لقد تعاملت في حياتي مع أكثر من اثني عشر مديرا. ويمكنني القول بثقة إن الكثير منهم يمكن نسيانهم بسهولة. وأن بعضهم كانوا فظيعين. لكن القليل منهم الذين أعجب بهم أو أود أن أنافسهم فقد استغرقوا وقتاً لكسب ثقتي. لقد أرادوا مني أن أقوم بأفضل عمل ممكن عندي، وعرفوا أن هذا كان ممكنا فقط إذا استطعت الاعتماد عليهم في عملي اليومي، إن هذا لا يعني أنهم سيفعلون كل ما أطلبه أو يستجيبون لآرائي تلقائياً. ولكن يعن يفعليا أن تصرفاتهم كانت قابلة للتوقع. لقد كانوا في الغالب على اتفاق معي تجاه التزاماتهم، ودوافعهم وتوقعاتهم. كنت أعرف أين أقف، وما أدواري وأدوارهم، وكم مقدار الدعم الذي يوفرونه لما وجب علي القيام به.
باعتبارك قائدا أو مساهما هاما في الفريق، فإن كل شيء سيعتمد على الافتراضات التي يمكن أن تكون لدى الناس عنك. عندما تقول « سوف أنجز هذا العمل غداً » أو « سوف أتحدث مع سالي وأجعلها توافق على هذا »، سيقوم الآخرون بإجراء حسابات صامتة، وربما دون وعي عن احتمالية تحقق ما تقوله. ومع الوقت، إذا قمت بخدمة الفريق جيداً، فإن هذه الاحتمالات يجب أن تكون عالية جدًّا. وسوف يثقون بكلامك ويضعون ثقتهم فيك.
على الرغم من أن الأفلام وعروض التلفزيون تصور القيادة دائماً على أنها نشاط درامي إلى درجة كبيرة -حيث يسرع الأبطال إلى المباني التي تحترق، أو يحاربون بشجاعة لوحدهم حشود الأعداء -فإن القيادة تتعلق بأشياء عملية وغاية في البساطة. نفذ ما تقوله، وقل ما تعنيه، واعترف عندما تخطئ. استخدم أفكار وآراء الآخرين في القرارات التي تؤثر عليهم. وإذا تمكنت من القيام بهذه الأشياء أغلب الأوقات فإنك ستكسب ثقة الأشخاص الذين تعمل معهم. وعندما يحين الوقت حيث يجب أن تطلب منهم القيام بشيء ما لا يعجبهم أو لا يوافقون عليه، فإن ثقتهم بك سوف تجعل قيادتك لهم ممكنة.
إن هذا يتضمن أنه لكي تكون قائدا جيداً، فإنك لا تحتاج أن تكون أفضل مبرمج، أو مخطط أو معماري أو أفضل من يجري التواصل أو أفضل من يروي الفكاهات أو أفضل مصمم أو أي شيء آخر. إن كل ما هو مطلوب هو أن تجعل بناء الثقة أمراً هاما يجب صقله، وأن تمضي في طريقك لتشارك الآخرين من حولك بهذا. وبالتالي، لكي تكون قائدا جيداً، عليك أن تتعلم كيف تجد وتبني وتكسب وتمنح الثقة للآخرين -بالإضافة إلى تعلم كيف تصقل ثقتك بنفسك.
بناء وفقدان الثقة
الثقة (اسم): اعتماد ثابت على استقامة أو قدرة أو شخصية شخص ما.
« الثقة هي في جوهر كل العلاقات الهادفة. ومن دون الثقة لن يكون هناك عطاء أو ارتباط، أو مجابهة للمخاطر »
مدير (المركز التعليمي لمنظمات المجتمع) Terry Mizrahi, ECCO
لقد سألت عينات عشوائية من معارفي عن الأشخاص الذين يثقون بهم في أماكن عملهم الحالية، كاختبار غير رسمي، وماذا. لقد كانت جميع الإجابات واحدة تقريباً: إن الثقة مكتسبة من قبل الأشخاص الذين يؤدون عملهم بشكل جيد، ويلتزمون بأهداف المشروع، ويعاملون الناس بعدل، ويتصرفون بثبات في الأوقات العصيبة، ولم يذكر ولا شخص واحد فيما إذا كانوا يحبون أولئك الأشخاص أو قد يرغبون بدعوتهم إلى العشاء. يبدو أن الثقة (في سياق العمل) هي أمر يتغلب على السمات الشخصية الأخرى. حيث يمكننا الثقة بالأشخاص الذين لا نحبهم أو لا نرغب أن نمضي الوقت معهم.
على عكس السمات الأخرى عند الناس، فإن الثقة لها علاقة صغيرة بالتفضيلات الشخصية. فنحن لا نختار الشخص الذي نثق به على أساس الأمور الظاهرية. وإنما هناك مجموعة أعمق من الحسابات التي نجربها على الذين يمكننا الاعتماد عليهم. فإذا سألتك بمن تثق أنه سينقذ حياتك في الحالات الخطيرة، فإنك سوف تختار الأشخاص الذين يختلفون جدًّا عن الذين تختارهم إذا سألتك مع من تريد الذهاب إلى السينما. ليس هناك إجبار على التوافق الشخصي والوثوقية لكي يرتبطا أحد كما بالآخر بأي شكل.
ولكن من أجل اختبار الثقة في سياق المشاريع، نحن بحاجة إلى تجزئ المفهوم إلى أجزاء عملية. إن إحدى وحدات الثقة هي الالتزام. والالتزام، أو الوعد، هو أبسط أنواع الاتفاق بين شخصين عن شيء ما يثقان كلاهما بالقيام به.
تبني الثقة على الالتزام
عندما تشكل صداقة جديدة. ويخبرك هذا الصديق أنه سيقابلك في مكان ما، فإنك تؤمن بأنه سيكون في المكان الذي ذكره، وفي الوقت الذي وعد به. ولكن إذا خذلك مرتين أو ثلاث مرات متتالية، وانتهى بك الأمر إلى مشاهدة الفيلم أو الانتظار في النادي وحيدا، فإن ثقتك به سوف تتناقص. وكنتيجة، إنه يخذل التزاماته تجاهك. وإذا استمر ذلك فإن نظرتك إليه سوف تتغير. ولن تراه شخصاً يمكن الوثوق به، وسوف تتساءل عن ثقتك به في الأمور ذات الأهمية.
تبعاً لـ Humphrey في كتاب (Addison Wesley. 1989) Managing the software Process فإن أحد العناصر المركزية للمشاريع المدارة بشكل جيد هي قدرة القائد على الالتزام بعمله، والعمل على تحقيق التزاماته. يؤمن Humphrey أن هذا مهم جدًّا حتى إنه عرف بدقة أجزاء الالتزامات الفعالة، وفيما يلي قائمة بها مع بعض التعديلات:
1- إن الشخص الذي يعطي الالتزام، يفعل ذلك عن رغبة.
2- لا تقدم الالتزامات بسهولة: إن هذا يعني ا، العمل المتعلق والموارد والجدولة يتم أخذها بالاعتبار بعناية.
3- هناك اتفاق بين الأطراف على ما سيتم إنجازه، ومن الذي سيقوم به، ومتى.
4- يتم التصريح عن الالتزام علناً وبشكل منفتح.
5- يحاول الشخص المسئول الوفاء بالالتزام، ولو احتاج المساعدة.
6- قبل موعد الالتزام. إذا تغير شيء ما يؤثر على أحد طرفي الالتزام، تعطي ملاحظة سلفا، ويتم التفاوض على التزام جديد.
