د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

د. محمد العامري

مدرب معتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

خبير استشاري معتمد

مختص في علم النفس الإداري

كبير مدققي الجودة

محلل تلفزيوني وإذاعي مرخص

السلطة والسياسات

إن الوقود الذي يقود السياسات هو السلطة. وتعرف السلطة بشكل عام على أنها القابلية التي لدى شخص ما للتأثير أو السيطرة على الآخرين.

July 14, 2024 عدد المشاهدات : 747

في أي محاولة لتنظيم الأشخاص للقيام بأي شيء، سواء كان إجراء حفلة، أو تأسيس شركة، ستجد أن هناك سلوكيات ورغبات ومهارات مختلفة عند الأفراد الذين تتعامل معهم. إن هذا يعني أنه بغض النظر عن مدى ذكاء أو موهبة القائد في إدارة المشروع، سيكون هناك دائماً أشخاص لا يحصلون على كل ما يريدونه. ولكن، هناك غزيرة طبيعية عند الأشخاص الطموحين وأصحاب الدوافع لتجريب والحصول على ما يريدونه عبر التأثير على أصحاب السلطة لتحقيقه. إن هذا بأبسط تفسير يمكن وضعه ضمن مقطع، يشرح سبب وجود السياسات. حيث إن اختبارنا للانزعاج والتحديات بسبب الحالات السياسية هي طبيعة بشرية مكتسبة في العلاقات بين أعضاء المجموعات.

وقد قال Aristotile « إن الإنسان هو كائن سياسي » وهذا جزء مما عناه
« كل إجراء إداري هو إجراء سياسي. وأعني بهذا أن كل إجراء إداري يعيد توزيع أو فرض القوى بطريقة ما » Richard Farson
إدارة اللامنطقية: تناقضات القيادة (Simon and Schuster, 1996)

