوانب المتعلقة بذلك في المنظمات الوظيفية. ولهذا فإننا في هذا الفصل سنركز على التنظيم في المشاريع انطلاقا من المرتكزات التالية:
1-لم تعد الأشكال التنظيمية التقليدية المستخدمة في المنظمات الوظيفية ملائمة لاستخدامها في المشاريع في بيئة الأعمال المعاصرة والتي تمتاز بالتعقيد الشديد والديناميكية العالية، ففي هذه البيئة يتم طرح كم هائل من المنتجات (سلع وخدمات) والعمليات والأفكار لمواكبة التغير الدائم في رغبات الزبائن والتنافس للحصول على رضاهم، إضافة إلى التطور الهائل في الإمكانات التكنولوجية واستخدامها داخل المنظمات، الأمر الذي جعل الهياكل التنظيمية التقليدية غير قادرة على الصمود أمام متطلبات التغيير، وأصبح المدراء في المراتب الإدارية العليا غير واثقين من قدرتهم على فهم الأنشطة والسيطرة عليها في المنظمة، وأوجد الحاجة إلى وجود أشكال تنظيمية مبتكرة تمكن المشاريع من النجاح في الوصول إلى أهدافها في بيئة الأعمال المعاصرة.
2-إن تنظيم المشروع يقصد به الطريقة التي تستخدم لضم المشروع إلى البناء التنظيمي في المنظمة الأم، أو كما يقال كيف تثبت المشروع في المنظمة الأم التي ينتمي إليها المشروع؟ ونتمكن بالتالي من تحديد طبيعة المسؤوليات والصلاحيات في المشروع ومدى تكاملها مع الأقسام الوظيفية الأخرى ومع المستويات الإدارية المختلفة في المنظمة الأم.
3-إن تنظيم المشروع يقصد به أيضاً تصميم البناء التنظيمي الداخلي للمشروع عن طريق توزيع الواجبات والمسؤوليات والسلطات على العاملين في المشروع، وتحديد القواعد والأصول وإجراءات العمل الرسمية المتبعة في تنفيذ الواجبات والأدوار، وتطوير نظام الاتصال والرقابة وكتابة التقارير بين المستويات الإدارية المختلفة، بما يحقق أفضل صيغة (أداة) تساعد المشروع في الاستجابة للمتغيرات البيئية بطريقة كفؤة وفاعلة تمكن المنظمة الأم من الوصول إلى أهدافها.
4-2 أنواع الأشكال التنظيمية في المشاريع project Organizational Forms
4-2-1 المشروع كجزء من التنظيم الوظيفي part of Functional Organization
وفي هذا النوع يكون المشروع تابعا لأحد الأقسام الوظيفية الأساسية في الشركة ويحال تنفيذه على القسم الذي يكون أكثر تخصصا في طبيعة المشروع في المطروح للتنفيذ. فإذا أرادت كلية العلوم الإدارية والمالية في إحدى الجامعات إنشاء قسم دراسات عليا في تخصيص إدارة الأعمال مثلا، فإنها ستقوم بتحويل هذا المشروع إلى قسم إدارة الأعمال ليتولى متابعة تنفيذه، وإذا كان مشروع دراسات عليا في تخصص المحاسبة فسوف يتم تحويله إلى قسم المحاسبة ... وهكذا. مثال آخر لو أرادت إحدى شركات الأعمال تنفيذ مشروع فتح سوق جديدة لمنتجاتها فمن الأفضل ضم هذا المشروع إلى قسم التسويق، وإذا أرادت أن تقوم بحوسبة القيود والأعمال المحاسبية فمن الأفضل ضمن هذا المشروع إلى قسم المحاسبة وهكذا. ويوضح الشكل 4-1 تثبيت مشروع تطوير منتج جديد في إدارة الإنتاج والعمليات، ومشروع فتح سوق جديدة في إدارة التسويق والمبيعات في إحدى الشركات.
إيجابيات أن يكون المشروع جزء من التنظيم الوظيفي
* مرونة عالية في استخدام العاملين لأن المدير الوظيفي كونه المسؤول الأول عن المشروع، فإنه سيخسر كل الكفاءات في القسم لإنجاح المشروع.
* الانتفاع من الخبرات الضرورية في أكثر من مشروع، عندما يحال أكثر من مشروع للقسم.
* سهولة تبادل الخبرات والمعرفة بين الخبراء لأنهم يعملون في نفس القسم.