هناك شيئان ذوا أهمية محددة هنا. الأول: إن الالتزامات تعمل باتجاهين. حيث إن الشخصين المتدخلين قد التزما أحدهما تجاه الآخر باتفاق. فإذا التزمت سها تجاه سعيد بالاعتناء بمنزله أثناء غيابه خارج المدينة، فإن كل طرف مرتبط باحترام مصالح الآخر. حيث لا يجب على سها قطع المسافات إلى منزل سعيد بقصد الاعتناء به، لتجد أنه مستلق على الأريكة، ويتابع التلفزيون، فيقول لها « آسف، لقد نويت الاتصال بك البارحة -لقد ألغيت رحلتي ». إن ثقة كل طرف تمنح للآخر في تبادل للثقة، والمتوقع هو احترام الثقة - لا أن تكسر أو تنسى. إن جعل أحد الأشخاص يضيع وقته أو ماله هو كسر للثقة.
الأمر الثاني: هو أننا نشكل التزامات طوال الوقت. ففي كل محادثة نجريها والتي نُسأل خلالها أو يطلب منا القيام بشيء ما، ونافق على زمن محدد لها، فإننا نشكل التزاما. إن هذا يتضمن أبسط العبارات مثل « سوف أتصل بك بعد الغداء » أو « سوف أقرأ تلك المسودة غداً ». قد يكون لدى شخصين أفكار مختلفة عن مدى جدية الالتزام، ولكن هناك نادراً أدنى شك أن هذا الالتزام قد تشكل. وكلما أخذنا التزاماتنا تجاه الآخرين بجدية أقل كانت الفرص أكبر لتتناقص ثقتهم بنا. هناك مستويات مختلفة للالتزام (مثل، إذا نسيت أن تتصل بزوجتك يوماً ما، فهي لا تفترض أنك ترغب بالطلاق)، ولكنها مترابطة وتساهم في نظرتنا لاستحقاق الآخرين للثقة.
تضيع الثقة خلال السلوك المتناقض
بالعودة إلى المشاريع، فإن الناس يحطمون الثقة عندما يتصرفون بعشوائية أو بشكل غير متوقع. عندما يتصرف أحد الأشخاص باستمرار دون اعتبار التزاماته، فهو يخلق أمواجا من الاهتمام والقلق اللذين يزعجان الفريق. وتُسلب الطاقة من الأشخاص الذين يجب عليهم العمل معه (أو منافسته) وبدلا من بذل طاقتهم باتجاه إنهاء العمل، عليهم الآن أن يصرفوا طاقاتهم في الحسابات فيما إذا كان سيقوم فعلاً بما يقول إنه سيقوم به. يجب اتباع الخطط الطارئة، ومستويات الضغط النفسي والشك ترتفع (« إذا لم تقم سالي باختبار هذه الشيفرة حتى نهاية اليوم،، فإننا سنقع في أزمة »). وكلما كان الشخص أقل مبالاة بمسئولياته، تشكلت أمواجا أكبر.
إحدى القصص المثيرة (رغم أنها مؤلمة) عن تخييب الثقة، تتعلق بأحد مدرائي السابقين. لقد كنت مديرا برمجيا أعمل مع خمسة مبرمجين ومسئولي اختبار، وكنا متفقين. كان جاك قائدا للفريق ولديه السلطة علي وعلى عدة مدراء مشاريع آخرين. لقد كانت المشكلة في عادة جاك في تغيير رأيه. فمثلاً: كنا نناقش أنا وإياه قرارات كبيرة كنت أتخذها وأحتاج إلى دعمه. كنا نصل إلى اتفاق سريع عن أفضل الطرق، ولكن فجأة وفور دخولنا الاجتماع حيث توجد شخصيات قوية أو أشخاص بنفس درجة جاك أو أكثر منه ولا يتفقون معه، عندها ينسحب بأسلوب مأساوي (لقد فعل هذا تقريباً ثلث الوقت، ولكنني لم أعرف أبداً في أي ثلث). ويمضي مع الاتجاه الآخر ويوافق على أي قرار متخذ وتوافق عليه الأغلبية.
أتذكر أنني كنت أقف عند اللوح الأبيض أثناء الاجتماعات، وفي منتصف الطريق لشرح خطتي A عندما يوافق هو على اقتراح شخص آخر لاستخدام الخطة B. كنت أتوقف وأحدق به، مذهولا من قدرته على القيام بهذا دون أن يشعر بأي شيء. هل نسي حقاً؟ هل هو شخص مزعج إلى هذه الدرجة هل هو غير واع لما يفعله بي؟ أو أن هذا التصرف الأشبه بالطقس المتقلب (اتباع أهواء الموجودين) فعلاً خارج سيطرته؟ لم تكن لدى المهارة حينها لأصحح هذا، ولم أكن ذكيا كفاية لأتحدث مع الآخرين عن السلوك الذي اختبرته، لهذا كنت أعاني. ولم تكن تماريني في النادي جيدة جدًّا.
أخيراً، حاولت مناقشة هذا التصرف معه. كما قمت بتوثيق القرارات التي اتخذناها فور اتخاذها (البريد الالكتروني مناسب لهذا) واستخدامها فيما بعد كمرجع. كما أنني بذلت الكثير من الجهد في تحضيره مباشرة قبل الاجتماع. لكن كل هذا تم فقط من أجل أصغر التحسينات (فبدلا من دعم الخطة B ، فقد اكتفى أن يبقى خارج النقاش، لا أن يدعم الخطة A ). لقد وجدت نفسي مباشرة أعمل من دونه، كنت أتبع طريقتي في اتخاذ القرار في الاجتماع دون وجوده. وللمقارنة، فقد كان عملاً أقل وفعالية أكبر. لقد خلق هذا مشكلات أخرى في فريقنا (وبعلاقتي مع جاك) ولكنني كنت قادراً على إدارة نظامي وإنجاز الأعمال.
إن الأمر المحزن هو أن جاك كان ذكيا. وكان العمل معه مسليا. ولكن بما أنني لم أستطيع الوثوق به، فإن ذلك لم يكن مهما. لقد كان من الممكن أن يكون أكثر فائدة كمدير لو كان أقل ذكاء ولكن محط الثقة. لقد كنا بالتأكيد سنشكل منتجات أفضل، ولكنت صرفت طاقة أقل لإدارته وطاقة أكبر لمساعدة الفريق.
اجعل الثقة واضحة (شكّل أضواء خضراء)
لقد جعل المدراء الذين عملت معهم الثقة صريحة. لقد أخبروني بصراحة أن لدي السلطة لاتخاذ القرارات ضمن مساحات مسئولتي، على أساس أنني أتلقى الدعم من فريقي. لقد عرف (مدرائي) أشياء محددة كانوا مهتمين بها وطلبوا مني العمل معهم على اختبار هذه النقاط. لقد سألوني عما أحتاجه منهم وكنا نتفاوض لنرى إذا كان بإمكانهم تأمينه لي. من جهة أخرى، لقد وجهوني إلى التركيز على تحقيق الأشياء بدلاً من البحث عن موافقة أي شخص آخر. إن منح الثقة، وهو المعنى الحقيقي للتفويض هو أمر هام. لدى بعض الرياضات مفردات خاصة لهذا النوع من تفويض السلطات، -على سبيل المثال، الحصول على (الضوء الأخضر) في كرة السلة.
لقد لعبت كرة السلة مع فريق المدرب Rob Elkins ، قبل سنوات من ممارستها في المدرسة في المرحلة الثانوية. أخذني جانبا في أحد الأيام أثناء التمرين، وهذا كان يعني عادة أنه وقت التأنيب، فقد كنت أمارس الحماقات أثناء التمرين، وأسحب ملابس اللاعبين حتى لا يستطيعون العودة إلى الدفاع مرة أخرى. عندما جلست، أطرقت رأسي، لكنه لم يقل شيئاً، جلسنا للحظة طويلة، وراقبنا باقي الفريق يتناوشون في الملعب وأخيراً قال « Scott»، لديك الآن الضوء الأخضر »، فنظرت إليه وسألته: « الضوء الأخضر؟ » فأجاب « نعم » مبتسماً، ولكن دون أن ينظر إلي. فقلت « حسناً » وركضت عائداً إلى ساحة اللعب. ورغم أن قليلاً من الناس قد سمعوا تلك الكلمات، إلا أن كل اللاعبين يعرفون نوعاً ما ماذا تعني. حيث إن اللاعبين مبرمجون بشكل طبيعي على رمي الكرة فقط تبعاً لمسار اللعبة الذي يفرضه المدرب، والضوء الأخضر كان يعني الإعفاء. فقد كان بإمكاني رمي الكرة عندما أجد أن الوقت مناسب، بالإضافة إلى قدرتي على إيقاف اللعبة وممارسة السلطة عندما أجد ذلك ضرورياً.