إن الوقود الذي يقود السياسات هو السلطة. وتعرف السلطة بشكل عام على أنها القابلية التي لدى شخص ما للتأثير أو السيطرة على الآخرين. وبينما نميل لأن نعرف الهرميات التنظيمية لندرك من الذي يتمتع بالسلطة ومن لا يملكها، إلا أن هيكليات السلطة لا تتطابق مباشرة مع تلك الهرميات، فالسلطة المكتسبة تختلف عن السلطة الممنوحة. فالشخص القادر على إقناع الأشخاص المناسبين في الوقت المناسب ويطبق معرفته على حل الأمور بما يرضي الجميع، يمكن أن يكون ذا سلطة في منظمته أكبر من رؤسائه - وأحياناً دون أن يدركوا هم ذلك. 
تضيف هذه الحقيقة تعقيدا إضافياً إلى السياسات التنظيمية، حيث إن الأفراد عندهم حرية المحاولة وصقل السلطة بشكل مستقل عن الهرمية. ولكي نجعل هذا أكثر صعوبة، تبعاً لموضوع أو قرار معين، يتم توزيع السلطة بشكل مختلف عبر الفريق.  فقد يكون لدى هاني السلطة الأكبر في القرارات الهندسية، بينما تكون هذه السلطة الكبيرة من حق ماهر في قرارات الأعمال. وبالمجموع، فإن تعقيدية منظمات المشاريع التقليدية تشكل فرصا سياسية، لكنها تخلق أيضًا تنافسا على السلطة والتأثير بدون شك. 
إن هذا يعني شيئين، لمدراء المشاريع. الأول أنه سيكون هناك تأثيرات سياسية ستؤثر عليك مهما توفر لك من نفوذ أو حصانة. والثاني أن النفوذ والسياسات هي جزء موروث من القيادة والإدارة. وعليك أن تدرك على الأقل كيف تعمل الأنظمة السياسية، إذا أردت إزالة تأثيراتها السلبية، إذ لم تستطع تحسين تأثيراتها الإيجابية. سوف يقدم هذا الفصل دروسا جوهرية عن سياسات المشاريع المطبقة. وسوف أغطي كيفية تشخيص المجال السياسي الذي أنت فيه، والحالات الشائعة، وسبب حدوثها، وكيف تحل مشكلات السلطة والسياسة.
اليوم الذي أصبحت فيه سياسيًّا
إن الدرس الأساسي الأول عن سياسات المنظمات حصل معي عام 1997 من قبل Chris Jones، الذي كان حينها مديرا برمجيا لمجموعة مستكشف الإنترنت، حيث مرت المجموعة بشهرين من الاضطرابات وإعادة التنظيم وتغييرات الاتجاهات الكثيرة، دون أن تستقر الأمور. لقد كان هناك دور مهم بالتحديد في الفريق - مسئولية ميزة تدعي الأقنية (إن جزءا من [تقنية الدفع] قد سببت الاضطراب في حروب المستعرض) - لم تسر كما يجب. لقد كانت تلك المهمة بالغة الحساسية في خططنا، وبسبب الإدارة الضعيفة لها، فقد تأثر كل الفريق بذلك سلبياً. لقد انزعجنا أنا والكثير من زملائي، لكننا لم نعرف ماذا نفعل من أجلها. وبسبب شعورنا بأننا لا نملك السلطة، فقد ألقينا اللوم الأكبر على سياسات إدارة الفريق. ولجعل الأمور أسوأ، في ذلك الوقت، فقد كانت نظرتي هي الأشد تطرفا عن السياسات التنظيمية، وقد كانت شيئاً يشبه التعريف التالي:
السياسات (اسم): هي الأشياء الشريرة والضعيفة والانتهازية التي يقوم بها الناس. 
لم أعرف بالضبط ما تلك الأشياء، أو كيف كانت تنفذ، لكنني كنت متأكدا أن الأشخاص الشريرين والانتهازيين في الفريق (مهما كانوا) يقومون بها. لم أستطع تعريفها بدقة لأن تقييم للناس، في ذلك الوقت، كان ضمن صفتين: ذكي وغبي. لقد كنت متعجرفا ومتجاهلا (من المثير كيف تتوافق الصفتان معاً)، إلا أن تحصيلي الجيد من ذلك الفشل كان أنني حصلت على أفضل آراء Chris، وأن حسن حظي كان بوجود مكتبي إلى جانب مكتبه. لقد توقفت ذات يوم عند مكتبه، بينما كنت قلقا ومنزعجا بسبب حالة الفريق، وأخبرته عن قلقي تجاه المجموعة، وقد أصغى إلي بصبر، واقترح أن نتحدث أثناء تناول الغداء معاً. 
لقد فاجأني إلى درجة كبيرة أثناء الغداء -فقد أخبرني بأشياء مما كنت أتوقع سماعه. فقد وصف الحالة من وجهة نظره، وأخبرني فقط ما يكفي من التفاصيل ليمكنني استيعاب المشكلات الأساسية، دون أن يخون ثقة الأعضاء الآخرين في منظمته. لقد وصف تقييمه عالي المستوى للمشكلة، والبدائل المنطقية الثلاثة التي توفرت لديه لحلها. وقد أدركت أن لديه قيوده الخاصة: الاحتياجات، الرغبات وأهداف زملائه ومدرائه وقسم VP. كما أنه عانى من الضغط بسبب الجدولة والمنافسة الاستراتيجية (Netscape). لقد افترضت من وجهة نظري أن عالمه كان أكثر حرية من عالمي (ألا يعني المزيد من السلطة، المزيد من الحرية؟). ولكن عندما شرح لي، أدركت أن حالته أصعب من حالتي.
ثم قام بالشيء التالي الذي فاجأني أيضًا إلى حد كبير -فقد طلب رأيي، وأعطاني فرصة لأقدم وجهة نظري ومنطقي الخاص تجاه القرارات التي اتخذها. عندها، وطلبت إلى مذهبي السياسي الأول: إن هذا الأمر صعب، صعب حقاً. لقد أزال كل الخلافات وأصابع الاتهام التي تألفت منها عادة اعتقاداتي عن التفكير السياسي عندما سألني عن رأيي (وأصغي لما قلته). لقد جعلني أفكر فعلياً بالأمور والأشخاص ذوي الصلة، وعندما فعلت ذلك، تجمدت في مكاني، وكأن أحداً ما رماني في طريق مروري كبير، ولم أعرف من أين أبدأ فقد بدت جميع الأشياء رهيبة، ولا زلت أتذكر كيف حدقت بفطيرتي دون أن أجد أي شيء منطقي يمكنني قوله.
استمر الحوار، وانتهى الغداء وعدت ثانية إلى العمل، وقد تعلمت الكثير من وقتها عن وظائف المنظمات، لكنني نظرت دائماً إلى ذلك اليوم على أنه تغيير كبير في منطلقاتي. إليك النقاط الأساسية الثلاث التي تعلمتها منذ ذلك اليوم:
* السياسات ليست أشياء سيئة: إن أول تعريف ستجده في معظم القواميس عن السياسات هو شيء ما مشابه لما يلي:
السياسات (اسم): فن أو علم السيطرة والتحكم، خاصة التحكم بالأمور السياسية، مثل الدولة، والإدارة والتحكم بشئونها الداخلية والخارجية.
ولن تجد أي شيء يشبه تعريفي المتطرف حتى رابع أو خامس التعريفات المسرودة في معظم القواميس الإنكليزية. إن السياسات هي مهارة إدارة الأشخاص والمنظمات. ومن الممكن أن تكون فعلاً سياسيًّا دون اللجوء إلى التصرفات الحقيرة أو اللا أخلاقية.
* جميع القادة لديهم قيود سياسية وسلطوية: نحب جميعاً أن نصدق أن رموز السلطة -مثل الـ VPs في المؤسسة أو رئيس الولايات المتحدة -لديهم سلطة هائلة. إنها لديهم فعلاً، ولكن معظمها عبر التأثير. على سبيل المثال، يعتبر رئيس الولايات المتحدة أحد الفروع الثلاثة للحكومة (التنفيذي)، ويتم اختبار وموازنة سلطاته من قبل الفرعين الآخرين. حيث يمكن رفض أو معارضة الكثير من إجراءاته الرسمية. كما أن معظم مسئولي قسم الصلاحية والإنتاج في الشركات يرأسهم مدراء مخضرمون لا يحبون أن تملي عليهم أفعالهم، ويتطلبون مقداراً هاما من السلطات الذاتية. وينطبق الأمر نفسه كلما تدرجنا نحو الأسفل في الهرمية الوظيفية. وبالتالي، عندما تنظر إلى أشخاص أكثر منك نفوذا، لا تظن أن لديهم السلطة الكاملة.
* نسبة السلطة إلى المسئولية ثابتة: إن إحدى طرق التفكير بالسلطة هي في علاقتها بالقيود أو التحديات المتوقع منك تحقيقها باستخدام تلك السلطة. لنفترض أنني المدير التنفيذي لإحدى الشركات، وأنني أعطيتك 5$ لتحضر لي المزيد من القهوة. إن السلطة المتوفرة لديك صغيرة (رغم أنها موجودة)، لكن مسئوليتك أيضًا صغيرة. من جهة أخرى، إذا قدمت لك 2.5 مليون دولار وهيئة موظفين من ألمع الموجودين، فإنني ربما سأطلب منك أن تخطط وتبني وتدير عملاً كاملاً. إن المسئولية، والضغط النفسي والتحديات تتزايد بشكل عام بالتناسب مع مقدار السلطة الممنوحة لك. لهذا السبب، فإن امتلاك المزيد من السلطة نادراً ما يجعل الأمور أسهل، لأن التحديات تزداد كنتيجة لازدياد السلطة.
* السياسات هي أحد أنواع حلول المشكلات، بغض النظر عن التحدي التنظيمي الذي تواجهه ومدى كونه مزعجا، إلا أنه آخر من المشكلات التي تحتاج إلى حل. إن المدراء الضعفاء والعشوائين والبلهاء كلها عبارة عن أنواع مختلفة من العوائق التي تحتاج إلى تجاوزها أو العمل عليها. ومهما كانت الأمور جيدة أو سيئة، فإن هناك على الأغلب عدداً محدداً من الخيارات الواقعية التي يستطيع أي شخص ذو نفوذ اتخاذها في أي حالة معينة. وسينتج عنها عواقب سياسية. فإذا واجهت المشكلات التنظيمية بنفس الانضباط والإبداعية التي واجهت بها مشكلة هندسية أو تصميمية يمكنك عندئذ أن تجد تلك الخيارات، وتتخذ قرارات جيدة (أو على الأقل أفضل قرار ممكن).
لقد تعلمت مع الوقت أن إلقاء اللوم على [السياسات] في المشكلات التي واجهتها كانت عبارة عن وسيلة ساذجة ومناسبة لتجنب النواحي التي لا يمكن تجنبها أو المزعجة للعمل مع الآخرين. وينطبق الأمر نفسه على توجيه الاتهام للـ [الإدارة] أو [القسم الهندسي] أو [التسويقي] والتعبير عن مدى غبائهم أو عدم فعاليتهم. حيث إن توجيه لا يقلل من غبائهم أو عدم فعاليتهم (فإذا كانت هذه هي المشكلة فعلاً، يحتمل دائماً أنهم أذكياء ولكنهم مقيدون بالعوامل السياسية مثلك تماماً).
كما أن هذا الأمر ينطبق على اتهام أي مبرمج أو مدير أو كاتب. فاللوم ببساطة لا يغير أي شيء، وإنما يعميك فقط عن الأسباب الحقيقية والحلول الممكنة للحالة. إن أي إجراء سياسي أو إداري يحصل، بغض النظر عما يبدو عليه من الشر أو الغباء، يعتبر دائماً واحداً من العدد المحدود للخيارات الممكنة لدى المدراء. وقد تكون البدائل أسوأ للمشروع من الخيار المتخذ. إن الحكم سيكون دائماً مبنياً على الانزعاج كمصدر للتنفيس أكثر منه عن حقيقة الوضع إذا لم يتم إدراك بعض الأمور عن القيود.
مصادر السلطة
السلطة (اسم): القدرة على التصرف أو التنفيذ، قابلية تنفيذ أو إنجاز شيء ما.
لكي تفهم السياسات وتتوفر لك فرصة التأثير أو النجاح في إدارة الأشياء، فإنك بحاجة إلى أن تفهم أساسيات السلطة السياسية. إن معظم نماذج السلطة في المؤسسة تتمركز حول القرارات التي يمكن أن يتخذها الفرد أو يتأثر بها. فكر بكيفية اتخاذ القرارات في منظمتك، فإذا وجدت حاجة ملحة يجب تلبيتها، فمن المسئول عن ذلك؟ أو من المسموح له أن يكون موجوداً أثناء مناقشتها؟ من الأشخاص الذين يصغى لقراراتهم أكثر من الآخرين؟ إنهم أولئك الأشخاص ذوو الدرجات في السلطة. إن توفر السلطة الواضحة لاتخاذ قرار ما هو النموذج الأساسي للسلطة، لكن إمكانية الوصول لصانع القرار ذاك، وطرح الأسئلة أو اقتراح الأفكار هو شكل آخر للسلطة. وكما شرت في الفصل 12، فإن السلطة الممنوحة هي أكثر الأشكال وضوحا لأنها متوارثة في التدرج الهرمي. وهي مضمنة في مناصب الأشخاص أو رموز أخرى من الأقدمية. تمنح السلطة الممنوحة تقريباً بشكل دائم لشخص ما من قبل شخص آخر ذي سلطة أعلى، حيث يمنح VP السلطة لأولئك الذين يعملون معه مباشرة. ويقوم أولئك الأفراد بمنحها للذين يعملون تحت رئاستهم، قد يقرر  VPأن يمنح أفراداً معينين سلطة أكثر من الآخرين -إذا كان ذلك في صالح أهدافه.
تتوزع السلطة المكتسبة بشكل طبيعي، وبما أن السمعة والإمكانية هي أمور متعلقة بالشخص (بالمقارنة مع مناصب العمل والهرمية)، فإن كل فرد في المشروع يلعب دوراً في تحديد من الذي يملك السلطة المكتسبة. على سبيل المثال، دعنا نقل إن طاهراً هو مبرمج ضمن الفريق، ويؤمن كل من مريم وجورج بآرائه كثيرًا، لكن لا ينطبق هذا على ديناً. فإذا حصلت مناظرة بين أعضاء الفريق، سيميل مريم جورج إلى إعطاء المزيد من الاعتمادية لبراهين طاهر مما ستفعله دينا. وبشكل ما، سيميل كل من مريم وجورج لتخصيص بعض من سلطتهم الخاصة لدعم براهين طاهر. وبالتالي، فإن السلطة المكتسبة تمنح غالباً لفرد ما عبر تصرفات من حوله. وفي مثل هذه الحالة، يمكن أن تتوزع السلطة المكتسبة عبر خطوط الهرمية. مثلاً قد يؤمن أحد المدراء المخضرمين في منظمة ما إلى درجة كبيرة بآراء موظف جديد في منظمة أخرى.
وعلى الرغم من أنه من الشائع أن يحصل بعض الأفراد على المزيد من السلطة والثقة مما يحصل عليه الآخرون، إلا أنها دائماً تكون نسبية وتابعة للشخص. والنتائج المختلفة محتملة تبعاً لنطاق القرار، ومن الموجود في الغرفة، وما سلطاتهم. يقول البعض إن هذا الأمر هو الذي سيجعل السياسات مثيرة، حيث تتدفق السلطة باستمرار عبر الفريق، وتغير الاتجاهات وتدعم أو تدحض أشخاصا مختلفين في أوقات مختلفة. وبما أن السلطة لا تكون واضحة دائماً إلى أن يتم استخدامها، فمن السهل إساءة تفسير من الذي يملك أي نوع من السلطة.
ومن أجل الوصول إلى الاكتمال، تقدم القائمة التالية تعاريف محددة لأنواع مختلفة من السلطة (هذه القائمة عبارة عن تفسير غير محدد لقائمة موجودة في كتاب أدوار السلطة لـ  Thomas Quick). لن أشير إلى هذه القائمة كثيرًا، إلا أن الأمر (يستحق أخذه بالاعتبار) أن تفكر من الذي يملكها في مؤسستك وكيف تستخدم:
* المكافأة: هي قابلية منح العلاوات، والترفيعات والطعام اللذيذ أو أي مكافأة ذات فائدة ظاهرية للآخرين. حين يعرف الناس أن لديك هذه السلطة، ويرغبون بالحصول على المكافآت، فإنهم سيميلون للاستجابة والتصرف معك بشكل مختلف.
* الإلزام: هي السيطرة على العقوبات وإمكانية التهديد بالإجراءات الجزائية. إن التهديد الذي يبثه هذا النوع من السلطة يكون كافيا على الأغلب، لأن فيه على عكس المكافآت، السلطة ليست في الوصول إلى الأشياء الجيدة، وإنما في عدم الوصول إلى الأمور السيئة. يمكن للسلطة الإلزامية أن تكون ببساطة قدرتك على إحراج أو الاستهزاء بشخص ما أمام الآخرين « يا لغبائك؟ ». أو أن تكون رسمية بتخفيض رتبة الأشخاص أو تقليل مسئولياتهم أو رواتبهم.
* المعرفة: إن توفر الخبرة في مجال موضوع ما، أو توفر معلومات محددة متعلقة بالقرار تمنحك السلطة. حيث يمكن لشخص ما أن يطور سلطته عبر تحكمه بتطبيق تلك الخبرة أو كيفية/ توقيت نشر المعلومات. بأبسط صيغة، فإن مجرد كونك ذكيا، مثقفا وجيدا في حل المشكلة مهما كان الشيء الذي تعمل عليه، يمنحك السلطة، لأن الناس سيضعون إليك ويحترمون رأيك. وبصيغة أكثر تعقيدا، فإن توفر المعلومات عن أشخاص أو فرق أو توجهات أخرى أو الاجتماعات تمنحك السلطة، لأن نظرتك للعالم أكثر دقة من الآخرين. وإذا كنت تشعر بالسيطرة، يمكنك أن تشتت وجهات نظر الآخرين عن حالة المشروع أو العالم.
* المرجعية: من الأشخاص الذين تعرفهم وكيف تعرفت عليهم. إذا عرف الناس أنك تملك دعم أو صداقة أولئك الذين يتمتعون بالسلطة، فإن جزءا منها سيعود إليك. على سبيل المثال، إذا قدمت نفسك كالتالي « أنا سامر، وأعمل برئاسة باسل » فإنك تعتمد على سلطة وسمعة باسل لتساعد في أن تدعم سلطتك وسمعتك الخاصة. كذلك يمكن أن تأتي السلطة المرجعية من الأشخاص المخالفين معك أو عرضوا عليك دعمهم.
* التأثير: لدى بعض الأشخاص قدر إقناع الآخرين، التي قد ترتبط أولاً بمعرفتهم بالموضوع قيد التساؤل. إن مزيجا من مهارات التواصل والثقة والوعي العاطفي ومواهب الملاحظة تساهم في قابلية التأثير. قد يُدعم هذا التأثير باحترام الآخرين لمعرفتك، أو لأنهم يثقون بك، أو ببساطة لأنهم يعتقدون  أنك جذاب وذكي أو مثير للاهتمام. كذلك يمكن أن يتطور التأثير كنتيجة لدين ما: قد يدين لك شخص ما بمعروف، ويكون التأثير على قرار ما هو وسيلة لسداد هذا الدين. لاحظ أن لدى بعض الأفراد تأثيراً أكبر من الآخرين -حيث إنها صيغة شديدة النسبية من السلطة، وليست مطلقة.
إساءة استخدام السلطة