* جعل الأقسام الوظيفية هي قاعدة التطور (مصدر الخبرة والتقدم التقني في الشركة).
* تطوير المسار الوظيفي للأفراد الذي يملكون الخبرات والمعرفة من خلال وظائفهم ومن داخل أقسامهم الرئيسية.
سلبيات احتضان المشروع في الأقسام الوظيفية
* أحد العيوب الأساسية في هذا النوع من تنظيم المشروع هو أن الزبون (العميل) لا يكون محور الاهتمام وبؤرة التركيز، لأن العاملين في القسم لديهم مسؤوليات أخرى غير المشروع يريدون إنجازها أيضاً .
* حصول تشويش في الأدوار وفي تحميل المسؤوليات عن أداء المشروع بسبب عدم وجود شخص واحد مسؤول مسؤولية كاملة عن المشروع، حتى يقوم بمحاسبة العاملين عن التقصير والفشل.
* بطء الاستجابة لمتطلبات المشروع (وحاجات العميل) بسبب وجود مستويات إدارية متعددة (طبقات) في الأقسام الوظيفية تؤدي إلى تأخير القرارات وبطء الإجراءات.
* ضعف عملية حث وتحفيز العاملين بسبب عدم وجود مسؤول أول عن المشروع من جهة ومن جهة أخرى فإن العاملين يكون لديهم مسؤوليات أخرى غير المشروع مما يؤثر على الأداء والنتائج.
* عدم صلاحية هذا الشكل التنظيمي للمشاريع الكبيرة والضخمة والمعقدة مثل تطوير طائرة، أو سفينة ... الخ.
4-2-2 تنظيم المشروع الصرف (المستقل) pure Project Organization
* في هذا النوع يكون المشروع منفصلا عن بقية أقسام المنظمة الأم، ويقوم على شكل وحدة مستقلة ومحتواة ذاتيا Self Contained أي أن له طاقم فني مستقل، وإدارة مستقلة ويرتبط بالمنظمة الأم عن طريق التقارير الدورية، وعن طريق مدير المشروع.
* بعض المنظمات الأم تساهم في الإشراف على الأمور الإدارية والمالية والبشرية والرقابية على المشروع، ولكن بعضها الآخر يمنح المشروع استقلالا ذاتيا وحرية في التصرف بشرط أن يكون مسؤولا ومحاسبا أمام المنظمة الأم عن نتائج أعماله وتحقيق أهدافه.
شكل 4-2
تنظيم المشروع المستقل (الصرف)
إيجابيات المشروع الصرف (المستقل)
* يكون لمدير المشروع سلطة كامل على المشروع.
* يكون جميع أفراد المشروع مسؤولين مسؤولية مباشرة أمام مدير المشروع.
* عندما يتم فصل المشروع عن الأقسام الوظيفية فإن خطوط الاتصال تصبح أقصر، وهذا يسرع الأداء.
* في حال وجود مشاريع عديدة ومتتابعة من نفس النوع، فإن المشروع الصرف يمكن أن يحتفظ بكادرهم دائم من الخبراء في ذلك المجال.
* يميل فريق المشروع لتشكيل هوية مستقلة وقوية، تساهم في حث أعضاء الفريق على الأداء المرتفع والتوجه نحو تحقيق الهدف.
* نظرا لوجود سلطة مركزية في المشروع، فإن ذلك يعزز القدرة على اتخاذ القرارات السريعة والمفاجئة وسرعة الاستجابة لطلبات الزبائن.
* في المشروع الصرف تتحقق وحدة الأمر Unity of Command وبالتالي يتأكد العاملون أن تطور مسارهم الوظيفي مرتبط بنجاح المشروع وتقارير مدير المشروع عن أعمالهم.
* في المشروع الصرف تكون الهياكل بسيطة ومرنة تسهل في فهم العمل والاستجابة للمتغيرات.
سلبيات المشروع والصرف (المستقل)
* ازدواجية الوظائف Dupolcation: لأن المنظمة الأم يكون لديها واحد أو أكثر من المشاريع، إن وظائف العمل يتم تكرارها، لأنكل مشروع من المشاريع الصرفة بحاجة إلى تزويده بالطاقم الوظيفي الخاص به ابتداء من الموظفين الإداريين البسطاء وانتهاء بأعقد وظائف الدعم الفني الأمر الذي يؤدي إلى حصول ازدواجية في الوظائف Duplication.