ينتقل مقدار كبير من الثقة من بإخبار اللاعب بشيء مثل هذا، ولهذا السبب بالضبط يمارس معظم اللاعبين مهنتهم حتى النهاية ولا يسمعون هذا أبداً (لقد واصلت لعب كرة السلة في المرحلة الثانوية وفي المعهد، إلا أنني لم أسمعها مرة أخرى ولم أكن قد سمعتها من قبل). يخاف المدربون عادة التنازل عن أي سلطة. وكذلك المدراء، فهم يشعرون أن سلطتهم ضعيفة. فالوقوف جانبا (أو الجلوس وحدهم في الزاوية) هو مكان يتعرضون فيه للسخرية. يخاف معظم المدراء والمدربون مما سيحدث لو منحوا فرقهم المزيد من الحرية. وينسون أن بإمكانهم دائماً ضبط مستويات الثقة. هل أسأت استخدام الثقة التي وضعها في المدرب، فلم يكن هناك ما يمنعه من استعادة جزء منها (أن يغير الضوء الأخضر إلى أصفر). وربما الأمر الأهم هو أن مستوى الثقة التي يخشى المدراء منحها هي تماماً نفس الكمية التي يطلبها فريقهم لينقادوا فعلياً خلف مدرائهم.
يمكنني أن أقول بثقة إنني كنت ألعب بجد مع ذلك المدرب أكثر من أي مدرب آخر. لقد شعرت عفويا أن لدي معيارا أعلى لأصل إليه (رغم أنني قمت بسبع رميات في ربعية واحدة في نفس اللعبة وضيعتها جميعاً، وأنا واثق أن هذا كان احد التسجيلات للنادي عن المحاولات والفشل). كما أنني عملت بكثافة أكبر مع المدراء الذين مرروا لي مقادير مشابهة من الثقة، أكثر من أولئك الذين لم يفعلوا. لم افعل ذلك لأنني أحببتهم (رغم أن ذلك ساعدني). وإنما لأنني منحت مساحة للتطور. إن نقل الثقة يخلق التفويض الحقيقي لأنه يقود الناس إلى المكان حيث يعملون بأقرب ما يمكن لأدائهم الأعظمي.
إذا كان هدفك هو الاحتمال الأعظمي للنجاح، عليك أن تبحث عن الطر ق لإعطاء الناس الضوء الأخضر. إن مهمة المدير هي أن يخلق الفرص لفريقه، بالإضافة إلى مساعدة فريقه في الحصول على القوة والتحضير لاستغلال تلك الفرص.
الأنواع المختلفة للسلطة
هناك نموذجان للسلطة سوف أستخدمهما في هذا الكتاب. سوف يأتي النموذج المتقدم لاحقاً في الفصل 16. أما الآن، فسوف أتحدث عن النموذج البسيط، ولكنه شكل وظيفي وفعال.
تأتي السلطة الوظيفية على شكلين: ممنوحة ومكتسبة. تأتي السلطة الممنوحة من هرمية المناصب الوظيفية (أحيانًا تسمى سلطة [المكتب] أو السلطة الناشئة عن الوظيفة). على سبيل المثال، لدى مدرب الفريق الرياضي في كرة السلة، السلطة لاتخاذ القرار أي اللاعبين سيكون موجوداً في الملعب وأيهم خارجة. أو قد يملك رئيس المكتب الصغير للمبيعات السلطة لتشغيل. أو طرد أي شخص يختاره. لكن هذه السلطة لا علاقة لها أبداً بمقدار الاحترام الذي يكنه الناس للشخص الذي يستخدم هذا النفوذ، أو حتى بمقدار المهارة والمعرفة التي يشعر الناس أن مديرهم يملكها. على العكس فالسلطة المكتسبة هي الشيء الذي يجب صقله من خلال الأداء والأفعال. فهي تحصل عندما يختار الناس الإصغاء، ليس بسبب أن شخصاً ما لديه السلطة، وإنما لأنهم يعتقدون أنه ذكيا أو متعاونا.
لا تعتمد على السلطة الممنوحة
« أنا لا أثق بكل المنظمين وأتجنبهم: فالميل إلى النظام هو نقص في الاستقامة ».
Nietzsche
إن استخدام السلطة الممنوحة كقوة أساسية في القيادة، يحد من العلاقات، فهي تستثني احتمالات تبادل الأفكار وتحول التركيز إلى استخدام القوة. بدلاً من الذكاء. رغم أن هناك حالات يكون فيها استخدام السلطة التعسفية مطلوباً، فإن القادة الجيدين يحتفظون بهذا السيف في غمدة قدر الإمكان. وفور سحبك له، لن يصغي إليك أحد -فهم ينتبهون إلى السيف. والأسوأ، أن كل من حولك سيسحبون سيوفهم كاستجابة لما فعلته بدلاً من أن يشرحوا لك لم أنت مخطئ. سوف يستخدمون سلطتهم الممنوحة لتحدي سلطتك. إن هذا سيؤدي إلى منافسة قوى وهي لا علاقة لها بالذكاء أو البحث عن الحل الأفضل. إن السلطة الممنوحة (مثل « الجانب المظلم للقوة) مغرية لأنها أسهل: حيث لا يجب عليك أن تعمل بجد كبير لتحصل على ما تريده.
لقد واجهت ذات مرة حالة وضعتني في مفترق طرق بين السلطة الممنوحة والمكتسبة. لقد كانت أثناء العمل على LE 2.0، عندما أوكلت إلي أول مهمة إدارة برمجية رئيسية. حيث تم تقديمي في اليوم الأول إلى المبرمجين الذين كنت سأعمل معهما، Bill و Jay ، لقد كان ودودا، وكان Bill هادئا ومتوعدا. كان Bill مخضرما جدًّا في المنظمة (لقد كان في الدرجة 13 تبعاً لاصطلاحات حينها، وهذا يعني أنه كان مخضرما إلى أقصى درجة يمكن أن يصل إليها المبرمج). أتذكر أنني جلست في مكتبه، أنظر إليه عبر مقعده. واستمررت في الكلام لمدة عشر دقائق دون أن ينطق هو بكلمة، لقد اكتفى أن يسترخي على كرسيه ويحدق بي.
لقد حاولت التوجه إلى اللوح الأبيض لأرى إذا كان هذا سيساعد في جعله يتكلم، ولكن دون فائدة. لقد تحدث فقط لينطق بأشياء ساخرة أو محرجة بغموض. مثل « آه، أهكذا يتم هذا الشيء؟ » و « واو... مثير أنك تفكر هكذا. »، لقد كان يلاعبني فقط، مثل قطة تلعب مع فأر نصف ميت. لقد كنت مجرد شخص متعجرف ذي 23 عاماً، لم يكن لدي فكرة عما كنت أفعله، على الرغم من مدى اقتناعي بقدرتي على تلفيقه. بينما من الجهة الأخرى، كان Bill متمرسا متعودا قد مر بهذا الأم رعدة مرات من قبل. في الحقيقة، أنا واثق أن هناك فكرتين فقط كانتا تجولان في رأسه: « كيف تورطت مع هذا الفتى الجديد؟ » و « هل هو أول أو ثاني شخص قابلته على الإطلاق؟ ». ولقد انتهيت المجابهة بأنني كنت أهذي بـ « أخذاً من الفيديو الذي عرض التدريب الخاص بالموارد البشرية » بطرية معينة عن روعة العمل سويا (أنا واثق أن هذا أكد له أنني كنت، استحق الثقة، بالدرجة الأولى).