« إذا كنت لا تعرف ما الذي تقوم به، وما الذي سيقدم القيمة لمن، وكيف سيتم تنفيذه، فإن المشروع سينضبط ذاتيا حول هدف أو أهداف أخرى، نموذجيا، تنفجر المشاحنات السياسية من نوع معين، وهذا يتضمن اللا معنى »
James Bullocx - من Round table  عن إدارة المشاريع.

عندما نتحدث عن السياسات كشيء شرير، فإننا نعني عادة سوء استخدام السلطة. وأنا أعرف سوء استخدام السلطة أي إجراء لا يخدم أهم مصالح المشروع والناس الذين يعملون عليه. وباعتبار أن مصادر السلطة طبيعية، وأن استخدامها للتأثير وتوجيه القرارات هي عمل يعتمد على الفريق بشكل طبيعي فإن تلك الأشياء لا يمكن أن تكون شريرة بحد ذاتها. حيث إن من المستحيل أن تعمل على مشروع ما دون وجود أفراد يحاولون التأثير على الآخرين واستخدام سلطتهم الخاصة لدفع المشروع إلى الأمام (في الحقيقة، وكما سنجد، فإن الحوار المفتوح ومناظرة الأفكار هي أشياء صحية وإيجابية تجاه قرارات أفضل والعمل بفعالية، وفي الوقت نفسه تقليص السياسات).
إذا يحصل سوء استخدام السلطة عندما يعود فرد ما باتجاه مصلحته الخاصة. على سبيل المثال، في الشكل 16-1 تتعلق أهداف شخص ما قليلاً بأهداف المشروع. وسوف يبذل معظم طاقته في تنفيذ الأفضل لنفسه. بدلاً من الأفضل للمشروع ككل. إن هذا يمثل فشل القيادة والإدارة في الضبط الأفضل لأهداف الأفراد والفريق (والمكافآت) مع أهداف المشروع. ولكي أكون عادلا مع القادة، فإن بعض الفجوات لا يمكن تجنبها. فالأشخاص لهم حياتهم خارج المشروع. ولدى الأفراد حوافزهم الذاتية التي قد لا تتعلق بالعمل على الإطلاق، وإنما بما يحاولون تحقيقه من العمل. من جهة أخرى فإن مهمة الإدارة هي البحث عن تلك الفجوات وإيجاد الطرق لتقليصها. حيث يجب على المدراء على الأقل مساعدة الموظفين على استخدام هذه الحوافز بطرق لا تؤثر سلبياً على المشروع. في النهاية، إذا وجدت فجوة كبيرة، سيشكل ميل طبيعي لكيفية تطبيق السلطة وستكون هناك إغراءات قوية لدى الأشخاص ليخدموا أنفسهم بدلاً من خدمة المشروع.
من الممكن أيضًا أن ما يبدو كاستخدام أناني للسلطة هو ببساطة اختلاف حول ما هو الأفضل للمشروع. قد يكون الأمر أن لدى شخصين آراء مختلفة عن أفضل طريقة لتحقيق أهداف المشروع. إن التمييز بين هاتين الحالتين يمكن أن يكون صعباً جدًّا، لأنه غالباً قد يتحول الأفضل للمشروع إلى أن يكون الأفضل لشخص ما أكثر من شخص آخر. كما أن ملاحظة متى تكون الحوافز تخدم المصلحة الذاتية يتطلب معرفة الأشخاص ذوي الصلة، وأهدافا واضحة للمشروع، وإطار عمل جيد للتواصل، والمناظرة ومناقشة الأمور.
عندما يكون هناك عدة فرق صغيرة مساهمة في نفس المشروع، تكون المشكلات أكثر تعقيدا، إذا كان لدى فريق حوافز للقيام بأشياء ليست في أفضل مصالح المشروع، فإن كان منها سيبذل طاقة هائلة على الأشياء التي لن تقود إلى النجاح الكلي للمشروع. يطبق هذا الإطار بالتساوي على الأفراد أو على الفرق كاملة. وكلما اختلفت الأهداف، فإن تواتر إساءة استخدام السلطة سوف يرتفع. وسيحدث هذا (ثانية) إلا إذا كان الشخص الذي يدير جميع أولئك الأفراد أو الفرق يعمل بفعالية على جعل تلك الفرق تتعاون وحسم بصراحة تناقض المصالح.
 الأسباب العملية لسوء استخدام السلطة
توجد طريقة أكثر تحديداً لإساءة استخدام السلطة هي تقسيم المسببات إلى مجموعتين: عملية وتحفيزية. تنشأ الأسباب العملية من الفشل في الطريقة التي يتهيكل بها المشروع أو المنظمة، وهي أحد أنواع فشل القيادة أو الإدارة. أما الأسباب التحفيزية فتقاد كلياً من قبل الأفراد واحتياجاتهم الشخصية.
عندما يساء استخدام السلطة، فإنه في الغالب مزيج من الأمور العملية والتحفيزية. إن الأسباب العملية أكثر خطورة من القوى التحفيزية لأنها لا تتعلق بسلوك شخص واحد. وإنما يكون المسبب العملي شاملا ويشجع الجميع في الفريق على إساءة استخدام السلطة أو يطبقه على أسباب تخدم ذاتها فقط.