* تخزين المستلزمات Stockpiling: في المشروع الصرف ولضمان النجاح والوصول للأهداف فإن مدير المشروع مضطر للاحتفاظ بالخبرات والأفراد والمعدات والتجهيزات حتى لا يصلح إعاقة في عمل المشروع وهذا يؤدي إلى تجميد وتخزين هذه المستلزمات Stockpiling.
* لأن الأقسام الوظيفية في المنظمة الأم تبقى هي مخزن الخبرات التقنية منبع المعرفة الفنية، فإن الدخول إليها والاستفادة منها لا يكون متاحا في حالة المشروع المستقل.
* مرض الارتباط بالمشروع Projectitics: في حال المشروع الصرف، فإن فريق العمل ينسج علاقات وروابط قوية داخل الفريق الأمر الذي يؤدي إلى حصول حواجز ينتج عنها صراع بين أعضاء المشروع وبين أعضاء المنظمة الأم، أو أعضاء المشاريع الأخرى وهذا يؤدي إلى حدوث صراع سلبي ينتج عنه مرض يسمى projectitics.
* أحد الأعراض السلبية لمرض Projectics أيضاً هي حالة القلق بين أعضاء فريق المشروع على مستقبلهم الوظيفي بعد إنهاء المشروع، وهل سيتوفر لهم مكان للعمل فيه في الشركة أم أنه سيتم الاستغناء عنهم بعد تسليم المشروع.
4-2-3 تنظيم المصفوفة Matrix Organization
ويمثل هذا النوع خليط من الهيكل التنظيمي الوظيفي ومن هيكل تنظيم المشروع الصرف، بحيث يتم الاستفادة من بعض ميزات كل منها والتخلص من بعض العيوب أيضاً .
شكل 4-3
مشروع المصفوفة
أنواع تنظيم المصفوفة
* في حال المصفوفة القوية Strong Matrix، وتسمى أيضاً مصفوفة المشروع project Matrix تكون خصائص المصفوفة أقرب إلى المشروع الصرف ولكن ضمن المنظمة الأم.
* في حال المصفوفة الوظيفية Functional Matrix، وتسمى أيضاً المصفوفة الضعيفة Weak Matrix فإن خصائص هذه المصفوفة تكون أقرب إلى المشروع الوظيفي ولكنه يتمتع بجزء من استقلال المشروع الصرف.
* في حالة المصفوفة المتوازنة Balanced Matrix، فإن خصائصها تقع بين النوعين السابقين.
مزايا تنظم المصفوفة
* يكون المشروع هو نقطة التركيز Point of Emphasis بسبب وجود مدير متفرغ للمشروع كما أن الأفراد الذين يتم فرزهم من الوظائف يعملون تحت مسؤولية لإنجاز الأهداف.
* لأن المشروع يعتمد في توفير الكفاءات على الأقسام الوظيفية، فإنه يكون متاح له استخدام مخزن الخبرات والكفاءات الموجودة في الوظائف بحرية أكبر.
* لأن العاملين في المشروع يتم انتدابهم من وظائف للمشروع، فإنهم يكونون أقل قلقا على مستقبلهم بعد انتهاء المشروع، لأنهم سيعودون لمواقع عملهم الأصلية.
* أيضاً لأنهم منتدبون للعمل في المشروع، فهم متفرغون لتحقيق أهداف المشروع وعلى رأسها الاستجابة لاحتياجات العميل.
* لأن أفراد المشروع هم من الوظائف المختلفة في المنظمة الأم ويتصلون بزملائهم في بقية الأقسام، فإن الاتساق Consistency والتكامل Integration يكون أفضل ويتوحد العاملون لتحقيق الأهداف المشتركة، وتتبع إجراءات العمل الرسمية في المنظمة الأم.
* يساعد تنظيم المصفوفة في وحدة الهدف، والتجانس الثقافي والمصلحي وتقليل الصراعات في المنظمة الأم.
سلبيات تنظيم المصفوفة
* تعاني مشروعات تنظيم المصفوفة من مشكلة توازن القوة بين المدير الوظيفي ومدير المشروع، ففي المصفوفات القوية تكون القوة والسلطة أكبر بيد مدير المشروع وفي المصفوفات الضعيفة تكون القوة أكبر بيد المدير الوظيفي، أما في حال المصفوفة المتوازنة فيصبح هذا الموضوع إشكاليا ومعقدا ومثيرا للخلاف والصراعات.