في ذلك الوقت، نصحني أحد الأصدقاء (وهو مدير مشاريع آخر): أن أخضع للمطلوب، كان يجب علي أن أطلب ذلك من Bill لأنني مدير المشروع. هو المبرمج، ويجب عليه أن يفعل ما أطلبه بخصوص القرارات عالية المستوى. إن هذا ملائم لأسطورة Microsoft عن مدراء المشاريع « قف في طريقي، وسوف أقتلك ». هذا ما سمعته، وهكذا استجمعت الشجاعة لأجرب ذلك. ولكن قبل أن أسحب سيفي وأعتلي التلة تحدثت مع مديري، وبين الضحكات قال لي لا تفعل أي شيء بسبب الحساسية، وذكرني أن Bill ذكي وذو معرفة في اختصاصاته وعلي أن أجد طريقة لأستفيد من هذا. لقد أضاف أيضًا أن العمل مع Bill سيكون، كما وصفه « جيد بالنسبة لي »، وبسبب وثوقي بمديري بالرغم من الضحكات، وضعت سيفي بعيداً وفكرت بالمشكلة من منطلق الحصول على أقصى قيمة يمكن الحصول عليها من العمل مع Bill.
اعمل على تطوير السلطة المكتسبة
على مدى الأسابيع التالية، كسبت ثقة Bill ببطء.لقد كان الأمر مؤلما في البداية. كان علي أن أبرهن ل عما كنت قادراً على فعله وأن ابدأ من الأشياء الصغيرة إلى الكبيرة في عملية الحصول على مساعدته. لقد اكتشفت ذلك عندما عرفت أنه يعرف أكثر مني عن أحد الأشياء، فكانت النصائح الجيدة تصدر عنه بسهولة أكبر. وعندما كنت أشكل التزامات وأتبعها، يصبح هو أكثر عطاء. كان علي أن اتخذ قرارات جيدة، وأدافع عن وجهات نظري ببراهين جيدة، ولكننا طورنا علاقة عمل متينة. لقد منحني Bill السلطة لاتخاذ القرارات التي تؤثر عليه لدرجة كبيرة. لقد احتاج أن أوضح له أولاً أنني أستحق ثقته.
لو كنت استخدمت أي ثقة منحت لي في تلك الأيام الأولى، لكنت قد ضيعت أي فرصة للثقة المكتسبة. وربما أنبني Bill في ذلك اليوم الأول. ولكن بما أنه كان سيستجيب فقط لسلطتي، فقد كان من الصعب التغلب على ذلك والتقدم تجاه المزيد من الطرق التعاونية للعمل معاً.
ولو اعتمدت باستمرار على استخدام السلطة (وهذا ما يرجح حصوله عندما تبدأ باستخدام السلطة)، فإنه سيصبح أقل فعالية مع مرور الوقت. ففي كل مرة يقول فيها المدير أو القائد « لأنني قلت كذلك »، فهم ينهون النقاش ويصدون أي احتمال للآراء الأفضل. وأي شخص ذكي أو متحمس حولهم لن يساهم بأفضل أعماله، ولن يكون سعيدا بمهامه المحدودة.
إن السلوك التعسفي، من منطلق تنظيمي، يبعد المفكرين اللامعين. وهو يشجع في الوقت نفسه على إبقاء أولئك الذين يرتاحون لأخذ التعليمات عما يجب عليهم تنفيذه. إن المدراء التعسفيين يخلقون بيئات عمل يمكن أن يتحملها فقط الموظفون الثانويون. والعكس بالعكس. والأسوأ، أن الطغاة يشكلون طغاة آخرين. إن هذا النمط من السلوك (السلطة الممنوحة أو لا شيء) يتسرب عبر المنظمات، ويؤدي في النهاية إلى تخريبها.
الإقناع أقوى من الإملاء
لقد تعلمت في إدارة الآخرين أنني كنت أكثر فعالية في تحقيق الأشياء عندما أقنع الأشخاص بالقيام بشيء ما قبل أن أجعلهم يقومون به. أي غبي يمكنه استخدام السلطة الاستبدادية وأن يتطلب أنواعاً محددة من التصرفات -فهذا لا يتطلب أي مهارة. ولكن لكي تقنع شخصاً ذكيا (أو مجموعة أشخاص) أن شيئاً ما لا يرغبون بالقيام به في البداية، صحيح أو جيد، أو في صالحهم، هو أمر أكثر قوة. عندما يمضون ساعات في العمل، ويبدؤون بالتساؤل لماذا يقومون بهذا، فإنهم لا يستطيعون لومك. وسيكونون قادرين على الاعتماد على ذكائهم الخاص، متأثرين ببراهينك، عن سبب صرفهم للوقت بما يقومون به.
في النهاية، أصغى إلي الناس بسبب ثقتهم بقدرتي على إيجاد أسباب جيدة لآرائي. وكانوا يسألون أسئلة أقل، ويثقون أنني فكرت جيداً بطلبي منهم قبل أن أطلبه. وكانت مخاوفهم أقل تجاه استغلالي لهم، لأنهم يعرفون تجارب كثيرة كانت فيها مصلحة المشروع والفريق هي الحافز لتصرفاتي. كلما ازداد عدد الأشخاص الذين يثقون بك، كان إقناعهم أسهل. تماماً كما حدث مع Bill . حيث إنني صرفت طاقة أقل فأقل عبر الوقت لإقناع الناس بأشياء -حتى بالرغم من أن علاقتي معهم بدأت هكذا- وكنت أحصل على إنجازات أكثر فأكثر.
كن متعسفا عند الضرورة
إن السلطة الممنوحة لها مكانها. فعندما تخرج الأمور عن السيطرة، يمكن عندها أن تكون السلطة الممنوحة هي أسرع طريقة لإنجاز الأوامر. فإذا انقسم الأشخاص في الاجتماع، ولم تنفذ الالتزامات الكبيرة، أو حدثت مشكلات أساسية أخرى، استخدم السيف. إذا كنت مقتنعا أن استخدام السلطة المباشرة هي الإمكانية الحقيقية الوحيدة للنتائج الناجحة، بغض النظر عن العواقب، استخدمها بكل الوسائل. كن واضحاً ومباشرا واستخدم سلطتك التنفيذية لتدفع المشروع إلى الأمام.
من جهة أخرى، أنا واثق أنه كلما زاد استخدامها، زادت تغطيتها للمشكلات التنظيمية الأساسية التي تحتاج إلى تحديد. فإذا كانت الطريقة الوحيدة للقيام بها خلال الأسبوع هي أن تشق طريقك خلال الاجتماعات، أو بأن تصدر الأوامر، فهذا يعني أن رؤية المشروع والبنية التنظيمية والجدولة بحاجة إلى مراجعة. فهي تمثل العمود الفقري للمشروع وتجهزك لتقوم بالقيادة دون الحاجة إلى هذا المقدار من السلطة. فإذا كانت هذه الأمور خارجة عن السيطرة جديا، فإن التعسفية تساعد فقط في إدارة الأعراض وليس في إصلاح المشكلة الجوهرية.
الثقة بالآخرين
إن الاعتماد على السلطة الممنوحة يصبح أكثر شيوعا، كلما أصبحت هرمية المنظمة أعمق وأعرض. وتوجد مخاوف أكبر بين القادة تجاه كيفية الحفاظ على عمل المجموعات معاً (أو ربما كيف يمنعوها من الابتداء بثورة)، كما أن هناك اعتقادا أنه لا يتوفر الوقت لشغل كل شخص في المنظمة بنوع من النقاش والعلاقات التي تتطلب استخدام السلطة المكتسبة. حتى في الفرق الصغيرة، فأنا أعرف بعض القادة الذين لا يؤمنون أن لديهم الطاقة أو الوقت لكي يشركوا كل المساهمين الأساسيين لديهم في هذا النمط من القيادة. إن حل هذه المشكلة هو بنوع آخر من الثقة، يدعي التفويض: الثقة بالآخرين من أجل اتخاذ القرارات.