  • عملية اتخاذ القرار غير الواضح: إذا كان الفريق يعرف متى يأتي القرار الكبير، وما المعايير، ومن له علاقة بالقرار، ستكون هناك حاجة بسيطة إلى السياسات. حيث سيعرف كل شخص لديه رأي ما إلى من سيذهب أو أي المنتديات ليعرض فكرته فيها، بالإضافة إلى أي البراهين ستكون فعّالة. ببساطة ستكون الحاجة إلى التحايل أقل. ولكن إذا كانت الطريقة مخبأة، أو معقدة إلى درجة كبيرة، أو ينقصها صانعو قرارات، فإن أي شخص يهتم بالنتائج سيتحفز. لأن يكون أكثر سياسة. وبالتالي، فإن مهمة أي شخص يتخذ قرارات تؤثر على الآخرين أن يوضح كيف سيتم اتخاذها ومن هم ذوو الصلة، وما المعايير.
  • سوء الفهم/ سوء التواصل: إن الفرق التي تتواصل بشكل جيد، تتأكد من أن المعلومات لا تنتقل فقط، وإنما يتم فهمها أيضًا، وإذا أمكن، الاتفاق عليها (راجع الفصل التاسع). لكن كلما كان تواصل الفريق أضعف، زاد تطبيق السلطة بطرق لا تخدم المشروع. فإذا نظر الشخص A إلى أهداف المشروع بشكل مختلف عن الشخص B ، وافترض كل منهما أن الآخر لديه نفس التفسير، فإنهما سيعملان أحدهما ضد الآخر دون أن يدركا ذلك.
  • تخصيص غير واضح للموارد: إذا لم تعرف أو تشهر الطريقة التي خصصت بها الميزانية وهيئة الموظفين والتجهيزات. سيبحث كل شخص عن تلك الموارد باستخدام أي تكتيكات متوفرة. إنها وظيفة من لديه السلطة المناسبة أياً كان الذي يملك السلطة المناسبة، أن يوضح للفريق، ما المعايير المتبعة لتوزيع الموارد، أو كيف ومتى يجب تشكيل العروض الأولية لطلبها.
  • نقص المسئولية: عندما يسمح للأشخاص بالفشل أو الوقوع في الأخطاء دون تحمل مسئوليتها، فإن السياسات تصبح ضرورة حينها. فبدون المسئولية عن التزامات الأشخاص، سيثق القليل منهم فقط بالآخرين، وبدون الثقة سيستخدم الأشخاص سلطتهم الخاصة لحماية أنفسهم من الاعتماد على الآخرين أو تجنب الاعتماد على الأشخاص الذين لا يثقون بهم (راجع المقطع [تبني الثقة من خلال الالتزام] في الفصل ).
  • أهداف ضعيفة أو غير ثابتة: في كل سوء استخدام للسلطة قد ذكرته، فقد تمت الإشارة نوعاً ما لخدمة أهداف المشروع. وعندما تكون أهداف المشروع ضعيفة (أو غير راسخة). تصبح هذه الإساءات محتملة، إن لم تكن حتمية. فبدون مركز جاذبية لأهداف المشروع، لا يوجد منطق في التوضيح أن الجميع يمكن أن يتفقوا، مما يعني أن كل شيء يمكن مناقشته وتفسيره. ولو كانت الأهداف قوية. يجب على قادة الفريق ترسيخ الأهداف: حماية الأهداف بفعالية، وتحديثها ومراجعتها للمحافظة على وقتها، والتأكد من أن جميع القرارات قد اتخذت لخدمتها.

الأسباب التحفيزية لسوء استخدام السلطة
بغض النظر عن فلسفتك عن الطبيعة البشرية، فإن من المنطقي الافتراض أن كل الناس كائنات ذاتية التحفيز. حتى عندما نتصرف بشكل إيثاري، فإننا نخدم قيمنا الخاصة تجاه ما هو جيد وسيء في العالم. إننا أيضًا مخلوقات عاطفية، والعوامل النفسية تقود تصرفاتنا -التي ندرك بعضها أكثر من بعضها الآخر.  إن المسببات التحفيزية مبنية على عناصر بسيطة للنفس البشرية:

  • حماية الآخرين: إذا سمحت باتخاذ هذا القرار، سوف يعاني الأشخاص الذين اهتم لأمرهم، وأعضاء فريقي.
  • المصلحة الشخصية: أرغب بتلك العلاوة، أو المكافأة، أو الإحساس بالافتخار بسبب إنجاز شيء ما اعتبره مهما أو منجزا بشكل جيد.
  • الأنانية: أرغب أن أبرهن عن ذكائي لنفسي وللآخرين، وربما التأكد من وضوح وتأكيد كم أنني أذكي وأفضل منهم. حيث يجب أن يكون هذا المشروع على الأقل بنفس مثاليتي، أو أنه يجب أن يساعدني في تغطية مدى شعوري بكوني غير مكتمل.
  • الكره والانتقام: لا أرغب بالعمل مع فريد، أو أنني أحاول أن أنتقم منه لما « قد فعله معي » في المشروع الأخير.

إن هذه الحوافز ليست شريرة بالضرورة، وهي تسبب المشكلات فقط عندما تقود إلى تصرف لا يدعم أهداف المشروع بأفضل ما يمكن وإذا أديرت هذه الحوافز بطريقة لا تؤذي الآخرين في الفريق، فهي عندئذ فعلاً شكل آخر من التغذية المستخدمة لقيادة المشروع نحو الأمام. انظر ثانية إلى الشكل16-1. إذا تداخلت الدائرتان بمقدار 90%، عندها تكون حوافز الأفراد منضبطة لدرجة عالية مع أهداف المشروع. وهو تحد يقع على عاتق المدير أن يحافظ على قوى الأنانية والمصلحة الذاتية قيد الاختبار طوال الوقت. حيث يجب أن يوجه المدير طاقات مستخدميه وفريقه باتجاه مساعدة المشروع والعاملين عليه، بدلاً من العمل ضدهم.
منع إساءة استخدام السلطة
إن الطريقة الأفضل لتخفيض هذه الأعراض هي الاعتماد بشدة على الأهداف المعرفة في رؤية المشروع لقيادة تطبيق السلطة. فإذا رجع الجميع إلى نفس الأهداف الجوهرية وورث أهدافه الفردية من نفس ذلك المصدر (راجع الفصل الرابع)، فإن أي ميول سياسية ستظهر ستكون قابلة للإدارة. رغم أن بعضها قد يختلف ويناقش السبل، فإن الجميع سيحارب للوصول إلى نهايات مشابهة. ولفرض هذا، في أي وقت أثناء المشروع، يجب أن يكون الجميع قادرين على طرح الأسئلة التالية بصراحة على الملأ:

  • ما أهدافنا لهذا الأسبوع/ الشهر/ المشروع؟
  • هل يوجد تناقض بين الأهداف الكلية أو أهداف الفرق الفرعية بأي شكل؟ وكيف يمكننا إدارتها أو حلها؟
  • كيف سيتخذ هذا القرار المعين ومن الذي سيتخذه؟
  • ما معاييرنا للتأكد  من أن هذا القرار يقدم أفضل خدمة للمشروع؟
  • هل تطبق سلطتك وسلطتي بطريقة تساهم في تحقيق أهدافنا أو دعم الفريق؟
  • ما الاستخدام للموارد الأكثر احتمالا أن يقودنا إلى النجاح؟ وكيف يمكننا أن نجعل ذلك يحصل؟