* في تنظيم المصفوفة تثير عملية تحريك الموارد من مشروع إلى آخر بعض الصراعات السياسية الداخلية في الشركة، لأن كل مدير مشروع يريد أن يستحوذ على الموارد بغرض تحقيق الأهداف الخاصة بمشروعه، فينشأ عن ذلك صراعا بين المشاريع التابعة للمنظمة.
* طريقة الإدارة في تنظيم ا لمصفوفة تشكل خرقا لمبدأ إداري اسمه وحدة القيادة Unity of Command لأن العاملين في المشروع يكون لهم مديرين، مدير المشروع والمدير الوظيفي، وعندما يكون للموظف مديرين فإن هذا يكون مربكا ويؤدي لحصول بعض الفوضى والتشتت.
4.3 اختيار الصيغة التنظيمية للمشروع Selection of Project Organizational Form
لا توجد صيغة تعتبر هي الأمثل لاختيار الشكل التنظيمي للمشروع، لأن ذلك يعتمد على الوقائع مثل طبيعة المشروع، الخيارات التنظيمية المتاحة، إيجابيات وسلبيات كل خيار وما هو التوجه الثقافي للمنظمة الأم ومن ثم تتم الموائمة والمقارنة بين هذه الخيارات بهدف الوصول للخيار الأفضل. ولكن بالرغم من ذلك فإن هناك معايير يمكن الاعتماد عليها لاختيار الشكل التنظيمي الأنسب للمشروع.
1-تعريف المشروع عن طريق صياغة الأهداف التي تحدد نوع المخرجات المرغوبة.
2-تحديد المهمات الأساسية Tasks المرتبطة بكل هدف، وتحديد الأقسام الوظيفية في المنظمة الأم التي تصلح لإنجاز هذه المهمات (توطين المهمات في الوظائف).
3-ترتيب المهمات الأساسية حسب التتابع (تتابع التنفيذ) وتجزئتها إلى حزم عمل Work Packages.
4-تحديد الوحدات لتي ستقوم بأداء حزم العمل في المنظمة الأم، بالإضافة لتحديد الوحدات التي ستعمل معا (ستكون متقاربة) عند تنفيذ هذه الحزم.
5-إعداد قائمة الخصائص المميزة والاقتراحات المتعلقة بالمشروع مثل مستوى التقنية المطلوب، طول مدة المشروع، حجم المشروع، المشاكل السياسية المتوقع أن تواجه المشروع بين مختلف الوظائف.
6-بعد ذلك ستتضح الصورة، هل المهمات وحزم العمل والخصائص الأخرى تجمعت في وظيفة معينة فيكو الشكل الأنسب هو التنظيم الوظيفي، أم أنها تتقاطع مع مجموعة وظائف فيكون الشكل الأنسب هو تنظيم المصفوفة، أم أنه من الصعب أداءها إلا بشكل مستقل فيكون الشكل الأنسب هو التنظيم المستقل.
أسئلة المقال
1-هناك فوارق في المرتكزات التي يتم الاعتماد عليها لاختيار نوع التنظيم في المشروع عن المنظمة الوظيفية. اشرح هذه العبارة؟
2-اشرح بالرسم الشكل التنظيمي للمشروع عندما يكون جزءا من التنظيم الوظيفي، مع ذكر إيجابيات وسلبيات هذا النوع؟
3-هناك مجموعة من السلبيات لاختيار التنظيم المستقل للمشروع، اشرحها باختصار؟
4-ما هي أنواع تنظيم المصفوفة في المشاريع؟
5-لقد جاء تنظيم المصفوفة في المشروع ليؤكد بعض الإيجابيات ويعالج بعض السلبيات في كل من مشروع التنظيم المستقل والمشروع كجزء من التنظيم الوظيفي، اشرح هذه العبارة؟
6-أي الأشكال التنظيمية للمشروع تعتقد أنها الأنسب؟ دافع عن اختيارك؟
7-اذكر خطوات اختيار الشكل التنظيمي الأنسب للمشروع؟
المرجع:
كتاب : إدارة المشاريع المعاصرة Contemporary Project Management ، منهج متكامل في إدارة المشاريع ، من تأليف د. موسى أحمد خير الدين، من إصدار دار وائل للنشر ، الطبعة الثانية 2014 .