تتراكم السلطة والثقة غالباً حول مهام أو مساحات مختلفة للمعرفة، فقد يكون لدى جود معظم السلطة عندما يتعلق الأمر بكائنات C+ +، بينما قد تكون سالي أفضل شخص يعمل مع قواعد البيانات. إن أعضاء الفريق الصحية وذات التواصل الجيد يثق بعضهم ببعض بما يكفي لمعرفة متى يكون أي شخص آخر ذا مهارة أكبر أو لديه وجهة نظر أفضل، ومن ثم اعتماد نصيحة ذلك الشخص دون الخوف من الإحراج أو الاستهزاء. إن هذا خوف حقيقي لأن الأنظمة الهندسية لديها ثقافات ناضجة عن السلوك العدواني السلبي تجاه طلب المساعدة. حتى في أقسام علوم الحاسب في المعهد، كانت الثقة بالنفس ترى على أنها منافسة أساسية، وكان طلب الطلاب المساعدة من زملائهم يعتبر غالباً دليل ضعف.
من وجهة نظر المشروع، فإن سلطة سالي في تصميم قاعدة البيانات تكون جيدة فقط. بمقدار تطبيقها على المشروع. فإذا جلست وحيدة في المكتب، ولم يستعن أحد بسلطتها للمساعدة في حل المشكلات. عندها ستهدر هذه السلطة، أو في أحسن الأحوال، سوف تكون محدودة بالمهام التي تقوم بها سالي لوحدها. إن إحدى المسئوليات الأساسية لمدير أو قائد المشروع هي أن يكون نموذجا للتفويض ومشاركة المعرفة مع الفريق كاملاً، وإذا قاموا بهذا بالشكل الصحيح، سوف يسهل على باقي أعضاء الفريق اتباعهم.
تفويض السلطة
تقليديا، يستخدم التفويض لوصف إجراء تسليم مهام أو مسئوليات محددة للآخرين. برأيي، إن الصيغة الأقوى للتفويض هي عندما يتم توزيع القرارات أو إمكانية التأثير على القرارات، يمكن أن يحصل هذا في الاجتماعات أو النقاشات الجماعية. عندما نسأل القائد أو المدير « إذا، كيف سنحل هذه المشكلة؟ تكون لديه الفرصة لتسليم السلطة لشخص آخر. « حسناً، سالي، أنت أفضل مصمم لقواعد البيانات هنا ما الذي تعتقدين أن علينا القيام به؟ » وطالما أن هذا لا يتم بظلم (لنقل وسط اجتماع مراجعة مع نائب المدير، بسبب النموذج الفاشل، عندما لا يكون لدى سالي أدنى فكرة أن عليها توقع الإجابة على أي سؤال)، فإن هذا يولد إيقاعا تعاونيا. يمكن أن يكون الناس أحرارا في التعرف على خبرة بعضهم البعض، وسوف يجنون السلطة بالشكل المناسب. وبالطبع لن يكون هناك أي شيء ف يخطر بالنسبة لمدير المشروع. وإذا لم تكن اقتراحات سالي جيدة، فإن النقاش يستمر، ولكن من دون ذلك السؤال الأول، فقد لا تحدث المناقشة على الإطلاق.
يتوسع التفويض أيضًا بالطبع إلى سلطة عدم التدخل الصريح. بالتصريح علنيا أن إحدى سمات أو مساحات العمل سوف يديرها شخص ما، فإن المدير ينقل سلطته إلى ذلك الشخص. من المهم أن يتم التفويض بشكل صريح بما يكفي ليرى ذلك كل من يحتاج إلى المعرفة به. في كل مرة كنت أسلم فيها المسئولية لشخص ما يعمل معي، كنت أتأكد من الاتصال. بكل مبرمج أو مسئول اختبار سوف يتأثر بهذا، حيث يعرفون أن أي سلطة أو نفوذ كانت لدي تجاه ذلك العمل ستنتقل إلى شخص آخر. بالطبع، لا يرغب الناس أحيانًا برؤية تفويض الأمور، وتكون مهمة القائد أن يستخدم نفوذه لفرض ذلك.
كان جون أحد مدراء المشاريع في فريقي جاهزا لتحمل المزيد من المسئولية. وبالتالي، عندما حان الوقت للتعرف على توزيع العمل في فريقي، تدبرت تسليمه مساحة من العمل كنت مسئولا عنها في الماضي. وبعد النقاش المناسب مع جون وستيف (المختص بتلك المساحة)، سلمت المسئولية لجون. وبعد أسبوع جاء ستيف إلى مكتبي ليطلب مساعدة مدير المشروع في ذلك المجال. وبينما كنت أستمع، حاولت أن أستنتج لم كان يتحدث إلي وليس إلى جون. قاطعته قائلاً « لماذا تحدثني أنا عن هذا يا ستيف؟ « فأجاب » حسناً، أنت المسئول عن هذا، أليس كذلك؟ » فقلت له « نعم ولكنها مسئولية جون الآن، هل تحدثت معه؟ » فهز كتفيه نافيا فقلت له « اذهب وتحدث مع جون، فهو شخص جيد وذكي، ثق به ». عاد ستيف بعد بضعة أيام ودار بيننا حوار مشابه ولكن أقصر من السابق، لكنني لم أسمع من ستيف أي شيء بعدها (على الأقل عن هذا الموضوع).
ربما لم يعلم جون بهذا أو أنه ليس بحاجة إلى أن يعرف. لقد فضل ستيف أن يعمل معي لسبب ما وأن تستمر علاقتنا رغم تغيير المسئوليات. ولكن لتطبيق التفويض أخرجت نفسي من النقاش. ربما استطعت أن أجيب على تساؤل ستيف بنفسي، وربما استمعت بذلك أيضًا، ولكنني كنت سأخون قراراي الخاص بالتفويض. كان علي أن أثق بأن جون وستيف سيقومان بعملهما، إلى أن يتاح السبب الجيد للتدخل في تلك المساحة من المشروع، وقد تضمن هذا أن استخدم ثقة ستيف بي، لإقناعه أن يثق بجون.
يعاني الكثير من المدراء من مشكلات في التفويض. وهم يزدادون أسبقية بسبب قدرتهم على إنجاز العمل بنفسهم، بينما تتطلب القيادة توازنا مختلفاً من المهارات عن مجرد المساهمة الفردية (رادع المقطع [إجراء التوازن في إدارة المشاريع] في الفصل الأول). إن السبب في ذلك هو أن أولئك المدراء يخشون أنهم لا يملكون التحكم الكافي. إن هذا فخ بالطبع، لأنه لو قاد ذلك الخوف قراراتهم، فإنهم لن يتعلموا الثقة بأي شخص.
أحيانًا يكون الحل بالتسوية، حيث يجب على المدير أن يناقش مع ذلك العضو في فريقه وقت التفويض ما الاعتبارات التي يتوقع من المفوَّض تشكيلها. « جون، أنا قلق بشأن ستيف، فقد تأخر عن كل التقديرات، لذلك ابذل اهتماما كبيراً بهذا الشأن، حسناً؟ ». بتحديد التوقعات من المهام، فإن القادة ينقلون بعض الخبرات والإرشاد وربما يزيدون احتمالات النجاح.
الثقة هي تأمين ضد الأوقات العصيبة
كما ذكرنا في الفصل الماضي، فإن جميع المشاريع سوف تمر بمراحل لا تسير فيها الأمور كما يجب. فالمنافسون لديهم عادة عدم تنفيذ ما تتوقعه منهم (وهذا هو عملهم)، والتقنية تظهر وتختفي، ويغير الأشخاص المهمون آراءهم، والمضمون بالنسبة إليك، كمدير للمشروع، أن الأشياء ستحدث دون أن تكون متوقعة أو دون أن يحسب حسابها. في الأوقات الصعبة أو غير الموثوقة، سترغب أن يتمكن فريقك من الاعتماد عليك والثقة بعضهم ببعض.