ولو اختلف الأشخاص على الإجابات، فلديهم الاختلافات الصحيحة. وسيكون واضحاً ما الأسباب الحقيقية للتناقضات، وستتوفر الفرصة للقادة والمدراء لتزويد الإيضاح، وإعادة تعريف الأهداف، أو تشكيل الخيارات الجديدة (وربما القاسية) بحضور الأشخاص الذين سيتأثرون بها مباشرة. وعلى العكس، فإن إساءة استخدام السلطة ستكون مؤكدة إذا تجاوزت الأهداف مواعيدها بشكل كبير أو إذا تشعبت لحد كبير من فرد إلى فرد أو من فريق إلى آخر.
يتعمد المدراء أحيانًا، اختيار تجهيز الفرق لينافس بعضها بعضاً، مراهنين على أن المنافسة الإضافية ستقود إلى عمل أفضل. وقد ينجح ذلك في بعض الحالات إلا أنه يجعل المنظمة ذات طبيعة أكثر تقلبا، مما يتطلب قيادة أقوى وأكثر نشاطا للمحافظة على التوازن. لا يوجد أي شيء مميز في هذا الأمر، على سبيل المثال، كل فريق رياضي فيه لاعبون احتياطيون ولاعبون أساسيون، يحاول المدرب خلال كل تمرين أن يحافظ على المنافسة الداخلية بين أولئك اللاعبين الأساسيين، وفي ذات الوقت يحافظ على صلة قوية بين جميع أعضاء الفريق، إن القادة الجيدين يفرضون السلوكيات الصحيحة للمحافظة على توازن تلك القوى.
لكن دون شك فإن الأفراد ذوي المصالح التنافسية أو المنفصلة سيكون لديهم حوافز أكثر لاستخدام القوى السياسية للوصول إلى أهدافهم الخاصة. وبدلا من أن تتركز الروح التنافسية على منافسي العمل الحقيقيين، فإنها ستتوجه إلى الزملاء والمرؤوسين ضمن الفريق نفسه. ولكن هذه البيئة للعمل من وجهة نظر شاملة للمشروع تعتبر فاسدة، حيث لم تتوجه السلطة بشكل فعال تجاه إكمال المشروع نفسه، ومن دون القيادة القوية التي تعمل على إعادة التركيز للفريق ورفع مستوى العمل، فإن التغييرات السلبية تصبح ممكنة. إن كل عمل فاسد أو يخدم المصالح الشخصية يكافأ (أو يهمل من قبل الإدارة) سيشجع الآخرين على القيام بذات الشيء. وفورا ستقل ثقة الناس بعضهم ببعض بما يكفي لتضعف الفعالية، حيث إنهم سيتساءلون عن الحوافز الخفية لرؤسائهم وزملائهم.
كيف تحل المشكلات السياسية
افترض شيئين في هذا الفصل. الأول وجود أهداف معرفة جيداً في المشروع. والثاني أن تلك الأهداف تحفز أي شيء تحاول أن تنجزه. فإذا كان أحد هذين الافتراضين أو كلاهما ليس صحيحاً في حالتك، سيبقى هذا المقطع مفيداً، ولكن يجب عليك القيام بمزيد من العمل لأنك ستعوزك القدرة على تحقيق الأشياء.
تعتبر العملية الموصوفة هنا منطقية جدًّا في حال الشئون الكبيرة للسلطات، وكذلك عندما تكون في حالة تحتاج فيها إلى سلطة أكبر من التي لديك. وكلما ازداد حجم الأمر ازدادت الحاجة إلى تطبيق مثل هذه العملية الفكرية بإخلاص. وكلما صغر الموضوع، ازدادت الخطوات التي يمكنك تسريعها أو تجاوزها.
وضح ما تحتاج
إن الطريقة الوحيدة للنجاح في حل المشكلة السياسية هي أن تكون شديد الوضوح تجاه ما تحتاجه، ومن ثم تطور خطة للحصول عليه. والاحتياجات الشائعة هي:

  • موارد (مال، زمن، موظفين).
  • سلطة اتخاذ القرارات.
  • التأثير على قرار ما تابع لسلطة شخص آخر.
  • تعديل أهداف الآخرين لتدعم أو تتوافق مع أهدافك.
  • تعديل أهدافك الخاصة لتتوافق بشكل أفضل مع أهداف الآخرين.
  • النصيحة، الخبرة، أو الدعم.

جهز نفسك لتكون مرنا، بغض النظر عن كيفية تعريفك لاحتياجاتك. ولو قررت أن الحاجة الحقيقية هي للموارد، لا تتوقف عن الإصغاء لاقتراحات الآخرين أثناء بحثك عن تلك الاحتياجات التي قد لا تتضمن طلب الموارد ولكن تحقيق الأهداف. من خلال إلحاحك على ميزانية أو زمن أكبر، فإنك ربما تفرض ظهور فكرة جديدة تحقق أهدافك بنفس الجودة التي ستؤثر بها زيادة الموارد ولذلك، لا تركز على الحاجة بحد ذاتها، فهي مجرد وسيلة لتحقيق أهدافك الخاصة بالمشروع.
الإدارة باتجاه الأعلى
إن الوقت الأفضل لإجراء هذا النوع من تحليل الاحتياجات السياسية هو اللحظة التي يتم فيها تعريف الأهداف. فعندما تجتمع مع مديرك للاتفاق على تحديد المسئوليات الخاصة بك للأسبوع أو الشهر القادم، تتوفر الفرصة لاعتبار فيما إذا كنت مخولا السلطة التي تحتاجها لإنجاز ذلك العمل. حيث يجب تعريف أي دعم تحتاجه ولا تملكه حالياً، ويمكن أن يأتي مديرك بخطة لمساعدتك في الحصول عليه. تدعو بعض المنظمات هذا الأمر بـ الإدارة نحو الأعلى مما يعني أنه يجب أن تتم الإدارة نحو أعلى الهرمية وليس بالاتجاه الآخر. إن توضيح ما تحتاجه من الإدارة هو أول خطوة في نجاح الإدارة نحو الأعلى.
تتضمن الخطوات الأخرى تكرار هذه العملية خلال الفواصل الزمنية الضرورية. فإذا كنت قادراً على المحافظة على تزامنك مع مديرك ومديره تجاه ما تقوم به وما تحتاجه منهم، وأن تتأكد من أن كل الأمور متوافقة باتجاه نفس الهدف، فإنك قد قطعت شوطا صحيحاً تجاه ذلك.
إن أبسط طريقة للإدارة نحو الأعلى هي أن تجهز لنقاش مع مديرك تعرض فيه المواصفات للنقاط التالية:

  • ما أتوقعه منك، يا مديري، أن تقوم به من أجلي (مثلاً، الإرشاد أو تحذيري من الأشياء التي احتاج إلي معرفتها، أو دعم قراراتي، والتوجيه إلى المساحات التي احتاج أن أتطور فيها).
  • الموارد التي احتاجها لتحقيق هذه الأهداف، ومن سيقدمها.
  • مستوى وتواتر التداخل الذي احتاجه منك (لا تدخل، مراجعات ربعية؟ تقارير حالة يومية؟ اجتماعات شخصية أسبوعية؟ كن محدداً).

بقيامك بهذا في وقت مبكر، فإنك ستعرف بالضبط مقدار الدعم الذي يمكنك توقعه، وأي النواحي ستكون أكثر احتمالا لإحداث المشكلات. فإذا كان مديرك لا يستجيب أو غامضا أو ذا موقف مضاد للالتزام بأي من طلباتك، فإنك يجب أن تحذر. فهذا يعني إلى حد كبير أنك ستكون لوحدك أو أنك تتهيأ للفشل، وأن مديرك لا يعمل بجدية نحو تحقيق المصالح المتبادلة.
من لديه السلطة ليعطيك ما تحتاجه؟
حدد الشخص الذي يمكنه أن يخولك السلطة، من أجل كل نوع من أنواع السلطة التي تحتاجها. يمكنك أن تبدأ من مخطط أو هرمية المنظمة، ولكن استخدمه فقط لإنعاش ذاكرتك تجاه الأشخاص ذوي الصلة بموضوعك (أنظر الشكل 16-4). ثم أسأل لتجد من المسئول الفعال لأي نوع من القرارات (والذي يجب أن يكون واضحاً في حال الفرق الصغيرة، ولكن اسأل إذا لم تكن واثقا)، استخدم الأشخاص الملتزمين بدعمك للمساعدة في حل هذا الأمر: مديرك، أو زملاءك أو مرؤوسيك. ويجب ألا يستغرق الأمر أكثر من بضع محادثات لتحديد الأشخاص الذين تحتاجهم. أحيانًا يكون من الأفضل البحث عن هذه المعلومات بشكل غير مباشر، لأنك لا ترغب بالضرورة في الوصول إلى الشخص (الأشخاص) مع طلبك ولكن دون أن تملك خطة (تجنب التصرفات الغريبة، مثل « مرحباً فريد، هل أنت المسئول عن اتخاذ القرار بشأن من سيحصل على الأجهزة المحمولة الجديدة؟ » « نعم، لماذا؟ » « لا شيء، مجرد فضول، إلى اللقاء »).
تفهم وجهات نظرهم
ابدأ بتعريف أهدافك، مع أي شخص لديه السلطة التي تحتاجها. ويجب أن يكون هذا سهلاً في الفرق ذات الإدارة الجيدة، لأن أهدافه هي فعلياً أهداف المشروع مهما يكن مستوى الأقدمية لديه. فكر بدوافعه وآرائه، والطرق المفضلة لديه لاتخاذ القرارات. وكلما كانت علاقتك به أفضل ازدادت خبرتك نتيجة العمل معه. وكان هذا الأمر أسهل. ليس بالضرورة أن يكون مخطط الهرمية للمنظمة هو الاعتبار الأساسي. فقد يكون عند شخص ما ذي مستوى متوسط سلطة أكبر .. أكثر من التي لدى رئيسه.
فكّر من هذا المنطلق، واعمل لترى كيف تتوافق معه احتياجاتك وأهدافك. واجعل طلبك مشتقاً من متطلبات أو أهداف للمشروع ذات مستوى أعلى ليضطر إلى احترامها. وبدلا من أن تقول « احتاج إلى مبرمج آخر » اعتبر أنه يمكنك أن تقول بصراحة « لكي نحقق الأهداف y, x. فإن فريقي بحاجة إلى مبرمج آخر. فخطة مشروعنا لم تتوقع المتطلبات الثلاثة التي ظهرت الأسبوع الماضي، وكنتيجة لذلك، فإن أهدافنا حالياً واقعة في المخاطرة ». لا تكذب أو تضلل، وأنو أن تطرح طلباتك للموارد إذا وجد استخدام أفضل لها في المشروع (ولكن إذا كنت الحالة هكذا. يجب أن تطلب أن تتغير الأهداف في ضوء ذلك الاستخدام الأفضل: « اعتقد أن أهدافنا بحاجة إلى تغيير بسيط. فالهدف x أقل أهمية الآن. ويجب أن تنزاح الموارد باتجاه دعم الهدف z » إن مشرفا ذكيا سيكافئك على هذا التفكير المركزي).
بمن يثقون ومن يحترمون؟
إذا اعتبرت أن فريد هو صاحب السلطة التي تحتاجها، اعمل على معرفة الذين لهم تأثير عليه. فقد يكون ندا له، أو نجما في فريقه، أو رئيسه الخاص. ويمكن أن تكون أنت -على الأقل في أنواع معينة من القرارات. فكر بطرق لاستخدام تأثير أولئك الأفراد لتساعدك على تحقيق طلبك. وإذا كانت علاقتك جيدة بأولئك الأفراد، شاركهم التفكير واطلب آرائهم.
لا تتلاعب أو تكذب أو تفعل أي شيء يثير التساؤلات -يجب ألا يكون هذا، بدلاً من ذلك ناقش موضوعك كما تريد مع فريد، واطلب آراء أولئك الأشخاص، فقد يعرفون حقائق لا تعرفها، أو لديهم وجهات نظر قد تحسن من تفكيرك (بما يتضمن تغيير رأيك). أو ببساطة قد يدلون بنصيحة عن كيفية التجهيز لحالتك. ولو لم تكن علاقتك جيدة مع أولئك الأشخاص ذوي التأثير ما زال بإمكانك أن تطلب آرائهم، أو أن تراقب كيفية تشكيلهم لنقاشات أو عروض جيدة مع فريد.
خداع السلطة الجماعية
قد يبدو أحيانًا، أن ما تحتاجه، مسيطر عليه من قبل مجموعة أشخاص. ويحتمل أن يكون هناك اجتماع أو هيئة يبدو أنها المسئولة عن اتخاذ قرارات معينة. لا تركز أبداً على مجموعة من الأشخاص: قسم المجموعات دائماً إلى أفراد وفكر بمن لديه أي التأثيرات في تلك المجموعة. وعلى الرغم مما تبدو عليه، فإن الاجتماعات نادراً ما تنتج قرارا بأي شأن. وغالباً، يدخل الناس تلك النقاشات بآراء قوية ويرغبون بدعمها، وتستمر الاجتماعات بسلسلة من المخططات الممكن توقعها. يمكن أن تبدو هذه الاجتماعات بالنسبة للمدراء غير المجهزين على أنها منوعة وفعالة، أما بالنسبة لأولئك الذين لديهم السلطة الأكبر، فإن الكثير من النقاشات كانت متوقعة بشكل كامل من ناحيتي طبيعتها ونتائجها. لقد كانت متوقعة تماماً (ربما باستخدام طريقة مشابهة للتي تقرأها الآن)، كما أن النقاشات ذات الآراء المعاكسة كانت جاهزة لإنهاء النقاش.
كلما كان الموضوع أكثر أهمية أو إثارة للجدل، وجب عليك استثمار أكبر من الأفراد ذوي الصلة. اعرض الأفكار دون تفكير على المجموعات فقط إذا كنت واثقا أنك تملك مهارة المنطق والتأثير والتواصل اللازمة لقيادة غرفة مليئة بأشخاص ذوي نفوذ ولهم آراء مختلفة، تجاه الاتجاه الذي باعتقادك أنه يخدم المشروع بأفضل شكل.
أجر تقييما
برمج كل ما تعلمته في هذا الكتاب، عليك أن تجري تقييما لاحتمالات أن تحقق احتياجاتك بنجاح. حيث إنه من الممكن كلياً بوجود هيكلية سلطة معينة، أن يكون تحقيق أحد مطالبك الخاصة مستحيلا. وليس بالضرورة أن يكون هذا ذنب أحد الأشخاص، وإنما مجرد قيد تفرضه الشئون الهندسية أو العملية. من تقييمك لحالتك أن تدرك أن هيكليات السلطة لها حدود تماماً مثل الهيكليات الأخرى.

  • هل هناك أي شخص عنده السلطة التي تحتاجها؟قد لا تتوافر الموارد التي تحتاجها. ببساطة، فقد تكون جميعها مرتبطة. بمهام أخرى (ولا يمكن إعادة توزيعها) أو أن المنظمة أصلاً لا تملكها. وإذا كنت تطلب شيئاً خارج نطاق المنظمة، إذا حضر نفسك لتقديم براهين إجبارية من أجله. قسم المطلب الكبير إلى عدة مطالب صغيرة وقم بترتيبها بحسب الأولويات. حيث يمكن الحصول على هذه المطالب الأصغر من أشخاص مختلفين أو في فترة من الزمن.
  • ما مدى نجاحك في الحصول على هذا النوع من الدعم في الماضي؟ تذكر تجربتك في الحصول على هذا النوع من السلطة. ماذا حدث؟ ما الذي نجح، وما الذي لم ينجح؟ فإذا لم يمكن لديك الخبرة بهذا النوع من السياسات، اعثر على صاحبها واحصل على نصيحته. وإذا تابعت بجميع الأحوال، اعرف أنك ستواجه تحديات محتملة. مهما يكن الشخص الذي لديه السلطة التي تحاول استخدامها فإنه سيملك الخبرة في التعامل مع الأشخاص الذين يرغبون بالوصول إليها، وهذا ليس في صالحك (كما أنه من المحتمل ثانية، أنهم غير متآلفين أو ليسوا لامعين في التفكير السياسي مثلك).
  • ما مدى نجاح أي شخص في الحصول على هذا الدعم منهم؟ إذا لم يكن أي شخص قادراً على إقناع مدير الفريق بتغيير منهجية التطوير، فاعلم أنك إذا حاولت أن تفعل هذا، فإنك تقتحم مجالاً جديداً. وعلى العكس، فإذا كنت تحاول أن تفعل شيئاً ما قد فعله الآخرون، اكتشف كيف قاموا به وتعلم من خبراتهم.
  • ما مدى قوة براهينك؟ لقد مررت بأوقات كنت أنوي فيها المراهنة على سمعتي كاملة عند الحاجة. لقد كنت واثقا كبيرة أنني كنت محقا في استخدامي لحجم التزامي ليساعدني في إقناع الناس بقيمته. لكن في مرات أخرى لم أملك تلك الثقة، وعقدت براهيني بشكل مناسب. اعرف وضعك وكيف تشعر حقاً تجاه ما تطلبه. نظم براهينك وأشر إلى نقاط القوة فيها، وركز على الأقوى بينها.
  • ما الطريقة أو الشكل الأفضل؟ هل يعتبر المرور على مكتب شخص ما وقول « أحتاج هذا » أكثر فعالية من تشكيل تقرير أو عرض تقديمي من 10 صفحات؟ تبعاً للعوامل اللاحقة، وثقافة الفريق وشخصيات الأشخاص ذوي الصلة، فإن طرقا مختلفة قد تكون أكثر فعالية. ولا يوجد هنا قاعدة صارمة: وأفضل دليل لك هو أن تسأل نفسك ما مدى الرسمية أو عدمها التي يجب أن تكون عليها، وما النسق الذي يجب أن تكون عليه طلباتك. فكر بوضوح ببعض الطرق المحتملة قبل أن تبدأ بالاستثمار في أي منها.
  • من المنافس على نفس الموارد؟ أحيانًا يكون واضحاً من ينافسك على نفس الشيء الذي تحتاجه. إن الميزانية وهيئة الموظفين تكون محدودة دائماً، وتكون الموارد التي يمتلكها رئيسك مقسمة نموذجيا بين زملائك، وإذا كانت علاقاتك جيدة مع الآخرين، يجب أن يكون من الممكن أن تجتمع معهم وتناقشوا آراءكم ونظرياتكم المختلفة، وتتعاونوا على فعل أفضل ما يمكن للفريق (في الحقيقة، إن ذلك المدير المشترك يجب أن يفعل الشيء ذاته بالضبط: تعريف وتعلم الطريقة من أجل الفريق). أما إذا لم تكن العلاقات بهذه القوة، افعل ذلك بنفسك. فكر ما قد تكون عليه براهينهم وقيمتها ضمن سياقك الخاص، بأكبر قدر من الهدفية. أخيراً، فكر كيف سيتأثر الآخرون بأفعالك. هل سينزعج الناس؟ أو يغضبون؟ أو يشعرون بأنك تخونهم؟ تكلم مع الأشخاص ذوي الصلة إذا تمكنت، أو حدد براهينك بطريقة تخفض تلك الاستجابات السلبية.
  • هل هذه هي المعركة الصحيحة لكي تقاتل فيها؟ أعرف أن هذا الاحتياج المحدد هو واحد من الكثير من احتياجاتك. إن استخدام التأثير والاستراتيجيات السياسية الأخرى يكلفك الزمن والطاقة التي لا يمكن صرفها على أشياء أخرى. تأكد من أن ما تبحث عنه هو أفضل استخدام لمواردك. على سبيل المثال، قد تعلم أن هناك طلباً أكثر أهمية سوف تحتاج لتشكيله لاحقاً، وبالتالي، قد يكون من الأفضل أن تحافظ على طاقتك من أجل ذلك الوقت.
  • إن ما لا تستطيع رؤيته يضرك: اعلم دائماً أن هناك طبقات من السياسة والسلطة لا يمكنك أن تراها من حيث أنت. وتزداد صحة هذا كلما كانت المنظمة أكبر. هناك طبقتان أو ثلاث ذات مستوى أعلى منك (إذا وجد ذلك العدد الكبير من الطبقات)، قد يكون هناك مجموعة جدالات ومناظرات حول أمور لا تعلم عنها شيئاً. إن زملاءك، الذين قد يكون لديهم أهداف مختلفة، يستخدمون تأثيرهم الخاص على نفس السلطات التي تستخدمها أنت. خذ بالاعتبار ما يجري من حولك وفي المستويات الأعلى منك، وابحث دائماً عن موارد المعلومات التي قد تساعدك على تحسين منطلقاتك.