فإذا كانت الثقة تنمو وتصقل مع الوقت، واختبر الأشخاص اتخاذ القرارات سوية (بدلاً من المناحرة) فإن المشروع سيكون شديد المرونة ضد المشكلات. عندما يؤمن الناس بالفريق، يمكنهم تجميع نماذج من الثقة والصبر لن تتوفر بالوسائل الأخرى. تماماً مثل الجنود في حفرة المناوشة، حيث يمكن لكل شخص أن يعتمد على شخص آخر ليراقبه من الخلف. مما يحرره في تقديم المزيد من الطاقة للمهمة التي أمامه.
عندما يثق أعضاء الفريق بعضهم ببعض، فإن هذا يوفر الوقت لمدير المشروع لتركيز على حل المشكلات الحالية بدلاً من محاولة تهدئة الموظفين المذعورين أو المصابين بخيبة الأمل. قد يحتاج القائد أحيانًا أن يطلب هذا النوع من الدعم بصراحة. وعليه أن يوضح الاحترام الذي يطلبه من الفريق بواسطة التعريف بالمشكلة والسؤال وليس طلب دعمهم. (إن الصراخ بـ « أدعمني الآن! » لن ينجح). في العموم، فإن الترابط بين الأشخاص هو ما يمكنهم من تجاوز الأوقات الصعبة: ليست رواتبهم أو التقنية التي يستخدمونها، وبالتأكيد ليس مقدار السلطة التي لدى الفرد.
بالتالي، فإن القائد الحكيم، مثل قبطان السفينة، يعرف العواصف والمخاطر غير المرئية المتربصة عبر البحر، ويقوم بتجهيز نفسه وطاقم عمله بأفضل ما يمكن ضد ما لا يستطيع التحضير له. وإذا كان حلول الأوقات الصعبة مضمونا. فإن أفضل استثمار يقوم به مدير المشروع هو أن يحصل على شبكة علاقات قوية من الثقة بينه وبين كل من يشارك في الجهود. في حال الفرق الكبير يجب إمضاء المزيد من الوقت في بناء الثقة بالعلاقات الأكثر حراجا بالنسبة للمشروع أو الأكثر احتمالا للفشل تحت الضغوطات. رغم أن التحديات، ووثائق الرؤية ووسائل أخرى تساعد فعلياً على الترابط بين الناس، فإن الثقة بالأشخاص الذين ينفذون هذه الأشياء هي السلطة الحقيقية.
نماذج وتساؤلات وتناقضات
إن القاعدة الذهبية -افعل للآخرين ما ترغب أن يفعلوه لك- تنطبق على المدراء. لني تبع أي قرار صادر عن القادة، بالإضافة إلى القرارات التي يتبعونها بأنفسهم. إننا كبشر، مخلوقات اجتماعية، ونتعلم التصرف في حياتنا، وبتحكم من النماذج التي نراها في الآخرين: إن أفضل ما نتعلمه غالباً يكون برؤية شخص ما نحترمه أو نعجب به يقوم بشيء ما ومن ثم نحاول دون وعي، أو عمداً، أن نحاكي ذلك التصرف، أما الثقة، فإن الأمر يعود إلى قادة المشاريع، أن يوضحوا السلوك الذي يطلبونه أو يرغبون به من الأشخاص الذين يعملون معهم. لقد طور مايكل جوردان، بين مؤهلاته الأخرى، سمعة جيدة في أخلاقيات العمل المكثف. ورغم أنه كان أشهر لاعبي كرة السلة وأعلاهم أجراً في دوري كرة السلة الأميركية NBA. لقد عمل القليل فقط من اللاعبين بنفس المقدار من الجدية التي عمل بها. وقد ألغى هذا أي احتمالية ليطلب أقل اللاعبين الخروج من التمرين، أو إمضاء وقت أقل في النادي. فالقائد يشكل نموذجا، وعلى الآخرين إتباعه.
إن القاعدة الذهبية للقادة، بوضع الأخلاقيات جانبا، هي أن يثقوا بأحكامهم الخاصة، بما يكفي لإتباع نفس القواعد كما سيفعل أي شخص آخر (راجع [ثق بنفسك (الاعتماد على الذات)] لاحقاً في هذا الفصل). إن القيام بهذا يعني السماح للآخرين، من أنداد ومرؤوسين، أن يسألوا أو يتحدوا سلوك القائد أو أحكامه. فإذا منح أحدهم السلطة، يجب أن يتوفر نوع من حلقة التغذية الراجعة لتحديها (يعني ذلك من يسمح له القول أن الملك لا يملك ملابس). إن القادة الجيدين يثقون بأعضاء فريقهم بما يكفي لكي يطلبوا منهم -بالمصادفة وربما بشكل خاص-تغذية راجعة عن تصرفاتهم أو أدائهم. بالطبع لا يوجد ما يجبر القائد على اتخاذ الإجراءات من أجل هذه الآراء أو أن يعلق عليها. ولكن من الصعب التخيل أن النجاح يتحقق إذا لم يتوفر مسار صحي وآمن لهذا النوع من المعلومات لكي تصل إلى مدير المشروع.
يعرّف القادة عملية التغذية الراجعة الخاصة بهم
لقد اكتشفت أن الناس عامة مترددون جدًّا في تزويد التغذية الراجعة لأصحاب السلطة. لقد طوّرت كمدير، عادة أن أسأل الأشخاص الذين يقومون لي التقارير في الاجتماعات الأسبوعية أو المؤلفة مني ومن شخص آخر، إذا كان لديهم أي شيء يرغبون أن أفكر به يتعلق بعملي، لم يكن بسلوكي، أو بأدائي. ونادرا ما كانوا يقولون أي شيء رغم أنني عرفت أن هذا لم يكن بسبب كوني مديرا أمثل (حيث لا يوجد مدراء مثاليون). وقد وجدت أن الحل الوحيد هو الثقة والوقت. كان علي الإصرار على تشكيل الثقة التي يحتاجون إلى الشعور بها عندما ينتقدون تصرفاتي دون أن يقلقوا من أن أتحول إلى مدافع أو أن أؤنبهم بسبب تعليقاتهم، لكن حالما شكلت حلقة تغذية راجعة معهم، تعلمت أن آرائهم كانت أكثر فائدة تجاه تحولي إلى مدير أفضل من التغذية الراجعة التي تلقيتها من رئيسي الشخصي. بالطبع، لم يتوفر لي هذا النوع من العلاقة مع الجميع، ولكن أغلب الأشخاص، عاجلاً أو آجلاً، أجابوا سؤالي بشيء مفيد. لقد ضمنت أي تعليقات، أو اقتراحات لإجراء اجتماع بشكل مختلف، أو سؤال عن قرار اتخذته، أن النقاش الحاصل قد ساعد كلا منا على الشعور بشكل أفضل تجاه أي شيء.
في كل مرة كنت أجري فيها نقاشا، وأقدم أو أتلقى الاقتراحات، حاولت أن اعرض الفرق بين انتقاد فكرة ما وانتقاد الشخص الذي جاء بها. إن مجرد موافقة أو عدم موافقة الشخص A على ما يقوله الشخصB لا يعني أن مصدر حكماً على B . لقد رغبت أن يشعر أعضاء الفريق بأنهم يحترمون ويثق بعضهم ببعض بما يكفي لكي يعبروا عما يفكرون به ويعارضون بصراحة ودون تقديم الاعتذار. ولكن أيضًا من دون التعليقات المدسوسة أو الحاقدة. لقد ساعد حس الفكاهة في جعل هذا ممكنا. وقد بدأ غالباً بتوضيح القائد للتوقيت المناسب للسخرية والتهكم. ربما يجعل نفسه هدفا للمزاح.