التكتيك للتأثير على السلطة
بعد أن تجري التقييم، يكون قد حان وقت التصرف. توجد تكتيكات عامة لمقاربة السياسات الخاصة بالمنظمة والتدخل باستخدام سلطات الآخرين. إن التكتيكات التالية هي الأبسط والأكثر شيوعا.
الطلب المباشر
في الطلب المباشر، تقوم بأبسط شيء ممكن، حيث تذهب إلى صاحب السلطة التي تحتاجها، وتسأله عنها. وتبعا للطريقة والأسلوب الذي عرفته (راجع القائمة السابقة) فإن هذا قد يكون عبارة عن حوار غير رسمي، أو بريد إلكتروني أو اجتماع حددتماه سويا من أجل هذا الهدف. كلما كان طلبك أكثر رسمية كانت الاحتمالات أكبر لأن يتدخل الناس في النقاش. بينما كلما قلت رسمية الطلب، كان حوارك وربما طلبك أكثر مباشرة. في الشكل 16-5 تمثل A الشخص صاحب السلطة التي تحتاجها، وD, C, B  هم الأشخاص الآخرون في الفريق:
الحوار
إنها عبارة عن تنوع تعاوني من الطلب المباشر. إذا تنافست مع الشخص B على نفس الموارد، وناقشتما الأمر معاً، فإنك تسأل A أن يقابل كلا منكما ويحل المشكلة كمجموعة. إن الفرق التي لديها أهداف قوية وأسلوب عمل جماعي جيد تقوم بهذا النوع من الأشياء بشكل طبيعي وغير رسمي. فهم يثقون بعضهم ببعض لكي يعملوا باتجاه أهداف المشروع المشتركة، ويتبنون نقاطا جيدة حتى عندما تلغي تلك الامتيازات سلطتهم أو نفوذهم الخاص. يشجع القادة والمدراء الأقوياء هذا السلوك لأنه يقلل الحاجة إلى تدخلهم: حيث إن الفريق سيتعلم أخيراً أن يحل مشكلاته بنفسه (مثلاً، يتعلمون تكرار فلسفة الشخص A دون وجوده شخصيا) ويتدخل A فقط عندما تكون هناك حاجة إلى اتخاذ قرارات صعبة.
استخدام التأثير (اجعل أهدافك جانبية)
بدلاً من الاعتماد على تأثيرك الخاص لإقناع A، استثمر في الدعم المقدم من قبل الآخرين في المنظمة لإصدار آراء ونظريات مشابهة. اختر بحذر بين أعضاء فريقك بشأن مقدار تأثيرهم على الشخص  A. وإذا كان تأثيرك ضعيفاً، فإنك قد تحتاج إلى استخدام دعم عدة أشخاص.
في الفرق العسكرية، يدعي هذا الأمر جعل الأهداف جانبية. بدلاً من التواصل من الأعلى، فإن التواصل يكون جانبيا، وهذا يعتبر ميزة. وبدلا من التعامل مع نظرياتك، فإن  يجب أن يستجيب أيضًا لآراء واحد أو أكثر من الأشخاص ذوي التأثير. وعندما تأتي هذه الآراء من أشخاص يناظرون A في السلطة أو الأقدمية فإن إثبات خطئها يكون أصعب. (من جهة أخرى، أحذر عند استخلاص آراء الناس ذوي الأقدمية الأكبر منA   في غيابه. إن هذا يمكن اعتباره محاولة للتحايل على سلطة A . إنه يعتمد على ثقافة المجموعة وشخصية  A).
يمكن دمج هذا اختياريا مع الطلب المباشر (كما هو موضح في الشكل 16-6). تتضمن الخيارات الأخرى كيف يمكنك استخدام التأثير الذي كسبته. وقد لا يكون ضرورياً وجود  D ,  C, B فعلياً في الغرفة، أو حتى التحدث إلى   A عن الموضوع قيد التساؤل. وطالما حصلت على موافقتهم، فإنك قد تكون قادراً على التحدث إليهم، مخبرا A « أظن أننا بحاجة لإلغاء هذه الميزة. لقد تحدثت إلى B  و C و D وجميعهم متفقين معي على هذا القرار ». بالطبع، كن حذرا ألا تتجاهل ما يقولونه، وارغب دائماً أن تحضر الأشخاص إلى الغرفة لكي يستقر الأمر (للعودة إلى المحادثة بفعالية).
 الاستخدام متعدد المراحل للتأثير
عندما لا تتمكن من الوصول إلى الأشخاص الذين تحتاجهم، اعمل بشكل معاكس لسلسة التأثير أو الهرمية. إذا كان  هو الشخص الوحيد الذي يصغي له A ، ولم تتمكن من الوصول إلى C وحيدا، اكتشف صاحب التأثير الأكبر على C .ثم تواصل معه واعرض قضيتك. ومن هناك يمكنك العمل باتجاه أمامي إلى أن يصل تأثيرك إلى النقطة التي تريد تطبيقها.
 الاستخدام غير المباشر للتأثير
بالمصادفة، فإن الطريقة الأفضل للتأثير على السلطة هي أن تضع الأشياء في الحركة، ولكن مع وقوفك خلف المشهد. ربما يكون A أعلى منك بمستويين أو أكثر في مخطط المنظمة، وكان لا يستجيب بشكل جيد إلى الطلبات المباشرة من الأشخاص في مستواك. أو ربما أن A لا يحبك أو أنه حالياً منزعج منك لسبب آخر (وأنت تعتقد أنه لا يستهدفك).
في هذه الحالة، استخدم دعم شخصاً آخر لتحقيق هذا الطلب من أجلك. وقد يكون مديرك المباشر، أو أحد الزملاء في فريقك، أو شخصاً ما يعمل مع A  وهو بالمصادفة ذو تأثير على الموضوع قيد البحث.
إن الطريقة الأقل جنباً لإدارة هذا الأمر هي تأطير الموضوع كاملاً بالحوار. تحدث إلى   Cوانظر إذا كان يتفق معك. وإذا كان كذلك، اسأله إذا كان سيتحدث مع A عنه (راجع الشكل 16- 8). وعندما يذهب إلى A ، لا يجب عليه أن يكذب أو يضلل، يمكنه إصدار البرهان من منطلقه الخاص، لأنه يتفق بصدق معك مع طلبك. ومن ثم إذا طلب A أن يتحدث معك عن الأمر، وإذا طلبت أنت منه ذلك لاحقاً، فإن برهانك سيستفيد من تأثيرC  .
 اجتماع المجموعة
إن الاجتماعات هي حالات سياسية شديدة التعقيد. حيث يمكن لأي شخص أن يتكلم ويطرح الأسئلة، وأن يطبقوا سلطاتهم السياسية على النقاش بطريقة يمكن أن تجعل الأمور أصعب. وإذا كان مناقشة أو اتخاذ قرار بشأن أمر هام تأكد من أنك قد قيمت الأشخاص الذين سيكونون موجودين في الغرفة قبل حصول الاجتماع. إنك سترغب بوقت إضافي لتتحضر لاستخدام نفوذك وتأثيرك قبل الاجتماع (ليس بالضرورة للتأثير أثناء الاجتماع، وإنما لمساعدتك لكي تتهيأ لما يحتمل حدوثه). من جهة أخرى، فإن الاجتماعات ملائمة جدًّا، حيث ترى الجميع موجودين في نفس المكان والزمان، ويمكنك أن تتعامل مع أنواع عديدة مختلفة من الأمور في نفس الوقت.
خذ بالاعتبار، قبل الاجتماع، ما الأسئلة التي قد تُطرح وما أنواع الإجابات التي يرغب كل شخص أن يسمعها. وإذا كنت تعرف الأشخاص جيداً، يمكنك إصدار أحكام جيدة لما هو متوقع، وأن تتهيأ لكل شيء بنفسك. وإذا لم تعرفهم، اطلب ذلك قبل أن يبدأ الاجتماع، حكم الآراء الراجعة من الأشخاص الهامين الذين سيحضرون الاجتماع. اعرف اهتماماتهم وأسئلتهم الهامة باكرا، وبعدها إما أن تقوم بالتغيير إذا كان مناسباً، أو طور دفاعك عن الخطة الحالية. وإذا كان برنامج العمل تحت سيطرتك، خطط تبعاً لذلك.
أحيانًا، قد يكون إعدادك للاجتماع الطريقة الوحيدة لحل موضوع السلطة. نادراً ما ينجح البريد الإلكتروني مع الأمور المعقدة أو الثابتة، أو ربما أنك قد حددت أنه يجب أن تصغي إلى باسل وماهر في نفس الوقت لتقتنع أنه يجب إتباع تفضيلاتك. إن إدارة الاجتماعات الفعالة هي مهارة بحد ذاتها ، أما الآن، فافهم أنه كلما كنت مجهزا بشكل أفضل لمثل هذه الأسئلة والمناظرات، فمن الأسهل إدارة الاجتماع بلطف وبالاتجاه المفضل.
اجعلهم يعتقدون أنها فكرتهم
في حالات نادرة، يمكنك زرع البذور، ومن ثم ريها بشخصية شخص آخر، ويمضي الأمر كالتالي، إنك لا تعتقد أن الطلب المباشر سيقابل بالنجاح، لذلك، قم بالمقابل بتوجيه النقاش حيث تعرف المشكلة وتطلب المساعدة في إيجاد الحل. لا تعرض الإجابات بنفسك، وإنما اطرح الأسئلة وشكل نقاطا تقودها بلطف تجاه النتيجة التي تريدها مثل كل المعاملات، فإن هذا يتطلب مهارات ثابتة ومطورة -يملكها قلة من الناس. لكنني أعترف، أنه أحيانًا يكون الأمر فعالا مع المدراء المخضرمين الذين يحبون التصديق أنهم على حق طوال الوقت.
اعرف ساحة اللعب
إن آخر اعتبارات إدارة المشروع تتضمن حقل اللعب السياسي. إن الناس الذين لديهم السلطة الأكبر يعرفون ما القواعد التي سيتبعها الفريق. كيف تحصل على السلطة، وتطبقها وتوزعها. عندما يتصرف الأشخاص بعدم مساواة مع الجميع ويخادعون الآخرين، فإن الأمر يعود إلى أصحاب التحكم لتعريف وتأنيب ذلك السلوك. ويجب أن يكون من مصلحتهم المحافظة على ساحة اللعب عادلة نسبياً والسماح للأشخاص المناسبين استخدام النظام السياسي حتى أفضل نهايات المشروع.
من جهة أخرى، إذا لم يكن أصحاب النفوذ حريصين على الحفاظ على ساحة اللعب عادلة فإن الأمر يعود إليك أو إلى أحد اللاعبين، أن تفهم قواعد اللعبة والانضباط تبعاً لذلك، إما أن تستخدم سلطتك لتحاول وتغير هذه القواعد، أو أن تقبلها كما هي. وإذا كانت السلوكيات الظالمة والخادعة هي الشائعة، فعليك أن تعرف كيف ينعكس ذلك على نتائج الطرق التي تختار اتخاذها. لا تفترض أن الآخرين سيؤثرونك على أنفسهم إذا لم يتوفر سبب لذلك. أنا لا أنصح أن تتخذ الطريقة الأقل سيطرة وتقليد سلوك الآخرين، إن هذا خيار أخلاقي عليك اتخاذه بنفسك. لكنني أقول إنك لست بحاجة إلى أن تدرك اللعبة التي تلعبها والذين تلعبها معهم. أضف هذه المعلومات لتقييمك واستفد من قدرتك على توقع كيف سيلعب الآخرون.
شكّل حقلك السياسي الخاص
بغض النظر عن مدى فظاعة السياسات، فإنك كمدير مشروع لديك السلطة للتحكم بحقل اللعب خاصتك. كذلك، فإنك تتحكم بكيفية توزيع سلطتك عبر الفريق. هناك خياران أساسيان: اجعل حقلك مكاناً آمنا وعادلا ليعمل فيه الأذكياء، أو اسمح للمشكلات والأعراض الخاصة بالفرق الأكبر أن تؤثر على عالمك. إن الأخير سهل، لا تفعل شيئاً، والسابق يتطلب القيادة والتوظيف للكثير من التكتيكات الموصوفة في هذا الكتاب.
إن المدراء الجيدين يجدون دائماً طرقا لحماية فرقهم، على أن الصحيح أنه لكي ينمو فريقك، يجب أن يختبر الحالات الصعبة، والمدير الجيد يحمي الناس بما يكفي فقط لكي يتمكنوا من أن يكونوا فعالين وبنفس الوقت معرضين للخبرات الحقيقية وفرص التعلم. بشكل مشابه، إذا كان مديرك يقوم بعمل جيد، فإنه يحميك من مشكلات وحالات محددة ويعمل بفعالية بالنيابة عنك ليسهل العالم من حولك لكي تعمل فهي. وعند أي مستوى في الهرمية، فإن هذا النوع من القيادة الحامية يستغرق المزيد من العمل والنضج لإنجازها. ولكن هذه هي طبيعة الإدارة الجيدة.
لذلك، لا تفترض أنه بسبب كون مديرك يعاملك بشكل ضعيف، فإنك يجب أن توضح ذلك في تقاريرك. إنك أنت، كمدير، من يقرر كيف يجب إدارة فريقك. لا تنشر السلوكيات والعادات، أو التكتيكات التي تظن أنها مخربة. اشرح لفريقك الاختلافات في أسلوب العمل أو السلوك، ولكن لا تتبع السلوك الذي تعتقد أنه عكس الإنتاجية.
إن معظم النصح في هذا الفصل والكتاب يُطبق على أي مستوى في الهرمية التنظيمية. إذا لم تتوفر أهداف واضحة في مستواك، يمكنك دائماً أن تخلق أهدافا واضحة لفريقك. وإذا لم تتوفر سلوكيات واضحة في مستواك أو في المستويات الأعلى للمنظمة لكيفية توزيع الموارد، يمكنك أن تشكل السلوكيات الخاصة بك بالنسبة للمنظمة التي تقودها. إن الأمر نفسه ينطبق على التخطيط للمشروع، والتواصل واتخاذ القرار. قد لا تستفيد مباشرة من هذه الجهود، ولكن فريقك سيستفيد منها بالتأكيد. قد يكون من الأسهل عليهم أن يكونوا فعالين ويحصلوا على المزيد من العمل المنجز لأنك تزودهم ببنية فعالية لا تملكها باقي المنظمة.
في النهاية، فإن القيادة السباقة في فضائك الخاص من التأثير هي أفضل طريقة لتنمية مواردك الخاصة من السلطة. مبدئياً. ربما تفقد التفضيل مع مدرائك للعمل بشكل مختلف عما يفعلون ولكن عبر الوقت، سيحب الناس حقل اللعب الذي شكلته. وسيكونون أكثر سعادة وفعالين أكثر في العمل معك ومن أجلك من الآخرين. بشكل مختلف عن حالة باقي المنظمة، فإن جودة عمل فريقك ستتزايد باستمرار.
خلاصة

  • إن السياسات هي نتائج طبيعية للطبيعة البشرية. عندما يعمل الأشخاص معاً ضمن مجموعات، يكون هناك مقدار محدد من السلطة التي يجب توزيعها عبر أشخاص مختلفين ذوي رغبات وحوافز مختلفة.
  • لدى جميع القادة قيود سياسية. كل مدير تنفيذي، أو مدير عام، أو قائد له أنداد ورؤساء يحدون من قابليتهم لاتخاذ القرار. بشكل عام، فإنه كلما كان لدى الشخص سلطة أكبر، كانت القيود التي يجب العمل بها أكثر تعقيدا.
  • هناك العديد من الأنواع المختلفة من النفوذ السياسي، تتضمن المكافآت والضغوطات والمعرفة والمرجعية، والتأثير.
  • يساء استخدام السلطة عندما تطبق بطرق لا تخدم أهداف المشروع. إن نقص الوضوح حول الأهداف، أو تحديد الموارد غير الواضح أو عملية اتخاذ القرار غير الواضحة أو سوء الفهم يمكن أن يساهم في إساءة استخدام السلطة.
  • لحل المشكلات السياسية، وضح حاجاتك. عرف الشخص الذي يملكها، ومن ثم قّيم كيف يمكنك أن تحصل عليها.
  • إذا كنت متدخلا في إدارة المشروع، فإنك تعرف حقل اللعب السياسيين حولك، ويعود الأمر إليك في اتخاذ القرار عن مدى منطقيته أو كونه عادلا.

 المرجع
كتاب : فن إدارة المشروعات، تأليف : سكوت بيركان، ترجمة حلا قش قش، دار شعاع للطباعة والنشر والتوزيع.

تحميل محتوى الصفحة رجوع