كانت فكرتي الأساسية هي أنه يجب على القائد توضيح السلوك بنفسه وكبح الأشخاص المتمادين، والوصول إلى أولئك الذين يناضلون لكي يتدخلوا. إن هذا يمتد تماماً باتجاه الاختلافات والتناقضات إن كل تلك السلطات الممنوحة والمكتسبة لا تساعد أي شخص. إذا بقيت مكانها هادئة عند حدوث الأمور السيئة. هناك القليل من الاستخدام الأفضل للتأثير والنفوذ من مقاطعة الجدالات الغبية، وإبعاد الأشخاص الذين يسيئون استخدامها. وعندما تنزلق اختلافات الآراء باتجاه المهاجمات الجارحة، أو تنزلق الجدالات المزيفة باتجاه تبربر القرارات، فإن شخصاً ما يجب أن يقاطع ذلك ويتم رفع المعايير. إن عدم التساهل في ذلك السلوك خاصة في المجموعات سوف يوصل نفسه الرسالة للجميع في نفس الوقت. لا تجرب هذا النوع من التهرب من المسئولية ثانية، لأننا لا نقبله هنا.
بالطبع، فإن القاعدة الذهبية تتابع على أن القائد الحقيقي بحاجة إلى تحضير نفسه لاحتمالية (أو ربما حتمية) أن الآخرين سيتحدون براهينها المزيفة، إذا حاولت استخدامها. إن القادة الأفضل هم أولئك الذين يسعدون بالتزام الفريق بمعاييرهم الفكرية فلا يخشى أن يتساءلوا حتى عن سلوك القائد.
الثقة والوقع في الأخطاء.
من السهل الثقة بالأشخاص عندما ينجحون. إن إدارة أخطاء الناس أكثر تعقيدا، وهنا يأتي دور المدراء.
أعرف من خبرتي الخاصة، أنه في كل مرة يأتي معها شخص ما إلى مكتبي مع مشكلة كان هو السبب فيها، إنني سأحاول (ولكن لم أنجح دائماً) التفكير بأشياء ثلاثة:
1- أنا سعيد لأنه جاء إلي من أجلها، فأنا أفضل أن يأتي إلي بدلاً من إخفائها أو محاولة حلها بنفسه وجعلها أسوأ، ويجب أن أجعله يعلم هذا.
2- كيف يمكنني إصلاح هذه المشكلة أياً كانت؟ هل هي قابلة للإصلاح؟ ما الخيارات؟ ما مقدار تدخلي؟ علي أن أقدم له مقدار النصح الذي يحتاجه، ولكن أن أجعله يتابع ما يجب القيام به. إذا أمكن ذلك. من جهة أخرى، علي أن أتأكد أنه ليس حملاً زائداً، إن إرساله مرة أخرى إلى المشكلة وثقتي بفشله تقدر بـ 99% ليس بالضبط سلوكا إداريا جيداً.
3- أنا بحاجة إلى أن أتأكد أنه إذا كان هناك عبرة في هذا الأمر، فإنه سيتعلمها. إن الأخطاء هي الفرصة للتعلم الحقيقي، لأن الشخص الذي أخطأ سيكون لديه استثمار شخصي وعاطفي لما قد حدث وستكون لديه دوافع هائلة لكي لا يكرر هذا الخطأ (خاصة إذا كان يشعر بأن أعضاء الفريق يثقون به).
إذا سألت أي مدراء حكماء لأي نظام عن الدروس الرائعة فإنهم سيخبرونك عن كيفية إصلاحهم لشيء ما، وربما يكون هذا الشيء هاما. ومن ثم تعلموا في النهاية طريقة أفضل للقيام بالأمر مهما كان. إن هذا يعني أنك لكي تصبح عظيماً فإنك لست بحاجة فقط إلى الوقوع في الخطأ في كل حين وإنما أنت بحاجة أن يقدم لك أحدهم الفرصة للقيام بذلك. يكسب المدراء سمعتهم عندما يتدبرون المشكلات لأنهم لا يساعدون في الإصلاح فقط، وإنما لأنه يجب عليهم قيادة عملية تحويل الخطأ إلى عبرة يجب أن يتعلم منها الفريق.
إن القيادة والإدارة الجيدة تتعلق بمنح الأشخاص مقداراً من السلطة والمسئولية مساويا لما يسمح به مستوى خبراتهم وقدراتهم. ولكن من دون جعلهم يشعرون أنهم يعملون وحدهم، أو أن دعمك متوفر لهم فقط عندما تسير الأمور كما يجب. إن هذا يوحي أن إمكانية الوقوع في الأخطاء هي بالضبط نفس الإمكانية اللازمة للمشاركة والنجاح. إن هذا يعني أنه ليس من العدل عزل الأشخاص بسبب الأخطاء في الأحكام أو بسبب المشكلات التي ظهرت بسبب القرارات التي اتخذوها.
وإنما، البيئة المثلى التي تخلقها هي تلك التي يشعر فيها الناس بالراحة كونهم طموحين، ولكنهم يعترفون ويتحملون مسئولية أخطائهم. ويجب أن يشعروا بأنهم موثوقون بما يكفي لكي يرغبوا بالتعلم بأكبر قدر ممكن، حتى لا يحدث ذلك ثانية. وإذا اشترك كل أعضاء الفريق بهذه الثقافة، فإنه سيصبح أخطاءه بنفسه. وعندما يتوفر نظام صحي للتعرف والاستجابة والتعلم من الأخطاء، فإن القليل منها يحتمل حصوله مع مرور الوقت (حتى عندما تحصل، سيتم التعامل معها بسرعة) وسيكون الناس أكثر ثقة في اتخاذ جميع أنواع الإجراءات معظم الوقت، الخالية من الأخطاء.
لا تؤنب في وقت حصول المشكلة
إن أسوأ شيء في الدنيا، خاصة في الأزمات، هو أن يؤنب المدير أو القائد شخصاً ما، والأمر لم يحل بعد. إن هذا لا يحل شيئاً، وإنما على الأغلب يقلل احتمالية حل المشكلة بسرعة، لأن الشخص الأكثر معرفة بالأمر (الملوم) قد فرض عليه الشعور بالذنب والحاجة إلى الدفاع عن نفسه. تخيل أن شخصاً يعمل معك قد أسرع إلى مكتب صارخا « مكتبي يحترق! مكتبي يحترق! » وكل الذي بإمكانك تقديمه هو « إن هذا غباء، لماذا فعلت هذا؟ لقد خيبت ظني كثيرًا ». إن الناس يقومون تقريباً بشيء مساو لهذا طوال الوقت، ومن الصعب ألا تستغرب من أين أتى هذا. أعتقد أن بعض الناس يؤمنون، ربما بسبب التناضح من المدراء أو الشركاء السيئين، أن الطريقة التي تبدأ بها إصلاح الأمور هي بالإشارة إلى الآخرين وتوزيع اللوم. إن جعل الناس يشعرون بالسوء والإشارة إلى صاحب الشعور الأسوأ لن يحسن الأوضاع بالطبع (إن معرفة من أشعل النار لا تساعد دائماً في إخمادها). وإنما يكون الوقت مناسباً بعد أن يحل الموضوع، حيث تكون العقول قد ارتاحت وتلاشى الضغط، للعودة واستكشاف ما قد حدث ولماذا. وما الدروس الناتجة للشخص والقائد والفريق.
ثق بنفسك (الاعتماد على الذات)
إن الفكرة الأخيرة عن العلاقة بين القائد والثقة، هي أن تعلم أن تثق بنفسك، إن هذا موضوع فلسفي عميق خارج عن نطاق هذا الكتاب ولكن لدي الثقة في كلينا أننا نستطيع تغطية بعض القواعد الهامة في هذا المقطع القصير.
إذا تأملت المناهج التدريسية في المدارس الثانوية والمعاهد في الولايات المتحدة، فإنك ستجد أن درسا واحداً ليس موجوداً: كيف تكتشف من أنت؟. إن هذا غريب جدًّا، بالنسبة لدولة تعطي الأهمية الأولى للحرية والاستقلالية، حيث لا تقوم بتعليم مواطنيها اكتشاف الذات أو الاعتماد عليها. إن اكتشاف الذات هي العملية التي تتعلم من بها من أنت كفرد بشكل مستقل عن أصدقائك أو عائلتك، أو صاحب العمل، أو بلدك. إن الاعتماد على الذات هو القدرة على تطبيق استقلاليتك على العالم بالاعتماد على إطار من الدعم العاطفي والفيزيائي والمادي لنفسك. إن هذا لا يعني أن تتجول عاريا في الغابات، أو أن تعيش بعيداً عن الأرض، ولكنه يعني فعلياً أنه بإمكانك أن تنظر داخلك وتجد القوة لاتخاذ القرارات التي تؤمن بها ولو لم يوافق عليها الآخرون.
« لا تصدق أي شيء، بغض النظر عن المكان الذي قرأته فيه، أو من أخبرك إياه
ولو كنت أنا من قاله. إلا إذا اتفق مع أسبابك الخاصة ومنطقك العام »
Buddha
إن القيادة، بالمفهوم التقليدي، تتطلب أن يكون لدى الأفراد شيء من الاعتماد على الذات، يمكنك أن تدخل المخاطر أو تتخذ قرارا صعباً فقط إذا كان لديك بوصلة داخلية ترشدك باتجاه ما تعتقده صحيحاً. وبدون الاعتماد على الذات، فإن جميع قراراتك ستكون مبنية إلى درجة كبيرة على آراء الآخرين، أو على رغبتك في إسعادهم، دون أي قوة تركيزية لقيادة تلك التأثيرات. لقد سمي كل من Tom peters و John p .kotter وكتاب آخرون هذه القوة المركزية بنظام القيمة. وقد اقترحوا أن مجموعة من القيم يمكن أن تعمل كنواة لك، أو للمنظمة، لتقودك في الحالات القيمة. وقد اقترحوا أن مجموعة من القيم يمكن أن تعمل كنواة لك، أو للمنظمة، لتقودك في الحالات الصعبة. يمكن أن تنجح هذه الطريقة، ولكنني اقترح عليك شيئاً أعمق أكثر تعلقاً بالشخصية.
يبدأ الاعتماد على الذات بأن تثق بآرائك الخاصة. من الممكن أن تؤمن أن شيئاً ما حقيقياً، ولو لم يؤمن الآخرون بهذا. إن اختلاف الرأي يجب أن ينقض رأيك فقط إذا أخذته بالاعتبار بالتفكير به وحدك. غير رأيك، وإلا، فإنه لا يوجد سبب للتنازل عن رأيك في موضوع ما (ربما تبقى مرنا تجاه قرار ما، متنازلا عن سلطتك للآخرين، لكن هذا لا يتطلب منك ا، تخسر رأيك الخاص). يجب أن تكون اعتقاداتك ذات اكتفاء ذاتي، وإذا كنت ستغير رأيك فقط لأن الآخرين يفكرون بشكل مختلف عنك، فإنك بهذا تلتزم بإجراء مضاد لثقتك بنفسك يمكن أن تكون بخطورة خيانتك لثقتك بفريقك.
من أجل أن تنمي الشجاعة والاعتماد على الذات، فإن ثقتك بآرائك الخاصة وحدها لا تكفي، وإنما يجب أن تثق بالقيم الأساسية عندك بما يكفي لتسمح لآرائك بالتغير وأيضاً لكي تعترف بأخطائك. لا يمكننا أن نتعلم أو نتطور من دون التغيير، والمواجهات العرضية. ولكنك إذا كنت تثق فعلياً بنفسك فإنك ستعرف أنك ما زلت أنت، حتى عندما تفشل أو تطور أفكارا جديدة. لقد كتب Emerson : « إن القوام الغبي هو الغول بالنسبة للعقول الصغيرة ». لقد عني بذلك أن المحافظة على الأفكار نفسها فقط لمجرد المحافظة عليها هو أمر خال من المنطق. فالإنسان الحكيم يجب أن يتعلم المزيد طوال الوقت مما يتطلب منه أن يطور أفكارا وآراء جديدة، ولو كانت مناقضة لآرائه وأفكاره القديمة. فإذا كانت حياتك نشطة فكريا وعاطفيا، فإن أفكارك ستنمو معك.
إن هذا يعني أن الشخص الذي يعتمد على نفسه، يمكن أن يكون واثقا بنفسه مع إيجاده لطرق تسمح للآخرين بالتأثير عليه وتساعد في تعريف رؤيته للمستقبل مما يسمح بجميع أنواع التغييرات الإيجابية. حيث إنك ستكون حراً في ارتكاب الأخطاء والاعتراف بها، وتغيير رأيك دون اختراق هويتك الشخصية.
بالتالي، إذا أمكنك أن تتعلم أن تثق بنفسك بهذه الطرق، فإنك تحسن وضعك بالنسبة لمهمتك القيادية، وستساعد الآخرين على تعلم الثقة بأنفسهم. ليس هناك إجراء تفويض في عالم المشاريع أو النفسيات البشرية أكثر قوة من مساعدة الآخرين على الإيمان بقدرتهم الخاصة ليصبحوا أكثر اعتماداً على الذات.
أنصحك بقراءة مقالة [الاعتماد على الذات] لـ Ralph Waldo Emerson ، وهي موجودة في معظم الإصدارات من أعماله الكاملة، أو يمكنك إيجادها على الويب.
http:// www.emersoncentral.com/ selfreliance.htm
إن أفضل كتاب عام عن اكتشاف الذات هو [قطع الخشب، واحمل الماء] Rick Fields (Jeremy .P.Tarcher, 1984) ومن أجل المغامرات الفلسفية، جرب قراءة أسطورة الـ Sisphus لـ Albert Camus (vintage, 1991)
« إنه فقط ذلك الإنسان الذي يستغني عن الدعم الخارجي ويقف وحيدا، هو الذي أراه قوياً ومنتصرا.. إنه ذلك الذي يعرف أن القوة فطرية، أو أنه ضعيف لأنه قد تطلع [فقط] إلى الجوانب الجيدة عنده وعند الآخرين، أو هكذا أدرك، أو رمي نفسه دون تردد لأفكاره أو الذي يصحح نفسه فوراً أو يقف في المكان الصحيح، أو يتحكم بأطرافه، أو يصنع المعجزات، تماماً كما أن الإنسان الذي يقف على قدميه أقوى من ذلك الذي يقف على رأسه».
من كتاب (الاعتماد على الذات) .Ralph Waldo Emerson
خلاصة
- تبني الثقة بالالتزامات الفعلية.
- تُفقد الثقة بالسلوك غير القويم في الأمور الهامة.
- استخدام الثقة وامنح السلطة لتسمح للناس بالقيام بعمل عظيم.
- تأتي السلطة الممنوحة من الهرمية المؤسساتية. أما السلطة المكتسبة فتأتي فقط من استجابات الناس لأفعالك. كما أن السلطة المكتسبة أكثر فائدة من الممنوحة، على الرغم من أن كلتيهما ضروريتان.
- استخدم التفويض لبناء الثقة بفريقك، ولتؤمن على فريقك ضد الأوقات العصيبة.
- استجب للمشكلات بطريقة تحافظ من خلالها على ثقة الناس. وادعمهم خلال الأزمات بحيث تتمكن من معرفة ما يجري بدلاً من إخفائها عنك.
- إن ثقتك بنفسك هي جوهر القيادة، واكتشاف الذات هي طريقة تعلم من أنت، وتطوير اعتماد صحي على الذات.
المرجع
كتاب : فن إدارة المشروعات، تأليف : سكوت بيركان، ترجمة حلا قش قش، دار شعاع للطباعة والنشر والتوزيع.